رفضت إدارة المدرسة الوطنية لعلوم وتقنيات الصحة بتونس أن تسمح لستة وعشرين طالبا[1] يشكون من إعاقة بصرية من الالتحاق بصفوف الدرس بها بداية السنة الجامعية 2018-2019. بررت المؤسسة الجامعية موقفها بكون طاقة استيعابها وقدرتها على التأطير لا تسمح لها بتدريس هذا العدد الذي وصفته بالهام من المكفوفين. اضطر الطلبة الذين هدد القرار حقهم في التعليم كما حرم القادمين منهم من المناطق البعيدة عن العاصمة تونس من السكن الجامعي للاعتصام لأيام متعددة أمام مقر وزارة التعليم العالي دفاعا عن حقوقهم ومنعا للإقصاء الذي يتهددهم. وبالرغم من التفريق العنيف للأمن لتظاهرتهم، نجحوا في أن يفرضوا على المؤسسة الجامعية ومن خلفها وزارة التعليم العالي احترام حقهم في التعليم[2].
سبقت محاولة إدارة المدرسة الوطنية لعلوم وتقنيات الصحة بتونس حرمان الطلبة المكفوفين من حقهم في التعليم بدعوى عجزها عن تأطيرهم محاولة مماثلة من إدارة المعهد العالي للغات بنابل هدفت لمنع الطالبة صفاء فحيل من الترسيم بالمعهد بحجة أنها تستعمل في تنقلها كرسيا متحركا بما يمنعها من استعمال المرافق التربوية التي لم تصمم هندسيا لمن كان في مثل وضعها[3].
يبدو من المهم اعتبارا لورود المحاولتين في ذات السنة الجامعية التنبه للمشتركات بينهما، واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع تكرارهما وبردع التجاوزات المماثلة.
حاولت مؤسستان جامعيتان حجب الحق في التعليم عن طلبة ذوي إعاقة، مبررة ذلك بكون إعاقتهم تفرض توفير إمكانيات خصوصية تعجز عن ضمانها لهم. ولم يسجل في جانب مسؤولي تلك المؤسسات قبل إعلان مقررها ذاك أي محاولة للبحث عن حلول عملية تؤدي لتجنبه. فكان أن أجبر الطلبة الذين تضرروا من تلك المقررات في الحالتين على مباشرة تحركات إحتجاجية منفردين ودون أي مساندة من اتحادات الطلبة أو من الجمعيات الممثلة للمعوقين. و كان من أثر تحركاتهم تلك وقد وصل صداها للإعلام والناشطين الحقوقيين أن اضطرت وزارة التعليم العالي التي غابت عن المشهد في البداية للتدخل بإعلان تعهد من جانبها كسلطة إشراف إداري بالحفاظ على حق الطلبة المحتجين في التعليم وبتوفير ما تستدعيه ممارسة هذا الحق من موارد.
كان أن حصول الاعتداء على حق ذوي الإعاقة في التعليم في الحالتين من قبل مؤسسات جامعية يديرها جامعيون، بما يؤشر إلى أن الحماية القانونية لحقوق ذوي الإعاقة تحتاج أن يتم دعمها بالوعي بهذه الحقوق، وأن هذا الوعي يغيب إلى حدّ بعيد عن جانب من النخبة التونسية. وما يزيد من قابلية الأمر للانتقاد أن الإحصائيات الرسمية تفيد أن 3،6% من المواطنين يعانون من إعاقات وأن نسبة البطالة تبلغ وسط هذه الفئة من النسيج الاجتماعي 40%.
كما تجدر الإشارة إلى أن تدخّل الجهة الحكومية في الحالتين جاء متأخرا. ويلاحظ أن تونس التي نجحت في وضع قوانين تفرض حماية حق ذوي الإعاقة “في الانتفاع حسب طبيعة إعاقتهم بكل التدابير التي تضمن لهم الاندماج الكامل في المجتمع”[4] وتمنحهم حقا فيما نسبته 2% من فرص العمل السنوية لم تنجح في تجسيد تلك التصورات ولا حتى في تحسين الوضع الفعلي لذوي الإعاقة.
[1] موزعين جندريا الى 20 طالبة و ستة طلاب .
[2] تم تعيينهم في المدرسة الوطنية لعلوم وتقنيات الصحة 26 كفيفا دون مأوى ….الإدارة رفضت ترسيمهم ..والوزارة توضح .- ريم سوودي – الصباح التونسية 04-10-2018 .
[3] الكاتب – بعيدا عن جمال النصوص الدستورية والقانونية، معوقة ممنوعة من التسجيل بمؤسسة جامعية عمومية في تونس- https://legal-agenda.com/article.php?id=4847 المفكرة القانونية
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.