مساء يوم 19-05-2022، أصدرتْ الدائرة الجناحية الابتدائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس العاصمة حكمها في حق عميد المحامين خلال فترة الثورة التونسية وأحد أهم رموزها المحامي عبد الرزاق الكيلاني والقاضي بسجنه مدة شهر واحد مع تأجيل تنفيذ العقوبة. هذا الحكم هو ثاني حكم لهذه المحكمة يستهدف شخصيّة عامّة في بحر أسبوع واحد في محاكمة تصفها الأوساط الحقوقية بالسياسية بعدما كانت المحكمة أصدرت قرارا آخر قبل أيام في قضية المطار ضد نواب معارضين. ويلحظ أن سند الاتهام في كلا القضيتين هو خطاب موجه لمسؤول أمني بوجوب تطبيق القانون والامتناع عن مخالفته.
دعوة لتطبيق القانون جزاؤها محاكمة عسكرية
بتاريخ 03-01-2022، تحدّث وزير الداخلية عمّن قال أنه تعمّد تحريض الأمنيّين على العصيان ليُضيف أن ما أتاه قد يكون جناية أو جنحة وأن المحاكم العسكرية تختص بتتبعها والقانون يلزم بذلك لينتهي للقول أن ذاك الفعل لن ينتهي من دون عقاب. تبعا لذلك، وجّه بتاريخ 20-01-2020 الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف العسكرية بتونس إعلاما لرئيس الفرع الجهوي للهيئة الوطنية للمحامين بتونس بأنّه قرّر إحالة المحامي عبد الرزاق الكيلاني على التحقيق العسكري. واتّضح بعد ذلك أن الوقائع التي استند إليها وتحدث عنها الوزير سابقا تمثلت في كلمة ألقاها أمام مستشفى الحبيب بوقطفة ببنزرت في زيارة تضامنية نظّمها فريق الدفاع عن الوزير السابق والقيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري يوم 02-01-2022 ودعا فيها أعوان الأمن إلى الامتناع عن تنفيذ التعليمات المخالفة للقانون التي تصلهم من قيادتهم بعد أن ذكّرهم بأنّ من نفذوا تعليمات مماثلة قبل الثورة كان مآلهم التتبع الجزائي في الدوائر المتخصصة للعدالة الانتقالية.
إجراءات المحاكمة: إصرار على مؤاخذة الكلمة
مثل الكيلاني بتاريخ 02-03-2022 أمام قاضي التحقيق العسكري وتمسّك في سماعه برفض مقاضاة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وأن ما صدر عنه من قول ينص عليه أمر 03-04-2014 المتعلق بمدونة أخلاقيات الموظف العمومي وهو ما يجب أن يكون. تبعا لذلك، تم نقله للسجن على إثر إصدار بطاقة إيداع في حقه مما استتبع العديد من المواقف الحقوقية المساندة له والمستنكرة لمحاكمته أمام محكمة عسكرية في وقائع لا تتعلق بجرائم عسكرية وعلى خلفية مواقف سياسية له أبداها بمناسبة ممارسته لمهنته.
في مرحلة ثانية وبتاريخ 21-03-2022 ختم المحقق عمله ليوجه إلى العميد الكيلاني تهم “الانضمام إلى جمع من شأنه الإخلال بالراحة العامة قصد التعرض لتنفيذ قانون أو جبر موظف بالقول والتهديد حال مباشرته لوظيفته ومحاولة التسبب بالتهديد والخزعبلات في توقف فردي أو جماعي عن العمل” وإحالته على الدائرة الجناحية بالمحكمة العسكرية لمحاكمته. وقد تقرر الإفراج عنه بعد 19 يوما من توقيفه. وبعد حضوره أمام هذه المحكمة في جلسة 13-05-2022 وترافع محاميه[1] حجزت القضية للمفاوضة لتصدر حكمها القاضي بالإدانة والذي يذكّر بمنطوق حكم قضية المطار في تعلقه بمعارضين للرئيس.
عسكرة القضاء هاجس يتأكد
يؤكد الحكم بإدانة الكيلاني بعد أسبوع واحد من حكم مماثل أصدرته المحكمة العسكرية بحق نواب معارضين الدور المركزي الذي باتت تلعبه هذه المحكمة في تحقيق ما يريده الرئيس من عدالة في مواجهة معارضيه وهو أمر يهدد قيم تونس الديموقراطية بقدر ما يهدّد وجودها.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.