حسن ومنار شهيدا كفرا: رفيقا دربٍ من الطفولة إلى الاستشهاد


2024-03-01    |   

حسن ومنار شهيدا كفرا: رفيقا دربٍ من الطفولة إلى الاستشهاد
الزوجان حسن حمدان ومنار عبادي

جاء دور بلدة كفرا، قضاء بنت جبيل، في دفع حصتها من مواجهة العدوان الإسرائيلي على جزء كبير من جنوب لبنان، تزامنًا مع حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 تشرين الأول 2023. وخرج الصامدون في كفرا بعد نحو 5 أشهر على بدء العدوان يشيعون الزوجين الشهيدين حسن حمدان (73 عامًا) ومنار عبادي (63 عامًا) اللذين استشهدا في غارة إسرائيلية على منزلهما في البلدة في تاريخ 28 شباط الماضي، بينما لم تغادر طائرات الاستطلاع والمسيّرات المعادية قبة السماء.  

نزولًا عند رغبة البنات الثلاث للزوجين، واللواتي يسكنّ في بيروت، ترك حسن حمدان ومنار عبادي كفرا عندما توسّعت رقعة الاستهداف الإسرائيلي نحو تلال البلدة وإلى قلبها. ولكن المعتاد على خيرات أرض الجنوب، وتحصيل لقمة عيشه بعرق جبينه من ترابها، يصعُب عليه هجران بلدته لفترة طويلة. وعليه وضّب الزوجان حقيبتيهما، وعادا إلى البلدة من دون أن يخبرا ابنهما الذي رفض مع عائلته ترك رزقه والنزوح منها. 

ساعات قليلة على وصول الزوجين إلى منزلهما، وفيما كانا ما زالا يوضبان البيت ويتفقدان محيطه، استهدفهما الطيران الحربي الإسرائيلي بصاروخ، أنهى حياتهما في المكان الأحب على قلبيهما، كفرا، ولم يتمكّنا من المبيت في بيتهما حتى لليلة واحدة. رحل الزوجان، وهما أبناء العم، كبرا سوية، ترعرعا بين حقول البلدة وبساتينها، ولم يفترقا حتى في استشهادهما.    

يقول حسين عبادي، قريب حسن ومنار، إنّ أحدًا لم يعلم بعودة الزوجين إلى البلدة سوى شقيق منار. حتى أنّ ابنهما، الذي لم يغادر كفرا، لم يعلم بقدومهما، إلّا بعد استهداف المنزل واستشهاد والديه. “اتصلوا به وقالوا له بيت أهلك تدّمر، قال لهم اا بأس أهلي في بيروت، فأخبروه بعودتهما من دون علمه، وأنّ والدته اتصلت بشقيقها وطلبت منه سطل لبن من بقرته الحلوب، وأخبرته أنّها في طريقها إلى بيتها”، يروي حسين.

كان حسن حمدان كغالبية الجنوبيين، رجلًا مكافحًا عصاميًا وصبورًا، فلاحًا ابن فلاح، ويحبّ الأرض وكفرا التي دفعته لقمة العيش للنزوح عنها شابًا يسعى لتكوين أسرة. قضى وزوجته منار عمرهما يعملان في بيروت لتربية أربعة شباب وثلاث فتيات. ما إن كبر الأبناء والبنات وتزوج من تزوج من بينهم وهاجر من هاجر، حتى أقفل الزوجان محلّهما في العاصمة وعادا إلى مرتع الطفولة وأوائل الشباب. 

عمل حسن ومنار في الأرض وحقولها، زرعا التين والزيتون والقمح والسمّاق، وصار حسن يبيع المحاصيل على بسطة قرب البيت “كان يتسلى ويسترزق ويأمنو معيشتهم”، يضيف قريب الشهيدين، حسين عبادي.  

بغصة ولوعة نعى محمد عبادي، شقيقته “الحنونة” منار ، كما يتحدث عنها. يروي في اتصالٍ مع “المفكرة” أنّها هاتفته  قبل استشهادها بنحو ساعتين طالبة منه “سطل لبن”،  كونه يربّي الأبقار في البلدة “كانت منار كبيرتنا في العائلة، وكانت بمثابة والدتي الثانية كوني الأصغر بين الأشقاء، وكانت أم الجميع”.  

وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات نعى عبرها أبناء البلدة ومحيطها الزوجان مع صورة جميلة تجمعهما بكل الحب الذي رافق حياتهما إلى الشهادة. وكتبت هدى سويدان على صفحتها: “كان ثمن وقوفه (وقوف حسن) تحت طيات الشمس أن لا يرحل بموتة طبيعية، لا بد أن يختم حياته بطريقة تليق بصبره جراء وقوفه لأكثر من عشرين عاماً على مفرق الطريق العام المؤدي إلى كفرا”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في الحياة ، لبنان ، مقالات ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني