“ليه مبلغتش لما حصل لها كده”، “الكلام ده مكانه جهات التحقيق مش السوشيال ميديا”؛ عيّنة من العبارات التي تتردد تعليقاً على نشر شهادات عن عنف ضد نساء ولا سيما عنف جنسي، من خلال مواقع وصفحات الإنترنت.
في مقابل تقاعس رجال الشرطة في بعض الأحيان وحفظ المحاضر في حال تحريرها في أحيان أخرى، يوفّر الإنترنت مساحة مفتوحة لعرض روايات عن العنف بكل أشكاله، وبالتوقيت والصيغة اللذين تروي بهما الشاكية، سواء أعلنت عن هويتها، أو نشرتها مُجهّلة. بالتالي، تطرح مواقع إلكترونية وصفحات عامّة ومجموعات مُغلقة على وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كطريقة بديلة للإفصاح عن وقائع العنف ضد المرأة.
يبحث هذا المقال في استحداث هذه الوسائل الجديدة التي تلجأ إليها النساء للإفصاح عن وقائع واعتداءات يتعرّضن لها، وفي الإشكاليات الخاصّة التي تتضمنّها هذه الوسائل.
آليّة إفصاح لا إنصاف
تعتبر الباحثة النسوية إلهام عيداروس، أنّ بداية لجوء النساء للإنترنت للبوح بتعرّضهن للعنف بصوره ترجع إلى حادثة التحرّش الجماعي الشهيرة بوسط البلد أيام عيد الفطر في 2006. في ذلك الوقت، نشر المدوّنون وقائع التحرّش بناء على مشاهداتهم الميدانية، لإبلاغ الرأي العام بها. ثمّ في 2017، بعد حملة (me too / أنا أيضاً)، ظهرت نسخ مصرية منها على هاشتاج “أول مرة تحرّش”، وتلتها موجات أخرى مستمرّة إلى الآن.
قبل الثورة وما تلاها من أحداث، كان استخدام الإنترنت كمساحة لمشاركة الحوادث العامّة أو حتى الحكايات الشخصية، مرتبطاً بشكل خاص بالتدوين ونشاط المنتديات. في هذه الأثناء، لم يشكّل غالبية الناس جزءاً من أيّ منهما، ولم يكن البوح بالأمور الذاتية على لسان أصحاب التجربة بالحال التي نشهدها اليوم. وهو ما اختلف بعد الثورة لعوامل عدّة منها التطوّر التكنولوجي وكسر كثير من الحواجز والقيود الاجتماعية. وبدأت النساء في السنوات الأولى من العقد الثاني للألفية الحالية استخدام الإنترنت للبوح مّا يعانيْنه.
في الوقت الذي تتعدد فيه وسائل الإنترنت ومنصّاته المتجدّدة بما يسمح بتطوير هذه الآلية حالياً لإنشاء منصّات متخصّصة لنشر الشهادات مثل دفتر حكايات وAssault police، تغيب التعددية والتجدّد في مسار التبليغ الرسمي.
ويزيد ذلك وفقاً لعيداروس، من احتياج المجتمع لأداة كهذه للإفصاح، لكنها أداة غير منظّمة تحتاج إلى تدخل الجهات المعنيّة بتحقيق العدالة، لأنّ هذا الدور لا يمكن للوسيط الإلكتروني ولا القائمين على منصّات الشهادات ولا الشاكيات، القيام به. فغالبية الشاكيات يسعيْن إلى تحقيق الحدّ الأدنى من العدالة بتحذير الأخريات من هذا الشخص، لكن لا تستطيع عيداروس معرفة طموحهنّ الأبعد. على سبيل المثال، بدأت واقعة أحمد بسام زكي بشهادات مُجهلة، تمّ التداول بها على نطاق واسع، ثم تدخّلت النيابة العامّة من خلال دعوة الفتيات إلى تقديم بلاغاتهنّ، وما لبث أن وجهت النيابة له اتهامات بهتك العرض وتهديد فتيات والقيام بأفعال منافية للأخلاق، مُعتدّة بما قدّمته الشاكيات من رسائل ومحادثات تؤكّد الاتهامات، مما أدّى إلى معاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع الشغل، وهو الحكم الذي طعن عليه بالاستئناف.
تذهب عيداروس إلى أنّ العقبات القانونية لا تؤثر فقط على خيارات النساء بالإبلاغ، ولكنها تؤثر أيضاً على تعريف النساء بالأفعال العنيفة بحقهنّ. هناك نساء يعانين من أشكال من العنف الجنسي ولا يجدن اعترافاً اجتماعياً ورسمياً بهنّ، لذلك لا يعرفن طرقاً للتبليغ عنها أو ما إذا كانت جديرة بالشكوى والإدانة القضائية لمرتكبيها أصلاً، ممّا يؤثّر على تعريفهنّ للأفعال المجرّمة وطرق أخذ الحق فيها. وتضيف أنّ المشكلات بداية من التبليغ وحتى طرق الإثبات تؤدّي إلى لجوء النساء إلى الإنترنت كطريقة للإفصاح عن شكواهنّ، لكنّها ليست طريقة للإنصاف.
في هذا السياق، تحصي ورقة صادرة عن “خريطة التحرّش” الأهداف والعوامل المحفّزة لاستخدام وسائل التواصل كمنبر للنشاط العام فيما يخصّ الإفصاح عن العنف، ما بين تضامن بين “الضحايا/الناجيات” وتجاربهنّ المتشابهة، والاعتراض على حكم محكمة أو موقف عام لمسؤولي الدولة، ومطالبة السلطات الوطنية والدولية بالتحرّك، والدعوة إلى إصلاحات في القوانين والسياسات، والاحتفال بحقوق المرأة، ونشر الوعي.
وتلاحظ عيداروس، أنّ استخدام هذه الآلية الآن ليس حكراً على نوعية معيّنة من النساء. في البداية بدت غالبية الشاكيات نساء يملكن قدراً من الشجاعة بحكم عملهنّ في المجال العام كناشطات وصحافيات. ومع مرور الوقت، بدأ تداول شهادات من مناطق جغرافية غير مركزية، وفئات اجتماعية أوسع.
الحكي كخطوة أولى
حاولت “المفكرة” التواصل مع حوالي أربع منصّات معنيّة بنشر الشهادات، إلّا أنّها لم ترد. لذلك سيكون تعريف دورها وقواعد عملها هي خيارنا البديل للفهم، وسنأخذ مدونة “دفتر حكايات” نموذجاً. تقرّ هذه المدونة بما تقوله إلهام عيداروس عن أنّ هذه المنصّات ليست شرطة أو قضاء بديلاً؛ فينبغي توفير أشكال مختلفة لهذا الإنصاف، لا يلغي أحدها الآخر، ولكن تخلق تعددية ومساحة لتحقيق العدالة بما يناسب الشاكية، بغض النظر عن قوّة أو ضعف القانون وعراقيله، بالإضافة إلى إرساء ثقافة مؤسّسية مناهضة للعنف داخل المؤسّسات. ويعدّ إقرار المنظمات والنقابات لوائح وسياسات جندرية مناهضة للعنف داخلها مثالاً على أحد أشكال تحقيق العدالة، وإن كانت ليست بديلة للمسار القانوني.
وفقا لورقة “خريطة التحرش” المذكورة سابقاً، تمنح المجهولية الشهادات ثراءً وشمولاً معلوماتياً في ذكر تفاصيل الواقعة، وتعطي منظوراً عميقاً عن مشاعر الخوف والألم الناتجة عن العنف. من ناحية ثانية، تمنح أصحاب وصاحبات الشهادات الفرصة لطرح الحكايات الخاصّة بهنّ، والتي “كانوا سيمتنعون عن طرحها في أحوال أخرى لأسباب تتعلق بالفضيحة، نتيجة إعلان الأشخاص عن خبراتهم مع حوادث العنف الجنسي، أو لشدة الواقعة” على حد وصف الورقة. غالبية الشهادات على المنصات المذكورة، وعلى رأسها “المدونة” تفسح مجالاً للحكي عن متحرّشين ذوي مكانة اجتماعية في مجال العمل العام أو أصحاب سلطة تفوق سلطة الشاكيات.
إشكالية المصداقية
إذا كان نشر شكوى على الإنترنت لا يتطلّب الإجراءات المطلوبة في حالة الشكاوى الرسمية من خلال أقسام الشرطة، فإنه يحيلنا إلى إشكالية احتمالية إلحاق الضرر بشخص قد يكون بريئاً، لأنها تُبقي تصديق الشهادة محل جدال بين ثنائية تصديق المجني عليها والدعم غير المشروط من ناحية، والتشكيك في الواقعة واتهام صاحبتها بما شُرع بتسميته “اغتيال المدعى عليه معنوياً والتشهير به”، وهو ما تصفه إلهام عيداروس بغير الدقيق، وتضع عليه علامات استفهام، إذ أنّه حتى الآن لم نرَ شهادات كيدية. وتتابع: “صحيح أنّ كارهي هذا الشخص إن كان مشهوراً يستغلّون هذه الشهادات لضربه، ولكن ما يستحق أن نوليه اهتمامنا هو صحة الواقعة والتحقق منها وفتح المجال للتحقيق فيها، ما يعنينا هنا هو هل هذه الشكاوى صحيحة”. وبالتالي يجب فتح تحقيقات والتأكد من صحتها، وعدالة القضية. وتضيف أنّ إرساء عدالة جديدة من منظور نسوي يحلّ محل المبادئ القانونية المنطلقة من منظور ذكوري مصدر النقد، يتطلّب السعي لإنصاف أي مظلوم وعدم المغالاة في عقاب المتهم. إلّا أنّ تصديق الناجيات لا يعد دليل إدانة، هو فقط شكل من أشكال الدعم للشاكية والسعي لمناهضة العنف. يمثل هذا المبدأ إحدى قواعد مدونّة “دفتر حكايات”، وهو ما لا يتعارض مع اقتناع عيداروس بقاعدة أنّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته التي لا تعني في الوقت نفسه أنّ “البيّنة على من ادّعى” لأنّ العدالة لا تقرّ بتحمل الشاكية عبء الإثبات وحدها، ولكن على جهات التحقيق التحرّك لجمع الأدلّة ومعاونة الشاكية من ناحية، وضرورة استحداث آليات إثبات أكثر مرونة مثل تواتر الشهادات بحق المدعى عليه من ناحية أخرى.
يعتبر الحكم لصالح نهى رشدي عام 2008، مثالاً على المرونة في آليات الإثبات، حيث حَكم القاضي فيها لصالح الشاكية بموجب تماسك روايتها وتمسّكها بها في كلّ مرة خضعت للتحقيق مقابل تذبذب وتضارب أقوال المتهم. ورأت المحكمة تصديق الشاكية لعدم وجود دوافع لديها للكذب، بالرّغم من أنّه لم يكن لديها أيّ أدلّة أخرى سوى شهادة صديقتها التي رافقتها لحظة وقوع الجريمة.
بعد فبركة الصحافي هشام علّام لشهادة نشرت على مدوّنة “دفتر حكايات” في أعقاب اتهامه بالتحرش بالعديد من الصحافيات والمتدربات الشابات، تجدد المدوّنة من سياستها للتعامل مع إشكالية مصداقية الشهادات. فتسعى إلى التواصل مع الشاكية عن طريق البريد الإلكتروني، وبذلك يمكن للقائمات على المدوّنة، وجميعهنّ من النساء، التأكّد من كون مصدر الشهادة شخصية حقيقة.
تعلّق عيداروس “طبعاً مشكورين إنّهم بيحاولوا يطوّروا من طريقتهم، لكن ستبقى الشهادات إدعاءات اللي يصدقها يصدقها واللي ميصدقش هو حر، عشان يبقى في إجراء لازم جهة تحقيق تتدخّل”. بالتطبيق على واقعة علام، صحيح أن كثرة الشهادات بحقّه دفعت بعض المؤسسات التي تتعاون معه إلى وقف هذا التعاون، لكن هذا لن يكون كافياً إذا كان موظفاً ولديه عقد معها، إذ تحتاج المؤسّسة إلى إجراء تحقيق تستند له لوقف المدّعى عليه عن العمل، حتى لا يلاحقها الأخير قضائياً ويطالبها بتعويض عن فصله تعسفياً.
يرصد تقرير لمؤسسة القاهرة للتنمية والقانون كيف دعت آلية الشهادات الآخذة في النمو إلى تكوين بعض المؤسّسات لجانَ تحقيق مستقلّة للوقوف على صحّة الشهادات ذات الصلة بالعاملين في المؤسّسات ذاتها. وهو ما اعتبره التقرير تعبيراً عن واقع مأزوم يمارس العنف ضدّ النساء. لم يهمل التقرير نقطة مصداقية آلية الشهادات. امتد الحديث إليها كثغرة يمكن استغلالها للتشكيك في الشهادات وفي الآلية المستخدمة بها. ويدعو التقرير إلى ضرورة وجود منصّة أو جهة أو شخص يتحمل مسؤولية إعلان الشهادة المُجهلة، ويقبل تحمّل جانب من التبعات المجتمعية والقانونية المترتبة على النشر.
عن الحاجة إلى مساءلة المتهم بدلاً من تكذيب النساء
في حين تعتقد عيداروس أنّ التعامل مع ثنائية تصديق الناجيات والتشكيك بطريقة الشهادات في المقابل، عن طريق الممارسة والزمن بتجويد وتطوير طريقة استقبال ونشر الشهادات لتبقي مساحة بوح للنساء ولنشر شهاداتهن وبالوقت نفسه تجد طريقة لمنع الفبركة من مصدر مجهول، كما فعل هشام علام الصحافي المتهم بالاغتصاب والتحرش بالصحافيات والمتدربات، بالإضافة إلى علاقة الثقة التي تبنيها هذه المنصات مع الجمهور، لأن من يثق في الوسيلة يثق في الرواية التي تنقلها حتى لو مجهلة مثلما يحدث في الصحافة، حيث تنشر بعض التقارير أحياناً تصريحات مصادر مجهلة وفي هذه الحالة يستمد القارئ مصداقيته فيها من مصداقية الوسيلة نفسها لديه. تضيف عيداروس أن هذه المنصات تقوم بعدة ممارسات مثل كتابة الحروف الأولى من اسم المدعى عليه ومواصفاته حتى لا تُتّهم بالتشهير، وينبغي عليها تأمين نفسها ضد محاولات الاختراق الإلكتروني والهجمات الساعية إلى معرفة القائمين والشاكيات.
يولي مؤمن معتز (25 عاماً) مؤسّس صفحة خلّيها أمان، المهتمة بالتوعية المجتمعية ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، حاجته للحصول على استشارة قانونية من محام أهمية كبرى في تأسيس قواعد تسمح باستقبال شهادات بالفترة المقبلة. حتى الآن لا يستقبل مؤمن شهادات من شاكيات بصورة حصرية لصفحته، لكنه يعيد مشاركة شهادات منشورة بالفعل، لكسر حالة الوصم وتوسيع رقعة انتشار هذه القصص وتعريف المجتمع بوجودها.
بالنسبة لمؤمن، تبدو إشكالية المصداقية ثمناً لغياب البدائل أمام الشاكيات والقائمين على منصات الشهادات المُجهلة. يشرح “عشان أتعامل مع إشكالية احتمالية الفبركة، فأنا بحاجة إلى تحقيق وهذا غير ممكن للمنصات. إلى أن يصبح لدى النساء وسائل أخرى لأخذ حقهن بطرق أفضل من هذه الطريقة، علينا أن نصدق النساء وننشر شهادتهن”. هذا ما يستعد حالياً للشروع في فعله عن طريق اعتماد نظام الاستمارات المجهلة لتكون وسيلة صفحته لاستقبال شهادات، ومن ثم نشرها للعامّة بشكل دوري أي أن يكون هناك عدد من الأيام أسبوعياً مخصص لنشر الشهادات.
بخلاف جوانب الضعف في الطريقة الرسمية للتبليغ وما يحمله ذلك من مخاطر وتهديدات لسلامة الشاكيات، يسند مؤمن أهمية الشهادات إلى التغيير الاجتماعي الذي تلعبه هذه الآلية قائلاً إنّ “الناس مش شايفة الجانب ده من الحياة، الشهادات هتخليهم يشوفوا العنف من وجه نظر الشاكية ومعاناتها”. يقلل ويضعف انتشار الشهادات من العقبات والأقاويل الاجتماعية مثل “هي مقلتش ليه من قبل كده، هي كدّابة، وإيه الدليل وغيره”. على عكس الطريقة الرسمية للتبليغ، حيث تطلب الشاكية فتح محضر وإجراء تحقيق مع المتهم، أما حينما تنشر الواقعة في شهادات على الإنترنت، تجد صدى ويتداولها الناس، وتبدي النيابة اهتماماً بالواقعة وتفتح التحقيق، لا سيما إن تعددت الشكاوى والادعاءات على المتهم نفسه. على هذا النحو، تزداد قابلية المجتمع لتصديق حجم المشكلة ويصدّق أنّ النساء يتعرّضن لعنف كبير. في رأي مؤمن، نجحت آلية الشهادات في تقوية سلطة الحكي، ويتوقع أن تؤدي هذه الآلية لاستحداث آليات قانونية في المستقبل، لمواجهة هذا الانتشار بعد أن يدرك المجتمع والدولة حجم المشكلة.
تتفق معه عيداروس حيث ترى أنّ آلية الشهادات أتاحت فرصاً لإجراء إصلاحات في منظومة التبليغ والإثبات بقضايا العنف، منها تسهيل الشهادات للإثبات في حال وجود توجّه جاد من النيابة للتحقيق مع المدعى عليهم في محاولة لتحقيق العدالة، ومن ناحية أخرى وضعت مسؤولية على كل مؤسسات القطاع الخاص والعام، لإيجاد طريقة للتعامل مع شكاوى العنف، وقدرة الشهادات على خلخلة نفوذ المدعى عليهم في حال لاقت شكواهن استجابة. وهذا ما حدث عقب الشهادات بالتحرّش الجنسي ضد المخرج إسلام عزازي، حينما ألغى مهرجان القاهرة السينمائي ندوته. كذلك تلفت هذه الآلية النظر إلى ضرورة تطوير أدوات التحقيق مع الشاكية لتوفير مساحة مريحة نفسياً لها كالتي توفّرها المدوّنات وهذه نقطة مؤثرة بالنسبة للساعيات إلى التبليغ، لأنّ صعوبة تكرار الرواية وتوجيه الأسئلة بطرق تعيدها للحظة الواقعة تؤثر عليهن، خصوصاً أنّ جميع المحققين رجال. كما تمنح هذه الآلية المدافعين والنسويات فرصة للضغط على المؤسّسات التي ينتمون لها بإقرار سياسات ولوائح مناهضة للعنف، ومساعدة غيرها من المؤسّسات لوضع لوائح مشابهة.
بالرغم من ذلك، لا تتجاهل عيداروس الإشارة إلى الإحباط الذي ستولّده كثرة الشكاوى بدون تحقيق العدالة، ما يعطي رسالة سلبية للمجتمع ويشجّع المتحرّشين ويقلّل التقدّم الاجتماعي فيما يخصّ الوعي، مقارنة بالتقدم الذي سيحرزه تحقيق العدالة، ولو من قبيل خوف الذكور من الإقدام على جرائم العنف من هذا النوع، حتى لو لم يكونوا مقتنعين بعدالة قضية المرأة.