حرب “التيار الحرّ” ضدّ تحقيقات المرفأ (1): تحوير الذاكرة تمهيدا لضرب العدالة


2022-10-03    |   

حرب “التيار الحرّ” ضدّ تحقيقات المرفأ (1): تحوير الذاكرة تمهيدا لضرب العدالة

فور الانتهاء من الانتخابات النيابية، اختار التيار الوطنيّ الحرّ مقاربة مختلفة في قضية تفجير المرفأ. فبعدما كان حريصا على إعلان تمسّكه بحماية التحقيق فيها، بات خطابه يتمحور حول مظلومية توقيف مدير عام الجمارك “بدري ضاهر”. وقد بلغ هذا الخطاب أوجّه في الذكرى الثانية للتفجير في 4 آب 2022 ومن بعدها حيث طغت قضية الموقوفين عليها تماما، على نحو يهمش ذاكرة الضحايا تماما. وقد عبّر التيار عن ذلك من خلال انخراط عدد من نوابه وقياداته في اعتصامات أهالي الموقوفين، فضلا عن انخراط وزير العدل هنري خوري المحسوب عليه في ابتداع حلول تلبّي مطالبهم. ولم ينقضِ شهر من هذه الذكرى إلا وتبلورت أهداف واضحة لهذا الخطاب بلغت أوجّها مع بروز بدعة تعيين قاضٍ ثانٍ (القاضي الرديف) للنظر في الطلبات الملحّة ومنها طلبات الموقوفين بإخلاء سبيلهم. وعليه، ثمّة احتمال في حال السير بهذا التعيين بتجزئة الملفّ بين قاضيين: (1) قاضٍ للنظر في قضايا الموقوفين والأمور الملحّة و(2) قاضٍ للتحقيق في سائر جوانبها، علما أن تعريف الأمور الملحة مبهم وقابل للتوسع كما سنعرض تفصيليا في المقال. وهنا أيضا كشف خطاب التيار عن تراتبية للحقوق من خلال إعطاء الأولوية لحقوق الموقوفين التي لا يمكن أن تنتظر بفعل أوضاعهم الإنسانية، وحقوق الضحايا بالإنصاف والمجتمع بالعدالة والتي هي تحتمل الانتظار إلى زمن آخر. وقد عبّر العديد من قيادات التيار وبوضوح عن هذه التراتبية بقولهم أن “الظلم أخطر من القتل”، أو أنّه في حال استمرار توقيف هؤلاء فإنّ قضيتهم ستصبح أهم من قضية تفجير المرفأ. ومن اللافت أن خطاب التيّار خرج سريعا عن الحديث عن حقوق الموقوفين أو عن مظلومية طالت بعضهم في اتجاه التشكيك بأداء المحقق العدلي بيطار و”استنسابيّته” فضلا عن التشكيك بمرجعية القضاء “المسيس”. ولا نبالغ إذا قلنا أن هذا الخطاب يتلاقى في عمقه ومفاعيله مع خطاب ثنائي أمل- حزب الله إزاء التحقيق في جريمة المرفأ والذي أسهبنا في مناقشته وتوثيقه، وإن يبقى مختلفا عنه من حيث الكثافة ودرجة العنف الذي يرشح عنه.

ومن الجدير ذكره أن هذا الانزلاق في الأولويات والخطاب ليس جديدا بل نكاد نشهده بصورة منتظمة في مجمل الحالات التي قد تجد قوة سياسية مصالحها في تناقض مع حقوق الضحايا أو سير العدالة. وغالبا ما تكون الوصفة الفضلى التشكيك بآليات المحاسبة والقضاء والعمل على إبراز مظلومية المدعى عليهم في موازاة افتعال انقسامات ذات طابع فئوي وطائفي في مقاربة القضية، انقسامات تطغى على ذاكرة الضحايا وتكاد تطمسها تماما.

ولذلك، رأينا من الضروري هنا أيضا توثيق هذا الخطاب في تدرجه وأبعاده، بالنظر إلى خطورته، وتحليله، صونا لذاكرة ما فتئت تتهدّدها الزواريب الفئوية وما تكتنزه من جرافات هدم وطمس وتقسيم.

1- مظلومية الموقوفين تحجب ذاكرة الضحايا

كما سبق بيانه، بدأ التحول في خطاب التيار الوطني الحر مباشرة بعيْد الانتخابات، ليتجلّى بوضوح كليّ في الذكرى الثانية لتفجير 4 آب، في اتجاه تفعيل سردية مظلومية الموقوفين على نحو يحجب مأساة 4 آب بالكامل. أبرز الأدلة على ذلك هي التغريدة التي نشرها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في 5 آب وفحواها ”كل يوم سجن ظالم هو جريمة، الظلم أقسى من القتل؛ نحنا منعرف معنى الظلم، ونحنا ناس ما منترك ناسنا”. وقد أرفق بالتغريدة صورة حديثة له مع الموقوف بدري ضاهر. ويستشفّ من هذه التغريدة أنّ باسيل يعمل على توجيه جمهوره في هذه المناسبة في اتجاه التعاطف مع ضاهر الذي هو أحقّ بتضامنهم من ضحايا التفجير أو أحيائه المدمرة. وقد برّر باسيل دعوته بعبارة وضعها بصيغة الحكمة ومفادها “أن الظلم أقسى من القتل”، وهي عبارة خطابية يراد منها القول أنّ الظلم الذي يتعرض له بدري ضاهر أقسى من التفجير الذي قتل مئات الأشخاص، وهي عبارة مخادعة طالما أن الظلم درجات وأن القتل ينمّ عن أعلى درجاته، وبخاصة إذا طال مئات الأشخاص ومدينة كاملة. وقد عاد باسيل ليؤكّد موقفه في مؤتمرات صحفية لاحقة واصفا ضاهر بأنه “مخطوف” و”أسير” و”معتقل” في السجون اللبنانية مع مزيد من الإيجاءات لجهة تشابه وضعه بأوضاع الأسرى في السّجون الإسرائيلية، بما يدل على درجة المظلومية (مؤتمر صحافي 6 أيلول). وقد ترافقت هذه التغريدة مع مواقف عدة أطلقها نواب التيار من دون أن ينسى هؤلاء نشر صور لهم بدورهم مع مدير الجمارك. ومن أبرز هؤلاء النائب غسان عطالله الذي رأى في تغريدات عدّة أن “الموقوفين ظلماً بدن الحقيقة وبدن تبرئة إسمن”، وأنه ”بعد سنتين صار وقت نعرف نتيجة التحقيقات لمحاسبة المجرمين وانفك أَسر المظلومين يلي عم يدفعوا أثمان ما إلن فيها”. وقد ذهب عطالله إلى تسميتهم  “الموقوفين قسراً” في تلميح لتشابه وضعهم بوضع المخفيين قسرا. تعبير آخر تمّ استخدامه لإبراز مظلومية الموقوفين وفي مقدمتهم بدري ضاهر وهو “الاعتقال العشوائي” وهي عبارة استخدمها النائبان أسعد درغام وإدكار طرابلسي في تغريدات في ذكرى 4 آب. وقد ضخّم البعض هذه المظلومية بالتركيز على الأوضاع الصحية للموقوفين واحتمال موتهم بسبب التوقيف. وهذا ما سيستند إليه وزير العدل هنري خوري في كتابه المؤرخ في 5 أيلول لتبرير تعيين قاضٍ ثانٍ للنظر في طلبات الموقوفين، حيث أشار إلى دخول أحدهم المستشفى وتنامي معلومات إليه بتردّي الأوضاع الصحية لسائر الموقوفين. وقد أقر فيما بعد في تصريح للحرة أنه لم يستحصل بعد على أي دليل على المعلومات التي ذكرها في كتابه (مقابلة 12 أيلول). 

وقد تجسّد هذا المسعى في طمس الذاكرة بصورة مقززة، من خلال انخراط مناصري التيار الوطني الحر في دعم أهالي الموقوفين في مواجهة أهالي الضحايا المعتصمين أمام قصر العدل في 26 أيلول، ولم تخلُ هذه المواجهة من العنف الكلامي.  

بقي أن نذكر في السياق نفسه سلسلة التقارير التي أطلقتها قناة OTV العائدة للتيار، تحت عنوان “الاضطهاد”. وقد صممت هذه التقارير ليكون سلسلة من المرافعات المتواصلة (40 تقريرا إخباريا) ليس فقط لإثبات براءة ضاهر، إنّما أيضا لتلميع صورته كمدير عام للجمارك. وكان واضحا من خلال هذه التقارير أن التيار يعمل ليس فقط على الإفراج عنه وتبرئته، إنما على إعادته إلى منصبه السابق. 

2- قلب المسؤولية عن تعطيل التحقيق: القضاء يتدخل في السياسة ويعطل نفسه

من البيّن أن الثنائي أمل حزب الله هو الذي عطّل التحقيقات بفعل اعتداءات قياسية، بعدما اعتبر أن من شأن عمل طارق بيطار أن يتسبّب بكارثة وطنية. وهذا ما أعاد أمين عام حزب الله حسن نصرالله التذكير به في 4 آب لجهة أن التحقيق في قضية المرفأ سيبقى متوقّفا ما لم يتنحّ بيطار. ومن هنا، كان من اللافت بروز سردية مختلفة في خطاب التيار الوطني الحر، سردية تحجب تماما مسؤولية الثنائي عن التدخل في القضاء إلى درجة تعطيله لتدّعي بالمقابل وعلى العكس من ذلك تماما أن القضاء هو الذي يتدخل في السياسة وأنه هو الذي يعطل نفسه. وقد تمّ تركيب هذه السردية انطلاقا من اعتبارات عدة وبصورة تصاعدية وصلت إلى حدّ تعميم المسؤولية على القضاء برمته وتقويض مرجعيته.

السياسي لا يتدخل في القضاء، القضاء يتدخل في السياسة

أهم المواقف في هذا الخصوص صدر عن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عشيّة 4 آب، وتحديدا في 2 آب في برنامج “نهاركم سعيد” حيث أعلن عن قيامه بمبادرة لتمرير مرسوم التشكيلات القضائية في محكمة التمييز بعد أشهر من رفض وزير المالية يوسف خليل توقيعه، على نحو يسمح بإعادة انعقاد الهيئة العامة لهذه المحكمة وتاليا بإعادة سير التحقيق. وقد أفاد بو صعب أن هذه المبادرة تقوم على زيادة غرفة إضافية في محكمة التمييز بحيث تصبح هذه المحكمة مكونة من 11 غرفة بدل 10، ويصبح رؤساؤها مقسمين على النحو الآتي: 6 مسلمين و5 مسيحيين يضاف إليهم الرئيس الأول لمحكمة التمييز الذي هو مسيحي. وإذ استند بو صعب على مرسوم صدر في 2004 برفع عدد هذه الغرف إلى 11، أوضح أنّ هذه الزيادة ضرورية لتحقيق المناصفة الطائفية داخل الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وأن إجراءها استحقاق يتعين على مجلس القضاء الأعلى احترامه تحت طائلة اعتباره مسؤولا بالكامل عن تعطيل التحقيق. وقد خلص بو صعب للقول حرفيا أن “الكرة اليوم بملعب مجلس القضاء الأعلى والقرار اليوم بيد القضاء. وأن القضاء هو يعمل على تعطيل القضاء”.

ومن البيّن أن بو صعب نجح في إقناع وزير العدل بهذا التوجه، بحيث عمد هذا الأخير إلى استرداد المرسوم من وزير المالية لإدخال تعديلات عليه، ليُحيله إلى مجلس القضاء الأعلى لإجراء المقتضى. وما أن رفض هذا الأخير تعديل المرسوم في 6 أيلول، عاد بو صعب ليتحدّث في اليوم نفسه بمناسبة زيارته قصر بعبدا عن “ضرورة تحمّل المجلس الأعلى للقضاء ورئيسه القاضي سهيل عبود، مسؤولية عدم البتّ باتخاذ قرار في تشكيل هيئة محكمة التمييز كونه يؤدي الى عرقلة العديد من المواضيع والملفات والحلول”. وبعدما أوضح أن تمشية هذا المرسوم هو جزء من مبادرته لحلحلة ملفات كثيرة (وهذا ما سنعود إليه في سياق حديثنا عن التسوية)، لم ينسَ بو صعب أن يحمّل سهيل عبود عرقلة التسوية برمتها. وقد عاد بو صعب ليغرد متهما مجلس القضاء الأعلى بأنه مسيس برمته وبأنه قرر أن يضرب بعرض الحائط القوانين والمراسيم التي يفترض أنه المؤتمن الأساسي على احترامها. فبدل تطبيق المرسوم (2004)، والذي من شأنه أن يفتح باب الحل لإعادة العمل بالتحقيقات القضائية بملف مرفأ بيروت أصر على مخالفته، فلا أنصف أهالي الموقوفين ولا أهالي الضحايا”. 

وقد أثنى باسيل على هذه النظرية في مؤتمره الصحافي في 28 أيلول مع فارق أوحد وهو أنه حمّل عبود (وليس المجلس) مسؤولية عرقلة زيادة غرفة في محكمة التمييز (يرأسها قاضٍ مسلم) لإنجاز التعيينات في رئاسات محكمة التمييز. وإذ أوضح باسيل أن هناك قبولا سياسيا وطائفيا بزيادة عدد الغرف وتاليا عدد رؤساء الغرف المسلمين وأنه قبل وتنازل فقط لسير العدالة، استغرب أن يبقى رئيس المجلس عبّود متمسكا بالعرف معتبرا أنه بذلك يعمد إلى “قلب المعادلة: فبدل أن تتدخل السياسة في القضاء صار بعض القضاء يتدخل في السياسة”. وبذلك، بدا باسيل وكأنه لا يكتفي باستعادة التهمة التي غالبا ما تلصقها القوى السياسية بالقضاء لنقض مشروعيته (وهي أنه مسيس)، بل عمد إلى تطوير الحجة مصورا القضاء على أنه لاعب سياسي بمعنى أنه يتدخل في السياسة ويؤثر في توجهاتها. وقد اعتبر الشكوى الجزائية التي قدّمها عبّود ضدّ نائب من نواب التيار مارون شربل على خلفية اتهامه بالفساد دليلا آخر على تدخله في السياسة.  

وكانت المفكرة القانونية فنّدت إشكالات هذه المبادرة من زوايا عدة، يستشفّ منها بوضوح أنها تؤدي إلى تحويل مسؤولية تعطيل التشكيلات من الثنائي إلى القضاء من دون أن تضع حدّا له، بل أنها تؤدي إلى إنتاج مشاكل أكبر من المشكلة التي تهدف إلى حلّها. ولإدراك ذلك، نستعيد هنا أبرز ملاحظات “المفكرة” الآتية: (1) أن قانون تنظيم القضاء الأعلى يعتبر مشاريع التشكيلات نهائية وملزمة ويقيد صلاحية الوزراء والرؤساء في سياق توقيعهم على مرسوم إصدارها، وأن أي تسوية معاكسة إنما تؤدي إلى تطبيع مع ممارسات وضع اليد على القضاء واستتباعه، (2) إن مجمل مراسيم التشكيلات القضائية الصادرة بعد 2004 حددت عدد غرف محكمة التمييز ب 10 فقط وتم توقيعها من وزراء من حركة أمل، آخرهم وزير المالية السابق علي حسن خليل (2017). وهذا الأمر إنما يؤكد أن الغاية من زيادة عدد الغرف تدخل ضمن صراعات النفوذ وتحديداً سعي رئيس مجلس النواب إلى تعزيز وزنه داخل الهيئة العامة لمحكمة التمييز تمهيداً لفرض إرادته على القرارات الصادرة عنها وبخاصة في قضية المرفأ، (3) أن ثمة شغورا في ملاك القضاء العدلي يصل اليوم إلى نسبة 40% وهو شغور آخذ بالتزايد على ضوء تواتر استقالات القضاة. وعليه، يصعب في ظلّ هذا الشغور زيادة غرف وملاك محكمة التمييز، وإيجاد أشخاص مناسبين لهذه المراكز، (4) إن القول بزيادة غرفة يرأسها قاضٍ مسلم يدخلنا وفق منطق المبادرة نفسها في مساومة أخرى حول مذهب هذا القاضي واسمه. فهل يكون من المذهب الشيعي بما يعطي أغلبية عددية للشيعة في رئاسات هذه الغرف (3 شيعة مقابل 2 سنة ودرزي واحد) ويهدد بصدور فيتو هذه المرة عن رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي لأسباب طائفية أيضاً أم المذهب السني بما يهدد باستمرار وزير المالية على موقفه الرافض للتوقيع؟ وعلى فرض حسم هذه المسألة، هل يكون لمجلس القضاء الأعلى تحديد هويته بحرّية أم ندخل في مساومة أخرى حول اسم رئيس الغرفة الجديدة في اتجاه اختيار شخص يوالي السلطة السياسية المعطّلة تحت طائلة استمرارها في رفض توقيع المرسوم؟

انطلاقا من ذلك، من البيّن أن خطاب بو صعب- باسيل هو خطاب مخادع يصور تمسك مجلس القضاء الأعلى بصلاحيته وممانعته في إجراء تعديلات على التشكيلات تحت الضغط السياسيّ على أنّها تدخّل في السياسة، في حين أنّها بالحقيقة تمسّك من المجلس بصلاحياته المكرسة قانونا ومنها السهر على استقلالية القضاء وحسن سير المرفق القضائي كما سبق بيانه. فأن تحصل تسوية سياسية حول عدد الغرف في محكمة التمييز والتعامل معها على أنها مسألة تدخل ضمن صلاحية السلطة السياسية خلافا للواقع لا يلغي أبدا دور مجلس القضاء الأعلى الذي هو المسؤول الأساسي عن التشكيلات القضائية كما سبق بيانه. كما أن شكوى قاضٍ ضد نائب على خلفية اتهامه بالفساد تشكل حقا شخصيا وليس عملا سياسيا. وعليه، يبدو أن ما أسماه باسيل تدخل القضاء في السياسة لا يعدو كونه تبرما غير محق من العوائق التي يواجهها داخل مجلس القضاء الأعلى والتي تحول دون تحقيق ما يرى فيه مصلحة سياسية. وما كان ليعلن عن تبرمه غير المحق بهذه الطريقة العنيفة لو لم يؤمن في قرارة نفسه بتبعية القضاء للسياسي. فالتبرم بعنف إزاء أي ممانعة محقة، تكاد تكون خاصية كل سلطان حيال أي ممانعة محقة تصدر عن أحد أتباعه.

للسياسي أن يحاسب القاضي وصولا للحلول محلّه

بعدما وضع باسيل أن القضاء يتدخل في السياسة، اعتبر في مؤتمره الصحافي المنعقد في 28 أيلول أن تعطيل القضاء أو عجزه عن المحاسبة ناتج عن تراخٍ للقضاء رغم أن الرئيس عون “دعاهم … لأن يكون سقفهم الفولاذي فرفضوا لأنهم يريدون الرخاوة”. وقد بلغ قلب الحقائق أقصاه حين اعتبر أنهم “أوقفوا البحث عن الحقيقة في جريمة المرفأ” (يلحظ أنه استخدم صيغة الجمع تأكيدا على نيته بالتعميم). ويكمل باسيل في الاتجاه نفسه بعبارات شديدة الوضوح: “تأملنا ب 17 تشرين أن يتحرك القضاء فنام أكثر، تأملنا بانفجار المرفأ أن يستفيق ويتحرر من كلّ سطوة سياسية عليه” فإذا بمن هم في أعلى المراتب يتدخل في السياسة ويريد ملاحقة شربل مارون. فإذا تمّ رسم صورة القضاء على هذا الوجه وتحميله المسؤولية الكاملة عن فشله، أكمل باسيل: “نحن نواب الأمة واجبنا حماية أموال الناس وأنتم السلطة القضائية واجبكم إصدار القرارات والأحكام صرتم تصدرونها على الذي يطالبكم. قلنا لكم أن واجبكم أن تحاسبوا. وكونكم تتلكؤون فنحن واجبنا أن نحاسبكم وسنفعل”.

هكذا، وبفعل هذه البيانات الخطابية التي لا تصمد لحظة أمام واقع الحصانات على اختلافها والتدخلات الوحشية في القضاء، سواء في قضايا المصارف أو في قضية المرفأ أو في أي قضايا فساد، والتي لا مجال للتوسع فيها في هذا المكان، وصل باسيل إلى قلب الأدوار بصورة تامة بين السياسي والقضائي. فالقضائي هو الذي يتدخل في السياسة وليس العكس وعلى السياسي أن يحاسب القضاء وليس العكس. وهذا ما سيسمح لباسيل أن يمضي في توبيخ القضاء والضغط عليه، وصولا إلى اتّهام عبود بالفساد مع تسليمه أنه ليس فاسدا ماليا. وعليه، وبفعل ذلك، لا يبرئ باسيل نفسه وحلفاءه من التدخل في القضاء وحسب ولا يحرّر نفسه من فصل السلطات أو واجب احترام المرجعية القضائية وحسب، بل يحلّل لنفسه التعميم في تحقير القضاء والضغط عليه بهدف الوصول إلى غاياته.

وهذا الأمر يجد ما يؤكده في وقائع المؤتمر الصحافي لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المنعقد في 6 أيلول. فبعدما عمد إلى وصف توقيف بعض الموظفين (يقصد ضاهر) بأنه “توقيف ظالم واعتباطي لا بل خطف وصولا إلى وصفهم بالأسرى والمعتقلين في السجون اللبنانية”، أعلن أنه “أمر لا يمكن أن نقبله باستمراره. نحن سنقوم بتحريرهم بأي وسيلة ممكنة، مهما تطلّب الأمر سنحرّرهم من سجونهم، نتمنى أن يتم ذلك بالوسائل القضائية اللازمة”. وهذا القول إنما يعبر بشكل شديد البلاغة عن أن باسيل حرر نفسه من المرجعية القضائية ليجعل من نفسه المرجعية التي تحقق ما يراه عدالة بأي وسيلة ويتولى محاسبة القضاء الذي تنازل طوعا عن دوره.

وأكثر ما يستفزّ في كلام بو صعب وباسيل أنهما يخاطبان القضاء ويحمّلانه مسؤوليات جمّة متّهمين إياه بتعطيل نفسه أو بالنوم والرخاوة، في حين أن رصيد السلطة السياسية سواء في الحكومة أو البرلمان، هو كارثي. يكفي لهذه الغاية التذكير بأن المجلس النيابي أنجز موازنة عامة بالغة الرداءة بعد تأخير 9 أشهر وأنه فشل تماما عن إنجاز قوانين قطع الحساب وأنه لم ينجح بعد 3 سنوات من الانهيار لا في إقرار قانون كابيتال كونترول (مما هرب مليارات علما أن بو صعب مسؤول شخصيا عن ضياع أشهر عدة في “درسه” من دون درسه) ولا في رفع السرية المصرفية (مما يحدّ من محاسبة أعمال الفساد علما أن نائبا آخر من نواب التيار مسؤول شخصيا عن تفخيخ الاقتراحات المتصلة به) ولا في وضع قانون إعادة هيكلة المصارف (مما يمنع توزيعا عادلا للخسائر) ولا في إنهاء قانون استقلالية القضاء. كما يكفي التذكير أنه بعد كل هذه الفترة، فشلت السلطات العامة عن تحقيق التدقيق الجنائي. بل أكثر من ذلك، ما معنى أن يشدد بو صعب وباسيل وسائر نواب التيار الوطني الحر الذين يضغطون من أجل تعيين قاضٍ ثانٍ على دور مجلس القضاء الأعلى في إعادة التحقيق إلى مساره، من دون أن يكبّد أي منهم نفسه أيّ جهد لتمرير اقتراح القانون المقدم من كتل أخرى بتمكين بيطار من إكمال عمله رغم دعاوى الرد المقدمة ضده، وهو الحلّ الذي يبدو للمفكرة الأنسب والأكثر نجاعة في هذا الشأن؟ فكيف يمكن للسياسي (النائب) أن يتّهم القضائي بالنوم والتراخي في ظلّ تقصير فادح كهذا؟

تحميل بيطار مسؤولية تعطيل التحقيق 

الأمر الثالث الذي كان واضحا في خطاب التيار الوطني الحرّ المستجدّ ووزير العدل هو تحميل بيطار مسؤولية تعطيل التحقيق بفعل الاستراتيجية التي انتهجها والقرارات التي اتّخذها وذلك على غرار ما ذهب إليه الثنائي أمل حزب الله ومناصروهم.

وقد ذهب وزير العدل  خلال مقابلة أجراها مع صحيفة نداء الوطن في 25/6/2022[1] إلى حدّ لوم القاضي بيطار على خلفية تأخرّه في إصدار قراره الظنّي أو عدم الإجابة على التساؤلات السياسية المطروحة بشأن التحقيق. وهنا أيضا بدا خوري (وهو قاض سابق) كأنه يتجاهل أن القوى السياسية عمدت إلى تعطيل عمل بيطار ووضع عصي في دواليب التحقيق  طوال أشهر في إحدى أكبر القضايا الجنائية المطروحة. وبخلاف ما يفترض بوزير عدل أن يقوم به لجهة الدفاع عن استقلالية القضاء، فإنه بدا وكأنه يقرّ بمشروعية التساؤلات المطروحة من الجهات المعطلة وبواجب قاضي التحقيق أن يردّ عليها من دون انتظار قراره الظني. واللافت أن هذا الموقف يصدر عن الوزير نفسه الذي أحال القاضية غادة عون إلى التفتيش القضائي لخروجها عن مبدأ التحفظ في سياق الدفاع عن ملفاتها والإجابة على التساؤلات المطروحة بشأنها. فكأنه يطالب بيطار بأن يفعل ما يعتبره محرما على القاضي تحت طائلة تحميله مسؤولية بقاء التساؤلات من دون إجابة.

وقد أعقب تصريح الوزير خوري حملة إعلامية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي شارك فيها العديد من مسؤولي التيار الوطني الحرّ ونوابه وناشطيه لإبراز الظلم الذي لحق ببدري ضاهر. وفي حين أسند هؤلاء بداية مطلبهم إلى أن الإهمال على فرض حصوله هو مجرد جنحة لا يجوز أن يمتدّ التوقيف الاحتياطي بشأنه لسنتين (وصفوها ب 3 سنوات سجنية قبلما يصفونها ب 3 سنوات مع شطب نغعت سجنية)، فإنهم اعتبروا في مرحلة ثانية أن من الظلم إبقاءه موقوفا في ظلّ بقاء العديد من المشتبه فيهم الآخرين طلقاء بنتيجة تمنّعهم عن المثول أمام القضاء مثل زعيتر أو عدم تنفيذ مذكرات التوقيف بحقهم مثل خليل وفنيانوس أو تبعا لكونهم قضاة انطلاقا من “مقولة العدالة الكاملة أو اللاعدالة”. وقد بدا التيار الوطني الحرّ من خلال ذلك وكأنه بات يتكيّف مع وقف التحقيق في قضية المرفأ شرط الإفراج عن الموقوفين المحسوبين عليه، وعملياً شرط أن يستفيد أسوة بالآخرين من نظام تعطيل القضاء والإفلات من العقاب.

فيما بعد، انزلق خطاب التيار الوطني في اتجاه اعتبار ضاهر مخطوفا ومعتقلا عشوائيا وقسرا وأسيرا وما إلى ذلك من أوصاف يستشف منها عدم قانونية احتجازه وفق ما أسهبنا في تبيانه أعلاه، وكلها اتهامات مبطنة للقاضي بيطار وتشكيك بقراراته بإبقائه محتجزا. وقد بلغ التحامل أقصاه في مطالبة بيطار بإصدار قراره الظني من دون إبطاء مع علمهم التام بأنه ممنوع عن ذلك.

وقد ذهب بو صعب أبعد من ذلك في اتجاه الطعن بعدالة بيطار وتبرئه الثنائي من مسؤولية التعطيل. ففي معرض حديثه عن “الحقيقة الضائعة” في برنامج “نهاركم سعيد” عشية 4 آب (2 آب)، أفتى بو صعب بمظلوميّة بدري ضاهر، معلنا “أنّ الوزراء عندما رأوا أن القاضي أوقف اشخاصاً ظلماً تردّدوا في الاستجابة للاستدعاءات”.

3- عدم تعيين قاضٍ للموقوفين: مؤامرة ضدّ العدالة

تحت غطاء الشحن الخطابي لطمس الذاكرة وقلب المسؤوليات كما سبق بيانه، فوجئ الرأي العام بخبر مسرّب مفاده أن مجلس القضاء الأعلى وافق بالإجماع على طلب وزير العدل بتعيين محقّق عدلي ثانٍ في قضية المرفأ ل “معالجة الأمور الضرورية والملحة طيلة فترة تعذر قيام المحقق العدلي الأصيل بمهامه”، على أن يزود الوزير المجلس بثلاثة أسماء تمهيدا لاختيار أحدها. وقد استند هذا الطلب بشكل رئيسي على حقوق الموقوفين بإمكانية اللجوء إلى قاض للمطالبة بإطلاق سراحهم. 

ردا على ذلك، فنّدت المفكرة القانونية هذا المقترح، معتبرة أنه غير قانوني وأنه يؤدّي إلى نزع ملفّ من قاضٍ خلافا لإرادته وخارج الحالات التي ينص عليها القانون وعلى نحو يمسّ بمعايير استقلالية القضاء. كما أوضحت مخاطره وأهمها خطورة تحوّله إلى سابقة يمكن اللجوء إليها لعزل أيّ قاض لا نريده بعد تعطيله بمجموعة من طلبات الرد تماما كما حصل في قضية التحقيق في تفجير المرفأ. كما أوضحت أن هذه المهمة لن تقتصر على بتّ طلبات إخلاء السبيل، إنما ستشمل أيضا الدفوع الشكلية وأيّ أمر ملحّ آخر كما جاء صراحة في كتاب وزير العدل. وهي ستشمل إذا النظر في مذكرات التوقيف الغيابي مع احتمال تطورها لإصدار قرار ظنّي بحجة أنه من الملحّ إنهاء التحقيقات لارتباط حقوق الكثير من المتضررين بها، ومنها حقوق المضمونين في ذمة شركات التأمين (وهي حقوق غالبا ما استند إليها أمين عام حزب الله حسن نصرالله في خطاباته المتكررة للمطالبة بوجوب الكشف الفوري عن أسباب التفجير). وأخيرا، أكدت المفكرة أن ثمة حلولا تضمن حقوق الموقوفين من دون أن تقوض حقوق الضحايا وذويهم أو استقلالية القضاء، وهي حلول تشريعية تقوم على استصدار قانون يسمح للقاضي الجزائي بمواصلة عمله حتى ولو قدمت ضده طلبات ردّ، ما لم تمنعه المحكمة الناظرة في هذه الطلبات صراحة.

وفي الاتجاه نفسه، أصدر ائتلاف استقلال القضاء بتاريخ 7 أيلول بيانا اعتبر فيه أن تعيين قاض رديف هو بمثابة فتح زاروب لتهريب المدعى عليهم من العدالة. كما أكد نادي قضاة لبنان في بيانه الصادر في 9 أيلول 2022 وأيضا مجلس نقابة المحامين في بيروت في بيانه الصادر بتاريخ 10 أيلول 2022 عدم قانونية تعيين قاض ثانٍ. وقد ذهب النادي إلى حد القول بإجماع أهل القانون والقضاء في اعتباره كذلك. ويلحظ أنّ كلا من هذه المنظمات الثلاث أجمعت على مطالبة مجلس القضاء الأعلى بالتراجع عن موافقته المبدئية على تعيين قاض رديف لعدم قانونيته ولكونه يؤدّي عمليا إلى إنهاء التحقيق في قضية المرفأ، على اعتبار أن الرجوع عن الخطأ فضيلة (النادي).

وما زاد من خطورة هذه المسألة هو انحسار عدد القضاة المقترحة أسماؤهم في اسم واحد “القاضية سمرندا نصار” المعروفة بقربها من التيار الوطني الحرّ وبموقفها المعارض لقرارات بيطار بملاحقة رؤساء ووزراء وأمنيين والتي اعتبرتها عند صدورها مجرّد تكبير للحجر. وقد تمّ ذلك بعدما أكّد وزير العدل رفض سائر القضاة الذين قاربهم هذا التعيين، من دون أن يولي أيّ اهتمام لكل المواقف المندّدة بهذا التعيين أو الرافضة له. ومع طرح هذا الاسم الوحيد، تضاعفتْ مخاطر التعيين المرتقب وزادت مشروعية المخاوف من أن يكون القاضي المذكور مجرد قاضي مهمة، ينحصر دوره في تنفيذ مهمة محددة سياسيا ومسبقا.

ورغم كل ما تقدم، فإن الجواب على معارضة تعيين قاض ثان والحجج القانونية التي استندت إليها كان هو نفسه: اتهام الجهة المعارضة بالتسييس من دون الردّ على أيّ من حججها. أول الاتهامات بالتسييس جاءت على لسان وزير العدل الذي أوحى بداية أن ذوي الضحايا الذين قصدوا منزله إنما هم مدفوعون للقيام بذلك وأنهم أتوا بسيارات فخمة وأن مواقفهم غير بريئة (الجديد، 7 أيلول). وعند سؤاله عن موقف نادي قضاة لبنان على قناة الحرة، أجاب “أن بوصلة النادي غير صحيحة على الإطلاق ونادي القضاة يدخل في السياسة وأنا قلت لهم ذلك وما زالوا مصرين على الدخول بالسياسة” (12 أيلول).

لكن الاتهام الأخطر وجّه إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بعد رفضه وضع طلب الوزير على جدول أعمال المجلس. قناة LBC استخدمت عبارة “ذهول” لوصف الوضع وكأنما السير بهذا التعيين أمر عادي وطبيعي. الأخبار ذهبت أبعد من ذلك في اتجاه نشر رواية من داخل المجلس، لم يعرف من سربها إلا أن الصحيفة ذكرت مرات عدة كيف واجه القاضي حبيب مزهر القاضي سهيل عبود متهما إياه بالتسييس. واللافت أن هذه الوسائل تعاملت مع تعيين قاض رديف على أنه استحقاق طبيعي وأن أي تأخير له يسبب الذهول، في حين أن مجرد تقديم بدعة كهذه مذهلة بكل ما للكلمة من معنى. الكلام الأخطر جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده باسيل في 28 أيلول والذي اتهم فيه عبود بالتدخل في السياسة وبالفساد (غير المالي) كما توسّعنا في تبيانه أعلاه.

ولكن مهلا: هل أن ما فعله رئيس مجلس القضاء الأعلى مذهل لهذه الدرجة؟ هل فعلا يتعين عليه وضع أي طلب يرده على جدول أعمال المجلس حتى ولو كان واردا خلاف الأصول؟ ثم، أليس من المذهل أصلا أن بشارك حبيب مزهر في المداولات والقرار، رغم أنه كان أعلن أكثر من موقف مناوئ للتحقيق واستغلّ انتدابه للنظر في دعوى ردّ ضد رئيس محكمة ناظرة في ردّ بيطار، ليسطو على ملف ردّ هذا الأخير وصولا إلى تعطيل التحقيق لأكثر من شهر. وقد أثبتت محكمة استئناف بيروت في قرارها الصادر في 7/12/2021 الاستغلال المرتكب من مزهر آنذاك بقولها حرفيا: “يقتضي أولا الرجوع عن القرار الصادر بتاريخ 4/11/2021 عن الرئيس حبيب مزهر والمدون على محضر ضبط المحاكمة العائدة للملف الحاضر .. لصدوره عن مرحعٍ غير مكلّف للنظر بالملفّ المذكور مما يؤدّي إلى انعدام وجوده”. فهل يكون لمن سمّي من قبل الثنائي المناوئ للتحقيق في مجلس القضاء الأعلى ومن سارع لتحقيق رغبات هذا الثنائي في منع القاضي بيطار عن العمل لشهر كامل وبصورة غير قانونية، أي أحقية في المشاركة في تسمية بديل عنه في وقت تعطيله؟ ثم ماذا بشأن ثلاثة آخرين من أعضاء مجلس القضاء الأعلى؟ أليس من المذهل أن يوافقوا على تعيين قاضٍ رديف، ثمة إجماع على أنه غير قانوني؟ كلها أسئلة بقيت خارج النقاش لتصويب الأسهم إلى عبود وحده، علما أن موقف عبود هو الموقف الوحيد الذي يمكن الدفاع عنه على اعتبار أن “الرجوع عن الخطأ فضيلة”. 

هكذا، تمّ قلب الحقائق والمسؤوليات في المواقع المحددة أعلاه. ولعل أسوأ من ذلك هو أن ثمة ملامح ومعطيات تشير أن قلبها على هذا النحو لم يتمّ لخدمة غاية سياسية لفريق معين، إنما خدمة لغايات متعددة في إطار تسوية سياسية. وهذا ما سنحاول تبيانه في الجزء الثاني من المقال. 


[1] غادة حلاوي، وزير العدل لـ”نداء الوطن”: لمجلس القضاء دوره لكن الدور الأساس للتفتيش لحسن سير العدالة، نداء الوطن، 25/6/2022.

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، أحزاب سياسية ، استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، مجزرة المرفأ



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني