نُدرة الخبز في سياق المؤامرة


2023-11-02    |   

نُدرة الخبز في سياق المؤامرة
رسم عثمان سلمي

تعيش تونس في السنوات الأخيرة على وقع شحّ أو فقدان عدة مواد غذائية أساسيّة من السوق من بينها مادتي الفارينة (الطحين) والسميد (الدقيق) المُعلّبتين. استفحل الوضع هذه الصائفة وأدّى إلى إحداث أزمة في عملية التزوّد بالخبز، نظرا لندرة المواد الأولية من الحبوب الذي نتجَ عنه إغلاق عدة مخابز والعمل بدوام غير كامل وليس كامل أيام الأسبوع بالنسبة لمخَابز أخرى. ويبدو أن السلطة القائمة سعت بكل إمكانياتها لإرباك مسار إنتاج الخبز في ظل أزمة الحبوب المتواصلة، إلا أنها لم تنجح سوى في تأجيل ذلك لبعض الوقت. لأن السلطة تعرف جيدا أن الخبز موضوع سياسي بامتياز في مجتمعنا، ومن شأنه زعزَعة الاستقرار السياسي والاجتماعي في صورة حدوث أي طارئ على قطاع يتسم بالتوازن الهش.

التونسي يصف عمَله باستخدام عبارة “نِجْرْي عْلَى الخُبزَة”؛ أي أنه يعمل لجلب القوت الذي يتلخّص ويتكثف في الخبز، ورمزية الخبز في الوعي الجمعي وحُضوره المكثف في المطبخ التونسي لم يكن خيارا أو موروثا شعبيا وإنما كان خيارًا سياسيا لأسباب سنأتي على تبيانها لاحقا. كل هذا كان حاضرا في ذهن الرئيس قيس سعيد في التعامل مع أزمة تموين الخبز، أين تخَفّى كعادته وراء الاحتكار والمضاربة والمؤامرة للتغطية على عجزه في إدارة البلاد.

نظرية المؤامرة لاستيعاب ضغط الشارع

في لقائِه برئيسة الحكومة صحبة وزيرة المالية بتاريخ 27 جويلية 2023 قبيل إنهاء مهامّها، اعترف رئيس الجمهورية أخيرا في خطاب رسميّ بوجود أزمة في الخبز، وفي المقابل حافظَ على نفس منهجية التعاطي مع قضايا إدارة الشأن العام، التي ترى دائما أن كل الأزمات “مُفتعَلَة من أعداء الشعب”. من خلال منشورات الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على موقع فايسبوك -القناة الوحيدة للاتصال الجماهيري الرسمي- اعتمد الرئيس سعيد كعادته على نفس بنية الخطاب السياسي الأحادي والسلطوي المعتمد منذ 25 جويلية 2021 -تاريخ انفراده بالحكم- والذي يقوم على التحريض والتهديد والمبالغة وغياب البناء المنطقي؛ بقوله مثلا “هناك خبز واحد للتونسيين وينتهي الأمر، هناك أناس تتلاعب بالخبز، يوجد خبز للفقراء وخبز للأثرياء”[1]، وكأنها طريقة ملتوية لرفع الدعم عن الحبوب، ويقصد الرئيس بالخبز الواحد الخبز المدعم المصنع من الفرينة المدعمة « PS » المتأتية أساسا من التوريد، وهو أحد أنواع الطحين الأقلّ جودة في العالم. وقد اعتبَرَ الرئيس أن ما يحصل هو خُطة لرفع الدعم عن الحبوب في سياق البحث عن تبرير لا معنى له لأن الدولة هي التي تحتكر توريد الفرينة، وهي المتصرّف الحصري في منظومة الدَّعم.

في السياق ذاته، شدّد قيس سعيد في تحركاته بخصوص نقص الخبز على أن السبب الحقيقي لذلك يكمن في الاحتكار[2] الذي ما انفكّ يُفَسَّر به جميع الإشكالات الاقتصادية المطرُوحة في البلاد في كل زمان ومكان، لأنها مقولة تتماشَى مع نظرية المؤامرة التي يُروّج لها. وإذا كان الوضع كذلك فلماذا لا يحدّثنا الرئيس بالتدقيق في أي مرحلة من سلسلة الإنتاج يكمن الاحتكار؟ إنّ توفير الحبوب للمطاحن يَحتكره ديوان الحبوب، وهو احتكار عمومي قانوني في إطار سياسة الدّعم. أما المطاحن فتوزع الفرينة والسميد (الدقيق) للمخابز وفق نظام الحصص وفي إطار منظومة رقمية تحت إشراف وزارة التجارة وتنمية الصادرات. إلا أن الرئيس أشار في اللقاء سالف الذكر إلى وجود “كارتيلات داخل الدولة” مسؤولة على فقدان الخبز على غرار بقية السّلع. ويظهر أنه يقصد به وفاقا ثلاثيا بين ديوان الحبوب وجزء من المطاحن والمخابز، ويتبيّن ذلك من خلال إعفائه المدير العام لديوان الحبوب.

في سياق تدعيم الحجة الرسمية، قامت صفحة رئاسة الجمهورية على فايسبوك بنشر حصيلة عمليات مراقبة مشتركة بشكل استعراضي بين قوّات الأمن والحرس ووزارتي المالية والتجارة وتنمية الصادرات وديوان الحبوب على 15 مطحنة من جملة 23 مطحنة بالبلاد، أسفرت على حجز 6376.1 طن من الحبوب المدعّمة (فارينة مدعمة، فارينة رفيعة، سميد، قمح) والتي لا تعدو أن تمثل 3.5% أو استهلاك يوم واحد من الاستهلاك الشهري من القمح اللّين والقمح الصلب والذي يبلغ 182.5 ألف طن[3]. وبطبيعة الحال لا يُمكن أن تشكّل هذه الكمية المحجوزة سببا في النقص الفادح في مادة الخبز منذ أشهر، إذ تُعتبر هذه الكمية محدودة مقارنة باحتياجات السوق، ولا تُعطي السلطة لصاحبها بخلق وضعية إحتكار أو وضعية مضاربة[4].

أسّسَ رئيس الجمهورية نظاما تواصليا ”طُقوسيا” مبنيا على إعادة إنتاج نفس المضامين الخطابية القائمة على التّكرار والمُبالغة، لترسيخ فكرة مفادها أنّ سبب الأزمة الاقتصادية التي تَعيشها تونس يتلخّص فقط في وجود “المُحتكرين” و”المضاربين” و”المتآمرين” لخلق رأي عام مُؤيّد لمقاربته الأمنية في إدارة الشأن العام، مقابل تهميش الأبعاد الموضوعية للأزمة التي تستوجب الحلول والبرامج. إذ اعتمد على نفس المنهجية في التعاطي مع أزمة الزيت النباتي المدعّم منذ سنتين على الأقل، والتي حمّلَ مسؤوليتها للمحتكرين، وقَامَ بسنّ المرسوم عدد 14 لسنة 2022 المُتعلّق بمقاومة المضاربة غير المشروعة. أما النتيجة الآن وهنا فهي فقدان شبه تام لمادة الزيت المُدعّم من السوق، لأن الديوان الوطني للزيت أوقفَ توريده لأسباب مالية، وهو ما يعني رفع الدعم على الزيت بشكل عملي ومُقنَّع، ما يعكس أن الدعم ليس خَطّا أحمر مثلما يدعي الرئيس سعيّد، بل نحن لا نستبعد أن يكون خطاب التّضليل الذي يعتمده الرئيس استراتيجيا لرفع الدعم تدريجيا، وبشكل كلي أو جزئي.

في سياق إدارة الأزمة وتفاعلا مع شعار “الخبز الواحد” الذي رفَعه الرئيس، ذكرت رئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن أنّ الحل هو “منع المخابز الغير مُصنّفة (غير المُدعّمة) من بيع “الباقات” ورفع الدّعم عن الفرينة PS-7 (الفرينة الرفيعة)”[5]. ليتم يوم 03 أوت المنقضي إيقاف تزويد المخابز غير المُصنفة بمادتي الفرينة والسّميد، ومن ثمّ استئناف عملية تزويدهم يوم 19 أوت 2023 بعد أن سَاهم ذلك في حدة الأزمة وارتفاع طوابير الانتظار أمام المخابز. في الأخير بان بالكاشف أن رئيس الجمهورية لا يملك الشجاعة والدراية لتحمل مسؤولية خطابه في تفعيل شعار “الخبز الواحد”، لأن الواقع أعقد من الأسلوب الشعبوي في إدارة الأزمات.

أزمة مُركّبة في قطاع الحبوب

تصاعدت أزمة الخبز منذ بداية سنة 2023. وكانت جميع المؤشرات تدل على أنّ الأزمة سائرة نحو التفاقم خاصة وأنه وقع استنفاد المخزون الاستراتيجي والتعديلي من الحبوب المُقدّر بمليون طن، أي حوالي ثلث الاستهلاك الوطني الإجمالي السنوي الذي يبلغ 3.4 مليون طن،[6] نتيجة غلاء أسعار الحبوب في السوق العالمية جراء الحرب الروسية-الأوكرانية، بالتوازي مع العجز المالي للبلاد. إضافة إلى صعوبة التزوّد خاصة وأن تونس كانت تستورد 70%[7] من حاجياتها من الحبوب من هذين البلدين.

ويشهد قطاع الحبوب عجزا مُتفاقمًا نتيجة عدة عوامل متداخلة؛ أولها العوامل الطبيعية، بداية بالجفاف الذي لاَزم تاريخ تونس منذ القدم، ومن المتوقع أن يتواصل في المستقبل بأكثر حدة مع اشتداد موجات الحرّ وشحّ الأمطار، ما سيؤثر سلبا على الزراعة البعلية التي تمثل 88% من إجمالي الزراعة الوطنية. وسيؤدي ذلك إلى تسارع حركة النزوح إلى المدن، وسيدَفع البلاد نحو مزيد الاستيراد خاصّة في مجال الحبوب. هذه الوضعية -وفي غياب الإجراءات الملائمة- تجعل من الاكتفاء الغذائي التونسي مهددا،[8] أو بأكثر دقّة تجعل البلاد مُهدّدة بالجوع والعطش.

إلى جانب الجفاف تُعاني تونس من التصحّر، ما أدّى إلى تراجع الأراضي الزراعية إلى ما يقارب النصف بالنسبة للقمح الليّن الذي تُستخرج منه الفرينة، وهي المادة الأولية لصناعة الخبز المُدعّم، حيث تقلّصت المساحة إلى النصف من 126.3 ألف هكتار سنة 2012 إلى 63 ألف هكتار سنة 2020. كما تراجعت المساحات المُخصصة لزراعة الشعير والقمح الصلب الذي يُستخرج منه السميد في نفس الفترة، لكن بمنحى أقل.

تطور المساحات المخصصة لزراعة الحبوب (ألف هكتار)

 201220162020
القمح اللين126.39563
القمح الصلب663.3515.4543
الشعير625.2495.1542
المصدر: المعهد الوطني للإحصاء

ساهم تقلص المساحات المُعدّة لزراعة الحبوب وبالأخص العوامل المناخية في تقهقر صابة الحبوب بشكل ملحوظ هذه السنة ،حيث تراجعت بقرابة 60% مقارنة بالسنة الفائتة. وأفضت عملية التجميع إلى تحصيل 2.7 مليون قنطار، بينما بلغ الإنتاج في السنة الماضية 7.5 مليون قنطار. ويُمثل القمح الصلب حوالي 98% من مجموع المحاصيل التي توزعت على 4600 قنطار من الشعير و 2.6 مليون قنطار من القمح الصلب و62 ألف قنطار من القمح اللين[9]. وللتوضيح لا تعدو أن تغطّي صابة القمح اللين لهذه السنة الاستهلاك الوطني الشهري من هذه المادة والذي يبلغ حسب أرقام سنة 2022 حوالي 100.3 ألف طن[10]، وبذلك سيتم اللجوء إلى التوريد بشكل شبه كامل.

بشكل عام تحتاج السوق المحلية إلى ما يقارب 5 ملايين طن من الحبوب سنويا منها 3.4 مليون طن مُوجهة للسوق الغذائية، والبقية تتوزع بين الاستهلاك الذاتي للفلاحين والبذور وعلف الماشية. وتُقدّر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة معدل تبعية تونس للسوق العالمية في قطاع الحبوب بـ 63%[11]. إذا قارنا اقتناء الحبوب للأشهر الأربع الأولى من السنة السابقة والحالية، نلاحظ تراجعًا في نسق الاستيراد بالنسبة للقمح الصلب بـ 3%، وبالنسبة للقمح اللين بـ 22.6%، بالرغم من أن صابة الحبوب لسنة 2022 تًقارب ثلاثة أضعاف الموسم الحالي. وهكذا تُمثّل هذه المعطيات الموضوعية السبب الرئيسي لاضطراب التزوّد بالحبوب لدى المخابز منذ بداية هذه السنة.

مقارنة الإنتاج المحلي والواردات* من الحبوب سنتي 2022 و2023[12]

 20222023
القمح اللينالقمح الصلبالشعيرالمجمعالقمح اللينالقمح الصلبالشعيرالمجموع
الإنتاج المحلي(بالقنطار)34489767583534079077511157  62060259622746002662887
الواردات (ألف طن)443.4275294.91013.3343.4266.7263.4873.5
*تم إعتماد واردات الأربع أشهر الأولى من سنتي 2022 و2023

نظريا لا يمثّل ضعف المحصول أزمة في حد ذاته لأنه يمكن تغطية النقص عبر التوريد، غير أنه تحوّل كذلِكَ بفعل العجز المالي لديوان الحبوب. إذ بلغت دُيُون الديوان للبنك الوطني الفلاحي نهاية سنة 2022، 4768.1 مليون دينار، وهو ما يمثل 27% من جملة القروض المُسداة من البنك، ممّا خلّفَ أزمة سيولة وأدى بالنتيجة إلى معاملات سلبية للبنك الوطني الفلاحي نهاية [13]2022. هذا المنحى في التصرف يشكّل أحد الأسباب الرئيسية في حياد البنك الفلاحي عن دوره الذي بُعثَ من أجله، وهو دعم الفلاحين.

ويرجع عجز ديوان الحبوب إلى تخلّف وزارة المالية عن سداد مستحقاته من صندوق الدعم والتي ناهزت في موفى 2022، 2385.1 مليون دينار،[14] بالإضافة إلى تحمّله غرامات مالية بعنوان الوقت الضائع نتيجة انتظار البواخر في البحر بسبب التأخر في فتح الاعتمادات المستندية -التعهدات الصادرة من بنك المُورّد والتي تضمن للمصدّر خلاص بضائعه- أو اكتظاظ الموانئ، وقد بلغت هذه الغرامات بعنوان 2021، 61.219 مليون دينار مقابل 9.857 مليون دينار سنة 2020. في المحصّلة أصبح الديوان في حالة عجز هيكلي بعد أن استهلك رأس ماله وفقد الملاءة المالية، وكل ذلك بسبب سوء التصرف والحوكمة في ظل منظومة هيكلية وأسلوب إدارة مُولّد للأزمات من داخله.

قطاع المخابز: تراجع الدعم ونموّ السوق الموازية

تحتلّ تونس المرتبة الأولى في استهلاك الخبز عالميا، حيث يَبلغ معدّل استهلاك الفرد سنويا 183 كغ[15]، ومعظم كمية الاستهلاك من الخبز المدَعّم المستخرج من فرينة القمح اللين. المكانة التي يحتلها القمح اللّين في غذاء التونسي ليست متأصلة تاريخيا في عاداته الغذائية ولا في النمط الزراعي الوطني، عكس القمح الصلب والشعير. إذ تمّ ربط غذاء التونسي بالفرينة عن طريق منظومة الدعم وسدّ النقص في القمح الصلب بتوريد القمح اللّين، لأنه أقل تكلفة في السوق العالمية. وبعد أكثر من نصف قرن أصبح هذا الخيار يُكلّف خزينة الدولة قرابة 80% من المصاريف الجملية لصندوق الدّعم، وتمّ رهن القوت الأولّ للتونسيين للخارج. كانت المسألة وما زالت خيارًا سياسيا.

يوجد 3337 مخبزة مُصنفة؛ منها 270 تمّ منعها من التزوّد بالحبوب من المطاحن، و1443 مخبزة غير مصنفة[16]. وحسب قرار وزير التجارة المتعلق بصنع وعرض وبيع مادة الخبز[17] تختص المخابز المُصنفة في صنع الخبز المُدعّم باستعمال الفرينة نوع “PS” وتختص المخابز صنف “أ” حصريا في صنع الخبز المُدعم من الحجم الكبير، فيما تختص المخابز من صنف “ج” في صنع الخبز من الحجم الصغير ويمكن لهذه الأخيرة إنتاج وترويج المرطّبات وأنواع أخرى من الخبز الرفيع والتزود بالفرينة نوع “PS-7”. تتمتّع المخابز المُصنّفة بدعم كامل مراحل إنتاج الخبز المُستخرج من الفرينة نوع “PS”، بينما لا يتوفّر ذلك بالنسبة للخبز المُصنع من الفرينة نوع “PS-7” باستثناء دعم الفرينة في حدّ ذاتها. أما المخابز غير المُصنّفة، فهي تختص في صنع الخبز الصغير باعتماد أصناف الفرينة الرفيعة ولا تتمتع بأي دعم مباشر، فقط لديها حصّتها من الفارينة “PS-7” المُدعّمة.

المخابز الفارينة المستعملةالإختصاصالوزنالسعر عند البيعالسعر المدعم للقنطار العدد الجملي
المخابز المصنفةصنف “أ”PSخبز حجم كبير400غ230م3337
صنف “ج”PS PS-7خبز “الباقات” (يمكنها صنع الخبز الرفيع من غير الفرينة استخراج نوعي PS)220غ190م22.5د
المخابز غير المصنفة (المخابز العصرية)PS-7 (وبقية أصناف الفارينة الرفيعة)الخبز الرفيع150غسعر حر66.5د1443

كغيره من القطاعات الاقتصادية في البلاد، يتسم قطاع المخابز والمطاحن بعديد التجاوزات بسبب البنية الهيكلية أو سوء التصرف. حسب إحصائيات وزارة التجارة لسنة 2020 يُوجد 1200 مخبزة عشوائية تتحصّل على الطحين المُدعّم بطرق غير قانونية من المخابز المُدعّمة والمطاحن بأضعاف ثَمنها المدعّم، وتقوم بالغش في الوزن لتحقيق الربح. وقد أدّى تأخر صرف مستحقّات الدعم المباشر للمخابز المصنفة على طيلة 14 شهرا متتالية إلى تنامي سوق موازية لبيع الفرينة المدعمة لتحقيق فائض ربح، حيث تعمَد جملة من هذه المخابز وخاصة التي تشكو صعوبات مادية -والتي أوقفت نشاطها- إلى بيع حصصها مباشرة أو عبر المطاحن إلى المخابز غير المُصنّفة والمطاعم وشركات العلف، إلخ.

خلُص تقرير لمرصد رقابة[18]، إلى أن الفرينة المُدعمة لصنع “الباقات”[19] عرفت ارتفاعا بـ801 ألف قنطار بين سنتي 2011 و2016، في حين لم تشهد كميات الفرينة الرفيعة المستعملة من المخابز ارتفاعا بنفس النسق، حيث زادت بـ417 ألف قنطار في الفترة نفسها، بينما يتمّ إنتاج الخبز الرفيع من قبل المخابز صنف “ج” والمخابز غير المصنفة بكمية تفوق بكثير إنتاجها من خبز “الباقات” المُدعّم.

يعكس ذلك أن الفساد في منظومة صناعة الخبز متفشّ منذ زمن بعيد، غير أن الأزمة الحالية التي يشهدها غير مسبوقة لأن السبب الرئيسي والحقيقي وراء طوابير الانتظار أمام المخابز وتوفر الخبز هو نقص الحبوب وعدم تغطية كامل حاجيات السوق الداخلية عبر التوريد من قبل ديوان الحبوب.

نشر هذا المقال في العدد 27 من مجلة المفكرة القانونية – تونس.

لقراءة العدد كاملا، إضغطوا هنا


[1]   جلسة عمل بين رئيس الجمهورية ووزيرة المالية ورئيسة الحكومة بمقر رئاسة الحكومة بتاريخ 27 جويلية 2023، الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية.

[2] محاولة لتعريف الإحتكار: وضعية الاحتكار في القطاع الخاص هي عندما تسيطر شركة أو مجموعة شركات على كل السوق أو معظمه لسلعة واحدة بهدف التحكم في السعر والكمية في غياب المنافسة، أما في القطاع العام فتكون مقننة والغاية منها توفير المنتوج في السوق بالكمية الضرورية والسعر المناسب لجميع الشرائح الاجتماعية.

[3] معدل الاستهلاك الشهري للسداسي الأول من سنة 2023، موقع ديوان الحبوب.

[4] محاولة لتعريف المضاربة: خزن كميات كبيرة من مادة معينة إثر توقعات بإرتفاع سعرها في المستقبل لبيعها وتحقيق فائض قيمة، تتسم المضاربة بمخاطر عالية لإمكانية تلف المنتوج أو انخفاض سعره.

[5] جلسة عمل بين رئيس الجمهورية ووزيرة المالية ورئيسة الحكومة بمقر رئاسة الحكومة بتاريخ 27 جويلية 2023، الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية.

[6] وزارة التجارة.

[7] نفس المصدر.

[8] تقرير “على شفير الهاوية: تداعيات تغير المناخ على ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، إصدار منشور في نوفمبر 2022 عن مختبرات منظمة غرينبيس للبحوث.

[9] الديوان الوطني للحبوب.

[10] نفس المصدر.

[11] Pr Raoudha KHALDI, experte agro-économiste, chef de file Pr Bouali SAAIDIA, expert technique. “ANALYSE DE LA FILIÈRE CÉRÉALIERE EN TUNISIE ET IDENTIFICATION DES PRINCIPAUX POINTS DE DYSFONCTIONNEMENT À L’ORIGINE DES PERTES”. FAO,2019.

[12] المرصد الوطني الفلاحي.

[13] Banque nationale agricole, Etats financiers, 31 décembre 2022.

[14] نفس المصدر.

[15] المعهد التونس للدراسات الاستراتيجية، “منظومة الدعم في تونس”، 2018.

[16] تم ذكر هذه الأرقام من قبل رئيس الجمهوربة خلال جلسة عمل بين رئيس الجمهورية ووزيرة المالية ورئيسة الحكومة بمقر رئاسة الحكومة بتاريخ 27 جويلية 2023، الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية.

[17] قرار من وزير التجارة وتنمية الصادرات مؤرخ في 13 نوفمبر 2020  يتعلق بصنع وعرض وبيع مادة الخبز.

[18] مرصد رقابة، تقرير “أزمة الخبز…أزمة حقيقية أم مؤامرة”، 24 أوت 2023

[19] خبز من الحجم الصغير.

انشر المقال

متوفر من خلال:

حقوق المستهلك ، مقالات ، تونس ، اقتصاد وصناعة وزراعة ، مجلة تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني