إسرائيل قتلت عصام عبدالله: خلاصة تحقيقات 4 مؤسّسات حقوقية وإعلامية


2023-12-07    |   

إسرائيل قتلت عصام عبدالله: خلاصة تحقيقات 4 مؤسّسات حقوقية وإعلامية
صورة مركّبة لعصام مع كاميرته يوم الاستهداف في 13 ت1 وكاميرا عصام ملطّخة بدمائه

“إسرائيل قتلت عصام عبدالله” هي خلاصة أربعة تحقيقات صدرت نتائجها اليوم الخميس 7 كانون الأول عن منظمتي “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش“، ووكالتي رويترز والصحافة الفرنسية أ ف ب، وهي نفسها هي الخلاصة التي سبق أن رفعها زملاؤه وزميلاته الذين أصيبوا معه والشهود الذين كانوا في موقع الاستهداف في 13 تشرين الأول على تلّة قرب علما الشعب.

وأعلنت المؤسسات الأربعة نتائج تحقيقاتها في جريمة استهداف الفرق الإعلامية في علما الشعب يوم 13 تشرين أول 2023، التي استشهد فيها المصوّر الصحافي مع “رويترز” عصام عبدالله، وأصيب فيها الزميلات والزملاء كريستينا عاصي وديلان كولينز من “أ ف ب” وإيلي براخيا وكارمن جوخدار من “الجزيرة” وماهر نزيه وثائر السوداني من “رويترز”، في مؤتمر صحافي مشترك في المقرّ السابق لجريدة “السفير” في بيروت.

وأشار تحقيقا “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” إلى أنّه كان من الواضح أنّ المجموعة التي كانت متمركزة عند التلة القريبة من علما الشعب في ذلك الوقت كانت مجموعة من الصحافيين، وأن الجيش الإسرائيلي “كان يعلم أو كان ينبغي أن يعلم” أنّهم مدنيون، لكنّه هاجمهم على أي حال في غارتين منفصلتين بفارق 37 ثانية. وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنّ الهجوم في علما الشعب هو “هجوم متعمّد مفترض ضد مدنيِّين، وبالتالي جريمة حرب”. فيما قالت العفو الدولية إنّه “يرجّح أن يكون هجومًا مباشرًا على مدنيين يجب التحقيق فيه كجريمة حرب”.

وكشفت التحقيقات الأربعة أنّ الهجوم كان مزدوجًا بفارق زمني ضئيل (37 ثانية)، وأنّ الذخيرة التي استهدفت الصحافيين وقتلت عصام عبدالله إسرائيليّة. وحددت تحقيقات “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” أنّ الهجوم أتى من المواقع الإسرائيلية الكاشفة للحدود ولمكان تجمّع الصحافيين الذين كان من السهل رصدهم وتمييزهم عبر أبراج المراقبة المنتشرة، وأنّه تمّ رصدهم ومراقبتهم من خلال مسيّرة ومروحية أباتشي إسرائيلية، ما يدعم فرضية الاستهداف المتعمّد لهم كمدنيين والذي يعتبر جريمة حرب.

وقد استندت التحقيقات المنفصلة الأربعة إلى عشرات الصور وساعات من مقاطع فيديو بما يشمل تسجيلات صوتية، توثّق ما قبل الهجوم وخلاله وما بعده سواء التقطها الصحافيون أنفسهم في المكان، أو زملاؤهم في المواقع القريبة، إضافة إلى صور أقمار صناعية عالية الدقة. وكذلك حلّلت التحقيقات شظايا أسلحة، وأجرت مقابلات مع خبراء عسكريين وخبراء في تحليل الصور والصوت، وعدد من الشهود، بعضهم من الصحافيين المصابين والناجين.

وقالت “رويترز” إنّها قابلت بالفعل مسؤولين أمنيين رسميين، وإذ لم ترد قوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان  – اليونيفيل على أسئلة منظمة العفو الدولية، قالت “هيومن رايتس ووتش” إنّها قابلت ممثلًا من اليونيفيل.

وبدا لافتًا ما ذكرته “هيومن رايتس” و”العفو” عن رفض الجيش اللبناني التعاون مع التحقيقات من خلال عدم الرد على أي أسئلة وجهتها المنظمتان لا سيّما بشأن التقييم الفني الذي أجراه في موقع الهجوم. ويستمر الجيش اللبناني برفض مشاركة نتائج التقييم الفني مع أي من الأطراف التي رفعت طلبات إليه بهذا الخصوص.  

وكان تحقيق أوّلي لـ مراسلون بلا حدود صدر قبل أكثر من شهر أكد أنّ مقتل عبد الله حصل نتيجة ضربة “مستهدفة” من ناحية مواقع الجيش الإسرائيلي.

وتدعم نتائج التحقيقات في جريمة علما الشعب الجهود التي يقودها تجمّع نقابة الصحافة البديلة باتجاه تحقيق أممي مستقلّ باستهداف الصحافيين في جنوب لبنان واستشهاد الزملاء الثلاثة عصام عبدالله وفرح عمر وربيع معماري. وستضمّن “النقابة البديلة” نتائج هذه التحقيقات في المراسلات التي سترفعها قريبًا إلى المديرة العامة لليونسكو والمفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة للمطالبة بهذا التحقيق.

وقد استهدفت إسرائيل صحافيين في الجنوب اللبناني 7 مرّات منذ 8 تشرين الأوّل، في مروحين وعلما الشعب وحولا طيرحرفا ويارون والخيام. وأشار تقريرا “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” في الخلفية إلى مقتل الصحافية فرح عمر والمصوّر الصحافي ربيع معماري والمرشد المحلي حسين عقيل، من فريق قناة “الميادين” في 21 تشرين الثاني، حيث نقلت الأولى عن لجنة حماية الصحافيين أنّ الثلاثة قتلوا في غارات إسرائيلية، أما “العفو” فأشارت إلى أنّهم قتلوا في “غارة” على طيرحرفا.

من المؤتمر الصحافي لإعلان نتائج التحقيقات
كاميرا عصام الدامية ثُبتت في مدخل المؤتمر

هجوم مزدوج وقذيفة إسرائيلية قتلت عصام وبترت ساق كريستين

حددت “هيومن رايتس ووتش” أنّ ذخيرة واحدة على الأقل انطلقت يوم 13 تشرين الأوّل من مدفع دبابة إسرائيلية متمركزة في موقع على بعد حوالي 1.5 كيلومتر من الفرق الإعلامية في علما الشعب، فيما أوضحت “العفو الدولية” أنّ الاستهداف المدفعي انطلق من التلال الواقعة بين قريتي النواقر وجورديح في الأراضي المحتلة. وكانت القذيفة إسرائيلية من عيار 120 ملم، بحسب ما تقاطعت عليه نتائج التحقيقات، فيما رجحت العفو الدولية أنها قذيفة M339، صنعتها شركة IMI Systems الإسرائيلية وتم التعرف عليها في تحقيقات أخرى لمنظمة العفو الدولية حول هجمات نفذها الجيش الإسرائيلي. ولم تتوصل تحقيقات “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” إلى نوعية الذخيرة الثانية، التي وصلت بعد 37 ثانية، وخلّفت حفرة ضحلة قرب الإطار الأمامي لسيارة “الجزيرة”. بدورها “العفو الدولية” رجحت، استنادًا إلى حجم الحفرة وصور الشظايا، أنّها كانت عبارة عن صاروخ موجّه صغير.

لكن تحقيقات “أ ف ب” و”رويترز” خلصت إلى أنّ الهجومين المتتابعين نفّذتهما مدفعية. وقال رويترز أن الدبابات التي استهدفت الصحفيين هي إسرائيلية، فيما نوّهت الصحافة الفرنسية إلى أن نوعية الذخائر التي قتلت الصحافيين يستخدمها الجيش الإسرائيلي فقط في تلك المنطقة الحدودية.

ذيل القذيفة المدفعيّة التي قتلت عصام عبدالله (رويترز/بيروشكا فان دي ووه)

وكان الشهيد عصام عبدالله متّكئًا على حافة حجرية، حينما جاءته القذيفة من ناحية الشرق، بتمام الساعة 6:02، بحسب تحقيق “العفو” ويذكر تقرير الطب الشرعي أنّ جسده أصيب بجروح وحروق بليغة، فيما فقدت كريستينا عاصي إحدى ساقيها بفعل الاستهداف عينه، وهي لاتزال في المستشفى بعد 8 أسابيع من الجريمة.

وبعد 37 ثانية، وبينمت الصحافيون يحاولون استيعاب الضربة، والزميل ديلان منهمك بمحاولة شدّ رباطين حول ساقَي زميلته كريستينا، أتت القذيفة الثانية متسبّبة بإصابات بليغة للزملاء جميعهم، وبإشعال سيارة “الجزيرة”. وقد تهشّم كتف إيلي براخيا، وأصيب بجروح خطيرة في ذراعيه، وفقد السمع في أذنه اليسرى، فيما أصيبت كارمن بجروح وإصابات أخرى تركّزت في النصف السفلي لجسدها، وتسبّبت الشظايا بإصابات لديلان كولينز في وجهه وذراعيه وظهره، ولماهر نزيه في ذراعيه، ولثائر السوداني في كامل الجانب الأيسر من جسده.

سيارة الجزيرة والدائرة تدلّ على الموقع الذي أطلقت منه دبابة إسرائيلية النار على مجموعة الصحافيين (رويترز/عصام عبد الله)
الحافّة التي كان عصام عبدالله يتكئ عليها عندما أصابته القذيفة الإسرائيلية، يدلّ السهم الأصفر على مصدر القذيفة (رويترز/مايا جبيلي)

سقوط رواية النيران الخاطئة خلال ملاحقة عملية تسلل

لفتت التحقيقات إلى أنّ الأدلة التي تمّ جمعها سواء من تحليل اللقطات المصوّرة، أو من التحليلات الصوتية، بيّنت أنّه لم يكن هناك أي نشاط عسكري قرب موقع الصحافيين. وأكدت “العفو الدولية” أنّها لم تجد أي مؤشر على وجود أيّ مقاتلين أو أهداف عسكرية في موقع الضربات، وقالت إنّ الصحافيين كانوا على بعد حوالي كيلومتر واحد من أقرب نقطة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وعلى بعد 1.5 كيلومتر على الأقل من أقرب نقطة اشتباكات بين حزب الله والقوات الإسرائيلية.

بدورها أكدت “هيومن رايتس ووتش” أنّها لم تجد أي دليل على وجود أي هدف عسكري بالقرب من موقع الصحافيين، لتخلص إلى أنّ “الهجوم على موقع الصحافيين استهدفهم بشكل مباشر، بضربتين متتاليتين خلال 37 ثانية”.

وتبيّن من خلال تحقيق “هيومن رايتس ووتش” أنّ الاشتباكات التي اندلعت على خلفية ما قال الاحتلال يومها إنّه عملية تسلّل، كانت في الحقيقة على بعد حوالي 2.2 كيلومتر من موقع الصحافيين. وأشارت إلى أنّ روايات الشهود التي وثقتها لفتت إلى أنّ الغارات الجوية والاشتباكات المسلحة بين القوات الإسرائيلية وحزب الله والمجموعات الفلسطينية المسلحة تركّزت في المنطقة القريبة من السياج الحدودي، على بعد كيلومتر إلى كيلومترين من الصحافيين.

وفيما كانت أصوات طلقات نارية قد سمعت في التسجيلات المصوّرة مباشرة عقب الاستهداف، وأكد الزملاء والشهود أنّها كانت من مواقع بعيدة عنهم، دحض تقرير “هيومن رايتس ووتش” أيّ إمكانية للتشكيك في احتمال وجود مقاتلين قرب الصحافيين حينها. وأكدت التحليلات الصوتية التي أجراها الخبراء ما قاله الشهود، لتكشف أنّ هذه الطلقات خرجت من أسلحة صغيرة ومن مصدر مجهول بعد 30 ثانية من الضربة الثانية، وعلى بعد مئات الأمتار. وأشار التحقيق إلى أنّ جميع شهود العيان في الموقع أكدوا أنّ أصوات الرصاص جاءت من اتجاه موقع “حنيتا” العسكري الإسرائيلي، جنوب غرب مكان تواجد الصحافيين.

إسرائيل راقبت الصحافيين جيدًا قبل استهدافهم

أكدت التحقيقات بأنّ الهويّة الصحافية للفرق المستهدفة كانت واضحة. وهم كانوا 7 صحافيين يرتدون السترات والخوذ التي تحمل شارة “PRESS” (صحافة)، وأمامهم كاميراتهم المثبتة على حوامل ثلاثية. وكان في المكان 3 سيارات إعلامية، وحملت سيارة “رويترز” زرقاء اللون شارة “TV” (تلفزيون) مع شريط أصفر على غطاء محرّك السيارة، فيما كانت أبواب سيارة “الجزيرة” البيضاء مفتوحة عمدًا لتأكيد وضعها المدني.

وقد أعلن الصحافيون هويّتهم من خلال ممارستهم عملهم مباشرة من الموقع، فقدّم فريق “الجزيرة” رسالتين تلفزيونيّتين مباشرتين، عند الساعة 4:55 مساءً، والساعة 5:24 مساءً، كما نقلت عدة محطات تلفزيونية البث المباشر لـ “رويترز” و”فرانس برس” على الهواء خلال تلك الفترة. 

والأهم هو ما برهنته التحقيقات من أنّ هويّتهم كانت مرئية وواضحة للطرف الإسرائيلي. ووثقت التحقيقات أنّ المكان الذي كان فيه الصحافيون هو تلة مكشوفة ظلّوا عليها لأكثر من 75 دقيقة، كانت كافية لتحديد هويتهم سواء من قبل المسيّرات التي كشفت التحقيقات أنها كانت تحوم فوق رؤوسهم، أو من قبل الأباتشي التي بيّنت التحقيقات عينها أنّها حلّقت فوقهم خلال فترة تواجدهم وحتى لحظة الاستهداف، إضافة إلى طبيعة التلة المكشوفة – التي تعمّد الصحافيون اختيارها وظلّوا عليها لأكثر من 75 دقيقة – وهي على مرمى بصر الجنود الإسرائيليين، وكذلك أبراج المراقبة والمواقع العسكرية التابعة لهم على الجهة الأخرى من الحدود.

وخلصت التحقيقات إلى أنّ الأباتشي و”طائرة ذات مراوح” (طائرة مسيّرة) حلّقتا فوق الفرق الإعلامية لأكثر من 40 دقيقة قبل الضربة الأولى، كما أوضح تحقيق “هيومن رايتس ووتش” أنّ المسيّرة دارت 11 مرة فوق رؤوس الصحافيين خلال 25 دقيقة سبقت الاستهداف.

وأشارت تحقيقات “العفو الدولية” إلى وجود برجي مراقبة في موقعي “حنيتا” و”جورديح” الإسرائيليين، كانا يشرفان على موقع الصحافيين، ويستضيفان محطات تنصّت تزوّد القوّات الإسرائيلية بالمعلومات الاستخبارية في الوقت الحقيقي أثناء العمليات. وكشفت تحقيقات “هيومن رايتس ووتش” بدورها أنّ 5 أبراج مراقبة كانت تشرف على موقع الصحافيين، تستخدم كاميرات وأجهزة استشعار ولها خط رؤية مباشر مع موقع الصحافيين. وكانت أربعة من الأبراج على مسافة تتراوح بين 1.8 و2.2 كيلومتر من الصحافيين، في مواقع “حنيتا” و”جورديح” وشلومي” الإسرائيلية، والخامس على بعد 5.5 كيلومتر.

ومن النتائج اللافتة أيضًا هو ما رصده تحقيق “هيومن رايتس ووتش” عن التقاط أربع كاميرات في الموقع بينها كاميرا ديلان كانت تصوّر موقع “حنيتا” ومضات بدت أحيانًا كضوء ثابت رجّح الخبراء أنّها دليل على أنّ الضوء هو أشعة قريبة من الأشعة تحت حمراء ما يؤشر إلى استخدام الجيش الإسرائيلي “الليزر” للاستهداف أو تحديد المدى.

عصام وكاميرته على الحافة نفسها التي استهدف عليها (رويترز)

توصيات: لتحقيقات مستقلّة ولحظر السلاح على إسرائيل

سلّطت “العفو الدولية” في تقريرها على التاريخ الطويل للإفلات المنهجي من العقاب الذي يحكم الجرائم الإسرائيلية بحق الصحافيين. ورأت المنظمة أنّ السجل الحافل لإسرائيل الذي وثّقته هي ومنظمات أخرى لحقوق الإنسان في “الإفلات شبه التام من العقاب على الانتهاكات التي ترتكبها، بما في ذلك جرائم يشتبه بأنها جرائم حرب ارتكبتها قواتها الأمنية” يحتّم إجراء تحقيق مستقل ونزيه في هذا الهجوم”.

وأشارت “هيومن رايتس ووتش” بدورها إلى أنّ أي شخص يرتكب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب بقصد إجرامي، أي سواء عن قصد أو بإهمال، يمكن محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لافتة إلى أنّه يمكن أيضًا تحميل الأفراد المسؤولية الجنائية عن المساعدة في ارتكاب جريمة حرب أو تسهيلها أو المساعدة فيها أو التحريض عليها.

كما برز ما خلص إليه تحقيق “هيومن رايتس ووتش” من أنّه يتعيّن على حلفاء إسرائيل الرئيسيين، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وألمانيا، أن يعلّقوا المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لإسرائيل، “نظراً للخطر الحقيقي المتمثل في استخدامها لارتكاب انتهاكات جسيمة. وأشارت إلى أنّ قوانين الولايات المتحدة ذاتها تحظر نقل الأسلحة إلى الدول “التي من المرجح أن تستخدمها” في انتهاك القانون الدولي، كما هو الحال مع إسرائيل، معتبرة أنّه يتوجّب على حكومة الولايات المتحدة التحقيق في الغارة في علما الشعب في ضوء الإصابات التي لحقت بأحد مواطنيها.

كما أكدت المنظمتان ضرورة أن تجري السلطات اللبنانية تحقيقًا مستقلًا ومحايدًا وأن تنشر نتائجه كاملة، كما أن ينشر الجيش اللبناني تقريره الفني.

عصام وكريستينا عاصي قبيل الهجوم الذي قتل عصام وأصاب
كريستينا بجروح بليغة
عصام وإيلي المصاب أيضًا إصابات بليغة

عن موقف الجيش اللبناني وكذلك اليونيفيل

بعد يوم واحد من وقوع الهجوم حسم الجيش اللبنانيّ مسؤوليّة إسرائيل عن الهجوم على الصحافيين في علما الشعب في بيان رسمي، إلّا أنّه لم يرد على أي من الأسئلة التي وجهت إليه من قبل مختلف الأطراف التي تقوم بالتحقيقات، وإضافة إلى أسئلة “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” التي بقيت من دون جواب، لا يزال الجيش اللبناني يرفض مشاركة نتائج تقييمه الفني في موقع جريمة اغتيال الشهيد عصام عبدالله وجرح الزملاء الصحافيين الستة، رغم طلبات قدمت له من قبل تجمّع نقابة الصحافة البديلة الذي يتابع التحقيقات، ومعه الجهات التي نفذت التحقيقات جميعها: وكالتا الصحافة الفرنسية ورويترز، ومنظمات “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية” و”مراسلون بلا حدود”. أيضًا، لم يرد وزير الدفاع على سؤال نيابي مشترك حول أسباب هذا التمنّع.

وبحسب الباحثة من العفو الدولية سحر مندور، فإن الطلب من الجيش اللبناني مشاركة التقرير التقنيّ يعود إلى أهمّية ما يتضمّنه لناحية نوعيّة الذخائر وتوقيت الهجمات وكذلك ملابسات أخرى مرتبطة بالهجوم.

بدورها اليونيفيل مطالبة بإجراء تحقيقات ونشر نتائجها، ضمن الصلاحيات الممنوحة لها بالقرار الدولي 1701/2006. وتحث الباحثة سحر مندور من العفو الدولية في تصريح لـ “المفكرة القانونية” قوات اليونيفيل على إجراء تحقيقاتها، وهو مطلب رفعه إليها تجمّع نقابة الصحافة البديلة عقب استهداف الإعلاميين في علما الشعب، من دون أن ترد حتى الآن، تمامًا كما لم ترد على أسئلة العفو الدولية خلال التحقيقات. ولم تسمّ اليونيفيل القاتل الإسرائيلي عقب استهداف علما الشعب، وقالت إنّ الشهيد عصام عبدالله قضى في تبادل لإطلاق النار، الأمر الذي دحضته التحقيقات المشار إليها في الأعلى.

ولاقى موقف اليونيفيل عقب جريمة علما الشعب تنديدًا من جانب الجسم الصحافي وقد وصفته “نقابة الصحافة البديلة” بأنه “غامض“، وعقب جريمة استهداف الصحافيين في طيرحرفا، أكّدت اليونيفيل “استهداف مجموعة من الصحافيين” وعبّر الناطق باسمها أندريا تيننتي عن “الصدمة والحزن”، ووصف “الاستهداف المتعمّد للصحافيين والمدنيين” بأنه “انتهاك للقانون الدولي، ويرقى إلى مستوى جرائم حرب”، من دون أن يحدد مصادر النيران. 

نختم بشهادات الزملاء خلال التحقيقات

خلال تحقيق منظمة العفو الدولية، وردت شهادات مؤثرة للزملاء وصّفت لحظة الاستهداف، نوردها كما هي، لتكون كلماتهم هي التوثيق الأهم لحجم الجريمة الإسرائيلية.

قال إيلي برخيا في شهادته: “كنت أنظر إلى عصام عندما سمعت الانفجار [الأول]. وشاهدت جسم عصام يطير مع وهج وحرارة خلفه … فصعدت على عجل إلى التلة، وسمعت كريستينا تصرخ “لا أشعر بساقيَّ” فعدتُ مهرولًا إلى حيث هي، وشاهدت ديلان يبحث عن رباط لجراحها”.

بدوره ديلان كولنز يقول: “حالما التفتُ حولي، سمعت صوت كريستينا تقول “يا ربّ!” فقلت لها “أنت بخير”. وهرعت نحوها مباشرةً لأرى أنّ ساقيها قد تعرّضتا للتهشيم حتى مستوى الركبة”. “عندما وقع الانفجار الثاني، صُعقت وشعرت بالدوار، ولكن في ذاكرتي المشوّشة، أتذكر سقوط ساق عصام أمامي، وأتذكر أنّني نظرت إلى الأعلى وشاهدت كارمن بجوار السيارة، كان وجهها أسود وتمشي مترنّحةً. وكان ظهرها بكامله مغطىً بالشظايا”.

كارمن تقدّمت خطوات قليلة ناحية زميلها إيلي الذي ظنّته ميتًا “على صوت واطي قلت ’إيلي؟‘ فردّ: ’كارمن، أنا موجوع‘”.

عصام يصوّر مقابلة في أوكرانيا (الصورة من تقرير هيومن رايتس ووتش)
انشر المقال

متوفر من خلال:

مؤسسات إعلامية ، منظمات دولية ، الحق في الحياة ، لبنان ، مقالات ، فلسطين ، إعلام



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني