“
أعلنت الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري عصر السبت، 14 أيلول 2019، تلزيم مجلس الإنماء والإعمار قطع غابات المرج ل “أبو عضل حيدر لتجارة الحطب والفحم”. وأرفقت الحملة صورة لإعلان أبو عضل عن تأمينه ب “الجملة والمفرق كافة أنواع الحطب من سنديان وصنوبر وليمون وحور وغيره”، فيما يشير العنوان إلى تمركزه في منطقة سبلين الشوف. وأشارت الحملة إلى نية المجلس تلزيم باقي الأحراج لثلاث شركات أخرى محسوبة على طوائف وأحزاب مختلفة، في ما أسمته “أوقح عملية تحاصص طائفي على حساب ما تبقى من طبيعة لبنان”.
من جهتهم، تداول ناشطون على وسائل التواصل الإجتماعي صورا لجذوع أشجار معمرة مقطوعة قالوا أنها من أشجار مرج بسري. أشجار يبين خشب جذوعها دوائر كثيرة تدل على قدم عمرها وأنواعها الحرجية.
من بين الأسباب الموجبة التي تعددها الحملة لمواجهة قرار إنشاء سد بسري، أن من شأن السد ان يؤدي إلى قطع مئات آلاف الأشجار التي تمتص سنوياً حوالي 20 مليون كيلوغرام من الكربون. ويأتي تلزيم مجلس الإنماء والإعمار قطع أشجار بسري بالآلاف بمثابة المرحلة الأولى لإنشاء السد (يقال أن هذا التلزيم يشمل قطع 10 آلاف شجرة بداية) بينما ما زال الطعن الذي قدمته بلدية الميدان المنحلة عبر المحامي فؤاد الحاج عالقا في أدراح مجلس شورى الدولة الذي كان رد طلب وقف تنفيذ أعمال السد.
وتلبية لدعوة الحملة إلى الإعتصام ظهر الأحد 15 أيلول 2019، رفضاً للمس بأي شجرة من أشجار محمية مرج بسري، ابتكر بعض أهالي قرى قضائي جزين والشوف-الإقليم، اللذين يعتبر المرج رئتهما فعلياً، وسائل للتعبير عن رفضهم إقامة سد بسري، وعلى رأسها ارتداء الأكفان البيضاء.
نعم لَبِس البعض الأكفان تعبيراً عن حقيقتين لا يتنازلون عنهما: تكمن الأولى في خطر السد لناحية تحريك فالقي بسري وروم اللذين يعبران المرج، وحيث يُخطط لبناء السد بعد مسافة قصيرة من التقائهما، وبالتالي سيتحول المشروع إلى “قنبلة موقوتة” تشكل خطرا على كامل المنطقة ومعها بيروت، كما نقل المهندس عامر مشموشي عن د. طوني نمر من الجامعة الأميركية في بيروت والمتخصص في الجيولوجيا، وكذلك استعداد الأهالي للإستشهاد دفاعا عن حياتهم وحياة أبنائهم، كما أكد مشموشي نفسه.
ذيلت بعض الأكفان بعبارة “الموت شهداء ولا الموت أذلاء، لا لسد بسري، لا لتدمير بلدنا لبنان”.
وعلى كفن ارتداه، كتب أحد أبناء قرية بسري “لا لتدمير تاريخ المرج، السد يسبب زلازل مدمرة، لا لوجود مغتصب في أرضنا، لا لنقل الآثار وطمس تاريخنا، لا لسلب الأراضي من مالكيها، سد بسري غير قانوني”.
ومن صيدا التي سيقطع السد مياه نهر الأولي عن بساتينها ويضعها تحت خطر الزلزال، جاء أحمد لابساً كفنه بعدما كتب عليه: كفن الشهادة لبسناه، لا للسد لا للزلزال، لا للقروض، لا للبنك الدولي وشركاه ولا لتدمير بيئة جزين والشوف والإقليم”.
المهندس مشموشي نفسه ارتدى كفنا يطالب بعباراته مجلس النواب الطلب من مجلس الإنماء والإعمار التوقف عن أي عمل في مرج بسري وسحب معداته كافة وإلا سيرغمه الأهالي على الخروج من أراضيهم.
وفيما بلغ عديد القوى الأمنية التي حرست مداخل مرج بسري تحسبا لمحاولة المعتصمين دخول المنطقة أكثر من عدد المعتصمين أنفسهم، ناشدت ابنة بلدة مزرعة الشوف أماني البعيني، باسم الحملة الوطنية للحفاظ على مرج بسري رئيس الجمهورية ووزيري السياحة والثقافة التصدي للمشروع كونه “أكبر صفقة فساد في البلاد حالياً”، مؤكدة أن قطع كل شجرة هو مخالفة للقانون. واعتبرت البعيني الإعتصام-التحرك بمثاية إخبار للنيابة العامة لتحاسب كل من يقطع شجرة من مرج بسري “فنحن بانتظار إعادة دراسة تقييم الأثر البيئي لمشروع السد حيث لم تعد الدراسة الأولية مجدية بعد مرور سنوات عليها، وهناك مستجدات كثيرة ودراسات تؤكد الأثر البيئي السيء للمضي بمشروع السد”، مطالبة وزير البيئة بإعادة هذه الدراسة.
واعتبرت البعيني أنه “لا يوجد نائب في البرلمان يستحق ثقة الشعب اللبناني إذا لم يقف في وجه هذا السد”، رافضة أي كلام عن نقل أثار بسري ، “بيقبلوا يفكوا قلعة بعلبك ونقلها إلى المتاحف؟ بيقبلوا القضاء على الخصوصية البيئية والزراعية والأثرية والدينية لمرج بسري؟ أن الخطة الشاملة لترتيب الأراضي صنفت مرج بسري موقعا استثنائيا طبيعيا محميا، وكل ما عدا ذلك هو مخالف للقانون”. وطالبت البعيني مجلس النواب “فتح تحقيق للكشف عن كل متواطئ في هذا المشروع الخطر ومحاسبة مجلس الإنماء الإعمار المتواطئ مع البنك الدولي ومع السلطة الفاسدة”.
وتوجهت إلى رئيس الجمهورية بالقول “اليوم عندما يقول نائب رئيس البنك الدولي فريد بلحاج أن هناك صفر خطر زلازل في مرج بسري نتيجة بناء السد، وأن الخبراء أجمعوا على صفر خطر زلزالي، فهذا فساد علمي يا فخامة الرئيس وهو أخطر أنواع الفساد . إذ ليس هناك شيئاً اسمه صفر بالمية خطر زلزال”. وأضافت “لقد أخفى مجلس الإنماء والإعمار أكثر من 30 تقريراً ودراسة تؤكد وجود خطر على المنطقة، واليوم عندما تقول مديرة المشروع بوجود لجنة خبراء مستقلين فهذا تزوير للحقائق يا فخامة الرئيس، لأن الخبير التركي (الذي خلص إلى اللاخطر) يعمل مع الإنماء والإعمار منذ 2014 ويتقاضى منه مبالغ طائلة، وهو في لجنة خبراء السد”.
وفضل الخبير بجودة المياه ومحطات التكرير المهندس طوني برباري من الحملة الوطنية الحديث عن عدم جدوى السد كمشروع، وبالتالي هو “هدر للمال العام في دولة وضعها الاقتصادي غير سليم وتعجز عن تأمين الطعام لجيشها، واليوم يستدين لبنان مئات ملايين الدولارات، قد تصل إلى مليار ونصف المليار دولار أو أكثر لنقضي على منطقة من أجمل مناطق لبنان. نحن نعدم الأثار ونهدم الطبيعة بيئيا وزراعيا وأثريا لنجر مياهاً ملوثة لمسافة 60 كيلومتراً إلى بيروت”. واعتبر أن “ظروف نجاح المشروع صعبة ومستحيلة وهو استمرار لنهج غير مقبول وغير سليم لصرف المال العام من دون رقابة والإستدانة وضرب البيئة والإقتصاد وضرب الطبيعة وعدم وجود أي جدوى إقتصادية حيث ستبلغ كلفة ضخ المتر المكعب من بسري إلى بيروت نحو ستة آلاف ليرة لبنانية بينما تتقاضى الدولة ستمائة ليرة عن المتر المكعب الواحد” وذكّر بعدم وجود أي جدوى اقتصادية من المشروع، كما “أننا نتجلب مياه القرعون الموسخة والملوثة بالنفايات الصناعية والطبية والمجارير ونحن نعرف ماذا فعلت بأهالي البقاع من بر الياس إلى غيرها وأمرضتهم بالسرطان”. وقال “هذه المياه سنرسلها إلى بيروت وليس هناك من إمكانية لتنظيفها حيث كان مدير عام مصلحة الليطاني د. سامي علوية جد واضح عندما قال أن هذه المياه لا تصلح للري حتى”. وأمل برباري من مجلس النواب ورئيس الجمهورية والحكومة إعادة دراسة جدوى ومخاطر السد، ومن النائب السابق وليد جنبلاط إعادة النظر بالمشروع “الذي سيهجر الناس من قرى الشوف والإقليم وجزين”.
ورأت ماري دومينيك فرحات، إحدى الملاك في المرج وهي ناشطة في الحملة الوطنية، أن “لا جدوى من بحيرة ستكون تجمعا لمياه الصرف الصحي لمختلف القرى المحيطة بالمنطقة وبكلفة مليار و200 مليون دولار”. ورأت أن المشروع لن يجمع 125 مليون متر مكعب من المياه كونه سيذهب “خمس تسرب، وخمس تبخر وخمس يجب أن يبقى بالبحيرة كي لا تتفسخ، فيما يجب الإبقاء على خمس في نهر الأولي، إذن ماذا يبقى لبيروت؟ لن يبقى لها خمس حتى”. ورأت أنه كان الأحرى دفع المال للإستثمار في التمنية المستدامة في مرج بسري والقرى المحيطة من سياحة بيئية وأثرية ودينية وزراعية عضوية وخلق فرص عمل لأبنائها بدل تهجيرهم من أراضيهم وتعريض حياتهم وحياة أطفالهم للخطر”.
“