يُعلّق عمّال شركة إئتلاف رامكو – أتلاس آمالهم على البحث الذي أجرته سفارة بنغلادش بشأن قضيتهم، وهم مستمرّون في إضرابهم إلى حين إيجاد حلول. وكان عدد من عمّال الشركة الملزمة كنس وجمع ونقل النفايات في قضاءي المتن وكسروان ومدينة بيروت قد بدأوا الإضراب عن العمل منذ 27 نيسان، وتضاربت المعلومات حول أسباب الإضراب، فعزته الشركة إلى عدم قدرتها على دفع الرواتب بالدولار، فيما أحال بعض العمّال الأمر إلى مجموعة تراكمات منها ما يتصل بدوام العمل والرواتب، وأخرى بطريقة تعامل الشركة مع مطالبهم.
يذكر أنّ قضية العمّال خرجت إلى الرأي العام بعد تصعيد العمّال يوم الثلاثاء 12 أيار 2020 وتيرة تحركهم، فقاموا بمنع شاحنات الشركة من الخروج، فطلبت الشركة تدخل قوى مكافحة الشغب التي انتهت إلى فضّ الاعتصام مستخدمة الهراوات والقنابل المسيّلة للدموع، ونتج عنها جرح عشرات العمّال واعتقال أحدهم.
في الآونة الأخيرة، أجرت وزارة العمل كشفًا ميدانيًا على سكن العمّال وقابلتهم واستمعت إلى مطالبهم. وهكذا فعلت السفارة البنغالية في لبنان. وتوصلت الجهتان بشكل مبدئي إلى أنّ خلفيات الإحتجاج تعود إلى انخفاض قيمة الرواتب، وإلى عدم قدرة البعض منهم على السفر للعودة إلى بلادهم بسبب التعبئة العامّة.
بعض العمّال يتمسكون بالعمل ويخافون طلب الدولار خشية صرفهم
من خلال رسائل ينقلها العمّال إلى “المفكرة”، تبيّن أنّ الإحتجاجات تحمل أبعادًا مختلفة بحسب بعض الروايات المرسلة، مردّها تأخر دفع الأجور وانخفاض المستحقّات الشهرية وتراجع مستوى الخدمات الصحية والغذائية، إضافة إلى تجاهل الشركة مطالبهم مما دفعهم إلى التصعيد، فضلًا عن الإستعانة بقوى مكافحة الشغب لفضّ اعتصامهم واعتقال زميل لهم ممّا ترك شعورًا عاليًا بالإحباط في صفوف العديد منهم.
وهذا ما تظهره رسائلهم، حيث نستنتج بأنّ شعور الإحباط لدى عدد من العمّال دفعهم إلى عدم المطالبة بتسديد الرواتب بالدولار، مع ترجيح تخوفهم من أن يتم صرفهم من العمل. وتفيد المطالب المستجدّة التي ظهرت في الرسائل التي نقلها بعض عمّال رامكو أنّهم مستمرون بإضرابهم إلى حين تحقيق المطالب التالية:
أولا، العمل لـ 26 يومًا بشكل شهري، 4 أيام فرصة،
ثانيًا، دفع الرواتب بين 5 و10 الشهر كحد أقصى،
ثالثًا، أن تدفع الشركة ثمن تذاكر السفر عند أخذ الفرصة السنوية التي ينتهزها العمّال لزيارة عائلاتهم،
رابعًا، أن تغطي الشركة تكلفة الخدمات الصحّية للعمّال، إضافة إلى تحسين نوعية الطعام الذي تقدمه لهم. وكان قد نقل العمّال بأن الشركة لا تنوع الطعام وتقدم لهم الكثير من وجبات العدس لعدّة أيام في الأسبوع.
ويظهر تاليا خلو المطالب من مطلب الدفع بالدولار. وهذا ما أكّده لنا بعض عمّال الشّركة. وقد تمّ إعلامنا أن عدم تمسّكهم بهذا المطلب يعود إلى أنّ الشركة قامت بتسفير بعض العمّال الذين كانوا قد رفضوا تقاضي الرواتب بالليرة. وإذ تُنكر الشركة أنّها أرغمت أحداً على السفر بل تشدّد أنّ تسفيرهم جاء بناء على طلبهم، إلّا أنّ ذلك سبّب ذعراً في صفوف زملائهم مخافة من خسارة وظائفهم، حسبما ينقل أحد العمّال لـ “المفكرة”.
وتشير الرسائل الصادرة عن العمّال والتي وصلت إلى “المفكرة القانونيّة” إلى أنّ السبب وراء الإحتجاج لم يكن طلب الدولار إنّما التّمسك بالعمل بالدوام الذي ينص عليه العقد 26 يومًا في الشهر لتقاضي أجر كامل. فوفق هذه الرسائل، قامت الشركة مؤخرًا بتخفيض عدد أيام العمل الشهرية، وإعطاء العمّال رواتب قياسًا لعدد أيام العمل الفعلي. “فإذا اشتغل العامل 15 يومًا في الشهر، يتقاضى ما يوازي عدد هذه الأيام”. وهذا ما أكده أحد عمال الشركة للمفكرة مؤكدًا أنها تتأخر في دفع الرواتب إلى ما بعد منتصف كل شهر.
الشركة تلقي المسؤولية على الدولة وبلدية بيروت
كانت الشركة قد لفتت سابقًا إلى أنّ وزارة المال وبلدية بيروت قد توقفتا عن سداد مستحقاتها بالدولار، فتحول الدفع منذ تشرين الثاني 2019 إلى الليرة اللبنانية، وفقًا لسعر الصرف الرسمي 1500 ليرة. وفي وقت سابق، في 16 نيسان، أرسلت الشركة إلى رئيس الحكومة حسّان دياب كتابا طلبت فيه تسديد المستحقات المالية المتوجبة، مُشيرة إلى خطر يُداهم عمل الشركة وعمالها، لأسباب عدّة أبرزها عدم دفع مستحقات الشركة بالعملة الأجنبية كما هو منصوص عليه في العقدين مع بلدية بيروت والدولة اللبنانية، ولوّحت الشركة في كتابها إلى أنّ ذلك قد يدفعها إلى إيقاف جزء من أعمالها وصرف عمالها في حال لم تستجِبْ الحكومة لمطالبها.
وباتصالنا بمدير الشركة وليد بو سعد لاستيضاحه حول مسألة تخفيض أيام العمل، أكّد لنا أنّ ” الشركة تخفيض خفّضت الشركة نسبة تشغيل العمل بنسبة 60% لمدّة 7 أيام فقط بسبب تأخّر الدولة عن دفع المستحقات في أول آذار لكنها لم تمس برواتب العمّال. ومن ثمّ تمّ التوقّف لمدّة 5 أيام أخرى بسبب إقفال مطمر برج حمود. وعادت الشاحنات لنقل النفايات بعد معاودة فتحه”. يُضيف: “لاحقًا تراجع العمل لمدّة أسبوعين بسبب التعبئة العامة حيث انخفضت نسبة إنتاج النفايات، إضافة إلى أنّ قرار التعئبة العامّة كان لا يشمل، من ضمن الإستثناءات، أعمال لمّ النفايات، وقد عرّض ذلك شاحنات الشركة لمحاضر ضبط”. يؤكد في هذا الصدد، أنّ العمّال “اعتقدوا أنّ الشركة لا تريد تشغيلهم، خاصة وأنّها (الشركة) تُعطي العمّال بدلات على ساعات العمل الإضافية”. وبحسب قوله، فإنّ “رواتب بعض العمّال الأجانب تتخطى أحيانًا المليون ليرة بسبب ساعات العمل الإضافية”. ويلفت بو سعد إلى أنّ الشركة خصمت فقط من رواتب العمّال الذين أضربوا عن العمل بما يفوق سبعة أيام.
بو سعد الذي ينفي أي اتهامات تطال الشركة بانتهاكها حقوق العمّال، يؤكد أنّه لا يجد مبرّر لعدم عودة العمّال إلى العمل، علمًا أن التشغيل عاد إلى سابق عهده. ويذكر أنّ “الإضراب لم يلتزم به جميع العمّال، إذ أنّ هناك من لا يزال يخرج إلى العمل، بينما تحاول فرقة من العمّال إرغام زملائهم على الإضراب”.
سفارة بنغلادش ووزارة العمل ومطالب العمّال
من جهته، يلفت قنصل بنغلادش في لبنان عبدالله المأمون لـ “المفكرة القانونيّة” إلى أنّ السفارة تابعت موضوع عمّال رامكو، وأخذت بعين الإعتبار مطالبهم. وينقل بأنّه سيتم إعداد لائحة تتضمن المطالب والإقتراحات وإرسالها للشركة ليجري النقاش حول إمكانية إيجاد حلول. ويقترح المأمون من ضمن الحلول بأن ترفع الشركة الراتب بالليرة اللبنانية للعمّال.
بدورها، تؤكد المديرة العامة لوزارة العمل بالوكالة مارلين عطا الله، أنّ “مفتشي وزارة العمل كشفوا على المبنى وتأكدوا من سير العمل، ووقفوا عند مطالب العمّال”. وتلفت إلى أنّه “مبدئياً توصل مفتشو الوزارة إلى التأكيد على أنّ احتجاجات العمّال تتعلق بالرواتب وإشكالية اختلاف سعر صرف الليرة”. وتُضيف: “تبيّن أيضًا أنّ هناك عدداً من العمّال يُطالبون بالعودة إلى بلادهم، والأمر يصطدم بتسكير المطار”. وتشدد عطا الله على أنّ “الملف لا يزال قيد التحقيق، ويجري البحث في الحلول”.
مقال ذات صلة:
العمال الأجانب يثورون ضدّ “متعهّد الجمهورية”: سعر الصرف الرسمي أداة لتشريع العمل القسري وإغلاق المطار حجة لضمان استمراره