كلمة “الأردنيات” التي حوّلت مجلس نواب الأردن إلى حلبة مصارعة


2022-01-06    |   

كلمة “الأردنيات” التي حوّلت مجلس نواب الأردن إلى حلبة مصارعة
المصدر: رويترز / محمد حامد

بتاريخ 28 كانون اول 2021، بدأ مجلس النواب الأردني بمناقشة مشروع التعديلات الدستورية المقدم من قبل الحكومة اعتمادا على توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. مع بداية الجلسة، بدا التوتر واضحا على رئيس المجلس ورئيس اللجنة القانونية الأمر الذي انعكس على إدارة الجلسة. وما أن بدأ النقاش بالتعديل الأول الذي يضيف كلمة “الأردنيات” إلى عنوان الفصل الثاني: “حقوق الأردنيين وواجباتهم” حتى تفاقمت الأمور وانتهى الأمر إلى مشاهد إثارة هزلية لا تعتبر الأولى من نوعها تطايرت فيها اللكمات بين أعضاء المجلس.

التعديل الذي تم مناقشته انصبّ على العنوان فقط، من دون المساس بنصّ المادة 6/1 التي حظرت التمييز على أساس “العرق أو اللغة أو الدين” حصرا، من دون أي إشارة إلى “الجنس”، الأمر الذي يشكل مطلبا أساسيا للحركة النسوية الأردنية وغالبية المجتمع المدني لسنوات طويلة. في حين ظهر تيّار معارض لهذا التعديل معتبرا هذه الإضافة مؤامرة على الدين والأسرة في رسالة واضحة بأن الفضاء المدني ليس حكرا على أحد، مع العلم أن التعديل المقترح لا يحمل قيمة قانونية طالما وقع خارج إطار المادة 6/1 من الدستور. 

على الصعيد الرسمي، سبق وأن صدرتْ تصريحات مفادها أن إضافة الجنس كسبب لعدم التمييز مستبعد لأسباب سياسية وهي الخوف أن تنعكس على قانون الجنسية الأردني ويصبح للمرأة الأردنية حقّ نقل الجنسية لأبنائها وبالتالي حدوث خلل في الديموغرافيا الأردنية وتحوله للوطن البديل. أما المزاعم بأن إضافة الجنس أو كلمة “الأردنيات” ستؤثر على قوانين الأحوال الشخصية فهي غير مبرّرة لأن الدستور نصّ صراحةً على تطبيق أحكام الشرع بهذا الخصوص. 

المحاذير السابقة، جعلت الاقتراب من المادة 6/1 محظورا، بالرغم من ضرورة مراجعتها لتشمل أسانيد أخرى تمنع التمييز على أساسها مثل الإعاقة والنسب والمولد والرأي وغيرها من الأسانيد التي جاءت في المواثيق الدولية وجعلها على سبيل المثال وليس الحصر. ومثل هذا التعديل يعدّ ضرورة ملحة. فعلى سبيل المثال، تمّ رصد تمييز ضدّ هذه الفئات مثل مجهولي النسب من خلال منحهم أرقاما وطنية تمييزية تؤدّي إلى الانتقاص من حقوقهم الأساسية، وهو الأمر الذي تم تداركه لاحقا من قبل السلطات المعنية. وبالتالي يمكن وصف التعديل المقترح على عنوان الفصل الثاني بأنه عملية تجميل غير ناجحة لإخفاء العيوب الواردة 6/1.

التعديلات الأخرى المقترحة على الفصل الثاني، تقتصر على تمكين النساء، ذوي الإعاقة والشباب من دون إحداث تطوّر ملموس على التمتع بالحقوق والحريات. فهذه النصوص قيدّت الحقوق والحريات بالقانون، من دون وضع ضوابط على هذه القوانين. 

فعلى سبيل المثال جاء في المادة 15/1 ” … لكلّ أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون”، فهذا النص لا يمنع التعدي على حرية الرأي أو تقييدها لذلك تشترط الدساتير الحديثة والاتفاقيات الدولية أن يكون القيد الوارد في القانون ضروريا لحماية غاية مشروعة تتمثل في احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، أو حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

غياب هذه الضوابط يعطي مشروعية دستورية للعديد من القوانين التي تمنح الإدارة العامة صلاحيات تقديرية واسعة بانتقاص الحقوق والحريات من دون بيان الأسباب مثل قانون الجمعيات وقانون منع الجرائم وقانون الاجتماعات العامة وغيرها من القوانين.


  1 “بس بدّي إبني يعيش مثل باقي الأردنية”، معاملة أبناء الأردنيات غير المواطنين، هيومن رايتس ووتش، 2018 

انشر المقال

متوفر من خلال:

حريات ، جندر ، المرصد البرلماني ، البرلمان ، تشريعات وقوانين ، الجنسية ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، الأردن



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني