في الجنوب التونسي: الاستحواذ على الأرض لصالح الرأسمالية الخضراء

في الجنوب التونسي: الاستحواذ على الأرض لصالح الرأسمالية الخضراء

يتصدّر الانتقال الطاقيّ الخطاب الرسميّ للسلطة في تونس مواكبة لما يجري عالميا من دفع للاستثمار في الطاقات البديلة بهدف تخفيض استعمال الوقود الأحفوري. ولا يكفّ هذا الخطاب على اعتبار أنّ هذا التوجّه، وأساسا الطاقة الفوطوضوئيّة، سيمكّن البلاد من تجاوز عجزها الطاقي وتحفيز الاستثمارات (الأجنبية خصوصا) مما يفتح الباب لمعالجة الأزمة الاقتصادية ورفع مستوى التشغيل. ولكن هذه العناوين البراقة تخفي ما وراء هذه الاستثمارات من تعميق للفجوة بين الجهات وتكريس لنفس آليات الاستغلال (المتماثلة مع النمط الاستخراجي) التي لم تخلف سوى البؤس لأهالي المناطق الداخلية في مقابل تحقيق فوائض ربحية للمستثمرين من دون عوائد تنموية أو إيكولوجية حقيقية للبلاد.

ويظهر أحد أوجه لا عدالة هذه الاستثمارات في رهان استغلال الأراضي، إذ يتطلب تركيز هذه المشاريع المتمثلة أساسا في محطّات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح توفير الأرضية العقارية الملائمة. لذلك استعمل الرئيس قيس سعيد سلطة المراسيم لرفع العقبات الموجودة أمام استغلال الأراضي الدولية والفلاحية لهذه المشاريع. أمّا بخصوص الأراضي الاشتراكية والخاصّة، خصوصا في الجنوب حيث لا تزال المسائل العقارية تمثّل إشكالا ونزاعا بين السلطة والأهالي، فقد مرّت السلطة إلى السرعة القصوى عبر استعمال الأساليب القهرية لبسط نفوذ المستثمرين على هذه الأراضي مثلما يحدث الآن في قرى سقدود وشنني والدويرات. قرى قد لا تعني شيئا للكثيرين لكن بالنسبة للدولة أو البعض ممن احترف السمسرة، تساوي ثروة طبيعية ستقدم على طبق من ذهب للشركات الأجنبية المتخصصة فيما يسمى بالطاقة الخضراء. كلّ ذلك بتعلة دفع عجلة التنمية وخلق الثروة عبر تحويل الرياح والشمس إلى كهرباء من خلال استغلال الأراضي الشاسعة و”الخالية” لتبرير الاستيلاء عليها لصالح المستثمرين أو ما يعرف بـالرأسمالية الخضراء.

فتح الأقفال التشريعية أمام رأس المال لاستغلال الأراضي المحمية

لإدراك رهانات استغلال الأراضي في استثمارات الرأسمالية الخضراء، وما تقوم به الدولة في هذا الصدد، من المهمّ في البداية أن نعطي لمحة مبسّطة وسريعة عن أصناف الأراضي في تونس. إذ تنقسم الأخيرة، حسب معيار الملكية، على النحو التالي:

– أراضي مملوكة للدولة، وبالأساس الأراضي التي استحوذت عليها الدولة بعد خروج المستعمر (أراضي مملوكة للباي قبل 1956 أو أراضي استوطنها المستعمر الفرنسي). يضاف إليها الأراضي التي ترجع ملكيتها للجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وكذلك الغابات والجبال وغيرها (كالطرقات..). وتنقسم أملاك الدولة إلى ملك عمومي، يخضع لقواعد حمائية صارمة (غير قابل للتفويت، ولا تسقط ملكيته بمرور الزمن، ولا يمكن عقلته ولا تسري عليه أحكام الحوز)، وملك خاصّ للدولة يتمتّع بحماية أقلّ. كما تنقسم حسب طبيعتها إلى أراضي فلاحيّة (تخضع لتشريع حمائي خاصّ، أي لحماية مضاعفة) وعقارات غير فلاحيّة.

– أراضي اشتراكية وهي أراضٍ كانت مملوكةً للعروش والقبائل خصوصا في مناطق الوسط والجنوب. هذا النوع من الأراضي تشرف عليه مجالس تصرف بعد الرجوع للسلط الجهوية بمقتضى قانون 1964 الذي تم تنقيحه في 2016 في اتجاه تصفيتها نهائيا، لتبقى وضعيتها إلى اليوم محلّ جدال. وقد فتح مرسوم الشركات الأهليّة باب استغلال هذا النوع من الأراضي (في حين لم يرد ذكر الأراضي الدوليّة فيه).

– أراضي خاصة مملوكة للأشخاص الطبيعييّن والمعنوييّن.

يخضع كلّ صنف من هذه الأراضي إلى تشريع خاص مما أدّى لتشعب النصوص القانونية وهذا ما جعل وزارة الطاقة والمناجم تعد دليلا خاصا للمستثمرين في الطاقات المتجددة لتسهيل النفاذ إليها. وقد أشار الدليل أيضا لما يجب اتخاذه من طرف المستثمرين الأجانب للتمتع بهذه الأراضي والتي تستلزم قبل كل شيء موافقة السلطة الجهوية ممثلة في الوالي.

لكنّ الدولة لم تكتفِ في إطار تشجيعها الاستثمارات الأجنبيّة في الطاقات البديلة بالتفسير وتسهيل الإجراءات. بل أدخلت تنقيحات متتالية على النصوص التشريعيّة، أخطرها تمّ باستعمال سلطة المراسيم الصادرة مباشرة بإرادة الرئيس، بحيث لم يعدْ هنالك حاجة لتغيير صبغة الأراضي الفلاحيّة لإتاحة استغلالها. فقد كان رهان استغلال المستثمرين الخواص في الطاقات المتجددة للأراضي الفلاحية والدولية حاضرا منذ سنوات، إذ نجد في الوثيقة الصادرة عن وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بتاريخ مارس 2018 (باللغة الفرنسية) تحت عنوان: ” المخطط الشمسي التونسي: مخطط عمل للتسريع في مشاريع الطاقات المتجددة بتونس”، واقتراح تكوين لجنة في الغرض بين الوزارات الثلاث المعنية (الطاقة والفلاحة وأملاك الدولة) لمعالجة الإشكاليات وطرح حلول (أو حِيَل قانونية كما تم تضمينها في الوثيقة).

وقد نفّذ ذلك على مراحل. استهدفتْ الأولى مشاريع الطاقات المتجدّدة للاستهلاك الذاتي (مع بيع الفائض إلى الشركة الوطنية للكهرباء والغاز ونقله عبر شبكتها)، إذ فتح قانون تحسين مناخ الاستثمار لسنة 2019 إمكانيّة إنجازها على أراضٍ تابعة لملك الدولة عبر ترخيص، وكذلك على الأراضي الفلاحيّة عبر استثنائها تماما من شرط تغيير الصبغة الفلاحية.

وفي مرحلة ثانية، مع احتدام الإشكاليات المتعلقة بالأراضي، استثنى المرسوم عدد 68 لسنة 2022 المؤرخ في 19 أكتوبر 2022 المتعلّق بضبط “أحكام خاصّة بتحسين نجاعة إنجاز المشاريع العمومية والخاصّة”، كلّ مشاريع الطاقة المتجددة (ليس فقط للاستهلاك الذاتي) من شرط تغيير صبغة الأراضي الفلاحيّة، “في صورة ثبوت جدوى إنجازها من قبل اللجنة الفنية للإنتاج الخاص للكهرباء من الطاقات المتجددة”. وقد تضمّن هذا المرسوم ذاته أيضا تنقيحا لقانون إصلاح الأوضاع الفلاحية، يفتح باب استغلال الأراضي الفلاحية لرؤوس الأموال الأجنبيّة بمجرّد تكوين شركات في تونس، من دون اشتراط مشاركة تونسيين في رأس مالها وإدارتها، وهي “الحيلة” التي سقطت محاولات تمريرها في البرلمان أكثر من مرّة خلال سنوات ما بعد الثورة. ففي حين يصرّ الخطاب على إتاحة الأراضي الدولية لمن يخدمها عبر الشركات الأهليّة، تنحو المراسيم الرئاسيّة في الاتجاه المعاكس، لرفع القيود القانونيّة التي كرّسها الجلاء الزراعي وصمدت نسبيّا أمام المحاولات السابقة لتفكيكها وتسهيل بسط المستثمرين الخواصّ والأجانب أياديهم على الأراضي الفلاحية والدولية. فضلا عن إمكانيّة استغلال الملك العمومي الغابي والبحري والمائي، بمجرّد موافقة السلط.

سقدود: إحياء ممارسات المستعمر في الاستيلاء على أراضي العروش

قبل تفكيك العقبات التشريعيّة في مراسيم أكتوبر 2022، كانت سلطة 25 جويلية قد مرّت إلى السرعة القصوى في المصادقة على اتفاقيّات لُزمة [1] [2] مع شركات أجنبيّة لاستغلال محطات إنتاج الطاقة الفولطا-ضوئية. وقد تمّ إبرام هذه الاتفاقيّات وفق قانون 2015 المتعلّق بإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة، الذي شهدت المصادقة عليه مخاضا عسيرا بالنظر لمعارضة الاتحاد العام التونسي للشغل وقوى سياسيّة ومدنيّة أخرى لما اعتبرته مدخلا لخوصصة قطاع الكهرباء، وصولا إلى طعن نواب المعارضة في دستوريّته. وقد نجح ذلك الطعن حينها بفرض تعديل يقرّ نظر البرلمان في عقود الطاقة عبر لجنة، وشرط مصادقته على الاتفاقيّات في جلسته العامّة، طبق المبدأ الذي سبق إقراره في الفصل 13 من دستور 2014. لكنّ اللزمات الخمسة التي بدأ طلب عروضها في 2018، مرّت من دون تداول ديمقراطي عبر خمسة مراسيم رئاسية مؤرخة تباعا في 14 و19 ديسمبر 2021. من بين هذه اللزمات المصادق عليها بمراسيم، الصفقة التي كانت قد منحت في جوان 2021 للمجمع الفرنسي-المغربي ENGIE- NAREVA لتركيز محطة فوطوضوئية بقدرة جملية تساوي 100 ميغاوات بمنطقة سقدود التابعة لمعتمدية الرديف من ولاية قفصة.

ليس غياب التداول الديمقراطي الإشكال الوحيد في هذه اللزمة. فقد تمّ منح هؤلاء المستثمرين قرابة 400 هكتار من الأراضي الاشتراكية التابعة لمجال أولاد سيدي عبيد التي يشرف عليها مجلس التصرف حسب القانون المتعلق بالأراضي الاشتراكية الصادر سنة 1964 والمنقح في 2016، بعد أن تم ضمّها لملك الدولة في وقت سابق.

بذلك قامت الدولة التونسية بالاستيلاء على أراض محل نزاع لم تُسوّ وضعيتها بعد، مستغلة ضبابية الرؤية بخصوص هذا الصنف من الأراضي لتتيح استغلالها للمستثمرين الأجانب، مع استثنائهم حسب نصّ المرسوم من ضوابط قانون حماية الأراضي الفلاحيّة. ويأتي ذلك بعنوان التسريع في إنجاز المخطط الشمسي التونسي والاستجابة لما تمليه المؤسسات المالية العالمية وبالخصوص البنك الدولي، على عكس ما يدّعيه الخطاب الرسمي في الفترة الأخيرة من شعارات سياديّة.

مجلس التصرف في الأراضي الاشتراكية لأولاد سيدي عبيد لم يبقَ مكتوف الأيدي أمام ما يحصل من ممارسات قسرية لأراضيه وهو بحاجة إلى مزيد الدعم والتضامن في هذه المعركة، على غرار اللقاء الذي جمعه بمجموعة العمل من أجل ديمقراطية الطاقة في مارس 2022، الذي ساهم في فضح سراب ما تسوّق له الحكومة حول آفاق التشغيل وجدوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وما يمكن أن تدرّه من عوائد على الأهالي والمنطقة ككل. فالقدرة التشغيلية لمشاريع الطاقات المتجددة محدودة مقارنة بقطاعات أخرى، إذ تقتصر على بعض الخدمات المصاحبة كالحراسة أو التنظيف، علاوة على أشغال الصيانة التي ستقوم بها شركات متخصصة أغلبها غير موجود حاليا في الجهة. وهذا التسويق من طرف السلطة هو جزء من الخطاب النيوليبرالي للمؤسسات المالية العالمية الهادفة لاستغلال ثروات شعوب دول الجنوب لصالح الشركات متعددة الجنسيات لدول الشمال.

إنّ سقدود تمثل مثالا حيّا للاستيلاء الأخضر على لأراضي على شاكلة ما كان يقوم به المستعمر الفرنسي لتسهيل توطين المستعمرين على الأراضي الخصبة والمدرّة للربح الوفير. هذه الممارسات القديمة تستعيدها الدولة اليوم عبر مسؤولين متذيّلين للاستعمار الجديد وهذا ما يجعل مقاومة مثل هذه المشاريع هي السبيل راهنا أمام مجالس التصرف في الأراضي الاشتراكية بالجنوب التونسي (وبالوسط أيضا) حتى تكون هناك تسوية حقيقية لوضعية هذا الصنف من الأراضي لصالح الأهالي وتساهم في التنمية محليا وجهويا.

شنني: الأذرع المحلية للسلطة في خدمة الرأسمال الأجنبي

القرية الأمازيغية بشنني الواقعة بمعتمدية تطاوين الجنوبية، مضمنة هي الأخرى بأجندات المستثمرين الأجانب فيما يسمى بـ”الطاقة الخضراء”. فهذه المنطقة تحتوي على مخزون من طاقة الرياح يمكن استغلاله لتوليد الكهرباء. وبما أنّ جلّ الأراضي الموجودة هي على ملكية الأهالي (ملكية خاصة)، فقد جنح المستثمر الإسباني الذي ينوي تركيز مشروع هناك، بمساعدة السلط المحلية والجهوية، إلى الانتفاع بالأراضي عبر عقود كراء مجحفة.

تحوّلت موافقة السلطة الجهوية إلى حجّة على الأهالي، تضغط عليهم لدفعهم لكراء أراضيهم رغم أنّ العديد منهم يرفضون ذلك، حتى أصبحتْ مقرات ممثلي الدولة بالمنطقة تشتغل كمكاتب للترويج للاستثمارات الأجنبية.

هذا الأسلوب في التعامل مع الأهالي يطرح أكثر من تساؤل حول طبيعة النظام الحاكم وتوجهاته بعد 25 جويلية 2021. فالخطاب الرئاسي يدعو للانخراط في مشروع الشركات الأهلية وتقديم كل الدعم لتسهيل استغلال الثروات محليا وجهويا من طرف الأهالي، في حين تتواصل نفس الممارسات القديمة في تسخير البلاد والعباد لرأس المال الأجنبي، بعيدا عن أية رقابة ديمقراطية، لتصبح السلطة في نهاية الأمر أداة طيّعة لتحقيق رغباته كما لو كان هو الحاكم الفعلي.

برج الصالحي، الذاكرة الحيّة للوجه المظلم للطاقات المتجددة”

اقتران “الانتقال الطاقي” و”الاستثمارات الخضراء” بأساليب سلطويّة ليس جديدًا. إذ يذكّر بما حدث في بداية السنوات الألفين في برج الصالحي. فمحطة الهوارية لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح لم تكن فقط أولى محطات الطاقات المتجددة المركزة بتونس (دون اعتبار المحطات المائية المركزة بالسدود)، بل كانت أيضا أول حلقة من حلقات انتزاع الأراضي من الأهالي لفائدة هذا النوع من المشاريع.

انطلق المشروع في مرحلته الأولى سنة 2000 بتركيب 32 مروحة في منطقة سيدي سالم (الهوارية) بقدرة تساوي تقريبا 11 ميغاوات. ثمّ تمّ التوسّع فيه في مرحلة ثانية سنة 2003 في منطقة هنشير غرمان، ثمّ في مرحلة ثالثة سنة 2009 في منطقة برج الصالحي.

شابت هذه المرحلة الثالثة العديد من التجاوزات التي حرمت الأهالي من حقوقها على مجمل الأراضي بالمنطقة. أوّلا عبر تحويل صبغة جزء كبير من الأراضي من “فلاحيّة” إلى “غابيّة”، لتسهيل التصرّف فيها من طرف الدولة ويبدأ فيها تركيز المشروع. وثانيا عبر إتاحة ما تبقّى من أراضٍ لدى المتساكنين إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز، في شكل عقود كراء مهينة أُجبر المتساكنون على الإذعان لها عبر أساليب الترهيب والتهديد، في سياق نظام بن علي السلطوي، وبتعلّة مشروع وطني سيحقّق الفائدة للمنطقة والبلاد ككلّ. استعرض تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية، الذي اقتبسنا منه عنوان الفقرة، هذه التجاوزات والهرسلة التي تعرّض لها مالكو الأراضي كي يوقّعوا على كراء أراضيهم بأثمان بخسة. وقد أضرّت الهوائيّات بصفة مباشرة بموارد الأهالي المتأتية من النشاط الزراعي والرعي، فضلا عن المضاعفات الصحّية المحتملة جراء قرب منازلهم من نواعير الهواء.

حرّرت الثورة أهالي برج الصالحي من سلطة الخوف. لكنّ احتجاجهم على المشروع بعد رحيل بن علي ونضالهم من أجل تسوية الوضعيّة ومراجعة عقود الكراء، قوبل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز بممارسات عقابيّة من قبيل تعمّد عدم القيام بالصيانة اللازمة للشبكة الكهربائية. أدّى هذا العقاب الجماعي إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرّر على منازل الأهالي “حتى يدفعوا ما تخلّد بذمتهم من فواتير”، وصولا إلى حرمان المشتركين الجدد من أبناء القرية من الكهرباء حتى يسدّد بقيّة أهالي القرية ما عليهم. لكنّ نضالهم في تنسيقيّة ضمّت إليهم بلديّة برج الصالحي بعد انتخاب مجلسها، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أثمر مسارا تفاوضيّا أدّى إلى اتفاق في مارس 2021.

ممارسات الإكراه والضغط والترهيب، التي حصلت قبل الثورة في برج الصالحي، تتكرّر اليوم مع أهالي مناطق أخرى، ولكن لفائدة المستثمرين الأجانب، دائما بعنوان إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة. ولعلّ ما يحصل في قابس من تنامي دور الوسطاء والسماسرة لشراء الأراضي أو كرائها نموذج إضافي على ذلك. فالوثائق المتحصل عليها من طرف الحركة الاجتماعية “stop pollution” بقابس تكشف عن قرابة 5000 هكتار سيتم استغلالها للطاقة الفوطوضوئية وطاقة الرياح بموافقة ضمنية من السلط المحلية والجهوية.

فإلى حد الآن، وعلى نقيض شعارات الخطاب الرئاسي، تمارس الدولة بأجهزتها دورا سلبيا إن لم نقل متواطئا لتسهيل نفاذ الرأسمال الأجنبي لثروات البلاد وتسوّق لخطاب مغالط حول الانتقال الطاقي ومجابهة آثار التغيرات المناخية وهي في حقيقة الأمر تساهم في تبييض شركات كبرى عالمية ملوثة وتتغافل عن تحميل الدول الغنية لمسؤولياتها حول الآثار العميقة لتغير المناخ ببلداننا. فعوض تقديم الدعم للفلاحين لمجابهة الجفاف أو العوارض الطبيعية القصوى كالفيضانات من خلال تسديد الدول الغنية لديونها البيئية المستحقة لصالح دول الجنوب، تقوم الدولة بإتباع وصفات المؤسسات المالية العالمية التي تتحكم فيها الدول الغنية وتساعدها على الاستيلاء على أراضي هؤلاء الفلاحين لتقترض منها بغاية خلق أسواق جديدة للشركات الكبرى لتزيد في مديونتها وتعميق أزمتها.

لقراءة المقال باللّغة الانكليزية


انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني