الأردن أمام الاستعراض الدوري الرابع في حقوق الإنسان: توصيات مدوّرة وتغييب للمجتمع المدني


2024-02-15    |   

الأردن أمام الاستعراض الدوري الرابع في حقوق الإنسان: توصيات مدوّرة وتغييب للمجتمع المدني
من موقع الأمم المتحدة

حققت الدورة الرابعة الأخيرة من المراجعة الدورية الشاملة في مجلس حقوق الإنسان زيادة كبيرة في عدد التوصيات المقدمة للأردن، متجاوزة تلك التي تم تلقيها خلال مراجعة عام 2018. وفي حين تشير هذه الطفرة إلى تدقيق دولي متزايد، فإنها تكشف أيضًا عن أنماط وتحديات معينة ضمن آليات الاستجابة للحكومة الأردنية. وفي كانون الثاني/يناير، تلقّى الأردن ما يقارب 290 توصية من 101 دولة خلال مناقشة الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. وكان قبل خلال المراجعة السابقة، 149 توصية من أصل 226 توصية. ولوحظ ثناء حكومات دول مختلفة على جهود الأردن وقدمت اقتراحات للتحسين لكن هذا لا يعبر بالضرورة عن تقدّم يذكر. فيما تراوحت التوصيات بين تعديلات تشريعية محددة وتغييرات سياسية أوسع نطاقا، مما يعكس الطبيعة متعددة الأوجه لشواغل حقوق الإنسان.

في كلتا الدورتين من الاستعراض الدوري الشامل التي خضع لها الأردن في مجلس حقوق الإنسان، استقبل العديد من التوصيات المتعلقة بملف التعذيب والمحاكمات العادلة والاحتجاز وبدائل التوقيف. تلك التوصيّات تشابهتْ إلى حدّ كبير فيما بينهما، ممّا يعكس اعتقادا لدى هذه الدول بأنّ الاستجابة الأردنية خلال السنوات الأربع وهي الفاصلة بين الاستعراضين، بطيئة ولا يوجد أي تقدم يذكر.

حظر التعذيب والمعاملة القاسية توصيات تتكرر من دورة إلى أخرى

حثّت إحدى التوصيّات الأردن في الاستعراض الدوري الثالث على إحالة قضايا التعذيب المزعوم من قبل مسؤولي الأمن إلى محاكم مدنية مستقلة. وكان ذلك واضحا على لسان ممثل دولة إيطاليا، الذي دعا الأردن صراحة إلى إحالة القضايا إلى محاكم خاصة وليست شرطية. ولوحظ أن ردّ الأردن لم يحظَ بالقبول. أما ظروف الاحتجاز، فقد قُدّمت بشأنها عدّة توصيات، بما في ذلك إلغاء قانون منع الجرائم لعام 1954، وضمان حقّ المحتجزين في الطعن القانوني في احتجازهم، ومنح المدّعين العامّين المدنيين الاختصاص القضائي في مزاعم إساءة المعاملة. وتمّت الإشارة إلى ردّ الأردن، ولكن لم يكن هناك دعم صريح للتوصيات.

فيما كانت توصيات الدورة الرابعة (2024) ذات التوصيات المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة، والمحاكمة العادلة والتحقيقات، وقضايا الاحتجاز، والتعذيب وسوء المعاملة والتي شملت بالتفصيل توفير التدريب الكافي للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والقضاة، بالإضافة إلى تجريم التعذيب والمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. ولوحظ ردّ الأردن من دون تأييد أو رفض صريح بالمعنى الأدق.

كما قدمت توصيات حول المحاكمة العادلة والتحقيقات لتعزيز ضمانات العدالة والتحقيق في ادّعاءات التعذيب، إلى جانب توفير تدريب متخصص للمدعين العامين في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي. ولوحظ ردّ الأردن، مع عدم وجود التزام واضح بالتنفيذ.

فيما يتعلق بقضايا الاحتجاز، تضمنت توصيات إلغاء قانون منع الجريمة، وإنهاء الاحتجاز الإداري، وتعديل القوانين لإعادة توجيه سلطة الاحتجاز إلى القضاء. ولوحظ أيضًا ردّ الأردن من دون دعم واضح لها.

تكرار التوصيات المتعلقة بإساءة المعاملة والعقوبات البديلة وغيرها، له أكثر من دلالة بالنسبة للمدافعة عن حقوق الإنسان المحامية هالة عاهد، التي صرحت للمفكرة: “ليس هناك تقدّم محرز على صعيد هذه الحقوق ليس فقط بالمقارنة مع المراجعة السابقة وإنما حتى سابقاتها مما يعني أن الانتهاكات مستمرّة ومنذ سنوات. كما يدلّل أن هناك ثباتا سلبيا للموقف الأردني من هذه التوصيات بتكرار رفض  قبولها،  مما يثير سؤالا مهمّا حول فاعلية آلية المراجعة الشاملة  وعدم قدرتها على الضغط على الأردن لإجراء تحسينات في مجال حقوق الإنسان أو حتى إقناعه بقبول التوصيات، ويدلّل على ضرورة إعادة النظر بمجمل الآلية”.

تقول الحكومة الأردنية أن التحديات التي تواجه تعزيز الحماية الاجتماعية ودعم برامج الرعاية اللاحقة سببها “محدودية التمويل” كما تضمّنه تقريرهم الوطني المقدم إلى الآلية الدولية في الاستعراض الأخير. وهي تعترف بالحاجة إلى بدائل لعقوبات الحبس والاحتجاز، مثل المراقبة الإلكترونية. ومع ذلك، لا تزال الإجراءات الملموسة لمواجهة هذه التحدّيات غير محدّدة.

المحامية عاهد، تنتقد الآلية الدولية من حيث غياب تطويرها  للتعامل مع إمكانية احترام الدول للمعايير الأساسية لحقوق الإنسان.   

تكشف المقارنة عن نمط متكرر، حيث يتلقى الأردن توصيات بشأن التعذيب والمحاكمة العادلة والاحتجاز في دورات الاستعراض الدوري الشامل المتعاقبة، ومع ذلك، تظلّ ردود الحكومة من دون تغيير إلى حد كبير، مع الإشارة إلى أن الأردن يكتفي في أغلب الحالات بأخذ العلم بالتوصيات من دون رفض أو تأييد صريح. يواجه الأردن تحديات في معالجة الالتزام بمعايير حقوق الإنسان، بما في ذلك القيود المالية والإصلاحات القانونية.

غياب التشاور مع المجتمع المدني

وقبل تقديم ردها في جنيف، أضاعت الحكومة فرصة التعامل مع منظمات المجتمع المدني في الأردن. وعلى الرغم من دعوات المجتمع المدني لمشاركة الدولة في مراجعة التوصيات “أملا بقبول الكثير منها”، إلا أن الرفض السريع من جانب الحكومة بالنسبة إلى 83 توصية خيّب آمال العديد من المنظمات. ما يعني فشلا في التشاور والشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني، وهو تعاون حيوي تشجعه الآلية الدولية ويظهر جليا بما تسميه بالتقرير الوطني للحكومات وليس تقرير الحكومة، بما يضمن مشاورات فعالة مع منظمات حقوق الإنسان. ويدعو الناشط نضال منصور الدولة بجميع هياكلها وإداراتها، إلى تطوير آليات مستدامة ومؤسسية للتعاون مع المجتمع المدني: “إذا لم يتم ذلك بشكل عاجل، فإن النقائص والثغرات ستظل قائمة، وسيستمر التعامل مع التقارير الوطنية كحلول للحظة الأخيرة، مما سيبقي الفجوة بين الحكومة والمجتمع المدني بعيدة عن التقارب”.

وعلى الرغم من وجود العديد من منظمات المجتمع المدني والتحالفات الشبابية التي كانت مشاركة في جلسة الأردن التي كانت بتاريخ 26 /1/2024 إلا أن مداخلاتها لم تنعكس بشكل كامل في استجابة الحكومة. ويبدو أن العديد من تقارير الظل التي قدمتها هذه المجموعات قد تمّ التغاضي عنها أو عدم استغلالها بالشكل الكافي، مما يشير إلى وجود فجوة في تسخير خبرات ورؤى المنظمات الشعبية.

وقد تلقى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في جنيف شهادات من 63 من أصحاب المصلحة، وهو أعلى رقم تمّ تسجيله على الإطلاق منذ بدء الأردن تقديم تقاريره إلى المراجعة الدورية الشاملة.

وتضمنت هذه الشهادات مصادر مختلفة: 36 من أصحاب المصلحة الأفراد، و21 من منظمات المجتمع المدني، و15 من وكالات أممية ودولية. ويتناقض هذا بشكل واضح مع المراجعة السابقة في عام 2018، حيث قدم 21 فردًا محليًا و27 مؤسسة أجنبية شهاداتهم. وفي المراجعة الثانية في عام 2013، كانت الأرقام أقل من ذلك، حيث لم يكن هناك سوى 6 أفراد محليين، و5 من مؤسسات أجنبية، وشهادة مؤسسية واحدة من الأردن.

وتمحورت التقارير التي تم تقديمها حول حقوق والحريات العامة، وعمل واستقلالية المجتمع المدني بشكل عام، والتجمعات السلمية وقانون الجمعيات المقيد لفرص المنظمات في الحصول على التمويل، والعدالة والتوقيف التعسفي وموضوعات مثل التثقيف الصحي والضمان الاجتماعي، وحقوق الفئات المهمشة وواقع المهاجرين واللاجئين.


في الرابط يمكن الوصول إلى مسودة تقرير الأردن ومسودة التقرير بعد اعتمادها:

https://uprmeetings.ohchr.org/Sessions/45/Jordan/Pages/default.aspx


في الرابط هنا يمكن الوصول إلى تقارير تجميع معلومات الأمم المتحدة وملخص معلومات أصحاب المصلحة:

OHCHR | Universal Periodic Review – Jordan

انشر المقال

متوفر من خلال:

منظمات دولية ، الحق في الحياة ، مقالات ، الأردن ، احتجاز وتعذيب



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني