محكمة مراكش تتصدى لتوزيع نزاعات الملكية على المحامين:”لا نداوي الاحتكار بالإكراه “


2024-04-22    |   

محكمة مراكش تتصدى لتوزيع نزاعات الملكية على المحامين:”لا نداوي الاحتكار بالإكراه “

أصدرت غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بمراكش في تاريخ 27 مارس 2024 حكمها القاضي ببطلان قرار مجلس هيئة المحامين بتعميم قضايا نزع الملكية على كافة المحامين، لإنهاء ظاهرة احتكارها لدى البعض.

القرار الذي تنشره المفكرة القانونية يعيد الى الواجهة صلاحيات مجالس هيئات المحامين في التنظيم الداخلي للمهنة، وحدود الإجراءات التي يمكن أن تتخذها لدعم جهود التخليق.

ملخّص القضية

قدم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش في تاريخ 06 فبراير 2024 مقالا للطعن ضد قرار مجلس هيئة المحامين بمراكش المؤرخ في 30 يناير 2024، القاضي بتعميم توزيع قضايا “نزاع الملكية والاعتداء المادي” المسجلة الرائجة أمام المحكمة الإدارية بعلة حماية الممارسة المهنية، وما تقتضيه المصلحة العامة من تكافل وتضامن اجتماعي بين محاميات ومحاميي الهيئة.

وقد أسست النيابة العامة طعنها في القرار المذكور على خرقه لمجموعة من النصوص القانونية المنظمة للمهنة، والتي يمكن إجمالها في الجوانب التالية:

  • القرار خرق المبدأ الأساسيّ لمهنة المحاماة باعتبارها مهنة حرّة مستقلّة، تساعد القضاء وتساهم في تحقيق العدالة، وهو المبدأ المنصوص عليه في المادة الأولى من قانون المحاماة، ومن ثم لا يمكن تقييد ممارسة المهنة بالحد من نيابة المحامي في القضايا التي كلف بها، كما لا يمكن تقييد حرية الأفراد في اختيار المحامي الذي يرغبون في النيابة عنهم إلا بموجب القانون.
  • أن قضايا نزع الملكية التي اتخذ مجلس الهيئة قرارا بتعميمها وتوزيعها على المحامين، هي معفاة أصلا من الرسوم القضائية ومن إلزامية تنصيب محام، ومن ثمّ فإن الأفراد في هذه القضايا غير ملزمين بتنصيب محامٍ للنيابة عنهم.
  • إن مسألة التكافل والتضامن الاجتماعي بين المحامين نظّمته مقتضيات المادة 91 من قانون المهنة حينما أوصتْ بإنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، وتوفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات والمعاشات لهم.
  • إن المادة 71 من النظام الداخلي للهيئة تمنع على المحامي أن ينتصب أمام أيّ محكمة أو أيّ جهة كيفما كانت، ولو من أجل المصالحة عن شخص لم يكلف بالدفاع عنه، ما عدا اذا تعلّق الأمر بالمساعدة القضائية.
  • –           إن المادة 70 من نفس القانون توجب على المحامي أن يستقبل موكله ويعطيه الاستشارة بمكتبه، مما يعني أن الموكل هو الذي يبدي رغبته لدى المحامي من أجل النيابة عنه.

إجراءات القضية

أثناء مناقشة القضية تناول نقيب المحامين الكلمة مدافعا عن قرار مجلس الهيئة، حيث أوضح أن هذا القرار جاء بعد دراسة شاملة وعميقة، بغية تحقيق المساواة ومحاربة الفساد، خاصة وأن الإحصائيات أثبتت أن “محاميا واحدا ينوب في 5000 قضية، وأن محاميا آخر ينوب في 3500 قضية، وأن هناك 13 ألف قضية ستحال على المحكمة الإدارية ولا يجوز احتكارها من طرف محاميين اثنين”.

وأضاف أن السؤال المطروح: ما الضرر الذي سيلحق الوكيل العام للملك من القرار الصادر عن الهيئة، في حين أنه ينظم المهنة في إطار أخلاقي ولا يمس بحرية التعاقد، ولم يسبق لأحد من المحامين أن طعن فيه؟ معتبرا أن طعن النيابة العامة اكتفى بالجانب القانوني المحض، بالاعتماد على التفسير الضيّق للقانون، في حين اختار مجلس الهيئة مقاربة الموضوع من زاوية قانونية واجتماعية ومهنية، دون المس ّبمبدأ حرية التعاقد، بخاصة أن مجموعة من الهيئات الأخرى اعتمدت قرارات مماثلة لتنظيم قواعد النيابة في بعض القضايا مثل قضايا حوادث السير.

وبخصوص ما دفع به الوكيل العام للملك من كون قرار مجلس الهيئة يمسّ باستقلالية المهنة، أكّد النقيب أن هذا الدفع هو في حد ذاته جواب على الطعن، لأن استقلالية المهنة من استقلالية المحامي واستقلالية مؤسساته في تنظيم مصالح مجموع المحامين والمهنة مما يدخل في اختصاصات النيابة العامة، كما أنه ليس من صلاحياتها الدفاع عن مصالح فئة معينة ومحسوبة على رؤوس الأصابع تريد احتكار ملفات بعينها، مع أنّ القرار الجديد الذي اتّخذته الهيئة هو تعبير عن الإرادة العامّة للمحامين المنضوين تحت لوائها، لذلك يكون الطعن مفتقدا لعنصر المصلحة كشرط أساسي لقبول الدعوى.

موقف المحكمة

قرّرت المحكمة إلغاء قرار مجلس هيئة المحامين، معتمدةً على العلل التالية:

  • لا وجود لأيّ مقتضى قانونيّ يستلزم توفر النيابة العامة على المصلحة لتقديم أي دعوى أو طعن، لأن المتطلب في النيابة العامة هو الصفة في تقديم الطعن، وكلما منح القانون الصلاحية للنيابة العامة في تقديم الدعوى أو الطعن إلا واعتبر شرط المصلحة متحققا، وقد منحت المادة 92 من قانون المهنة للوكيل العام للملك صلاحية ممارسة الرقابة وتقييم مداولات ومقررات جهازي الجمعية العامة أو مجلس الهيئة، ومدى احترامها للقانون أو مساسها للنظام العام.
  • إن الدفع بسبقية البتّ وتحصين القرارات من الطعن يجد أساسه في القرارات الإدارية الفردية التي تتحصن إما بمرور أجل الطعن أو البتّ سلبًا في الطعن الموجّه ضدها من طرف من له الصفة، أما مداولات أو مقررات الجمعية العامة أو مجلس الهيئة التي لم تحترمْ ضوابط الاختصاص أو القانون أو من شأنها الاخلال بالنظام العام فقد اعتبرها المشرع باطلة، وأوكل صلاحية تقديم ملتمس بمعاينة البطلان للنيابة العامة.
  • إن جميع التعديلات القانونية التي أدخلت على قانون مهنة المحاماة تكرّس حرية اختيار المحامي وترسّخ كون المحاماة مهنة حرة ومستقلة.
  • إن علاقة المحامي بموكله علاقة تعاقدية تتمثل في عقد الوكالة بحيث يتعين على كل محام أن يحتفظ بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة، كما أن عقد الوكالة من العقود الرضائية المسماة الذي يستلزم لقيامه ركن الرضا أي توافق ارادتيْ الوكيل والموكل على عناصر ومضمون وحدود عقد الوكالة.
  • إن أجهزة المهنة المتمثلة في الجمعية العامة ومجلس الهيئة ومؤسسة النقيب أوجدها المشرع ونظمها بمقتضى قانون تشريعي وأوكل لها اختصاصات الهدف منها التسيير اليومي للمهنة على صعيد كل دائرة في إطار ما لا يتنافى وطبيعتها الحرة.
  • إن حرية التعاقد وحرية التنافس المؤسسين لعلاقة المحامي بزبونه تستوجب حرية المتقاضي والمحامي في اختيار بعضهما البعض اعتمادا على ما توافقت عليه ارادتيهما سواء من حيث طريقة الدفاع أو الأتعاب، طالما أن موضوع الاتفاق لا يخرج عما رسمه القانون من تنافس شريف بين أعضاء المهنة، وإن قرار مجلس الهيئة يؤزم هذه العلاقة ويخرجها من دائرة التعاقد الى دائرة الالزام.
  • إن إلزام متقاضٍ محدّد بمحامٍ معيّن سيؤدي إلى إخراج مهنة المحاماة من دائرة المهنة الحرة المستقلة وسيفقدها كنهها، وإن اتّخاذ قرار من هذا القبيل بعلة محاربة السمسرة والفساد واحتكار الملفات سيكون بمثابة الدواء الذي قد يعالج المرض، لكنه يقينا سيقتل المريض.

قرار غرفة المشورة بمراكش- استقلالية المحاماة

مواضيع ذات صلة

محكمة النقض بالمغرب تفصل في الطبيعة القانونية لمهنة المحاماة

عشــرون مقترحــا من أجل قانون حديث لمهنة المحاماة بالمغرب

قرار قضائي يرفض مبدأ الكوتا النسائية في انتخابات محامي أكادير

إلغاء قرار تشطيب محامٍ من جدول هيئة مكناس على خلفية تدوينة

واجبات الإنخراط في المحاماة تصل مستويات هائلة في المغرب: حين تصبح مهنة المحاماة حكرا على الفئات الميسورة

مقترح قانون حول مهنة المحاماة في المغرب: وحدة المهن القانونية لا تقنع الجميع

بوادر مواجهة بين إدارة الضرائب والمحامين الشباب بالمغرب

نقيب محامي الدار البيضاء يستنكر تصرفات بعضهم ويدعو إلى احترام وقار المهنة

بلاغات متتالية لهيئات محامي المغرب صونا لأعراف المحاماة: هيئة الدار البيضاء تستدعي المحامين في قضية بو عشرين

الفصل الأخير من قضية قاضي الرأي المعزول في المغرب: استئناف تطوان تقرّ حق الهيني بممارسة المحاماة

للقاضي المعزول بسبب الرأي ممارسة المحاماة: قرار مبدئي لمحكمة النقض

بعد عزل الهيني، هل يحق لقضاة الرأي المعزولين ولوج مهنة المحاماة؟

حرية المحامين في التداول في قضاياهم العالقة إعلاميا: قرار مبدئي لنقيب المحامين في تطوان

قرار قضائي بالمغرب يمنع الحجز على أموال هيئة المحامين

محامو المغرب ينتقدون تقليص دور الدفاع في مقترح المسطرة المدنية

انشر المقال



متوفر من خلال:

محاكم إدارية ، قرارات قضائية ، مقالات ، المغرب ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني