الحاجّة لائقة سرحان تركت بيتًا مفتوحًا للناس وورودًا ستنبت في غيابها


2023-11-23    |   

الحاجّة لائقة سرحان تركت بيتًا مفتوحًا للناس وورودًا ستنبت في غيابها
الحاجة لائقة سرحان

“أنا عمري 80 سنة، شو هالشباب اللي عم تموت أغلى مني؟ الموت حق، وأنا ما بدي موت برّات بيتي”، هكذا كانت تردّ الحاجة لائقة سرحان على إصرار ابنتها رحمة فقيه عليها أن تترك كفركلا وتبقى في بيروت ريثما يهدأ الوضع. حاولت رحمة مرارًا وتكرارًا إقناع والدتها بالبقاء في بيروت، ونجحت في بداية العدوان الإسرائيلي على غزّة وما تلاه من اعتداءات إسرائيليّة على جنوب لبنان وتحديدًا القرى الحدوديّة، في إخراجها من القرية إلى بيتها في بيروت. ولكنّ الأمر لم يدم أكثر من أسبوع إذ لم تستطع الحاجة لائقة البقاء بعيدة عن منزلها. “كانت تطلب طوال الوقت أن تعود إلى بيتها في كفركلا، كانت تُردّد أنّها ليست أغلى ممَّن ذهبوا شُهداء، وليست أغلى من الشباب هي ابنة الثمانين” تقول ابنتها رحمة. وقبل شهر تقريبًا عادت والدتها إلى منزلها في كفركلا، وعادت إلى حياتها اليوميّة في القرية حيث اعتادت أن تبيت في منزل ابنتها الثانية (نداء محمود فقيه) القريب من بيتها. تستيقظ لتشرب معها القهوة ومن ثمّ تذهب إلى منزلها حيث تمضي نهارها.

يوم الثلاثاء الماضي، وبينما كانت والدتها وأختها تشربان القهوة سمعتا صوت قصف وبعدها مباشرة استهدفت قذيفة إسرائيلية المنزل ما أدّى إلى استشهاد والدتها وإصابة ابنة أختها آلاء القاسم (9 سنوات) إصابة بليغة لا تزال على إثرها في العناية المركّزة في مستشفى الرسول الأعظم.

ووريت الحاجة لائقة الثرى في اليوم نفسه الذي استشهدت فيه في مدافن بلدتها. وعلى الرغم من استمرار القصف الإسرائيلي أصرّ أقاربها وأصدقاؤها على توديعها.

ورود حديقتها لكلّ الناس

أحبّت الحاجة لائقة الناس بقدر ما أحبّت ورود حديقتها. وكانت كلّما تفتّحت تقطف باقات وتطلب من بناتها توزيعها على الجيران والأحباب. وكانت تتابع موسم الزيتون بنفسها، تتفقّد شجرات البستان وحبيباتها وتشرف على “حواش” الزيتون وعلى عصره حتّى أنّها كُرّمت قبل سنوات في القرية لعملها في الأرض. منذ وفاة زوجها محمود فقيه قبل 15 عامًا، كانت الحاجة لائقة تعيش في منزلها وحدها ولكنّها كانت محاطة بابنتيها وأحفادها السبعة، كما جيرانها الذين يصفونها بالكريمة المعطاءة. “دارها مفتوحة للناس. ولا يمكن أن يخرج أحد منها بيد فارغة، كانت تحتار ماذا تحوشّلنا وشو تعطينا، كانت حنونة جدًا، وكريمة ومحبّة” تقول جارتها. 

تصفها ابنتها رحمة بـ “صاحبة الواجب” التي لا تترك مناسبة إلّا وتشارك أهلها وجيرانها فيها “تزور الجيران بشكل دائم، تعود المرضى، تعزّي البعيد والقريب، وتفرح مع الجميع في الأفراح”.

ارتقت الحاجة لائقة شهيدة في منزلها “فدت أحفادها وجيرانها. فبعد قصف منزلها ترك عدد من الأهالي القرية، كما تركت أختي بيتها، الذي استهدف من جديد أمس (الأربعاء)” تقول ابنتها رحمة، مضيفة:”كلّنا سنشتاق لها، حتّى وردات الدار”.

وانضمّت الحاجة لائقة إلى 13 شهيدًا مدنيًا بينهم 3 صحافيين استشهدوا بسبب الاعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة على جنوب لبنان:

المصوّر الصحافي عصام عبد الله الذي استشهد في علما الشعب في قصف إسرائيلي استهدف موكبًا صحافيًا في 13 تشرين الأول وأصيب معه 6 صحافيين بعضهم إصاباتهم خطيرة ما زالوا يتعالجون منها.

الزوجان خليل علي وزباد العاكوم اللذين استشهدا في قذيفة إسرائيلية استهدفت منزلهما في شبعا في 14 تشرين الثاني.

الشاب حسين كوراني الذي استشهد في الأول من تشرين الثاني متأثرًا بجروح أصيب بها في استهداف مسيّرة إسرائيلية له وهو على دراجته النارية في 31 تشرين الأوّل في بلدة ياطر.

الراعيان أمجد المحمد (17 عامًا) وربيع الأحمد (30 عامًا) اللذين استشهدا في منطقة الوزاني، الأوّل بعد إصابته برصاصة في قلبه والثاني بطلقة في رأسه على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، وعثر على جثتيهما في الثاني من تشرين الثاني.

الفتيات ريماس وتالين وليان شور وجدّتهنّ سميرة أيوب اللواتي استشهدن في 6 تشرين الثاني الجاري في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهنّ بين بلدتي عيترون وعيناتا.

الصحافية في قناة الميادين فرح عمر والمصوّر ربيع معماري والمتعاون حسين عقيل الذي كان برفقتهما، والذين استشهدوا في غارة إسرائيلية استهدفتهم بشكل مباشر في طير حرفا.

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في الحياة ، لبنان ، مقالات ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني