يستعدّ المحامون الشبان، ممّن تقل أعمارهم عن 45 عامًا، والمنخرطون في الجمعية التونسية للمحامين للشبان، لانتخاب رئيسها وأعضاء مكتبها التنفيذي للمدة النيابية 2023-2026، وذلك في الجلسة العامة الانتخابية المزمع عقدها يوم 29 أفريل 2023. تنتظم هذه الانتخابات في سياقات وطنية ومهنية متقاطعة: مسار دخول البلاد في أتون نظام سلطوي يستهدف الحريات، لم يتردّد في ملاحقة عشرات المحامين في قضايا سياسية، من جهة، واستمرار الصعوبات المهنية للمحامين الشبان بل واحتدادها طيلة السنوات الأخيرة من جهة أخرى.
وتخوض الجمعية الانتخابات المنتظرة في حالة انقسام داخل تركيبتها الحالية مرده الاختلاف حول طريقة تسييرها ومواقفها في آن واحد. إذ نجدُ من جهة شقّ رئيس الجمعية ومعه أعضاء من الهيئة المديرة يمثلون الفروع الجهوية، ممّن أبدوا دعمًا للسلطة السياسية وإسنادًا للعميد السابق إبراهيم بودربالة الذي جيّر عمادته لفائدة المشروع الرئاسي. في المقابل، هناك أغلبية داخل المكتب التنفيذي، ولكنّها تتحوّل إلى أقلّية داخل “الهيئة المديرة”، أظهرت تمايزًا عن موقف رئيس الجمعية، وأبدت اهتمامًا للتصدي للمساس من ضمانات المحاكمة العادلة وضرب استقلال القضاء من جهة أخرى.
وتعدّ الجمعية التونسية للمحامين الشبان، منذ تأسيسها عام 1970، من عناوين انغماس المحاماة في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان والتصدّي لمحاكمات الرأي، خاصة وأن مؤسسها، الأستاذ عبد الرحمن الهيلة، تصدّى للدفاع في محاكمات سياسية بينها محاكمة قيادة اتحاد الشغل أمام محكمة أمن الدولة إثر أحداث الخميس الأسود 1978. ظلّت الجمعية بذلك، وببريق مؤسّسها، مكونًا هامًا في المشهد الحقوقي خلال فترات زمن الاستبداد، خاصّة وقد تداولت على رئاستها شخصيات ذات بعد حقوقي مثل العميدين عبد الرزاق الكيلاني وشوقي الطبيب والأستاذ عبد الرؤوف العيادي. غابت الجمعية، في الأثناء، عن معركة استباحة المحاماة بعد 25 جويلية 2021، سواء بعد تخلّي السلطة السياسية عن مكتسبات المهنة دستوريًا أو الإحالات القضائية الممنهجة ضد المحامين الحقوقيين. وهو غياب زاد في تطبيع صورة تخلّي “المحاماة الرسمية” طيلة الفترة المنقضية عن أدوارها الطلائعية.
خذلان الدفاع عن الحريات.. و”الدّفاع عن الدّفاع” أيضًا
ينصّ الفصل الأول من النظام الأساسي للجمعية التونسية للمحامين الشبان على أنّ من بين أهدافها “العمل على حماية الحريات العامة والفردية للأشخاص ونشر ثقافة حقوق الإنسان” و”الدفاع عن القضايا العادلة”. بيد أنّ الجمعية انخرطت منذ 25 جويلية 2021 في دعم إجراءات رئيس الجمهورية والدفاع عنها رغم طبيعتها غير الديمقراطية بل ونسفها ليس فقط لمقوّمات دولة القانون بل أيضًا للمكتسبات الدستورية للمحاماة. اعتبرت الجمعية في بيان هيئتها المديرة يوم 27 جويلية 2021 أن إجراءات رئيس الدولة قيس سعيّد هي “استجابة حرفية للطلبات الشعبيّة” بل حذّرت من “مغبّة التوسّط في حوارات لإنقاذ الفاشلين والفاسدين” مطالبة إياه بـ “المضي قدمًا والانتصار لجماهير شعبه”. وهو ما أشّر، منذ البداية، إلى حجم انخراط الجمعية فيما بات يُسمى “مسار 25 جويلية”، لتمثل بذلك، رديفًا داعمًا لعميد المحامين وقتها إبراهيم بودربالة.
لزمت الجمعية صمتًا مطبقًا عن جملة الانحرافات الدستورية والقانونية والحقوقية، في خضمّ تحويل وجهة رئيس الدولة لحالة الاستثناء إلى مرحلة انتقالية جديدة تحت إدارته المطلقة. كما لم تتحرّك إزاء تصاعد الانتهاكات الحقوقية، وبالأخصّ الإحالات الممنهجة وغير المسبوقة على القضاء العسكري، أو على القضاء العدلي بطلب من وزيرة العدل. في هذا الجانب بالتحديد، وإجمالًا فيما يتعلق بالمسألة الحقوقية، اكتفت الجمعية، صيف 2021، بإصدار بيانات دعم للأستاذ مهدي زقروبة المحال على التحقيق العسكري فيما يعرف بقضية “المطار“، رافضة بالخصوص توسيع مجال الدعم ليشمل محاميا آخر متهم في القضية ذاتها وهو الأستاذ سيف الدين مخلوف، الذي مثلت صفته السياسية مبرّرًا، بالنسبة لرئاسة الجمعية، يحول دون إسناده. استمرّ الصمت المطبق أيضًا حينما أُحيل الرئيس السابق للجمعية والعميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني على القضاء العسكري الذي أصدر بطاقة إيداع بحقّه، وهو ما دفع 12 رئيسًا سابقًا للجمعية لإصدار بيان تضامني، مقابل الصمت المطبق والمزدوج من الجمعية والعميد السابق بودربالة، والذي تطوّر إلى مستوى التواطؤ مع السلطة عبر تصريحات إعلامية تبرّر الانتهاكات المسجّلة.
ولم تخرج الجمعية عن صمتها المطبق عن البيانات حول الشأن الوطني وذلك طيلة نحو عامل كامل، قبل أن تصدر بيانًا باسم هيئتها المديرة في جوان 2022 دعمًا للعميد بودربالة، على خلفيّة تصاعد الانتقادات ضدّه وقتها داخل جسم المحاماة وفي صفوف المكونات المدنية والحقوقية في البلاد، تحديدًا بعد انخراطه العلني في المسار الرئاسي من بوابة لجنة إعداد دستور 2022. طالبت الجمعية، في البيان ذاته، بالنأي بها عن “الأجندات الحزبية والمعاركة الجانبية التي لا تمتّ للوطنية وللنضالية بصلة”، في محاولة لتبرير خيارها الصريح في الانخراط في المسار الرئاسي وتبييضه والتغطية على تخلّفها عن محطات نضالية اقتضتها المراسيم الرئاسية والانتهاكات الممنهجة للحريات العامة وبالخصوص تطويع القضاء لاستهداف المعارضين والحقوقيين.
كما شدّدت الجمعية، في البيان السابق ذكره على أنّ رئيس الجمعية هو “الممثل الشرعي لها” وأنّ القرارات والبيانات لا تتخذها إلا الهيئة المديرة المكوّنة من 22 عضوًا، وذلك على خلفية خيار 7 من أصل 8 أعضاء في المكتب التنفيذي الاستقالة أو مقاطعة أعمال الجمعية، بعد أن اتهموا رئيسها بالتفرّد بتسييرها واتخاذ القرارات باسمها. فمن بين 13 مشاركا في اجتماع الهيئة المديرة الذي أصدر ذلك البيان، توجد عضوة وحيدة عن المكتب التنفيذي، فيما يمثل البقية الفروع الجهوية. تأكد الانقسام لاحقًا ومجددًا بمناسبة إصدار رئيس الجمعية، في جانفي 2023، بيانًا تضامنيًا مع الأستاذ مهدي زقروبة بعد إصدار محكمة الاستئناف العسكرية حكمها في قضية “المطار” وذلك من دون إبداء التضامن مع الأستاذ سيف الدين مخلوف. أدى هذا التعامل التمييزي إلى إصدار “مجموعة الـسبعة” صلب المكتب التنفيذي بيانًا معاكسًا دعا إلى “وحدة صف المحامين ضد أي محاولة للتمييز على أساس الأفكار أو الانتماءات”.
أدّى الانقسام صلب الجمعية إلى حالة عطب في عملها امتدّ لما يزيد عن نصف فترتها، إذ تقلّصت أنشطتها بشكل بيّن. والملاحظ في هذا السياق أنّ النّشاط العلميّ حول القضايا السياسية اُختصر في ورشة وحيدة بعد 25 جويلية، انتظمت في أكتوبر 2021، وموضوعها “النظام السياسيّ في حالة الاستثناء”. لم تنظّم الجمعيّة أيّ ورشة أو ملتقى حول الملفات الراهنة التي اقتضاها المسار التأسيسي الجديد، من قبيل واقع الحقوق والحريات أو المكتسبات الدستورية للمحاماة على سبيل المثال، وذلك باعتبارها مواضيع مُحرجة تتعارض والخيار “السياسي” في دعم مسار 25 جويلية. في هذا الجانب، دعم رئيس الجمعية، خلال الندوة الصحفية لهيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي، حلّ المجلس الأعلى للقضاء باعتباره “ساحة للمحاصصة الحزبية”. ففي يوم بدء إضراب القضاة احتجاجًا على قرار الحل، كانت جمعية المحامين الشبان تنظم ورشة حول “كيفية تحديد المحامي لأجرته”. وضمن أشغال “الملتقى الوطني الأول للمحامي الشاب” الذي نظمته الجمعية بالشراكة مع هيئة المحامين، في جوان 2022، بعنوان “مستقبل المحاماة في عيون شبابها”، خُصّصت كلّ المداخلات لمسائل مهنية وفنية بحتة في غياب مطلق لمواضيع تهمّ قضايا الحقوق والحريات واستقلالية المحاماة والقضاء، في سياق كان يقتضي أكثر من أيّ وقت مضى إثارة الدور الطلائعي للمحاماة الشابة في الدفاع عن الحقوق والحريات والتصدّي للنزوح السلطوي القائم.
غابت الجمعية التونسية للمحامين الشبان بذلك عن الحراك الحقوقي بعد 25 جويلية 2021 بعد اختيار رئيسها دعم المسار الرئاسي متحالفًا مع العميد السابق إبراهيم بودربالة، وهو غياب امتدّ إلى القضايا السياسية المثارة ضد المحامين سواء عبر القضاء العسكري أو القضاء العدلي، والتي شملت عميدًا سابقا للمحامين. أدى هذا الخيار، إضافة إلى مسائل أخرى تتعلق بالتسيير، إلى حالة انقسام صلب المكتب التنفيذي للجمعية التي ظلّت رقمًا حقوقيًا غائبًا بعد أن ضلّت طريقها. ويظل السؤال: هل تمثل الانتخابات فرصة لتصويب بوصلة الجمعية نحو دورها الريادي في الدفاع عن الحقوق والحريات في السياق السلطوي القائم؟ لا تبدو الإجابة حاسمة.
استحقاقات المحاماة الشابة وأفق السباق الانتخابي
لا تختلف محرّكات التصويت في الجسم الانتخابي للمحامين الشبان في انتخابات الجمعية عن عموم المحامين في انتخابات الهيئة، على الرغم من أنّ الجسم الانتخابي أقل عددًا سواء باعتباره منحصرًا في المحامين دون 45 سنة من جهة، أو باعتبار لزوم الانخراط الطوعي للناخبين في الجمعية وخلاص اشتراكاتهم من جهة أخرى. لا يتمايز المترشحون، دائمًا، في تشخيص واقع المحامين الشبان في ظل حدة التنافسية في مهنة تضمّ ما يزيد عن 9000 محام، واستفحال ظاهرة “السمسرة” باستجلاب الحرفاء بطريقة غير مشروعة بما ينتهي لمعاينة أوضاع مهنية ومادية صعبة تشقّ صفوف شباب المهنة. وتتعزّز الصعوبات بالنسبة للمحامين المتمرّنين، بدءًا برحلة البحث عن مكتب تمرين لائق، وتحدّي تلقي تمرين يضمن معارف صناعية تؤمن انطلاقة مهنية جديّة، وثنائية استغلال عديد المحامين المشرفين على التمرين من جهة وصعوبات بعث مكتب مستقلّ بعد تجاوز مرحلة التمرين من جهة أخرى.
الحلول بدورها لا تتمايز، وهي ليست عنوان اختلاف واقعي، باعتبار تكرارها في كل دورة انتخابية وطابعها العمومي دون الإجرائي التفصيلي، وأيضًا لوعي أن معيار التصويت يخضع في الواقع لمعايير أبعد من التنافسية للإقناع بالبرنامج الانتخابي. في المقابل، يظهر بقوّة معيار الانتماء السياسي والأيديولوجي، إذ تشهد الحملة الانتخابية، تاريخيًا، تحالفات سريّة وأخرى معلنة بين مجموعات القوميين، واليساريين، والتجمعيين والإسلاميين، سواء بالنسبة لمجموعات الناخبين، أو في صفوف الأعضاء المنتخبين بدورهم. وقد كانت مفاوضات تصويت أعضاء المكتب التنفيذي لانتخاب رئيس الجمعية مسرحا مميزا لهذه التحالفات، قبل تنقيح النظام الأساسي للجمعية عام 2015 والذي أقرّ انتخاب الرئيس مباشرة من طرف الناخبين بالأغلبية النسبية في دورة واحدة. ولكن الانتخابات ظلّت، واقعيًا، تنتظم في شكل قائمات تتضمن مرشحين لرئاسة الجمعية وعضوية مكتبها التنفيذي.
ويعمل مرشحون، في هذا الجانب، على تقديم أنفسهم كمنتمين للتيار المهني المستقل، في سعي للتمايز عن المجموعات السياسية والأيديولوجية من جهة، وأيضًا للتأكيد على أولوية المهني البحت لجذب أصوات الناخبين غير المسيّسين على وجه التحديد. بيد أن ما يسمّى التيار المهني المستقل، وبالخصوص قبل الثورة، لم يكن بالأساس إلاّ عنوانًا لمرشحي السلطة في سياق مواجهة مرشحي المعارضة الذين يقع اتهامهم بتسخير المحاماة لخدمة أحزابهم. في الأثناء، شهدت الانتخابات الأخيرة لمجلس الهيئة الوطنية للمحامين، التي انتظمت في شهر سبتمبر 2022، صعود أعضاء لا تُعرف توجهاتهم السياسية بدرجة أولى لدى عموم الناخبين، بقدر معرفة انخراطهم في الشأن المهني وعضوية الهياكل، وهو تصعيد عكس رغبة في تجديد دماء قيادة الهيئة.
وتبقى، دائمًا، العلاقات الشخصية والصداقات والمجاملات المتبادلة هي العنصر الأساسي الموجّه للتصويت عمومًا، وفي انتخابات الجمعية تحديدًا. فالمعيار الذاتي البحت يتعزّز لدى المجموعات الشبابية في صفوف المحامين، الذين تجمعهم، بصفة دائمة، المحاكم والمناسبات المهنية مثل الدورات التدريبية، ولكن أيضًا وبالخصوص المناسبات الخاصة والتواصل عبر الفضاء الإلكتروني. تطغى، في هذا المضمار، “الشللية” عبر تكوّن مجموعات صداقات ومنافع مشتركة، تفرضها طبيعة العمل اليومي للمحامي التي تدفع نحو تعزيز أواصر التضامن وتبادل الخدمات الفردية، وحتى العمل الجماعي في كثير من الأحيان. وبقدر ما تمثله “الشللية” من مظهر إنساني في المحاماة، فهي تتحوّل إلى حلقة أساسية في الانتخابات. إذ يخضع التصويت، بالنهاية، لمدى الانتماء إلى شلّة ما، وإجمالًا للتقدير الشخصي للمعاملات الإنسانية للمترشّح مع زملائه، لتصبح الخدمة الانتخابية ردًا على خدمات مهنية أو إنسانية. وفي هذا السياق، أصبحت “مجموعة الجزائر”، التي تضم المحامين الشبان الذين تحصلوا على شهادة الكفاءة في المحاماة بعد الثورة من الجزائر ثم واجهوا صعوبات في قبول ترسيمهم بتونس، تشكّل بدورها، وإلى حدّ ما، كتلة تصويتية متجانسة.
تبقى مشاغل المحامين الشبان المتعددة والمتراكمة تنتظر حلولًا واقعية ليست كلّها بيد الجمعية. ولكن يبقى لها، ، بحسب إمكانياتها، تذييل جزء هام منها كتيسير استقبال المحامين المتخرّجين في مكاتب التمرين بصفة منهجية وشفافة، والتصدّي لتجاوزات المحامين المشرفين على التمرين مثل الاستغلال المجحف للمتمرّنين وعدم توفير مناخ مهني لائق. فيما يبقى تطوير المستوى الصناعي للمحامين الشبان عبر الدورات التدريبية في اختصاصات مستجدّة بالخصوص، ضرورة، فضلا عن العمل على توفير مراجع عملية تساعد المحامي الشاب في عمله. أمّا الأنشطة الثقافية والترفيهية، فهي، على أهميتها، تستدعي عناية في اختيارها وتوظيفها لغايات نبيلة، كي لا تتحوّل الجمعية إلى ما يشبه متعهّد حفلات لا أكثر.
إن الجمعية، التي تتأسس مرجعيتها، من تاريخها الذي تجاوز نصف قرن، ومن أعلام المحاماة الذين تولوا تسييرها، بل تعدّ محطة قارّة في انطلاق سلم مسار التصدّي والارتقاء في الهياكل المهنية، تظهر اليوم نجمًا يأفل رويدًا رويدًا. إن انخراطها في الخط العام للهيئة الوطنية للمحامين وتحديدًا عميدها، في السنتين الأخيرتين، وذلك لحسابات ومصالح متشابكة، أفقد الجمعية صبغتها الجوهرية كإطار شبابي نضالي يرفع السقف عاليًا للدفاع عن الحريات والديمقراطية والتصدّي للاعتداءات على المحامين. وحتّى في الجانب الاجتماعي البحت، تراجع دور الجمعيّة بما عكسه، في المقابل، تنامي دور الجمعية الوطنية للمحامين بتونس في هذا الجانب على وجه التحديد. وليس معدّل الانتساب المحدود للجمعية التونسية للمحامين الشبان ومعدل المشاركة في انتخاباتها الدورية، إلا مؤشرًا على عزوف عامّ في صفوف المحامين الشبان، الذين يقدّر جزءٌ هامّ منهم أن الجمعية ليست المدافع الشرس والحازم لحلّ مشاكلهم التي قد تفترض، أحيانًا، منازعة مع هيئة المحامين لتنازع المصالح، كملفّ العلاقات بين المحامين المتمرنين والشبان عمومًا من جهة والمحامين المشرفين على التمرين، أو شبكات السمسرة المتغلغلة والتي تُعتبر “محمية” من جهة أخرى.
تنتظم بذلك انتخابات الجمعية لفترة نيابية جديدة، في أجواء ممزوجة بين خيبة دورها في خذلان الدفاع عن الحريات وعن المحامين في سياق تأسيس حكم سلطوي عموده دستور بنظام رئاسوي أهدر ضمانات استقلالية القضاء وتخلّى عن المكاسب الدستورية للمحاماة، وأيضًا خيبة من عدم قيادة الجمعية لدور نشط وضاغط لتحسين أوضاع المحامين الشبان وتطوير سبل عملهم. وإذا ما كان العنصر السياسي والحقوقي متراجعا في خيارات الجمهور الانتخابي العامّ، تبقى الروابط الشخصية هي أساس التصويت. ويظلّ الرهان في قدرة المنتخبين الجدد أولًا على العمل في إطار جماعي وتضامني، وثانيًا في إرجاع بريق الجمعية ليس فقط في المشهد الحقوقي والمدني بتونس، بل أيضًا في صفوف المحامين أنفسهم.