إخلاء مبنيين في بقسطا – صيدا خوفًا من الانهيار


2024-02-21    |   

إخلاء مبنيين في بقسطا – صيدا خوفًا من الانهيار
إنهيار حائط دعم في بقسطا ما يهدد بسقوط العمارتين

في ظلّ العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان، ونزوح السكان من القصف، يواجه سكان بعض المناطق اللبنانية نوعًا آخر من النزوح، سببه البناء العشوائي من جهة، وغياب رقابة الجهات المعنية من جهة ثانية. فلم تكد عشرة أيام تمرّ على انهيار مبنى في صحراء الشويفات، حتى انهار ليل أمس مبنى جديد راح ضحيته أربعة أشخاص. كما استفاق سكان منطقة بقسطا قرب مدينة صيدا صباح الثلاثاء في 21 شباط على مشهد انهيار حائط الدعم الحامي للمبنيين، ما اضطرّ 9 عائلات من سكان مشروع “عينا” إلى إخلاء شققهم، بناء على إشارة من محافظ صيدا منصور ضو، خوفًا من انهيارهما. 

وكان السكان قد أبلغوا رئيس بلدية بقسطا، إبراهيم مزهر، عن انهيار الحائط فقام بدوره بإبلاغ محافظ صيدا ورئيسة التنظيم المدني في صيدا، نزهات كالو. وبعد عدم امتثال السكان لإنذار البلدية بالإخلاء، حضرت عناصر من القوى الامنية حيث تمّ إخلاء السكان. وقام مهندسو  التنظيم المدني بالكشوفات اللازمة، واليوم لا يزال الجميع بانتظار نتيجة الكشف لحسم عودة الأهالي إلى منازلهم أو البقاء خارجها.

غياب الرقابة وتقاذف المسؤوليات بين صاحب العقار والأرض المجاورة

وفي اتصال مع “المفكرة” أفاد مهندس المشروع، محمد الميسي، بأنّ المشروع مؤلّف من ثلاثة أبنية، تم إخلاء المبنيين المجاوريين للحائط، حيث أنّ المبنى الثالث بعيد نسبيًا. وأضاف أنّ المشروع شُيّد في العام 2016 أما حائط الدعم فتم تشييده في العام 2015، مشيرًا إلى أنّ نتيجة كشفه تشير إلى أنّ لا خطورة ولا خوف من سقوط الأبنية، إنّما المشكلة محصورة بحائط الدعم الذي هبط نتيجة للأمطار الغزيرة. إلّا أنّه أكّد أنّه لا بدّ من انتظار تقرير التنظيم المدني، لحسم الأمر ومعرفة ما إذا سيسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم.

من جهةٍ ثانيةٍ أفاد صاحب المشروع، ماهر عينا، أنّ المسؤولية تقع على عاتق صاحب العقار المتاخم لحائط الدعم من آل السبع أعين الذي حفر أرضه العام الماضي بطريقة عمودية وفي مكان ملاصق للحائط على حد قوله، ولم يقم بتدعيم الحائط من بعدها، فزحلت التربة نتيجة الأمطار الغزيرة التي انهمرت هذا العام. وبدوره أكد  أنّ لا خوف على الأبنية، كونها بعيدة نسبيًا عن الحائط، ومشيّدة على أساسات متينة، على حد قوله.

كلام عينا يتوافق مع كلام أحد مهندسي التنظيم المدني الذي كشف على المبنى وأفاد في اتصالٍ مع “المفكرة”، بأنّ الأبنية برأيه سليمة 1000%، وأنّ السبب هو قيام السبع أعين بعمليات حفر وقص بشكل عمودي قرب الحائط، ما أدّى إلى انجراف التربة نتيجة الأمطار الغزيرة. 

وفي اتصال مع “المفكرة” للوقوف عند مسؤولية البلدية في مراقبة أعمال الحفر في عقار السبع أعين، اعتبر رئيس بلدية بقسطا إبراهيم مزهر أنّ صاحبي العقارين (عينا والسبع أعين) يتقاذفان المسؤوليات، مضيفًا أن السبع أعين حاز على ترخيص من التنظيم المدني للقيام بأعمال الحفر والفرز العقارية، وأنّ حائط الدعم برأيه لا يحتوي على دعائم وهذا هو سبب هبوطه.  

وعلى هذا الكلام ردّ المهندس الميسي أنّ لا حاجة لوضع دعائم كون طبيعة الأرض تسمح بذلك أي ببنائه من دون دعائم، وهو ما أيّده مهندس التنظيم المدني الذي قال إنّ حائط الدعم موافٍ للمواصفات فهو من الباطون المسلّح وبالتالي لا حاجة للدعائم، مشددًا على أنّه كان من المفترض على صاحب الأرض من آل السبع أعين أن يقوم بحماية جاره عند قيامه بأعمال الحفر أي ببناء دعائم وتمكين الأرض، كونه هو من أقدم على عملية الحفر.

وبين أصحاب العقارات ورئيس البلدية والمعنيين، لا يزال السكان خارج بيوتهم، إذ غادروا منازلهم تاركين أغراض ومقتنيات خوفًا من انهيار منازلهم.

  هيدا شقى العمر

وكحال معظم اللبنانيين ترزح معظم عائلات العمارتين تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة، ما يجعل خروجهم من المنزل منهِكًا ومكلفًا، ماديًا ومعنويًا، ومعظمهم غير قادر على دفع مستحقات وبدلات إيجار منزل جديد. لذلك يبيتون عند أقارب ومعارف لهم بشكل مؤقت ريثما عرفوا مصيرهم.

وفي اتصالٍ مع “المفكرة” يقول مالك أحد الشقق، بلال الرشيدي الذي يحمد ربّه على سلامته وعائلته، إنّه ولليوم الثاني على التوالي يبيت خارج المنزل مع زوجته وطفليه اللذين لا يتجاوز أحدهم الشهرين. ويضيف أنّه اشترى الشقة في العام 2016، وقامت خطيبته في حينها بهندسته داخليًا وانتقاء أثاث، وأنّه يمتلك جميع الأوراق الرسمية والمستندات التي تظهر تراخيص جميع الجهات المعنية والتزامها بمعايير سلامة البناء. ويضيف أنّ المنزل هو المأوى الأوّل للعائلة، من هنا هو يطالب بإيجاد حل سريع للمشكلة قبل أن يسوء وضع أساسات البناية أو تنجرف  التربة من تحتها.

بدورها زوجته فرح الرشيدي تقول في اتصالٍ مع “المفكرة” إنّها ومنذ خروجها من المنزل وهي غير قادرة على النوم، تعيش في حالة قلق وخوف “أنا ما عم بقدر نام ما عم بقدر ركّز لا بالشغل ولا بالسواقة ولا مع الأولاد”. وتعتبر أنّه في أيام صعبة كهذه أصبح الحصول على منزل من المستحيل فكيف إذا تهدّمت منازلنا، على الرغم من حمدها الله على نجاتها وعائلتها. وتقول “هيدا البيت تعبنا عليه أنا وزوجي وخلّيناه أحلى بيت حتى يكبروا أولادنا فيه”، مطالبةً أن يتحمّل المعنيين مسؤولياتهم تجاه ما حصل والإسراع في إيجاد الحلول.  

“لو بدّي موت ما رح اترك البيت وبدهم يلاقوا حل سريع”، هذا ما قاله صاحب أحد الشقق السكنية الذي رفض ذكر اسمه لـ “المفكرة”، معتبرًا أنّه تعب طوال حياته ليشتري هذه الشقة التي تؤويه وعائلته المؤلفة من خمسة أفراد، وهو اليوم مجبر على إخراج أولاده في ظلّ البرد والشتاء للسكن في منزل شقيقته. “الدنيا برد وشتا والناس كلّ واحد على قده، ليه بدو يصير هيك”، يضيف، معتبرًا أنّه على أحد أن يتحمّل المسؤولية، مضيفًا “نحن لمّا جينا اشترينا شفنا إنّو البناية معمّرة على أساسات متينة وإنّه كلّ شي قانوني”، مطالبًا بإيجاد الحل سريعًا “ما بيعنيلي على مين الحق بيعنيلي إنّه لازم يلاقوا حل”.

أمّا مالك الشقة السفلية التي انهار قسم من حديقتها، سميح سرية، يقول في اتصالٍ مع “المفكرة” إنّ الحائط تهدم حوالي الساعة 12 منتصف الليل، وإنّه في الصباح الباكر خرج لتفقّد الحديقة فوجد قسمًا منها قد انهار مع حائط الدعم. ويضيف أنّه أمام هذا الواقع اضطرّ لإخلاء منزله وزوجته واللجوء لمنزل ابنته، مضيفًا أنّ هذه الحديقة كانت مكان جلسته أولاده وأحفاده في الأيام المشمسة، مؤكدًا أنّ أعمال الحفر في العقار المجاور استمرت لشهرين وأنّها كانت قريبة من حائط الدعم، مطالبًا أيضًا بايجاد حل.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في الحياة ، لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني