دروس دامية في قوانين الحرب من غزّة (1): ما يحصل ليس دفاعًا عن النفس


2023-10-26    |   

دروس دامية في قوانين الحرب من غزّة (1): ما يحصل ليس دفاعًا عن النفس
المصدر: الأورومتوسطي لحقوق الإنسان

يقال إنّ القانون الدوليّ – بخاصّة الشق المتعلق باستعمال السلاح، ومنع الحروب، وسياسات الأمن الجماعي، والضوابط التي تفرض خلال الحروب أو الصراعات المسلحة، يقال إنّه “خطوة سامية” خطتْها البشرية بعد مآسي الحربين العالميتين ووحشيّتهما، خطوة نحو “أنسنة الإنسانية”. قلْ هذا لطفلٍ خسر أمًّا وأختًا وبيتًا وساقًا وحياةً خلال الأسبوع الأخير. بالنسبة إليه الواقع الواضح والصريح أنّها خطوة لا تؤمّن له أي حماية بل تبدو بمثابة إيحاء خبيث بوجود حماية لا وجود لها في الواقع، أو أيضًا ورقة كاذبة تتلطّى خلفها الدول الكبرى المهيمنة على “المجتمع الدولي” لمعاقبة من تشاء ومساندة من تشاء.

اليوم يظهر جليًّا أمام أعين الجميع ما كان واضحًا للشعب الفلسطيني على مرّ العقود: الاحتلال غير قانوني، لكنّه واقع. قتل المدنيين جريمة حرب، لكنه واقع. تقرير المصير (بأي طريقة ممكنة) حقّ مشروع، لكنّه يجرّم.

هل هدفنا مناشدة المجتمع الدولي للالتزام بالقانونِ الدولي الذي وضعه؟ لسنا بهذه السذاجة. يتبيّن يومًا بعد يوم أنّ القانون الدولي لا يردع العنف، ولا وحشيّته. ويمكن حصر أكبر تأثير له عندما تختار دولة معيّنة أن تشنّ حربًا، فتضطرّ لتجنيد مجموعة من القانونيين لتأويل وتفسير القواعد القانونية بما يتناسب مع خطواتِها الفعلية. لكن أن يكون قرار الاعتداء وشنّ الحرب خاضعًا لأن يردعه نصّ أو عرف قانوني فهذا غير صحيح. حتى هذه اللحظة، يبدو أنّ التجنيد الفعلي والأهم خلال الحرب، ليس للقانونيين، إنّما للإعلام الذي تُخصص له موارد مادية وبشرية ضخمة، لتمرير سردية وحشية، ولكن لا مساحة للقانون الدولي فيها. وما مواقف الدول الغربية التي تدّعي احترام القانون، لا بل أحيانًا فرضه بالقوّة، إلّا تأكيدٌ بأنّ هذا القانون وضع لترويضنا/ ترويض الضعيف. إذًا، لماذا نحاجج بالقانون الدولي الآن؟ هدفنا هو تعرية المجتمع الدولي ووضع مرآة أمامه، مرآة تتلاحق عليها صور أشلاء الأطفال والنساء والرجال ومعها معاييره المعلنة التي يعرّي كذبها الواقع. 

نستعرض في سلسلة مقالات متتالية خرق إسرائيل للقانون الدولي في مختلف أبعاده: فنبدأ بمساءلة (1) “حقّها في الدفاع عن نفسها” لنقض شرعية استخدامها العنف؛ لننتقل إلى (2) توسيع وتثبيت مخالفاتها المتعددة للقانون الدولي الإنساني وتثبيت جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكبها والتي تتعدّى هذه التعريفات الجرمية لتأخذ طابع الإبادة الجماعية (3). ختامًا، سنتطرّق لعرض تاريخ فلسطين مع المحكمة الجنائية الدولية كوسيلة للمحاسبة القضائية المحتملة للمسؤولين الاسرائيليين (4).

قبل المضي في ذلك، يجدر التذكير بالتمييز المعتمد بين القانون ضدّ/الرادع للحرب (jus ad bellum, jus contra bellum) وقانون الحرب (jus in bello) وهو ما يسمّى ايضًا بالقانون الدولي الإنساني. الأوّل هو القانون الذي يحدّد شروط أحقية استخدام السلاح والعنف في العلاقات الدولية، وينبع بشكل أساسي من ميثاق الأمم المتحدة وتفسيرات وقرارات محكمة العدل الدولية، والممارسات الدولية القابلة لتطوير تفسير هذه القواعد. أما الثاني، فيضع ضوابط قانونيّة خلال استخدام العنف وهو يضمّ معاهدات جنيف وبروتوكولاتها. بمحاذاة هذين الحقلين، تطوّر مفهوم القانون الدولي الجنائي (بشكل أساسي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية) وهو محاولة معاقبة “قانونية” لأفعال حربية جرمية. وإسرائيل تكاد تكون الدولة التي سجّلت في رصيدها انتهاكَ جميع هذه القواعد منذ نشأتها[1] .

هذا العدوان ليس دفاعًا عن النفس

ردًّا على عملية “طوفان الأقصى”، اعتبرت إسرائيل نفسها – كعادتها – في حالة دفاع شرعيّ عن النفس ولاقتْ بشكل سريع الدعم الثابت وغير المشروط من حليفها الأساسي الولايات المتحدة الأميركية، فضلًا عن دعم بعض الدول الأوروبية[1] التي أعلنت “الوقوف مع إسرائيل”. نقول “كعادتها” لأنّ إسرائيل كيان قائم على “الدفاع عن النفس” يبرّر كل أعماله الحربية (وغير الحربية) على هذا الأساس. حتّى أنّ عملية الاحتلال نفسها[2] وبناء المستوطنات والجدار الفاصل[3]، كلّها تحصل تحت ذريعة الدفاع عن النفس. فادّعاء إسرائيل الدائم – منذ نشأتها – بـ “الدفاع عن النفس” ما هو إلّا ترجمة  لطبيعتها العدوانية الدائمة والمستمرّة.[2] 

إلّا أنّ التدقيق في ما تقوم به إسرائيل يبيّن سريعًا أنّ ما تسمّيه دفاعًا ليس كذلك وأنّ التذرّع به إنّما يتعارض مع تعريفه وشروطه كما ورد في المادة 51 من ميثاق الأمم المتّحدة. هذا فضلًا عن أنّ هذا الحقّ يندرج ضمن قواعد العلاقات الدولية وليس الإطار الذي ينطبق على حالة دولة محتلّة في علاقتها مع الشعب الخاضع لسيطرتها.

الاحتلال لا يتمتّع بحق الدفاع عن النفس

أو الخاضع للاحتلال يتمتّع بحق المقاومة 

أوّل ما نلحظه هنا هو أنّ أيّ مقاربة لحق الدفاع من قبل دولة محتلّة يصطدم بحق تقرير المصير الذي يبقى أحد أهداف الأمم المتحدة، وإلّا فإنّ من شأن حقّ الدفاع أن يلغي تمامًا الحق في المقاومة الذي قد يكون الأداة الأساسية لوضع حدّ للاحتلال.

فقد جاء في المادة الأولى من ميثاقها “مقاصـد الأمـم المتحدة هي: (…) 2. إنماء العلاقات الودّية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكلّ منها تقرير مصيرها (…)”. وقد أعادت المادة 55 من الميثاق التأكيد على هذا المبدأ. ويعود الفضل في إدراج هذا المبدأ إلى جوّ معادٍ للاستعمار ومنادٍ بالتحرّر، فكانت هذه الصياغة محاولات أوّلية لتزويد الشعوب الخاضعة للاستعمار بأدوات قانونية قابلة للاستخدام للمطالبة باستقلالها. وفيما لم يحدد الميثاق نطاق هذا الحق، تتالتْ قرارات الهيئة العامة للأمم المتحدة لتوضّحه. وضعت المادة الأولى من القرار رقم 1514(عام 1960) أساسات هذا الحق حيث جاء فيها: “إنّ إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكّل إنكارًا لحقوق الإنسان الأساسية ويناقض ميثاق الأمم المتّحدة ويعيق قضية السلام والتعاون العالميين”. ثمّ أتى القرار رقم 2625 (عام 1970) الذي أعلن مبادئ القانون الدولي الرسمية المتعلّقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول، ونصّ المبدأ الخامس على “تساوي الشعوب في حقوقها وحقّها في تقرير مصيرها” ملقيًا على عاتق كل دولة “واجب الامتناع عن إتيان أيّ عمل قسري يحرم الشعوب (…) من حقّها في تقرير مصيرها بنفسها ومن حرّيتها واستقلالها”. وأعطى الحق لهذه الشعوب “في مناهضتها لمثل هذه الأعمال القسرية وفي مقاومتها لها، سعيًا إلى ممارسة حقها في تقرير مصيرها بنفسها، أن تلتمس وأن تتلقى المساندة وفقًا لمقاصد الميثاق ومبادئه”.

أمّا القرار الأوضح، فهو القرار رقم 3246 (1974) الذي أكّد “من جديد” في مادته الثالثة “شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرّر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاستعباد الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلّح”.

خلال المفاوضات المتعلّقة باتخاذ هذه القرارات، حاولت الدول الاشتراكية والدول “غير المنحازة” فرض اعتراف صريح بحق “الدفاع عن النفس” للشعوب الخاضعة للاستعمار، لكنّ الدول الغربية رفضت ذلك خشية استخدام حقّ الدفاع عن النفس الجماعي [3] وانخراط دول أخرى في إحقاق تحرّر الشعوب. فأصبحت بالتالي العلاقة التي ترعى الدول المستعمِرة مع الشعوب الخاضعة لسيطرتها محكومة بقواعد مختلفة عن قواعد ميثاق الأمم المتحدة المتعلّقة بشرعية استخدام العنف (jus ad bellum). وأوضح دليل على ذلك، ديباجة القرار رقم 3314 (1974) حيث جاء فيها إعادة التأكيد على واجب الدول “عدم استعمال القوة المسلحة لحرمان الشعوب من حقها في تقرير المصير وفي الحرية والاستقلال”.

حتّى أنّ القانون الإنساني الدولي تطوّر في هذا الاتجاه، حيث وسّع البروتوكول الإضافي الأوّل لاتفاقيات جنيف الموقعة في 12 آب 1949 (1977) تطبيق هذه الاتفاقيات في حالة الشعوب التي تقاتل ضدّ الاستعمار والاحتلال الأجنبي وضدّ الأنظمة العنصرية في ممارسة حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، ليضيف بذلك حالة جديدة على حالات النزاعات المسلحة الدولية (بين دولتين) والنزاعات المسلحة غير الدولية (الحروب الأهلية). ولدواعي تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني، تمّ اعتبار حروب التحرير هذه ضمن “النزاعات المشابهة للنزاعات المسلّحة الدولية” وإن لم تكن فعليًّا بين دولتين.

وعليه، يميّز القانون الدولي الحديث بين موجب الدول في نبذ الامتناع عن استخدام العنف في علاقاتها الدولية بناءً على ميثاق الأمم المتحدة، حيث يحفظ لها الحق في الدفاع عن نفسها[4] . أمّا في علاقة الدولة المستعمرة/المحتلّة مع شعب خاضع لسيطرتها، فيحكمها مبدأ حق تقرير المصير، ولا تتمتّع الدولة المستعمرة بالحقّ في الدفاع عن نفسها. والنتيجة المتأتية عن ذلك، أنّ المنع في اللجوء إلى العنف في العلاقات الدولية، منع متبادل. لكن في إطار حق الشعوب في تقرير مصيرها، ينحصر هذا المنع بالدولة الأجنبية والاستعمارية، ولا يطبّق على الشعب الذي يمارس حقّه في تقرير مصيره.

رغم وضوح هذه المعطيات، يحاول الكيان الاسرائيلي باستمرار، تطويع القانون الدولي وخلط مفاهيمه وتحديدًا من خلال فرض التطبيع مع الممارسات العنفية المستمرة والحروب المتكرّرة التي يقوم بها ضدّ الشعب الفلسطيني وتاليًا من خلال السعي إلى انتزاع الاعتراف بمشروعية هذه الممارسة وهو أمر لم ينجح لغاية اليوم في تحقيقه وإنْ لقي سعيه مجاملَة منتظمة من الولايات المتحدة وعدد من دول الشمال السياسي. آخر الشواهد على ذلك كان يوم الأربعاء 18 تشرين الأوّل، وتمثل في الفيتو الأميركي، على مشروع قرار بفرض هدنة مؤقّتة لإدخال مساعدات إنسانيّة ضروريّة لمليونيْ شخص في غزّة. وقد جاء الرفض الأميركي على لسان الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى مجلس الأمن ليندا توماس- غرينفيلد: “هذا القرار لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها (..) إسرائيل لديها حق طبيعي في الدفاع عن نفسها كما هو منصوص في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”. والحقيقة أنّ دعم الولايات المتّحدة لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يكاد يكون الدعم الأكثر ثباتًا ووضوحًا والوحيد في كلّ مرة تعلن إسرائيل عن عدوان جديد داخل الأراضي المحتلّة. أمّا الدول الأخرى، فغالبًا ما تبدي رفضها لهذا الحق، وإن ازداد ذكره في الخطاب السياسي مؤخرًا في دول أوروبية عدّة.
 

الدفاع عن النفس لا يبرر الحروب الاستباقية:

أو وقف “عدوان” “حماس” لا يبرر حربًا لاجتثاثها

علاوة على إثارة إسرائيل حق الدفاع بصورة منتظمة، فإنّها غالبًا ما تثيره بصورة استباقيّة أو ما يصلح تسميته الدفاع الشرعي الوقائي، بمعنى أنْ تلجأ إليه تبريرًا لعمل عسكري يهدف ليس إلى وقف هجوم ما يُشنّ عليها بل إلى منع احتمال حصوله. وقد اصطدمت هنا أيضًا حجج إسرائيل بمعارضة مستمرة من قبل المجتمع الدولي في مجمله، إذ برز شبه إجماع أنّ الهجوم وحده يسمح باللجوء إلى الدفاع عن النفس لصدّه من دون أن يسمح بصدّ الهجوم اللاحق المحتمل[4].

طبعًا تعتبر إسرائيل أنّ عملية طوفان الأقصى عدوان عليها. حيث تعرّضت في تاريخ 7 تشرين الأوّل 2023 لهجوم صاروخي واسع النطاق، ولاقتحامٍ بريٍّ من قبل مقاتلي “حماس” الذين سيطروا على مستوطنات عدّة وعلى عدد من المواقع العسكرية، كما أسروا بين 200 و250 إسرائيلي عادوا بهم إلى قطاع غزّة وبلغ عدد القتلى في الجهة الإسرائيلية، بحسبها، 1400 شخص. وفي 8 تشرين الأوّل ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابًا أعلن دخول إسرائيل في “حالة حرب”، وقد جاء في تصريحه ما يلي: “حركة حماس بدأت حربًا وحشية وشريرة (…) ستستخدم قوات الدفاع الإسرائيلية على الفور كلّ قوتها لتدمير قدرات حماس. سنقضي عليهم وسننتقم بقوّة لهذا اليوم المظلم الذي فرضوه على إسرائيل ومواطنيها (…) جميع الأماكن التي تنتشر فيها حماس، والأماكن التي يختبئون ويعملون فيها في تلك المدينة الشريرة، سنحوّلها إلى أنقاض (…) في هذه اللحظة، تقوم قوات الدفاع الإسرائيلية بتطهير الإرهابيين من آخر “المجتمعات”. إنّهم ينتقلون من مجتمع (مستوطنة) لآخر، من منزل لآخر، ويعيدون السيطرة لنا (…) هذه الحرب ستستغرق وقتًا”. ويظهر خطاب نتنياهو بوضوح أنّ هدف الحرب لا يقتصر على صدّ الهجوم الحاصل، وإعادة السيطرة على المستوطنات. وقد تأكّد ذلك من خلال استمرار العدوان على غزة رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في 9 تشرين الأوّل، استعادة السيطرة على جميع المستوطنات. وهذا أيضًا ما تأكّد في تصريحات مختلف المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين الذين أوضحوا أنّ هدف الحرب هو القضاء على “حماس” لتفادي أي عدوان لاحق.

أمّا إذا كان استمرار الحرب “الدفاعية” يأتي لتحقيق هدف تحرير الأسرى، وهي نتيجة هجوم “حماس”؟ نفسه، فهنا أيضًا الحجة ضعيفة. وقد سبق لإسرائيل استخدام حجة الدفاع عن النفس للتدخّل في أوغندا عام 1976 لتحرير محتجزين إسرائيليين في عملية خطف طائرة[5]، إلّا أنّ الدول الإفريقية عارضت الموقف الإسرائيلي واعتبرت أنّ إسرائيل انتهكت سيادة الأراضي الأوغندية. بالتالي، لا يوجد قاعدة واضحة في القانون الدولي تسمح باللجوء إلى الدفاع عن النفس لحماية المواطنين أو تحرير الأسرى. وعلى الصعيد الواقعي، يظهر جليًّا أنّ اسرائيل تبدّي القضاء على “حماس” كأولوية على تحرير أسراها. عمليًا، أدّت الغارات الإسرائيلية إلى قتل 22 منهم حتى تاريخ 16 تشرين الأول [5] بحسب “كتائب القسّام”. علاوة على ذلك، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي (جالغالاتز)[6] عن قرارٍ مفاده أنّ الهجمات في غزة سيتم تنفيذها حتى على حساب الرهائن الإسرائيليين ما لم يتم الحصول على معلومات دقيقة حول موقعهم[7].

التذرّع بمحاربة “الإرهاب” لا يبرر الحرب 

يفترض أن ينظّم القانون الدولي قواعد العلاقات بين الدول والقواعد الناظمة للاشتباكات المسلّحة وحفظ السلام وهي قواعد محصورة بالدول. يترتّب على ذلك أوّلًا، أنّ حق الدفاع عن النفس حق مشروع للدول وحدها، ولكن يترتّب عن ذلك أيضًا أنّ هذا الحق يمارس في وجه الدول حصرًا. وهذا ما أقرّته النصوص القانونية الدولية. 
يعرّف  قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 الصادر عام 1974 العدوان على أنّه “استعمال القوّة المسلحة من قبل دولة ما ضدّ سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي (…)”. وهذا هو موقف محكمة العدل الدولية التي أكّدت مرارًا أنّه لا يمكن التذرّع بالدفاع عن النفس إلّا لصدّ عدوان من دولة أخرى بشكل مباشر[8]، أو إذا ثبت أنّ القوات المعتدية غير المنظّمة تأتمر للدولة الرسمية وتتصرّف كأنّها جزء من عسكرها[9].

بعد أحداث 11 أيلول 2001، دخل مصطلح “الإرهاب” معترك القانون الدولي الناظم للصراعات العنفية، مع استحداث عبارة “الحرب على الإرهاب”. لكنّ الإرهاب، تقليديًا، ورغم المحاولات الحديثة لتوسيعه وضمّه، كان خارج الإطار الدوليّ، وموضوعًا منفصلًا يتمّ التعامل معه من خلال وسائل التعاون بين الدول، على اعتبار “الإرهابيين” أفرادًا لا يتساوون مع الدول، أي عبر اتفاقيات دولية لتفاديه ومعاقبته عبر اتفاقيات “شرطية” وقضائية لمكافحة الإرهاب لا عسكرية[6] .

بمعنى أنّه حتى اليوم لا يوجد تعريف للإرهاب في القانون الدولي، وإن استخدم لتبرير الأعمال الدموية الضخمة التي شنّها الأميركيون في أفغانستان، حيث أنّ الحرب لم تعلن آنذاك ضدّ دولة أفغانستان المحكومة من حكومة مؤيّدة للأميركيين [7] إنّما ضد حركة “طالبان” و”القاعدة”[10]. وإذ تمّ استخدام مفهوم الإرهاب كذريعة سياسية لنزع صفة المقاومة تمهيدًا لإنكار حق الشعوب المحتلة في المقاومة بصورة واسعة وبخاصة من قبل إسرائيل، فإننا نجد أنفسنا أمام معركة “تصنيفات”، أكثر مما نحن في معركة قانونية، الأمر الذي ينزع الصفة القانونية عن ادّعاء إسرائيل أنّها تشنّ حربًا على الإرهاب. وكانت دول عدّة قد عبّرت في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018 عن رفضها لتوسيع مفهوم الدفاع عن النفس ليشمل “الحرب على الإرهاب”[11]ورفضها لتحريف آليات الأمان الجماعي لمجابهة الإرهاب، بخاصّة من خلال توسيع نطاق الدفاع عن النفس. ومن مميّزات القانون الدولي، أنّ قواعده لا تتبدّل بمجرّد موافقة الدول القوية عسكريًا (أو اقتصاديا في حالة أخرى). إنّما يحتاج إلى موافقة كل الدول. وفي حين رفضت فرنسا قبل 2015 توسيع مفهوم الدفاع عن النفس للردّ على الإرهاب[12]، فإنّ إدلاء سلطاتها بحجّة محاربة الإرهاب في 2015  تبعًا لأحداث 13 تشرين الثاني حيث تعرّضت باريس لهجمات دموية استهدفت مقاهي ومسرح “باتاكلان” للموسيقى وملعب “ستاد دو فرانس” في شمال العاصمة لاقى نقدًا واسعًا من الأكاديميين الفرنسيين[13].

هذا الثبات القانوني يظهر جليًا أيضًا في موقف محكمة العدل الدولية الصادر عام 2004، أي بعد أحداث 11 أيلول 2001. حيث أنّه في عام 2004، وفي قضية تتعلّق بشكل مباشر بالاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، أعادت المحكمة خلال ممارستها لدورها الاستشاري التأكيد على أنّ المادة 51 من الميثاق تعترف بـ ‘وجود حق طبيعي للدفاع الشرعي في حالة الاعتداء المسلح من قبل دولة على دولة أخرى’[14] بمعنى أنّها تطبّق حصرًا عند حصول عدوان من دولة ضد دولة. هذا مع العلم أنّ المحكمة تطبّق  لاعتبار الدولة مرتكبة للعمل العدائي، القواعد العرفيّة المتعلقة بمسؤولية الدولة عن الفعل الدولي غير القانوني وتتأكّد من فعلية السلطة المحكمة للدولة على المجموعات المسلحة غير النظامية.

ليس لأي دولة أن تعتمد أساليب الانتقام أو العدالة الخاصة 

في سنواته الأولى، كانت النقاشات داخل مجلس الأمن تؤكّد على الدفاع عن النفس كحق شرعي وأساسي. ثم تحوّلت النقاشات نحو عناصر أكثر تفصيلًا مرتبطة بشروطه: الاعتداء المسلّح الضروري، والتناسب، والضرورة كعناصر تميّز العمل الدفاعي (العمل الردعي) المسموح به، عن الانتقام (العمل العقابي المحظور وفقًا لميثاق الأمم المتحدة). وقد سبق أن أكّد الأمين العام للأمم المتحدة داغ هامارشولد بوضوح أنّ “حق الدفاع عن النفس لا يسمح بالانتقام” وأنّ “مجلس الأمن قد دان الانتقام مرارًا وتكرارًا”[15]. وهذا ما ورد صراحةً في القرار رقم 2625 (عام 1970) الآنف الذكر الذي أوضح أنّه تطبيقًا للمبدأ الأوّل (امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوّة أو استعمالها ضدّ السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأيّة دولة أو على أيّ نحو آخر يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة)، يلقى على عاتق الدول “واجب الامتناع عن الأعمال الانتقامية التي تنطوي على استعمال القوّة”. ففي القانون الدولي الحديث “السلطة العقابية” محفوظة لمجلس الأمن، فلا يمكن لدولة أن تعاقب من اعتدى عليها، إنّما يسمح الحقّ بالدفاع عن النفس لها فقط بالتصرّف ماديًّا بشكل مؤقّت لصد العدوان ريثما يتصرّف مجلس الأمن. وهذا ما تؤكده المادة الثانية من الميثاق عينه حيث جاء حرفيًا: “يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”. بالتالي تكون حالات اللجوء إلى القوّة المسلحة المسموحة (الدفاع عن النفس، أو التدخل العسكري بموافقة الدولة، أو التدخل العسكري بموافقة مجلس الأمن) كلّها استثناءات على المبدأ: نبذ العنف في العلاقات الدولية. والاستثناء يفسّر بطريقة مقيّدة لا واسعة ولا يحتمل قيام أي دولة بإعمال عدالتها الخاصّة سواء عقابًا أو انتقامًا. هذا مع العلم أنّه حتى في حالة ممارسة دولة الدفاع عن نفسها، تفرض المادة 51 من الميثاق عليها إبلاغ مجلس الأمن بها على أن يكون له الحقّ في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. بمعنى أنّ الدفاع عن النفس (على فرض اكتمال شروطه وهذا غير حاصل هنا) يبقى إجراء مؤقّتًا إلى حين تدخّل مجلس الأمن وفقًا للفصل السابع بأسرع وقت ممكن، من دون أن يحتمل بأي صورة تحوّله إلى عدالة خاصة.

حرب غير مُتناسبة

شرط آخر من شروط ممارسة حق الدفاع عن النفس تم تجاوزه وهو شرط الالتزام بمبدأيْ الضرورة والتناسب خلال الحرب، على اعتبار أنّهما ملازمان بشكل جوهري لممارسة هذا الحق. هذا ما دفع محكمة العدل الدولية إلى اعتبار أنّ “حق الدفاع عن النفس لا يبرّر سوى التدابير التي تكون متناسبة مع الاعتداء المسلّح الذي تعرّض له، والتي تكون ضرورية للردّ عليه”.[16] حتى أنّ الدول غالبًا ما تستخدم احترامها لمبدأيْ الضرورة والتناسب كدليل على شرعية عملها[17].

تجدر الإشارة إلى أنّ هذين المبدأين موجودان أيضًا (وبشكل تفصيلي أكبر) في معاهدات جنيف (القانون الدولي الإنساني)، وأنّ مخالفتَهما ترتّب تجريمًا آخر (جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية..) ويترتب عنها تبعات في هذا الإطار سنفصّله لاحقًا. هذا التمايز بين القواعد، يدفع أحيانًا بعض الدول بعد نهاية الحروب، إلى الإقرار بانّها خالفت التناسب والضرورة خلال الممارسة، لكنّها قامت بأعمالها من ضمن حقها الشرعي. لكنّ هذا الموقف مدان. فكما أكّدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري بشأن مشروعية استخدام الأسلحة النووية (1996)، إنّ شرعية العمل الدفاعي إنّما يجب أن تحترم قواعد التناسب والضرورة لتبقى مصنّفة ضمن العمل الشرعي[18].

فماذا يعني التناسب والضرورة في حال العدوان؟

بما أنّ الدفاع عن النفس لا يعني لا الانتقام، ولا المعاقبة، كما سبق بيانه، يجب فهم التعبير الذي استخدمته المحكمة الدولية “تدابير متناسبة مع العدوان المتعرّض له” بمعنى دقيق ومتوازن. لذلك، المعادلة ليست التناسب بين الإجراء المتّخذ كردّ وفعل[8]  العدوان نفسه، وإنّما تحديد ما هو ضروري لوقف العدوان[19]. وعليه، لا يمكن للجهة المعتدى عليها اعتبار أنّ الدفاع عن نفسها يعني “القضاء التام” على الجهة المعتدية. فهي، بهذا التبرير لا ترد فقط على الاعتداء الذي حصل، بل تحمي نفسها استباقيًّا تجاه أيّ اعتداء لاحق كما سبق بيانه. وهذا الأمر مرفوض تمامًا في القانون الدولي[20]. كما لا يمكنها استخدام وسائل حربية تتجاوز كثيرًا من حيث كلفتها الإنسانية الهدف العسكري “المشروع”. ومبدأ التناسب هذا يفصّله بطريقة موسّعة القانون الإنساني الدولي حيث يحدّد يُترجم تطبيقه [9] بفرض قيودٍ على اختيار وسائل الحرب وأساليبها. ومن البيّن أنّ أعداد الضحايا والدمار الذي تخلّفه حرب اسرائيل على غزّة (والقمع والعنف في الضفة) تشير بحدّ ذاتها إلى الطبيعة غير المتناسبة للعملية الإسرائيلية، وهي طبيعة تتأكد في مجموعات من التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة الإسرائيلية ومسؤولين حكوميين آخرين. يكفي هنا أن نحيل إثباتًا لذلك إلى الأرقام التي نشرتها في تاريخ 20 تشرين الأوّل الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، وهي أرقام تتضخّم كل يوم.

ينتج عن مخالفة الكيان الاسرائيلي لمبدأ التناسب ولمعظم قواعد القانون الدولي الإنساني – من فرض عقاب جماعي يتمثّل بفرض الحصار التام ومنع وصول الكهرباء والماء والدواء، وعدم التمييز بين المدنيين والعسكريين عبر استهداف وحدات سكنية، ومستشفيات، ومدارس، ودور عبادة واستخدام أسلحة ممنوعة – توصيف أفعالها بجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وصولًا إلى الإبادة الجماعية مع اقترانها بنيّة التطهير العرقي الواضحة. وهذا ما سنتوسع به في مقال آخر.  

يمكنكم الاطلاع هنا على النسخة الانكليزية من المقال


[1] فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، بريطانيا شاركت بيانًا مشتركًا مع الولايات المتّحدة في تاريخ 9 تشرين الأوّل ينصّ على “الدعم الثابت لإسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها”. بعد أسبوع، في تاريخ 15 تشرين الأوّل أصدرت دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة في مجلس الاتحاد بيانًا “يؤكّد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، ولكن “وفقًا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي العام”.

[2] في تمّوز 1967، برّر الممثل الإسرائيلي عملية احتلال الأراضي كدفاع عن النفس ضد اعتداء الجمهورية العربية المتّحدة.
 La déclaration de M. Eban, in Nations Unies, Conseil de sécurité, documents officiels, 1348 ème séance, 6 juin 1967, p.15, § 144,145 et page 16, §148, 153 et 155.

[3] أنظر اللائحة الكتابية المقدّمة من الحكومة الاسرائيلية إلى محكمة العدل الدولية في قضية الرأي الاستشاري المتعلّق “بالعواقب القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة” (2004).

[4] Voir O. Corten, « Le droit contre la guerre ». Pedone, 2014. Pp.663-716

[5] Doc. off. CS NU, 31e année, 1939e séance, Doc. NU S/PV.1939 (1976)  para. 115.

[6] إذاعة إسرائيلية يديرها الجيش الإسرائيلي.

[7] هذه الممارسة معروفة أيضًا من خلال “بروتوكول هانيبال” الذي يعطي الأولوية لـ “تدمير” حركة حماس لو شكل ذلك خطرًا على حياة الأسرى. لكن لم يصدر قرار رسمي أو علني بتنفيذ هذا البروتوكول في العدوان الحالي.

[8] قرار محكمة العدل الدولية، قضية “الأنشطة العسكرية والشبه عسكرية في نيكاراغوا وضدّها” (نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة الأميركية)، قرار عام 1986، صفحة 104، الفقرة 195 :” ارتأت المحكمة أنّ العمل العسكري الذي تقوم به قوات غير منتظمة يشكّل اعتداء مسلحًا في حال تم إرسال هذه العناصر من قبل الدولة أو نيابة عنها، وفي حال كانت العملية ضخمة بما يكفي وكان لها تأثير مهمّ بحيث يكون من الممكن تصنيفها كاعتداء مسلّح… إذا نُفذت على يد قوات مسلحة منتظمة”.

[9] قرار محكمة العدل الدولية، قضية “الأنشطة العسكرية على أراضي الكونغو” (جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا)، قرار عام  2005، صفحة 168، الفقرتين 146-147. تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه في حين ادّعت أوغندا أنّ تصرّفها يندرج في إطار الدفاع عن النفس، إلّا أنّها لم تزعم أبدًا أنّ الأعمال العدوانية التي استهدفتها أتت من جانب القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية. ‘الاعتداء المسلح’ الذي أُشير إليه كان بالأحرى من صنع جماعة المقاومة الديمقراطية للكونغو. وقد أشارت المحكمة في الفقرات (131 إلى 135) إلى أنه بغياب دلائل كافية على تورط مباشر أو غير مباشر لحكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية في هذه الهجمات. لا يمكن بالتالي اعتبار الهجمات الناجمة عن عصابات مسلحة أو قوات غير منتظمة هجمات من قبل جمهورية الكونغو الديمقراطية أو نيابة عنها، وفقًا للمادة 3 (ج) من القرار 3314 (XXIX) للجمعية العامة بشأن تعريف الاعتداء. بناءً على الأدلة المتاحة لديها، ترى المحكمة أنّه لا  يمكن تحميل المسؤولية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية بشأن الهجمات المتكررة والمستنكرة. ولجميع هذه الأسباب المذكورة تعتبر المحكمة أن ظروف القانون والحقائق التي تبرر ممارسة حق الدفاع عن النفس من جانب أوغندا ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية لم تتوافر.

[10] حيث انّ  الموقفين الأميركي والبريطاني لم يعتبرا أنّ الحكومة الأفغانية هي المسؤولية عن أحداث 11 أيلول، إنّما حركة “طالبان”. بالتالي، يكون العدوان ناجمًا عن منظّمة “إرهابية” لا عن دولة. 

[11] La position du Mexique endossée par un bon nombres d’États américains, qui considère clairement que l’invocation de l’article 51 ne peut pas être faite pour la justification d’une réponse face à une attaque armée perpétrée par un acteur non étatique. http://statements.unmeetings.org/media2/19409927/mexico-s-.pdf. Voir aussi   Brazil, Statement to the United Nations General Assembly Sixth Committee, Agenda Item 111: Measures to Eliminate International Terrorism (3–4 October 2018) http://statements.unmeetings.org/media2/19408982/brazil.pdf  UNSC Verbatim Record, UN Doc S/PV.8262 (17 May 2018) 44–5

[12] Déclaration de J.D. LEVITTE, représentant permanent de la France aux Nations-Unies : « Nous avons estimé, à l’unanimité, que 6000 personnes tuées-chiffre avance le 12 septembre – par des avions civils devenus des missiles n’est plus un acte de terrorisme mais une véritable agression armée. » La résolution en conséquence, reconnaît le droit « à la légitime défense individuelle et collective. » (Le Monde 18/11/2001). La France a donc mis l’accent sur le fait que ces attaques terroristes étaient massives et d’une exceptionnelle gravité, du fait qu’elles causèrent des milliers de victimes et eurent comme cibles des bâtiments civils dans le territoire d’un État souverain.

[13] F. Latty, « Le brouillage des repères du jus contra bellum. A propos de l’usage de la force par la France contre Daech », Revue générale de droit international public, 2016/1, pp. 11-39.

[14] محكمة العدل الدولية، الرأي الاستشاري المتعلّق “بالعواقب القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة”؛ مجلّد 2004، صفحة 194، فقرة 139

[15] S/3596، مستند رسمي، أبريل-يونيو 1956، الصفحة 41. – S/3596, Doc. off., 11e année, Supplément d’avr.-juin 1956, p. 41

[16] قرار محكمة العدل الدولية، قضية “الأنشطة العسكرية والشبه عسكرية في نيكاراغوا وضدّها” (نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة)، الفقرة 176.

[17]نذكر مثلًا الهجمة الأميركية والبريطانية والفرنسية الثلاثية في 13 نيسان 2018 عندما استهدفت موقعًا للبحوث ومركزي إنتاج وتخزين للأسلحة الكيميائية في سوريا. بالنسبة للمندوب الفرنسي في مجلس الأمن: “(…) وأخيرًا، تمّ تصميم ردنا ضمن إطار متناسب ومحصور ضمن أهداف محددة. تم ضرب المركز الرئيسي لبرنامج هذا وموقعي إنتاج مهمين. من خلال هذه الأهداف، تم تعطيل قدرة سوريا على تطوير وتطوير وإنتاج الأسلحة الكيميائية. هذا كان الهدف الوحيد، وقد تم تحقيقه”. UN Doc S/PV.8233 ص. 9. نجد نفس الحجة، في الموقف الأمريكي: “الأهداف التي اخترناها كانت في قلب برنامج الأسلحة الكيميائية غير القانوني للنظام السوري. تم تخطيط الضربات بعناية لتخفيف الخسائر المدنية إلى الحد الأدنى. كانت رداتنا مبررة وشرعية ومتناسبة.” UN Doc S/PV.8233 ص. 5.

[18] J. Gardam cite C. Greenwood, “Jus ad bellum and Jus in bello in the Nuclear Weapons Advisory Opinion” in L. Boisson de Chazournes and P. Sands (eds.) International Law, the International Court of justice and Nuclear Weapons (Cambridge University Press, Cambridge, 1999), p. 247- 258

[19] Opinion dissidente de Madame Higgins, « Licéité de la menace ou de l’emploi d’armes nucléaires, avis consultatif » C.I.J. Recueil 1996, p.583-584

[20]  J. Gardam, “Necessity, Proportionality and the Use of Force by States”. CSICL, 2004, p 165


انشر المقال

متوفر من خلال:

منظمات دولية ، مقالات ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني