حديث مقلق عن ضغوط في قضايا منع السفر والإقامة الجبرية في تونس


2021-09-13    |   

حديث مقلق عن ضغوط في قضايا منع السفر والإقامة الجبرية في تونس

بتاريخ 10-09-2021، وخلال ندوة صحفية عقدتها مجموعة من هياكل القضاة التونسيين، تحدّثت  القاضية رفقة المباركي رئيسة اتحاد القضاة الإداريين للصحفيين الحاضرين عن ضغوطات تُسلّط على رئاسة المحكمة الإدارية التي تتعهد بنظر الطعون في قرارات تحجير السفر والوضع تحت الإقامة الجبرية[1] المتخذة خلال الأيام التالية ل 25 جويلية 2021. ودعتْ المباركي بالمناسبة إلى الكفّ عن ذلك واحترام استقلالية القضاء والالتزام بما سيصدر من أحكام. ويبدو هذا التصريح هاما بالنظر إلى أنّه يلفت النظر لما قد يؤدي له مسّ السلطة السياسية بالحقوق والحريّات من جرّ القضاء إلى مستقنع التوظيف السياسي.

 

قرارات الإقامة وتحاجير السفر: من شعارات لحملة على الفساد إلى عنوان أزمة

أيام قليلة بعد 25 جويلية 2021 تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد تفرّده بالسلطة السياسية، تتالتْ التسريبات والبلاغات التي تتحدث عن وضع شخصيّات عامّة منها قضاة ووزراء سابقين وشخصيات عامة رهن الإقامة الجبرية. كما تبيّن بعد توجه قضاة ومحامين وإطارات حكومية سامية ومسؤولين رياضيين وأصحاب أعمال للمعابر الحدودنية بغاية السفر خارج تونس أن رئاسة الجمهورية فرضتْ إجراء مراجعة حدودية على هؤلاء. إذ أنها ربطتْ الإذن لهم بمغادرة البلاد بتحصيل موافقة على ذلك منها وأنها منعت عددا منهم من ذلك دون أن تعلمهم مسبقا بقرارها أو تبين سببا له أو تبحث له عن سند قانوني.

اعتبر سعيّد تلك الإجراءات جزءاً من التدابير الاستثنائية التي أملتْها حالة الاستثناء التي أعلنها وأنها تهدف لمحاربة الفساد والتصدي له. كما أكد أكثر من مرة أنه لم يمنع السفر إلا على من يلاحقهم القضاء. في المقابل، تمسكت منظّمات حقوقية وشخصيات عامّة بأنّ ما كان من منع سفر خارج القانون ووضع تحت الإقامة الجبريّة بنصّ غير دستوريّ هو اعتداءٌ غير مبرّر على حقّ التنقّل، وقد أوضحوا أن بعض من شملتْهم تلك الإجراءات لم يُوجّه لهم أيّ اتهام من القضاء. كما نبهت هذه الأصوات إلى أن التعامل مع كلّ إطارات الدولة والشخصيات العامة على أنهم مشتبه فيهم وفاسدون إلى أن يثبت خلافه فيه اعتداء صارخ على قرينة البراءة.

وفي هذا الإطار الخلافي، شكّل تعهّد القضاء الإداري بنظر عشر قضايا رفعها عددٌ ممّن طالتْهم تلك الإجراءات مناسبةً لتبيان رأي قضاء المشروعية في الموضوع. كما بدا هذا التعهّد في ظلّ ما بات يُواجه سعيّد من تهم خروج عن القانون وتوجه للتفرّد بكل السلطات وفرض قيم دولة الأمر الواقع مناسبة لتبيُّن مدى استعداد القضاء لمواجهة سعيّد ومدى استعداد هذا الأخير لتقبّل سلطة القضاء بفرض حدود على حكمه أو ميله على العكس من ذلك لاستيلاد قضاء التعليمات.

 

أبطأت الأحكام  فطُرح السؤال

كما هي الحال في مثل تلك المنازعات، تقدّم المدعون بطلبات للرئيس الأول للمحكمة الإدارية بهدف إيقاف تنفيذ المقررات المنازع في شرعيتها إلى حين البتّ في أصل النزاع. وهنا أدّى ما هو مُتعارف عليه من بطء إجراءات التقاضي الإداريّ في القضايا الأصْليّة إلى تحوّل مطالب إيقاف التنفيذ التي كان يُفترض أن يصدر فيها القرار في أجل لا يتجاوز شهرا من تاريخ تقديمها إلى حدث قضائي ينتظر أن  يحسم مؤقّتا الجدل حول مشروعيّة الإجراءات المتّخذة وبالتالي إلى إثبات تهمة خرق القانون أو نفيها عن سلطة ما بعد 25 جويلية. وقد كان يتوقّع ألا يتأخّر صدور القرارات في قضايا إيقاف التنفيذ لصدور قرارات سابقة عن رئاسة المحكمة الإدارية اعتبرت الوضع تحت الإقامة الجبرية وتقييد حرية السفر مسّاً بالحقوق يفتقد المشروعية القانونية. لكن ما جدّ كان نقيض ذلك: فقد مضتْ المهلة القانونية (الشهر) من دون أن يصدر أيّ قرار في الموضوع. وقد عزّز هذا التأخّر الشكوك لجهة تعرّض الرئاسة لضغوط تمنع قيامها بذلك (وهو الأمر الذي أكدته المباركي). ويؤمل لكلّ ما ذُكر أن تبدّد رئاسة المحكمة الإدارية كلّ هذه الشكوك بقرارات تسرع في إصدارها، حفاظا على المكاسب التي تحقّقت خلال العشرية الفائته في مجال حماية الحق في التقاضي .

 

 

 

 

 

 

 

[1]   في مقال بعنوان   رفقة المباركي :المحكمة الادارية تتعرض لضغوطات عديدة  نشر بموقع جمهورية بتاريخ 10-09-2021  نقل عن رئيسة اتحاد القضاة الإداريين قولها ” ان المحكمة تنظر في 10 ملفات تهم الاقامة الجبرية مبينة انه لم يتم حد اليوم إصدار أي حكم أو قرار قضائي بخصوص هذه الملفات، سواء بتحجير السفر أو الإقامة الجبرية، مضيفة ان هذه الملفات « حساسة و أن رئيس المحكمة الإدارية يتعرض للعديد من الضغوطات”..

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، أجهزة أمنية ، محاكم إدارية ، سلطات إدارية ، تشريعات وقوانين ، حرية التنقل ، استقلال القضاء ، تونس



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني