إسقاط الحق وإخلاء السبيل: قضية مقتل بشّار السعود تحت التعذيب نحو اللفلفة؟


2024-04-20    |   

إسقاط الحق وإخلاء السبيل: قضية مقتل بشّار السعود تحت التعذيب نحو اللفلفة؟

بعد 21 شهرًا على مقتل اللاجئ السوري بشّار السعود خلال التحقيق معه في مركز لأمن الدولة في تبنين – جنوب لبنان، أسقطت عائلته حقوقها الشخصية في القضية التي  تنظر فيها المحكمة العسكريّة الدائمة في بيروت برئاسة العميد خليل جابر. وظهرت تبعات هذا الإسقاط في إخلاء سبيل المعاون يوسف برّي الذي كان آخر الموقوفين في القضية بعد أن كانت المحكمة قد أخلت سبيل المدّعى عليهم الأربعة سابقًا. 

وقد حضر المعاون برّي الجلسة التي انعقدت أمس الجمعة في تاريخ 19 نيسان 2024 أمام المحكمة مرتديًا بزّته العسكرية، كما حضر المتهمون الثلاثة الآخرون، النقيب حمزة إبراهيم (ووكيله المحامي صليبا الحاج) والمعاونان عباس خزعل وفادي فقيه، إضافة إلى الظنين الرقيب أوّل خضر زين الدين (ووكيله المحامي حسن زين الدين). ولم يكن مصير هذه الجلسة سوى التأجيل مرّة جديدة بسبب غياب وكيل المعاون خزعل المحامي فادي ضاهر بسبب وفاة والده، وهذه المرّة الثالثة على التوالي التي تُرجأ فيها جلسات المحاكمة في هذه القضية بسبب غياب أحد وكلاء الدفاع، إذ أرجئت الجلسة التي انعقدت في 17 تشرين الثاني 2023 بسبب غياب وكيل المعاون برّي، كذلك أرجئت للسبب نفسه الجلسة السابقة التي انعقدت في تاريخ 5 أيّار 2023. 

وإذ كانت الجلسة مخصّصة للاستماع للشاهد الدكتور علي ديب، وهو الطبيب الشرعي الذي عاين جثّة السعود، إلّا أنّه غاب أيضًا عن الجلسة لأسباب غير معروفة. لكنّ غيابه دفع ممثل النيابة العامّة العسكرية القاضي رولان الشرتوني إلى الطلب من المحكمة اعتباره مبلّغًا كونه كان حاضرًا في الجلسة الماضية. كما طلب “تغريمه وإبلاغه بضرورة الحضور إلى الجلسة القادمة تحت طائلة إحضاره بالقوّة”. وعليه، قرّرت المحكمة “تغريم الطبيب مبلغ مليوني ليرة وإعلامه بأنّ غيابه عن الجلسة القادمة سيدفع المحكمة إلى اتخاذ إجراءات قانونية بحقه”. ثمّ قررت إرجاء الجلسة إلى تاريخ 5 تمّوز 2024. 

إسقاط الحق حصل من دون إعلام المحامي

على عكس المرّات السابقة التي كان يحضر فيها المعاون برّي موقوفًا وينتظر خلف القضبان الحديديّة المخصّصة للموقوفين، حضر هذه المرّة ببزّته العسكريّة التابعة لأمن الدولة بعد أن كانت المحكمة قد قرّرت إخلاء سبيله تبعًا لإسقاط ذوي السعود حقوقهم الشخصية. وعلمت “المفكرة” من أحد محامي الدفاع أنّ جهات مقرّبة من أهالي المتهمين التقوا بعائلة السعود في سوريا خلال شهر كانون الثاني للتفاوض معها بشأن القضية، واتفقوا على دفع تعويض أو “ديّة” مقابل إسقاط ذويه لحقوقهم الشخصية. وتبعًا لذلك، أخلت المحكمة  سبيل المعاون الموقوف برّي بعد نحو الشهر من مفاوضات ولم تستأنف النيابة العامّة العسكريّة هذا القرار. 

وتأتي هذه الديّة التي دُفعت لعائلة الضحية لتُشكّل عاملًا أساسيًا قد يؤدي إلى لفلفة أوّل محاكمة تجري أمام القضاء العسكري  بموجب قانون التعذيب رقم 65/2017 منذ إصداره عام 2017. فقد كانت قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا قد تجرّأت واتهمت  عناصر من أمن الدولة في القرار الاتهامي الذي أصدرته في 29 تشرين الثاني 2022 حيث اتهمت النقيب حمزة والعناصر بجناية التعذيب، ليكون الملف الأوّل والوحيد الذي يصل إلى المحكمة العسكرية بعد عشرات ملفات التعذيب التي كان مصيرها الحفظ في أدراج النيابات العامّة. 

وكيل عائلة السعود المحامي محمد صبلوح يؤكدّ لـ “المفكرة” أنّ إسقاط الحق حصل من دون علمه، قائلًا: “تفاجأت بحصول الإسقاط حين أعلمني بالأمر العميد جابر خلال لقائي به في المحكمة”. ويرجّح صبلوح أنّ يكون إسقاط الحق حصل بسبب ضغوط مورست على العائلة، مشيرًا إلى أنّ “جهات مقربة من المدّعى عليهم حاولت التواصل معي مرارًا للتفاوض في هذا الملف وكنت دائمًا أجيب بأنّني لا أساوم في قضايا حقوق الإنسان”. وقد حاولت “المفكرة” أكثر من مرّة التواصل مع زوجة السعود، من دون أن تتمكّن من ذلك.

ويؤكّد صبلوح أنّه على الرغم من إسقاط الحق، فإنّه مستمر في مراقبة جلسات المحاكمة في هذه القضية، مشددًا على أنّ “الجلسات مستمرّة لأنّ الحق العام لا يسقط حتّى لو أسقطت عائلة الضحية حقوقها”. ويتخوّف صبلوح من أنّ “يتم تبرئة جميع المتهمين وتحميل القضية للمعاون برّي وحده وبالتالي الاكتفاء بمدّة توقيفه”، معبترًا إخلاء سبيله دليلًا على عدم وجود جديّة كافية في التعاطي مع قضايا التعذيب. ويعوّل صبلوح على استمرار وسائل الإعلام في تغطية هذه القضية وعلى الحضور اللافت لمنظمات حقوقية خلال جلسات المحكمة، الّذين يعتبر أنّهم ساهموا في استمرار المحاكمة في هذه القضية لغاية اليوم. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، قرارات قضائية ، محاكمة عادلة وتعذيب ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، محاكمة عادلة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني