النيابة العامة تضبط الأذن القضائي بزواج القاصرات بالمغرب ومقترح نيابي بحظر الزواج دون 16 سنة


2018-04-07    |   

النيابة العامة تضبط الأذن القضائي بزواج القاصرات بالمغرب ومقترح نيابي بحظر الزواج دون 16 سنة

في الوقت الذي تدق جمعيات حقوقية في المغرب، ناقوس الخطر بخصوص ظاهرة تزويج القاصرات، دخلت النيابة العامة على الخط بمجموعة من التوجيهات والتعليمات "الصارمة"، بغرض إدخال ضوابط على إعطاء الأذن القضائي بزواج القاصرات، و"ضمان حق الطفلة في التعليم والحماية الاجتماعية".

ووجه محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك، ورئيس النيابة العامة، مجموعة من التوجيهات التي تُقيد القضاة بـ"إجراءات إلزامية قبل منح الإذن لأولياء الأمور بتزويج بناتهن قبل وصول سن الرشد القانوني".

توجيهات "صارمة"..

وبحسب نص المنشور، الذي توصلت المفكرة القانونية إلى نسخة عنه، فإن أهم إجراء استحدثه، هو "الخبرة الطبية التي يجب أن تؤكد قدرة القاصر على تحمل الزواج المبكر جسديا ونفسيا"، بالإضافة إلى "توعية القاصر بخطورة الزواج المبكر"، وأيضاً "الاستعانة بالمساعدة الاجتماعية".

ووُجهت الدورية إلى كل من المحامي العام الأول، والمحامين لدى محكمة النقض، والوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحكمة الابتدائية وقضاة النيابة العامة، مع حثهم على "عدم التردد في معارضة طلبات الزواج التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر".

وشدد رئيس النيابة العامة، على ضرورة جعل "جلسات البحث مناسبة لتوعية القاصر بالأضرار التي يمكن أن يترتب عن الزواج المبكر، والاستعانة في ذلك إن اقتضى الأمر بالمساعدات الاجتماعية". مع "الحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بإذن زواج القاصر".

وفي نفس السياق، حثت الدورية على أهمية "عدم التردد في إجراء بحث اجتماعي بواسطة المساعدة الاجتماعية، للتأكد من الأسباب الداعية لطلب الإذن ومن وجود مصلحة للقاصر في الإذن بزواجه، ومن توفره على النضج والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج وعلى التمييز الكافي لصدور الرضى بالعقد".

وذهب المنشور أبعد من ذلك، بحيث شدد على ضرورة "تقديم ملتمس بإجراء الخبرة الطبية والجسمانية والنفسية والضرورية للتأكد من قدرة القاصر على تحمل أعباء الزوجية".

وفيما يتعلق بتزويج القاصرات المغربيات في الخارج، نبهت الدورية مغاربة الخارج، إلى ضرورة التأكد من أن الدولة التي يقيم بها الزوجان تقبل عقود الزواج دون سن الأهلية، وتنبيه الأسر المعنية بالوضعيات القانونية التي تنشأ عن إبرام تلك الزيجات.

كما تضمنت الدورية، ضرورة "تقديم ملتمسات بعدم الاختصاص بالنسبة لطلبات الزواج المتعلقة بقاصرين لا يقيمون بدوائر نفوذ قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يقدم إليه الطلب باعتباره ذلك شرطا أساسياً لإجراء الأبحاث المشار إليها في الشروط السالفة الذكر.

وبغرض متابعة تنفيذ ما جاء في هذه الدورية من توجيهات، دعا الوكيل العام للملك إلى "موافاته بإحصاء كل ثلاثة أشهر إحصاء لطلبات الزواج المقدمة للزواج من قاصرين"، إلى جانب "إشعاره بالصعوبات التي قد تعترض منظومة العدالة في تطبيق هذه الدورية".

ينص الفصل 32 من الدستور المغربي على أن "الدولة تعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها"، و"تسعى الدولة لتوفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية".

وتنص المادة 3 من مدونة الأسرة على أن النيابة العامة هي طرف أصلي في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة، وأيضاً، بناء على المادة 54 منها، والتي تنص على ضرورة حماية حياة وصحة القاصرين إلى حين بلوغ سن الرشد.

نسب مُتقدمة..

وسبق لجمعية حقوق وعدالة، أن كشفت في دراسة لها أن "المغرب يعرف نسب تزويج القاصرات أكثر من تونس وتركيا (المتقدمين في هذا المجال)، إذ أن 16% من النساء البالغات ما بين 20 و24 سنة بالمغرب، أبرمن زواجهن الأول قبل سن 18 سنة، و3% منهن في سن 15 سنة، في سنة 2015".

ولفتت إلى أن عقود تزويج القاصرات في المغرب بلغت 30230 عقدا، من بين 301746 من اجمالي عقود الزواج في سنة 2015، مشيرة إلى أن متوسط النسبة (11%) يتأرجح بشكل طفيف كل سنة في العقد الأخير، بحسب الدراسة.

وربطت الدراسة ما بين ارتفاع نسب هذا الزواج و"إمكانية الحصول على التعليم"، إلى جانب "انعدام النشاط والهشاشة، بغض النظر عن مكان الاقامة (الحضرية او القروية)".

وترى الجمعية أن الزواج المبكر يؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق وحالات العنف، بسبب "عدم تحديد الحد الأدنى لسن الزواج وعدم تجريم الزواج العرفي". وبهذا الصدد تشير الجمعية في دراستها إلى أن 87.9 % من المغاربة يرحبون برفع سن الزواج إلى 18 سنة، أكثرهم من النساء.

وبحسب ورقة أصدرتها وزارة العدل، فإن زواج القاصرات قد تضاعف ما بين سنة 2004 و 2011، مشيرة إلى أنه انتقل من 18341 إلى 39031 زواجا.  وتشير الورقة ذاتها، إلى أن أكثر من 13 ألف قاصرة حصلن على الإذن بالزواج لا يتجاوز عمرهن 16 سنة، و 3257 لا يتجاوز عمرهن 15 سنة، فيما حصلت 69 فتاة على الإذن بالزواج وهن دون 14 سنة.

 

تمدرس لا زواج..

من جهتها، اعتبرت نجاة أنوار، رئيسة منظمة "ما تقيش ولدي"، ومعناها "لا تلمس طفلي"، أن سن الزواج هو سن الرشد".

وأوضحت أنوار، في تصريح للمفكرة القانونية، أن المنظمة "ترفض الإذن للقاصرات بالزواج المبني على قبول القضاء"، معتبرة أن سن الزواج في منظور المنظمة هو 18 سنة وما قبل ذلك هو سن التمدرس واللعب والتربية".

وأوضحت أن المنظمة "ترفض بتاتا زواج القاصرات، وقد عبرت عن ذلك في بياناتها وتقاريرها"، بحسب قولها، معتبرة أن "موقف النيابة العامة هو موقف خاص بها ولا يلزم القاصرات وأسرهن في شيء".

 

قانون الأسرة

وتجدر الإشارة إلى أن قانون الأسرة في المغرب، ينص على على إمكانية زواج المرأة والرجل دون سن 18 سنة، مع ضرورة وجود إذن من القاضي.

وألزم قانون الأسرة الصادر في العام 2004، القاضي بأن يسمح للفتاة دون سن الـ 18 بالزواج في إطار معالجة ما قال المشرع إنها "عملية معالجة لحالات اجتماعية"، ويحدد القانون المغربي سن "الرشد القانوني في 18 عاماً.

ولم تحدد مدونة الأسرة السن الأدنى للزواج، إلا أن مقترح قانون يُناقش حاليا في الغرفة الأولى من البرلمان المغربي، يحاول تقنين هذه المسألة.

وسبق لفريق الاتحاد الاشتراكي بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية) أن قدم مقترحا، تمت المصادقة عليه في 22 من يناير 2013 بالإجماع في المجلس نفسه، وحظي بمباركة الحكومة، ينص على تعديل المادة 20 من القانون 70.03 بمثابة مدونة الأسرة. ويلزم مقترح القانون قاضي الأسرة المكلف بالزواج بعدم الإذن بزواج أي فتاة أو فتى دون بلوغهما سن 16. وهو بذلك يلتقي مع اقتراح قانون حول زواج القاصرات هو اليوم موضع نقاش أمام لجنة الإدارة والعدل في لبنان. 

ولن يصبح مقترح القانون هذا ساري المفعول، إلا بعد مصادقة الغرفتين معاً عليه، ونشره في الجريدة الرسمية.

وينص المقترح، على أنه في حالة إذنه بالزواج المشروط ببلوغ سن 16، يجب أن يكون ذلك بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة وجوبا بخبرة طبية.

وفي جميع الأحوال يجب أن يراعي القاضي تقارب السن بين الطرفين المعنيين بالزواج، وهو ما يمكن أن يسد الباب أمام حالات زواج كبار السن بالفتيات القاصرات، بحسب نص القانون.

ويأتي هذا المقترح ليسد فراغا كبيرا في مدونة الأسرة، وهو عدم تحديد الحد الأدنى لسن الزواج الشيء الذي فتح الباب أمام عدد من القضاة الذين يمنحون الإذن لزواج فتيات لا يتجاوز عمرهن 14 سنة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني