تفاعلا مع “مانيفستو اليسار التونسي”: أي يَسار؟ وأية سردية؟


2024-04-04    |   

تفاعلا مع “مانيفستو اليسار التونسي”: أي يَسار؟ وأية سردية؟

استئنافًا للنقّاش الذي سعَت المفكرة القانونية إلى فتحِه من خلال المؤلف الجماعي “مانيفستو اليسار التونسي”، الصادر في ماي 2023، ننشر مقالا لعبد اللطيف هرماسي، الأستاذ المميز في علم الاجتماع والقيادي في الحزب الجمهوري. من خلال هذا المقال، يطرح الكاتب وجهة نظر نقدية تفاعلية مع جزء من المضامين الواردة في مانيفستو اليسار التونسي. (المحرّر)

بالإمكان الإطلاع على المؤلّف كاملا وتحميله عبر هذا الرابط  

صدَر منذ أشهر عن “المفكرة القانونية” مؤلّف جماعي من تحرير ثلة من الباحثين من المنتمين للتيار الفكري اليساري. وقد احتفينا بالحدث في حينه عندما قاسمنا مقالات منه على صفحتنا بالفايسبوك، وكان ذلك ترحيبا بعودة الاهتمام بتجربة اليسار وتاريخه بعد مدة طويلة من الغياب. ذلك أن انحدارنا من اليسار بل من أقصاه من خلال انتمائنا لمنظمة برسكتيف- العامل التونسي منذ بداية السبعينات وما تلا ذلك من انعطافنا بداية الثمانينات إلى مواقف نقدية من تجربة الحركة الشيوعية العالمية عموما واليسار التونسي خصوصا، لم يمنعنا من الحفاظ على أواصر قوية مع الفكر الذي ناضلنا تحت لوائه لسنين وإحتفظنا منه ومن ممارسته بجملة من المثل العليا والقيم التي توفر أرضية لانطلاقة جديدة نحو يسار جديد، نأمل منه الجمع بين جذرية الطرح الاجتماعي والتجذّر في التربة الثقافية. لذلك نرحّب بهذه المبادرة وندعو إلى تعميقها باستئناف ما سبق أن سعينا له من مقاربة نقدية تقطع مع النزعة العقائديّة المتشدّدة وتقديس كتابات المؤسسين مثل ماركس وإنجيلس ولينين المؤدية إلى التكلس الفكري والانغلاق الإيديولوجي.

ضمن هذا المنظور نجدّد الهاجس المزدوج لتثمين تجربة اليسار العالمي والعربي والتونسي والبناء على إيجابياتها، مع الانتباه إلى ما رافقها من رؤى فلسفية وأيديولوجية وحيدة الجانب -على غرار الفلسفة المادية الملحدة ونظرية دكتاتورية البروليتاريا والدّور القيادي للطبقة العاملة وحزبها الشيوعي، التي قدمت نفسها في ثوب اليقين العلمي والحقيقة المطلقة وهو الادّعاء الذي  تجاوزته الإبستمولوجيا والعلوم الاجتماعية المعاصرة بتأكيدها على الطابع النسبي والجزئي لكل حقيقة وعلى استحالة إحاطة أيّ نظرية بالواقع الإجتماعي البالغ التعقيد. هذا علاوة على المقولات الإيديولوجية المحضة التي بررت لممارسات دكتاتورية واستئصالية، بل دموية أحيانا، شهدتها تجارب الأحزاب الشيوعية الحاكمة وفي مقدّمتها الحزب البلشيفي الذي كان الجهل بعدة حقائق وحسن النية يدفعنا كشباب ماركسي إلى تمجيده والافتخار بما حققه لفائدة الطبقة العاملة وحلفائها. هي رؤى ومقولات وممارسات تبنتها العديد من مكونات اليسار التونسي وتشبثت بها لمدة عقود في وجه بوادر النقد الموجهة إليها والتي سنشير إليها في ما يلي من هذه المساهمة، ولم تتخلّ عن بعض جوانبها إلا بصورة متأخرة أو مترددة وربما لاعتبارات تكتيكية على غرار ما حصل مع نظرية الثورة ودكتاتورية الطبقة العاملة والمواقف من مسألة الحريات ومن المسألة الدينية.

وإلى جانب هذه القضايا الكلاسيكية من المهم الانتباه إلى تحوّل كبير حصل صلب اليسار بانزياح شق من المنتمين إليه تاريخيا من تبنّي المقولات الصلبة للماركسية اللينينية وتفرعاتها إلى مواقع إيديولوجية جديدة يتمّ فيها التركيز على المساواة الجندرية بدلا من المساواة الطبقية أو بالترافق معها. كما يحتلّ فيها الدفاع عن الحريات الفردية الخصوصية وحقوق الأقليات مكانة محورية. هو انتقال جانب غير قليل من أطراف اليسار وأحيانا لنفس الأفراد من الانخراط الكامل في تيارات شيوعية بعينها (لينينية، ستالينية، تروتسكية، ماوية، إلخ) مصحوب بتقديس زعمائها ورموزها، إلى توجه اشتراكي ديمقراطي في المسألة الاجتماعية مصحوب بإيديولوجية حقوقية ليبرالية ذات نزوع فرداني قوي: ثقافة تدفع نحوها وتبشر بها وتدعمها بالمال والدعاية قوى غربية في مقدّمتها ألمانيا وتاليا فرنسا، حلّت مقدس الحريات الجنسية والدينية محل المقدسات التقليدية الدينية منها والقومية. ونحن لا نقصد هنا تبنيّ المبادئ والقيم الكبرى للحداثة، وهي التي تشترك فيها أغلب النخب التونسية بل نشير إلى تيار حداثوي وبالتالي متطرف في مناهضة التقاليد المجتمعية والموروث الإسلامي، مدافعة عن أكثر التأويلات ليبرالية وفردانية لبنود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي جاءت بغرض تكريسه ومطالبة أيضا بنزعة كونية لا تترك مجالا للخصوصيات الثقافية.

أين يتموقع المؤلف الجماعي المعنون بـ”مانيفيستو اليسار” من هذه الإشكاليات؟ قد لا يحق لنا تقييم مضامينه وفقا لما قدّمنا. فلكلّ عملٍ أهدافه ومقاربته المخصوصة، علما بأن المفكرة القانونية أوضحت أنها حاولت من خلاله إعادة صياغة الأسئلة الكبرى للظاهرة اليسارية عبر رؤية نقدية والنظر مجددا في القيم التي يمكن لليسار أن يقترحها لإعادة وصياغة الاجتماع السياسي التونسي على أساسها. ومهما يكن من أمر، فإن مقالنا هذا لا يدّعي ولا يطمح إلى التفاعل مع مختلف ما ورد في الكتاب من مساهمات وإنما فقط إثارة بعض القضايا وطرح بعض الأسئلة في ضوء تجربتنا صلب اليسار.

وعليه سنخصص هذه المساهمة الموزّعة بين حلقتين لمناقشة بعض المقالات التي طرحَت على نفسها تعريف التيار اليساري في تونس وتقديم قراءات في تاريخه ومكوّناته، وخاصة حول سياقات واتجاهات التحوّلات التي شهدتها مرجعياته ومصادر التأثير في مواقفه، بالإضافة إلى كيفية تعاطي الأطراف المكونة له مع قضية الحريات عموما والحريات الدينية بشكل خاص ومع المسألة الدينية ومسألة العلمانية، ونعتذر مسبقا عن الطابع السجالي الذي يكتسيه مقالنا وهو ما تعودنا عليه ولا نروم منه إلا الطرح الصريح والمفيد.

في مروية اليسار التونسي. محاذير التصنيف، رهانات التأريخ وألاعيب الذاكرة

يَستند الكتاب الجماعي إلى تحديد مفهوم اليسار، مثلما صاغه الكاتب يوسف الشّادلي في مقاله ما معنى أن تكون يساريا في تونس ووردَ فيه أن اليسار يشمل “دائرة واسعة من الحركات والإيديولوجيات تختلف فيما بينها، لكنّها تشترك في إيمانها بقيمة المساواة” (ص9) ويدقّق أكثر عندما يعتبر التشارك في قيم المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية بمثابة الأرضية القيمية التي تستند إليها تجربة اليسار (ص 12،10) وهذا هو المدلول الذي نشارك فيه “مانيفيستو اليسار” والذي إن تجاوزناه يؤول إلى الاختلاف كما سنرى لاحقا. في نطاق هذه الرؤية، وردتْ مساهمات عن تاريخ ومراحل الحركات اليسارية وهي حسب سرديتنا: الحزب الشيوعي منذ تأسيسه في عشرينات القرن العشرين، ثم نشأة فريق الدراسات والعمل الاشتراكي GEAST  في الستينات والذي اشتهر بإسم الدوريتين اللتين أصدرهما على التوالي: مجلة برسبكتيف ثم جريدة “العامل التونسي” التي أعطت للتنظيم إسمه في بداية السبعينات، وما تفرع عنها (حزب العمال الشيوعي والتجمع الاشتراكي التقدمي) وبالتوازي مع ذلك ظهور التجمع الماركسي اللينيني التونسي GMLT والحلقات الماركسية اللينينية CMLT، في النصف الأول من السبعينات، وتطورهما نحو تكوين تنظيم الشعلة وما تفرع عنه وامتداداته في حركة الوطنيين الديمقراطيين.

ولكن قبل التطرق إلى ملاحظاتنا الجوهرية على المقالات التي تناولت تعريف اليسار ومكوناته واتجاهاته وما يشترك أو يختلف فيه، نرى ضرورة التنبيه إلى كونها استندت إلى تصنيفات ومعايير تقييم وحكم تستدعي الحذر المعرفي والمنهجي لكلّ من يروم بلوغ الحد الأدنى من الموضوعية.

أولا، ملاحظات منهجية

يتطرق هذا الملفّ الخاصّ ل “المفكرة القانونية” إلى مرحلتين من تاريخ اليسار، هما تجربة الحزب الشيوعي التونسي في المرحلة الاستعمارية وقبل أن يُمنع من النشاط بداية الستينات ثم مرحلة اليسار الجديد بتعبيراته الإيديولوجية وكياناته التنظيمية التي ذكرناها  أعلاه. لا يمكن تجنّب السؤال عن مدى اقتراب المؤلف الجماعي مما طرحه من أهداف وحول مدى شمول ومصداقية المعطيات والمصادر والشهادات المعتمدة. من المهمّ الانتباه في مثل هذا العمل إلى أهمية الرهانات التي يمثّلها: فالتطرّق إلى تجارب اليسار وفكرهِ ومكوناته ونزاعاته عملية محفوفة بالمصاعب والمزالق ينعكس فيها تقييم الماضي وكيفية التأريخ له على حاضر ومستقبل الكيانات الحزبية ويطرح بحدّة مشكلات الحقيقة والشرعية والمقبولية ومشكلة الجدارة والزعامة، ولها انعكاس على صورة وحظوظ مُختلف فصائل الحركة اليسارية والتقدمية. كذلك، وفي مثل هذا العمل لا يمكن للتأريخ ولا للتصنيف أن يكون بريئا أو محايدا خاصة وأنه لا يصدر عن مؤسسة أكاديمية مُلزَمة باعتماد مقاييس علمية صارمة ولا عن فريق باحثين يقوم بعمل مسلّح منهجيا ومفاهيميا، وإنما بمحاولات فردية لباحثين وفاعلين منخرطين في الصراعات الفكرية والإيديولوجية والسياسية. واعترافا بهذه الحدود وتفاديا للرؤى المبتورة أو المتحيزة، فإن المطلوب منا جميعا هو أن نأخذ في اعتبارنا ما يلي:

1- أن فعل الحديث عن اليسار ومساهماته ومعاركه وتأثيره هو فعل إحياء أو استدعاء للذاكرة؛ ذاكرة الجماعات اليسارية والأفراد الذين انتموا إليها، والحال أن الذّاكرة كما يبينه علم الاجتماع تشتغل في كل الحالات وفق آليات تتمثل في إبراز أو تضخيم أو تقزيم أو تناسي أو نسيان أحداث أو شخصيات، وكذلك آليات التبرير والشّرعَنة والتحريف والوصم، بل يتطلب أقصى درجات الاحتياط المنهجي إزاء تلاعب الذاكرة ومرويّاتها.

2- ضرورة الانتباه إلى المعطيات المعتمدة من حيث مصادرها ومدى دقّتها وصِدقيتها، وبالتالي ضرورة مكافحتها ببعضها، ثم الانتباه كذلك إلى أن من يقرؤون الوثائق أو الشهادات أو حتى التقارير ليسوا بمنأى عن الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة والتحيّز، وبالخصوص الانتباه أن كلاّ منهم يتناول تلك المصادر والمراجع ضمن متخيّل يوجه كيفيّة تعاطيه مع موضوع تفكيره وحكمه، وكذلك الانتباه إلى التداخل الذي يحصل بين المخيال والذاكرة والإيديولوجيا والثقافة والمصلحة.

3- ومحصّلة ما سبق ضرورة الوعي بالطابع النسبي والجزئي والفردي لكل سردية -حتى ولو كانت من إنتاج جماعة منظمة- وكل قراءة وكل “حقيقة”، فمهما كان القول، بما في ذلك مقالنا هذا، فهو ليس سوى وجهة نظر تكمّلها وجهات نظر أخرى وبما يسهم في تقدم المعرفة التي هي عمل تراكمي لا يكتمل.

ثانيا. تشكّلات اليسار الجديد من خلال مسارات برسبكتيف-العامل التونسي-الشعلة: حتى نتفادى القراءة الطائفية (السّكتارية).

استحضارا للنقاط المنهجية الواردة أعلاه، وقبل طرح ملاحظاتنا حول مضامين المقالات التي سنتوقف عندها للمناقشة، نُشير إلى الرواية التي أوردها مقال الباحث فطين حفصية المعنون: “اليسار التونسي. قراءة في جيولوجيا الزمن حول مفردات الجدل الذي دار في السبعينات بخصوص طبيعة الثورة. يُقدم الكاتب مروية عجيبة عن تحوّلات اليسار الجديد وتنظيم برسبكتيف- العامل التونسي خلال تلك الفترة بالاستناد إلى المؤرخ عبد الجليل بوقرة، ولكن من دون إحالة موثقة، قائلا أن الخلافات آنذاك تركزت على طبيعة الثورة المقبلة والخيار التكتيكي بين الدعاية والتحريض، ثم أضاف ما يلي: “من المسألتين نبع اتجاهان: الأول يُمثل الدعاة المؤسسين للعامل التونسي المرتبطين بفكر برسبكتيف والذين يرون أن هذا المجتمع رأسمالي تابع وأن الثورة المقبلة اشتراكية، وهو منهج إيديولوجي أدى إلى تأسيس حزب العمال الشيوعي التونسي” أما الاتّجاه الثاني فيرى أن “المجتمع التونسي شبه مستعمر- شبه إقطاعي وأن الثورة الوطنية الديمقراطية هي ثورة ضرورية للانتقال إلى الاشتراكية، وهو تقييم أدى إلى بروز الخط الوطني الديمقراطي (الوطد ومشتقاته)”. وكان الكاتب تحدث قبل ذلك عن التحول من تجربة آفاق إلى “إنشاء تنظيم العامل التونسي المرتكز في أدبياته على الموروث الماوي والتروتسكي” (ص 22-23).

تقديرنا أن هذا الذي نقلناه من المقال يقوم على خلط، ما كان ليحدث ويؤدّي إلى أخطاء فادحة، لو تمّ توسيع قائمة الشهادات التاريخية والاستماع إلى مناضلين عاشُوا الصراعات الفكرية لتلك المرحلة بدلا من اعتماد شهادات أو تأويلات قلة قليلة ممن تأخروا زمنيا عنها. وباعتبار أننا عشنا تلك الصراعات خاصة في معتقل برج الرومي، حيث تم في أواخر 1974 تجميع مساجين برسبكتيف-العامل التونسي والتجمع الماركسي اللينيني التونسي، فإننا نلفت الانتباه إلى ما يلي:

1- أن تنظيم برسبكتيف-العامل التونسي شهدَ انقساما حول طبيعة الثورة وتمرّدا على مقولة الثورة الاشتراكية بتونس وذلك انطلاقا من موقف لجنة التنظيم المؤقتة COP، وهي قيادة التنظيم التي كانت متواجدة بالخارج وصاغت نصا في الموضوع، وأن المجموعة السجنيّة ببرج الرومي انقسمَت بين القيادة القديمة (ومن أبرز عناصرها جلبار نقاش ونور الدين بن خضر والهاشمي الطرودي) التي تمسّكت بطرح هدف الثورة الاشتراكية، وأغلبية سجناء التنظيم بما فيهم قيادة الداخل، والذين اختاروا شعار الثورة الديمقراطية الوطنية واعتبروا الدعوة للثورة الاشتراكية بمثابة مقولة تروتسكية، مع تنبيهنا إلى الوصم الإيديولوجي الذي كان يتضمنه هذا التوصيف والناتج عن تأثير الدعاية الستالينية.

2- أن مستند الدعوة صلب منظمة العامل التونسي إلى الثورة الديمقراطية الوطنية يَكمن في أن تونس وإن هيمنت فيها رأسمالية متخلفة (وليس الإقطاع أو شبه الإقطاع-شبه الاستعمار )، إلا أنها رأسمالية تابعة للإمبريالية ما يجعل هدف التحرر الوطني من الاستعمار الجديد قائما. وفي ضوء ذلك فإن الخط الوطني الديمقراطي أو الديمقراطي الوطني منذ 1974 لم يكن حكرا على التجمع الماركسي اللينيني، سلَف الشعلة والوطد، والذي تعرفنا على أطروحاته وتجادلنا مع قيادته في السجن.

3- أن ما ورد بمقال فطين حفصية من كون تنظيم العامل التونسي كان يرتكز في أدبياته على الموروث الماوي-التروتسكي هو توصيف غير صائب يتجاهل تضارب المرجعيتين، كما أن تأسيس حزب العمال الشيوعي التونسي جاء بعد أكثر من عشر سنوات من اللحظة التي نتحدث عنها وهو مقطوع الصلة تماما بالدعوة للثورة الاشتراكية وذلك خلافا لما ورد بالمقال.

ما نخلص إليه هو أن مقال فطين حفصية بأسلوبه في إيراد المعطيات أو “الوقائع” وبالعبارات المستخدمة لتشخيص الأطراف المتنازعة على الحقيقة والشرعية في الساحة الإيديولوجية الماركسية وصيغ تقديمه لمفردات الجدل في السبعينات -إنما يكشف عن تحيز واضح لفصيل الشعلة- الوطد ومقولاته. كما أنه مثال للطريقة التي تشتغل وفقا لها الذاكرة المكيفة إيديولوجيا، بحيث توهم القارئ أنها بصدد تقديم المعطيات والتعريف بالاتجاه الفكري للمتنافسين والحال أنها تلجأ بوعي أو دون وعي إلى التحريف بدل التعريف وإلى الوصم بدلا من الوصف. وسنرى أسفله أمثلة أخرى من مقالات يلجأ فيها المتخيل المؤدلج عند الكاتب/المؤرخ لليسار إلى نسيان- تناسي أو تقزيم أو إبراز أطراف ومواقف وأحداث معينة، وربما دون انتباه إلى المضرة المعرفية والعلمية لما يقوم به.            

ثالثا: في التأريخ الانتقائي لعلاقة اليسار بالماركسية، عندما يُستحضر الحزب الشيوعي ويُغيّب التجمع الاشتراكي التقدمي

كنّا أشرنا باقتضاب إلى أبرز العناوين الإيديولوجية والتنظيمية التي توقّفت عندها المقالات التي تناولت اليسار منذ الستينات ولم نذكر التجمع الإشتراكي التقدمي إلا بصورة عابرة، والسبب يعود لا أكثر ولا أقل إلى ما يشبه غياب هذا الحزب وتجربته في المساهمات الواردة بمانفيستو اليسار بما فيها ما قدّمه يوسف الشادلي في مقاله (ما معنى أن تكون يساريا في تونس؟) عن العلاقة بين اليسار التونسي الجديد والماركسية.

والحقيقة أننا تفاجأنا بالكاتب بعد ملاحظاته التمهيدية الواعدة، وبعد إشارته إلى أن مفهوم اليسار كان “إلى وقت ليس بالبعيد رديفا لليسار الماركسي حصرا” يقرر ما يلي: “ولعل من مكر التاريخ أن الحزب الشيوعي التونسي الذي ساهم بشدة في تأسيس هذا الارتباط كان هو ذاته السبب الرئيسي وراء مراجعته”.

بقطع النظر عن مدى دقة الصيغة المستخدمة فالمقصود واضح وهو أن الحزب الشيوعي كان أول تنظيم يساري يقطع أو يتباين مع المرجعية الفكرية الماركسية والمنظومة الإيديولوجية الشيوعية التي كان يتبعها. إلى أيّ حدّ يصحّ ذلك؟          

 سُؤال نطرحه في علاقة بما ورد بمقال يوسف الشادلي حول العلاقة بين اليسار الجديد والماركسية. وأن التجمع الاشتراكي التقدمي تأسس سنة 1983 على إثر الانفصال التنظيمي عن “العامل التونسي” والانفصال الفكري عن المنظومة الشيوعية، وذلك قبل 10 سنوات من إقدام الحزب الشيوعي على مثل هذه الخطوة مدفوعا بالانعطافة التي شهدها الاتحاد السوفياتي في عهد غوربتشوف؟

هل أبدى الحزب الشيوعي التونسي قبل البريسترويكا تباينا مع الأسلوب الفوقي والعنيف لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وما أفرزه من سيطرة بيروقراطية الحزب- الدولة على كل مناحي الحياة ومن قضاء على الحريات كافة؟ وإن حصلت تباينات، فهل بلغت مرحلة النقد الجذري للنموذج السوفياتي؟ ثم هل كان الحزب الشيوعي سبّاقا للتحرر من فكرة دكتاتورية البروليتاريا؟ لا نمتلك مدونة كاملة من وثائق الحزب الشيوعي تُمكّن من إجابة مدققة، وإنما تصريحات صدرت عن محمد حرمل حول جملة من الممارسات التي رافقت التجربة السوفياتية والتي تعود حسب قوله إلى “مخلّفات المجتمع القيصري” وتهم “التشويه البيروقراطي للاشتراكية”. إلا أن الحزب الشيوعي كان حريصا على القول على لسان أمينه العام “بأنه لم تكن هناك فقط أخطاء وإخفاقات، بل كانت هناك إنجازات عظيمة لصالح جماهير الشعب” وكذلك التباين مع المفهوم المثالي للمجتمع الاشتراكي والذي يظن أنه يمكن حل المسائل بعصا سحرية[1]. الشيئ المؤكد أنه لم يكن ثمة نقد صارم لتلك التجربة لا من حيث تعبيرها عن إرادة المنتجين -كما هو مفترض- ولا في موضوع الحريات والاعتراف بالتعبيرات السياسية المختلفة، ولا في ما يتعلق بتحويل المركزية الديمقراطية داخل الحزب الشيوعي إلى دكتاتورية تمارسها قيادته على المخالفين وتصل إلى حد تصفية المعارضين لها.

كانت قيادة الحزب الشيوعي التونسي تتكتّم وتُعلن أنها لا تريد التدخل في شؤون الأحزاب والبلدان الشيوعية. وعندما انطلقت البيريسترويكا -في نهاية الثمانينات- لقيت تجاوبا من الحزب الذي بدأ يذكر بأنه سبق إلى نفس الأفكار منذ سنة 1980 وذلك عندما طرح تجديد الماركسية والاشتراكية وربطَ نجاحها بالديمقراطية[2]. بل ذهب الأمر بمحمد حرمل إلى القول أن اجتهاد حزبه طيلة الستينات والسبعينات قاده إلى “تجاوز النظرة التي كانت سائدة في معظم الأحزاب الشيوعية، والتي كانت تبرر التضييق على الحريات باسم بناء الاشتراكية وتحقيق التنمية، وقد رفضنا كل تمييز بين الديمقراطية البورجوازية والديمقراطية الاشتراكية واعتبرنا أن الديمقراطية قيمة في حد ذاتها، وقلت في الثمانينات أن من يخطط للاشتراكية دون ديمقراطية يخطط للفشل[3]. أيّا يكن الأمر فإن تحفظات قيادة الحزب الشيوعي على التجارب الاشتراكية لم تصل قبل البريسترويكا وقبل المؤتمر التاسع للحزب إلى الإصداع بموقف رافض لمقولة ديكتاتورية البروليتاريا، ولما صاحَبَ التجربة السوفياتية من قمع وانتهاكات واسعة. وبالمقابل، فإن الجماعة المؤسّسَة للتجمّع الاشتراكي التقدمي، ربما بسبب استقلالها التاريخي عن موروث البلشفية أو لأنها لم تكن في وضع يَجعلها قابلة لضغوط الرفاق السوفيات، فقد ذهبت إلى رفض الطريقة التي تمّ فيها بناء الاشتراكية والنظام السياسي التي أفرزته، ولكن مع المحافظة على المثل الأعلى الاشتراكي والأهداف التي يسعى لتحقيقها. إذا عدنا إلى مقال يوسف الشادلي نجده يقرّ بأن المراجعة التي أقدم عليها الحزب الشيوعي التونسي كانت لاحقة لتفكّك الاتحاد السوفياتي وخفوت بريق الدعوات المفتوحة الشيوعية ويضيف “بعد ذلك قامت العديد من الحركات بمراجعات نظرية وإيديولوجية، ولم يكن الحزب الشيوعي التونسي إلا واحدا من هذه الحركات، إذ في سنة 1993 أعلن عن تغيير اسمه ليصبح حركة التجديد، وتبنى طروحات سياسية اشتراكية ديمقراطية متخليا بذلك عن مثل الثورة الشيوعية” (ص10). وبوسعنا مقارنة هذا المعطى مع ما سنورده عن تجربة التجمع الاشتراكي التقدمي. 

لإنارة الموضوع وسدّ النقص الكبير الحاصل في تناول المِؤلف الجماعي حول اليسار لتجربة الاشتراكي التقدمي نرى من الضروري العودة إلى البيان السياسي الصادر عند تأسيسه في 13 ديسمبر 1983. فبعد التذكير بالمشَاورات التي جرت حول فكرة بعث تجمع لليسار تم عرض برنامجه الذي نقتطع منه ما يلي:

“البديل الاشتراكي: تصوّرنا يندرج في اتجاه النقد الجذري للرأسمالية والعمل على تجاوزها تاريخيا نحو إرساء مجتمع خال من الطبقات، وينهض مبدؤنا الاشتراكي على أساس ملكية المنتجين أنفسهم لوسائل الإنتاج الكبرى ووجوب تسييرهم لها. وتنتسب حركتنا إلى الفكر الاشتراكي العمالي العالمي ولذا فهي ترى أن الطبقة العاملة مدعوة لأن تلعب الدور القيادي في عملية التحول”.      

 “على أن المجتمع الاشتراكي الذي ننشده لا يمكن أن يتحقق إلا إذا توفر شرط أساسي وهو أن يتمتع الشغالون وسائر المنتجين بإمكانية الاختيار وحرية القرار، لذلك فإننا نعمل على إقامة نظام إشتراكي قوامه الديمقراطية”. “وعليه فإن النظام الديمقراطي المنشود يقوم على السيادة الشعبية كمبدأ، وعلى ضمان الحريات الفردية والعامة، وخاصة منها الحريات السياسية بلا استثناء كشرط وقاعدة له”.

من هذا البيان، لا يُمكن لمن يعرف مبادئ الماركسية إلا أن يستنتج أن التجمع الاشتراكي حافظ على نفس الهدف الذي وضعتْه الماركسيّة لكفاح الطبقة العاملة وحلفائها، وهو المجتمع الخالي من الاستغلال ومن الطبقات. وعليه بقي مُشاركا في الهدف الأساسي الذي تعمل عليه التنظيمات الشيوعية، إلا أنه يتميّز عنها بطرح جديد تماما وهو الارتباط الذي يقيمه بين بناء الاشتراكية وممارسة الحريات سواء بعدم إكراه الناس على الانخراط في تجربة اشتراكية تحكمها البيروقراطية أو إرساء مناخ من الحريات لا يُقصَى فيه أحد، ومن هنا جدة الطرح الذي يتوق إلى الجمع بين الإشتراكية المساواتية والديمقراطية التعددية.

كذلك نصّ بيان التأسيس على مرحلة انتقالية نحو هذه الاشتراكية ذات الشكل الديمقراطي، وهي مرحلة ذات محتوى وطني ديمقراطي تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والإصلاح الزراعي وإلغاء التمييز بين الرجل والمرأة.

من الواضح أن هذا التصوّر الذي ورد مفصّلاً في الميثاق الذي أعلنه التجمّع الاشتراكي التقدمي، في نفس المناسبة، جاء نتاجا لتقييم كل من تجارب البناء الاشتراكي على الصعيد العالمي والتجربة الاشتراكية التي عرفتها تونس خلال الستينات، وأنه وضع في قلب اهتماماته أن يكون النظام الاجتماعي العادل المراد إقامته قائما على الاختيار الحر وأن لا تتكرر مأساة إقامة أنظمة دكتاتورية من باب “يقودونهم إلى الجنة بالسلاسل”.

وحتى لا يتكرّر أنموذج النظم الكليانية التي أقامتها الأحزاب الشيوعية الحاكمة، اقترح التجمع الاشتراكي العمل بالنظام المجالسي. نعم: ففي فقرة “الاختيار الديمقراطي” من الميثاق الذي نتحدث عنه، وإثر التنصيص على ممارسة السيادة الشعبية عبر نظام نيابي ديمقراطي تعددي جاء ما يلي: “ولتمكين الشغالين وسائر المُنتجين من فرصة التدخل الناجع في الحياة السياسية، يقرّ التجمع الاشتراكي التقدمي مبدأ التنظيم المجالسي للشغالين والمنتخبين على المستوى الوطني بدءا بالأحياء” بل يضيف: “ويمثل هذا التنظيم الشكل الأرقى لتوحيد الشغالين وتجاوز انقساماتهم الحزبية والنقابية”.[4]

جاء هذا الطرح في سياق تشخيص أزمة اليسار التونسي وكمَخرج مقترح لها، وقد عبّر عن هذا الوعي مقال لكاتب هذه السطور في مجلة “الموقف” إثر صدورها بقليل (عدد 19 ماي 1984).. وأتى ذلك المقال الذي حمل عنوان: “التجمع  الاشتراكي وأزمة اليسار” كتشخيص لوضعية قطاع هام من النخب قدَّم التضحيات الجسام في سبيل قناعاته، ولكنه بقي يعيش حالة من الهامشية السياسية والتشرذم. هذا الوَضع فسرّه المقال بـ”فشل محاولاته الهادفة لبناء حزب الطبقة العاملة بعلاقة بالدور السلبي الذي لعبه التحجر الفكري والتعصب الفئوي وانعدام التعامل الديمقراطي داخل مختلف فصائله” وكذلك بـ”أزمة الحركة الشيوعية في العالم وخيبات البناء الاشتراكي وما أثارته من تساؤل حول عدد من المرتكزات النظرية كانت تعتبر بمثابة المقدسات”.

كذلك أبرز المقال عناصر الطرح المميّز الذي اقترحه التجمع الاشتراكي التقدمي، ومُلخّصُهَا في ما يلي:

_”لا اشتراكية في ظل هيمنة البيروقراطية”.

_”لا اشتراكية دون ديمقراطية”.

_”لا للموقف العدمي من الهوية الحضارية”.

_”وجوب تطبيق الجدلية على الماركسية”.

لا يتّسع المجال لتفصيل هذه المحاور من أرضية التجمع الاشتراكي. وما نريد التأكيد عليه هو أن هذا التنظيم لم يقتصر على التباين مع المنظومة الكليانية التي أسسها الحزب البلشفي، بل ذهب حدّ اقتراح عناصر فكر سياسي منفتح يؤلف بين النواتية الإيجابية للأنساق الإيديولوجية الكبرى من دون الارتهان إلى أي منها. وإلى جانب ما إقترحه من إجراءات لتحقيق العدالة الاجتماعية مما هو مشترك بين فصائل اليسار, انفرد عنها بمحاولة إحياء فكرة الديمقراطية المجَالسية التي ظهرت في بعض الأحزاب الاشتراكية الغربية في العشرينات كردّ على إقامة السوفييتات المحكومة بقرارات بيروقراطية الحزب. فهذا المقترح من التجمع الاشتراكي التقدمي جاء لتجسيد مبدأ السيادة الشعبية، ونراه اليوم يعود في تونس ضمن سياق جديد وبصيغ جديدة مثيرة للجدل يقترحها الرئيس قيس سعيّد وأصدقاؤه ويُفسدها تحالف الشعبوية مع الاستبداد.

تبقى تجربة التجمع الاشتراكي مطروحة للتقييم، الشيء الذي لا يمنعنا من القول بأن محدودية نجاح مشروعه تعود أساسا إلى ما أثاره من إعتراضات ومقاومة لدى جزء كبير من مكوّنات أقصى اليسار سواء المنظم أو المستقل، والذي أصرَّ أفراده على استقلاليتهم وبالتالي على تشتته، وبما أكد من الجهتين عمق أزمة اليسار وحالته المَرَضيّة. وبالطبع يُطرح السؤال هنا عمّا بقي من هذه التجربة بمواصفاتها المذكورة أعلاه، وإلى أي حدّ يمثل الحزبان الديمقراطي التقدمي والجمهوري استمرارًا لها؟

سؤال لا بد أن يطرح والإجابة عنه ليست بسيطة، خاصة وأن الأمر يتعلق بمسح أربعين سنة وثلاث مراحل على الأقل لكل منها عنوانها الحزبي. للاختصار وحتى لا نخرج عن إطار هذا التفاعل نقول أن الحزب الذي شاركنا في تأسيسه مع مناضلين آخرين وفي مقدمته أحمد نجيب الشابي مرَّ بثلاث مراحل:  

المرحلة الأولى: امتدّت بين 1983 و2000، بقي فيها الحزب محافظا على تسميته الأولى وميثاقه، وإن شهد مخاضا بعلاقة بما عرفته البلاد من تحولات سياسية وما حصل من تطوّرات إيديولوجية على الصعيد العالمي، ليس فقط مع انهيار المنظومة الشيوعية التي كان سبّاقا إلى نقدها وإنما كذلك في مجال التعاطي مع الظاهرة الإسلاموية ومع الإسلام. إذ أن صعود هذه الظاهرة وما دفع إليه من تفكير (يراجع في هذا الصدد كتابنا “الحركة الإسلامية في تونس”، 1985) كان وراء انفراد التجمع الاشتراكي التقدمي عن بقية مكونات اليسار بالقبول بوجود عائلة سياسية جديدة ذات مرجعية دينية يختلف معها ولكن لا يُقصيها، كما كان وراء إعادة النظر في العلاقة بالدين ورفض الاستمرار في التبشير بالإلحاد كما يفعل أقصى اليسار، وكبديل عن ذلك الدعوة إلى علمانية غير مناهضة للإسلام.

المرحلة الثانية: افتُتِحَت بمؤتمر 2001 وتغيير اسم الحزب ليصبح “الديمقراطي التقدمي”. كان ذلك بناءً على ما طرحه نجيب الشابي من أن الاشتراكية ليست مطلب المرحلة وأن المطلوب هو العمل على تركيز الديمقراطية التعددية، ما يبرّر تغيير إسم الحزب، والمهم أن غالبية القيادة وافقت على المقترح من دون التخلّي عن الهدف البعيد المتمثل في إقامة نظام اشتراكي. وقد عكَسَت اللائحة الاقتصادية والاجتماعية لمؤتمر 2001 الخيار التقدمي واليساري المُعتدل، بما طالبت به من إصلاحات اقتصادية واجتماعية هيكلية إلى درجة أن التباين مع مكوّنات اليسار اقتصر على الخيار الإستراتيجي للديمقراطية التعددية والتعايش مع إسلام الأغلبية الساحقة.
المرحلة الثالثة: انطلقت، سنة 2011 إثر الثورة، بدَفع الشق المتنفذ صلب الحزب الديمقراطي التقدمي نحو تغيير الخط التاريخي، وذلك في سياق التصادم مع حركة النهضة وإسقاط حكومة الغنوشي التي كان الشابي عنصرا أساسيا فيها. فباسم تعصير الحزب وطريقة عمله وخطابه وتحت يافطة الحزب الجمهوري تم الدفع نحو التحالف مع أوساط حداثوية لا تحمل فكر الحزب وتجربته، والتقرب من البورجوازية المفرنسة، ومن التجمع الدستوري المرسكل ضمن “نداء تونس” بقيادة قائد السبسي وفي إطار تحالف “الاتحاد من أجل تونس” والانخراط الإشكالي والملتبس في “جبهة الإنقاذ”. وهي تجربة مريرة لاقت معارضة شقّ من الحزب بقي وفيّا للخطّ التاريخي قبل أن يعلن نجيب الشابي عن ندمه عليها ويَسعى الحزب الجمهوري إلى العودة إلى ثوابته، ومن ضمنها أولوية الإصلاحات الاقتصادية الجذرية الدافعة نحو التنمية المتوازنة والإصلاحات التي تحقق العدالة الاجتماعية. هذا إلى جانب الانخراط بقوة في معركة مكافحة الفساد، كما تبينه لوائح مؤتمر 2017.


[1] حوارات للأمين العام محمد حرمل مع مجلة “المغرب” 25 جويلية 1981 و26 ديسمبر 1981.

[2] محمد حرمل لجريدة الصباح، 26 أكتوبر 1989 و”الأخبار” 23 ديسمبر 1989.

[3] حوار مع محمد حرمل، مجلة “حقائق” 3 ماي 1991.

[4] التجمع الإشتراكي التقدمي: الوثائق الأساسية، الطبعة الأولى 1989، أنظر “ميثاق التجمع” ص11-19.

انشر المقال

متوفر من خلال:

أحزاب سياسية ، مقالات ، تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني