تُصدِر المفكرة القانونية-تونس عددها الـ28، في سياق استثنائي، تُشكّله وقائع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المُحاصر منذ سنوات. لذلك خصَّصنا الملف القارّ لهذا العدد من أجل فَهم أبعاد ودلالات هذا العدوان، الذي يأخذ شكل إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني، وفَهم دوره المُستقبلي في إعادة توجيه التصوّرات والأحاسيس والسرديات والسياسات والأفكار. ومن خلال هذا الملّف -وغيره من المواد المنشورة منذ بداية العدوان- تُقدّر المفكرة أنّ 7 أكتوبر يشكّل زمنية مِفصلية، تَستدعي يَقظة نقدية وفكرية في فهم منظومات الهيمنة العالمية -ومثيلاتها المحلية- التي تؤسّس لانتهاك الحقوق و”تَتفِيه” القيَم الإنسانية. وتتطلّب، أكثر من أي وقت مضى، التزامًا بحق الشعوب في النفاذ إلى مختلف أصناف الحقوق. وعلى هذا الأساس نُقدّر أيضا أن الطريق إلى غزة، وكل القضايا الإنسانية المرتبطة بها، يستحقّ الذهاب في مسالك أكثر وضوحا في تعرية منظومة الهيمنة وآلياتها وخطاباتها التضليلية، والمُشاركة في إنتاج تضامنات إنسانية تطرح على نفسها مجابهات فكرية وسياسية عدة، من ضمنها:

-مُجابهة حالة العطالة التي أدخَلَتها قوى الهيمنة العالمية على القوانين الدولية وملحقاتها المؤسساتية، وتحريرها من “فيتو الأقوياء” الذي يَحرِم الشعوب المستضعفة والفقيرة من حقّها في النفاذ إلى العدالة. لأن إنفاذ الحقوق هو الحصانة الوحيدة للشعوب أمام كافة أشكال الانتهاكات.

-مُجابهة السرديات الكولونيالية-المُتجدّدة، التي تقرأ المذابح التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني بروح استعلائية مُشتقة من الأزمنة الاستعمارية. حيث تجري استعادة واسعة لسردية “صراع الحضارات” بصيغ تعبير مختلفة، من أجل نزع البعد الإنساني عن الوجود الفلسطيني. وتكمن خطورة هذه السردية في بُعدَيها التضليلي والتدميري. وهي تستحق سردية مضادة، تَسير في اتجاه أكثر أنسنَة، وعِمادها الاعتراف بتعميم الحق والعدالة.

-مُجابهة حالة التوظيف العكسي للعدوان، التي تسعَى إليها مختلف أنظمة الهيمنة المحلية، من خلال نزع الصلاحية عن منطق الحقوق الإنسانية ودورها في إدارة المجال العمومي، وذلك من أجل بسط مشاريع استبدادية تحت شعارات “سياديوية” خالية من أي مضامين سياسية واقتصادية مرتبطة بتغيير واقع المجتمعات المحلية، التي تعيش أوضاعًا يُميزها الاستلاب والهشاشة الاقتصادية والحرمان من النفاذ إلى الموارد والقرارات. 

للاطّلاع على العدد بصيغة PDF