شعار مكافحة الفساد: سنتان من المُماطلة والمغالطة


2023-06-20    |   

شعار مكافحة الفساد: سنتان من المُماطلة والمغالطة

كثيرا ما يعتبر الانتقال الديموقراطيّ فترة “دمقرطة الفساد” بعد أن كان محتكَراً من العائلة الحاكمة زمن بن علي. وبعيدا عن التوصيف وما يثيره من إشكاليّات، فانّ الثّورة فتحت أبواب النقاش حول الفساد ومكافحته نتيجة توسّع رقعة الحريّات وفاعليّة العمل الجمعيّاتِي. ذلك أنَّ الموضوع حظي بالأولويّة المطلقة التي تُرجمت إلى ترسانة من القوانين وتحوّلت إلى أبرز عناوين الصّراع السّياسي. وقد أثمر ذلك وصول قيس سعيد إلى رئاسة الجمهوريّة الذي قدّم نفسه في ثوبِ البديل على “فساد الطبقة السياسيّة” مجسّداً للنّزاهة والاستقامة ونظافة اليد. 

لكن اللّافت أنّ خطاباته، فيما يتعلّق بمكافحة الفساد، ظلّت على المستوى النّظري فقط. والحقيقة أنّ النّظر في ملفات الفساد كان حبيس الصراع السياسيّ الذي يخوضه الرئيس. فالملاحظ هو انتقائيّة تستهدف المعارضين السياسيّين بالأساس مع عدم الاقتراب من الملفّات المعلّقة منذ سنواتٍ. كما أنّ تناول موضوع الفساد كان بسياسة الوعيد والزجر مع غياب أي معالجة لعمق المسألة .

لقد كان عزم سعيّد على القطع مع مكتسبات السنوات الماضية سبباً في تعثّر مسار مكافحة الفساد وتحوّله إلى مجرّد أداة في يد السلطة التنفيذيّة لضرب الخصوم السياسيّين. كما أنّ الأزمة السياسيّة عمّقت الإشكاليّة من خلال تدهور وضعيّة المبلّغين والمرسوم 54 الذي يحدّ من حريّة التعبير أهمّ مقوّمات نجاح مسار مكافحة الفساد.

استراتيجيّات المغالطة: الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد في قفص الاتّهام

عمد رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد منذ 25 جويلية 2021 إلى تصوير الفساد كجزءٍ كبير من الخطر الدّاهم الذي دفعه إلى اتّخاذ الإجراءات التي فصّلها أثناء كلمته الشّهيرة[1]. ولعلّ اللاّفت أنّ تطبيق هذه الرؤية، على عكس ما يعتقده الكثيرون، لم يكن اعتباطيّا. بل جاء ضمن مرحليّة بدأت بنسف مسارٍ كامل دام أكثر من عشر سنوات تُرجمت إلى اهتمام بمكافحة الفساد. وقد أدّى ذلك إلى مجموعة من المكاسب على المستوى التشريعي كقانون التصريح بالمكاسب وكذلك على المستوى المؤسساتي من خلال الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. لكنّ هذا المسار لم يخلُ من مطبّات، فقد تحوّلت “مكافحة الفساد” إلى مجرّد شعار أفرغ الصراع السياسيّ من محتواه.

لقد كان قيس سعيّد واعياً بأنّ الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد، وليدَةُ العشريّة التي يرفضها، هي من أهمّ المحطّات التي يفترض منطق الأشياء أن يعزّزها ويحاول أن يمرّ عبرها لمحاولة المضيّ قدماً في مكافحة الفساد. وهو أمر يرفضه سعيّد لأنّه يرفض التشاركيّة في أغلب المواضيع، خاصّة تلك التي تتعلّق بملفّات الفساد. هكذا، كانت أولى مراحل الحرب على الفساد – من وجهة نظر ساكن قرطاج – هي إغلاق الهيئة في 20 أوت 2021، أي بعد شهر تقريباً من إعلان “الخطر الدّاهم”. أمّا عن الوضعيّة القانونيّة للهيئة، فهي تختلف عن الهيئات الأخرى. فعلى عكس هيئة رقابة دستوريّة القوانين، لم يقع حلّ هيئة مكافحة الفساد بالأمر 117 بل أُغلقت مقرّاتها. ووُجّهت مجموعة من الاتّهامات لرئيسها شوقي الطبيب الذي وضع قيد الإقامة الجبريّة. بعد ذلك، أذِن الرّئيس بفتحها – استثنائيّاً –  ليصرّح وزراء حكومته بمكاسبهم. لكنّه بالمقابل، لم يجدِّد التصريح بمكاسبه بعد مضيّ ثلاث سنوات على تولّيه منصب رئيس الجمهورية، وفق الفصل 10 من القانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح. كما أنّه امتنع عن إصدار الأوامر التي تسمح بتطبيق القانون في علاقة بنشر التصاريح.

إنّ المتمعّن في الأمر، يدرك أنّ الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد تمثّل جزءًا ممّا اعتبره رئيسُ الجمهوريّة “منظومة فاسدَة” دامت لعشريّة كاملة. ومن هذا المنظور، يمكن أن نستنتج أنّ سعيّد يثبّت توجّهه الرّافض للوسطاء “بحجّة رغبته في التّواصل المباشر المتناغم مع الشّعب”[2] حتّى وإن كان ذلك في علاقة بمكافحة الفساد. فمرحلة إغلاق مقرّات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد هي بداية تصوّر فرديّ عن مكافحة الفساد يضع كلّ من اهتمّ أو انخرط في هذا المجال في قفص الاتّهامِ. وهو أيضاً إعلان عن عمليّة سطوٍ على الهيئة وتثبيت لمسارٍ جديدٍ يضرب عرض الحائط بأيّ نقاش قانونيّ. ههنا، يظهر انعدام الإرادة السياسيّة الفعليّة لمكافحة الفساد على عكس ما يدّعيه قيس سعيّد.

 منذ إغلاق مقرّات الهيئة وإصرار السّلطة على تجاهل الجانب القانونيّ الإجرائي والاجتماعيّ المتعلّق بوضعيّة موظّفي الهيئة، أصبح جليّا أنّ مكافحة الفساد باتت مجرّد شعارٍ حاضر بقوّة في خطابات قيس سعيّد يدغدغ مشاعر المناصرين من جهة ويطيح بمجموعةٍ من الضّمانات التي كانت تتوفّر للأطراف المتدخّلة في استراتيجيّات مكافحة الفساد.

الوشاية بدلَ التبليغ: المبلّغين عن الفساد ضحايا الترهيب

لم يكن الاشتغال على إرساء ثقافة مكافحة الفساد بالمهمّة السّهلة خاصّة في بلد ينخره الفساد في مختلف القطاعات منذ عقود طويلة. وقد ركّزت مختلف البرامج في هذا المجال على محاولة تغيير العقليّات من خلال الحثّ على التبليغ عن الفساد كواجب وطنيّ. فلمدّة سنوات كان التواصل مع الجانب الحكومي فيما يتعلّق بالتبليغ مرتبطاً في الأذهان بالوشايات التي تعزّزت في عقود ماضية في عهديْ بورقيبة وبن علي.

كان مسار إرساء ثقافة مكافحة الفساد، الممتدّ لأكثر من عشر سنواتٍ، رغم هناته، وسيلَةً لإرساء غطاء تشريعيّ لحماية المبلّغين عن الفساد من خلال قانون يتعلّق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين. لكن، بعد 25 جويلية، تدهورت الثّقة في مؤسّسات الدولة في ظلّ الضبابيّة والوضع السياسي المأزوم. والحقيقة أنّه لم يكن للمبلّغين عن الفساد وضعيّة مثاليّة قبل 25 جويلية. لكن، مع إغلاق مقرّات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفسَاد أصبحوا عرضة للابتزاز والمضايقات مع العِلم أنَّ العدِيد منهم لهم قرَارات حماية من الهيئة ذاتها. فساهم غلق الهيئة من دون تعويضها في تأزيم وضعيّات المبلّغين عن الفسَاد الذين تتمّ “هرسلتهم وتشتيتهم وهناك من تمّ قطع أرزاقهم وطردهم من العمل ورفع قضايا في المحاكم ضدّهم، مما تسبّب لهم في مشاكل اجتماعية عديدة”.[3]

هذه الوضعيّة المأزومة تزامنت مع موجة الاعتقالات التي مهدّت لعودة آليّات اشتغالِ المنظومات الاستبداديّة. ولعلّ من أبرزها ثقافة الوشاية التي عادت بقوّة مع إيقاف نشطاء سياسيّين[4] من خلال وشايات مجهولة المصدر ومتضاربة كان الهدف الأساسيّ منها هو تصفية المعارضة.

من خلال ما تقدّم، يمكن أن نفهم أنّ شعبويّة قيس سعيّد عملت على إخضاع القضاء، بغية تحويله إلى أداةٍ لضرب الخصوم السياسيّين بملفّات فارغة. فأمام تغوّل السلطة التنفيذيّة بات القضاة تحت الضغط والتهديد وفي حالة من الارتباك التي تنعدم معها الاستقلاليّة المطلوبة في مسار مكافحة الفساد.

من سلطة إلى وظيفة: أيّ استقلاليّة للقضاء في معركة مكافحة الفساد؟

لم يكن انتقال القضاء من سلطة إلى وظيفة مجرّد ترفٍ لغويّ في خطاب الرئيس ثمّ في دستوره، بل أشّر لعمليّة إخضاع القضاء للجهاز التنفيذي ممثّلا في رئاسة الجمهوريّة. فقد سعى سعيّد بداية إلى حلّ المجلس الأعلى للقضاء، الضّامن المؤسّساتي للاستقلاليّة. كما انتهت تهديداته الخطابيّة المتكرّرة بـمذبحة القضاة التي اتّهم فيها القضاة بالفساد رغم أنّ أغلبهم لم تتعلّق بهم ملفّات تأديبية وأنصفتهم المحكمة الإداريّة عبر قرارات إيقاف تنفيذ ضربت بها السلطة التنفيذية عرض الحائط. ههنا، يظهر استغلال قيس سعيّد، مرّة أخرى، لشعار مكافحة الفساد لتبرير توجّه سلطوي هدفه ضرب القضاء وترهيب من يرفض أوامر السّلطة التنفيذيّة.

تتطلّب مكافحة الفساد استقلاليّة تامّة للمرفق القضائيّ. لكنّ رئيس الجمهوريّة بوضعه يده على القضاء واعتباره وظيفة يؤكّد أنّه لا يعتبره هيكلا فاعلا ومستقلاّ في مسار مكافحة الفساد. ذلك أنّ هذه النظريّة تنبني أساساً على مغالطة قوامها الخلط بين الفساد والفاسدين. فقيس سعيّد يسعى في كلّ مرّة إلى ترسيخ مغالطة تقوم على التعميم على أطراف مجهولة يحرص في كلّ مرّة على عدم تسميتها ليزيد من ضبابيّة الموقف. كما أنّها وسيلة لإلقاء الفشل على الآخرين. فبالإضافة إلى وصم كلّ المعارضين بالفساد، لا يتعرّض الرّئيس إلى الاشكاليّات الهيكليّة المتراكمة منذ عقود والتي خلقت أرضيّة ملائمة للفساد. لا يقدّم الرّئيس حلولاً جذريّة للفساد، بل يتّخذه شعاراً لتشويه المعارضين ومزيد تركيز السلطة في يده. لذلك، يقدّم نفسه كالمتصدّي الأوّل للفساد في حين أنّ محاسبة الفاسدين وتحديدهم من مهامّ السّلطة القضائيّة.

ولم يكن سحب ملفّات الفساد من مجال السّلطة القضائيّة المستقلّة وتحويلها إلى أداة بيد السلطة التنفيذيّة مقتصرا على الخطاب والممارسة السياسيّة فقط، وإنّما تُرجِمَ تشريعيّاً عبر آليّة “الصّلح الجزائيّ”.

الصّلح الجزائي: رسكلة لقانون المصالحة وحماية للفاسدين؟

بدأ الحديث في تونس عن قانون المصالحة منذ مشروع القانون الذي اقترحه الباجي قايد السبسي سنة 2015 والذي يتعلّق بمن قاموا بمخالفات وجرائم اقتصاديّة وماليّة في فترات سابقة للثّورة التونسيّة. وبعد تحرّكات عديدة من منظّمات المجتمع المدني رافضة لهذا القانون، تحوّل في صيغةٍ جديدةٍ إلَى قانون المصالحة الاداريّة.

ورغم ادّعائه التفرّد بحلول خارج الصندوق، أصدر قيس سعيّد مرسوماً يتعلّق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته. نصّ المرسوم في فصله الثّاني[5] صراحة على استبدال المسار القضائي في مجالات واسعة باللّجنة الوطنيّة للصّلح الجزائيّ. وهو ما يعني، بطريقة أو بأخرى، تجاوز سلطة القضاة في علاقة بإصدار الأحكام أو تجاوزهم في حالة من صدر في شأنهم أحكام باتّة. لكنّ اللاّفت أنّ الصلح الجزائيّ في مجمله كان ذريعة للرّبط بين الجانب التنمويّ وبين أموال المعنيّين بالصّلح. من هذه الزّاوية، يمكن أن نعتبر أنّ قيس سعيّد لم يحد عن الخطّ المرسوم والفلسفة المتّبعة لمن سبقه في الحكم. فقد اعتبر أنّ أولويّة المسألة التنمويّة في الجهات تسمح له بأن يقرّر المصالحة مع العديد ممّن ارتكبوا مخالفات وجرائم. هذا فضلا عن غياب شروط الشفافيّة في عمليّة المصالحة وهي من نقاط الالتقاء مع مشروع قانون الباجي قايد السبسي

اعتبر رئيس الجمهوريّة أنّ عائدات الصلح الجزائيّ ستكون موظّفة للصالح العامّ ولإنجاز المشاريع. فهل نجح في ذلك؟ لا تبدو الإجابة عن هذا التساؤل صعبة لأنَّ الأمور لم تتغيّر بعد أكثر من سنة على إصدار المرسوم. ولعلّ من أبرز علامات الفشل هو إقالة مكرم بنمنا رئيس لجنة الصلح الجزائي المعيّن من طرف الرّئيس قبل سنة.

لقد أكّد رئيس الجمهوريّة أنّ الصلح الجزائيّ سيدرّ “آلاف المليارات”. وهو لا يعدو أن يكون مجرّد خطاب فضفاض غير قابل للتطبيق على أرض الواقع بأرقام مبالغ فيها حسب أغلب الخبراء. ولعلّ اللافت، هو غياب حراك مدني رافض للصلح الجزائي كما حصل في تحرّكات “مانيش مسامح” بين 2015 و2017. كما أنّ النقاش العام عموما لم يتطرّق كثيرا لنقد مشروع الصّلح الجزائي باستعمال حجج المصالحة مع الفاسدين. فالصّلح الجزائي – بقطع النّظر عن نسفه لمسار العدالة الانتقاليّة وهناته الكثيرة على مستوى الشكل – ليس سوى محاولة للتهرّب من المشاكل الاقتصاديّة التي يفترض بالماسك بالسلطة أن يواجهها بحلول عمليّة.

“تصعيد الحرب على الفساد”: وقود لإلهاب حماسة المريدين

يعتمد كل خطاب شعبويّ على ثقافة الحشود المتلقية[6]. هذا ما قام به قيس سعيّد عندما ركّز خطابه على الفساد. وذلك لعلمه بأنّ هذا الموضوع يجد آذانا صاغية خاصّة مع فشل نسبيّ لمسار العدالة الانتقاليّة واستفحال الفساد في السنوات الأخيرة على عكس توقّعات المواطنين الذين آمنوا بالتغيير مع رياح الثّورة.

تحوّل شعار مكافحة الفساد إلى سرديّة من أبرز آليّات اشتغال الخطاب الرّئاسيّ. فهي مطيّة لمحاولة الإمعان في الايهام بالتميّز عن خصومه والتموقع كبديل للتغيير. وقد وجد هذا الخطاب مقبوليّة لدى مناصري الرّئيس ممّا دفعه إلى المواصلة مع غياب تامّ لأيّ إجراءات حقيقيّة.

بعد أكثر من سنتين من “الإجراءات الاستثنائيّة”، ومع تدهور وضعيّات المبلّغين وتركيع القضاء لم يتجرّأ قيس سعيّد على العائلات الريعيّة المهيمنة على الاقتصاد والتي لم ينقص نفوذها ولم تمسّ مصالحها منذ 25 جويلية. وهو ما  يؤكّد أنّ “تصعيد الحرب على الفساد” – كما يتصّورها رئيس الجمهوريّة – لم تتقدّم فعليّا وانّما كانت مجرّد وسيلة لتضليل الرّأي العام.


[1] في الخطاب الذي ألقاه قيس سعيّد ليلة 25 جويلية، لم تكن الإشارة إلى الأزمة السياسيّة فقط بل أشار إلى “العبث بمقدّرات الدولة وبالأموال”.

[2]  ملاك الأكحل، شعبٌ شبح وشعْبوية من القمة: حالة قيس سعيد، مبادرة الإصلاح العربي، 23 مارس 2023.

[3] تصريح حاتم الرصايصي (مبلّغ عن الفساد) لإذاعة موزاييك أف أم بتاريخ 21 ماي 2022.

[4] تصريح يوسف الباجي (محامي الموقوفين) لجريدة الشّارع المغاربي بتاريخ 28 فيفري 2023.  

[5] الفصل الثاني من قانون الصلح الجزائي: “يهدف الصلح الجزائي إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتّب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة عنها تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أي جهة أخرى وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.”

[6]  Nadia Urbinati (Propos recueillis par Arthur Borriello et Anton Jäger), 06 décembre 2018, Le populisme au pouvoir, Esprit.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني