تضامن حقوقي واسع مع رئيس نادي قضاة المغرب: “سيف التأديب ينبعث من جديد”


2024-03-14    |   

تضامن حقوقي واسع مع رئيس نادي قضاة المغرب: “سيف التأديب ينبعث من جديد”

ما يزال نبأ مثول رئيس نادي قضاة المغرب عبد الرزاق الجباري أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية مؤخرا يثير حالة من الجدل والتضامن الحقوقي الواسع، وذلك على خلفية مشاركته في ندوة نظمتها منظمة تابعة لأحدالأحزاب حول مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد. وتوالت بيانات التضامن الصادرة عن منظمات حقوقية مغربية للدفاع عن حرية القضاة في التعبير وفي المشاركة في النقاشات العمومية.

المحامون التجمعيون يوضحون

أصدرت منظمة المحامين التجمعيين بلاغا أوضحت فيه أنها تفاجأت باستماع المفتشية العامة للشؤون القضائية لرئيس نادي قضاة المغرب على خلفية مشاركته في تأطير ندوة علمية نظمتها المنظمة بتاريخ 24 يناير الماضي، حيث قدم عرضا حول “المادة 97 من مشروع قانون المسطرة المدنية وسؤال استقلال القضاء”.

وأوضحت المنظمة أن مشاركة رئيس نادي القضاة في اللقاء العلمي المذكور تمت بصفته الجمعوية لا القضائية، واقتصرت على مناقشة الجوانب القانونية لمستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية، وأضافت “إن هذا الاستماع لا يعتبر فقط شكلا من أشكال المس بحرية التعبير؛ بل إنه يمنع انفتاح الجسم القضائي على محيطه المهني والاقتصادي والاجتماعي، لا سيما أن الأمر يتعلق بالمساهمة في النقاش العمومي حول قانون الإجراءات بامتياز”.

حق القضاة في المشاركة في المناقشات العامة

عبرت جمعية ترانسبرانسي المغرب عن تضامنها مع رئيس نادي قضاة المغرب، مؤكدة في  بلاغها أن “مشاركة القضاة في الندوات العلمية، سواء تمت في إطار جمعية أو حزب أو نقابة أو مؤسسة مدنية أو رسمية وكانت تتوخى مساهمتهم وعرض وجهة نظرهم في مواضيع لها علاقة بالقضاء وبالعدالة عموما، هي مسألة تدخل في صميم حقوقهم وواجباتهم وهم المطوقون بتطبيق القانون ويمكّنهم موقعهم من الاطلاع على الجوانب التي تحتاج إلى الإصلاحات التي تسهم في نجاعة العدالة وإنصاف المتقاضين، علما بأنهم مطوقون كذلك بموجب الفصل 117 من الدستور كقضاة بحماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون”.

وأكدت الجمعية أن “مساهمة القضاة في مناقشة أمور العدالة في إطار علمي يدخل ضمن ممارستهم لحرية التعبير التي لا يمكن مؤاخذتهم عليها ما دامت تلتزم بما يحفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء. وبالمقابل، فإن أنشطتهم العلمية تستحق التشجيع وتقديم ما يلزم من تحفيزات وتسهيلات؛ لأنها تسهم في التكوين الجيد، وفي تنوير مختلف الأطراف المتدخلة في التشريع وفي خدمة العدالة بما يضمن فعاليتها ومساهمتها في تحقيق الأهداف الدستورية والوفاء بالتزامات المغرب الدولية”.

بدورها، أعلنتْ الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد عن تضامنها مع رئيس نادي قضاة المغرب، وذلك على إثر استدعائه من طرف المفتشية العامة للشؤون القضائية بسبب مشاركته في ندوة عملية نظمتها منظمة حزبيةـ وعبّرت المنظمة الحقوقية، في بيان لها، عن رفضها المطلق لأيّ تضييق للحقوق والحريات التي يكفلها القانون لجميع الشخصيات الاعتبارية.

رفض حقوقي لتمديد موجب تحفظ القضاة

من جهتها، أكّدت جمعية عدالة على أن مشاركة رئيس نادي قضاة المغرب في ندوة المحامين التجمعيين “كانت منسجمة مع المعايير الدولية ومع روح الدستور والقانون ومدونة الأخلاقيات القضائية”، وقد ساهمت بفعالية في “إثراء النقاش العلمي، والقانوني والحقوقي حول ضمانات استقلال السلطة القضائية، وضمانات الولوج إلى العدالة وتحقيق الحماية القضائية للحقوق والحريات من خلال مناقشة المادة 97 من مشروع قانون المسطرة المدنية”. وأوضحت الجمعية في بلاغها “أنه وتحت غطاء واجب التحفظ الذي عرفته المعايير الدولية، بأنه ينحصر في عدم الخوض في القرارات والأحكام القضائية بشكل يمسّ بمصداقيتها من منظور تحقيق العدالة، وأيضا عدم إبداء آراء و مواقف حول قضايا ما زالت رائجة ولم يتمّ البت فيها بأحكام نهائية، وعدم إفشاء السرّ المهنيّ، إضافة إلى الابتعاد عن الإدلاء بأيّ رأي قد يزرع الشك لدى المتقاضين حول حياده وتجرّده ونزاهته، تمّ  الاستماع إلى القاضي عبد الرزاق الجباري وقبله قضاة آخرين وهو ما يشكل انتهاكا لحقهم في التعبير”.

وأعربت الجمعية عن تخوفها من أن تصبح استدعاءات المفتشية للقضاة بسبب مشاركاتهم في ندوات “نظاما ممنهجا لمحاربة قضاة الرأي في المغرب بما لا يتماشى والدستور الجديد، داعية كل مكونات الحركة الحقوقية والجمعيات المهنية لضبط النفس والاستمرار في تقوية أساليب الفعل النضالي والترافعي لدى كل الجهات المعنية دوليا ووطنيا للدفاع عن حرية الرأي للقضاة وحرية تعبيرهم.

سيف التأديب ينبعث من جديد

قال رشيد آيت بلعربي، المحامي بهيئة القنيطرة: “في كل مرة نعتقد أن سيف التأديب المسلط على نزهاء القضاء المغربي توقف، حتى ينبعث ملف جديد يجعل اليأس يحيط بنا وبالحلم بقضاء مستقل”، واستطرد قائلا: “إن سبب الاستدعاء ليس سلوكا شخصيا، أو أحكاما متناقضة، أو طلب رشوة، أو خرقا للقانون أو استجابة لتعليمات صادرة من جهات معينة، وإنما السبب يكمن في مشاركة قاض بصفته الجمعوية كرئيس لنادي القضاة  في ندوة تناقش شؤونا تهمّ العدالة”. وتساءل الناشط الحقوقي: “هل يعتبر حضور نشاط من هذا النوع خرقا للنظام الأساسي للقضاة أو مدوّنة الأخلاقيات القضائية؟ وهل المشاركة بمداخلة قانونية يشكّل موقفا سياسيا أو ممارسة لنشاط سياسي؟”

واعتبر أن هذا الاستدعاء “يأتي في إطار مسلسل التضييق على جمعية نادي قضاة المغرب و على كل الأقلام و الأصوات الجريئة التي تنتمي لها بسبب مواقفها القوية التي تترجمها بلاغاتها بشكل مستمر من أجل الدفاع عن استقلال القضاء في مواجهة كل الجهات التي تحاول المس به”، داعيا المجلس الأعلى للسلطة القضائية للتحلي بالحكمة اللازمة في التعاطي مع هذه القضية نظرا لما قد تشكله من مس بسمعة البلاد الحقوقية في المنتديات الدولية، خاصة بعد انتخاب المغرب لرئاسة مجلس حقوق الإنسان برسم سنة 2024.

يذكر أخيرا أن استدعاء رئيس نادي قضاة المغرب يندرج ضمن سلسلة استدعاءات استهدفت جمعيات القضاة الأكثر فعالية واستقلالية في المنطقة العربية، أهمها الملاحقات التأديبية والجزائية التي تعرّض ويتعرّض لها رئيس جمعية قضاة تونس القاضي أنس حمادة على خلفية الإضراب الاحتجاجي ضد عزل عشرات القضاة من دون أي محاكمة فضلا عن الملاحقة التأديبية التي باشرها وزير العدل اللبناني ضدّ أعضاء الهيئة الإدارية في نادي قضاة لبنان على خلفية البيانات النقدية الصادرة عنه. 

مواضيع ذات صلة

استدعاء المفتشية العامة لرئيس نادي قضاة المغرب: موجب التحفّظ يعود إلى واجهة النقاش القضائي

أدوار الجمعيات المهنية للقضاة في الدفاع عن مطالب مهنية للقضاة

معركة جديدة لتثبيت حرية القضاة بالتعبير في المغرب: تعيين مقرر في حق عدد من القضاة بسبب تدويناتهم

سيف التأديب يضرب من جديد قضاة الرأي بالمغرب: عزل قاض بسبب تدوينات تنتقد الفساد في القضاء

على هامش استدعاء قضاة من المفتشية في المغرب

المفتشية العامة للشؤون القضائية تستدعي عددا من القضاة بسبب تدويناتهم

المجلس الأعلى للقضاء ينشر قراراته التأديبية للعموم: حدثٌ هامّ على صعيد الشفافيّة القضائية في المنطقة العربية ولكن

قرار قضائي يكرّس حق قضاة المحاكم المالية في التعبير

نادي قضاة المغرب يدعم حق نظيره اللبناني في ممارسة عمله الجمعوي القضائي

حرية تعبير القضاة في المغرب

تدوينات القضاة على مواقع التواصل الاجتماعي بين حرية التعبير وواجب التحفظ: قراءة في بعض التجارب العربية

بعد منشوره، رئيس النيابة العامة المغربية يوضح: حرية القضاة في التعبير وحضور الندوات شأن داخلي

تصوّر لمدونة أخلاقيات قضائية في المنطقة العربية: في اتجاه مدونة قادرة على تطوير البيئة القضائية

نادي قضاة المغرب يحذر من المسّ بـ “الأمن المهني للقضاةالمسطرة التأديبية للقضاة بالمغرب في ضوء التعديلات الجديدة لسنة 2023

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حرية التعبير ، استقلال القضاء ، المغرب ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني