“هكذا تصنع الإرادة العامّة” في لبنان: ورقة بحثية عن النظام الداخلي لمجلس النوّاب


2024-01-16    |   

“هكذا تصنع الإرادة العامّة” في لبنان: ورقة بحثية عن النظام الداخلي لمجلس النوّاب
رسم رائد شرف

أصدرت المفكرة القانونية ورقة بحثية جديدة للباحث في العلوم السياسية والدستور الدكتور وسام اللحام في كانون الأول 2023 تحت عنوان: “هكذا تُصنع “الإرادة العامّة” في لبنان: إشكاليات النظام الداخلي للمجلس النيابي”. يتناول اللحام هنا أبرز ما هدفت إليه هذه الورقة (المحرّر).  

لا يقتصر رصد الحياة البرلمانية على متابعة العمل التشريعي والسياسي لمجلس النوّاب بل هو يرتكز في المقام الأوّل على مراقبة مدى احترام هذا الأخير للمنطق المؤسّساتي من خلال تطبيق الدستور والنظام الداخلي الذي يرعى عمله. لذلك وجدت “المفكرة القانونية” أنّ التشويش السياسي الذي بات يطغى على البرلمان في لبنان بلغ مستويات خطيرة إذ بات يتمّ ترداد الذّرائع التي تطلقها القوى السياسية باعتبارها مسلّمات دستورية من دون تفنيدها وإخضاعها للنقد كي تظهر على حقيقتها بوصفها مجموعة من المصالح السلطوية التي تتخذ من الحجّة الدستوريّة قناعًا لها.

ولا شكّ أنّ النظام الداخلي هو من الميادين الفضلى التي يتمظهر فيها الصراع بين الأحزاب السياسية المسيطرة على مجلس النوّاب، ما يحتّم تحليل مضمون هذا النظام لمعرفة مدى توافقه مع المبادئ التي من المفترض أن تسود في أيّ نظام يقوم على الديمقراطية التمثيلية، كاحترام حرّية النائب وحقه في التعبير عن رأيه وتأمين مشاركة قوى المعارضة بشكلٍ فعّال في الحياة البرلمانية وتمكين المواطنين من الاطّلاع بشكل شفاف على عمل مجلس النوّاب، هذا فضلًا عن احترام مبدأ فصل السلطات وإيجاد أطر تسمح بإدارة البرلمان بطريقة تشاركية بحيث لا ينفرد شخص أو جهة واحدة بحسم الخلافات التي تنشأ حول تطبيق الدستور أو النظام الداخلي أو أي موضوع يدخل في الشؤون الإدارية الداخلية كإعداد موازنة المجلس وتنظيم ملاكه وتعيين الموظفين.

انطلاقًا من هذه الاعتبارات، تطرح الورقة البحثية “هكذا تصنع الإرادة العامة في لبنان” على بساط البحث الإشكاليات الكبرى التي يثيرها النظام الداخلي الحالي لمجلس النوّاب انطلاقًا من ثلاثة محاور هي التالية:

  • المحور الأوّل يدرس الطبيعة القانونية للنظام الداخلي وموقعه في هرمية النصوص ويشرح الغاية منه. ومن ثمّ يعمد هذا المحور إلى تفنيد مقولة “المجلس سيّد نفسه” التي تحوّلت إلى ممارسة تستخدم في تبرير خرق الدستور والنظام الداخلي، مع استعراض مسهب لتطوّر تلك الممارسة منذ الاستقلال حتى اليوم.
  • المحور الثاني يدرس تاريخ النظام الداخلي في لبنان منذ إعلان دولة لبنان الكبير وحتى اليوم مع شرح مستفيض لكلّ التعديلات التي طرأت عليه والخلافات حول تطبيقه عبر رسم خطّ زمني يبدأ بالنظام الداخلي للجنة الإدارية المعيّنة سنة 1920 ويمرّ بالمجلس التمثيلي الأوّل المنتخب سنة 1922 وتبنّي الدستور اللبناني في 23 أيار 1926 الذي استحدث برلمانًا يتألّف من غرفتين (مجلس الشيوخ ومجلس النوّاب) وصولًا إلى الأنظمة الداخلية المتعاقبة التي أقرّت في أعوام 1930 و1953 و1982. 
  • المحور الثالث يستعرض مجموعة كبيرة من الإشكاليات التي تتعلق بالنظام الداخلي الحالي لجهة مواده التي تخالف الدستور، أو الشوائب التي تعتري أحكامه التي تحدّ من الطبيعة الديمقراطية للعمل البرلماني وتفتح الباب واسعًا لتحويل مجلس النوّاب من مؤسّسة قائمة على التداول العلني والشفاف للدفاع عن مصالح المجتمع، إلى موقع لتقاسم السلطة والنفوذ بين القوى السياسية التي تهيمن عليه.

النظام الداخلي: مقاربة نظرية

جراء ما تقدم، يتبيّن أنّ الجانب النظري يحتلّ حيّزًا مهمًّا في الورقة البحثية التي تحاول تحديد موقع النظام الداخلي في هرمية النصوص وعلاقته بكل من الدستور والقانون. فهذا الجانب النظري غالبًا ما يتمّ إغفاله في لبنان إذ يتمّ الاكتفاء بمعالجة مضمون النظام الداخلي لجهة كيفيّة تنظيم صلاحيات المجلس السياسية والتشريعية من دون التنبّه إلى الأهميّة القصوى التي ترتديها مسألة تحديد طبيعته القانونية نظرًا إلى تداعياتها ليس فقط على مجلس النوّاب، بل أيضًا على سائر المؤسسات الدستورية لا بل أيضًا على الدولة برمّتها.

ويظهر ذلك في الدراسة الشاملة الأولى عن النظام الداخلي في لبنان للنائب الراحل أنور الخطيب[1] التي صدرت سنة 1961 إذ استفاد الكاتب من خبرته العريقة كي يدرس مختلف جوانب الحياة النيابية انطلاقًا من تجربة الجمهورية الثالثة الفرنسية (1875-1940). وعلى الرغم من أنّ الخطيب يثير إشكاليّات دقيقة ويدخل في مختلف تفاصيل أصول التشريع ومسؤولية الحكومة والحصانة النيابية لكنّه لا يعالج الطبيعة الدستورية للنظام الداخلي بشكل مباشر.

وتشرح الورقة البحثية أيضًا ظاهرة لم يتسنّ لأنور الخطيب ملاحظتها حينها ألا وهي بروز عقيدة “المجلس سيّد نفسه” التي تشكّل في الحقيقة مؤشرًا يكشف طبيعة النظام السياسي في لبنان وكيفية اشتغاله. فمن خلال تحليل تطوّر هذه العقيدة والأوجه المختلفة التي اتّخذتها عبر السنوات يمكن تكوين فهم دقيق لكيفية تعاطي السلطة السياسية مع الدستور ومدى احترامها منطق المؤسّسات. فتطبيق النظام الداخلي ليس مجرّد مسألة تقنية بل هو في حقيقته قرار سياسي بامتياز يعكس مدى التزام السلطة بالطبيعة الديمقراطية للنظام.

اتّبعت الورقة البحثية منهجية بحثية تؤدّي إلى الإجابة عن كلّ هذه الإشكاليّات. فالمسائل النظرية التي تتعلّق بالاستقلاليّة التنظيميّة لمجلس النوّاب بشقّيها الإداري والمالي، وطبيعة النظام الداخلي جرى تحديدها انطلاقًا من عمل كبار فقهاء القانون الدستوري الفرنسي ومن اجتهاد القضاءيْن الدستوري والإداري في كلّ من لبنان وفرنسا، هذا علاوة عن الاستشهاد بالنظام البريطاني في بعض المسائل المتعلقة بإشكالية سيادة البرلمان.

وإذا كانت علاقة النظام الداخلي بالدستور مسألة عالجها المجلس الدستوري في لبنان الذي اعتبر أنّ النظام الداخلي لا قوّة دستورية له، وهو أمر منطقي يتوافق مع اجتهاد المجلس الدستوري في فرنسا، لكن علاقة النظام الداخلي بالقانون العادي تبقى مبهمة إذ لا يتمّ تناولها في لبنان على الرّغم من أهميتها البالغة. لذلك عمدت الورقة البحثية إلى معالجة هذه القضية عبر إيلائها مكانتها المستحقّة من خلال تحليل قانون 25 أيلول 1972 الذي منح لجان التحقيق البرلمانية سلطات قضاة التحقيق وقانون 14 تشرين الأول 1943 الذي يمنح رئيس مجلس النوّاب منفردًا صلاحية شاملة بتنظيم ملاك مجلس النوّاب وتعيين الموظفين وترقيتهم وتحديد عددهم ورتبهم.

تطبيق النظام الداخلي ليس مسألة تقنية بل قرار سياسي يعكس مدى الالتزام بالديمقراطية

هذا وقد خلصت الدراسة إلى أنّ النظام الداخلي لا يمكن أن يتضمّن أحكامًا تشريعية آمرة تنتج مفاعيل قانونية ملزمة لسائر مؤسّسات الدولة والمجتمع، ما يعني أيضًا أنّ النظام الداخلي لا يجب في أيّ حال من الأحوال أن يخالف القوانين النافذة كون مجلس النوّاب لا يعتبر سلطة تشريعية عندما يضع نظامه. فالقوانين العادية يخضع إقراراها لأصول لحظها الدستور ولا بدّ من احترام جميع هذه الأصول كي يتحوّل النص الذي يقرّه مجلس النوّاب إلى قانون مكتمل الأوصاف. ومن بين هذه الأصول، حقّ الحكومة في تقديم مشاريع القوانين بينما النظام الداخلي لا يمكن أن يقترحه إلّا النوّاب، وأيضًا صلاحية رئيس الجمهورية في إصدار القانون أو ردّه إلى البرلمان بينما النظام الداخلي لا يصدره رئيس الجمهورية وبالتالي لا يمكن له أن يردّه.   

الخطورة التي يشكّلها النظام الداخلي على الدستور

وعلى ضوء هذه الخلاصات النظرية، جرى تحليل الممارسة البرلمانية في لبنان عبر استقراء مسهب لمحاضر مجلس النوّاب منذ الانتداب الفرنسي وحتى اليوم، وذلك بغية دراسة ليس فقط تطوّر النظام الداخلي عبر السنوات، لكن أيضًا من أجل إلقاء الضوء على مفاهيم إشكالية يتمّ التذرّع بها دائمًا كالأعراف الدستورية واستقلالية البرلمان المطلقة التي يمكن لها تبرير أيّ قرار مخالف للدستور بحجّة “المجلس سيّد نفسه” أو عدم خضوع تنفيذ الموازنة وعقود الشراء العام التي يبرمها رئيس المجلس لأيّ شكل من أشكال الرقابة بحجّة الاستقلالية المالية للسلطة التشريعية.

وتصل الورقة البحثية إلى خلاصة تحذّر من خطورة وجود نظام داخلي لا يخضع لرقابة المجلس الدستوري كما هي الحال في لبنان، ما يسمح بمنح السلطة السياسية حصانة مطلقة لقراراتها المتعلّقة بإدارة الحياة البرلمانية بذريعة “سيادة المجلس” بينما الهدف الحقيقي هو تكريس نهج الإفلات من “العقاب الدستوري” بغية تحقيق مصالح سلطوية. فغياب الرقابة الدستورية هو في حقيقة الأمر حالة شاذة في البناء القانوني للدولة اللبنانية لا سيّما بعد إنشاء المجلس الدستوري ومنحه صلاحية البتّ ليس فقط في دستورية القوانين بل أيضًا في الطعون الرئاسية والنيابية.

علاوة على ذلك، تظهر هذه الحالة الشاذة بشكل فاقع إذا ما تذكّرنا أنّ غياب الرقابة الدستورية المباشرة على النظام الداخلي لا يعني إطلاقًا غياب الرقابة غير المباشرة. فالمجلس الدستوري قد يضطرّ عندما ينظر في دستورية القوانين أو عندما يبتّ في طعن يتعلّق بانتخاب رئيس الجمهورية إلى التطرّق للأحكام المنصوص عليها في النظام الداخلي في حال كانت تخالف الدستور أو تعيق ممارسته لصلاحياته. وهذا ما حدث فعلًا بخصوص تلف أوراق الاقتراع مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية إذ أصدر المجلس الدستوري توصية في 11 تموز 2023 بضرورة تعديل النظام الداخلي لمجلس النوّاب وعدم تلف أوراق الاقتراع مباشرة بل الانتظار 24 ساعة أي بعد انتهاء المهلة القانونية لتقديم الطعن في العملية الانتخابية وذلك كي يتمكّن من التدقيق في الأوراق.  

والأمر نفسه ينسحب على كيفية احتساب الأوراق البيضاء والملغاة والنصاب إذ حتى لو نصّ النظام الداخلي على أصول خاصّة تتعلّق بهذه المواضيع، قد يقوم المجلس الدستوري ببساطة باستبعاد هذه الأصول في حال قرّر أنّها مخالفة للدستور. لذلك يشكّل عدم وجود صلاحية صريحة للمجلس الدستوري بمراقبة النظام الداخلي حالة شاذة مكتملة الأوصاف ليس فقط لقدرة مجلس النوّاب على مخالفة الدستور والمسّ بمبدأ التوازن بين السلطات في نظامه الداخلي لكن أيضًا لأنّ فعالية الرقابة على دستورية القوانين والنظر في الطعون الرئاسية تستوجب تمكين المجلس الدستوري من ممارسة رقابته المسبقة وبشكل مباشر على النظام الداخلي وليس انتظار وقوع المخالفة كي يتمكّن من القيام بذلك وبشكل غير مباشر. 

رسم رائد شرف

هيمنة الخطاب السياسي على الدستور والنظام الداخلي

جانب آخر تشير إليه هذه الدراسة هو هيمنة السياسيين على الخطاب الدستوري السائد في البلاد. فالقانون الدستوري – واستطرادًا النظام الداخلي – يشكّل مجالًا تحتلّ فيه القوى السياسية مكان الصدارة إذ تتمكّن من إنتاج الخطاب الذي يشكّل الرأي العام وينتشر عبر وسائل الإعلام. وهذا يعني قدرة هذا الخطاب ليس فقط على الاستقطاب بل أيضًا على احتكار الفضاء العام. لكن التدقيق في الحجج التي يستند إليها الوزراء والنوّاب، ومن دون تحليل نواياهم، يُظهر أنّ الإشكاليات التي تتمّ إثارتها تنم في أحيانًا كثيرة عن فهم مغلوط للدستور والقانون ما يؤدي إلى خلق مشاكل دستورية لا وجود لها ومن ثمّ يتمّ تناقلها عبر السنوات كي تصبح من المواضيع الخلافية الدائمة.

فعدم وجود مؤسّسات قادرة على حسم الخلافات الدستورية والقانونية بشكل نهائي يؤدّي إلى هيمنة الآراء السياسية وتحوّل كلّ موقف قانوني سليم إلى مجرّد رأي يمكن التشكيك فيه بكل بساطة من أجل تحقيق مصالح قوى السلطة. فالنظام الداخلي، إن لم يكن الدستور نفسه، يصبح على هذا المنوال مجرّد تعبير عن إرادة الأقوى الذي نجح في فرض رأيه على الآخرين. ومع مرور الزمن، تصبح هذه الممارسة “عرفًا” يتمّ التذرّع به إلى حين تمكّن جهة سياسية أقوى من فرض تفسير جديد.

حجّة “المجلس سيّد نفسه” يُساء استخدامها من أجل إعفاء رئيس المجلس من أيّ رقابة مالية

فالحياة البرلمانية لا تقوم فقط على النصوص بل أيضًا على تقاليد ديمقراطية جرى تبنّيها عبر سنوات طويلة من الممارسة، ما يمنحها حصانة سياسية واستقرارًا يساهم في توطيد شرعية المؤسّسة التي تصبح أكبر من الأشخاص والأحزاب والكتل والرئاسات. فالهيمنة السياسية للجهات نفسها تقريبًا على مجلس النوّاب في لبنان منذ 1992 وغياب الاستقرار الدستوري أدّيا ليس فقط إلى تهميش مؤسّسات الدولة بل أيضًا إلى تضعضع التقاليد الديمقراطية التي عرفها لبنان منذ الانتداب الفرنسي ما جعلها دائمًا عرضة للتهميش والتضحية بها خدمة للتوافقات السلطوية.

الإشكاليات التطبيقية للنظام الداخلي      

ينتقل القسم الأخير من الورقة البحثية من البحث النظري إلى التطبيقات العملية للنظام الداخلي عبر تسليط الضوء على أبرز إشكالياته التي تؤدّي إمّا إلى مخالفة الدستور أو تَحدُّ من صدقية العمل البرلماني لناحية آليات التشريع أو تُقصي بكلّ بساطة، المعارضة أو الرأي المخالف عن المشاركة في تفسير النظام الداخلي أو إدارة مجلس النوّاب.

ومن أهم الشوائب التي تمكّنت الورقة من التعليق عليها المواضيع التالية:

  • المخالفات في كيفية انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مكتب مجلس النوّاب (أمينا السر) واللجان النيابية.
  • احتواء الأنظمة الداخلية  منذ 1930 على مواد تفسّر الدستور بشكل متناقض ما يثير مسألة جواز حسم الخلافات الدستورية عبر نصوص يتمّ تكريسها في النظام الداخلي.
  • غياب الأحكام التي من شأنها ضمان مشاركة المعارضة في مختلف أجهزة البرلمان.
  • توسيع صلاحيات رئيس مجلس النوّاب ليس فقط في النص بل أيضًا عبر الممارسة وتفرّده في اتخاذ عدد كبير من القرارات، وغياب أي وسيلة فعلية لمحاسبته أو مراجعة قراراته. وأبرز تجلّيات هذا الواقع تكريس إمكانية تنحية رئيس المجلس في المادة 44 من الدستور وفي الوقت نفسه غياب أي نص في النظام الداخلي كفيل بتفعيل هذه الإمكانية.
  • غياب أيّ مدوّنة أخلاقية تضمن عدم تعارض مصالح النائب الشخصية مع المصلحة العامة.
  • إشكاليات في آليات التشريع تتعلّق بخطورة اقتراحات القوانين المعجلة المكررة والاعتباطية في طريقة طرح التعديلات خلال النقاش في الهيئة العامّة أو إحالة القوانين إلى الحكومة.
  • اقتصار العلنية فعليًا على نقاشات الهيئة العامّة بينما تتّسم سائر اجتماعات أجهزة المجلس بالسرّية إمّا قانونًا، كاجتماعات مكتب المجلس واللجان المشتركة واللجان النيابية، وإمّا واقعًا ككل مشاريع واقتراحات القوانين والأسئلة الخطية الموجّهة إلى الحكومة التي يتمّ تسجيلها في قلم مجلس النوّاب من دون وجود أي وسيلة تتيح للرأي العام الاطّلاع عليها أو معرفة مصيرها.
  • إلغاء لجنة النظام الداخلي في مجلس النوّاب من دون أي تبرير، وعدم وجود آلية خاصّة بتعديل النظام الداخلي وانتقال تلك الصلاحيات واقعيًا إلى مكتب المجلس.   

وتقترن كلّ هذه المواضيع بأمثلة تاريخية وسوابق شهدها المجلس النيابي بحيث تتحوّل الورقة البحثية في جانبها هذا إلى دراسة في التاريخ الدستوري اللبناني. فخلافًا للإشكاليات الدستورية الكبيرة المتعلّقة بصلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة التي يسهل استعراض تطوّرها التاريخي وهي متاحة للجميع، تبرز هذه الدراسة التاريخ الدستوري في نقاط تفصيليّة يتم إغفالها عادة. 

ولا شكّ أنّ أبرز إشكالية أشارت إليها الورقة البحثية من دون تقديم الجواب الوافي حولها تتعلّق بملاك مجلس النوّاب الأمني، أي ما يُعرف بشرطة مجلس النوّاب. فعلى الرغم من تمكّن الدراسة من معرفة عدد أفراد الجهاز الأمني التابع لرئيس مجلس النوّاب خلال السنوات السابقة للحرب، تغيب هذه الأرقام اليوم إذ هي غير منشورة وكلّ الأمور المتعلقة بها لناحية تراتبيّتها وعديدها وصلاحياتها مبهمة وتفتقر إلى الشفافية لا سيما وأنّ دورها توسّع إذ بات لا يشمل فقط مقرّ مجلس النوًاب بل أيضًا مقرّ رئاسة مجلس النوّاب الذي تم استحداثه في مطلع ولاية الرئيس نبيه بري.

في الختام، تتضمّن الورقة البحثية دراسة ملحقة للباحث في المفكرة القانونية نيقولا غصن حول النقاشات التي دارت في لجنة النظام الداخلي بين عامي 1972 و1973 من أجل وضع نظام داخلي جديد لمجلس النوّاب بعد تولّي كامل الأسعد رئاسة المجلس ورغبته في تبنّي نهج إصلاحي جديد، إذ سيتمكّن القارئ من الاطّلاع على أبرز الهواجس السياسية التي كانت سائدة حينها والإشكاليات الدستورية التي حاول النوّاب حسمها من خلال النظام الداخلي.

بخلاف الحال قبل الحرب، يُخفي المجلس عديد شرطته

للاطلاع على الورقة البحثية الكاملة بنسخة PDF

نشر هذا المقال في العدد 71 من مجلة المفكرة القانونية – لبنان

لقراءة العدد بصيغة PDF


[1]  أنور الخطيب، الأصول البرلمانية في لبنان وسائر البلاد العربية، دار العلم للملايين، بيروت، 1961.

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، تشريعات وقوانين ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، دستور وانتخابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني