حكم قضائي بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: “بيانات اتهاميّة للسلطة وتظاهر أمام المحاكم للتأثير عليها”


2023-01-24    |   

حكم قضائي بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: “بيانات اتهاميّة للسلطة وتظاهر أمام المحاكم للتأثير عليها”

أصدرت المحكمة الإدارية بالجزائر قرارا بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق للإنسان[1]، وهي إحدى أقدم الجمعيات الحقوقية بالجزائر، وذلك بناء على دعوى أقامتها وزارة الداخلية. وفي حين أن الحكم صدر غيابيا في 29/6/2022، لأنه بقي قيد الكتمان ولم يبلّغ للرابطة إلا مؤخرا.  الحكم الذي تنشره المفكرة القانونية يعيد إلى الواجهة التضييقات التي تتعرّض لها المنظّمات غير الحكومية في عدد من بلدان المنطقة بسبب القيود التعسفية التي تفرضها بعض التشريعات على حرية التعبير.

صحيفة الدعوى: لائحة اتهامات جاهزة

بتاريخ 04 ماي 2022، أقامت وزارة الداخلية الجزائرية دعوى في مواجهة الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان، تعرض فيها بأن المدعى عليها جمعية اعتمدت بتاريخ 26 يوليوز 1989 كجمعية تضع ضمن أهدافها الدفاع عن حقوق الانسان، وأن لها تمثيل موسع على المستوى الوطني، إلا أنها مند سنة 2007 عرفت عدة مشاكل تنظيمية، وعقدت عدة مؤتمرات أسفرت عن تغيير قانونها الأساسي، وانتخاب هياكل جديدة من دون أن تقوم باحترام القيود التنظيمية الواردة في قانون الجمعيات والتي توجب عليها إخطار السلطات العامة المختصة بهذه التغييرات، فضلا عن أنها تقوم بعدة أنشطة مشبوهة على الصعيد الوطني بدليل أن السلطات الجزائرية تلقّت في سنة 2011 مذكرة تضمنتْ ادّعاءات باطلة من قبل مقررة الأمم المتحدة المعنية بتكوين الجمعيات، وكذا طلب استفسار بخصوص مضايقات يتعرّض لها أعضاء الرابطة.  كما اعتبرت وزارة الداخلية أن حسابات الرابطة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر اهتمام أعضائها بربط علاقات مع ممثلي منظمات حقوقية بدول الجوار تعرف أوضاعا أمنية غير مستقرة كما تظهر تضامنها مع ما أسمته بسجناء الرأي، وأنها استغلت الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي للتدخل في صلاحيات مسؤولي المؤسسات والهيئات العمومية وإصدار بيانات تحريضية, كما عزت الداخلية للرابطة قيامها بنشاطات مشبوهة على المستوى الدولي من خلال انخراطها في شبكات ومنظمات غير حكومية معروفة بمواقفها المناوئة للجزائر ومشاركتها بدورات تكوينية من طرف هذه المنظمات، فضلا عن أن العديد من أعضائها شاركوا وفق ما يتبدى في التقارير الصادرة عنها في أعمال التحريض التي تمس باستقرار الوطن، من خلال محاولة تدويل ملف وضعية بعض الأقليات الدينية بهدف زرع الفتنة المذهبية، وكذا ملف الهجرة غير الشرعية.

والتمست وزارة الداخلية بناء على هذه المعطيات من المحكمة الحكم بحل الرابطة وأعمال قانون الجمعيات.

محاكمة غيابية: النشاط الحقوقي تحت مقصلة الرقيب

تشير وقائع الحكم إلى أن المحضر القضائي انتقل إلى عنوان الجمعية ولم يتمكن من مقابلة ممثلها القانوني، كما جرى إعلامها عن طريق البريد المضمون، وأن إجراءات التبليغ عن طريق التعليق تم استيفاؤها.

اعتمدت المحكمة على مقتضيات قانون الجمعيات وبالأخص:

–  المادة 18 التي تفرض على الجمعية ابلاغ السلطات العمومية بالتعديلات الواردة على قانونها الأساسي والتعديلات التي تطرأ على هيئاتها التنفيذية خلال 30 يوما الموالية للمصادقة على القرارات المتخذة؛

–  المادة 19 التي توجب على الجمعيات تقديم نسخ من محاضر اجتماعاتها وتقاريرها الأدبية والمالية السنوية إلى السلطات العمومية المختصة إثر انعقاد كل جمعية عامة عادية أو استثنائية خلال الثلاثين يوما الموالية للمصادقة عليها؛

–      المادة 23 التي تنصّ على أنه يمكن للجمعيات أن تتعاون في إطار الشراكة مع جمعيات أجنبية ومنظمات دولية غير حكومية تنشد نفس الأهداف في ظل احترام القيم والثوابت الوطنية والأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها، ويخضع هذا التعاون بين الأطراف المعنية إلى الموافقة المسبقة للسلطات المختصة.

واعتبرت المحكمة أن الجمعية أصبحت تنشط في وضعية غير نظامية وتمارس أنشطة غير مرخص بها، منها إصدار بيانات تحريضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتهم فيها السلطات بقمع المسيرات، ومحاولة التأثير غير المشروع على القضاء من خلال تنظيم وقفات احتجاجية أمام المحاكم، ونشر بيانات غير مضبوطة بغية تدويل ظاهرة الهجرة غير الشرعية ونشر الفتنة الطائفية بتبني فكرة الدفاع عن الأقلية الأباضية المضطهدة بتنسيق مع المنظمات المناوئة للبلاد.

وعليه خلصت المحكمة الى أن طلب وزارة الداخلية الرامي إلى حلّ الجمعية مؤسّس ويتعين الاستجابة له، وقضت بحلّ الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مع تحميلها الصائر.

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان توضح

فور تداول الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أصدرت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بلاغا جاء فيه أنها “فوجئت بحكم المحكمة ولم يتم إبلاغها به قصد ضمان حقها في الدفاع”.

وتساءلت المنظمة عن سبب إخفاء هذا الحكم الذي صدر بتاريخ 29/06/2022 ونشره الآن، معتبرة أن ذلك يتزامن مع حملة تشويه السمعة التي تُشنّ ضد الرابطة ومناضليها. كما استغربت نشر الحكم في حين أن “أطراف النزاع فقط، وتحديداً الرابطة ووزارة الداخلية، من يحق لهم الاطلاع على منطوق الحكم، وفق ما تشير القوانين الجزائرية”، مشيرة إلى أنها “ستدرس هذا الحكم وستطالب بحقوقها باستخدام جميع الوسائل القانونية والشرعية المتاحة”، واعتبرت أنها “مثل المنظمات والأحزاب السياسية الأخرى، تدفع ثمن نضالها، مثل ملايين الجزائريين، في الحراك السلمي من أجل الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان”.

وتجدر الإشارة الى أن منظمة العفو الدولية سبق وأن طالبت بضرورة إعادة النظر في قانون الجمعيات بالجزائر الذي يضع قيودا تعسفية على ممارسة الحق في التعبير، ويجرّمه من الناحية الفعلية، مما يشكل انتهاكا لالتزامات الدولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

يمكنكم هنا الاطلاع على نسخة من الحكم القضائي بحل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان

مواضيع ذات صلة

دستور الجزائر الجديد: الحراك يثمر ضمانات لاستقلالية القضاء

نادي قضاة الجزائر ينشأ في ظل الحراك ولدعمه: نرفض الإشراف على انتخابات الرئاسة

استقلال القضاء عنوانا بارزا في حراك الجزائر: قضاة يجاهرون في رفض تعليمات وزارة العدل

قضاة الجزائر يكسرون واجب التحفظ: التحفظ خيانة حينما يتعلق الأمر بمصير الشعب الذي نحكم باسمه

حملة اعتقالات على خلفية رفع العلم الأمازيغي في الجزائر: إهانة العلم الجزائري جريمة، رفع علم آخر ليس كذلك

الجمعية التونسية للدفاع عن الحريّات الفردية تحذّر: الحقوق والحريّات الفردية أمام خطر داهم

هيئة مفوضي الدولة توصي بحل جمعية الإخوان المسلمين

الاتحاد العام للجمعيات يقرر حل جمعية الإخوان المسلمين

قانون الجمعيات الأهلية الجديد: تعديلات شكلية لتحسين صورة مصر دولياً؟

إقرار قانون الجمعيات الأهلية في مصر: التكلفة السياسية والاجتماعية

أحكام بالسجن ضد 43 ناشطا في قضية التمويل الأجنبي: مذكرة اخضاع بحق المنظمات الحقوقية في مصر

مشروع قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية فى مصر: “مشروع قانون لوأد العمل الأهلي”

2022 عام “المجتمع المدني” في مصر: عن أيّ مجتمع مدني نتحدّث؟

اقتحام مقر الجمعية المغربية لحقوق الانسان

تهديدات بسحب صفة المنفعة العامة عن الجمعية المغربية لحقوق الانسان

حكم قضائي بحل جمعية في المغرب: مسّ بالدين … أم بالدنيا؟

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تؤيد حل جمعية جذور

دعوى لحل الجمعية الوطنية للربابنة في المغرب: قانون الجمعيات في محك المعايير الدولية لحقوق الإنسان

قرار قضائي ببطلان الجمعية المغربية للطيارين المدنيين: مخاوف من المس بحرية الجمعيات المهنية


[1]-حكم المحكمة الإدارية بالجزائر في القضية رقم 01423/22 بتاريخ 29/06/2022.

انشر المقال



متوفر من خلال:

قضاء ، أحزاب سياسية ، قرارات قضائية ، استقلال القضاء ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، الجزائر



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني