48 عامًا على ذكرى يوم الأرض الفلسطيني: النكبة مستمرة والإبادة أيضًا


2024-03-31    |   

48 عامًا على ذكرى يوم الأرض الفلسطيني: النكبة مستمرة والإبادة أيضًا

في 30 آذار، “يوم الأرض” الفلسطيني، شهدت بيروت، كما الأراضي الفلسطينية المحتلة وساحات عربية، وشوارع  دول آسيوية وأوروبية وأميركية تظاهرات تضامنية إحياءً للذكرى المتزامنة هذا العام،  مع حرب إبادة تشنّها إسرائيل على قطاع غزة حرّكت شوارع العالم ولم تحرّك حكّامه. 

شابات وشبّان لبنانيون وفلسطينيون لبّوا دعوة الاتحاد الديمقراطي العالمي، لإحياء الذكرى الثامنة والأربعين لـ “يوم الأرض” وجاؤوا  من كلّ أنحاء بيروت، رافعين علم فلسطين عاليًا. غنّى الجمع لفلسطين وأرضها، لزهر الليمون، وشجر الزيتون، غنّوا لشعبها الذي لم يغادرها، وللشتات الذي لم تغادره. وهتفوا للغزّاويين الصامدين فوق أنقاض مدنهم، رغم جراحهم وجوعهم ووجعهم الكبير على شهدائهم، لشعب لم ينس أسماء مدنه وقراه المحتلّة التي نحتت في ذاكرته  من جيل إلى جيل.

حكاية 1976

“يوم الأرض” هو اليوم الذي يخلّد فيه الفلسطينيون، كلّ عام، في الداخل وفي الشتات في كلّ أصقاع الأرض، ومعهم العالم، انتفاضة الشعب الفلسطيني في 30 آذار من العام 1976 في المناطق المحتلّة عام 1948. فبات هذا اليوم، ذاكرة دماء سالت دفاعًا عن الأرض التي لا يزال الاحتلال يصادرها ويسرقها ويبني فيها المستوطنات، وباتت هذه الذكرى رسالة  للعالم حول تمسّك الفلسطيني بأرضه وهويّته الوطنية وصموده.
ترجع قصة هذا اليوم إلى عام 1976 عندما أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مصادرة نحو 21 ألف دونم من الأرض لتنفيذ مشروع أطلقت عليه اسم “تطوير الجليل” وكان عبارة عن عملية تهويد كاملة للمنطقة، ما دفع أهل الداخل الفلسطيني للانتفاضة ضد المشروع. وقد مسّ هذا القرار بشكل مباشر أراضي بلدات عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد ومناطق أخرى من الجليل والمثلث والنقب، أضيفت إلى أراض أخرى صودرت من قبل بغرض بناء مستوطنات جديدة.
رفض أهالي القرى هذا القرار وقرّرت “لجنة الدفاع عن الأراضي” تنفيذ إضراب شامل، فأعلنت سلطات الاحتلال حظر التجوّل، لكن الأهالي رفضوا الالتزام ونزلوا في تظاهرات ومسيرات قابلها الجيش الإسرائيلي بالنار فاستشهد ستة وجرح نحو خمسين واعتقل أكثر من 300 آخرين. 

ومن الشهداء خديجة شواهنة التي كتب لها الشاعر محمود درويش قصيدة “أنا الأرض.. والأرض أنت.. خديجة لا تغلقي الباب.. لا تدخلي في الغياب.. سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل.. سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل.. سنطردهم من هواء الجليل”. 

غرافيتي في يوم الأرض قبل 48 عامًا في أراضي 48

وقفة في الحمراء

وبالعودة إلى الوقفة الشعبية التي نُظّمت في بيروت وتحديدًا أمام مسرح المدينة في شارع الحمراء، فإضافة إلى الهتاف والأناشيد، أقيم معرض صور عن المجازر الإسرائيلية منذ نكبة فلسطين وحتى اليوم، وتضمّن مقتطفات من أحاديث عن يوم الأرض والتظاهرات وشرح تاريخي عن القضية وما يحصل اليوم من حرب إبادة شعب غزة.
كما تخلّلها عرض فيديو يشرح تاريخ الذكرى أي انتفاضة فلسطينيي الداخل العام  1976، كما عرض فيديو يتحدث عن المقاومة الفلسطينية التي لا تقتصر على “حماس” والجهاد الإسلامي بل كل فصائل المقاومة بكل أشكالها. كذلك عرض فيديو للتظاهرات التي تجري في كل أنحاء العالم اليوم، دعمًا لغزة، وعن تقاطع نضال الشعب الفلسطيني ودعم الشعوب له وإسناده بكلّ أنواع الدعم.
وصدحت في الشارع الأغاني الوطنية المرتبطة بالقضية الفلسطينية. وتمّ توزيع منشورات “فلايرز” على المارة والسيارات في الشارع. 

من بين المتظاهرين الأسير المحرّر أنور ياسين الذي لا يفوّت تحرّكًا أو مناسبة ترتبط بفلسطين، ولا تفارق الكوفية الفلسطينية عنقه. يقول لـ “المفكرة القانونية” إنّ “الذكرى تحمل هذا العام معان أكثر عمقًا وعظمة بفضل التضحيات الكبيرة الذي يقدّمها الشعب الفلسطيني، لا سيما أهلنا في غزة والمقاومة الفلسطينية التي تقدّم نموذجًا استثنائيًا، إن كان بالتضحية أو بالصمود وبالتصدّي لهذا العدو المتغطرس والوحشي والمجرم”. ويضيف أنّه “في مواجهة هذه الإبادة الجماعية يؤكد الشعب الفلسطيني تمسّكه بالأرض، بحقّه في الحياة الحرّة وفي الكرامة”.
ويرى ياسين أنّ ما حصل في انتفاضة عام 1976 كان “نقلة نوعية على المستوى الشعبي، بخاصّة من قبل أهلنا فلسطينيي 48 في مواجهة التوغّل الصهيوني في مصادرة الأرض ومحاولة الاستيلاء على أراض عدد من القرى الفلسطينية تحت عنوان “تطوير الجليل” لكنّها كانت محاولة لقضم أرزاق شعبنا الفلسطيني وإخضاعه”.
أحد منظمي الوقفة الناشط مصطفى بلقيس وعضو اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني في لبنان يشرح أنّ “الوقفة هي جزء من عدد من الأنشطة التي تنظّم في عدد من دول العالم، ضمن الحركات الشبابية والمنظمات الديمقراطية والتقدّمية. هي جزء من النضال الفلسطيني الذي يحيي هذه المناسبة”. ويتابع أنّ “هذه الذكرى تأتي هذا العام في وضع استثنائي وهو العدوان الفاشي الصهيوني، فالشعب الفلسطيني بكافة أجياله لم ينس أرض فلسطين، ويطالب الكبار والصغار ومن جميع الأعمار  بالعودة إلى هذه الأرض التي انغمست فيها دماء شهدائنا، ومن المستحيل أن نتركها”. 

مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الديمقراطي اللبناني سكينة بسمة تؤكد لـ “المفكرة” أنّ هذه الوقفات مستمرة طالما الاحتلال مستمر وسياسات الاستيطان قائمة، لافتة إلى أنّ هذه التحرّكات تكثّفت تزامنًا مع السابع من أكتوبر والأحداث الأخيرة وما يحصل من إبادة جماعية في غزة.
وتتابع: “لقاؤنا في يوم الأرض يأتي لنؤكد أنّ الأرض ملك لأصحابها، لسكانها الأصليين، الأرض بثرواتها وما عليها هي ملك لناسها، ونضالنا مستمرّ حتى استعادة كافة أراضينا في فلسطين المحتلة والجولان السوري ومزارع شبعا وكفرشوبا في لبنان”.

معرض صور عن المجازر الإسرائيلية عبر التاريخ
تلاوة البيان الختامي للوقفة

الأرض لأصحاب الحق

وأخيرًا، كانت كلمة موحّدة باسم المنظمات اللبنانية والفلسطينية المشاركة التي أشارت إلى أنّ جديد الإمبريالية اليوم مشروع تهجير للغزيّين تحت مسمى ميناء جديد لإدخال المساعدات الإنسانية، معتبرةً أنّ “الميناء لن يبيّض صورة الأنظمة الإمبريالية ولن يمسح عنها غبار تاريخها الاستعماري، ولن يبرر إغلاق المعابر في وجه الناس، ولن يدفن ذاكرتنا الجماعية التي تحوي ما تحويه من مشاهد قتل شعوبنا بالمساعدات واستشهادهم غرقًا وهم يلاحقونها في البحر”.
وأكّدت الكلمة على “أنّ لا مشاريع إنسانية هنا، ولا أنظمة إنسانية هنا، وحده الصراع من أجل التحرير  يؤكد أحقيّته في كل يوم: هذا ليس مشروعًا إنسانيًا، هذا مشروع لتهجير الشعب”.
وأمام هذه المشاريع، أكّدت الكلمة على “أهمية استمرار عوامل ثلاثة: المقاومة الفلسطينية ونضالها وصمود الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وفي الشتات، وتكثيف واستمرار جبهات الإسناد ودعم حاضنتها الشعبية لها، ونضالنا نحن في العالم لنقل القضية بسرديّتنا الشعبية ومواجهة تقاطعات أنظمتنا مع الإمبريالية والاحتلال”.
وشدّدت الكلمة على أنّ “الأرض لأصحاب الحق بأن يعودوا إليها، الأرض للناس، وليست للامبريالية ولا للاستيطان ولا لمشاريع نهبها وتدميرها. والحلول سياسية وجماعية وأممية، نخوضها من مواقعنا أينما كنّا، وتتكامل في مشهد واحد لا يراكم إلّا بتحرير أراضينا في فلسطين والجولان السوري وشبعا وكفرشوبا في لبنان وعودة جميع اللاجئين إلى أراضيهم”. 

يُذكر أنّ الجهات المنظّمة للوقفة هي المنظمات الأعضاء في الاتحاد الشباب الديمقراطي العالمي: منظمة الشبيبة الفلسطينية، اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني، اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، منظمة الشبيبة الفلسطينية وشبيبة حزب الشعب.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حركات اجتماعية ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، فلسطين ، جريمة الإبادة الجماعية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني