عرفت جلسة محاكمة نشطاء "حراك الريف"[1] والصحافي حميد المهداوي[2] المعتقل على خلفية أحداث مدينة الحسيمة؛ المنعقدة بالقاعة رقم 8 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم الثلاثاء 03/10/2017 جدلا كبيرا بين هيئة الدفاع وبين المحكمة، بعد قرارها بالسماح لكاميرات التلفزة الوطنية بتصوير وقائع الجلسة[3].
إجراءات أمنية مشددة قبيل انطلاق موعد المحاكمة
خلال هذه الجلسة، تم منع الصحافيين وباقي زوار المحكمة من إدخال هواتفهم النقالة، بينما أكدت بعض أسر معتقلي "حراك الريف" أنها تعرضت للمنع من دخول أكثر من فردين إلى القاعة المذكورة، قبل أن يتدخل المسؤول القضائي لحل المشكل.
كاميرا الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تخلق الجدل
بمجرد انطلاق جلسة المحاكمة، انتفض المحامون بعدما انتبهوا لتواجد كاميرات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (الإعلام الرسمي)؛ وسجلوا احتجاجهم على تواجدها في القاعة.
وقال النقيب المحامي عبد الرحيم الجامعي: "هذه مناورة تمت خارج القاعة، وقرار لا نعرف من أصدره"، مضيفا: "الدفاع يرفض ذلك، ويعتبر أن قرار منح الإذن للإذاعة والتلفزة الوطنية لنقل وقائع الجلسة باطل ووجب التراجع عنه، وهو ليس سوى تأثير من النيابة العامة على سير العدالة".
وبعدما أوضح رئيس الجلسة بأن طلب التصوير قدم للهيئة طبقا للقانون، وقد وافقت عليه بعد أخذ رأي النيابة العامة التي لم تبدِ أي مانع، انتفض النقيب محمد زيان في القاعة مخاطبا النيابة العامة: "تريدون أن تظهروا من خلال نقل وتصوير الجلسة أن هؤلاء انفصاليون وخونة. لن أترككم تمررون هذا الخطاب المزور إلى الرأي العام الوطني عبر التلفاز". وأضاف: "إذا كان الأمر يتعلق بالسياسة والشعبوية فنحن ضدها. أما إن كان الأمر نقل وتوضيح ما يجري فنحن مع ذلك، على أن يتم منحنا نسخة من القرار مباشرة بعد الجلسة".
الصحافي المتهم يرفض تصوير محاكمته من طرف الإعلام الرسمي لأنه غير محايد
عبر الصحافي حميد المهداوي عن رفضه تصويره من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، خاصة بعد إدانتها من طرف الهاكا بفبركة فيديوهات الحراك[4] معتبرا أن تواجدها في القاعة محاولة للتأثير على الرأي العام من طرف جهة غير محايدة.
تصوير جلسات المحاكمة حق المجتمع في المعلومة وحق المتهم في احترام قرينة البراءة
هل من حق وسائل الإعلام أن تقوم بتغطية المحاكمات بالصوت والصورة للجمهور؟ هل منع الصحافة من تصوير المحاكمات يحد من حريتها ومن دورها تجاه المجتمع؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل موضوع نقاش تشهده حاليا الساحة الإعلامية والقانونية في المنطقة العربية خاصة حينما يتعلق الأمر بقضايا تحظى بتتبع الرأي العام. وفي الوقت الذي يتجه فيه القضاء في بعض البلدان الى إصدار أمر بمنع وسائل الإعلام من بث أو تسجيل أو إذاعة وقائع المحاكمات[5] ، نجد الوضعية معكوسة في محاكمات حراك الريف حيث سمحت هيئة المحكمة لوسائل الإعلام الوطنية بتغطية أطوار المحاكمات. لكن دفاع المتهمين هو من احتج على تواجد كاميرات التلفزيون بالقاعة، معتبرا أن التغطية الإعلامية الرسمية ستكون متحاملة وستسيء للمركز القانوني للمتهمين، وتسهم في تأليب الرأي العام ضدهم[6].
تصوير جلسات المحاكمة موقف القانون
بالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية، يلاحظ أنه تطرق للقضية حيث تسمح المادة 303 منه لرئيس الجلسة بعد استشارة النيابة العامة بالإذن باستعمال آلات التصوير، و ينبغي تقديم الطلب في الجلسة العلنية، والاستماع لمرافعة النيابة العامة وتلقي ملاحظات دفاع الأطراف وخاصة المتهم والمطالب بالحق المدني. كما أن تصوير الجلسة مقيد بعدة ضوابط أهمها ألا يشمل المتهم المعتقل أو المصفد إلا بإذنه وبعد موافقته بصريح نفس المادة بحيث لا يشمل التصوير المتهم وإن كان جائزا نشر أقواله فقط[7].