ماذا يناقش مجلس النواب في جلستي 21 و22 شباط 2022؟ التشريع المزيّف: لا “استقلالية للقضاء” ولا “حماية للمنافسة” ولا “كابيتال كنترول”

ماذا يناقش مجلس النواب في جلستي 21 و22 شباط 2022؟ التشريع المزيّف: لا “استقلالية للقضاء” ولا “حماية للمنافسة” ولا “كابيتال كنترول”

دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الهيئة العامّة لمجلس النوّاب إلى عقد جلسة تشريعية يومي 20 و21 شباط 2022، وعلى جدول أعمالها 22 بنداً. وفي التفاصيل يتضمّن جدول الأعمال ثمانية عشر اقتراحاً، سبعة منها (أي 38.89% من الاقتراحات) أنجزت في اللجان النيابية المختصّة، وأحد عشر منها معجل مكرر (أي 60.11 % من الاقتراحات) أي تلك التي تصل الهيئة العامة مباشرة دون المرور في اللجان. كما يتضمّن مشروعاً وثلاثة مراسيم إعادة قوانين من قبل رئاسة الجمهورية (عملاً بصلاحيته وفق المادة 57 من الدستور). والملفت أنّ مراسيم إعادة قوانين الثلاثة كانت قد أرسلت إلى مجلس النواب في عام 2018 ووضعت في الأدراج حتى اليوم، ممّا يطرح سؤال حول شرعيّة هذه الخطوة. 

وفي حين يغيّب مشروع الموازنة العامة وملحقاتها لعدم إنجازها، امن المرجّح أنه سوف يتم مناقشة – من خارج جدول الأعمال – مشروع القانون الوارد بالمرسوم 8728 والرامي إلى إجازة جباية الواردات وصرف النفقات اعتباراً من أول شباط 2022 ولغاية صدور موازنة 2022 على أساس القاعدة الإثني عشرية الذي أقرّ في لجنة المال والموازنة في 17/2/2022.

وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني – لبنان في “المفكرة القانونية” تعليقاته حول أبرز القوانين المقترحة والمفترض مناقشتها خلال جلساته، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما يحيل القرّاء إلى تغطيات سابقة نشرها حول بعض المقترحات.

أهم المقترحات وأخطرها

اقتراح قانون استقلالية القضاء العدلي: صيغة لا تحقّق استقلال القضاء

بعد قرابة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر على تسجيل اقتراح استقلالية القضاء العدلي وشفافيته الذي كانت أعدّته “المفكرة القانونية” في مجلس النواب، تمّ إدراج صيغته المعدّلة من قبل لجنة الإدارة والعدل على جدول أعمال الهيئة العامة. وكان ائتلاف استقلال القضاء قد رفض الصيغة المطروحة ودعا إلى عرض اقتراح القانون على لجنة دولية محايدة (مثل هيئة البندقية Commission de Venise) لتقييم مدى توافق الاقتراح مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء، طالما أنّ الحاجة ليست إلى أيّ قانون بل إلى قانون يضمن استقلالية القضاء فعلياً. كما كان نادي القضاة قد اعتبر في بيان له في تاريخ 15/2/2022 أنّ “مطالبه الرئيسية كانت ومنذ البداية، مطالب معنوية تتصل اتصالاً وثيقاً باستقلالية السلطة القضائية وتمكينها من أداء دورها في اجتثاث الفساد المستشري في البلاد”.

ونحيل القارئة إلى أبرز أسباب رفض ائتلاف استقلال القضاء الصيغة المطروحة على التصويت يوم الإثنين على الرابط التالي:

ائتلاف استقلال القضاء: اقتراح لجنة الإدارة والعدل لا يحقق استقلال القضاء

اقتراح قانون المنافسة:  صيغة أشبه بتشريع لتنظيم الاحتكار وحمايته

تشريع “حماية المنافسة” منتظر منذ أكثر من عقدين، حيث يعود أوّل الطروحات الجدّية لإقراره في لبنان إلى منتصف التسعينيّات في إثر حثّ الاتّحاد الأوروبي السّلطات اللبنانية على وضع إطار تشريعيّ في هذا المجال، كشرط لتوقيع اتفاقية الشراكة الأورو-متوسطية. 

وهو تشريع أساسي لمكافحة الاحتكارات وحماية الاقتصاد وحقوق المستهلك.

وكان المرصد البرلماني قد دوّن ملاحظاته على اقتراح قانون المنافسة في صيغته الأساسية (أي صيغة كتلة الوفاء للمقاومة التي استعادت  مشروع وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش ضمن مقالتين (في عدد “المفكّرة القانونية” المخصّص للاحتكارات)، الأولى تناولت مفهوم الممارسات المخلّة بالمنافسة والثانية تناولت آليات حماية المنافسة

أمّا النسخة المطروحة على التصويت يوم الإثنين، وهي الصيغة المقرّة في اللجان المشتركة، وإن حملت تقدّماً على صعيد تخفيف حماية الوكالات الحصرية في لبنان دون إلغائها بالكامل، فإنها شكّلت في بنودها الأخرى (أي تعريف الممارسات المخلّة بالمنافسة وتنظيم أطر ملاحقتها) بمثابة تشريع لا يهدف إلى حماية المنافسة بل إلى حماية الاحتكار وتنظيمه.

ونحيل القارئ إلى :

  • تعليق مستقّل حول الثغرات العديدة التي تشوب الصيغة النهائية لقانون المنافسة كما أقرّ في اللجان المشتركة على الرابط التالي:

اقتراح قانون لحماية المنافسة أو لتنظيم الاحتكار وحمايته؟

  • حديث مع كل من وزير الاقتصاد السابق منصور بطيش، عرّاب مشروع المنافسة الأساسي؛ وزهير برّو، رئيس جمعية حماية المستهلك على الرابط التالي:

حديث سريع مع بطيش وبرّو: احتكار شركات الإسمنت سيحميه قانون المنافسة

  • سلسلة من المقالات كان قد خصّصها المرصد البرلماني لمسألة تخفيف حماية الوكالات الحصرية التي يدخلها المقترح على الروابط التالية:

الوكالات التجارية: حماية وطنية مبرّرة أم وسيلة احتكار؟
مصير الوكالات التجارية الحصرية على ضوء المادة 5 من اقتراح قانون المنافسة
قانون المنافسة إلى الهيئة العامة: الخلاف على فقرة لن يُعيق إقراره
قانون المنافسة: هل ضاق الخلاف بشأن الوكالات الحصرية؟

اقتراح تنظيم معرض الرئيس رشيد كرامي في طرابلس

بتاريخ 11 نيسان 2018، تقدّم النائب سمير الجسر من تكتل المستقبل باقتراح قانون يهدف إلى إعادة تنظيم معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس. ويرمي الاقتراح إلى ترميم المعرض وتوسيع نشاطاته كما تعديل عمل مجلس إدارته. وفي أسبابه الموجبة، يعتبر مقدّم الاقتراح أن المعرض بات بحاجة ملحّة لإعادة ترميم منشآته وهذا الترميم كلفته كبيرة، كما يعتبر أن الأنظمة التي ترعى عمل المعرض تحول دون قيامه بالمهام التي من أجلها أنشئ وأنّها بحاجة إلى إعادة نظر كي تتلاءم مع أهداف جذب المستثمرين إلى المعرض. وقد بدا واضحا أن الفشل التام والمزمن في حسن استخدام هذا المعرض إنما يمهد إلى خصخصته. 

نجد هنا اقتراح قانون مقدما من نوّاب كتلة “لبنان القوي” بتاريخ 2 كانون الأول 2021، الرامي إلى تعديل المادة الأولى من قانون إنشاء مؤسسة كهرباء لبنان. ويهدف هذا الاقتراح بحسب أسبابه الموجبة إلى تحرير عمليّة إنتاج الكهرباء وبيعها للمواطنين من قِبَل البلديات من دون الاصطدام بمعوّقات قانونيّة من شأنها أن تحصر عمليّة الإنتاج بمؤسسة كهرباء لبنان، وذلك على خلفية ما اعتبره هؤلاء إفشال خطط الكهرباء من قبل سائر القوى السياسية. وقد تساءلت المفكرة في تعليقها على الاقتراح في ما إذا كان يشكل مدخلا جدّيا لتوفير الطاقة الكهربائية أم قبل كل شيء خطابا سياسيا حول اللامركزية.

وللمزيد من التفاصيل عن الاقتراح، نحيل القارئة إلى مقالة إيلي الفرزلي ذات الصلة على الرابط التالي:

محاولة لإحياء معرض رشيد كرامي: إما شراكة القطاع الخاص وإما الجرف

اقتراح الـ “كابيتال كونترول”

بعد ظهور نسخة عن مقترح كابيتال كونترول بتاريخ 1/12/2021 نسبت إلى فريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نحيل القارئ إلى ملاحظاتنا عليها، تقدّم النائب نقولا نحّاس في 3/12/2021 باقتراح قانون هو نسخة عن هذا المقترح المسرّب، مع تعديلات طفيفة في الشكل وبعض الاستثناءات في المضمون (لا سيما في المادة 4 منه). 

وأبرز التعديلات على النسخة التي سبق وقدّم المرصد البرلماني تعليقاته عليها، والتي تستحقّ الذكر، الآتية:

  • لم يشترط الاقتراح بنسخته الأخيرة ألا يكون للعميل أي حسابات خارج لبنان أو أي حساب أموال جديدة داخل لبنان عند إجراء تحويلات للخارج وهو ما يعمّق التمييز بين المودعين في الداخل والخارج لحساب من هم في الخارج. فمن المفترض أن تنتفي الضرورة والحاجة اللتين تبرّران التحويلات إلى الخارج في الحالات المعدّدة (طبابة، تعليم وتصدير)، عند توفّر حساب في الخارج.
  • أنه وإن حافظ على الاستثناءات نفسها التي تسمح بالتحويل إلى الخارج (من نفقات استشفاء، تعليم، تصدير)، فقد حصرها بالحالات المعدّدة في النسخة النهائية، في حين كان تعدادها على سبيل المثال في النسخة المسرّبة. 
  • أنه في ما خص حالة استثناء التحويل لتأمين نفقات التعليم في الخارج، اشترط أن يكون الطالب اللبناني مسجلا في مؤسسة تعليمية جامعية ومقيما في الخارج ما قبل نهاية عام 2019 حصراً، وهو شرط لم يكن موجودا في النسخة المسرّبة. وللتذكير، يتناسب هذا الشرط مع قانون الدولار الطلابي الذي لم يشمل في أحكامه إلّا الطلاب المسجلين ما قبل عام 2019 فيما استبعد المسجلين خلال العامين 2020-2021 و2021-2022. غير أن التمييز هذا هو ما كان اعتبره رئيس الجمهورية سببا لممارسة الصلاحية الممنوحة له في المادة 57 من الدستور لإعادة اقتراح القانون بعد تصديقه في جلسة 7/12/2021 التشريعية.

إشراك البلديات في إنتاج الكهرباء

نجد هنا اقتراح قانون مقدما من نوّاب كتلة “لبنان القوي” بتاريخ 2 كانون الأول 2021، الرامي إلى تعديل المادة الأولى من قانون إنشاء مؤسسة كهرباء لبنان. ويهدف هذا الاقتراح بحسب أسبابه الموجبة إلى تحرير عمليّة إنتاج الكهرباء وبيعها للمواطنين من قِبَل البلديات من دون الاصطدام بمعوّقات قانونيّة من شأنها أن تحصر عمليّة الإنتاج بمؤسسة كهرباء لبنان، وذلك على خلفية ما اعتبره هؤلاء إفشال خطط الكهرباء من قبل سائر القوى السياسية. وقد تساءلت المفكرة في تعليقها على الاقتراح في ما إذا كان يشكل مدخلا جدّيا لتوفير الطاقة الكهربائية أم قبل كل شيء خطابا سياسيا حول اللامركزية. وللمزيد من التفاصيل عن الاقتراح، نحيل القارئة إلى مقالة المرصد البرلماني المخصّصة له على الرابط التالي:

خطة جدية لإشراك البلديات في إنتاج الكهرباء أم خطاب سياسي حول اللامركزية؟

تعديل إجراءات تقديم طلبات الردّ والتنحي الواردة في قانون أصول المحاكمات المدنية وأصول المحاكمات الجزائية

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائب جورج عقيص من كتلة “الجمهورية القوية” بتاريخ 20 كانون الأول 2021، الرامي إلى تعديل الإجراءات المتعلّقة بطلبات ردّ وتنحّي القضاة. وبحسب الأسباب الموجبة للاقتراح، فهو يأتي ليربط الحقوق الإجرائية وحقوق الدفاع التي يملكها الخصوم في أي دعوى بمبدأ حسن النية حتى لا تُستعمل لعرقلة سير العدالة أو لهدف “كيدي”. وللمزيد من التفاصيل عن الاقتراح، نحيل القارئ إلى مقالة المرصد البرلماني بهذا الخصوص على الرابط التالي: 

اقتراح لتعديل أصول طلبات الرد والنقل: مدخل لوقف تعطيل عمل المحقق العدلي أم أكثر من ذلك؟

تجميد العمل بالمادة الثانية من القانون 515 (الموازنة المدرسية) 

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائبة بهية الحريري في 9/11/2021 والرامي إلى تجميد -للعام الدراسي 2021- 2022- العمل بالمادّة الثانية من القانون رقم 515/96 التي تضبط الزيادات على الأقساط المدرسية في المدارس الخاصّة غير المجانية. كما يسمح الاقتراح برفع “سقوف الإنفاق المحدّدة في قانون المحاسبة العمومية بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة”، “على أن يصدر بمرسوم بناء على اقتراح الوزير المختص ووزير المالية لتحديد قيمة سقوف الإنفاق”.

وبرّرت الأسباب الموجبة تقديمه بالأوضاع الاقتصادية والمالية الراهنة (تراجع سعر صرف الليرة وارتفاع الأسعار) بخاصة الارتفاع غير المسبوق للمصاريف التشغيلية في المدارس والتي أدّت إلى خلل كبير في موازناتها. 

عملياً سيؤدي القانون في حال إقراره إلى السماح بعدم “توازن بابَيْ الإيرادات والنفقات، ما يسمح لأيّ مدرسة خاصّة بالاستحصال على إيرادات من غير الأقساط بدون التصريح عنها أو إدخالها وقيدها في باب الإيرادات من الموازنة، أكان مصدرها منحاً أو هبات أو مساعدات أو مساهمات بالليرة أو بالدولار، أو النشاطات أو رسوم أخرى، وذلك بهدف مراكمة الأرباح” وفق ما أكّدته في حديث مع “المفكّرة” المستشارة القانونية لاتّحاد لجان الأهل وأولياء التلامذة في المدارس الخاصّة المحامية ملاك حميّة.

وبتاريخ 15/12/2021، أقرت اللجان المشتركة الاقتراح معدلاً، عبر حصر تجميد العمل بهذه المادة “لسنة واحدة فقط”.

ونحيل القارئة لمزيد من التفاصيل إلى مقالة مخصّصة لتداعيات هذا الاقتراح وتفاعل لجان الأهل معه على الرابط التالي: مدارس خاصّة تفرض زيادات تصل إلى 200%.

المقترحات الأخرى

التشريعات المتعلّقة بالوظيفة العامة والإدارات العامة 

تثبيت أساتذة متفرغين منذ عام 2014 في ملاك الجامعة اللبنانية 

على جدول أعمال الجلسة أيضاً اقتراح قانون معجّل مكرّر قدّمه النائب فيصل كرامي في 20 كانون الأوّل من العام 2021. 

وينص القانون المكوّن من مادة واحدة على: 

أولاً: إجازة إجراء الجامعة اللبنانية، ولمرة واحدة فقط، عقود التعاقد بالتفرّغ مع الأساتذة المتعاقدين بالساعة شرط أن يكونوا مستوفي الشروط الأكاديمية، وأن يكون التفرّغ خلال العام الدراسي 2021 – 2022 ووفق حاجات وقوانين الجامعة اللبنانية وعلى أن تراعى مقتضيات الوفاق الوطني. 

ثانياً: تثبيت الأساتذة المتفرّغين منذ العام 2014 في ملاك الجامعة. 

وقد برر كرامي تقديم القانون بصيغة معجل مكرر بأنّ التفرّغ في الجامعة اللبنانية كان حينها (وقت تقديم الاقتراح) “غير ممكن بسبب عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء” كما ورد في أسبابه الموجبة، إذ إنّ التفرّغ لا يحتاج إلى قانون بل إلى قرار في مجلس الوزراء.

غير أنّ ملف التفرّغ أصبح اليوم وفق ما أشارت إليه مصادر حكومية أمام الهيئة العامّة لمجلس الوزراء. وقد وعد رئيس الحكومة نجيب الميقاتي بمعالجة ملفات الجامعة خلال جلسة تحدّد قبل نهاية شباط الحالي ضمن سلّة واحدة، ومن أهمها ملف التفرّغ وملف الملاك (في ظل الأعداد الكبيرة للأساتذة الذين وصلوا إلى سنّ التقاعد) الذي يضم حوالي 1000 أستاذ. من هنا، فمن المتوقّع عدم التصديق على القانون خلال الجلسة بل إعادته إلى اللجان. كما أن الاقتراح ينضوي على مخالفة دستورية إذ يُعتبر تدخّلاً – في حال إقراره – من السلطة التشريعية في صلاحيات السلطة التنفيذية. 

تكمن الإشكالية الأساسية في ملفّ التفرّغ الذي أجّل لسنوات في ما يسمّى “التوازن الطائفي”، مع الإشارة إلى أنّ تفرّغ الأساتذة لن يكلّف الجامعة أعباء مالية إضافية بحسب إدارة الجامعة، إذ يمكن تمويل تفرّغهم من رواتب الأساتذة الذين أصبحوا في عداد المتقاعدين. 

وينفّذ أساتذة الجامعة اللبنانية المتعاقدون إضراباً منذ بداية العام مطالبين بتفريغهم. وقد شلّ الإضراب العمل في الجامعة ولاسيّما أنّ نسبة المتعاقدين فيها تبلغ 80% تقريباً من مجموع الأساتذة، في مخالفة واضحة لقوانين تنظيم الجامعة التي تمنع أن تتجاوز هذه النسبة 20%. 

ويضمّ ملف التفرغ الذي رفع إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء ما بين 1300 و1400 اسم من أصل 3320 متعاقداً منهم فقط 1900 أستاذ مستحق للتفرّغ، أي أستاذ يستوفي الشروط المحدّدة بحيازة الدكتوراه وإتمام 220 ساعة تدريس فضلاً عن سنتين خبرة.

ولن يكون تفرّغ هؤلاء الأساتذة مرّة واحدة، إذ سيكون مجدولاً على مراحل تمتدّ حسب ما هو متداول حتى اللحظة لثلاث سنوات دراسية، على أن تضمّ الدفعة الأولى ما بين 600 و700 أستاذ متعاقد.

 وفي حين أكّد رئيس الحكومة للأساتذة حرصه التامّ على اعتماد مبدأي الكفاءة والأحقية في اختيار الأساتذة المرشحين للتفرّغ في الملف بخاصّة لناحية النصاب التعليمي (عدد ساعات التعليم)، إلّا أنّ مبدأ التوازن الطائفي سيكون حاضراً، الأمر الذي يعني إلحاق الظلم بعدد من الأساتذة.

وكان المبدأ نفسه أي مبدأ التوازن الطائفي السبب الأساسي لاستثناء حوالي 150 أستاذاً يستحقّ التفرغ من آخر قرار تفرّغ  في العام 2014 ، وشمل 1213 أستاذ. وكان مبدأ التوازن الطائفي أيضاً السبب الأساسي لتأجيل ملف التفرّغ منذ سنوات.

ثلاثة مراسيم لتسوية أوضاع وترقيات في الأسلاك العسكرية

نجد هنا ثلاثة مراسيم إعادة قوانين كانت قد صدّقت في جلسة مجلس النواب تاريخ 27/9/2017 غير أنه جرى ردّها من قبل رئيس الجمهورية عملاً بالصلاحية الممنوحة له في المادة 57 من الدستور. وتهدف هذه القوانين المردودة جميعها إلى تسوية أوضاع وترقية عسكريين في سلكي المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. فهي تمنح الحق، وبصورة استثنائية، للرتباء (في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي) والمفتشين والمفتشين الأولين الممتازين (في المديرية العامة للأمن العام) الذين شاركوا في المباراة التي أجراها كل من هذين السلكين و”لم تتم ترقيتهم في حينها، أن يطلبوا إنهاء خدمتهم على أساس رتبة ملازم”. وتصفى حقوقهم على أساس هذه الرتبة “اعتبارا من تاريخ تقديم طلب إنهاء الخدمات على أن يحتفظوا بقدم الدرجة التي كانوا فيها”. كما ويستفيد من أحكام هذا القانون المتقاعدون الذين اشتركوا في هذه المباراة. وأخيراً، ينص القانون الذي أعيد بموجب المرسوم 1715 استثناء “الرتباء الذين تمت إدانتهم من المجلس التأديبي وعوقبوا بالطرد” من الاستفادة من أحكامه.

وقد عمد رئيس الجمهورية إلى إعادة القوانين الثلاثة (بموجب كل من المراسيم 1713، 1714 و 1715) إلى مجلس النواب بتاريخ 25/10/2017 لإعادة النظر فيها، متحجّجاً بالعديد من الأسباب. فاعتبر أولا، أن القانون المطلوب إعادة النظر به “يساوي بين جميع المشاركين في المباراة لجهة ترقيتهم بينما يقتضي حصر الترقية بمن نجح” فيها، و”إن كانت نتائج هذه المباراة قد أبطلت، باعتبار أن القانون الحاضر هو قانون تسوية وضع غير سليم وأن العيب قد شاب ترتيب الناجحين في هذه النتائج ولم يطل نتائج الرسوب”. كما اعتبر أن هذا القانون “يعطي المستفيدين منه الحق بالاحتفاظ بقدم الدرجة التي كانوا فيها، بالتالي حقوقا مالية تفوق تلك التي حصل عليها زملائهم الذين نجحوا في المباراة عينها وتمت ترقيتهم حينها”، الأمر الذي يقتضي معه وفق ردّ الرئيس “حصر حقهم بالاحتفاظ بالدرجة التي كانت تستحق لهم فيها لو تمت ترقيتهم في حينه”. وأخيرا، اعتبر الرئيس أنه من المتوجّب توسيع الاستثناءات ليشمل أيضا “كل من أحيل إلى المجلس التأديبي أو حكم عليه بجرم شائن بتاريخ لاحق لتاريخ إجراء المباراة”.

وقد درست اللجان المختصة هذه القوانين وأقرّتها معدّلة بعد الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية. 

للتذكير، كانت “المفكرة” قد حذّرت من عدم دستورية مثل هذه القوانين لعدم احترامها لمبدأ الفصل بين السلطتين الاشتراعية والإجرائية المنصوص عليه في الدستور (لاسيما المادة 65 منه).

التشريعات المتعلّقة بالسلطات والهيئات العامة

المجلس النيابي: اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل قانون الانتخابات رقم 44/2017 لتمكين المقترعين في الانتشار من الاقتراع بأوراق ثبوتية منتهية الصلاحية.

نجد هنا اقتراحا تقدم به النائب جورج عقيص بتاريخ 9 كانون الأول 2021 يرمي إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 118 من قانون الانتخابات رقم 44/2017 الذي ستجرى الانتخابات النيابية المقبلة على أساسه. ويرمي هذا الاقتراح إلى تمكين اللبنانيين المقترعين في الخارج من القيام بذلك من دون الحاجة إلى الاستحصال على أوراق ثبوتية جديدة في حال انتهاء صلاحية الأوراق الموجودة في حوزتهم. ويربط مقدّم الاقتراح أهميّة التعديل بالمعوقات اللوجستيّة التي تعتري تجديد الأوراق الثبوتية للبنانيي الانتشار ما قد يحرمهم من القيام بواجبهم الدستوري. ونضيف إلى ذلك أن استحالة الاقتراع بأوراق ثبوتيّة منتهية الصلاحية، في ظلّ انعدام قدرة المغتربين على تجديدها، يحدث خللاً في المساواة بين الناخبين اللبنانيين ما يؤثّر بشكل أكيد على مشروعيّة وديمقراطية الانتخابات. 

القضاء المذهبي: تعديل قانون تنظيم القضاء الدرزي لزيادة موارده البشرية

على جدول الأعمال أيضاً، مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 5768 والهادف إلى تعديل المادة الرابعة من قانون تنظيم القضاء الدرزي التي تنصّ في صيغتها الحالية على أنه “تتألف محاكم الدرجة الأولى من قاضي مذهب منفرد”. فيرمي المقترح إلى زيادة عدد القضاة إلى قاضيين بدلا من قاض منفرد في كل من محكمتي عاليه وبعقلين، بحيث “يتولى القاضي الأعلى درجة رئاسة الوحدة القضائية وتُناط به مهام إدارة المحكمة وتوزّع المهام بينهما بتكليف من المدير العام”. بالإضافة إلى ذلك، يزيد المقترح عدد الكتبة (المساعدين القضائيين) إلى 32 بدلا من 28، والمباشرين 18 بدلا من 14، والحاجبين 18 بدلا من 14.

إلا أن المقترح غير واضح ومبهم، ويُخشى تفسيره بمنحى آخر مخالف لنيّة المشرّع. إذ أن صيغته الحالية تدلّ على زيادة عدد القضاة إلى اثنين في كل من محكمتي عاليه وبعقلين وليس على إنشاء قسم إضافي في كل من تلك المحكمتين. مما يشكّل مخالفة للمادة 85 من قانون أصول المحاكمات المدنية وللنظام المفرد المتبع لجهة عدد القضاة في الهيئة الحاكمة. فسندا للمادة المذكورة، “تتألف محاكم الدرجة الأولى من غرف مؤلفة من رئيس وعضوين ومن أقسام يتولى القضاء فيها قضاة منفردون”. وبالتالي لا يمكن أن يتألف القسم نفسه من قاضيين. فيقتضي إذا إعادة صياغة النصّ بشكل واضح وحرفي يدلّ على إنشاء قسم إضافي في كل من محكمتي عاليه وبعقلين، وليس على زيادة عدد القضاة إلى اثنين.

وبحسب ما ورد في الأسباب الموجبة، يأتي المقترح في ظلّ تزايد عدد الدعاوى في قضائي الشوف وعاليه الناتج عنها تأخير في البتّ في المعاملات القضائية التابعة للمتقاضين. وبالتالي يهدف المقترح إلى تلبية الحاجة الماسّة في زيادة عدد القضاة والمساعدين القضائيين، وذلك من أجل حسن سير العمل القضائي.  خاصة وأن عدد أبناء طائفة الدروز الموحدين المتواجدين في قضاءي عاليه والشوف مرتفع جدا مقارنة بالأقضية الأخرى، وفقا لما أشارت إليه الأسباب الموجبة. كما وقدّ أكدّت مصادر مطلّعة للمفكرة القانونية على واقعية وعملية المقترح. فلا يحمل أي نوايا في الباطن تجاه الزبائنية والتوظيف العشوائي. بالإضافة إلى أنه يحرص على عدم زيادة التكاليف على الدولة وميزانيتها، آخذا بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية، وذلك بالرغم من الحاجة إلى إنشاء محاكم أخرى إضافية تتطلّب أبنية جديدة.

اقتراح لتفعيل استقلالية الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان 

نجد اقتراح قانون مقدّم من النواب بولا يعقوبيان، عناية عز الدين، ميشال موسى، سيمون أبي رميا، جورج عقيص، زياد حواط، سامي الجميل، ونديم الجميل، في 3/6/2020، بناء على طلب هيئة حقوق الإنسان. ويعمد الاقتراح إلى إنشاء موازنة خاصة للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب (قانون رقم 62/2016 المعدّل بموجب القانون رقم 6/2020 من الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2020).  تجدر الإشارة إلى أن الاقتراح قد درس في ثلاث لجان أقرته تباعا مع تعديلات هي لجنة حقوق الإنسان في 28/12/2020، لجنة الإدارة والعدل في 18/11/2021 وأخيرا لجنة المال والموازنة في 20/12/2021 التي اعتمدت الصيغة الصادرة عن لجنة الادارة والعدل.

ويعدّل الاقتراح في المادتين 28 و30 من القانون 62/2016 كالتالي:

  • ينصّّ الاقتراح بصيغته الأساسية وصيغه المقرّة في اللجان على تعديل الفقرة (ب) من المادة 28 (المتعلقة بمالية الهيئة وموازنتها) من القانون بما يعيد إنشاء موازنة خاصة بها تدرج “في فصل خاص ضمن الموازنة، في باب خاص متعلّق بالهيئات الوطنية المستقلة المنشأة بموجب قوانين” ويخرجها من الباب المخصّص لرئاسة مجلس الوزراء بما يضمن استقلاليتها.

وللتذكير، كانت  موازنة سنة 2020 قد قامت بتهريب المادة 30 منها التي عدّلت المادة 28 من قانون الهيئة، وذلك دون استشارة الأخيرة بحيث نقلت موازنتها إلى الباب المتعلّق برئاسة مجلس الوزراء وهو ما يتناقض مع طبيعة الهيئة التي يجب ضمان وتعزيز استقلاليتها بما يسمح لها بإتمام مهامها وتفعيلها أكثر. 

  • في المقابل، أجرت اللجان بعض التعديلات على المادة 28 من الاقتراح، بحيث حذفت (تبعاً لتعديل لجنة حقوق الإنسان) قيمة الاعتماد الإضافي المخصّص للهيئة، والمحدّدة بعشرة مليارات ليرة للسنة التشغيلية الأولى، حيث اكتفت اللجان بتحديد وجوب فتح هذه الاعتماد دون تحديد قيمته.
  • كذلك أجرت لجنتا الإدارة والعدل والمال تعديلا هاماً على المادة 28 من الاقتراح بحيث حصرتا الاستقلالية المالية  بموازنة الهيئة ككلّ، فيما الاقتراح بصيغته الأساسية والصيغة المقرة في لجنة حقوق الإنسان كانتا تشملان أيضاً  مصاريف لجنة الوقاية من التعذيب ضمن الموازنة التي يجب لحظها للهيئة على ألا تقلّ عن ربعها.
  • من جهة أخرى، يدخل الاقتراح (بصيغته الأساسية والمقرّة في اللجان) تعديلاً على تاريخ بدء ولاية الهيئة (من خلال تعديل المادة 30 من قانون الهيئة) فيضيف فقرة (ب) إليها تنص على أن “تبدأ الولاية الأولى للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، بعد صدور كافة المراسيم الناظمة للهيئة” (بعد أن كانت تبدأ، بغياب الفرة هذه المذكورة، مع نفاذ القانون). وبرّر مقدّمي الاقتراح  ذلك بالظروف الاستثنائية التي “لم تسمح للهيئة ببدء مهامها وإقرار موازنتها وصدور جميع مراسيمها الناظمة رغم مرور قرابة أربع سنوات على إنشائها (…)”. 
  • بالمقابل، لم تأخذ اللجان بالتعديل المقترح (أيضاً في المادة 30) في التعويض الشهري الذي يتقاضاه رئيس الهيئة وأعضائها، الذي اقترح أن يكون موازيا لراتب رئيس وأعضاء المجلس الدستوري، بدل ما هو منصوص عليه في القانون اليوم أي أن “تحدّد بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل”. وكانت الأسباب الموجبة للاقتراح بصيغته الأساسية قد برّرت هذا التعديل ل بضرورة تحييد الهيئة عن الخضوع “للسلطة الاستنسابية لوزراة العدل”، وتوازي هذه التعويضات مع تعويضات المجلس الدستوري لما من تشابه بدورهما. وهو ما ألغته لجنة حقوق الإنسان ووافقت عليه باقي اللجان وأبقت على الصيغة المعتمدة في القانون الحالي الذي ينصّ على  أن “تحدّد بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل”.

وكان مفوّض العلاقات الدولية في الهيئة بسّام القنطار قد فنّد في حديث مع المفكّرة القانونية التحدّيات والمعوّقات الكبيرة أمام نشاط الهيئة الذي لم يفعّل عملها بسبب عدم إقرار مجلس الوزراء حتى الساعة مشروع مرسوم النظامين الداخلي والمالي للهيئة منذ تقديمه في تشرين الأول 2019، وحيث تمّ إهمال مشروع الميزانيّة السنوية الخاص بالهيئة الذي تقدّمت به في أيلول 2019 لوزارة الماليّة، وحيث لم يتضمّن قانون الموازنة العامّة لعام 2020 أي موارد ماليّة للهيئة.

التشريعات المتعلّقة بتداعيات تفجير مرفأ بيروت 

استثناء تجميد بيع العقارات في المناطق المتضرّرة بين الأصول والفروع: لا خطر على “هوية المنطقة”

على جدول الأعمال اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 194 (حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها) مقدّم من مجموعة من نوّاب كتلة “لبنان القوي” في 20/12/2021. يعمد الاقتراح إلى إضافة استثناء على أحكام منع التصرّف والبيوعات التي يؤسس لها القانون في مناطق المرفأ، الصيفي، المدوّر، والرميل، وهو حالة البيوعات الحاصلة بين الأصول والفروع حتى الدرجة الرابعة.

واللافت في الاقتراح أسبابه الموجبة التي اعتبرت صراحة أن “هدف القانون كان حماية هوية المنطقة المنكوبة جراء الانفجار (…) ومنع حصول البيوعات تحت الضغط”، لتنتهي إلى أن البيوعات بين الفروع والأصول “لا تؤثر على روحية القانون”.

واللافت أن الأسباب الموجبة هذه تتعارض صراحة مع ما كان الاجتهاد قد ذهب إليه من إدانة للطائفية العقارية، حيث كان قد صدر قرار عن اللجنة المتخصّصة بالتدقيق بصحّة البيوعات الحاصلة في المناطق المتضررة (المُنشأة بحسب القانون نفسه)، رفض ربط تجميد البيوع في المنطقة بالحفاظ على “لونها الطائفي” وهذا ما كان قد تذرّع به المستدعي للسماح له بالبيع لمواطن من الطائفة نفسها. وجاء في حيثيّات القرار أن القانون “ينبذ (…) أي فرز أو تقسيم أو تجزئة أو تفريق بين اللبنانيين على أساس سياسي أو ديني أو طائفي أو مذهبي وهو ما يخالف أصلا طبيعة كلّ قانون وغاية كلّ تشريع يرمي إلى البناء لا إلى الهدم، الأمر الذي حرص الدستور اللبناني على تكريسه في مقدمته إذ تنص هذه الأخيرة في فقرتها “ج” على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل ولتكمل فقرتها “ط” بأن “أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحقّ في الإقامة على أيّ جزء منها والتمتّع به في ظلّ سيادة القانون فلا فرز للشعب على أساس أيّ انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين”. وقد أدْلَت اللجنة بذلك بعدما ذكرت بأن الأسباب الموجبة المعلنة للقانون 194/2020 إنما شملت الحماية من الغبن والاستغلال كما ومن أيّ عيب قد يشوب الإرادة أو يعطّلها من جرّاء الانهيار النفسي والاقتصادي والوطني الذي أحدثه انفجار 4 آب 2020″.

التشريعات المتعلّقة بالأزمات المالية والاقتصادية 

نجد من جهة أولى اقتراحين يذهبان في اتجاه تقديم مساعدات أو حلول موضعية لفئة من الموظّفين في الإدارة. 

وتنسحب الملاحظة نفسها عليهما؛ فمن خلالهما، تعبّر مرّة جديدة السلطة التشريعية عن عجزها في معالجة آثار الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي على موظفي القطاع العام. إذ تستمر في نهجها المعتمد منذ سنوات في سياسة الترقيع عبر توزيع المساعدات. فبدلا من تقديم حلول جدية صلبة ومستدامة لإنقاذ الإدارة العامة مثل تصحيح الرواتب والأجور، تتبنّى السلطة التشريعية حلول مؤقتة غير مجدية. ولعلّ هذه الاقتراحات خير اعتراف بإفلاس السلطة وعجزها عن التعاطي مع تداعيات الأزمة.

ونستعرضهما سريعاً في ما يلي:

رفع أجر متعاقدي التدريس بالساعة والمستعان بهم في التعليم الرسمي

نجد أيضا اقتراح قانون معجل مكرر كان قد تقدم به النائب طوني فرنجية في 20/1/2022، يرمي إلى تعديل أجر متعاقدي التدريس بالساعة والمستعان بهم في التعليم الرسمي. وينصّ المقترح على مضاعفة أجر ساعة التدريس عن العام 2022-2021، بالإضافة إلى تخصيص “تعويض بدل نقل يوازي بدل النقل اليومي المعتمد في القطاع العام عن كل 6 ساعات منفذة حضوريا.” ويأتي هذا المقترح كمحاولة لإنقاذ العام الدراسي الرسمي المهدّد وذلك بسبب إضراب المتعاقدين بالتدريس ومطالبتهم لحقوقهم الأساسية المهدورة في ظلّ تدّني القوة الشرائية، ارتفاع كلفة المحروقات، وغياب القدرة على إصدار مراسيم تعالج تلك الأزمة، بحسب ما أشارت إليه الأسباب الموجبة.

تأمين مساهمة مالية لصالح تعاونية موظفي الدولة ومصلحة الصحة في قوى الأمن الداخلي

نجد أيضا اقتراح قانون معجل مكرّر كان قد تقدم به النائب بلال عبدالله بتاريخ 2022/1/18، يرمي إلى تأمين مساهمة مالية لصالح تعاونية موظفي الدولة ومصلحة الصحة لقوى الأمن الداخلي. ويخصّص المقترح مساهمتين: من جهة، مبلغ خمسمائة مليار ليرة لبنانية كمساهمة مالية لصالح تعاونية موظفي الدولة، ومن جهة أخرى، مبلغ خمسمائة مليار ليرة لبنانية لصالح مصلحة الصحة في قوى الأمن الداخلي.

وقد استندت الأسباب الموجبة على الأزمة الاقتصادية والمالية وانعكاسها على مالية التعاونية وعلى قدرة القوى الأمن الداخلي التي برزت في ارتفاع كلفة العلاج وأسعار الأدوية. كما وقد شدّدت على “واجب الدولة اللبنانية في تأمين موظفيها وقواها الأمنية ورعاية أوضاعهم الصحية.”

من جهة أخرى، نجد اقتراحاً جديداً لتمديد العمل بقانون تعليق مهل دفع الأقساط طول فترة الإغلاق الكامل الناتج عن جائحة كورونا ومراحل تخفيفه التدريجي:

تمديد العمل بقانون تعليق المهل طول فترة الإغلاق الكامل الناتج عن جائحة كورونا 

نجد هنا اقتراح القانون المعجل المكرّر المقدّم من النائب غازي زعيتر في 18/1/2022 والرامي إلى تمديد العمل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 237/2021 الذي كان انتهى في 22/3/2021. 

وللتذكير، كان البرلمان قد صدّق على القانون 237 في جلسته التشريعية بتاريخ 30/6/2021 وتتضمّن مادته الأولى تمديد بعض المهل المتعلّقة بالتخلّف عن تسديد القروض وتلك المرتبطة بالضرائب والرسوم، والثانية تعليق كافة المهل طول فترات الإغلاق الكامل بسبب جائحة كورونا. وكان قد صدّق المجلس في جلسة 7/12/2021 حصراً على تمديد المادة الأولى المتعلّقة بتسديد القروض والضرائب والرسوم حتى 31/3/2022.

أمّا اقتراح زعيتر الحالي فيأتى لتمديد العمل بالفقرة الثانية من القانون 237/2021، أي تعليق جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية بما فيها المهل الضريبية الممنوحة لأشخاص الحقيّن العام والخاص بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها، سواء كانت هذه المهل شكلية أو إجرائية أو امتد أثرها إلى أساس الحق طول فترة الإغلاق الكامل ومراحل التخفيف التدريجي لقيود هذا الإغلاق المحددة أو التي حددت استنادا إلى قرار إعلان حالة التعبئة العامة والمتّّخذ بموجب المرسوم رقم 7315 تاريخ 31/12/2020 وذلك لغاية 22/3/2021 ضمنا”. 

ويمدّد اقتراح زعيتر مفاعيل المادة المذكورة بين 1/1/2022 وحتى 31/3/2022 مع مفعول رجعي يغطي الفترة الممتدّة بين تاريخي 23/3/2021 إلى 31/12/2021.

إلا أن الاقتراح يفشل في معالجة الثغرة الموجودة في النص، والتي كان قد أشار إليها المرصد البرلماني مراراً، وهي اعتماد مهلة قصوى لقرارات الإقفال التي يبنى على أساسها التعليق الشامل للمهل، وهو تاريخ 22/3/2021. 

بالتالي، وفي حال التصديق على الاقتراح يكون قد جرى إعادة تكريس قاعدة فاقدة لأي فعالية.

التشريعات المتعلّقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

تعديل قانون حماية المستهلك: محاولة لمكافحة الغش والاحتكار والتلاعب بالأسعار

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائب أكرم شهيّب في 20/1/2022 والرامي إلى تعديل بعض أحكام قانون حماية المستهلك (رقم 659/2002). وأبرز التعديلات التي يطرحها هذا الاقتراح:

  • إعطاء المستهلك حق الاستحصال على معلومات صحيحة وواضحة ووافية حول “كيفية احتساب ثمن” السلع أو الخدمة (المادة الثالثة)
  • إضافة مكافحة مفهومي “الغش والتلاعب بالأسعار” ضمن مهام وزارة الاقتصاد والتجارة لتمكين وزير الاقتصاد والمراقبين من إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات الآيلة لمكافحتها (المادة 45)
  • إضافة حالة إلى لائحة المحظورات السارية على المحترف، وهي “حجب كميات عن المستهلك وإخفاء وعدم تسليمها للمستهلك مباشرة” (الفقرة الأولى من المادة 50)
  • إضافة مفهوم مكافحة احتكار السلع أو المواد الاستهلاكية، والتلاعب بأسعارها إلى مهام مديرية حماية المستهلك (الفقرة 8 من المادة 64)
  • توسيع صلاحيات موظفي مديرية حماية المستهلك والأجهزة الرقابية من خلال السماح لهم بدخول كل الأماكن دون الاستحصال على إذن مسبق خطي من قبل النيابة العامة المختصّة  (المادة 72)
  • وأخيرا، ترفع الغرامات المالية المذكورة في مواد القانون (وهي المواد  105، 108، 109، 110، 111، 113، 118، 119 و120؛ ونلحظ أن الزيادات على الغرامات في هذه المواد تراوحت بين مرّة ونصف  و5 مرّات)

ويندرج هذا الاقتراح ضمن محاولات ردع الممارسات الاحتكارية التي ولّدها الأزمة المالية والاقتصادية، وفي محاولة لمعالجة إشكاليات عدم فعالية تدخّل أجهزة الدولة لإيقاف ومعاقبة هذه الممارسات.

وتشير الأسباب الموجبة إلى قيام عدد من التجّار والمؤسسات التجارية – متحججين بالأوضاع الاقتصادية والمالية –  “بزيادة الأسعار واحتكار البضائع وفرض زيادات فاحشة على المستهلكين، لا تتناسب مع القيم الشرائية الفعلية” لها، مما أتاح لهم تحقيق “أرباح فاحشة” على “حساب المواطنين المستهلكين الملزمين بالرضوخ لمشيئتهم خلافا لأحكام القانون. 

وتضيف الأسباب الموجبة أن “الدولة بأجهزتها الرقابية – وإن حاولت التدخّل مرغمة لحماية المستهلك – تعزو تلكؤها إلى عدم وجود نص يسمح لمراقبي مصلحة حماية المستهلك وموظفيها من إتخاذ إجراءات فورية رادعة أو لأن الإجراءات القضائية بطيئة” أو لأن الغرامات المنصوص عنها باتت دون جدوى في ظل الانهيار المالي وتدني قيمة الليرة اللبنانية.

التشريعات المتعلّقة بتنظيم الحياة المدنية وسياسات الوئام الاجتماعي

إعفاء بعض رخص البناء من الرسوم وفقاً لتصاميم نموذجية

نجد في البند الخامس من جدول الأعمال اقتراح القانون الرامي إلى إعفاء بعض رخص البناء من الرسوم وفقاً لتصاميم نموذجية. يأتي هذا البند نتيجةً لدمج اقتراحين في لجنة المال والموازنة بتاريخ 11 تشرين الأول 2021. الاقتراح الأول مقدم من النائبة بهية الحريري، والاقتراح الثاني مقدم في 23 حزيران 2020 من نواب تكتل الوفاء للمقاومة علي فياض، ابراهيم الموسوي وحسين جشي (مع العلم أنّ النائبة بهية الحريري كانت قد عادت وتقدّمت باقتراح ثالث مشابه ومن غير الواضح أيًّا منهما تم استخدامه في عملية الدمج في اللجان). 

وقد ربطت الأسباب الموجبة بنسختها الأخيرة المعتمدة في لجنة المال والموازنة أهميّة هذا الاقتراح بتفاقم النزوح إلى المناطق الريفية لسهولة البناء فيه نظراً إلى سعر الأراضي المتدني نسبيًّا وشيوع الملكيات المتوارثة والمنتقلة. كما بيّنت الأسباب الموجبة نيّة المشرّع بتشجيع الأهالي على البناء في قراهم لما في ذلك، بحسب المشرّع، من فوائد اقتصاديّة على الريف عموماً وقطاع البناء فيه خصوصاً ولما في هذه الخطوة من دعمٍ للأهالي في بناء مساكن لهم خصوصًا أصحاب الدخل المحدود. 

بالمقابل، كانت المفكرة القانونية بالتعاون مع استوديو أشغال عامة قد وضعت ملاحظاتها على هذه الاقتراحات بنسخاتها الأصلية، معتبرة أنه “تشريع اللا دولة”، بحيث من شأنه شرعنة البناء وتسريعه، خصوصاً في المناطق غير المنظّمة على اختلافها بحجّة الاستجابة إلى حاجات السكن، مع الخشية من تحريكه القطاعات المتصلة بالبناء من كسّارات ومقالع وتشويه الطابع المميّز للمناطق.

ونحيل القرّاء إلى تفصيل هذه الملاحظات على الرابط أدناه:

اقتراحان لتسهيل البناء في المناطق الريفية

و للإشارة، فإنّ النسخة المدمجة والمقرّة في لجنة المال والموازنة تضمّنت بعض التعديلات أبرزها التالية: 

  • قامت أوّلاً لجنة الإدارة والعدل بإعادة تحديد الأماكن التي يمكن الاستفادة فيها من الإعفاء المنصوص عليه في الاقتراح كما عدّلت الجهة المخوّلة تنظيم النماذج الهندسيّة لتصبح إحدى نقابتي المهندسين بدلاً من المديرية العامة للتنظيم المدني وأخذت لجنة المال بهذه التعديلات. 
  • كما قامت اللجان بتعديل قيمة رسوم الطابع المستوفاة على الترخيص، من قيمة مقطوعة تساوي 50.000 لكلّ من نقابة المهندسين والمديرية العامة للتنظيم المدني، لتنتهي لجنة المال والموازنة باعتماد 200000 ليرة لبنانية لمديرية التنظيم المدني ونصف الحدّ الأدنى للأجور لنقابة المهندسين.  
  • كما عدّلت اللجان من قيمة الإعفاء من رسوم الأملاك المبنية، لتصبح إعفاءً بنسبة 50 بالمائة من رسوم الأملاك المبنية لمدّة جعلتها لجنة المال والموازنة 10 سنوات إذا كان ثلثا جدران البناء الخارجية من الحجر الطبيعي أو إذا كانت مساحة ثلثي سقفه على الأقل من القرميد الأحمر أو إذا كان هناك اعتماد لتركيب ألواح الطاقة الشمسية.
  • وسمحت لجنة الإدارة والعدل بالاستفادة من أحكام القانون بحال وجود بناء قائم مع مراعاة شروط القانون لجهة المساحة وعدد الطوابق والنماذج المعتمدة وبعد التأكد من متانة البناء بحسب الأصول المنصوص عليها في القانون عينه وقد أخذت لجنة المال بهذه التعديلات وأخذت لجنة المال والموازنة بهذا التعديل. 

تعديل مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وإدخال مادة البرمجة، الروبوتيك والذكاء الإصطناعي

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائب نقولا صحناوي بتاريخ 30 كانون الثاني 2019 الرامي إلى تعديل مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي وإدخال مواد البرمجة، الروبوتيك والذكاء الاصطناعي. ويهدف هذا الاقتراح إلى توسيع تعليم مادة المعلوماتية في المنهج اللبناني لتشمل الروبوتيك والذكاء الاصطناعي في مراحل التعليم المتوسط والثانوي كافة، بمقدار حصّة تعليميّة أسبوعيًّا. وينطلق هذا الاقتراح من اعتباره أن التربية هي من “أولويات الأعمال الوطنية”، وأنّ النقلة النوعية في طابع الاقتصاد اللبناني لا بدّ لها أن تبدأ من تحديث المناهج التربوية كي تتماشى مع مقتضيات العصر والعولمة الرقمية والاقتصادية. وبعد مرور الاقتراح بلجنة التربية والتعليم العالي والثقافة ولجنة تكنولوجيا المعلومات التي يترأسها النائب صحناوي وأخيراً لجنة الإدارة والعدل، شهد عدّة تعديلات طالت اولاً عنوانه فاختُصر “بتدريس مادة المعلوماتية في جميع حلقات ومراحل التعليم العام”. كما لفتت لجنة الإدارة والعدل إلى أنّ تعديل المناهج يتطلّب موافقة مجلس الوزراء وليس وزير التربية والتعليم العالي منفرداً كما كان مذكوراً في الاقتراح الأساسيّ، فتمّ التعديل على هذا النحو. كما حذفت لجنة الإدارة والعدل جزءاً كبيراْ من مواده لاسيما تلك المتعلّقة بفتح باب التوظيف أو التعاقد مع معلّمين وأساتذة متخصصين لمواكبة توسيع تعليم المعلوماتية في المنهج اللبناني. فأضحى الاقتراح مختصراً بتحديد واجب تعليم المعلوماتية بكافة فروعها، وتوكيل المركز التربوي للبحوث والإنماء إعداد المناهج على أن يوافق عليها مجلس الوزراء بناءً لاقتراح وزير التربية.

تصحيح اسم قرية 

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائب أكرم شهيّب بتاريخ 10/1/2022 والرامي إلى تصحيح اسم قرية “مجدلايا” قضاء عاليه – محافظة جبل لبنان وتعديله إلى “مجدليا” ليتناسب حسب ما جاء في الأسباب الموجبة مع “المستندات التي بحوزة الأهالي”، تفادياً لأي إشكاليات قانونية، لا سيما في ظل إجراء الانتخابات النيابية المرتقبة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، قضاء ، لبنان ، المرصد البرلماني ، الحق في الصحة والتعليم ، أجهزة أمنية ، مجزرة المرفأ ، محاكم دينية ، جائحة كورونا ، محاكم مدنية ، محاكم جزائية ، مصارف ، تشريعات وقوانين ، الحق في التعليم ، حقوق المستهلك



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني