إطلاق “صحافيون من أجل فلسطين” وحملة لتحريك شكوى في “الجنائية” ضدّ إسرائيل


2024-02-16    |   

إطلاق “صحافيون من أجل فلسطين” وحملة لتحريك شكوى في “الجنائية” ضدّ إسرائيل
المتحدثون في إطلاق تجمّع "فلسطينيون من أجل فلسطين"

شهدت قاعة “ملتقى السفير” في شارع الحمراء اليوم الجمعة حشدًا من الزملاء والزميلات الصحافيات اللواتي تلاقينَ على أهمية إبقاء القضية الفلسطينية حيّة في عمل الصحافيين في المنطقة العربية والعالم، معلنين عن خطوتهم الأولى في اتجاه ترسيخ هذه القضية كقضية أساسية في الصحافة العربية عبر إنشاء تجمّع “صحافيون من أجل فلسطين”. 

وبدأ التجمّع أولى خطواته بإطلاق حملة جمع تواقيع للصحافيين في لبنان والمنطقة العربية، لمطالبة المدّعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية بتحريك الشكوى المرفوعة أمامها منذ نيسان 2022، والمقدّمة من قبل الاتحاد الدولي للصحافيين ونقابة الصحافيين الفلسطينيين والمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين بالتعاون مع محامين بارزين من مكتبي المحاماة البريطانيين “بايند مانز” و”دوتي ستريت تشامبرز”، لمحاسبة إسرائيل على الاستهداف الممنهج للصحافيين الفلسطينيين نيابة عن أربعة ضحايا هم أحمد أبو حسين، ياسر مرتجى، معاذ عمارنة ونضال اشتية. والأربعة قُتلوا أو شوّهوا على أيدي القناصة الإسرائيليين أثناء تغطيتهم لتظاهرات في غزة، وكانوا جميعًا يرتدون سترات صحافة تحمل علامات واضحة وقت إطلاق النار عليهم. ولاحقًا ضُمّ إلى الشكوى ملف اغتيال الصحافية في “الجزيرة” شيرين أبو عاقلة وشهداء الصحافة في غزة وجنوب لبنان في العدوان الحالي. ويرافق حملة التوقيع تفويض من الموقّعين للتجمّع باستخدامها في الإجراءات القانونية أمام كافة الجهات الدولية، وفق ما جاء في عريضة التوقيع.

وقد بات واضحًا أنّ استهداف إسرائيل للصحافيين ممنهج، إذ بعد شهر من رفع الشكوى في نيسان 2022، اغتالت القوات الإسرائيلية في جنين شيرين أبو عاقلة التي كانت ترتدي سترة الصحافة وكانت تتواجد مع فريق “الجزيرة” الذي يرفع على سياراته شارة الصحافة. ومنذ السابع من أكتوبر، وخلال حرب الإبادة المتواصلة على غزة قتلت إسرائيل 126 صحافيًا في فلسطين و3 صحافيين في جنوب لبنان وأصابت العشرات بجروح وتشوّهات. وهذا العدد من الشهداء الصحافيين على أيدي الجيش الإسرائيلي سواء في غزة أو في لبنان في هذه الفترة الزمنية، غير مسبوق. ويؤكّد على أنّ العدو الإسرائيلي يخاف من الكلمة والصورة التي تفضح كلّ جرائمه، ويعمل دائمًا باتجاه طمس الحقائق وبالتالي يريد أن يرتكب جرائمه بالسر.

هذه هي الخلفية والدافع وراء إنشاء تجمّع “صحافيون من أجل فلسطين” ليكون عونًا لغزة في مصابها ويدًا للصحافيين الفلسطينيين الذين يناضلون باللحم الحي لإبراز حقيقة جرائم إسرائيل وارتكاباتها في غزة والأراضي المحتلة. وبحسب الزميلة في إذاعة صوت الشعب فاتن حموي وأشارت ينطلق التجمّع من ثلاثة أهداف: الأوّل دعم اللقاء والتعاون لكلّ الصحافيين المناصرين للقضية الفلسطينية أينما وجدوا. الثاني: تشكيل نواة ضغط لدعم المسارات الداعمة لحرية الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه. والثالث: دعم الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية. 

وأعلن نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر في كلمة عبر “زوم” يوم 26 شباط يومًا عالميًا للتضامن مع الصحافيين الفلسطينيين في وقفات أمام النقابات والاتحادات الصحافية والمؤسسات الإعلامية في أنحاء العالم. 

المشاركون يوقعون على العريضة

“نقطة في بحر ما تحتاجه غزة” 

الإطلاق كان برعاية وزير الإعلام زياد المكاري الذي قال في كلمة: “لا يموت الصحافيون عن طريق الخطأ اليوم أو بأضرار جانبية، بل عن سابق إصرار وترصّد. إنّ الصحافيين في فلسطين وكذلك في لبنان الثلاثة تمّ اغتيالهم، رُصدوا من دون حماية وعدالة مدنية وصمت مريب من منظمات دولية رغم الإشارات على دروعهم وخوذاتهم  وسياراتهم. إنّها استراتيجية الجيش الإسرائيلي من ضمن خططه في اسكات صوت الحقيقة”. وأشار إلى أنّه للمرة الأولى في التاريخ نرى في الحروب أنّ الإسرائيليين خاسرون في معركتهم الإعلامية وهو بفضل جهود الإعلاميين وكلماتهم وعدساتهم وتضحياتهم. ورأى أنّ إنشاء هذا التجمّع هو خطوة حقيقية “لنسير قدمًا نحو إنجازات لتغيير المعادلة، وخير دليل على ذلك أنّ الصورة التي كانت تبثّ من غزة ومن جنوب لبنان نحو العالم قد رصدت أحداثًا حقيقية ومهمة وغيّرت بالمعادلة شاء من شاء وأبى من أبى”. 

بدورها قالت الأكاديمية والباحثة حياة الحريري: “إننا كتجمع “صحافيون من أجل فلسطين” في لبنان اجتمعنا مع وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية زياد المكاري الذي بارك ودعم التحرّكات الإعلامية عامة، كذلك عضو اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي للصحافيين  علي يوسف الذي أبلغنا بالدعوى المقدّمة في نيسان الماضي إلى محكمة الجنايات الدولية ضدّ إسرائيل لاستهدافها المتعمّد والمستمر للصحافيين والتي انضمت لها تباعًا ملفات شهداء الإعلام في حرب العدوان على غزة وجنوب لبنان”. 

وقالت: “اليوم، كانت بداية الخطوة الأولى عبر هذا التحرّك بإطلاق حملة التواقيع في لبنان والعالم العربي. ونحن من على هذا المنبر، ندعو الجميع إلى الانضمام إلى الحملة بكافة أطيافهم وتنوّعهم الفكري وانتماءاتهم السياسية التي أعتقد أنّها لا تختلف على حب فلسطين، وبحكم العامل المهني بالدرجة الأولى، إن لم نتحدّث عن الجانب العاطفي والإنساني والانتماء للقضية الفلسطينية التي من المفترض أن تكون قضية الجميع. وبعد التواصل مع وسائل الإعلام العربية والصحافيين العرب، سننطلق مباشرة بعد المؤتمر نحو حملة التواقيع الإلكترونية التي ستتوزّع على الوسائل الإعلامية كما الصحافيين المستقلّين في مختلف الدول العربية”. 

الزميلة في محطة الميادين ملاك خالد ترى في حديث لـ “المفكرة” أنّ “التجمّع يشكل نقطة في بحر ما تحتاجه غزة، مع ذلك فإنّ فعل التضامن مطلوب. وعلى التجمّع أن يعمل بداية على كيفية التغطية خلال الحروب، وكيف نحمي أنفسنا كصحافيين، كيف نتراجع ومتى نكمل. وما هو المطلوب منّا في المواجهات. اليوم إسرائيل تدرك أهمية الكلمة لذا تقوم بقتلنا”. 

الزميلة بيسان طي من منظّمي اللقاء، أوضحت بدورها في حديث لـ “المفكرة” “التقينا مجموعة من الزملاء قبل أكثر من شهر ونصف الشهر، جمعنا هم فلسطين وما يجري في غزة،  لسنا راضيين بحالة العجز أمام المشهد الفلسطيني، اقترحنا القيام بأيّ تحرّك، على ألّا يقتصر على الدعم الإلكتروني. تناقشنا إلى أن توصلنا إلى صيغة هي حملة التواقيع”.

وتضيف: “لسنا مجموعة مقفلة على حالها، بل نتمنى ان نكون تيارًا واسعًا يضمّ كلّ من يريد العمل من أجل فلسطين، قضية فلسطين تجمعنا والهمّ الرئيسي أنه يجب العمل تحت عنوان أنّ العجز ليس قدرًا، هذا أوّل تحرك وسيتبعه تحرّكات أخرى، قررنا أن نطلّ بتحرّك، لا أن نناقش فقط ويضيع النقاش”.
وتتابع: “إطارنا الأوّل هو إطار عربي. نؤمن أن قضية فلسطين هي قضيتنا. نحن لا نساند أو نتضامن بل ندافع عن أنفسنا. أما الإطار الثاني فسيكون دوليًا. تواصلنا مع زملاء لنا من مصر، تونس، اليمن وموريتانيا، بدأنا الورشة بحملة توقيع في العالم العربي، ومن ثمّ ستكون دولية، بلغات كل الدول. وهذا تأكيد أنّ العالم لا يحكمه لغة واحدة وثقافة واحدة”.

مدير المكتب الإعلامي في سفارة فلسطين في لبنان وسام أبو زيد يقول لـ “المفكرة” إنّ “دولة الاحتلال  تقوم على التعمية على جرائمها منذ تأسيسها وحتى اليوم. وبالتالي ما يتعرّض له الجسم الإعلامي الفلسطيني في تغطيته للابادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من 5 شهور، يأتي في هذه المنهجية والعقيدة الصهيونية التي تعمل دائمًا باتجاه طمس كل الحقائق. تريد أن ترتكب جرائمها بالسر، لكن استطاع الصحافي  الفلسطيني أن يفضح هذه الجرائم”. ويشدد على أنّ كلّ عمل تضامني مع فلسطين يُشعر أبناء الشعب الفلسطيني أنّهم ليسوا وحدهم، وبأنهم ليسوا متروكين”. 

26 شباط يوم للتضامن مع الصحافيين الفلسطينيين

بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية بالاتحاد الدولي للصحافيين  علي يوسف إنّ “معركة الإعلام هي معركتنا، ونحن كاتحاد دولي للصحافيين، تقدّمنا بدعاوى للمحكمة الجنائية الدولية قبل استشهاد المراسلة شيرين أبو عاقلة، إثر ارتقاء شهداء وسقوط جرحى من الإعلام، وكان بعدها استشهاد شيرين من الملفات التي أضيفت إلى الدعاوى، لكن المحكمة كما جميع المؤسسات الدولية لا تسير بالدعاوى المقدّمة من قبل العرب بل تضعنا في آخر سلّم أولوياتها. من هنا كان القرار بتفعيل موازين القوى للحفاظ على حقوقنا عبر الضغط والتكاتف ونشر الحقائق للرأي العام والاستمرار في المقاومة الإعلامية والكلمة والصورة لما لها من تأثير كبير في عنصر قوّتنا”. 

ولفت إلى أنّ “مسؤوليتنا جميعًا تحتّم علينا المشاركة في عملية التوقيع على المستندات المقدمة من الصحافيين الذين تخطّوا كونهم “صحافيون من اجل فلسطين” إلى صحافيين من أجل مقاومة امتداد المشروع الصهيوني”، متمنّيًا المشاركة من أجل المزيد من الضغط على محكمة الجنايات الدولية للسير قدمًا بالدعوى “التي كان تمّ قبولها لكن لم يتمّ السير بها بعد بتأثير أميركي وغربي، كما حال كل المؤسسات الدولية”. 

وقد أقرّ في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحافيين أن يكون يوم 26 من كلّ شهر، تاريخًا دوريًا لوقفات وكلمات داخل المؤسسات الصحافية تتناول القضية الفلسطينية وذلك كخطوة تحرّك مبارك من أجل إيصال الحقيقة وبشعارات موحّدة قدر الإمكان.

وكانت مداخلة من الأراضي المحتلة عبر “زوم” لنقيب الإعلاميين الفلسطينيين ناصر أبو بكر قال فيها: “هذه الخطوة التي تعبّر عن نصرتكم للقضية وتشكل دعمًا وإسنادًا لنا وتقوّي موقفنا في مجابهة هذا الاحتلال المجرم”. وأضاف: “منذ بداية هذه الحرب العداونية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر وفي عموم الأراضي في القدس العاصمة وفي الضفة الغربية حيث يتعرّض شعبنا كله لحرب شاملة، سقط أكثر من مئة وعشرين شهيدًا إعلاميًا وعشرات الإصابات وهناك اكثر من 80 مؤسسة إعلامية دمّرت بالكامل، منها 22 إذاعة في قطاع غزة. كذلك شهدنا اختفاء لصحافيين اثنين منذ السابع من أكتوبر حتى الآن وتطول بعدها قافلة الشهداء من عائلات الصحافيين الذين ارتقوا انتقامًا من الصحافيين على عملهم ورسائلهم المهنية الوطنية تجاه الشعب الفلسطيني المقاوم”. 

وأكد أبو بكر “نحن نتعرّض لحرب إبادة شاملة وجرائم حرب متواصلة يوميًا من قبل الاحتلال، لكن نعاهدكم أن نبقى مستمرّين بالتغطية، ننقل حقيقة الجرائم الصهيونية ونزيد إصرارًا وتحدّيًا لحقيقة ما يتعرّض له شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بالتحديد وعموم الأراضي الفلسطينية”. 

وأردف: “بدعمكم نحن ماضون بالإجراءات القانونية لمحاكمة القتلة وعدم إفلاتهم من العقاب، وسننظّم يوم 26 شباط/ فبراير يومًا عالميًا للتضامن مع الصحافيين الفلسطينيين في وقفات أمام النقابات والاتحادات الصحافية والمؤسسات الإعلامية في أنحاء العالم، ونحن والاتحاد الدولي للصحافيين نأمل مشاركتكم ومساندتكم دائمًا ليعم ذلك في عموم المؤسّسات الإعلامية اللبنانية”. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

منظمات دولية ، حرية التعبير ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، فلسطين



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني