Médias tunisiens : Le long chemin de l’émancipation (1956-2024)

Mohamed Larbi Chouikha

Nirvana, février 2024

هذا الكتاب هو تتويج لأعمال الأكاديمي محمد العربي شويخة حول الإعلام التونسي، الذي واكبه عبر مجموعة من الإصدارات التي تناولت التحولات والتطورات التي مرّ بها منذ الاستقلال إلى اليوم. ويعتمد الكاتب في تناوله للتجارب الإعلامية التونسية ضمن هذا الإصدار على مناهج التاريخ السياسي والعلوم السياسية وسوسيولوجيا الإعلام لدراسة مختلف التأثيرات التي ساهمتْ في تكوين المشهد الإعلامي التونسي.

فبعد عقود من هيمنة صانع القرار السياسي على المشهد الإعلامي، يعتبر شويخة أن الثورة التونسية قد أسهمتْ في دخول فاعل جديد للساحة الإعلامية، ممثلا في المجتمع المدني، إلى حدود سنة 2021. وأن هذا التغيير هو نتيجة لتأثير من الأسفل على غير عادة التحولات السابقة التي كانت تمارس من قمة الهرم السياسي. كما يرى الكاتب أن التغييرات التي طرأت على المشهد الإعلامي كانت على حيز هام من الجسامة والتعقيد، لدرجة أنه من العسير استنباط باراديغم مؤسس لتحليل مخرجات التجربة ضمن سياق شامل للانتقال الديمقراطي.

ومع ذلك، يسلّم الكاتب أن التضييق الحاصل في المشهد الإعلامي حاليا، خصوصا منذ سنة 2021 يجد جذورا له في الثغرات القانونية والمؤسساتية التي واجهها الإطار المنظّم للقطاع الإعلامي منذ الثورة، وليس فقط بسبب اتجاهات السياسة السلطوية الحالية. كما يقرّ أن “اللحظة الشعبوية التونسية” كما يسميها، قد استفادتْ أيما استفادة من تلك الثغرات لإطباق سيطرتها على المشهد الإعلامي والقضاء على مختلف المكتسبات التي تمّ إرساؤها سابقا. وانطلاقا من هذا المعطى يعتبر الكاتب أنّ السلطة الحالية قد أسّست ل “ميثاق أمني” (pacte sécuritaire) عبر دستور 2022 ومجموعة من النصوص الأخرى على غرار المرسوم 54. وتكمن خطورة هذا الميثاق في تجاوزه لتقييد العمل الإعلامي إلى المسّ بجوهر حرية التعبير والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي والنقاش العام.

وفي تقييم تجربة تعديل وتنظيم القطاع السمعي البصري خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي، يستقصي الكاتب المسار الذي مرت به الهايكا منذ إحداثها، والنظر في طرق عمل الهيئة والمعايير المعتمدة في أنشطتها ومدى تأثرها بالعوامل الخارجية مشيرا إلى السيناريوهات المطروحة حول إمكانيات أو جدوى استمراريتها في الظروف الحالية.