القضاة ينتخبون مجلسا جديدا للسلطة القضائية في المغرب: مشاركة قوية للشباب وللجمعيات المهنية


2021-11-01    |   

القضاة ينتخبون مجلسا جديدا للسلطة القضائية في المغرب: مشاركة قوية للشباب وللجمعيات المهنية

أسدل الستار بالمغرب نهاية الأسبوع المنصرم على الانتخابات المهنية للقضاة وهي خامس عشر استحقاق مهني يدلي خلاله القضاة المغاربة بأصواتهم مند سنة 1964 في ظل اشراف وزارة العدل، وهي الأولى من نوعها التي يشرف عليها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مند دخول قوانين إصلاح القضاء حيز التنفيذ.

وقد جرت هذه الاستحقاقات وفق إجراءات جديدة وغير مسبوقة تهدف إلى ضمان حياد الإدارة القضائية واحترام مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين والأخذ بعين الاعتبار للإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا.

 

حزمة من الإجراءات لتنظيم الاستحقاقات المهنيّة للقضاة

تميّزت الاستحقاقات المهنيّة للقضاة لسنة 2021 بإعلان المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن حزمة إجراءات جديدة، انطلقت بعقد لقاءات تواصلية تمهيدية مع الجمعيات المهنية القضائية، لمناقشة أجندا الانتخابات تفعيلا للمقاربة التشاركية، والإعلان عن لجنة للانتخابات لمناقشة الأمور التنظيمية. وقد توّجت هذه اللقاءات بإصدار ميثاق أخلاقي لانتخابات القضاة، ينص على جملة من المبادئ والقواعد، تتمثل في الحياد والمساواة في تدبير العملية الانتخابية، والتزام القضاة بمبادئ الأخلاقيات القضائية، والتزامات خاصة بالجمعيات المهنية للقضاة بالنظر إلى دورها الأساسي في مجال التأطير والتخليق.

 

إقبال كبير على الترشيحات

بلغ مجموع المترشحين والمترشحات لانتخابات المجلس للسلطة القضائية 50 مترشحا، من بينهم 18 امرأة قاضية يمثلن نسبة 36% من المجموع.

وقد توزّع عدد القضاة المرشحين لانتخابات أعضاء المجلس الأعلى على الشكل التالي:

– عدد المترشحين والمترشحات عن قضاة محاكم الاستئناف 19، منهم 05 قاضيات يمثلن نسبة 26.31% من مجموع المترشحين عن هذه الهيئة.

– عدد المترشحين والمترشحات عن هيئة قضاة مختلف محاكم أول درجة 31، منهم 13 قاضية يمثلن نسبة 41.93% من مجموع المترشحين عن هذه الهيئة.

كما لوحظ ارتفاع في عدد القضاة الشباب الذين قدموا ترشيحاتهم. وهكذا توزعت أعمار المترشحين والمترشحات على الشكل التالي:

– عدد القضاة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 35 و44 سنة: 21 مترشحا؛

– عدد القضاة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 45 و54 سنة: 16 مترشحا؛

– عدد القضاة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 55 و64 سنة: 12 مترشحا.

فيما وصل عدد القضاة الذين تفوق أعمارهم أكثر من 64 سنة: مرشح واحد.

كما لوحظ اتساع النطاق الجغرافي بعدد المترشحين بحيث ينتمون الى 16 دائرة استئنافية من مجموع 22 دائرة”.

 

توسيع المجال أمام استعمال تقنيات التواصل عن بعد في زمن الجائحة

بغية الحد من تنقل القضاة الى المحاكم وعقد تجمعات وما قد يترتب عن ذلك من مخاطر انتشار جائحة كورونا، وفَّر المجلس الأعلى للسلطة القضائية وفي سابقة تعد الأولى من نوعها استوديو خاص وُضع رهن إشارة القضاة المترشحين، قصْد تسجيل وصلات تعريفية خاصة بهم. كما تم تخصيص منصة إلكترونية للقضاة، لنشر برنامجهم الانتخابي، وعرض الفيديوهات التعريفية، فضلا عن تنظيم لقاءات تفاعلية مباشرة عن بُعد مع بين المترشحين والهيئة الناخبة.

 

ملاحظات حول أجواء الاستحقاقات المهنية

أهم الملاحظات التي تستدعيها متابعة مسار هذه الانتخابات، الآتية:

– رغم أهمية أحداث المنصة الإلكترونية، يلاحظ أن نصف عدد المرشحين اعتذروا عن المشاركة في اللقاءات التفاعلية المباشرة، حيث اعتمدوا على الوسائل التقليدية في التواصل مع القضاة من خلال عقد اللقاءات بالمحاكم، في المقابل يلاحظ الحضور القوي للقضاة المنتمين إلى نادي قضاة المغرب حيث عرفت لقاءاتهم أرقاما قياسية في عدد المتابعين والمتفاعلين بطرح الأسئلة؛

– تمّ التراجع عن منح بعض التسهيلات التي قدّمت للمرشحين في انتخابات 2016 والمتمثلة أساسا في الدعم المادي المخصص لطبع المنشورات، والحصول على رخصة خلال فترة التعريف بالمرشحين، وذلك لغياب السند القانوني، وقد اتخذ هذا القرار بعد التشاور مع ممثلي الجمعيات المهنية القضائية[1]؛

– حظر ميثاق السلوك الانتخابي على المرشّحين الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص الفيسبوك وكذا بوسائل الاعلام، في تفسير موسع لموجب التحفّظ. وهو ما أدى إلى غياب المواكبة الإعلامية لفترة تعريف المرشحين بأنفسهم، بخاصة أنّ المنصة التي وُضعت لفائدة القضاة بمناسبة الانتخابات كانت مغلقة ولم تكن مفتوحة لفائدة العموم. وهذا الأمر حصل بخلاف الاستحقاقات المهنية السابقة لسنة 2016 حينما عمد غالبية المرشحين إلى فتح صفحات شخصية لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما قامت وسائل الإعلام بنشر البرامج الانتخابية للمرشحين؛

– لم تُمنح تسهيلات كافية للقضاة المتواجدين خارج مقر العمل، لتغيير مكاتب التصويت بخاصة مع تزامن الانتخابات مع إحدى العطل الدينية. وقد تمّ تبرير ذلك بالصعوبات التقنية التي تحول دون إمكانية تغيير مقر التصويت؛

– بتتبع البرامج الانتخابية واللقاءات التفاعلية للمرشحين، يلاحظ أن مواضيع عديدة طغت على “الحملات الانتخابية” تعكس جانبا كبيرا من اهتمامات القضاة خلال هذه المرحلة. وقد تمثلت أساسا في الانتقادات التي وُجّهت إلى القانون المنظّم للمفتشية العامة للشؤون القضائية لإغفاله التنصيص على أي حقوق للقضاة أمام هذا الجهاز، فضلا عن الانتقادات الموجهة للخطاب السائد المتعلق بالإنتاجية بالمحاكم والذي يركز على الكم عوض الكيف، إلى جانب إشكالية الخطأ الجسيم الموجب للمسؤولية التأديبية للقضاة، والنقل بدون طلب، وملف الخدمات الاجتماعية للقضاة، والملف الصحي.

– بلغت نسبة المشاركة العامة، بعد إغلاق جميع مكاتب التصويت 93,14% موزعة على النحو الآتي: 91,40% على صعيد هيئة قضاة مختلف محاكم الاستئناف، و93,80% بالنسبة لهيئة قضاة مختلف محاكم أول درجة. وسجّلت مشاركة القاضيات في التصويت نسبة 87% على صعيد هيئة قضاة مختلف محاكم الاستئناف، و92,45% بالنسبة لهيئة قضاة مختلف محاكم أول درجة.

– رغم أن التمثيلية في المجلس لا تخضع لأيّ اعتبار جمعوي، إلا أن استحقاقات 2021 عرفت ترشيح رؤساء عدد من الجمعيات المهنية، وحضورا لبرامجها خلال اللقاءات التفاعلية. إلا أن نتائج هذه الاستحقاقات رسّخت تواجد جمعيتين كبيرتين هما نادي قضاة المغرب والودادية الحسنية للقضاة، حيث اقتسم ممثلو الجمعيتين المقاعد العشرة المخصصة للقضاة المنتخبين بالتساوي.

– اكتسح القضاة الشباب وغالبيتهم المنتمون إلى نادي قضاة المغرب المقاعد المخصصة للمحاكم الابتدائية، حيث حصلوا على 4 مقاعد من أصل 6، وحصل رئيس نادي قضاة المغرب عبد اللطيف الشنتوف على أكبر عدد من الأصوات. في المقابل اكتسحت “لائحة” ائتلاف الودادية المقاعد المخصصة لمحاكم الاستئناف حيث حصلوا على 3 مقاعد من أصل 4 مقاعد، وقد انتخب المستشار عبد اللطيف طهار عضو نادي القضاة ممثلا عن محاكم الاستئناف ليخلف بذلك الرئيس المؤسس للنادي ياسين مخلي.

– يلاحظ ارتفاع عدد الأصوات التي حصلت عليه النساء القاضيات، بحيث فازت قاضيتان من دون الاعتماد على الكوتا، إلا أن العدد الإجمالي للقاضيات المنتخبات لم يتجاوز المقاعد المخصصة للكوتا والمحددة في 3 مقاعد.

– رغم أن استحقاقات 2021 عرفت ترشح عدد كبير من المسؤولين القضائيين، إلا ان ثلاثة منهم فقط استطاعوا الظفر بمقاعد داخل المجلس وذلك بسبب التزام الإدارة القضائية بالحياد طيلة فترة تنظيم الانتخابات، على عكس الاستحقاقات المهنية السابقة والتي كانت تشهد اكتساح المسؤولين القضائيين.

 

مواضيع ذات الصلة

المجلس الأعلى للسلطة القضائية

نادي قضاة المغرب يصدر مدونة سلوك لانتخابات ممثلي القضاة

مهزلة انتخابات ممثلي القضاة في المجلس الأعلى للقضاء بالمغرب

حوار المفكرة القانونية مع المستشار ياسين مخلي بمناسبة انتخابه عضوا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية
بانتظار تونس، المغرب تفتح طريق انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية

انتخابات المجلس الأعلى للقضاء: قراءة في أسباب كثافة الترشح أو العزوف عنه
انتخابات المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا: رسالة وحدة وسط انقسام عارم

روزنامة غير موفقة لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء
انطلاق المسار الانتخابي لسد الشغور بالمجلس الأعلى للقضاءفي تونس: نهاية غير مؤكدة “للمؤقت

 

 

[1]– يلاحظ أن وزارة العدل خلال اشرافها على الانتخابات المهنية للقضاة لسنة 2016، قررت لهم عدة تسهيلات، تتمثل فيما يلي:

  • منح تعويض رمزي يساعدهم على التنقل أثناء فترة التعريف بأنفسهم
  • منح هاتف نقال مع رقم هاتفي للتواصل مع السادة القضاة الناخبين
  • تخصيص حصة للبنزين لكل مترشح
  • منح تعويض عن التنقل للناخبين الذين يضطرون لقطع مسافة تفوق 200 كلم للوصول إلى مكاتب التصويت يوم الاقتراع
  • مراسلة المسؤولين القضائيين قصد تمكين المترشحين من الاستفادة من عطلة مدفوعة الأجر خلال فترة التعريف ببرامجهم.
انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، نقابات ، استقلال القضاء ، دستور وانتخابات ، المغرب ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني