في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب: الجمعيات المهنية القضائية تأخذ زمام المبادرة


2017-01-17    |   

في انتظار تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب: الجمعيات المهنية القضائية تأخذ زمام المبادرة

نظمت الجمعيتان المهنيتان للقضاة في المغرب، نادي قضاة  المغرب والودادية الحسنية للقضاة وبشراكة مع الجمعية الأمريكية للقضاة والمحامين- فرع المغرب، ورشة تكوينية لفائدة أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية  المنتخبين. وقد تناولت الورشة سبل إعمال وإرساء أسس اشتغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية تحت عنوان: “من أجل انطلاقة قوية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية” بمدينة مراكش يومي 13و14-01-2017. وقد تمحورت هذه الورشة التكوينية حول عدة نقاط وقضايا تدخل في صلاحيات المجلس بنص القانون التنظيمي رقم 100-13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية[1] من ناحية استشراف طرق الاشتغال  والصعوبات التي من الممكن أن يواجهها المجلس كمؤسسة أو أعضاء فيها في انتظار تنصيبها. وسنقف فيما يلي على مضمون هذه الورشة التدريبية أولا ثم بعد ذلك نأتي على ذكر السياقات ودلالات هذه المبادرة.

أولا: مضمون الورشة التدريبية
تَم الوقوف في هذه الورشة التكوينية من خلال التدريب والمناقشة  وتبادل الأفكار على عدة  قضايا أهمها ما يلي:

  • مناقشة المهام المنوطة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحددة دستوريا وقانونا في تدبير المسار المهني للقضاة بشكل عام والسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة لهم وحماية
    استقلال القاضي ووضع وإصدار التوصيات والآراء التي تهم منظومة العدالة فضلا عن إعداد النظام الداخلي للمجلس ومدونة السلوك القضائي[2].
  • الدور الذي يريده المجلس لنفسه كمساهمة في البناء العام للدولة.
  • تحديد القيم والمبادئ التوجيهية لعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المرحلة المقبلة.
  • تحليل المناخ الداخلي والخارجي المرافق لعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
  • تحديد مجالات عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ذات الأولوية.
  • تحديد مواقع ضعف ومواقع قوة المجلس.
  • تحديد الأهداف الاستراتيجية وتحديد الأولويات (محاور الاشتغال).
  • تحليل الافتراضات والعوامل الخارجية.
  • إدارة  المجلس بما يحقق النتائج المرغوبة، من خلال ما يلي:
    • التركيز على ”النتائج“.
    • وضع أهداف وغايات واضحة.
    • ضرورة وجود سلسلة نتائج واضحة من أجل النواتج المرغوبة.
  • استخدام بيانات الرصد والمتابعة بغية تحسين التنفيذ
  • استخدام الشواهد من التقييم بغية تحسين عملية صنع القرارات.
  •  وضع برنامج التواصل.
  •  وضع ميزانية المجلس.
  • وضع نظام ومؤشرات التتبع.

وترى الجمعيتان المهنيتان المنظمتان لهذه الورشة أن من شأن هذه المبادرة أن”تتيح لأعضاء المجلس المنتخبين بالمجلس تنمية القدرات والكفاءات لديهم  بما يسهم في الرفع من حكامة هذه المؤسسة الدستورية وتطوير أدائها في أفق انطلاق اشتغالها بعد تنصيبها” وفق ما جاء في بلاغ إخباري صادر عن الجمعيتين المنظمتين للورشة التدريبية.

ثانيا: دلالات وسياقات مبادرة ورشة التكوين
تعد هذه المبادرة رائدة وغير مسبوقة  في المغرب من زاويتين، أولهما من حيث كون هذه الورشة التدريبية جاءت بمبادرة من الجمعيات المهنية، وهذا يعد من الأدوار الجديدة التي بدأت هذه الجمعيات تقوم بها فضلا عن أهدافها الخاصة بها المحددة في قوانينها الأساسية. والزاوية الثانية هي المتعلقة باستجابة وتفاعل  أعضاء المجلس المنتخبين مع هذه المبادرة والانفتاح عليها وهو ما يؤشر على طريقة جديدة  لعمل عضو المجلس  المستقبلي – ربما – والتحول الذي بدأ يطرأ على  مستوى صورة  عضو المجلس في مخيلة القضاة المغاربة التي تكرست منذ عقود إلى غاية الانفراج الذي وقع بعد إقرار دستور 2011 بحيث كان عضو المجلس شأنه شأن المؤسسة منغلقا ولا يتعامل إلا في إطار دائرة ضيقة  جدا. وهذا الانفتاح الذي تساهم فيه الجمعيات المهنية الآن له دلالة كبيرة جدا سوف تنعكس على عمل الأعضاء والمؤسسة على حد سواء في طريقة وأسلوب الاشتغال.

وتأتي هذه المبادرة إيمانا من الجمعيات المهنية القضائية بأهمية التكوين والتكوين المستمر لكافة من يتولى وظيفة عامة في مؤسسات الدولة بالتعيين أو الانتخاب بشكل عام. وفي هذا الإطار، سبق لنادي قضاة المغرب أن طالب في مذكرته بمناسبة تعليقه على مسودة القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بضرورة تكوين المسؤولين القضائيين المعينين بالمحاكم قبل مباشرة مهامهم بل وطالب النادي بإنشاء معهد للتكوين خاص  بالإدارة القضائية [3]، وفعلا تجاوب القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية مع هذا المطلب من خلال المادة 15 التي نصت على أنه “يتلقى المسؤولون القضائيون تكوينا خاصا حول الإدارة القضائية”، وهذا أمر جديد بالمرة بالمغرب وغير مسبوق إذ في السابق كان المجلس الأعلى للقضاء الموروث عن وضعية ما قبل دستور 2011 يكتفي بتعيين المسؤولين القضائيين بمختلف الدرجات دون الإعلان عن شغور المنصب ولا فتح باب الترشيح  ولا فتح مجال التباري حول المنصب ولا أي معيار من معايير الشفافية هاته، بل قد يتفاجأ أحد القضاة عندما يجد نفسه قد عُين مسؤولا[4] من دون النظر إلى مدى قدرته على تسيير القضاء من عدمها. وحتى بعد تعيينه، فإنه لا يتلقى أي تكوين في مجال الإدارة والتسيير والتواصل ولا غير ذلك. فمباشرة بعد تعيينه يلتحق بمنصبه ليجد نفسه أمام كم هائل من التصرفات والقرارات اليومية التي عليه اتخاذها دون استعداد  معرفي ونفسي أحيانا.

وتأمل الجمعيتان المهنيتان المشار اليهما أعلاه، أن تشكل هذه المبادرة خطوة أولى نحو جعل التكوين أساسا لعمل المجلس في المجالات التي تخرج عن تخصص الأعضاء، ولا سيما مجال التدبير والتواصل باعتباره مجالا بعيدا عن تخصص القضاة، خاصة وأن المجلس الأعلى للسلطة القضائية المنتظر أصبحت له أدوار تتعلق بإعداد التقارير والتصورات والاقتراحات حول منظومة العدالة وإمكانية عقد اتفاقيات تعاون مع الهيئات الأجنبية المماثلة فضلا عن الاختصاصات التقليدية.


[1]للاطلاع على النص الكامل لهذا القانون يراجع الموقع الالكتروني لوزارة القطاعات العامة وتحديث الادارة على الرابط التالي:http://bdj.mmsp.gov.ma/Ar/Document
[2] – للتفاصيل يراجع مقال عبداللطيف الشنتوف: الأدوار الجديدة للمجلس الاعلى للسلطة القضائية في المغرب – المنشور بالمفكرة القانونية  على الرابط الآتي:https://legal-agenda.com/article.php?id=1714&lang=ar
[3] – توصيات المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب  متاحة على الموقع الإلكتروني للنادي: http://www.club-magistrats-maroc.com/ar/?p=173 وقد جاء في هذه التوصيات في باب المسؤوليية القضائية ما يلي : “تأطير المسؤولية القضائية:
· وضع معايير موضوعية تحدد الشروط التي يجب أن تتوفر في القضاة الممكن تقلدهم المسؤولية.
· الإعلان عن مناصب المسؤولية الشاغرة واجتياز الراغبين في تقلدها، المتوفرين على الشروط اللازمة، مباراة تتعلق بالمعلومات القانونية واختبارات نفسية.
· إحداث معهد عالي للإدارة القضائية.
· إخضاع المسؤولين الجدد لتكوين مدته ستة أشهر بالمعهد العالي للإدارة القضائية”.
[4] – كما حصل مع نائب رئيس نادي قضاة المغرب السابق السيد محمد عنبر الذي تفاجأ بتعيينه وكيلا للملك باحدى المدن المغربية مباشرة بعد تاسيس النادي سنة 2011 ولم يتلحق الاستاذ عنبر بالمنصب الذي عين به على  اساس  أن تعينه بهذا المنصب ما هو الا طريقة لاخراجه من محكمة النقض الذي كان يشتغل بها.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، مقالات ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني