“الجوع ولا قضاء الخضوع”: مذكّرات مُرافق (12) انتصار ما بعد النهاية


2022-11-07    |   

“الجوع ولا قضاء الخضوع”: مذكّرات مُرافق (12) انتصار ما بعد النهاية

تبعاً للقرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية بوقف تنفيذ قرارات إعفاء 49 قاضياً، باشرتْ المفكرة القانونية التي لا تخفي تأييدها الكامل لهم في نضالهم ذاك نشر سلسلةٍ من النّصوص توثّق من الداخل إحدى ملاحم القضاء، وهي ملحمة إضراب الجوع، بما يضيء على الجوانب الإنسانية لمجتمع القضاة والتي يجدر التوقّف عندها لفهمٍ أفضل وأعمق للقضاء بعيدًا عن الآراء المتسرّعة أو المسبقة.ننشر هنا الحلقة الثانية عشر  من هذه السلسلة التي اخترنا لها عنوان: الجوع ولا قضاء الخضوع”: مذكّرات مُرافق، علما أننا نشرنا منها حتى الآن تسع حلقات يمكن قراءتها على الروابط الآتية:  الأولىوالثانيةوالثالثةوالرابعةوالخامسةوالسادسةوالسابعةوالثامنةوالتاسعةوالعاشرةوالحادية عشرة (المحرّر).

تضاعف عدد رواد النادي في الفترة السابقة للاستفتاء وما بعده. وقد حجب اهتمامهم بالحدث الدستوري وتعاطي الشارع السياسي معه ما كان يفترض من اهتمام بأوضاع المُضربين الصحيّة والنفسيّة. القضاة منهم قد شغلهم سخطهم إزاء التّراجعات الكبرى في نصّ الدستور الجديد بما يتّصل بضمانات استقلالية القضاء. والحقوقيون كان كل همّهم التوعية بكون الدستور يذهب أبعد من تقويض استقلالية القضاء في اتجاه وضع أسس لنظام رئاسوي استبدادي. فلم يعد حينها التنقّل إلى النادي تعبيرا عن مساندة وتضامن مع القضاة المعفيين وبخاصة المضربين، بل أصبح قبل كل شيء بمثابة التجاء إلى مكان باتوا يرون فيه حصنا متينا لمقاومة نظام يتهيأ لتدمير أحلامهم ونضالاتهم[1]. وعليه، بات على المضربين أن ينصتوا لشكوى من ظنوا سابقا أن بإمكانهم الاحتماء بهم. وقد كان مما يتكرر على مسامعهم خطاب حائر يردده مثقفون يشخصون الحال: “الطبقة السياسية وإن عارضت مشروع الرئيس في أغلبها، فإنّها لم تفلح في أن تتوحّد في مواجهته. المجتمع المدني لم ينجح في تكوين جبهة تصدٍّ بسبب خلاف بين رواده حول الموقف مما مضى من تجربة انتقال ديمقراطي. اتّحاد الشغل اختار الصمت”. وربما عجّلت هذه الأجواء بما فيها من إحباط وإقرار بالعجز من إنهاك أجساد المُضربين وانهيارها.

قلق فأرق فانهيار


لم يكن قيس ينام ليلا أو يكاد. سأله المرافق عن سبب ذلك فأجاب: “لا أعلم”. وما فاقم من قلق المرافق هو تحذير الطبيب فتحي التوزري المتخصّص في الطبّ النفسي عند مراجعته بحالة قيس من أن يكون على حافة انهيار عصبي. وعلى نقيض قيس، أمسى أحمد يميل للنوم ولا يجالس زواره وزملاءه إلا لأوقات وجيزة. وهو ما فسّره ذات الطبيب بحالة تيه سببها “خوف من المستقبل” مؤكّدا ضرورة تناول مهدّئات تجنّبا لمزيد من الإحباط. أما عميد المُضربين كما بات يسمّيه زملاؤه لطول مدة صموده في إضراب الجوع أي طاهر، فقد كان واضحا عليه الإرهاق الجسدي الذي سلبه حيويته وزرع في كل من حوله خشية على صحته. وهذا ما حصل فعلا وبصورة مفاجئة مساء يوم 28-07-2022 حيث لازم حشيته وعجز عن مفارقتها وانحصرت حركته في ارتجاف جسده رغم الحرارة الخارجية المرتفعة.
وتبعا لمعاينة المضربين من قبل الأطباء سمير عبد المؤمن وفتحي التوزري والطاهر المستيري الذين تمّ استدعاؤهم على عجل، توافق هؤلاء على أنه “لا مفر من إيواء طاهر في قسم متخصّص في الإنعاش لحاجته لرعاية صحية دقيقة”. كما أعلنوا ضرورة إخضاع قيس لفحص وتحليل يتعلق بالكلى. فيما نصحوا بعرض أحمد الذي يبدو أفضل لفحص مدقق. ولم يمضِ بعد إعلانهم ذلك وقت طويل قبل أن تحضر سيارتا إسعاف لنقل المضربين خارج هذا المكان الذي آوى إضراب الجوع 38 يوما.

في الإسعاف الطبي: تعاطف مع ابن المصعد الاجتماعي


يوم انهارت صحة حمادي، منع الحزن من كان في النادي من التفكير في ترتيب انتقاله للمستشفى تاركين لزوجته وأشقائه العبء الأكبر من تلك المشاغل. في تلك الليلة، ورغم أن نفس المشاعر كانت حاضرة وعبّرت عنها دموع انهمرت بغزارة، انشغل عدد من القضاة في ترتيب أغراض طاهر وقيس التي قد تلزمهما خلال فترة الاستشفاء.
يتعمد المرافق الانطلاق في اتجاه مركز الإسعاف الطبي بمونفلوري قبل سيارة الإسعاف التي ستقلّ طاهر إليه. عند وصوله هنالك، تفاجأ بتواجد شيماء عيسى الناشطة الحقوقية والسياسية البارزة. بادرته بالقول: “أقطن في مكان قريب. وقد قرأت في صفحة الإضراب [2] الخبر فأتيت لأطمئن على حال طاهر. هل هو بخير؟ أين هو الآن؟” يجيب المرافق: “هو مرهق. الأطباء أكّدوا حاجته لعناية مركّزة. أتوقع وصول سيارة الإسعاف التي تقلّه خلال مدة قصيرة”. تنفعل شيماء وفيما يشبه خطابا موجّها لظلمة ليل لفّ مكانا ضعفت فيه الإنارة العمومية، يعلو صوتها الذي يتقطع انفعالا وهي تقول: “طاهر حكاية مناضل صارع الفقر والخصاصة ليؤسس كيانه ويحقق حلمه وهو كذلك دليل على قدرة النظام القائم على القهر والظلم. أتمنى له السلامة ليكون صموده مصدر أمل لنا. نحن لا نستحقّ هذا الواقع البائس”. ينظر إليها المرافق بإعجاب وقد بثت فيه أملا غطّى على إحباط كان يشعر به ولكنه سريعا ما ينشغل عنها بوصول سيارة الإسعاف ومعها زوجة طاهر وشقيقته وأبناؤها.
بعدئذ، باشر المرافق إتمام إجراءات التسجيل. وعندما سأله شاب الاستقبال عن دفتر الانخراط بالضمان الاجتماعي، أجاب: “ليس له تغطية. لقد أعفي من عمله ومنع عنه كل حق”. إلا أن ذلك لم يمنع الشاب من تسليمه الإيصال: “هذا ليس مهما كثيرا. أتمنى له الشفاء. ربي يحميه لعائلته”. في تلك الأثناء، اقتربت منه الطبيبة التي تولّت معاينة طاهر وبادرته بالقول: “يحتاج لأن يمكث لمدة في قسم الإنعاش تحت الرقابة. سيكون بخير. لا داعٍ للقلق. لن يطول بقاؤه هنا. من حسن حظكم أن الطبيب الذي تكفل به له كفاءة كبرى واتخذ القرار الملائم في الوقت المناسب”. يسألها: “هل يمكن لزوجته أن تطمئن عليه؟” تردّ “لا طبعا الزيارة ممنوعة”. وفيما همّ بالخروج، أردفت: “نحن نحترمكم كثيرا. تونس تحتاج لكم. لا تستسلموا. القضاء المستقلّ سيحمي بلادنا”. وما أن غادرت متجهة نحو القسم الداخلي، حتى أقبل موظف الاستقبال: “تابعت طاهر وسمعت محمد بو غلاب [3] يتحدث عن المظلمة التي تعرض لها في الإذاعة. هو إبن جهتي وأنا فخور به. الظلم لن يدوم”.
لم يخفِ المرافق زهوه وافتخاره بدليل ابتسامة ارتسمت على وجهه وعجز عن إخفائها. وقبل أن يبّرر لنفسه ما لم يكن يلائم المكان والزمان، تلقّى اتصالا على جواله من روضة أعلمته فيه أن قيس أيضا تم الاحتفاظ به تحت المراقبة طالبة منه العودة من دون إبطاء للنادي لضرورات التشاور. استغرب أن يأتيه المطلب في هذه الساعة المتأخرة من الليل، لكنه وجد ذاته مضطرا للاستجابة له. اعتذر إذ ذاك من شيماء وحاول طمأنة أفراد أسرة طاهر واستقلّ سيارته، متّجها إلى النادي مجددا حيث كان اجتماع مهم قد انطلق قبل وصوله بزمن طويل نسبيا.

رفع الإضراب: قرار وجب اتخاذه


تحت التوتة، عاود أنس السؤال عن طاهر وأسرته قبل أن يستدرك قائلا: “كما تعلم ليس لنا متّسع من الوقت يجب أن نتخذ بشكل جماعي قرارنا. زملاء لنا ممن شملتهم المظلمة يتمسكون بطلب الدخول في إضراب الجوع لتعويض طاهر وقيس وأحمد فيما يرى البعض منّا أنه من الحكمة تعليق التحرك وانتظار قرارات المحكمة الإدارية فيما تعلق بقضايا إيقاف التنفيذ”. تفاجأ المرافق من زمن طرح السؤال ومن أهمية عدد الحاضرين من القضاة، والذين كان أغلبهم من غير المنتمين للهيئات التسييرية للهياكل القضائية مع هيمنة واضحة عدديا للمعفيين. لم يفهم المرافق الربط بين إضراب الجوع والمسار القضائي. وقد تكفّل زميله لطفي وهو من قضاة المحكمة الإدارية بالردّ على تساؤلاته قبل أن يطرحها: “نحن من خلال متابعتنا لقضايا إيقاف تنفيذ أوامر إعفاء الزملاء، لاحظنا أن الرئيس الأول للمحكمة الذي تعهد بها أصدر أحكاما تحضيرية تلزم الإدارة بتقديم مؤيدات تثبت الفساد الذي استندت له في قراراتها. كما عاينّا أن الإدارة عجزت حتى الآن عن ذلك. وعليه، نقدّر أن إتجاه الحكم قد توضّح. فقاضي إيقاف التنفيذ قبل مبدأ التعهد بالطعن وربط منطوق حكمه بتوفر الدليل على الخطأ الجسيم الذي ينسب للمعفيين. وعليه، نحن متفائلون أن تصدر القرارات المنتظرة لفائدة الطلب ونعتقد لهذا السبب أن إضراب الجوع أدى دوره وآن أوان تعليقه لتنطلق مرحلة النضال من داخل المؤسسات ومن خلال استعمال الآليات القانونية”. وما أن أنهى لطفي تقييمه، حتى تدخّل رضا بوليلة عضو المكتب التنفيذي للجمعية قائلا: “من المهم عدم رفع الإضراب. لكن من الجيد تعليقه بما يرسل إلى احتمال استئنافه في أي وقت. العطلة السياسية انطلقت فعليا بعد الاستفتاء ولن يجد إضرابنا لو استمرّ الاهتمام الذي يستحق. يجب أن نتفق على ضرورة تقييم الوضع في بداية السنة القضائية ليقرر الزملاء المعفيون ما يرونه صالحا”. حديث لم يستوعبه المرافق حينها ولم يجد منه قبولا بخلاف غالبية الحاضرين ممن حسموا النقاش في اتجاه تعليق إضراب الجوع طالبين من جمعية القضاة التكفّل بإعلان هذا القرار. فصمت كما فعل يوسف بوزاخر وروضة قرافي واللذين كانا في مثل تردده.

ندوات ولقاءات تعويضا عن تعليق التحرك


صبيحة اليوم اللاحق، أعلن المكتب التنفيذي لجمعية القضاة تعليق إضراب الجوع بعدما قدّم تقريرا مفصلا عن الحالة الصحية للمضربين وحمّل السلطة التنفيذية مسؤولية مصائرهم وسلامتهم الجسدية بفعل “التصلب الذي واجهت به احتجاج القضاة المعفيين دون فتح أي أفق للحوار أو البحث عن الحلول الممكنة لحلّ الأزمة ودون أدنى تفاعل حتى مع أوضاعهم الإنسانية فيما يكابدونه من تدهور لأوضاعهم الصحية والمادية.”
وبعد ذلك بيوم ولما تمّ تداوله من أخبار في الوسط القضائي حول ضغوط تمارسها السلطة بغاية التأثير على المسار القضائي لمعركة الإعفاءات، عادت الجمعية لتدعو إلى ندوة صحفية موضوعها تطورات إضراب الجوع وقضايا إيقاف التنفيذ. عقدت الندوة يوم 02-08-2022 في قاعة نزل بالعاصمة تونس بحضور عدد كبير من الشخصيات العامة والحقوقية وكان من أبرزهم الشخصية الجامعية والسياسية البارزة عياض بن عاشور وممثلو اللجنة المدنية للدفاع عن استقلالية القضاء ومحامي لجنة الدفاع عن القضاة المعفيين يتقدّمهما المحاميان كمال بن مسعود وأحمد صواب. وقد شكل هذا الحضور الوازن مدعاة لتحسين المزاج القضائي الذي بات بعد تعليق الإضراب يستشعر ضعفا في قدرته على مواصلة المقاومة وهو ما كان يقال حرفيا في أوساط القضاة المنخرطين في الحراك.
وكان المرافق وعدد من زملائه يتنقلون للنادي كل مساء لتجاذب حديث فيما يشاع من أخبار عن عمل مجلس القضاء المؤقت أو المنصّب كما اصطلحوا على تسميته وحول مسار قضايا الإعفاءات والتطرّق للشأن العام. وكان ممّا ميّز تلك الجلسات أنها أدخلت لعب الورق للنادي ليكون وسيلة تمضية وقت وأداة تخفيف من حدة مشاعر الغبن التي سادت بين رواده، ومنهم قيس الذي غادر المستشفى بعد أربعة أيام من إيداعه فيه وطاهر الذي أنهى نقاهته بعد أسبوع من تعليق إضرابه.

  • هل من جديد فيما تعلق بالمجلس؟
  • المعلومات شحيحة لكن المؤكد أن أعضاءه من ساميّ القضاة يتمسكون لحد الآن برفض إعلان الشغور في مناصب القضاة المعفيين رغم ما يتعرضون له من ضغوط وما يستهدفهم من تشهير في صفحات التواصل الاجتماعي التي توالي الرئيس.
  • القضايا تأخرت كثيرا.
  • وزارة العدل تطلب تأجيل الجلسات لتقديم مؤيدات تثبت ما تنسب من فساد وهي حتى الآن لم تنجح في ذلك.
    نقاش كان يتكرر كل ليلة من دون ملل حتى مساء يوم 09-08-2022 متى رن هاتف المرافق. كانت رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين من تتصل به لتنقل له خبرا صنع فرحا كبيرا.

وحكمتْ المحكمة ضد قرارات الإعفاء


من دون مقدّمات، تقول رفقة بصوت يشي بفرحة غامرة “في آخر التوقيت الإداري صرح الرئيس الأول بأحكام إيقاف التنفيذ. لقد حكم لفائدة أغلبية القضاة المعفيين. لا أعلم التفاصيل لكن كل ما أعرفه أن عددا قليلا ممن تم تقديم ما يفيد وجود تتبعات جزائية في حقهم رفض طلبهم”. لا يكاد المرافق يصدق ما يسمع. يسأل من رفض طلبه “تجيبه لا أعلم”. يعود ليسألها: “هل أنت متأكدة من الخبر؟” تردّ: “نعم”. فيعود إلى تفاصيل نقاشه مع زملائه ليلة الإعلان عن توقف التحرك، وكأنما الزمن توقف هنالك، ليدندن: “نعم، قد كان من الحكمة تعليق التحرك”. لم تفهم مقصده. فيسارع إلى التوضيح: “هو فقط جواب عن سؤال طرح عليّ منذ أكثر من عشرة أيام وهو اعتراف بأنّ ما رفضته حينها كان فيه كثير من الحكمة. مبروك هذا النصر الذي كنتِ ممّن صنعوا ملحمته. سأزفّ الخبر للزملاء”.
ينهي المكالمة يعود للطاولة التي تحلّق حولها أصدقاؤه لينقل إليهم الخبر. تدبّ فرحة ومعها حيرة: “من لم يشمله إيقاف التنفيذ؟ هل الخبر صحيح؟” أسئلة يقطعها دخول سيارات للنادي أطلق سائقوها مزاميرها. هم رفقة وخلود وإيمان سمعْن الخبر ولم يتمالكْن أنفسهن فقدمْن يحتفيْن بنصر أرجع لهنّ الأمل في القضاء وشجعهنّ على صناعة فرحة قررن وحدهن تفاصيل إشهارها.

[1] فكرة كان العميد عياض بن عاشور قد عبر عنها بالندوة الصحفية لجمعية القضاة بتاريخ 02/08/2022 لما قال في تدخله “الإضراب الذي قام به القضاة دفاعا عن حقوقهم حتى أنهم وصلوا لإضراب الجوع هي نقطة أساسية في تنظيم مقاومة النظام الجديد المستبد..العمل الذي قام به القضاة بداية في طريق طويل ومضنٍ ..”
[2] صفحة الجوع ولا قضاء الخضوع التي أنشأها القاضي احمد الرحموني وكانت تعلن كل تطورات الإضراب وتوثق جميع أحداثه.
[3] صحفي وإعلامي تونسي اهتم كثيرا بطاهر وعرف بقضيته لدى الرأي العام وكان لعمله ذاك أثر في صناعة تعاطف شعبي واسع معه. وربما كان الخط التحريري للصحفي المذكور في ملف القضاة المعفيين من أسباب رفض الإذاعة التي كان يعمل بها تجديد عقد عمله لاحقا.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكم إدارية ، استقلال القضاء ، مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني