القضاء الإداري ينصف الجمعيّة المغربية لحقوق الإنسان في مواجهة الداخلية


2024-03-29    |   

القضاء الإداري ينصف الجمعيّة المغربية لحقوق الإنسان في مواجهة الداخلية

أصدرت المحكمة الإدارية بوجدة (شرق المغرب) حكما مبدئيا في تاريخ 14 ديسمبر 2023 قضى بإلغاء قرار السلطات الإداريّة بمدينة الناظور برفض تسلّم الملف القانوني للمكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، مع ترتيب الآثار القانونية عبلى ذلك. الحكم المبدئي الذي تنشره المفكرة القانونية يعيد إلى الواجهة التضييقات التي تواجهها بعض الجمعيات في المغرب نتيجة تعسف الإدارة في تسلّم ملفات تأسيسها أو تجديدها، بخلاف القانون الذي لا يخضع تأسيس الجمعيات أو تجديد هياكلها لنظام الترخيص.

ملخّص القضيّة

تعود فصول القضية إلى تاريخ 07 أبريل 2023 حينما تقدّم المكتب المحليّ للجمعية المغربيّة لحقوق الإنسان بالناظور بدعوى أمام المحكمة الإدارية بوجدة يعرض فيها بأنّه عقد جمعا عامّا بتاريخ 15 يناير 2023 أسفر عن انتخاب مكتب جديد تمتدّ ولايته لمدة سنة ونصف، وأنه بعد إعداد الملف القانوني الذي يخصّه وتقديمه للسلطات المحليّة في شخص قائد المقاطعة الحضرية الأولى بالناظور، رفض هذا الأخير تسلّمه حسب الثابت من المحضر المنجز من طرف المفوّض القضائي، واعتبارا لأن هذا الرفض يعتبر تجاوزا في استعمال السّلطة، فإنه يلتمس الحكم بإلغاء هذا القرار وترتيب الآثار القانونية على ذلك.

موقف المحكمة

استجابت المحكمة لطلب المدعي معتمدةً على العلل الآتية:

  • المبدأ القانوني في تجديد مكتب الجمعيّات كما هو الشأن في تأسيسها يقوم على التصريح والإيداع المُسبق للوثائق المطلوبة لدى الجهة الإدارية المختصة من دون اشتراط الحصول على ترخيص أو تدخّل منها؛
  • يتعيّن على السلطة الإدارية المقدّم إليها التصريح طبقا للفصل 5 من قانون الجمعيات  أن تسلم عنه فورا وصلا مؤقتا مختوما ومؤرخا؛
  • إن توصّل قائد المقاطعة الحضرية الأولى بالناظور بتصريح يتضمن أعضاء مكتب تجديد الجمعية والتي سبق التصريح بها بشكل قانونيّ يقتضي التوصّل بالملف وتسليم الوصل المؤقّت عنه فورا تطبيقا لمقتضيات الفصل 5 من قانون الجمعيات والفصل 29 من الدستور الذي اعتبر أن حريّات الاجتماع والتجمهر والتّظاهر السلميّ وتأسيس الجمعيّات والانتماء النقابيّ والسياسيّ مضمونة، ويحدّد القانون شروط ممارستها، وذلك تماشيا مع مبادئ الدستور واحترام حقوق الإنسان.

وعليه خلصت المحكمة الإدارية في وجدة إلى أن رفض السّلطات الإداريّة المحلية تسلّم ملف تجديد مكتب الجمعيّة وعدم تسليمها وصلا بذلك يجعل قرار السلطات الإدارية مشوبًا بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون، ويتعيّن الحكم بإلغائه وترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك.

 تعليق على الحكم

يعيد هذا الحكم إلى الواجهة التّضييقات التي تواجه عددا من الجمعيّات الحقوقيّة في المغرب نتيجة مواقفها من خلال سلوك بعض الإدارات في رفض تسلّم ملفات تأسيس الجمعية أو تجديد هياكلها، ومن بينها الجمعية المغربية لحقوق الانسان، حيث ندّدت الجمعية بالتضييق الذي يطال فروعها الجهوية، إذ أن 77 فرعا بدون وصل قانوني من أصل 92 فرعا يتواجد في مختلف المدن المغربية.

يؤدي عدم الحصول على الوصل المؤقت والوصل النهائي بالنسبة للجمعيات وفروعها الجهوية إلى تعطيل عملها فعليا، نتيجة محدودية استفادتها من استعمال القاعات العمومية أو الدعم العمومي أو حتى فتح حساب بنكي.

يكرّس هذا الحكم دور السلطة القضائية في حماية الجمعيات وخاصة دور القضاء الإداري الذي سبق وأن أصدر عدة قرارات مبدئية  ترسخ حرية عمل الجمعيات وتحدّ من شطط الإدارة في التضييق على العمل الجمعوي.

كان واضحا في الحكم القضائي أنه أكد على نظام التصريح الذي يميز عمل الجمعيات بالمغرب إذ أن تأسيسها وتجديد هياكلها لا يستوجب إلا إشعار السلطات، وهو ما يعني عدم إمكانية إخضاع هذه العملية لنظام الترخيص، لكنه يتعارض مع حرية عمل الجمعيات طبقا لأحكام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان التي تكرس الحريات العامة وعلى رأسها حرية التنظيم والتجمع.

وتجدر الإشارة إلى أن إشكالية حصول الجمعيات بالمغرب على الوصولات القانونية شكّلت في وقت سابق محطّ اهتمام عدد من التقارير الدولية والوطنية، حيث أثار تقرير الخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان، قضية منع السلطات في المغرب الجمعيات من تسلّم الوصل النهائي للتأسيس، وقالت إنّ عدّة منظمات غير حكوميّة اشتكتْ من أنّ الحكومة استخدمت التأخيرات الإدارية وأساليب أخرى لمنع التجمعات السلمية غير المرغوب فيها.

كما انتقد تقرير لمنظمة العفو الدولية أمنيستي استغلال السلطات المغربية لثغرات قانونية لمنع عشرات الجمعيات من ممارسة عملها بشكل قانوني.

وفي السياق ذاته، سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي  استمرار بعض الإشكالات المرتبطة بالحق في التنظيم، كما يتضح ذلك من بعض حالات رفض تسلم الملف القانوني لتأسيس الجمعيات أو تجديد هياكلها، أو رفض تسليم وصل الإيداع القانوني المؤقت أو النهائي، دون مبررات، مقترحا في مذكّرته حول مراجعة قانون الجمعيّات التنصيص على إمكانية الإيداع الإلكتروني لوثائق التصريح بتأسيس الجمعية أو تجديد مكاتبها، وذلك في إطار إضفاء الطابع اللامادي على الإجراءات المتعلقة بمختلف أعمال الحياة الجمعوية.

مواضيع ذات صلة

قرار مبدئي لمحكمة النقض بالمغرب ينتصر لحرية الجمعيات

تهديدات بسحب صفة المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان

اقتحام مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان

قرار قضائي ببطلان الجمعية المغربية للطيارين المدنيين: مخاوف من المس بحرية الجمعيات المهنية

الخطاب السياسي الاحتجاجي” حرية مضمونة: قرار قضائي بتبرئة إهانة هيئات منظّمة في المغرب

حكم قضائي بحل جمعية في المغرب: مسّ بالدين … أم بالدنيا؟

حكم قضائي بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: “بيانات اتهاميّة للسلطة وتظاهر أمام المحاكم للتأثير عليها

توجه نحو تضييق حرية الجمعيات في لبنان؟ الداخلية تصدر تعميماً مخالفاً للدستور وقانون الجمعيات

تعليق على مشروع قانون السجل الوطني للمؤسسات: مخاوف على حرية تأسيس الجمعيات في تونس

مشروع تنقيح خطير للمرسوم 88: بعد البرلمان والقضاء، متى يأتي دور الجمعيات؟

سعيّد والجمعيات: قُرعت طبول المعركة

الجامعة وحرية التعبير: “ميم” آخر في نعش الحريات

حوار مع المقرر الخاص المعني بحريّة الجمعيات كليمان فول: مخاوف من التضييق على الفضاء العام في تونس وفلسطين والمنطقة

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، حريات ، مقالات ، المغرب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني