هيئة تعديل مدونة الأسرة بالمغرب تسلّم تقريرها الختامي


2024-04-02    |   

هيئة تعديل مدونة الأسرة بالمغرب تسلّم تقريرها الختامي

سلمت هيئة تعديل مدونة الأسرة بالمغرب مؤخرا تقريرها الختامي لرئيس الحكومة، قصد رفعه الى العاهل المغربي محمد السادس. وأكّد رئيس الحكومة في تصريحات إعلامية أن الهيئة احترمتْ الأجل القانونيّ لعملها المحدّد في ستة أشهر، و ينتظر بعد رفع التوصيات، أن تنكبّ وزارة العدل على اعداد مشروع قانون لتعديل مدونة الأسرة وإحالته على أنظار البرلمان لمناقشته والتصويت عليه وفق مسطرة التشريع العادية.

رئيس الحكومة يستقبل هيئة تعديل مدونة الأسرة

استقبل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش عشية يوم السبت 30 مارس 2024 أعضاء الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة وتسلم منهم مقترحات الهيئة قصد رفعها للملك. وأكد رئيس الحكومة في تصريح للصحافة، عقب هذا اللقاء، أن الهيئة المكلفة بمراجعة مدوّنة الأسرة انتهت من مهامها، داخل الأجل المحدد لها، وقد سلمت تقريرها الختامي المتضمن مقترحات التعديل بشأن مدونة الأسرة.”. وأضاف أن الهيئة اشتغلت ” وفق مقاربة تشاركية واسعة، عبر تنظيم جلسات للاستماع والإنصات إلى مختلف الفاعلين من منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال المرأة والطفولة وحقوق الإنسان وأحزاب سياسية ومركزيات نقابية وقضاة وممارسين وباحثين أكاديميين ومؤسسات وقطاعات وزارية”. كما توصلت الهيئة، بمذكرات عبر البريد الإلكتروني. ثم انكبت على دراسة المقترحات التي انبثقت عن هذه المشاورات التشاركية الواسعة.

كرونولوجيا عمل هيئة تعديل مدونة الأسرة

انطلق ملف تعديل مدونة الأسرة بالمغرب بخطاب ملكي بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2022، حيث دعا العاهل المغربي الى مراجعة بعض مقتضياتها بهدف” تجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة ، ومراجعة بعض البنود ، التي تم الانحراف بها عن أهدافها “.

بتاريخ 26 سبتمبر 2023 وجه العاهل المغربي رسالة ملكية إلى رئيس الحكومة أعلن فيها عن إسناد الإشراف العملي على هذا الملفّ بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، على أن تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.

بتاريخ 29 سبتمبر 2023 عقدت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة اجتماعها الأول، لتدارس ترتيبات انطلاق عملها، حيث قرّرت الاشتغال بشكل موسّع وتشاركي بين مكونات الهيئة الستّة، وبتاريخ 30 سبتمبر 2023 عقدت الهيئة اجتماعا موسعا ضم أيضا المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس العلمي الأعلى ووزيرة التضامن، حيث تم الاتفاق على وضع منهجية عمل الهيئة وتحديد وتيرة عملها واجتماعاتها.

بتاريخ 01 نوفمبر 2023 شرعت الهيئة في عملية الاستماع والتي أسفرت عن عقد 130 جلسة استماع، واستقبال آراء ومقترحات 14 مؤسسة وطنية أو قطاع حكومي، و 19 ائتلافا يضم في مجموعه 1198 جمعية، كما استمعت أيضا الى 39 جمعية، و 27 حزبا سياسيا، و6 مركزيات نقابية، و8 منظمات حقوقية، و9 هيئات مهنية، و13 مركز بحثي، و عدد من الخبراء والباحثين.

في متم شهر ديسمبر 2023 أعلنت الهيئة عن انتهاء عملية الاستماع، مع الإبقاء على إمكانية الإدلاء بمذكرات مكتوبة عبر المنصة الإلكترونية الموضوعة رهن إشارة العموم، حيث شرعت الهيئة في التداول بشأن المقترحات المقدمة اليها.

بتاريخ 30 مارس 2024 أعلن رئيس الحكومة عن انتهاء عمل الهيئة بعد تسلم تقريرها.

منهجية تعديل مدونة الأسرة بالمغرب تقوية للديمقراطية التشاركية أم انحراف على المسار التشريعي

تثير منهجية تعديل مدوّنة الأسرة بالمغرب عدّة إشكالات حول المسار المحدد لها. فبعدما تم اصدار مدونة الأحوال الشخصية لسنتي 1957 و1958 عن طريق ظهائر ملكية دون إحالتها على البرلمان، تمّ اللجوء سنة 2002 إلى تشكيل لجنة ملكية موسّعة قصد إعداد مدونة جديدة للأسرة، عرضتْ على أنظار البرلمان للمصادقة عليها في أكتوبر 2003، أما في سنة 2023، فقد تمّ اللجوء إلى تكليف هيئة تضمّ أساسا مؤسسات دستورية ووزارات بدراسة مشروع التعديلات، قبل استنفاذ مسار التشريع العادي.

وفي هذا السياق، يعتبر د. رشيد لزرق، أستاذ جامعي أن “كون مدونة الأسرة قانونا حساسا ويهم المجتمع المغربي برمته هو ما استوجب تعديلها في إطار تشاركي، وبانخراط من مختلف المؤسسات الوطنية تحت إشراف المؤسسة الملكية التي تمثل إمارة المؤمنين”، ويضيف أن “هذه المقاربة التشاركية هي نفسها التي جرى اعتمادها في تعديل الدستور سنة 2011، وفي إعداد النموذج التنموي الجديد، فهي في الأساس تظل وصفة ينفرد بها المغرب بالمنطقة، ويشكل من خلالها إضافة للتجارب الدوليّة المقارنة” في مجال تدبير الخلاف وضمان التوازن والحياد بين مختلف الفرقاء.

في المقابل أعلنت الجمعية المغربية لحقوق الانسان أنها رفضت رسميا دعوة هيئة تعديل مدونة الأسرة للاستماع اليها، واعترضت الجمعية في مؤتمر صحفي على المسار غير الديمقراطي لتدبير هذا الملف، معتبرة أن “تخصيص تعديل مدونة الأسرة بمسطرة استثنائية غير خاضعة للمسطرة التشريعية العادية، تجعل من هذا القانون تشريعا غير عاديّ، يتم التعامل معه بشكل سياسي، خارج القواعد الديمقراطية للتشريع، ويتمّ الانفراد به من طرف القصر، رغم ما سمّي بالإشراك الذي يعتبر شكليا”، كما أكدت الجمعية أن الرسالة الملكية وضعت حدودا ضيقة لنطاق التعديلات الممكنة حينما حصرتها في الجانب التقني المتعلق بالصعوبات التي تواجه التنفيذ، بينما تحتاج مدونة الأسرة الى إعادة بناء كلي تنطلق أساسا من مرجعيتها المزدوجة، إذ لا يمكن لهذا القانون أن يستمر في الاعتماد على مرجعيتين مختلفتين حد التضارب، ولا يمكن للمرجعية الدينية أن تقوم بديلا للمرجعية الكونية”.

حملات إلكترونية مضللة تستبق الإعلان عن التعديلات المنتظرة لمدونة الأسرة

أمام شحّ المعلومات المتعلقة بعمل الهيئة والتي أحيطت بالسرية التامة، إذ لم يتم نشر المذكرات المقدمة أمامها عبر المنصة المتاحة للعموم، شكّل الفضاء الرقمي مجالا خصبًا لتداول المعلومات المضلّلة، ونشرتْ صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي معلومات مغلوطة عن مضامين تعديلات مرتقبة، وجرى عشية الفاتح من أبريل 2024 نشر توصيات مجتزأة لمذكّرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أساس أنها توصيّات للهيئة، في إطار حملة تستهدف المؤسسة من طرف الأصوات المحافظة. وتفاعلتْ عدد من المنظمات الحقوقية والنسوية مع ما يدور من شائعات تروّج لفكرة أن “المدوّنة القادمة تمثّل تهديداً لمكانة الرجل الاعتباريّة في الثقافة الشعبيّة المغربيّة”، وردود الفعل التي تمظهرت في تلويح المئات من المغاربة بـ”العزوف عن الزواج” إذا تمّ اتخاذ ما يروج بصفة نهائية وقانونيّة.

وحذرت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان من بعض التصريحات والمواقف التي تسيئ وتشوشّ على عملية تعديل مدونة الأسرة، فيما أعلنت منظمة النساء الاتحاديات (تابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي) عن متابعتها باستياء واستغراب لمجموعة من المنشورات والحملات التي تصاعدت ضد التعديلات المرتقبة لمدونة الأسرة، على منصات التواصل الاجتماعي خصوصا وبعض المواقع الإعلامية. وأفادت المنظمة بأن المنشورات والتدوينات التي تتضمن أخبارا كاذبة يتمّ تقاسمها بكثافة في شبكات المحادثات الفورية، وتعتبر تشويشا لا مبرر له لورش وطني مستعجل، يهم واحدة من أهم اللبنات الاجتماعية المتمثلة في الأسرة، والقاسم المشترك بينها هو ادعاء وجود نصوص معينة في التعديلات المرتقبة، مرتبطة بقضايا خلافية.

مواضيع ذات صلة

المغرب يفتح ورش مراجعة مدونة الأسرة بعد 18 سنة من صدورها

انطلاق ورش تعديل مدونة الأسرة بالمغرب: تشكيل لجنة قانونية وتقليص سلطة “العلماء

هيئة تعديل مدونة الأسرة بالمغرب تعلن انتهاء جلسات الاستماع

ورشة لتعديل مدوّنة الأسرة في المغرب: أيّ توافق بين المرجعيّتين الحقوقية والدينية؟

نادي قضاة المغرب يقدّم مذكّرة حول مدوّنة الأسرة: “الاجتهاد البنّاء” انطلاقا من قضايا الناس

أي دروس لتقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة في المغرب؟ إصلاح نظام الميراث نموذجا

مكانة الشريعة الإسلامية في تشريعات المغرب في ظل الدستور الجديد: استيعاب التناقضات في إطار التوافق وتحكيم “أمير المؤمنين

من أجل الارتقاء بأقسام قضاء الأسرة الى محاكم متخصصة في الأسرة بالمغرب

تنسيقية المناصفة في المغرب تأخذ زمام المبادرة : مقترح قانون لإقرار المساواة في الإرث

هل يرفع المغرب الحظر القانوني على الزواج عند اختلاف الدين؟

انشر المقال

متوفر من خلال:

تشريعات وقوانين ، مقالات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني