خسائر أبنية الانهيار في المنصورية والشويفات: من المسؤول عن زهق الأرواح؟


2024-04-10    |   

خسائر أبنية الانهيار في المنصورية والشويفات: من المسؤول عن زهق الأرواح؟
رسم رائد شرف

خلال الأشهر الستّة الأخيرة، أدّى انهيار ثلاثة أبنية في محافظة جبل لبنان وحدها إلى سقوط 12 ضحية بين لبنانيين وسوريين، فيما شُرّدت 91 عائلة من دون منازل. خسرت ثماني نساء حياتهنّ في انهيار المبنى “دي” من مجمّع “يزبك حاموش” في المنصورية، ونجا سكان مبنى “أمهز” في صحراء الشويفات بأعجوبة، ولقي أربعة أشخاص من التابعية السورية حتفهم إثر انهيار مبنى “الريشاني” في الشويفات. ومع سقوط أبنية وجدران وتصدّعات في مناطق عدّة، شهدت طرق لبنان انهيارات أيضًا، سواء الدولية منها أم الداخلية. 

ومع تزامن هذه الانهيارات مع سيول وفيضانات، ربط البعض هذه الكارثة على الأرواح والممتلكات الخاصّة والمال العام بالهطولات الغزيرة التي طبعت شتاء البلاد، وجاءت على شكل منخفضات فجائية محمّلة بكمية كبيرة من الأمطار في فترة زمنية صغيرة عجزت معها الأرض عن امتصاص المتساقطات دفعة واحدة. ويبدو أنّ الجهات الرسمية ارتاحت إلى هذا الربط هي أيضًا لتتنصّل من مسؤوليّاتها، بينما بدا واضحًا أنّ مفاعيل الطقس الماطر لم تكن سوى النقطة التي فاض على إثرها كوب الإهمال والاستهتار بالمتابعة ومعهما التنصّل من المسؤوليات والإفلات المزمن من المحاسبة، وطبعًا عدم اضطلاع الإدارات المعنية ومؤسّسات الدولة، ومعها البلديات، بألف باء واجباتها وأدوارها.    

وعليه، اقتصر التحرّك الرسمي على تحرّك النيابة العامّة الاستئنافية في بعبدا لإجراء تحقيقات لم تنته بعد. فيما قدّمت الهيئة العليا للإغاثة 30 مليون ليرة لكلّ عائلة لبنانية تقطن في أحد الأبنية المنهارة كبدل إيواء، سواء خسرت أحد أفرادها أم لا، و20 مليون ليرة لمن اضطرّوا للإخلاء. أما العائلات السورية التي خسرت أفرادًا أو التي تشرّدت من جرّاء الانهيار، فلم تتلقّ أيّة مساعدات. وعُقد اجتماع يتيم للجنة الأشغال العامّة والنقل والطاقة النيابية، في تاريخ 15 شباط 2024 تحت عنوان “الأبنية المتصدّعة”، أي إثر انهيار المنصورية. وأوضح عضو اللجنة النائب إبراهيم منيمنة لـ “المفكرة القانونية”، أنّ اللجنة ناقشت مسألة إرساء ثقافة عامّة لصيانة المباني من خلال مراجعة الرّخص وإجراء صيانة دورية. وقد اكتفتْ اللجنة بالمناقشة من دون أن يخرج عنها أيّ توصيات.  

كذلك لم تبادر الجهات الرسمية إلى تحرّك جدّي لمناقشة أسباب الكوارث وإطلاق النقاش حول الحقّ في السكن الآمن واللائق، وتحديد المسؤوليات ومن ضمنها مدى اضطلاع الإدارات العامّة بدورها، والبحث في وضع خطة تحدّد الأولويات وأطر التحرّك سواء على صعيد القانون أو عبر قرارات وزارية وبلدية وغيرها، لتجنّب مآسٍ جديدة.  

وما زال ذوو الضحايا ينتظرون عدالة القضاء لتحديد المسؤولية في خسارتهم ذويهم، بينما يعجز معظم السكان المشرّدين عن تحمّل كلفة الإيجارات ومعها خسارة أثاث منازلهم ومتاعهم وممتلكاتهم، حيث أنّ 30 أو 20 مليون ليرة من الإغاثة لا تكفي لدفع إيجار منزل لشهر واحد، فيضطرّون للسكن عند الأقارب أحيانًا في بيوت أكثر من قريب لتخفيف الثقل. 

ولكن هل يجوز أن يتحمّل الأهالي وحدهم أعباء تلك الكوارث؟ وما هي مسؤولية الإدارات الرسمية والجهات الرقابية المعنية، كذلك المهندس المصمّم والمنفذ؟ في هذا التحقيق، سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة عبر التواصل مع المعنيين وأصحاب المصلحة. 

قصور في القوانين وفي أدوار الجهات المعنية

يعتبر المهندس بشار عبد الصمد أنّ كلّ ما يحدث من انهيار في الأبنية والطرقات، يفتح ملفّ البنيان والأشغال العامّة على مصراعيْه، ويستوجب البحث عن المسؤولية المعنوية والمهنية وحتى الجزائية في التسبّب بتلك الخسائر في الأرواح والممتلكات من جهة، وفي هدر المال العام عبر انهيار الطرقات، من جهة أخرى. 

ويرى في اتصال مع “المفكرة” أنّ المسؤولية تتوزّع على جهاتٍ عدّة، منها: وزارتيْ الأشغال العامة (مديريات النقل والأبنية والتنظيم المدني) والداخلية والبلديات، ومجلس الإنماء والإعمار لجهة تحديد المواصفات الهندسية المطلوبة ودفاتر الشروط لمتعهّدي الطرقات ومراقبة التنفيذ. ولا ينسى عبد الصمد دور نقابة المهندسين التي تتحمّل مسؤولية معنوية لجهة عدم مبادرتها لإطلاق دعوة عاجلة لعقد ورش عمل جدية، تستضيفها في النقابة، وتدعو إليها الجهات المعنية لحماية وتحصين البيئة المبنية، “كون هذا الأمر يشكل جزءًا من دور النقابة في الشأن العام”. ولكن، فعليًا، لم تتحرّك أيّ من هذه الجهات المعنيّة رغم كل ما حدث، لتترك مصير المتضرّرين في مهبّ الريح والتخبّط والكلفة الباهظة التي تكبّدوها ولا يزالون، والأهم من يتحمل المسؤولية؟.  

وفي حين ينتظر سكّان مبنيَيْ أمهز والريشاني والأبنية المجاورة لهما في الشويفات وصحراء الشويفات نتائج الكشف الأوّلي لتحديد الأسباب وسلامة الأبنية المخلاة، وفق ما يقول رئيس بلدية الشويفات حنّا شديد لـ “المفكرة”، يقوم المهندس راشد سركيس، الموكل من قبل محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، بأعمال الكشف “الأوّلي” لتحديد الأسباب الأوّلية لسقوط بناية في مشروع “يزبك حاموش” في المنصورية.

وقد تمّ تحويل ملفات الأبنية الثلاثة إلى النيابة العامّة الاستئنافية في جبل لبنان برئاسة القاضية غادة عون، ولا يزال التحقيق جاريًا في ملف المنصوريّة بانتظار كشف مهندسين محلّفين من نقابة المهندسين، بناء على دعوى مقدّمة من ذوي إحدى الضحايا. وقد قامت سبع عائلات أخرى بتوكيل محامٍ لا يزال في طور تجهيز ملفه للتقدم بدعوى ثانية، هذا ويتكفّل الأهالي بدفع نفقات المهندسين. وقد تجاوزت التقديرات المالية لتدعيم باقي مباني مشروع “يزبك حاموش” الثلاثة المخلاة، 600 ألف دولار (400 ألف دولار لمبنى (سي)، (وهو المبنى الذي اتكأ عليه المبنى “د” لدى انهياره وأحدث فيه تصدعات) و110 لكل من المبنيين (إي وبي) بحسب الأهالي.

من جهة ثانية، يؤكّد سركيس أنّ المادة 18 من قانون البناء 646/2004، تحسم بما لا يحتمل الشك، مسؤولية المالك عن ملكه، “فعلى المالك أن يسهر دومًا على صيانة أملاكه المبنية وتأمين الاتّزان والمتانة اللازمين… وتوافر كلّ عناصر السلامة العامّة فيه”. كذلك تُسقط المادة ذاتها المسؤولية عن صاحب العقار والمهندسين المصمّمين والمنفذين بعد 10 سنوات “من تاريخ وضع المدقّق الفني تقريرًا بإنجاز البناء أو المنشأة بصورة صحيحة دون تحفّظات أساسية”. وينتقد سركيس القانون معتبرًا أنّ انتقال المسؤولية مع انتقال الملكيّة هو خللٌ جوهري ويجب معالجته إذ لا يجوز أن يتحمّل مسؤولية منشأ ما، شخص لا يعرف عنه شيئًا. ويشير المهندس بشار عبد الصمد أن شاري الشقة بقرض مثلاً، يكون ما زال في طور تسديد أقساط قرضه السكني، عندما انهار المبنى الذي يسكنه، وهذا ليس عادلا. 

إذًا فالجهة الرسمية الوحيدة المخوّلة حاليًا وسريعًا التعويض على المتضرّرين هي الهيئة العليا للإغاثة التي يفترض بها أن “تتولّى جميع الأمور التي لها طابع الإغاثة، والمحالة إليها من مجلس الوزراء”. ويؤكّد الأمين العام للهيئة اللواء محمد خير لـ “المفكرة” أنّ الهيئة يمكنها “التعويض” على المتضرّرين بناء على قرار من مجلس الوزراء، وهذا ما لم يحدث في حالات الأبنية الثلاثة، بل تمّ منحهم “مساعدة”. وإلاّ فعلى المتضرّرين من غير أهالي الضحايا رفع دعوى قضائية وانتظار نتيجة التحقيقات ومعرفة الجهة المسؤولة عن التعويض. أما بالنسبة إلى الضحايا، فإنّ النيابة العامّة تتحرك تلقائيًا حتى من دون دعوى قضائية، كي يتم تحديد المسؤوليات وبالتالي الجهة المخوّلة التعويض.

المبنى المنهار في المنصورية

المنصورية: الرطوبة وضعف المنشآت الأسباب الأساسية للانهيار

يفيد المهندس راشد سركيس، وهو أيضًا رئيس الجمعية اللبنانية للتخفيف من أخطار الزلزال، في اتّصالٍ مع “المفكرة”، أنّ السبب المباشر لهبوط المبنى (دي) من مشروع “يزبك حاموش” هو: “تكسّر أعمدة في الطابق السفلي الثاني (مرآب السيارات)، والتي تلفت بسبب تراكم الرطوبة، حيث فتّتت المياه الراكدة في المرآب الجزء السفلي منها، فيما أصابت الرطوبة أجزاءها العلوية. وتسبب تكسّر الأعمدة بأثقال إضافية على الطابق السفلي الأوّل فتكسّرت أعمدته وسقط. وتكرّرت الحالة مع تكسّر خمسة مستويات حتى الاستقرار الذي حصل في الطبقات الثلاث العليا التي بقيت “حاملة” ولكنّها متصدعة”.

ويوضح سركيس أنّ أحد أسباب الرطوبة هو تجمّع المياه في مرآب المشروع أوّلًا نتيجة اجتياح مياه السيول والأمطار من شوارع وأزقة المنطقة، وثانيًا وجود الكثير من خزّانات المياه في المرآب والتي غالبًا ما تفيض مكوّنةً مستنقعات فيه.

ويضيف سركيس أنّ نتائج الفحوصات المخبرية للمبنى المنهار وبقية المباني في المشروع تجزم أنّ هناك الكثير من الضعف في مكوّنات الخرسانة المستخدمة، والتي تهالكت كثيرًا مع الأيام والرطوبة، وهذا هو السبب الثاني لسقوط المبنى.

في المقابل، تقول جيني، ابنة وشقيقة الضحيتين ميراي وشيرين جابر، في اتصال مع “المفكرة”، والتي رفعت وعائلتها دعوى قضائية، إنّ العائلة استقدمتْ عددًا من المهندسين للكشف على المبنى المنهار، وقد أجمعوا أنّ المشكلة تكمن في “الأساسات”. وفي اتصال مع إحدى المهندسات، أكّدت أنّ المشكلة هي في عدم وجود حائط دعم يحمي التربة تحت المبنى من الانزلاق خاصّة وأنّها تربة رطبة، على حدّ قولها.

هذا ويؤكد أحد أصحاب الشقق السكنية في المبنى (بي) الذي التقتْه “المفكرة” وعاينّا معه المرآب حيث المياه والوحول ما زالت راكدة، أنّ مياه السيول تأتي من الطرقات، ولا تخرج لأنّ لها منفذًا واحدًا هو فتحة صغيرة لا تستوعب تصريف كمية السيول الجارفة، والأسوأ أنّه تمّ إقفالها كونها تصبّ في باحة ثانية تابعة لبناية واقعة تحت مشروع “يزبك حاموش” بعدما اعترض سكان على وجودها قبل انهيار المبنى بأشهر، وكان سكان المشروع قد طالبوا البلدية مرارًا وتكرارًا بضرورة معالجة مسألة أمطار السيول وتحويل مسارها لكن بلا جدوى.

وفي اتصالٍ مع “المفكرة”، ينفي عضو بلدية المنصورية كميل الحاج، علاقة مياه الأمطار بوقوع المبنى، معتبرًا أنّ السبب الرئيسي هو ضعف في المنشآت، علمًا أنّه لم يطّلع على تقرير سركيس كما أكد لنا، وعندما أعلمناه بأنّ تقرير سركيس يشير إلى أنّ أحد أسباب تلف المنشآت هي الرطوبة العالية الناتجة عن المياه الراكدة، قال: “هاي مش من مياه السيول”، وعند تأكيدنا له أنّها مياه سيول أجاب: “كان من المفترض على أصحاب المشروع بناء عبّارة أو تحويلة صغيرة للمياه على طريق الإسفلت لمنعها من الدخول إلى مرآبهم”، مضيفًا: “لمّا واحد بيعمّر بناية، هوّي بلاقي مصرف للمياه مش بيخلّي الماي تفوت عليه”.

مئات آلاف الدولارات لعودة عائلات مشرّدة إلى منازلها

لا يزال الحال على ما هو عليه في شارع مشروع “يزبك حاموش” في المنصورية، حيث ردميات المبنى المنهار على حالها، والناجون ليس لديهم سوى النظر إلى بقايا أثاث منازلهم، وبعض من قطع ملابسهم وملابس ضحاياهم الظاهرة من بين الركام.

أما المبنى (سي) الملاصق، فقد مال البناء (دي) عليه خلال هبوطه مسبّبًا له أضرارًا جسيمة بخاصّة في طوابقه السفلى، من خلال تحطّم الشبابيك وتفسّخ الجدران. والمبنى الذي غادره سكانه على عجل يوم الحادثة لم يتمكّنوا إلى اليوم من العودة إليه حتى لإحضار ملابسهم. وعلى شرفة الطابق السفلي نما العشب والورد كثيفًا في الأحواض، فيما لا تزال بعض أدوات المطبخ ومنشر الغسيل في أماكنها.

وفي اتصال مع “المفكرة”، تقول رئيسة لجنة المبنى “سي” يمنى غريّب، إنّ الأضرار في المبنى كبيرة جدًا وتختلف عن تلك الواقعة في المبنيين “إي” و”بي”، وتُضيف أنّ السكان قاموا بتكليف مكتب رودولف مطر للهندسة الذي وضع دراسة لحال المبنى تبيّن فيها أنّ التكلفة الأوّلية لتدعيم المبنى تتجاوز 400 ألف دولار، على أصحاب المبنى المؤلّف من 14 شقة تحمّلها، بحيث يتوجّب على كلّ صاحب شقة دفع  مبلغ لا يقلّ عن 25 ألف دولار لتدعيم الأعمدة فقط. “مين معو هالمبلغ؟” تسأل غريّب وتفسّر بأنّ أصحاب الشقق السفلية يتطلّب منهم دفع مبالغ إضافية عن البقية كون منازلهم متضرّرة من الداخل “هم تضرّروا أكثر من الطوابق العليا حين مال المبنى ‘دي’ باتجاهه”، وتضيف أنّه لا يمكن إزالة ردم المبنى (دي) قبل تدعيم المبنى (سي) وإلّا فسيكون عرضة للتصدّع أكثر.

وتتابع غريّب أنّه وبناء على استشارة المحامين تبيّن أنّه يجب على أصحاب المبنى (دي) دفع تعويض لسكان المبنى “سي”، إلّا أنّ الأخيرين رفضوا مطالبتهم بأيّ تعويض: “نحن من الناحية القانونية فينا نطالبهم بتعويض أو هنّي يصلحوا المبنى بس من الناحية الأخلاقية ما منقدر نعمل هيك، الناس عندهم 8 ضحايا بيكفّيهم”.

وأمام المبنى (بي) لا يزال إدمون نعمة الذي أخلى منزله عند وقوع الحادثة في شهر تشرين الأول، يمضي معظم أوقاته بجوار شقته، هو الذي شارف على السبعين من عمره، وكان يخطط لتقاعد هادئ وآمن وكريم في شقّته التي اشتراها بعرق الجبين. يقول نعمة لـ “المفكرة” إنّ لجنتي سكان المبنيين “إي” و”بي” كلّفتا مكتب بلال حمد للهندسة لوضع الدراسات اللازمة للبدء بأعمال تدعيم الأعمدة في المبنيين، مع إيجاد طريقة لتصريف المياه التي تتجمّع، وتبيّن أنّ تكلفة المبنيين كلّ على حدة ستتجاوز 110 آلاف دولار، بحيث يدفع كلّ صاحب شقة مبلغ 9 آلاف دولار.

ركام المبنى المنهار في صحراء الشويفات

أهالي الشويفات وصحراء الشويفات بانتظار نتائج الفحوصات

في المقلب الآخر من الكارثة، لا يزال سكان مبنى “أمهز” البالغ عددهم 13 عائلة وسكّان البنايتين المجاورتين والبالغ عددهم حوالي 20 عائلة، ينتظرون نتائج الفحوصات المخبرية الذي يقوم بها المهندس راشد سركيس وفريقه بتكليف من محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي.

اليوم يقضي معظم أهالي مبنى “أمهز” أوقاتهم قرب ردميّات بنايتهم، يراقبون أعمال الجرف وينتظرون انتشال الجرافة لأيّ غرض سليم من أغراضهم يكون صالحًا للاستعمال. تقول مارسيل الكيّال إحدى الناجيات من مبنى أمهز إنّها تمكّنت من تجميع بعض الملابس الخاصّة بها كونها غير قادرة على شراء غيرها “هربنا ما معنا شي حتى التلفونات تركناها، هلّق عم طلّع ثيابي حتى لو كانوا شوي مخزّقين بدنا نستر حالنا ما معنا مصاري نشتري”.

بالقرب منها تجلس رانيا العلي تترقّب أن يتمّ العثور على هويّتها. تقول إنّها هربت من دون أي شيء حتى أوراقها الثبوتية لم تتمكّن من إخراجها.

أما غسان حمية أحد الناجين فيقول في لقاء مع “المفكرة” إنّهم لا يعلمون شيئًا عن الأطر القانونية الواجب اتّباعها لإعادة بناء بنايتهم، فالبلدية سارعتْ لرفع الردم وإزاحته جانبًا فقط لأجل فتح الطريق، وإنّ السكان تعاقدوا مع شركة ستقوم على عاتقها باستخراج الحديد وما يمكن الاستفادة منه وبيعه وإعطاء الأهالي نسبة من الرّيع.

مبنى الشويفات: السكان السوريّون بلا مساعدة

يقول أحد ورثة مبنى الريشاني الذي انهار في الشويفات، وسام الريشاني، إنّ المشروع مؤلّف من ثلاثة مبان “إي” و”بي” و”سي”، وكانت تقطنه عائلات سورية، إنّ المبنى “سي” انهار بسبب الأمطار والسيول على الرغم من أنّ هناك حائط دعم وكان قد أعاد تدعيمه، حسبما يقول، قبل سبعة أعوام. ويؤكّد بأنّه لم يتلقّ أي إنذارات مسبقة من البلدية، وهو اليوم بانتظار نتائج الفحوصات المخبرية ليبنى على الشيء مقتضاه. 

ولم تحصل العائلات السورية المهجّرة من المشروع على أي مساعدة من “الإغاثة” لأنّ المساعدة بحسب اللواء خير تعطى للّبناني الذي يسكن في الشقة، وليس لصاحب الملك ولا للساكن من جنسية أخرى. 

ويؤكد المهندس سركيس أنّ الكشف الأوّلي على مبنى أظهر أنّ هناك صخرة كبيرة وقعت من الجبل وضربت في المكان فهوى المبنى، ويقول أنه نصح المعنيين بعدم الاتيان بأية حركة قبل تدعيم المبنى المجاور له والذي أصيب من جرّاء انهيار الآخر عليه (جزئيًا).

نشر هذا التحقيق في العدد 72 من مجلة المفكرة القانونية – لبنان

لتحميل العدد بصيغة PDF

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني