انطلقت حكاية هنشير النفيضة سنة 1850، حين قرر خلالها حاكم تونس “احمد باي” أن يعاقب من استوطنوا المنطقة التي تقع شمال الساحل التونسي وتحتل الجزء الشمالي من السباسب السفلى أي “أولاد سعيد” على مناوءتهم لسلطته بمصادرة أرضهم. حرم قرار المصادرة سكان هنشير النفيضة من حقوقهم التاريخية على أرضهم التي تمتد على مساحة تقارب المئة ألف هكتار وكانت قبله ملكية مشاعة لعرشهم – أي قبيلتهم حسب اللهجة المحلية التونسية – في إطار ملكيات القبائل العقارية كما هو حال أغلب الأراضي الفلاحية ومناطق المرعى في ذلك الزمن. أدى استيلاء الباي على هنشير النفيضة بعقاراته الفلاحية وتجمعاته السكانية الى تحويل “أصحاب الأرض” التاريخيين والفعليين الى متسوغين يدفعون معاليم كراء لمن مكنته سلطته من الاستيلاء على أرضهم.
بعد ثلاثة وعشرين عاماً، تغيرت حال الهنشير مجدداً بقرار جديد من الباي الذي منحها دون استشارة أهلها أو حتى مجرد إعلامهم مسبقاً كإقطاعية لوزيره خير الدين باشا بدلاً من المنحة السنوية التي كان سيتقاضاها. بات الهنشير ملكاً “للوزير المصلح” دون أن يصلح ذلك حال القاطنين فيها. فقد ألزم المالك الجديد سكان الهنشير بالعمل سخرة أو مقابل خمس محصول أرضهم بعدما أبرم معهم عقود “خماسة” تجعل منهم “أقناناً للأرض” التي كانوا يتحكمون بها سابقاً. إلا أن سيطرة خير الدين باشا على الأرض لم تدم طويلاً. فبعدما عزله الباي من منصبه، اختار خير الدين باشا خوفاً على سلامته أن يترك تونس لأهلها ولمصيرها ليعود للأستانة. كما اختار المناسبة ذاتها لأن يبيع في 1880 هنشير النفيضة لـ”شركة مرسيليا للقرض” رغم علمه بكونها مؤسسة استعمارية اقتصادية. وبذلك، تنازل الوزير الذي انصبّ جهده أثناء فترة حكمه على محاربة أطماع القوى الاستعمارية في تونس وعلى محاولة إصلاح منظومة الحكم بها، عن أرضه للذراع الاقتصادية للقوة الاستعمارية الفرنسية في خطوة يصعب فهمها أو تبريرها. وقد كان لهذا العقد أثر كبير على مصير تونس، بحيث شكل استيلاء الشركة الفرنسية على هنشير النفيضة المدخل لإعلان الحماية الفرنسية لتونس. فقد استنجدت المالكة الجديدة بالقوة الفرنسية لكي تتمكن من فرض سلطتها على أرض الواقع، وهي الخطوة التي حسمت صراع القوى الاستعمارية حول تونس وأوجدت المبرر لاستيلاء فرنسا عليها سنة 1881 (بعد سنة واحدة من شراء الأرض) تحت مسمى “الحماية الفرنسية للايالة التونسية”.
استفادت سلطات الاحتلال من هيمنة الرأسمال الفرنسي على الملكية الفلاحية كما مكّن فعلياً استعمال القوة العسكرية من أن يخمد جزئياً وبشكل ملحوظ انتفاضة أصحاب الارض، ما سهل على الشركة الفرنسية وضع يدها على أجزاء كبيرة من العقار فكان التكامل بين الاحتلال العسكري والهيمنة الاقتصادية في أجلى مظاهره. ولأن المستوطنين الجدد واجهوا سيلاً من النزاعات والدعاوى أمام المحاكم الشرعية التونسية رفعها طيف من المالكين في هنشير النفيضة ممن كانوا يمسكون وثائق تثبت ملكيتهم، فإن دوائر القرار لسلطات الاحتلال الفرنسي استشعرت الحاجة لتغيير قواعد إثبات الملكية العقارية في تونس، بما ييسر الاستيلاء على الأراضي الفلاحية مستقبلا دون الاضطرار لكشف الوجه اللاحضاري للاحتلال. فكان ان تدخل ما هو قانوني لخدمة المنظومة الاستعمارية وليكمل القوة العسكرية بما يحقق مصالح المحتل الاقتصادية. استنجدت الدوائر القانونية الفرنسية في تونس في أدائها لدورها بتجربة التسجيل العقاري بأستراليا المعروف باسم “قانون تورانس” والمدرسة القانونية الجرمانية لتتوصل أخيراً الى تصور قانوني خصوصي للمستعمرة التونسية هو قانون التسجيل العقاري التونسي الذي صدر بتاريخ 01 جويليه 1885.
شكل نزع ولاية القضاء المحلي على العقارات التي يملكها المستوطنون الفرنسيون وإعاقة منازعة التونسيين لهم في تملكهم هدف القانون المستحدث. وفي هذا الإطار، أحال قانون التسجيل الولاية القضائية على تسجيل العقارات للمجلس المختلط وجعل الترسيم بالسجل العقاري وسيلة الإثبات الوحيدة للملكية بالنسبة للعقارات المسجلة[1]. وقد ضمنت الإجراءات القضائية لتسجيل العقارات ودقتها للمستوطنين الأوروبيين الاستفادة من القانون الذي وُضع لمصلحتهم. وقد تعزز ذلك بفعل تمتّع الفرنسيين بإمكانات مالية وفرت لهم ما يحتاج اليه التسجيل من مصاريف، مقابل ضعف امكانات التونسيين وارتفاع مستوى الامية بينهم، مما منعهم من متابعة الاشهارات العقارية وبالتالي الاعتراض على مطالب تسجيل اراضيهم في بحر الاجال القانونية. نجح القانون الاستعماري في أن يفقد وثائق التملك على قلتها قوتها الثبوتية ونزع عن الحوز الفعلي للأرض أثره القانوني. ورغم ذلك، لم تتمكن الشركة المالكة للهنشير من الاستفادة من مزاياه عبر تسجيل عقارها الا سنة 1901 بسبب كبر المساحة وتعدد النزاعات التي أثارها الاهالي[2]. وقد أكد التسجيل بذلك حقوق الشركات الفرنسية التي جمعت بين صفة المستثمر الفلاحي والمحتل وتواصل ذلك الى ما بعد إعلان استقلال الوطن لكون الاستقلال الحقيقي “للهنشير” لم يتحقق فعليا إلا بصدور القانون عدد 5 لسنة 1964 مؤرخ 12 ماي 1964 والمتعلق بملكية الأراضي الفلاحية في تونس والذي يصطلح على تسميته بقانون الجلاء الزراعي. فقد منع هذا القانون غير التونسيين من تملك العقارات الفلاحية التونسية، ما أدى الى نزع ملكية الأجانب للعقارات الفلاحية وأهمها هنشير النفيضة وتاليا الى جلاء الفرنسيين عنها. أدى قانون الجلاء الزراعي الى تحرير منطقة هنشير النفيضة من سلطة الرأسمال الفلاحي الاستعماري، وكان يمكن ان يكون فعل التحرير هذا مدخلا لتصحيح مظلمة كان القانون والسلطة سلاحها وأدت الى حرمان أهل الارض من أرضهم. إلا أن تغيير المالك بحكم القانون أدى مرة اخرى الى تغييب الحقوق التاريخية لأصحاب الارض الحقيقيين بعدما جعل الدولة التونسية خلفا “بحكم القانون” للمستعمر. وتمسكت “المالكة الجديدة” بتطبيق قانونها ورسمت مصالحها الإدارية سند تملكها لغالبية اجزاء العقار تحت عدد 6648 بإدارة الملكية العقارية. وبات تبعا لذلك هنشير النفيضة في الجزء الاكبر منه ملكا خاصا للدولة. ولم يصاحب انتقال ملكية الهنشير هذه المرة أي مراجعة لحدود العقار خلافا لما تم في المرات السابقة والتي اضطر فيها المالك الجديد في حالات عدة على التنازل عن أجزاء مما هو ملك له لفائدة أهالي المنطقة في محاولة لاحتواء احتجاجاتهم والاستفادة من قوة عملهم[3]. ويفسر استقرار حدود التملك بكون انتقال الملكية تم في ظل نظام العقارات المسجلة مع ما يعنيه ذلك من عدم تأثر تحديد العقار المسجل بتغيير المالك.
لعب نظام التسجيل العقاري بالتالي دورا هاما في تحقيق انتقال ملكية هنشير النفيضة ومجمل الملكيات الفلاحية التي كانت في ملكية المستوطنين الاجانب للدولة التونسية. وبينت سهولة إجراءات ترسيم الدولة لملكيتها أهمية نظام التسجيل العقاري، هذا النظام الذي كان ينظر اليه قبل هذا التاريخ على اعتباره قانونا استعماريا ابتدع ليسهل استيلاء المحتل على العقارات التونسية.
وقد دفعت مزايا التسجيل العقاري السلطة السياسية الى تونسة قانون التسجيل العقاري في مرحلة أولى من خلال استحداث المحكمة العقارية التي حلت محل المحكمة المختلطة وتم تكليفها بإتمام التسجيل العقاري[4] وليتم تاليا وفي مرحلة متقدمة إعلان التسجيل العقاري نظاماً تسعى الدولة لأن تعممه. وهو نظام يحقق أفضل حماية ممكنة للحقوق العقارية بما يضمن اندماجها الكامل في الدورة الاقتصادية للدولة الفتية وينهي حالة تعدد الأنظمة العقارية وتشعب الوضعيات الاستحقاقية. وكانت منطقة هنشير النفيضة خارج اهتمام من يخططون للسياسة التشريعية العقارية على اعتبار أن أمرها محسوم فهي “عقار مسجل”. تم الالتفات عن النظر لأثر التسجيل بالنفيضة، رغم أن مضي قرن وربع على تسجيل عقار يصلح لأن يكون مناسبة لتقييم القانون الذي تمت صياغته خصيصاً له. وربما آن الأوان لكسر حاجز الصمت من خلال مراجعة السجل العقاري من المكان الذي انطلق منه، أي من خلال طرح السؤال حول أثر التسجيل العقاري على منطقة النفيضة.
مظاهر الأزمة الهيكلية لنظام التسجيل
أدت النهضة العمرانية والبشرية الى تطور مشهد الرسم العقاري 6648 [5]خلال العشرية الجارية. فقد تحول ما كان عقارا ذا صبغة فلاحية بالأساس الى امتداد لمدن وقرى تتخلل المسافات الفاصلة بينها الملكيات الفلاحية. وإذ تعود الملكية “القانونية” لأغلب مساحات تلك التجمعات السكانية والاستغلالات الفلاحية للدولة التونسية، فإن المساحة التي تتصرف فعلياً فيها الدولة لا تتجاوز العشرة آلاف هكتار من الاراضي الفلاحية من مجمل مساحة الرسم [6]مساحة بينما يتحوز “الخواص” ببقية المساحات التي تظهر في السجل العقاري ملكاً خاصاً للدولة سواء في اطار ضيعات فلاحية أو محالات سكنية ومنشآت. ويكشف التمايز بين ما هو مفترض قانونا وبين ما هو كائن على ارض الواقع عن عمق الازمة العقارية التي سببها التسجيل العقاري لمن ارتبطوا بالرسم العقاري 6648 سواء بوصفهم مالكين قانونيين او حائزين فعليين. كما يؤدي الوضع ذاته الى إيجاد أزمة اجتماعية يتعين الوقوف عندها لتبين أثر ما هو عقاري على المجتمع المحلي.
التباس الوضعية الاستحقاقية لأغلب أجزاء الرسم العقاري 6648
يرفض القانون إذاً الاعتراف بغير الدولة مالكا لاغلب أجزاء الرسم بخلاف حقائق الارض والتاريخ، وتحديدا التاريخ السابق لتأسيس الدولة الحديثة ووضع قوانينها بما فيها قانون التسجيل العقاري. وقد أدى هذا التعارض بين القانون والممارسة الى بروز مفهوم محلي للملكية العقارية يعتد بالحوز كسبب للتملك في العقارات المسجلة رغم تعارض ذلك مع مبادئ قانون التسجيل العقاري. فلم تمنع شكلية القانون العقاري وصرامة أحكامه أهالي النفيضة من التصرف تصرف المالك في ملكه في عقارات توارثوها جيلا عن جيل، فيما منعت تلك الصرامة من يدّعون الملكية الفعلية من حقهم الدستوري في التمتع بصفة “المالك لعقاراتهم”. ويلاحظ هنا أن محاكم المنطقة كرست في عديد الأحكام هذا المفهوم بعدما قبلت الدعاوى التي ترفع أمامها في مادة كف الشغب من الحائزين الفعليين وتحرت الحوز لتصرح بكف الشغب دون أن تلتفت لكون حق طلب كف الشغب في العقارات المسجلة لا يعتد فيه بالحوز وإنما بصفة المالك. فيما استجابت ذات المحاكم للدعاوى التي يرفعها المكلف العام بنزاعات الدولة في كف شغب ذات المالكين عن ذات العقارات بدعوى ملكية الدولة لها ووجوب تطبيق احكام القانون العقاري.
وذات التعاطي المزدوج مع الملكية في مفهومها المحلي أبدته مصالح الإدارة العمومية، ومن ذلك أن الجماعات العمومية المحلية باتت تعتد بصفة أساسية بالملكية الفعلية في توظيفها للأداءات المحلية ومنحها لرخص البناء، وفي مقابل ذلك تتجاهل هذه الملكية عند حاجتها لنزع العقار من حائزيه لإنجاز مشاريعها.
حول الواقع ثوابت قانون التسجيل العقاري لـ”حقيقة نظرية” تتناقض كلياً مع الممارسة. حاولت الحكومة التونسية في مرحلة أولى أن تجد حلولا عملية تحقق تجاوزا جزئيا للإشكاليات القائمة فتولت التفويت لفائدة من يثبتون حوزهم للعقارات الفلاحية بمستغلاتهم مقابل ثمن يدفع وفق شروط تعاقدية خاصة تتراوح بين تحجير التفويت في العقار لمدة زمنية محددة واشتراط استغلال المبيع في نشاط فلاحي. إلا أن ذلك لم يستمر إذ تم العدول عن هذا التوجه بداية تسعينيات القرن الماضي بعدما قررت السلطة السياسية حينها التوقف عن بيع عقارات الدولة للخواص بدعوى حماية الرصيد العقاري العمومي.
منع التوجه الحكومي فرص إصلاح جانب من الوضعيات العقارية وأدى الى حجب فرص التملك العقاري عن الجانب الأكبر من سكان المنطقة، والى تعميق الأزمة التي سببها تعقد الوضع العقاري لتنتهي الى إفراز ثقافة اجتماعية خاصة عنوانها الأبرز أزمة الاستحقاق.
أثر التباس الوضعية العقارية على التطور العمراني والبشري
حتى وقت قريب، لعبت طبيعة المجتمع الفلاحي المتكاتف والتركيبة الأسرية المتجانسة للنسيج البشري للمنطقة والتي تتميز بأهمية علاقات القرابة الدموية والمصاهرات دوراً هاماً في صياغة العلاقة بين سكان المنطقة الواحدة ضمن حماية الملكيات الهشة للأفراد والعائلات. وجرى العرف الاجتماعي على احترام الملكيات الخاصة بقطع النظر عن افتقارها للحجية القانونية. وتحولت بالتالي الأخلاق الاجتماعية لقاعدة ذات قيمة “قانونية موازية” تحقق الإلزام الجمعي بالحفاظ على الوضعيات القائمة واستقرار المعاملات. ولكن طبيعة العلاقات المسالمة للمجتمع لم تمنع من بروز أعراض انهيار لقيم المجتمع يعود سببها الرئيسي للوضع العقاري وتأثيره على السلوك العام ولتطور المجتمع ذاته.
أعاق الوضع العقاري تحقيق تطور عمراني للمنطقة يحترم أمثلة التهيئة العمرانية ويضمن بالتالي لمتساكنيها فرص التمتع بمحيط حضاري. وقد أدت ندرة التقسيمات العقارية بالتجمعات السكنية وصعوبة التحصل على رخص البناء جراء ذلك الى تطور ظاهرة البناء الفوضوي والتوسع غير المدروس للمدن والقرى، مع ما يعنيه ذلك من انحسار كامل لثقافة القانون مقابل ثقافة القوة والأمر الواقع.
ألزمت تعقيدات الوضع العقاري جانباً من أهالي المنطقة إيجاد بدائل عملية تحقق لهم إشباع حاجتهم في التملك بعدما عاينوا استحالة شراء عقارات بسبب ندرة ما يمكن بيعه وغلاء ثمنه تبعاً لذلك. وكان الحوز بما هو استيلاء على العقارات التي لا يتصرف فيها الغير الوسيلة البديلة التي حققت الغاية المنشودة وكانت أداة تحقق توسع التجمعات العمرانية والاستغلالات الفلاحية الخاصة.
ويتم الحوز عادة من خلال الاستيلاء على أجزاء من العقارات التي تتحوز بها الدولة باعتماد الغصب أو تحت غطاء الفساد الإداري. فيكون استيلاء الأفراد على الأراضي وتشييد المباني أو تشجيرها غصباً وخفية السبب لتحويل الملكية الفعلية من الدولة الى المواطنين في سياق يكرس فكرة “استرداد ما افتك بالفساد بذات الوسيلة”.
ويتبين مما سلف ان الوضعية العقارية المعقدة لهنشير النفيضة كانت السبب الرئيسي في نشر ثقافة مخالفة القانون. هذه الثقافة التي يبدو أنها تتجه نحو مزيد التطور، خصوصا وقد أدى تطور العمران البشري الى زيادة منازعات الأجوار والتي بات جانب هام منها يحسم من خلال العنف بعدما تم التفطن لعجز القانون عن تأطيرها.
قد تكون النفيضة العنوان الابرز لفشل السجل العقاري، إلا أنها ليست الحالة الوحيدة، إذ يلاحظ أن مدناً ومناطق اخرى كالسواسي بالساحل التونسي وبوكريم بالوطن القبلي وعدد هام من الأحياء السكنية بالعاصمة والمدن الكبرى شاءت السجلات العقارية أن تجعل من رسومها العقارية قيداً يمنع من تحقيق التطابق بين الحالة الفعلية للتصرف في العقارات ونظامها القانوني. فالدولة تمتلك قانوناً تلك الرسوم في حين أنها باتت تتكون في الواقع من مدن وقرى يتقاسم أرضها أناس آخرون يملكون في عرف التعامل بفضل الحوز حال أن القانون لا يعتد بحوزهم ولا يرتب عليه أثراً.
أدى تعارض حقائق التصرف العقاري بالرسوم العقارية الكبرى ومنها الرسم 6648 مع مبادئ القانون العقاري وثوابته الى عجز النظام العقاري عن إيجاد حلول تحقق تجاوز “جمود رسومها”.
وقد يكون من المتعين وقد أعلنت الدولة التونسية عن قرب توصلها للنجاح في تسجيل كل العقارات التي تقبل التسجيل وحددت لذلك أجلاً لا يتجاوز نهاية العشرية القادمة أن يتم النظر في ما لحق عدداً هاماً من الرسوم العقارية من تمايز كلي بين ما تتضمنه من معطيات وما هو كائن على أرض الواقع ليتسنى تبعاً لذلك تصور حلول للإشكاليات القائمة تكمل منظومة إصلاح الرسوم المجمدة وتنتصر للحقوق المكتسبة كما تعترف بأخطاء التسجيل العقاري السابقة وتقبل مراجعتها بعيداً عن تقديس رسوم عقارية باتت تهدد حق الأفراد في الملكية والجهات في التطور المتوازن.
نشر في العدد صفر من مجلة المفكرة القانونية في تونس
[1]يراجع في خصوص المفعول التطهيري للتسجيل مقالة خصائص التسجيل العقاري للقاضي احمد الرحموني منشورة بمجلة القضاء و التشريع عدد جوان 2002 صفحة 64 وما بعدها .
[2]يراجع في خصوص مقاومة اهالي النفيضة الشعبية والقانونية للاستيلاء الفرنسي على عقاراتهم ، د. ابراهيم بلقاسم، “النفيضة : قرن من الانتفاضات من اواسط القرن التاسع عشر الى اواسط القرن العشرين” ، تونس.
[3]يراجع –المرجع السابق ص. 68 حتى 70 حول التنازلات التي قدمتها الشركة الفرنسية لتتمكن من ترسيم ملكيتها لفائدة اهالي المنطقة.
[4]احدثت المحكمة العقارية بموجب الامر المؤرخ في 19 فيفري 1957
[5]يعرف الفقهاء الرسم العقاري بكونه صحيفة خاصة بالعقار تكون مصدر المعلومات التي تتعلق بالحقوق الموظفة عليه و للترسيمات المتوالية عليه – احمد الرحموني المرجع السابق .
[6]كانت المساحة الاصلية للرسم 6648 ستة وتسعين الف هكتار الا انه لاحقا تم تخصيص بعض العقارات داخله برسوم خاصة مما ادى لنقص مساحته و لاتوجد احصائيات تبين بدقة مساحته الحالية .
متوفر من خلال: