الدوائر المتخصّصة للعدالة الانتقالية في تونس: العدالة المدفونة


2024-01-30    |   

الدوائر المتخصّصة للعدالة الانتقالية في تونس: العدالة المدفونة

يكاد لا يمرّ خطاب لرئيس الدّولة قيس سعيّد من دون أن يشدّد على لزوم البتّ في القضايا الجزائية في أجل معقول إنفاذَا للمحاسبة، لأنّ “لا أحد فوق القانون”. لكنّ هذا المطلب لا يشمل القضايا المنشورة منذ زهاء خمس سنوات بالدوائر الجنائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية. فهذه القضايا ليست فقط غائبة تماما عن الخطابات الرئاسية، بل أنّ ممارسات السلطة التنفيذية تؤكّد إرادة تهميشها عبر تعطيل عمل الدوائر القضائية. لا يتعلّق الأمر فقط، على ما يبدو، بتراجع أولوية تحقيق العدالة الانتقالية في منظار السلطة السياسية، بل يصل إلى إرادة تحييدها برمّتها بدءًا بتغييبها في دستور الرئيس بما يعني إلغاء الإلزام الدستوري للدولة بتنفيذها، تمهيدًا لفرض آليات جديدة خارج المسار القضائي العادي، ليس الصلح الجزائي إلا أحد عناوينها.

تفكيك ممنهج لدوائر العدالة الانتقالية

مثّلت الحركة القضائية 2023-2024، وهي الأولى بعد 25 جويلية 2021، والتي أعدّتها السلطة في “الغرف المظلمة”، دليلًا قاطعًا على مضيّ السلطة السياسية في تعطيل نظر الدوائر المتخصصة للعدالة الانتقالية في الملفات المنشورة أمامها. حتى أنّ جمعيّة القضاة اعتبرتْ أنّ الحركة الأخيرة تعكس “نهجًا واضحًا ومدبرًا للقضاء نهائًيا على المسار القضائي للعدالة الانتقالية والإجهاز عليه”[1].

فلئن جرت العادة أن تشمل الحركات القضائيّة قضاة هذه الدوائر[2] على أن يعوّضهم المجلس الأعلى للقضاء تباعًا، إلا أنه في الحركة القضائية الأخيرة وفي سابقة منذ إنشاء الدوائر وشروعها في العمل عام 2018[3]، تمّ تغيير 7 رؤساء منها دفعة واحدة[4]، أي أكثر من نصف الدوائر المتخصصة (13 دائرة). كما شملت الحركة أيضًا تغيير عدد من الأعضاء المنتصبين وبالخصوص دائرة تونس العاصمة التي تستحوذ على جلّ القضايا المنشورة. تغيير مشوب بنقلة تعسفية تعلّقت بعضو المكتب التنفيذي لجمعية القضاة رضا بوليمة.

وأدّى إفراغ الدوائر المتخصّصة إلى تعطيل نظرها في الملفات، بما سبّب منذ أشهر تأخيرًا آليًا في القضايا في انتظار اكتمال التركيبة. وقد شملت النُّقَل بالخصوص كلّ الدوائر التي تنظر في القضايا التي بلغت الأطوار النهائية وأصبحت جاهزة للبتّ (قضية كمال المطماطي في قابس ونبيل بركاتي في الكاف ومجدي المنصري في تونس على سبيل الذكر لا الحصر)[5]. ويتعارض التغيير المتتابع للقضاة مع خصوصية الدوائر، التي تفترض استقرارًا في قضاتها للإلمام بالملفات التي تتميّز في جلّها بتفاصيل وحيثيات معقّدة.

سدّ الشغورات، في السابق، كان يتمّ عبر فتح باب الترشحات من مجلس القضاء العدلي صلب المجلس الأعلى للقضاء قبل حلّه، بما يطرح السؤال اليوم عن جهة الترشيح أو التكليف بعد الشلّ المقصود للمجلس المؤقت للقضاء العدلي الذي فقد نصابه القانوني بسبب الحركة القضائية الأخيرة أساسًا. تاليًا، تجدُ السلطة مبرّرًا لتأبيد عدم انتصاب الدوائر المتخصّصة المفتقدة للنصاب، رغم أنّ وزيرة العدل ليلى جفال أسهبت في استعمالمذكرات العمللتعيين قضاة في مراكز حسّاسة. وحتّى إذا افترضنا مضيّ السلطة في خيار سدّ الشغورات بمقتضى تكليف، فإنّه يجب إخضاع القضاة الجُدد لدورات تكوينيّة باعتباره شرطًا أساسيّا للقضاة المعيّنين في الدوائر المتخصّصة طبق الفصل الثامن في قانون العدالة الانتقالية. فترة تدريب وأخرى لدراسة الملفات ستزيد، في كلّ الأحوال، في تمديد عمر القضايا المنشورة منذ زهاء 5 سنوات كاملة.

ولعلّ من باب الطرافة والمجادلة، أنّ الفصل الثامن من قانون العدالة الانتقالية يشترط على قضاة الدوائر المتخصّصة أن يكونوا “من بين من لم يشاركوا في محاكمات ذات صبغة سياسية”، ليحلّ السؤال إن كان الأمر يقتصر على المحاكمات خلال العهدة الزمنية المعنيّة بالعدالة الانتقالية أم قد ينسحب، ولو نظريًا، على المحاكمات الجارية التي تعارض السلطة بداهة توصيفها بأنها محاكمات سياسية. فهذا الشرط يعكس لزوم تحييد قضاة السلطة/الموالاة في تحقيق العدالة في فترات الانتقال الديمقراطي. بل أنّ هؤلاء القضاة الموالين يحملون صفة مرتكب الانتهاك طبق قانون العدالة الانتقالية، الذي أخضعهم لآلية الغربلة في إطار مقترحات الإصلاح[6]. الآلية التي لم يتمّ تكريسها في نهاية المطاف، بما أسهم في استشراء الفساد القضائي.

الداخلية تتقاعس في تطبيق أوامر القضاء

غياب الرافعة السياسية لعمل الدوائر القضائية ينعكس، في أحد أوجهه أيضًا، في الانتقادات الموجهة لوزارة الداخلية بخصوص جديّة تنفيذ بطاقات الجلب الصادرة ضد المنسوب إليهم الانتهاك الذين رفضوا الامتثال أمام القضاء. إذ يقدّر عدد بطاقات الجلب غير المنفّذة بـ237 بطاقة على الأقل[7] تعلّق جلّها بقيادات أمنية ارتبطت أسماؤها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان مثل التعذيب والقتل والاختفاء القسري.

ويحول غياب المنسوب إليهم الانتهاك دون تفعيل مبدأ المواجهة ومباشرة الأعمال القضائية على النحو المطلوب، وهو ما يكتسي أهمّية خاصّة في مادة العدالة الانتقالية التي لا تستهدف بدرجة أولى إصدار عقوبة جزائية ضد المتهم في حكم غيابي، بقدر كشف الحقيقة وتحميل المسؤوليات.

في هذا السياق، لا تبدي وزارة الداخلية التعاون المطلوب لكشف الحقيقة. إذ لا زالت الدائرة المتخصّصة بمحكمة تونس العاصمة، على سبيل المثال، تنتظر ردّ الوزارة على مكاتباتها لمدّها بالأرشيف المتعلّق باغتيال المناضل المختار بن عطية. في المقابل، ردّت الوكالة العامّة بمدينة فرانكفورت الألمانية على مكاتبة المحكمة لها لمدّها بنسخة الأبحاث المتعلقة باغتيال المناضل الوطني صالح بن يوسف بالمدينة الألمانية المذكورة عام 1961.

ولا يعدّ التقاعس في تطبيق الأوامر القضائية مستجدًا، بل بدأ توازيا مع عمل الدوائر المتخصّصة، خصوصًا في ظلّ دعوة النقابات الأمنية لعدم الامتثال أمامها[8]. وكانت وزارة الداخلية امتنعت سابقًا على نفاذ هيئة الحقيقة والكرامة لأرشيفات البوليس السياسي على نحو يتعارض مع قانون العدالة الانتقالية. إلاّ أنّ التغوّل الأمني في المسارات القضائية وجد حاضنته زمن الرئيس سعيّد، ومن ذلك إعفاء قضاة في مذبحة 1 جوان 2022 على أساس بطاقات أمنية، فضلا عن دور الداخلية في إعداد قضايا مشوبة بالتلفيق ضدّ عدد منهم[9]، وقبلها كانت الصورة الرمز، إعلان حلّ المجلس الأعلى للقضاء من داخل مقرّ وزارة الداخلية.

معطّلات أخرى أسهمت في تعطيل البتّ

إضافة إلى غياب الإرادة السياسية للبتّ في قضايا دوائر العدالة الانتقالية، يبدو أنّ عوامل أخرى دّعمت ذلك. ويتعلّق أبرزها بالملفات المحالة من هيئة الحقيقة والكرامة ولا تتضمّن قرارات إحالة، بتضمينها أسماء الضحايا من دون توجيه الاتهام للمنسوب إليهم الانتهاك، وعددها 131 ملف من جملة 200 ملفًّا مُحال على الدوائر[10]. هي ملفات منقوصة تمّ تبرير إحالتها بذلك الشكل بضيق الوقت قبل نهاية عهدة هيئة الحقيقة والكرامة عام 2018. إلاّ أنها خلّفت تبعا لذلك إشكالًا قانونيًا باعتبارها ملفّات لم تستوفِ أعمال التحقيق ولم تتضمّن توجيه اتهامات، وهو الاختصاص الحصري للهيئة طبق قانون العدالة الانتقالية. معضلة مطروحة أمام الدوائر ما زالت تنتظر حسمًا.

ولكن حتّى في بقية القضايا المنشورة التي تتضمن قرارات إحالة (69 قضية)، أثّر عدم تنصيص قانون العدالة الانتقالية على مبدأ التقاضي على درجتين على عمل الدوائر، خصوصا في الملفّات الجاهزة للفصل[11]. فالدوائر متردّدة بين إصدار أحكام صادرة عن محاكم الدرجة الأولى ولكنها ستوصف بأنها نهائية بل باتة باعتبارها غير قابلة للطعن مطلقا طبق نص قانون العدالة الانتقالية، وإما انتظار تصحيح الوضعية باعتبار أن مبدأ التقاضي على درجتين هو مبدأ دستوري وضمانة أساسية ضمن ضمانات المحاكمة العادلة، لا يمكن تجاوزه ولو بنصّ خاص.

ويظهر أن حلّ الإشكال موقوف على تدخّل تشريعي بتنقيح قانون العدالة الانتقالية، وإن ذهب رأي قانوني، فيما سبق، لإمكانية اجتهاد المجلس الأعلى للقضاء بتعيين دوائر جنائية على مستوى محكمة الاستئناف متخصّصة في العدالة الانتقالية بناء على تنصيص قانون العدالة الانتقالية على صيغة سريان “التشريعات الجاري بها العمل”[12]. اجتهاد لم يتبنّاه المجلس الذي ربّما قدّر لزوم التنقيح التشريعي باعتبار خصوصية مادة العدالة الانتقالية. وهو الأمر الذي لم يكن أولوية لأي حكومة أو كتلة برلمانية خلال المجالس النيابية السابقة، وصولا إلى نسيانه تماما في تصوّر السلطة السياسية الراهنة غير المعنية بتطبيق مسار العدالة الانتقالية برمّته.

الرئيس لا يؤمن بالعدالة الانتقالية

واقعًا، يبقى السبب الأبرز لتعطيل المسار القضائي للعدالة الانتقالية، هو انكفاء رئيس الدولة قيس سعيّد عن تطبيقه خصوصًا بعد انقلاب 25 جويلية 2021. إذ مثّل إرساء “الجمهورية الجديدة” فرصة بالنسبة إليه لتحييد العدالة الانتقالية لفرض آليات استثنائية لعدالة جديدة. وقد تبيّنت، بداية، إرادته لتحييد المسار بإلغاء دسترته في دستور 2022، على خلاف ما أورده دستور 2014 الذي كان ينصّ في الفصل 148 على وجوب أن “تلتزم الدولة بتطبيق منظومة العدالة الانتقالية في جميع مجالاتها والمدة الزمنية المحددة بالتشريع المتعلق بها”. وقد ثبت أنّ فريق دفاع بعض المنسوب إليهم الانتهاك وظّفه بعد إقرار دستور 2022 للمطالبة بإيقاف المحاكمات أمام الدوائر المتخصصة بتعلّة انعدام أيّ أساس دستوري لها.

الرئيس أيضًا رمى بالتقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة في سلّة المهملات، والحال أنّ قانون العدالة الانتقالية النافذ يُلزم السلطة التنفيذية بإعداد خطة وبرنامج عمل لتنفيذ التوصيات والمقترحات المقدّمة، مع مراقبة البرلمان مدى تطبيقها. مسؤولية وإن يتحمّلها راهنًا سعيّد فهي لا تعفي مسؤولية الحكومات السابقة التي كان عليها المبادرة بإعداد خطة وبرنامج العمل في أجل عام واحد من نشر التقرير[13].

وإجمالًا، فإنّ سعيّد غير معنيّ بتطبيق توصيات الهيئة، تحديدًا فيما يهمّ الإصلاح القضائي، لتعارضها جملة وتفصيلا مع سياساته وخياراته. إذ تتضمّن هذه التوصيات على سبيل المثال سنّ قانون يكرّس استقلالية النيابة العمومية عن وزارة العدل وآخر لتجريم التدخل في القضاء وتعطيل تنفيذ أحكامه، وإعادة تنظيم العدالة بما يضمن الاستقلالية الإدارية والمالية للمحاكم العدلية والإدارية والمالية وهو ما يعني تحرير إدارة العدالة من التبعية للسلطة التنفيذية كأحد أهم المداخل التي مكنت السلطة التنفيذية زمن الاستبداد من التدخل في سير القضاء[14]. في حين أن سعيّد، في المقابل، نسف في دستوره ضمانات استقلالية القضاء وألغى، على وجه الخصوص، دسترة تحجير التدخل في القضاء. فيما حفّز في المقابل وبشكل غير مسبوق، المحاكمات العسكرية. كما عمد إلى التدخّل المباشر في القضاء بداية من حلّ المجلس الأعلى للقضاء مرورًا بإعفاء قضاة خارج أبسط الضمانات القانونية وصولًا لوضع اليد على “الوظيفة” القضائية عبر إدارة المسارات المهنية والتأديبية للقضاة بما أشاع مناخات الترهيب في أوساطهم.

منع المحاسبة والعدالة “الجديدة”

يكشف تعطيل المسار القضائي للعدالة الانتقالية، بنهاية المطاف، عن تناقض الخطاب الرئاسي مع الممارسة بشأن المحاسبة. ذلك أنّ تفكيك الدوائر لن يؤدي إلا لمنع إصدار أحكام ومزيد تكريس الإفلات من العقاب. وتكتسب المحاسبة ضمن العدالة الانتقالية خصوصية، باعتبار أنها تتسلّط على قضايا تتضمّن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والفساد المالي. إذ اعتمدت هيئة الحقيقة والكرامة استراتيجية تتبّع قوامها إحالة الملفات الأكثر خطورة وجسامة، والتي تعكس تنوّع أنماط الانتهاكات طيلة العهدة الزمنية التي تغطيها العدالة الانتقالية (من 1955 إلى 2013). إفلات من العقاب لن ينتفع به أساسًا إلا رموز المركب السياسي-الأمني لنظام بن علي، وهو ما لا يعكس، في مناخ النظام السلطوي الناشئ راهنًا، إلا عن تقاطع مصالح مشبوه.

مصلحة سعيّد من تعطيل الدوائر المتخصّصة تتبيّن أيضًا وبشكل جليّ، في شمول مرسوم الصلح الجزائي للأشخاص محلّ تتبع جزائي من أجل ارتكاب جرائم مالية واقتصادية وإجمالًا كل الجرائم المرتكبة قبل 2011، وهو ما يغطّي قضايا الفساد المالي والبنكي المنشورة أمام الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بتونس العاصمة على وجه الخصوص. تباعًا، تصبح هذه القضايا خزانًا رئيسيًا للجنة الصلح الجزائي، فضلا عن الملفات المنشورة بقطب الفساد المالي والاقتصادي.

ويظهر إجمالًا أنّ الرئيس أدار ظهره للعدالة الانتقالية التي زعم سابقًا دعمه لها[15]، سعيًا لتعويضها بعدالة انتقالية مستحدثة من تصوّره وإنشائه. لا تقتصر فقط على آلية الصلح الجزائي، بل تشمل أيضًا آلية الغربلة التي سبق وأوردها قانون العدالة الانتقالية عام 2013، واستعادها سعيّد، بعنوان مغاير ولهدف سياسيّ يخصّه، في الأمر الحكومي المتعلق بتدقيق الانتدابات في الوظيفة العمومية والقطاع العام المسجّلة بين 14 جانفي 2011 و25 جويلية 2021، بما يستثني فترتي ما قبل الثورة وما بعد الانقلاب ويحصر شبهات فساد الانتدابات في فترة الانتقال الديمقراطي[16]. آلية جبر الضرر استعادها سعيّد أيضًا، ولكن مع تمييز بين ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. إذ أنشأ مؤسسة “فداء” التي تشمل عائلات شهداء الثورة وجرحاها مقابل عدم تبنّي أيّ آلية لجبر ضرر ضحايا الانتهاكات قبل 2011[17]، ولو رمزيًا. وهو الذي كان قد عبّر عن استعداده للاعتذار باسم الدولة التونسية عن سنوات الاستبداد والانتهاكات زمن النظام السابق[18].

يتصاعد بذلك التقدير أنّ الرئيس يتعامل مع استحقاقات العدالة الانتقالية، راهنًا، باعتبارها من تركة الطبقة السياسية سنوات الانتقال الديمقراطي التي أصبحت في “عداد الماضي”، وبالتالي فهو لا يعترف بها، مستحدثَا، في المقابل، آليات جديدة خارج قانون العدالة الانتقالية وخارج الآليات العادية للرقابة والتقاضي.

ختامًا، وإن تكشف مظاهر الاستبداد الناشئ في تونس حاليًا كلفة عدم تطبيق العدالة الانتقالية التي كانت تستهدف ضمن عناوينها “ضمان عدم تكرار الانتهاكات واحترام حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون”[19]، فإنها قد تشي بلزوم إعادة إنتاج مسار جديد للعدالة الانتقالية، خلال أيّ انتقال ديمقراطي مستقبلًا، لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان راهنًا على غرار المحاكمات السياسية. مسار يأخذ العبرة من تجربة ما بعد الثورة، وبالخصوص حول أولوية إصلاح المؤسسات والمحاسبة، على حدّ السواء، لضمان عدم تكرار الانتهاكات والانتقال إلى نظام ديمقراطي متين يحمي منظومة حقوق الإنسان.


[1] بيان الجمعية بتاريخ 5 سبتمبر 2023.

[2] شملت الحركة القضائية 2021/2022 نقلة 21 قاضيًا من الدوائر المتخصّصة في العدالة الانتقالية بينهم رئيسا دائرة، فيما شملت القضائية 2020/2021 نقلة 28 قاضيًا من هذه الدوائر. من بيان مبادرة “لا رجوع” بتاريخ 5 أكتوبر 2021.

[3] تم إنشاء الدوائر المتخصّصة بموجب الأمر ﻋﺪد 2887 ﻟﺴﻨﺔ 2014 اﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ 8 أوت 2014 اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺈﺣﺪاث دواﺋﺮ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ ﻣﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ بالمحاكم اﻻﺑﺘﺪاﺋﻴﺔ اﻟﻤﻨﺘﺼﺒﺔ ﺑﻤﻘﺎر ﻣﺤﺎﻛﻢ اﻻﺳﺘﺌﻨﺎف ﺑﺘﻮﻧﺲ وﺻﻔﺎﻗﺲ وﻗﻔﺼﺔ وﻗﺎﺑﺲ وﺳﻮﺳﺔ واﻟﻜﺎف وﺑﻨﺰرت واﻟﻘﺼﺮﻳﻦ وﺳﻴدي ﺑﻮزﻳﺪ وﻣﺪﻧﻴﻦ واﻟﻤﻨﺴﺘﻴﺮ وﻧﺎﺑﻞ واﻟﻘﻴﺮوان. فيما شرعت هذه الدوائر في النظر في الملفات بعد تكوين أعضائها في مادّة العدالة الانتقالية وإثر إحالة هيئة الحقيقة والكرامة للملفات لها عام 2018.

[4]  هم رؤساء الدوائر بكل من بنزرت والكاف ومدنين وقابس وصفاقس وسوسة ونابل.

[5] بيان الائتلاف المدني المدافع عن العدالة الانتقالية بتاريخ 4 سبتمبر 2023.

[6] الفصل 43 من قانون العدالة الانتقالية.

[7] من بيان مبادرة “لا رجوع” بتاريخ 5 أكتوبر 2021. وهي تشمل 57 بطاقة جلب صادرة عن الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس، وتتعلق جلها بقيادات أمنية وأعوان متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.. و21 بطاقة جلب صادرة عن الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بالكاف.

[8]  بيان صحفي للائتلاف المجتمع المدني لدعم مسار العدالة الانتقالية بعنوان “بعد مرور سنة منذ انطلاق عمل الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية: مكافحة الإفلات من العقاب لا زالت متواصلة”، 29 ماي 2019.

[9] في “يوم الغضب”: أنس الحمادي يتّهم الداخلية والعدل بتلفيق قضايا ذات اجندات سياسية لتسييس القضاء، الشارع المغاربي، 23 جوان 2022.

[10]  أصبحت لاحقًا 205 قضية منشورة بعد تفكيك بعضها.

[11] الدليل الثالث للإجراءات أمام الدوائر المتخصّصة في العدالة الانتقالية، أفريل 2023، ص. 26.

[12] رضوان الوارثي، دورة تكوينية لفائدة قضاة الدوائر المتخصّصة، سوسة، 24 و25 و26 جانفي 2020.

[13]  صدر تقرير الهيئة في موقعها الرسمي في مارس 2019 ثم صدر في الرائد الرسمي في جوان 2020، لكن لم تعدّ جميع الحكومات اللاحقة لخطة وبرنامج العمل في الأجل القانوني.

[14]  التقرير الختامي الشامل لهيئة الحقيقة والكرامة، الجزء الخامس، ص. 227.

[15] استنكر قيس سعيِّد، قبل أن يصبح رئيسًا، مشروع قانون المصالحة عام 2017 وعدم تجديد مجلس نوّاب الشعب لعهدة هيئة الحقيقة والكرامة في 2018. ثمّ عندما أصبح قيس سعيِّد رئيساً للجمهوريّة، التقى رئيسة الهيئة سهام بن سدرين وشدّد على دعمه مسار العدالة الانتقالية من خلال الموافقة على ضمّ قائمتَيْ شهداء وجرحى الثورة ونشرها، ومن خلال تقديم وعد للاعتذار باسم الدولة التونسية عن سنوات الاستبداد والانتهاكات التي قام بها النظام السابق، محمد أنور الزياني، هل يؤمن رئيس الجمهورية حقّاً بمسار العدالة الانتقالية؟، المفكرة القانونية، 2 ديسمبر 2021.

[16]  ينصّ الفصل 7 من الأمر عدد 591 لسنة 2023 يتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والادماج بالوظيفة العمومية أنه “تتولى الادارات والهياكل المعنية #سحب قرارات الادماج والانتداب التي ثبت في شأنها عدم احترام الشروط المنطبقة أو التي ثبت اتخاذها بناء على شهائد علمية مزوّرة أو غير مطابقة لشروط الادماج أو الإنتداب وذلك بصرف النظر عن التتبعات الجزائية في الغرض”.

[17] يُشار، في هذا الإطار، إلى استمرار عدم تفعيل صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد المحدث برئاسة الحكومة، وبالخصوص عدم تنفيذ مقرّرات جبر الضرر التي أصدرتها هيئة الحقيقة والكرامة لفائدة الضحايا.

[18]  الرئيس التونسي مستعد للاعتذار باسم الدولة عن تجاوزات طالت حقوق الإنسان، سويس أنفو، 30 جانفي 2020.

[19]  الفصل 14 من قانون العدالة الانتقالية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكم جزائية ، محاكم دستورية ، مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني