توصيات 23 دولة حول حقوق العمّال المهاجرين: نظام الكفالة تحت المجهر ومطالب بتنفيذ العقد الموحّد


2021-01-28    |   

توصيات 23 دولة حول حقوق العمّال المهاجرين: نظام الكفالة تحت المجهر ومطالب بتنفيذ العقد الموحّد
العاملات الأثيوبيات اللواتي يرغبن بالمغادرة يسكن في موقف للسيارات قرب سفارة بلادهن

في سياق الدورة الثالثة ضمن الاستعراض الدوري الشامل لسجل حقوق الانسان، جرى بتاريخ 18/1/2021 مناقشة وضع حقوق الانسان في لبنان بمشاركة العديد من الدول في الحوار التفاعلي مع الدولة اللبنانية الذي استغرق حوالي 3 ساعات ونصف.

بعد افتتاح الجلسة، تولّى المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة السفير سليم بدّورة عرض التقرير الوطني ساعيا إلى الإضاءة على ما أسماه “إنجازات” للدولة اللبنانية، متجاهلاً كلّ الانتهاكات الفادحة التي حصلت وطالت جميع حقوق الإنسان في هذا الإطار. وكانت “المفكرة القانونية” قد وثقّت كل هذه المخالفات وأبدت ملاحظاتها حولها في عدة تقارير أعدّتها في هذا الشأن خصّص الأول منها للحقوق المدنية والسياسية، والثاني للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والأخير لحقوق الأشخاص المهمّشين.

وبالإضافة إلى ما ورد في التقرير الوطني، استعرضت الدولة اللبنانية في بدء الجلسة “التقدم المحرز” في مجال حقوق العمال المهاجرين، وأكّدت على اهتمام وزارة العمل “الحثيث” بوضع العاملات المنزليات المهاجرات وبمعاناتهنّ. وقد ضمنت الدولة ضمن الإنجازات: تسهيل سفر الراغبات منهن للعودة إلى بلادهن بعد أن استفحلت الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، إقرار النسخة المنقّحة من عقد العمل الموّحد. إلا أن الدولة اللبنانية أغفلت الإشارة إلى قرار مجلس شورى الدولة بتعليق العمل بهذا العقد. ونستعرض هنا أبرز ما جاء في تلك التوصيات.

توصيات مختلفة لتعزيز حقوق العمّال المهاجرين: من أوصى بماذا؟

من أهم التوصيات التي تم تقديمها في هذا الإطار، الآتية:

1. تعزيز جهود مكافحة الإتجار بالبشر

في هذا الإطار، وجّهت إلى الدولة اللبنانية توصيات عدة يمكن تصنيفها وفق الآتي:

مواصلة الجهود لمكافحة الإتجار بالبشر من كل من بلاروسيا، نيجيريا، والمغرب، والباراغواي. وكانت كوبا قد أضافت في توصيتها التي وجّهتها إلى الدولة اللبنانية بهذا الشأن ضرورة وضع آليات لمنع الإتجار وحماية حقوق الضحايا. أما الباراغواي، فقد أوصت بإقرار التعديلات التشريعية لحماية ضحايا الإتجار بالبشر.

2. إلغاء نظام الكفالة

أوصت بإلغاء نظام الكفالة 6 دول من بينها دولة واحدة مصدّرة للعمالة المنزلية هي سيراليون. أما الدول الخمس الأخرى فهي على التوالي إيطاليا وفلندا وألمانيا وسلوفانيا والمكسيك. وقد أضافت هذه الأخيرة ضرورة فصل مصير وضع العمال المهاجرين عن أصحاب العمل.

3. عقد العمل الموحد

أما في ما خصّ عقد العمل الموحّد للعاملات المنزليات المهاجرات الذي تباهت به الدولة اللبنانية في تقريرها الوطني، أثنت العديد من الدول المشاركة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية على جهود وزارة العمل لناحية إقراره ولجهة ما يحتوي من ضمانات لمنع العمل القسري، لكنها أعربت عن قلقها تجاه تعطيله بموجب قرار مجلس شورى الدولة الذي قضى بوقف تنفيذه. فجاء في توصيات صادرة عن عدة دول مثل النمسا وكندا والمكسيك ضرورة ضمان تطبيقه وإدخاله حيز التنفيذ. وقد شدّدت النمسا في توصيتها الصادرة بهذا الشأن على ضرورة إدخال عقد العمل الموحّد حيز التنفيذ وتطبيقه دون أي تأخير، بالإضافة إلى وضع آلية تضمن احترامه وإدخال نظام لمراقبة تنفيذه. أما كندا، فقد شدّدت في توصيتها على ضرورة ضمان نفاذ العقد الموّحد للعمل من أجل تأمين حماية حقوق العمّال المهاجرين، مشيرةً إلى أنه يشكّل خطوة أساسية نحو تفكيك نظام الكفالة.

4. المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمّال المهاجرين وأفراد أسرهم

4 دول أوصت بضرورة المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم. وهي على التوالي الفيليبين والأرجنتين والهندوراس والسنغال.

5. تعديل قانون العمل ليشمل العاملات المنزليات

4 دول أوصت بتعديل قانون العمل لتشمل حمايته العاملات المنزليات أو لضمان المساواة في الحماية بين العمال المهاجرين والعمال الوطنيين. وهذه الدول هي تباعا بلجيكا والسويد وسيرلنكا وسيراليون. بالمقابل، لم تقدم أي من الدول المصدرة للعمالة توصية في هذا الشأن.

6. توصيات عامة

وفي موازاة ذلك، سُجّلت توصيات عدة عامة، صدرت غالبيتها عن للدول المصدرة للعمالة المنزلية إلى لبنان، في فترات سابقة أو حالية، ويلحظ منها دول أفريقية عدة تتجه العاملات القادمات منها إلى احتلال الصدارة. ومن أبرز هذه الدول نيجيريا وأنجولا وبوركينا فاسو وتوغو وهي طالبت بحماية العاملات وتحسين حقوقهن أو باتخاذ إجراءات حقيقية للحدّ الفعلي من العنف ضد النساء وبالأخص ضد العاملات المنزليات المهاجرات (بوركينا فاسو). وقد تميزت توغو بالمطالبة في التحقيق في بلاغات الوفاة لأسباب غير طبيعية وإنزال العقوبات بمرتكب الجريمة واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه. أما على صعيد البلاد الآسيوية التي كانت تصدّر سابقا العدد الأكبر من العمل، فقد صدرت توصيات عن بنغلادش والفيليبين والنيبال. يضاف إليها لوكسمبورغ التي أوصت بمكافحة التمييز ضد العمال المهاجرين والنازحين. كما أوصت بريطانيا بتأمين الحماية القانونية الكاملة للعمّال المهاجرين بالتوافق مع التزامات لبنان الدولية لجهة العمل القسري والتمييز.

دفاع الدولة عن نفسها: إجراءات خجولة تفتقد أي قياس للفعالية على أرض الواقع

بالمقابل، وبالإضافة إلى ما ذكرته الدولة اللبنانية في تقريرها الوطني أو في مقدمتها الافتتاحية لجلسة الاستعراض من إنجازات غالبها بقي شكليا أو غير نافذ، فقد أعادت سردها في مداخلاتها المسجلة المقتضبة من لبنان والتي رشحت عن معلومات “إضافية” حول مواضيع أثيرت في توصيات عديدة من قبل الدول. غير أنه في الواقع، لم تجلب تلك المداخلات أية معلومات إضافية بشأن حقوق العمال، إنما اكتفت بتكرار ما ورد سابقاً بعبارات مبهمة وغير ملموسة.

وقد جاء في الجزء الأول من الردود المسجلة للدولة اللبنانية والمتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، مداخلة من المقدم طلال يوسف من المديرية العامة للأمن العام بهذا الشأن، أفادت أن المديرية العامة قد اتخذت عدة تدابير تتعلق بالعمال المهاجرين خلال فترة التدابير الاستثنائية المقرّرة خلال التعبئة العامة بسبب جائحة كورونا أي اعتباراً من 11/3/2020، كالسماح لهم بالمغادرة دون تجديد إقاماتهم إذا كانت منتهية ودون استيفاء رسوم. كما قامت بمنح تسهيلات للعمال المهاجرين الموجودين خارج لبنان والذين يرغبون بالعودة وانتهت إقامتهم أثناء وجودهم بالخارج لجهة منحهم سمات الدخول. كما أصدرت المديرية تعاميم تتعلق بتسوية أوضاع الداخلين والمقيمين في لبنان بصورة غير شرعية سواء أكان دخولهم خلسة أو انتهت إقامتهم أثناء وجودهم في لبنان. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ برامج عودة للعمال المهاجرين إلى بلادهم بالتنسيق مع سفارات بلادهم، وتمّ إعفاؤهم من رسوم المغادرة وغرامات مخالفة نظام الإقامات حيث تمّ تسهيل عودة 13500 عاملاً مهاجراً إلى بلاده. كما وتمّ تنفيذ برامج مماثلة مع منظمات دولية معنية. وكذلك، اتخذت المديرية العامة تجاه العمال المهاجرين نفس الإجراءات الوقائية الصحية المطبقة على اللبنانيين. أما بالنسبة لحالة السجون، فقد أوضحت المديرية العامة أنها لا تقوم بإدارة السجون، وإنما تدير مراكز توقيف مؤقتة للعمال المهاجرين الأجانب. وقد تمّ استحداث مركز توقيف مؤقت يراعي المعايير الدولية لحماية حقوق الانسان، تقدّم فيه جميع الخدمات الأساسية التي تحفظ كرامة “النزلاء” وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى خدمات المساعدة القانونية والترجمة الفورية وغيرها. كما أنه تمّ تجهيز غرف عزل في مركز التوقيف الرئيسي لمرضى كورونا، حيث يتمّ تطبيق الإجراءات الصحية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية. كما أكّد على تعاون هذه المديرية مع منظمات دولية وجمعيات من المجتمع المدني لمتابعة أوضاع النزلاء وتقديم الخدمات لهم.

كما وقد جاء في الجزء الثاني من الردود المسّجلة والمتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مداخلة من دنيز دحروج من وزارة العمل، من أجل إفادة الدول المشاركة بمعلومات إضافية حول مواضيع أثيرت في مداخلات عديدة من قبلهم، ومن أبرزها حقوق العاملات المنزليات المهاجرات. فشدّدت المداخلة على أهمية إقرار عقد العمل الموّحد في العمل المنزلي بصيغته الجديدة بالنسبة لوزارة العمل التي تعتبر أنه قد يشكل خطوة هامة في اتجاه إلغاء نظام الكفالة. كما وأوضحت أنه قد صدر قرار عن مجلس شورى الدولة بوقف التنفيذ مشيرةً إلى أنه “من المتوقع أن يعاد البت فيه”، دون تقديم أي توضيحات إضافية وأكيدة بهذا الشأن. كما وجاء في مداخلتها أنه وحتى الانتهاء من إعداد مشروع قانون العمل الجديد، تمّ تقديم مشروع قانون لتعديل المادتين 7 و8 من قانون العمل الحالي لإخضاع العمال المنزليين لبنانيين وأجانب لقانون العمل. بالإضافة إلى ذلك، تعاونت الوزارة مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وفعّلت الخط الساخن لشكاوى العاملات المهاجرات في الخدمة المنزلية، وخلال العام 2020 بلغ عدد شكاوى العاملات إلى الوزارة 77 شكوى. واكتفت ممثلة وزارة العمل بالإشارة إلى ذلك دون تقديم أية إيضاحات إضافية وحسيّة حول الإجراءات التي تم اتخاذها بناءً على هذه الشكاوى.

كما أعادت وكرّرت مداخلة ممثّلة وزارة العمل ما ورد في مقدمة الدولة اللبنانية وكذلك في توضيحات المديرية العامة للأمن العام المذكورة سابقاً لجهة الإجراءات المعتمدة في ظل جائحة كورونا، كما وأن الوزارة قد اعتمدت عدداً من الإجراءات لحماية العمال المهاجرين بالتنسيق مع عدد من سفارات الدول المعنية ومع الوزارات المختصة لتسيير رحلات عودة “طوعية وآمنة” للعمال المهاجرين إلى بلادهم. وقد سهّلت الوزارة نقل العاملات اللواتي تواجدن أمام السفارات إلى “مأوى لائق” وأمّنت لهن فحوصات PCR مجانية بالتعاون مع منظمات غير حكومية. كما وأكّدت على سعي وزارة العمل لمتابعة قضايا العاملات المنزليات المعرّضات للتعنيف وسوء المعاملة خلال هذه الفترة.

لكن يبقى أن الواقع لا يعكس بتاتاً تلك التصريحات التي تباهت بها الدولة اللبنانية. وقد رصدت “المفكرة” انتهاكات فاضحة ومتعدّدة بحق العمال المهاجرين وبشكلٍ خاص بحق العاملات المنزليات المهاجرات في تقريرٍ سابق خصّص للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، نشرته إبان هذا الاستعراض.

وبتاريخ 22/1/2021، تمّ اعتماد التقرير المعدّ من الترويكا المؤلفة من اندونيسيا، بوليفيا، وبلغاريا أمام مجلس حقوق الانسان بعد أن تمّ عرضه على المجلس من قبل المندوب الدائم لبلغاريا ممثلاً الترويكا. وقد رحّبت الدولة اللبنانية في تلك الجلسة بالملاحظات والتوصيات التي وردت في بيانات الدول المشاركة، واعدةً بدراستها بعناية قبل إعطاء موقفها النهائي منها المرتقب في الجلسة العامة الأولى لمجلس حقوق الإنسان المرتقبة في الربيع، والتي يقتضي خلالها اعتماد التقرير النهائي بشأن لبنان.

انشر المقال

متوفر من خلال:

لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، حريات ، لبنان ، عمل ونقابات ، مقالات ، مؤسسات عامة ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، نقابات ، حراكات اجتماعية ، منظمات دولية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، تشريعات وقوانين ، حقوق العمال والنقابات ، عمل منزلي ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، الحق في الخصوصية ، الحق في الصحة ، محاكمة عادلة وتعذيب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني