نادي قضاة المغرب يدشن حملة لرفض تعديلات قوانين السلطة القضائية


2023-01-16    |   

نادي قضاة المغرب يدشن حملة لرفض تعديلات قوانين السلطة القضائية

نشر نادي قضاة المغرب مذكرته بخصوص مشاريع تعديل قوانين السلطة القضائية التي أعلنت عنها وزارة العدل بشكل أحادي، حيث تضمنت المذكرة مجموعة ملاحظات حول مشروع تعديل قانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية، و مشروع تعديل النظام الأساسي للقضاة.

المبادرة التي تأتي ترسيخا لدور الجمعيات المهنية للقضاة في الترافع من أجل قوانين ضامنة لاستقلال القضاء، تعززت بالإعلان عن حملة ترافعية يقودها نادي القضاة تشمل  مراسلة الفرق البرلمانية والتنسيق مع باقي الجمعيات المهنية والحقوقية لشرح مضامين المذكرةـ، فضلا عن تعميم نشرها عبر كافة وسائل الإعلام إيمانا بكون الدفاع عن استقلال القضاء شأنا مجتمعيا وليس مجرد شأن فئوي يهم القضاة.

مرتكزات المذكرة 

اعتمد النادي في صياغة مذكرته على المرتكزات التالية:

المرجعية الدولية: من خلال الاستناد على عدد من الصكوك الدولية التي تدعم دور تكتلات القضاة وعلى رأسها الفصل 12 من النظام العالمي للقضاة الصادر بتاريخ -11-17 – 1999الذي ينص على ما يلي: “يتعين الاعتراف بحق تأسيس الجمعيات المهنية للقضاة، لتمكين القضاة من استشارتهم على الخصوص في تحديد القواعد المتعلقة بنظامهم الأساسي، والأخلاقيات المهنية، أو مجالات أخرى ذات صلة، وكذا وسائل العدالة، ولتمكينهم تأمين الدفاع عن مصالحهم المشروعة”.

المرجعية الوطنية: وبالأخص دستور 2011 الذي يكرس حرية القضاة في التعبير، والحق في تأسيس جمعيات مهنية، فضلا عن مقتضيات المادة 137من النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تنص على واجب انفتاح المجلس وتواصله الخارجي مع هيآت المجتمع المدني، والاستماع والتفاعل الإيجابي مع انشغالاتها.

المقاربة التشاركية: فتح نادي قضاة المغرب الباب لتلقي ملاحظات القضاة حول مشاريع تعديلات قوانين السلطة القضائية وذلك بتاريخ 27 أكتوبر 2022، وقد عرضت هذه الملاحظات في اجتماع المكتب التنفيذي للنادي بتاريخ 05 نوفمبر 2022، حيث تمت مناقشتها وفق آليات التسيير الديمقراطي.

في أبرز اعتراضات نادي قضاة المغرب

يمكن تحديد أبرز اعتراضات نادي قضاة المغرب على مشاريع السلطة القضائية في النقاط التالية:

بخصوص إجراءات انتخابات ممثلي القضاة: اعتبر النادي أنترك المجال مفتوحا لسلطة المجلس بخصوص عمليات التشطيب على المرشحين إلى غاية يوم الاقتراع من شأنه التضييق على حرية الانتخابات ونزاهتها وشفافيتها وعدم استقرار العملية الانتخابية.

بخصوص إحداث منصب مساعد الأمين العام للمجلس، اقترح النادي إخضاع التعيين فيه إلى نفس الطريقة التي يعين بها الأمين العام، والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 50 أو إسناد أمر تعيينه إلى جهة أعلى من الرئيس المنتدب، وهي المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمقتضى مقرر صادر عنه كمؤسسة دستورية. وذلك من بين ثلاثة قضاة يتمّ اقتراحهم بعد خضوعهم لهذه المسطرة. كما أكّد النّادي ضرورة أن يكون مساعد الأمين العام من القضاة دون غيرهم من الأطر الإدارية نظرا لارتباط هذا المنصب، بجزء كبير من الإدارة القضائية، فضلا عن ضرورة تحديد مدة التعيين في هذا المنصب ضمانا للنجاعة ومبدأ التداول.

بخصوص مراجعة مسطرة تأديب القضاة، أكّد النادي أنّ  توسيع مهام لجنة التأديب هو السبيل الوحيد لتخفيف الضغط على المجلس، وكذا للفصل بين سلطات الاتهام والبت في المخالفات التأديبية. وفي هذا السياق، اعتبر النادي أنّ تخويل الرئيس الأول أو المجلس إمكانية مراجعة قرار الحفظ الذي تتخذه لجنة التأديب، وكذا صلاحية توجيه تنبيه إلى قاضٍ في حالة عدم المؤاخذة أو الحفظ، من شأنه  أن يكرّس الجمع بين سلطات الاتهام والبتّ، وهو ما يخالف شروط المحاكمة العادلة، معتبرا   أن الجهة التي يستحسن أن تلفت انتباه القاضي للخطأ البسيط في حال حفظ القضية، هي لجنة التأديب .

بخصوص مقترح تخويل المجلس صلاحية تحديد آجال استرشادية للمحاكم للبت في القضايا:  اعتبر النادي أن البت في أجل معقول يعتبر مبدأ دستوريا إجرائيا. ومجال تنظيمه هو القانون الإجرائي بشقيه، الجنائي والمدني،  وأن البرلمان هو صاحب الاختصاص بالتشريع في ميدان المسطرتين المدنية والجنائية، طبقا للفصل  71 من الدستور مما لا يجوز معه للمجلس من الناحية الدستورية، أن يحدد الآجال المذكورة التي تندرج ضمن الاختصاص الحصري للسلطة التشريعية باعتباره جهة إدارية قضائية. ويبدو أن الدافع من هذا الرأي هو رفض توسيع نطاق العمل بالدوريات أو المناشير التي تصدر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو الرئيس المنتدب لتقيد نطاق اعمال القانون أو اعمال السلطة التقديرية للقضاة وللمحاكم، باعتبار أن الجهة الوحيدة التي تضطلع بتوحيد الاجتهاد القضائي هي محكمة النقض.

 -بخصوص رفع الحد الأقصى لسن التمديد  ليصبح 75 سنة، أكد النادي على أن  مبدأ تمديد سن تقاعد القضاة لمدة معينة قابلة للتجديد بقرار من الجهة المختصة، مخالف للمعايير الدولية المعنية باستقلالية القضاء بشأن ثبات المنصب القضائي[1]، نظرا لما ينطوي عليه من “تعيين مؤقت” للقضاة، تتوقف إعادة ابقائهم في مناصبهم من جديد على ضرورة تقييم أدائهم المهني، وهو ما يشكل خطرا على استقلالية القضاء وحقوق المتقاضين وحسن سير العدالة وجودة العمل القضائي ونجاعته. معتبرا أن الحلّ لسدّ مشكل الخصاص في المحاكم هو إحداث مناصب مالية جديدة.

بخصوص تعديل المادة 97 من قانون المجلس والمتعلقة بالخطأ الجسيم، اعتبر النادي أن إضافة صور جديدة للخطأ الجسيم من قبيل كل “تصرف خطير ينم عن جهل أو إهمال فادح وغير مستساغ لواجبات القاضي المهنية من شأنه التأثير على استقلاله وتجرده وحياده”. وكذا  كل”تصرف واضح ينم عن تهور ورعونة في السلوك من شأنه الإساءة لحرمة القضاء ويضر به”، تبقى عبارات وألفاظ فضفاضة وغير دقيقة وهو ما أكده قرار المحكمة الدستورية، ومن شأن هذه العبارات المستعملة في المشروع ،أن توحي بوجود حالات كثيرة يمكن أن تعتبر خطأ جسيما تتضمنها تلك العبارات الفضفاضة وغير الدقيقة والغارقة في العموميات، وهو ما يتنافى مع مبدأ “الشرعية التأديبية.

تعديلات قوانين السلطة القضائية أمام البرلمان

قدم وزير العدل مشروعي تعديل النظام الأساسي للقضاة وقانون المجلس الأعلى للسلطة القضائية أمام البرلمان بغرفتيه، حيث أكد أن التعديلات المقترحة جاءت بعد مشاورات مع الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية وبعد طلب رأي السلطة القضائية بشأنها، موضحا بأن وزارة العدل لم تتدخل بخصوص التعديلات المقترحة، وأدرجت كل مقترحات السلطة القضائية باعتبارها المسؤولة عن القضاة وعلى دراية بمشاكلهم، وهو ما يترجم عدم المس باستقلال السلطة القضائية.

من جهتهم، سجل عدد من نواب المعارضة اعتراضات على بعض مضامين التعديلات، خاصة ما يتعلق برفع سن التمديد للقضاة، حيث اعتبر الفريق الاشتراكي أن رفع هذا السنّ إلى 75 سنة، يتنافى مع مبدأ تجديد النخب وفتح المجال أمام الشباب للولوج إلى سلك القضاء، كما أن التمديد يبقى تعيينا مؤقتا. في نفس السياق، اعتبر فريق العدالة والتنمية أن رفع سن التمديد سينعكس سلبا على مردودية القضاة كما ينبغي في حالة إقراره إلى تقييده بمعايير موضوعية ضمانا لاستقلال القضاة عن سلطة التمديد.

وبخصوص الآجال الاسترشادية للبتّ في القضايا، أكّد عدد من نواب المعارضة على أهمية الإبقاء على هذه الآجال في حال تحديدها على سبيل الاستئناس.

 وبخصوص مقترح رفع مدة ولاية الأعضاء المعينين الى خمس سنوات اقترح الفريق الاشتراكي أن يتم توسيع هذا المقترح برفع سن مدة ولاية الأعضاء المنتخبين وجعلها قابلة للتجديد مرة واحدة، تكريسا للمساواة بينهما ومنعا لأي هرمية محتملة، وحتى لا تعتبر تفوقا وامتيازا للاعتبارات التقنوقراطية على الآليات الديمقراطية، ولضمان استمرار الكفاءات في تولي المسؤولية بما لا يتنافى مع إمكانية تجديد النخب. 

في نفس السياق، اقترح الفريق الاشتراكي التنصيص صراحة على حضور الرئيس المنتدب أثناء تقديم ومناقشة الميزانية الفرعية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في البرلمان بما لا يتنافى مع مبدأ استقلال السلطة القضائية.

وتجدر الإشارة إلى أن مشاريع تعديلات قوانين السلطة القضائية في حالة إقرارها من طرف البرلمان ينتظر أن تعرض على أنظار المحكمة الدستورية للنظر في مدى دستوريتها باعتبارها من القوانين التنظيمية.

مواضيع ذات صلة

مشروع تعديل النظام الأساسي للقضاة في المغرب: التشاركية المغيبة وتعديلات على مختلف مراحل الحياة المهنية للقضاة

أبرز التوجّهات في تعديل قانون مجلس السلطة القضائية في المغرب: وزارة العدل تقطع الحوار مع الجمعيات المهنية

2016 سنة تنزيل قوانين السلطة القضائية بالمغرب

قرار دستوري بشأن قوانين السلطة القضائية في المغرب: مكاسب كثيرة في معركة استقلال القضاء

مشاريع قوانين السلطة القضائية في المغرب: محاولة لإجهاض حراك القضاة الشباب

في قراءة نقدية للنسخة الثالثة لمشاريع قوانين السلطة القضائية في المغرب(1): في أبرز اعتراضات ومطالب الجمعيات المهنية للقضاة

في قراءة نقدية للنسخة الثالثة لمشاريع قوانين السلطة القضائية في المغرب (2): المتغير والثابت في فلسفة المشاريع الحكومية

دور الجمعيات المهنية للقضاة في تخليق منظومة العدالة: نادي قضاة المغرب نموذجا

قراءة في الدور التأسيسي لنادي قضاة المغرب في رسم معالم السلطة القضائية بالمغرب

في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب: الجمعيات المهنية القضائية تأخذ زمام المبادرة

القضاة ينتخبون مجلسا جديدا للسلطة القضائية في المغرب: مشاركة قوية للشباب وللجمعيات المهنية

الأجل الاسترشادي في بتّ القضايا في المغرب


[1]- يعتبر مبدأ ثبات المنصب القضائي من المبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية وفق مختلف الاعلانات الدولية، ولهذا أوصت المبادئ الأساسية للأمم المتحدة الدول بضمان تمتع القضاة سواء كانوا معينين أو منتخبين بضمان بقائهم في منصبهم الى حين بلوغهم سن التقاعد الالزامية أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب حيثما يكون معمولا بذلك.

أنظر لمزيد من التفاصيل:

– دليل حول معايير استقلالية القضاء، منشورات المفكرة القانونية لسنة 2016، ص 55.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، مقالات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني