تقدّم عددٌ من نوّاب كتلة “لبنان القوي” في تاريخ 8 أيار 2024 باقتراح قانون يرمي إلى “ترحيل النازحين السوريين غير الشرعيّين المقيمين على الأراضي اللبنانية ووقف نزوحهم”، علماً أنّهم كانوا تقدمّوا قبل يوم بنفس الاقتراح ولكن بصفة المعجّل المكرر. ويعود تقديم الكتلة اقتراحا غير معجل مكرر إلى السياسات المعتمدة داخل مجلس النواب منذ بدء حالة الفراغ الرئاسي، حيث باتت الاقتراحات المعجلة المكررة عقيمة، بحيث لا تحال للجان النيابية لدرسها ولا تدرج على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب بهدف التصويت على صفة العجلة.
ويأتي هذا الاقتراح في ظلّ تصاعد الخطاب العام المطالب بتنظيم عودة المواطنين السوريين إلى سوريا وصدور عدد من التدابير بحقّ الذين لا يحملون إقامة رسمية في لبنان. وجاء لفرض ترحيل المواطنين السوريين في عدد من الحالات، بما فيها أحياناً في حال حيازتهم على إقامة قانونية في لبنان، ومن دون مراعاة الحقوق الدستورية والمخاطر في حال الترحيل إلى سوريا بشكل كافً، كلّ ذلك خلال مهل قصيرة تجعل الاقتراح غير قابل للتطبيق. وقد استند مقدّمو الاقترح في أسبابه الموجبة على ما يترتب على وجود النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية من “مخاطر حثّية وجدّية على الديموغرافيا والاقتصاد والبيئة والأوضاع الاجتماعية والمالية والتربوية والأمنية وما يتّصل بسوق العمل وبطالة اللبنانيين وهجرتهم، سيّما أن معدّل النزوح لدينا عو الأعلى عالمياً قياساً إلى عدد السكان والكثافة السكنية.” كما برّروا توقيت تقديم اقتراحهم بزيارة رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس جمهورية قبرص الأخيرة إلى لبنان التي أنذرت “بأن مسألة النزوح تتجه إلى التمويل… ما بات يحتم إقرار قوانين تحصّن الموقف الرسمي اللبناني، بما يتوافق مع مصلحة لبنان العليا والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ويجول دون التوطين المبطن أو المعلن والذي تحظره مقدمة الدستور اللبناني صراحة.” كذلك يُشير الاقتراح إلى أنّ الإحصاء المركزي قد حدّد أن 85% من السوريين في لبنان هم نازحون اقتصاديون، من دون أن يوضح مصدر هذا الرقم وكيفية الوصول إليه.
وفي التفاصيل، ينصّ الاقتراح على ترحيل المواطنين السوريين وفقاً للشروط التالية:
-ترحيل “كلّ شخص من الجنسية السورية لا يحوز سنداً قانونياً أو أوراقاً ثبوتية معترفاً بها من السلطات اللبنانية للإقامة والعمل”، وذلك خلال مدة شهر. يُستثتى من ذلك “كلّ شخص سوريّ نزح إلى لبنان لأسباب أمنية أو سياسية يمكن اثباتها” ويحدد ذلك بقرار معلل من المديرية العامة للأمن العام، على “ألا يشمل ذلك ما يتعلق بالخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش السوري”.
-أما إذا دخل الشخص إلى لبنان قبل 1/1/2015، فيتم خلال مهلة 3 أشهر ترحيله إلى سوريا أو إلى “بلد ثالث باختياره وموافقة دولة الوجهة”. وفي حال أفادت جداول الأمن العام أن “النازح” خرج من لبنان ثم عاد اليه، فيتم ترحيله “فوراً”.
-عدم اعتبار لبنان “أرض عبور لأيّ بلد ثالث لأيّ لاجئ أو نازح بحيث يرحّل فور ضبطه على الحدود أو في الداخل إلى بلده أو البلد الذي أتى منه طريقة غير شرعية، وذلك بالوسائل القانونية المتاحة كافة”.
-ترحيل “فوراً الموقوفون السوريين كافة لدى السجون والنظارات وأماكن التوقيف الأخرى… والذين لم يصدر بحقهم بعد أي حكم قضائي مبرم،” كما “كل محكوم سوري حكم بمخالفة أو جنحة أو جناية حتى ولو كان حائزاً على أوراق قانونية”.
-ترحيل “عائلات السوريين الحائزين على إجازة عمل وفق الأصول القانونية” خلال فترة شهر. كما على السوريين طالبي العمل في لبنان “أن يثبتوا أنّ عائلاتهم مقيمة خارج لبنان، وذلك كشرط أساسي لمنح إجازة العمل، على أن تكون وثائق الإثبات صادرة عن السلطات السوريين المختصة وذلك خلال فترة شهرين”.
-وفي حال وجد “أي حالات خاصة غير مشمولة بالبنود أعلاه، تتخذ قرارات بشأنها من خلال وزارة الداخلية والبلديات ووزارة الدفاع الوطني ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية وتبلّغ من الأجهزة الأمنية المختصة”.
بالإضافة إلى إجراءات الترحيل هذه، ينصّ أيضاً الاقتراح على إزالة “المخيمات غير الشرعية والعشوائية كافة حيث وجدت على الأراضي اللبنانية، ويقطنها سوريون، وذلك بطلب من السلطات المحلّية المختصّة و/أو القائممقامين، على أن يتخذ قرار الإزالة ويبلّغ من المحافظين”.
وقبل المضي في وضع ملاحظاتنا على هذا الاقتراح، يلحظ أن لجنة الإدارة والعدل كانت أنجزت في تاريخ 30/1/2024دراسة اقتراح ثان في هذا المجال، سبق للمرصد البرلماني للمفرة القانونية أن علّق عليه.
وعليه، وبغضّ النظر عن مدى قابلية هذا الاقتراح للتطبيق فعليّاً، فإنّنا نسجل عليه الملاحظات القانونيّة التالية:
1.التمييز مجدداً
ينحصر نطاق الاقتراح بالأشخاص الذي يحملون الجنسية السورية، وهو ما قد يعرّضه للإبطال أمام المجلس الدستوري لاعتباره يشكّل اقتراحاً تمييزياً على أساس الجنسية، بخاصّة أنّه يحدّ من الحقوق الدستورية لهؤلاء المواطنين وأنّ لبنان وقّع على عدد من اتفاقيات التعاون مع سوريا التي تضمن حقوق مواطني البلدين.
2.صياغة تحمل الغموض
لا يتمتّع الاقتراح في العديد من بنوده بالوضوح والدقّة القانونية المطلوبة لدى صياغة أي نصّ تشريعي، حيث يُصعب فهم بعض بنوده بشكل واضح. على سبيل المثال:
-ينصّ الاقتراح على ترحيل السوريين ضمن مهل قانونية قصيرة تتراوح بين “الفوري” والثلاثة أشهر، ولكن من دون توضيح متى يبدأ سريان هذه المهل. كما لم يوضح من هي الجهة المختصّة لإصدار قرار الترحيل وكيفية تنفيذه.
-يستخدم الاقتراح عبارة “نازح سوري” من دون تفسيرها، علماً أنّها قانونياً تنطبق على السوريين الذي نزحوا داخل سوريا من دون العبور إلى لبنان. كما يستخدم في بعض بنوده عبارة “أوراق قانونية” من دون توضيح ما إذا كان المقصود بها الأوراق الثبوتية أو سند الإقامة.
3.مسّ بحقّ طلب اللجوء الدستوري وبمبدأ عدم الإعادة القسرية:
فيما أشار الاقتراح إلى مبدأ عدم التوطين الذي يضمن الدستور اللبناني، أغفل الإشارة إلى أنّ الحقّ في طلب اللجوء يعدّ من الحقوق الدستورية في لبنان نظراً لتكريسه بموجب المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، وهو ما يُلزم تالياً المشرّع بالموازنة ما بين الحقّ في طلب اللجوء ومبدأ عدم التوطين، وتالياً ضمان حق الأجانب بتقديم طلب لجوء في لبنان وبعدم إعادتهم قسراً إلى بلد قد تتعرّض فيه حياتهم أو حريّتهم للخطر والاضطهاد. لكنّ الاقتراح ينسف هذه الحقوق الأساسية من خلال الآتي:
-منع ممارسة حقّ طلب اللجوء: يمنع الاقتراح المواطن السوري من طلب اللجوء المؤقّت في لبنان ويُجيز ترحيله “فور ضبطه على الحدود أو في الداخل” (المادة 6)، علماً أنّ الحقّ في طلب اللجوء كما مبدأ عدم الإعادة القسرية ينطبقان على طالب اللجوء على الحدود اللبنانية كما داخل لبنان.
-إغفال طالبي اللجوء لدى المفوّضية: لم يأخذ الاقتراح بعين الاعتبار أوضاع السوريين الذين تقدمّوا بطلبات لجوء (أو طلبات للحماية الدولية) إلى مفوّضية الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين، والذين يتوّجب حمايتهم من الترحيل طالما لا يزالون بحاجة للحماية المؤقتة. وُيشار إلى أنّ الاقتراح أجاز للسوريين الداخلين إلى لبنان قبل العام 2015 والمقيمين من دون سند قانونيّ أن يتمّ ترحيلهم إلى بلد ثالث (بدلاً من سوريا) مع موافقة دولة الوجهة، وإطالة المدّة إلى 3 أشهر (المادة 2). ولم يشرح الاقتراح أسباب اعتماد هذا التاريخ بشكل اعتباطي (وهو التاريخ الذي فرضت فيه الحكومة على المفوّضية وقف تسجيل طالبي اللجوء رغم عدم دستورية هذا القرار)، كما لم يُفهم أسباب حصر إمكانية المغادرة إلى بلد ثالث لهذه الفئة من السوريين فقط.
-تضييق أسباب اللجوء خلافاً للدستور: فيما تضمّن الاقتراح مبدأ عدم جواز ترحيل “كل شخص سوري نزح إلى لبنان لأسباب أمنية أو سياسية يمكن إثباتها” (المادة 1-ب)، إلا أنّه اعتمد معيارا يتناقض مع المعايير الناتجة عن تعريف اللاجئ والمبادئ الدولية التي ترعى مبدأ عدم الإعادة القسرية. فهذه المعايير تشمل حالات الخوف من العنف المعمّم في مناطق النزاع، كما تشمل تعرّض الأجنبي للخطر في بلاده ليس لأسباب سياسية وأمنية فحسب، بل أيضاً لأسباب تتعلّق بديانته أو قوميته أو انتمائه لمجموعة اجتماعية معيّنة. كما أنّ المعيار الذي يعتمده الاقتراح ينحصر بأسباب اللجوء إلى لبنان (“من نزح”)، في حين أن مبدأ عدم الإعادة القسرية يُقاس بناء على معايير تتعلّق بأسباب عدم إمكانية العودة إلى بلد الأصل، وهو ما يُجيز ترحيل من زال الخطر عليه بعد أن لجأ إلى لبنان، كما يمنع ترحيل من ظهر الخطر عليه بعد أن غادر سوريا.
-ترحيل الهاربين من الخدمة العسكرية: يستثني الاقتراح من الحماية ضدّ الترحيل السوريين الذين لجأوا إلى لبنان لأسباب تتعلّق بالخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش السوري (المادة 1-ب). ويخالف هذا الأمر المعايير الدولية التي تُجيز حماية الهاربين من الخدمة العسكرية من الترحيل في العديد من الحالات، أهمها وجود خطر أن يتمّ إرغامهم على المشاركة في جرائم خطيرة، أو في حال وجود خطر تعرّضهم للاضطهاد بسبب تغيّبهم من الخدمة أو أيضا في حال كان رفضهم للخدمة يرتبط بقناعاتهم الشخصيّة (كالمعتقدات الدينية أو السياسية). وكانت قد صدرت تقارير عدة،[1] أشارت إلى أن النظام السوري يتعامل مع المتخلفين عن الخدمة على أنهم من معارضيه السياسيين ومن “الخائنين” للوطن، ما قد يعرّضهم لعقوبات قاسية لأسباب سياسية أو للنقل المباشر إلى جبهات القتال كوسيلة للعقاب، وهو ما يستوجب تالياً حمايتهم من الترحيل في ظلّ الظروف الحالية. هذا فضلا عن أنه من المعلوم أنّ نظام الخدمة العسكرية في سوريا لا يعترف بإمكانية الاعتراض لأسباب ترتبط بالقناعات الشخصية، ولا تُجيز القيام بخدمة اجتماعية بديلة عن الخدمة العسكرية.
-الجهة المولجة بتحديد أسباب اللجوء: وضع الاقتراح مسؤولية تحديد توّفر الأسباب لحماية المواطن السوري من الترحيل إلى سوريا بيد المديرية العامّة للأمن العامّ “بعد التأكّد من صحّة إفادته وإثباتاته” (المادة 1-ب). وعدا عن أنّ الاقتراح لا يحدّد ما هي الجهة المختصّة في المديرية لتحديد ذلك، فإنّه يُسلّم تحديد أسباب عدم الترحيل إلى جهة أمنية لا تخضع للمحاسبة السياسية زلا للرقابة القضائية، ولا تملك القدرات والخبرة الكافية من أجل القيام بهذه المهمّة الأساسية. فيذهب الاقتراح في اتجاه نزع إحدى الضمانات للحماية من الترحيل، علماً أنّ القوانين الحالية تمنح هذه الصلاحية إلى ثلاث جهات مختلفة: المحاكم في معرض إصدار الأحكام بحق الأجنبي الذي ارتكب جريمة، لجنة وزارية (مؤلفة من وزير الداخلية والمدراء العامّين لوزارتي العدل والخارجية وللأمن العام) في إطار منح اللجوء السياسي بموجب قانون الدخول إلى لبنان والخروج منه (قانون الأجانب) لعام 1962، ومفوّضية الأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين بموجب الاتفاقية الموّقعة معها في العام 2003، وهي الجهة الدوليّة المكلفّة بتحديد أسباب اللجوء.
4.مسّ بحقوق الدفاع وبالمحاكمة العادلة:
-ترحيل كلّ الموقوفين: ينصّ الاقتراح على وجوب الترحيل الفوري لكافّة “الموقوفين السوريين… الذين لم يصدر بحقهم بعد أي حكم قضائي مبرم” (المادة 7-أ)، وهذا ما يؤدّي إلى حرمان الموقوفين من حقّهم في قرينة البراءة وفي الدفاع عن النفس وفي محاكمة عادلة. فهو يُجيز ترحيل أي مواطن سوري قد يتم احتجازه مؤقتاً للتحقيق معه، بغضّ النظر عن مدى ارتكابه لأي جرم. كما قد يؤثّر سلباً على قدرة القضاء في ملاحقة الجرائم الهامّة في حال ترحيل المدّعى عليهم السوريين فور إطلاق سراحهم، مما قد يحثّ القضاة على تجنّب إصدار قرارات بالإفراج عن الموقوفين السوريين بهدف ضمان مثولهم أمام القضاء في مرحلتي التحقيق والمحاكمة (كما يحصل اليوم في بعض قضايا عاملات المنازل)، وهو ما قد يُسهم أيضاً في ارتفاع نسبة الاكتظاظ في أماكن الاجتجاز.
-حقّ الدفاع ضدّ الترحيل: بما أنّ الترحيل يعدّ من العقوبات المانعة للحريّة، فهذا يضع موجبا دستوريّا على المشرّع (كما على الإدارة) بمنح كلّ أجنبي إمكانية ممارسة حقوق الدّفاع قبل ترحيله، ومنها مثلاً أن يتمّ إبلاغه بقرار الترحيل خطياً مع الأسباب المبررة له، وتمكينه من الاعتراض على القرار والطعن به أمام القضاء، وعدم ترحيله إلى حين البتّ في طعنه. لكنّ الاقتراح أغفل إدراج أي من ضمانات الدفاع الأساسية، مكتفياً بالنصّ على وجوب “الترحيل” من دون وضع أي ضوابط. وما يعزّز من خطورة هذا الأمر هو غياب الإطار القانوني الواضح لإصدار قرارات الترحيل وتنفيذها من قبل الأمن العام.
5.مسّ بمبدأ الاستقرار القانوني:
ينصّ الاقتراح على وجوب ترحيل بعض السوريين حتى في حال كانوا حائزين على إقامة قانونية، ما يمسّ بمبدأ الاستقرار القانوني الذي يوجب الامتناع عن تعديل القواعد والأوضاع القانونية بشكل مفاجئ والإخلال بثقة المواطنين والمقيمين بالقواعد القانونية واستمرار نفاذها. وفيما غالباً ما تمسّ تعليمات المديرية العامّة للأمن العام هذا المبدأ من خلال تعديل شروط الإقامة بشكل مفاجئ ومن دون اتخاذ تدابير انتقالية ومنح الأجانب مهلاً كافية لتنظيم أوضاعهم القانونية، يأتي هذا الاقتراح لاعتماد مقاربة مشابهة بدلاً من عقلنتها. فقد تضمّن الاقتراح عدداً من البنود التي توجب الترحيل “الفوري” من دون منح المواطنين السوريين أي مهلة. كما تضمّن الآتي:
-ترحيل كلّ المحكومين: يوجب الاقتراح الترحيل الفوري ل “كل محكوم سوري حكم بمخالفة أو جنحة أو جناية حتى لو كان حائزاً على أوراق قانونية” (المادة 7-ب)، وهو ما يُجيز ترحيل المواطن السوري حتى في حال لم يكن موقوفاُ وفي حال كان الحكم عليه بسبب مخالفة بسيطة كضبط السير، ما قد يعرّض المقيمين في لبنان بشكل نظامي إلى الترحيل بغض النظر عن خطورة الجرائم المرتكبة من قبلهم ويمسّ بمبدأ الاستقرار القانوني.
-مبدأ وحدة الأسرة: في أسبابه الموجبة، اعتبر الاقتراح أن “السوريين الحائزين على إجازة عمل، قد أحضروا عائلاتهم إلى لبنان للإقامة معهم،… في حين أن إجازة العمل تُجيز للعامل دون سواه المكوث في لبنان”. وعليه، يشترط الاقتراح على العامل السوري أن يثبت أنّ عائلته مقيمة خارج لبنان كشرط لمنح إجازة عمل، على أن تكون وثائق الإثبات صادرة عن السلطات السورية (وهو ما يُغفل حالة تواجد العائلة خارج سوريا ولبنان) وذلك خلال فترة شهرين. كما يوجب الاقتراح ترحيل “عائلات السوريين الحائزين على إجازة عمل وفق الأصول القانونية خلال فترة شهر”. بالطبع، لم يحدد الاقتراح ما المقصود بالعائلة (هل تقتصر على الزوج والأولاد أم تشمل الوالدين؟) أو متى تبدأ سريان المهلة القانونية (هل تسري لدى التقدّم بطلب إجازة عمل أو فور صدور القانون؟). هنا، يتجاهل الاقتراح أن قانون العمل اللبناني يُتيح لبعض العمّال الأجانب أن يقيموا في لبنان مع عائلاتهم استناداً لمبدأ وحدة الأسرة (كحاملي إجازات العمل من الفئة الأولى). كما أن الأمن العام أجاز لبعض العمّال السوريين بالإقامة في لبنان مع عائلتهم من خلال “تعهّد بالمسؤولية” عائلي. وعليه يفتح هذا الاقتراح المجال لترحيل أعضاء العائلة الذين يحملون إقامات رسمية بصفتهم الشخصية (على أساس الدراسة أو العمل) أو على أساس مبدأ وحدة العائلة، وهو ما يمسّ بمبدأ الاستقرار القانوني للفرد وللعائلة.
-إزالة المخيمات: فيما يوجب الاقتراح على المحافظين إزالة “المخيمات غير الشرعية العشوائية كافّة… يقطنها سوريون” بناء لطلب السلطات المحليّة المختصّة، إلا أنّه لا يشرح ما المقصود بهذه المخيمات، بخاصّة أنّ العديد منها يقع على أراضٍ ذات ملكية خاصّة حيث يدفع السوريين المقيمين فيها بدلات إيجار لصاحب الأرض، كما الرسوم الرسمية للدولة مثل الكهرباء والمياه. وعليه، يشكّل هذا البند مسّاً ليس بمبدأ الاستقرار القانوني فحسب، إنما بحقوق الملكية والسكن أيضاً.
[1] يراجع مثلاً إرشادات وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء حول اللاجئين من سوريا (2020).