النقل العمومي في تونس العاصمة: حطام سياسة التقشّف وهشيمها


2024-05-06    |   

النقل العمومي في تونس العاصمة: حطام سياسة التقشّف وهشيمها

تتراكم فيديوهات وشهادات المواطنين عن معاناتهم اليوميّة جرّاء تدهور النقل العموميّ في تونس. أصبح التنقّل من وإلى مختلف ضواحي العاصمة مهمّة شاقة تتطلّب نفسا طويلا لانتظار مواقيت السفرات وصبرا أكبر للقبول بالحالة المزرية لوسائل النقل وتردّي الخدمة المقدّمة. وفي حين تتنصّل السلطة من مسؤوليّتها، بل وتستعمل وضعيّة شركات النقل العمومي في حربها المُمسرحة على الفساد، يكفي الرجوع إلى الأرقام لكي يظهر السبب الأساسي وراء تدهور النقل العمومي أسوة ببقية المرافق العموميّة: التقشّف. بالنظر إلى ضخامة ملفّ أزمة قطاع النقل في تونس (تنوّع الخدمات واتساع المجال الجغرافي وسياقه التاريخيّ خصوصا فيما يتعلّق بالتنقّل بين المدن)، اخترنا في هذا المقال تحليل أهمّ مشاكل النقل العمومي في العاصمة فقط، عبر دراسة تقارير شركة النقل بتونس (العاصمة)، “الترانستي”. وهي الشركة العمومية الوحيدة التي تأمّن النقل العمومي بتونس الكبرى عبر شبكة الحافلات وشبكة المترو وشبكة الخطّ الحديدي ت.ح.م (تونس، حلق الوادي، المرسى). من خلال نموذج “الترانستي”، يظهر أثر سياسات التقشّف واستقالة الدولة في التدهور المتواصل للنقل العمومي، خلافا للخطابات الأخلاقويّة التي لا ترى سوى المُفسدين والمتآمرين. 

تمظهرات الانهيار وأسبابه

بالعودة إلى تقارير شركة النقل بتونس، نتوقّف أوّلا عند العدد الهامّ للمواطنين الذين يعتمدون على خدمة النقل العمومي. اعتمادا على تقرير الشركة لسنة 2019 وهو آخر تقرير تمّ نشره على موقعها الرسمي، بلغ عدد المسافرين خالصي المعلوم على شبكات الشركة 180,5 مليون مسافر. أي أنّ الشركة تنقل بمعدّل ما يُقارب نصف مليون شخص يوميّا عبر شبكاتها وذلك من دون احتساب المسافرين الذين لا يدفعون المعلوم وهي ظاهرة منتشرة جدّا. هذا الرقم، الذي يبدو ضخما، هو في انخفاض متواصل سنويّا. إذ تُظهر التقارير المنشورة المتعلّقة بسنوات 2014، 2015، 2016، 2017، 2018 و2019 (والتي سيتم اعتمادها طيلة هذا المقال)، تراجع عدد المسافرين على مختلف شبكات الشركة من 216٫4 مليون مسافر سنة 2014 إلى 180٫5 مليون مسافر سنة 2019. خسارة الشركة لما يُقارب 36 مليون مسافر خلال ستّ سنوات (والمرجّح، في غياب الأرقام الرسميّة، أنّ نسق الانخفاض تواصل لغاية هذه السنة، من دون اعتبار سنوات الجائحة)، يعكس انهيارا تدريجيّا لخدمة النقل العمومي. وهو انهيار يؤثّر مباشرة على حجم المداخيل فيعمّق الأزمة أكثر فأكثر. فقد تراجعت مقابيض الاستغلال من 54٫4 مليون دينار لسنة 2014 إلى 52٫7 مليون دينار سنة 2019. كما تضاعف حجم عجز الشركة العمومية (قبل التعديلات المحاسبية) خلال الفترة ذاتها من 107٫1 إلى 202 مليون دينار.

أسباب عديدة يمكن أن تفسّر هجر المواطنين لشبكات النقل العمومي، تتعلّق أساسا بغياب الخدمة في حدّ ذاتها أو تردّيها إن وُجدت. فقد تراجع عدد السفرات المنجزة من طرف الشبكات الثلاث (حافلات/مترو/قطار TGM) من 1211٫4 ألف سفرة سنة 2014 إلى 1087٫1 ألف سفرة سنة 2019. ويُضاف إلى هذا التراجع، تراكم نسب السفرات الملغاة بعد برمجتها على مختلف الشبكات. فقد بلغت نسبة إلغاء السفرات 40٫3% بالنسبة لشبكة الحافلات و27٫7% بالنسبة للشبكة الحديدية سنة 2019. يمثّل النقص في الأعوان ونقص المعدّات الأسباب الأساسية لإلغاء السفرات المبرمجة. فتجاوزت نسب السفرات غير المنجزة نتيجة السببين المذكورين 70% بالنسبة لشبكة الحافلات و80% بالنسبة للشبكة الحديدية في سنة 2019. وهي نسب يرجّح أنّها تواصلت في الارتفاع نظرا لتواصل الأزمة وتضخّم أسبابها. 

وجب التذكير بأنّ هذه النسب تتعلّق بتوفير خدمة النقل من الأساس وليس بجودتها. وهو ما يجعل من مشكلة النقل أزمة هيكليّة نتيجة ظروف موضوعية تُترجم مدى ضعف الاستثمار في قطاع النقل. فعملية نقل الأشخاص تقوم على عنصرين اثنين أساسيين: المعدّات التي سيتم استعمالها لتقديم هذه الخدمة، والأعوان القائمين على تسيير هذه المعدّات. نقص المعدّات والأعوان يكشف تخلّي الدولة عن توفير النقل العمومي للمواطنين تدريجيّا وبصفة متواصلة. ممّا أدّى إلى تهرئة الأسطول وتقادمه من جهة وإحداث نزيف متواصل على مستوى الموارد البشريّة وهو ما نتج عنه إنهاك القطاع وانهياره. هذه الأسباب المباشرة لإلغاء السفرات، تنضاف إلى عوامل أخرى عكست هي الأخرى تخلّي الدولة عن هذا المرفق العمومي، تتعلّق بمدى امتداد شبكات النقل وتغطيتها وقربها للتجمعات السكّانية ومدى تطوّر خدمتها في علاقة بتوفير السّفرات ودقّة مواعيدها وجودة الخدمة المقدّمة للمسافرين المتعلّقة خصوصا بأمنهم وسلامتهم. 

نظرا لمحدودية المعلومات المتوفّرة، سنكتفي فيما يلي بدراسة العنصرين الأساسيين المذكورين لنحاول فهم أسباب تراجع توفير خدمة النقل وذلك على مستوى السفرات المبرمجة من قبل الشركة من دون تطوير أو تحسين. يرتبط توفّر العربات والأعوان بمدى استثمار الدولة في النقل العمومي فهذان العنصران يُترجمان مدى ضخّ الدولة الأموال والاستثمارات اللازمة لتوفير الوسائل البشرية والمادية اللازمة لخدمة النّقل. ساهمت سياسة التقشّف المتّبعة في السنوات الأخيرة وإلى حدود هذه اللحظة في إضعاف الاستثمار في قطاع النّقل وبالتالي تقويضه بنسق بطيء، وهو ما جعل القطاع يشهد نزيفا متواصلا في المعدّات والأعوان. 

نقل عمومي بأسطول مهترئ

لعلّ أهمّ مؤشّرات تراجع خدمة النقل هو تراجع الأسطول. فقد شهد هذا الأخير تردّيا واضحا يمكن ملاحظته فور الخروج إلى شوارع العاصمة. عدديّا تراجع حجم أسطول كلّ من شبكة الحافلات والشبكة الحديدية. في غياب تقارير جديدة حول وضعيّة الأسطول في السنوات الخمس الأخيرة، يمكن العودة إلى بلاغات الرئيس قيس سعيّد، التي تضمنت معطيات تفيد بتراجع أسطول الحافلات من 1439 حافلة سنة 2019 إلى 434 حافلة سنة 2024، وانخفاض عدد عربات المترو الجاهزة للاستعمال إلى حدود 40 عربة من جملة 189. لا يعود هذا الانخفاض الهامّ لأسباب ظرفية وإنّما تمّت مراكمته على مدى سنوات. فقد تراجعت شراءات العربات والحافلات ممّا حال دون تجديد الأسطول وجعله يتآكل عبر مراكمة التجهيزات غير الصالحة للخدمة أو غير القابلة للصيانة. ينعكس ذلك بصفة واضحة على ارتفاع معدّل عمر الأسطول، الذي بلغ في سنة 2019، 10 سنوات و6 أشهر لأسطول الحافلات، و24 سنة لشبكة المترو، و41 سنة للشبكة الحديدية (ت.ح.م.). حتى شراءات الحافلات التي قامت بها الشركة بين 2016 و2019 لم تكن ناجعة لتجديد الأسطول وذلك لعدّة أسباب. أوّلا، لأنّ عدد الحافلات التي تمّ اقتناؤها لا يضاهي حجم الحافلات التي أُخرجت عن الخدمة. وثانيا لأنّ الشركة ارتأت أحيانا شراء حافلات قديمة تُثقل الأسطول. على سبيل المثال، تمّ في سنة 2017 إبرام صفقة لشراء 87 حافلة قديمة يفوق معدّل عمرها 10 سنوات وهو ما يجعلها أقرب للصيانة وعدم الاستغلال من سدّ حاجيات أسطول منهك. 

كما يتّضح ضعف نجاعة هذه الشراءات في تجديد الأسطول من خلال مؤشّر آخر، هي “نسبة الأسطول المستعمل كامل الأسبوع”. إذ لم تتجاوز هذه النسبة سنة 2019 سقف 43% بالنسبة لأسطول الحافلات وشبكة المترو وهو ما يعني أنّ أكثر من نصف الأسطول يقبع بمستودعات الشركة. ويعود عدم استغلال هذا الكمّ الهائل من المعدّات لسببين، إمّا عدم قابليّتها للاستغلال (عربات محالة على الصيانة أو أخرجت من الخدمة) أو نقص الأعوان اللازمين لاستغلالها. ويمكن قراءة هذه العوامل من خلال المؤشرات المتعلّقة بأسباب السفرات غير المنجزة. فقد ارتفعت نسبة “السفرات غير المنجزة بسبب النقص في المعدات” بشكل كبير في الشبكة الحديدية، من 6,4% سنة 2014 إلى 60٫7% سنة 2019، أي أنها تضاعفت عشر مرّات خلال ستّ سنوات كما يتّضح بالرسم البياني. في المقابل، تراجعت النسبة ذاتها تدريجيا فيما يتعلق بشبكة الحافلات، لتبلغ 26٫8% سنة 2019 نتيجة لصفقات الشراءات التي تمّ إبرامها. ممّا يعني أنّ الشبكتين تشتركان في التدهور وتختلفان نسبيّا في الأسباب. ففي حين تكمن معضلة الشبكة الحديدية في تقادم الأسطول، فإنّ شبكة الحافلات تعاني بصفة أكبر من نقص الأعوان. 

تراجع الموارد البشرية للشركة: وجه آخر للأزمة

لم تؤثّر سياسة التقشّف على الأسطول والتجهيزات فقط، بل طالت أيضا الموارد البشرية للشركة ممّا أفقد خدمة النقل أحد أعمدتها. خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2019، تراجع عدد أعوان الشركة بشكل متواصل، وبالأخصّ أعوان الاستغلال (كما هو مبيّن بالرسم البياني). وهم يمثّلون مجموع السواق والمراقبين وأعوان شبابيك التذاكر، أي الأعوان الذين يقومون بالنشاط الأساسي لخدمة النّقل ويسيّرون تجهيزاتها. كما تمّ تسجيل انخفاض الأعوان الفنيين المكلّفين بإدارة المستودعات وصيانة العربات. خلال ستّ سنوات فقط، تراجع عدد أعوان الاستغلال في الشركة بما يقارب ألف شخص، أساسا بسبب الإحالات على التقاعد من دون القيام بما يكفي من الانتدابات لتعويضها. وهو انخفاض أثّر حتما على نشاط الشركة خصوصا على شبكة الحافلات حيث يعدّ السائقون عنصرا هامّا وضروريّا نظرا لارتفاع عدد التجهيزات (1439 حافلة سنة 2019) وخطوطها (232 خطّ حضري وضحوي) بالمقارنة مع عربات الشبكة الحديدية (189 عربة مترو و18 عربة لشبكة ت.ح.م). 

وقد تفاقمت آثار نزيف الأعوان خصوصا بفعل الانتدابات الضعيفة التي لا تعوّض حجم المغادرة. فعلى سبيل المثال، لم تتجاوز الانتدابات مجموع المغادرات السنويّ إلا مرّة واحدة فقط خلال السنوات المذكورة. بينما تراوح الفارق السلبي في بقية السنوات بين 16 و267 عونا. كما تأثّر أيضا توازن الموارد البشرية بالشركة بفعل الترقيات الجماعية طبقا للفصل 35 من النظام الأساسي الخاصّ للترقيات. إذ لم يقع تعويض الشغورات الحاصلة في أعوان الاستغلال بفعل ترقية المئات إلى رتب إطارات، بانتدابات جديدة في أعوان الاستغلال. 

يؤثّر تراجع عدد الأعوان المذكور، خصوصا المكلّفين بنشاط النّقل، على إنجاز السفرات ونسقها. فتراوحت نسبة السفرات غير المنجزة بسبب نقص الأعوان بين 43% بالنسبة لشبكة الحافلات و25% بالنسبة للشبكة الحديدية سنة 2019. وهو ما يدفع الشركة لاعتماد العمل لساعات إضافية كحلّ ترقيعي لتفادي النقص وتقديم الخدمة. نتيجة لذلك ارتفعت الساعات الإضافية المقضّاة من طرف أعوان الاستغلال، لتبلغ معدّل 24٫3 ساعة للعون الواحد شهريّا. وإذا تمّ احتساب قاعدة 8 ساعات عمل يوميا، فإنّه في هذه الحالة يتكبّد كلّ عون استغلال ثلاث أيام عمل إضافية كلّ شهر للمساهمة من دون جدوى كافية في ملء الشغورات. بينما تمتنع الشركة، تحت ضغط سياسة التّقشّف، عن القيام بالانتدابات اللازمة لتقديم الخدمة اللائقة لمستعملي النقل العمومي وإنجاز السفرات المبرمجة.

النقل العمومي ليس نشاطا تجاريّا ربحيّا

يبقى النقص على مستوى الأعوان والمعدّات متعلّقًا أساسا بتوفير الحدّ الأدنى من الخدمات وفق ما هو مبرمج وضمن الشبكات المستغلّة. وذلك دون التطرّق لمسائل لا تقلّ أهميّة كمدى استجابة المعدّات المستعملة لقواعد السلامة وأمن المسافرين خصوصا في ظلّ ارتفاع معدّل عمر الأسطول وانتشار جريمتي السرقة والتحرّش. ودون الخوض أيضا في مدى احترام السفرات لمواعيدها وانضباطها بمواقيت محددة خاصّة مع تعدّد شهادات مستعملي المرفق العامّ حول ارتفاع فترة الانتظار لوسيلة النقل (على سبيل المثال، ارتفعت مدّة الانتظار من 10دق إلى ما يتجاوز الساعة على خطّ المترو رقم 06). كما لم تُنجز الشركة أيّ تطوير لشبكاتها (الحديدية والخاصّة بالحافلات) ورحلاتها، ولم تُحدث أي تطوير على الخطوط المستغلّة بهدف التّأقلم مع الامتداد الجغرافي المتنامي للتجمّعات السكانية (خصوصا على أطراف المركز). 

في المقابل، يصرّ الخطاب المهيمن على أنّ الأزمة هي نتيجة سوء التصرّف من جهة، وهي آفة لصيقة بالدولة، وضعف ثمن تذاكر النقل من جهة أخرى. لكنّ خطاب المنطق الرّبحي يقفز على حقيقة أنّ المؤسسات العمومية ليست شركات خاصّة ولا تخضع لمنطقها وأهدافها من جهة. فالنّقل والتعليم والصحة كلّها خدمات عمومية متعلّقة بحقوق أساسية يجب على الدولة، التي تجمع الضرائب من المواطنين، توفيرها لهم. كما أنّ نشاط هذه المؤسسات العمومية يرتبط بصفة وثيقة بخدمات وقطاعات عدة لا يمكن عزلها عن بعض، من جهة أخرى. فالدولة وحصيلة خدماتها لا تنحصر على مستوى كلّ مؤسسة على حدَة وإنّما تتشابك وتتداخل مع عدّة عناصر أخرى. لذلك وجب الأخذ بعين الاعتبار عدّة جوانب أخرى متداخلة. على سبيل المثال، وجب تناول قيمة الدعم العمومي للمحروقات المستعملة للتنقّل بالسيارات المستوردة ومقارنتها بالطاقة المستهلكة بالنقل العمومي، ومدى تأثير استيراد السيارات على الميزان التجاري، ومدى تأثير انبعاثات هذه السيارات على التوازن البيئي والايكولوجي وما ينجرّ عنه من مصاريف على صحّة المواطنين ومستقبلهم، فضلا عن الاعتبارات الأساسيّة المتصلة بحقّ المواطنين في التنقّل والمساواة فيما بينهم، تطوّر المجال السكاني وحاجيات السكان للتنقّل، ومدى تأثير الزحام على معيشتهم وتقريب الخدمات لهم. تخلّي الدولة عن دورها في توفير النقل العمومي، يؤدي إلى تعويض هذا الفراغ عبر قطاعات أخرى، إمّا تُكرّس الامتياز الطبقي واللاّمساواة فتوفّر الخدمة للأكثر رفاها وتزيد من تهميش من هم تحت، مثل سيارات التاكسي. أو أنشطة أخرى سواء كانت نظامية أو غير نظامية، كلفتها أقلّ على المستعملين ولكنّها لا توفّر شروط الأمن والسلامة للمسافرين. 

في الأثناء، تُبقي السلطة الحاليّة على توجّهها المسرحيّ في تناول مشاكل المواطنين ومعاناتهم. فيحرص رئيس الجمهورية على عدم التطرّق للمسألة المركزية لأزمة النقل العمومي ألا وهي مدى استثمار المال العمومي في هذه الخدمة كما يكثّف خطابه بإيحاءات عن شبهات الفساد والمؤامرة خصوصا خلال زياراته الميدانية من دون تقديم أيّ بدائل أو مشاريع لمواجهة الانهيار المتواصل.

انشر المقال

متوفر من خلال:

سياسات عامة ، نقل عام ، مقالات ، تونس ، لا مساواة وتمييز وتهميش



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني