محامون يرفضون تعديلات نظام آداب المهنة: استهداف “المحامي المدافع عن المجتمع”


2023-04-05    |   

محامون يرفضون تعديلات نظام آداب المهنة: استهداف “المحامي المدافع عن المجتمع”
رسم رائد شرف

لم تهدأ بعد ردود الفعل على قرار مجلس نقابة المحامين في بيروت بتعديل نظام آداب المهنة وإلزام المُحامي بالحصول على إذن مسبق قبل الظهور في أي وسيلة إعلامية أو ندوة قانونية على خلفية ما أسماه نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار بـ “الفوضى” الحاصلة. فالتعديل الذي حصل في 3 آذار لم يعلم به المُحامون إلّا في 17 آذار عن طريق تسريبه في وسائل الإعلام، ما أثار موجة اعتراض خرجت عن محامين وتجمعات حقوقية وتوّجت بطعون أمام محكمة الاستئناف المدنية الناظرة في القضايا النقابية. وظهرت توجّهات مجلس النقابة سريعًا عبر استدعاء المحامين الرافضين لهذه التعديلات.

الاستدعاء الأوّل طال المحامي ميشال نعمة على خلفية رفضه للتعديلات ومطالبة أعضاء المجلس بتعديلها وإلا الاستقالة. ويلحظ أن هذا الاستدعاء حصل من قبل مفوّض قصر العدل لدى نقابة المحامين المحامي عماد مارتينوس وتوجّه إليه بأسئلة فيها من اللوم تجاه ما جاء في بيانه وعن مواقف سابقة له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبقي نعمة لنحو ثلاث ساعات في اجتماعه مع مارتينوس ولم يُتخذ بحقه أيّ إجراء.

الاستدعاء الثاني طال المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية أتى بشكل مختلف وعلى شكل استدعاء للاستماع من قبل مجلس نقابة المحامين وهو استدعاء يحمل تلويحا في استخدام الخط العسكري للتأديب أي الشطب الإداري من دون محاكمة. اعتذر صاغية عن الحضور يوم الجمعة 31 آذار بداعي السفر وبادر إلى إعلان تلقيه الدعوى المذكورة. وينتظر أن يتمّ إبلاغه موعدا جديدا.  

ويأتي تقييد الحرّيات في نقابة المحامين خلال فترة شهدت فيها استدعاءات قضائية للصحافيين من مؤسسي وسائل إعلامية تتبع توجهًا ناقدًا للسلطات السياسية وهما الصحافيان جان قصير من “ميغافون” ولارا بيطار من “مصدر عام”.

ويخشى المحامون من الاستنسابية التي قد تُمارس ضدّهم عبر حصر الأذونات بما يتناسب مع ذوق النقيب. هذا غير أنّ المعترضين اعتبروا أنّ أيّ تقييد للحرية التي يحميها الدستور هو من اختصاص السلطة التشريعية وليس مجلس نقابة المحامين. وشرح النقيب ناضر كسبار في مقابلة إعلامية أنّ هذه التعديلات أتت على خلفية “الفوضى السائدة”، علمًا أنّ مجلس النقابة لم يتحرّك بعد إثر استخدام المحامي محمد زعيتر كلامًا نابيًا على “تويتر” بحق النقيب السابق ملحم خلف.

استهداف للمحامين المدافعين عن المجتمع

لعلّ أبرز تداعيات هذا التعديل هو ما فسّره المعترضون بـ “تقييد دور المحامين في القضايا الاجتماعيّة” وبخاصة ردًا على تصريح كسبار بأنّ “المحامي الممارس في مكتبه وفي قصور العدل، وفي الدوائر وغيرها وليس في الشارع، والكتابة على الجدران، واقتحام المؤسسات”. فبالنظر إلى السنوات الأخيرة، برز بشكل قوي دور المحامين في القضايا الاجتماعية وبخاصّة في الشارع، كدورهم في حراك عام 2015 في الدفاع عن المتظاهرين الّذين تمّ التعدّي على حقهم في التعبير عن الرأي والتظاهر عبر توقيفات وادعاءات اعتباطية بحقهم انتهت إلى إعلان براءة الغالبية منهم. وكذلك من خلال “لجنة المحامين المتطوعين للدفاع عن المتظاهرين” التي أدّى خلالها المحامون دورًا في الإعلام والتوعية على مخاطر التعرّض للمتظاهرين. وعاد هذا الدور ليبرز من جديد وبصورة أكبر في انتفاضة  17 تشرين، كما بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت وخلال الأزمة المالية والادعاءات ضدّ المصارف وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

وخلال هذه المراحل، أدّى الكثير من المحامين دورًا هامًا في تقريب القانون والحقوق إلى المجتمع من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كما من خلال الندوات والحلقات النقاشية، ومن أهمها التوعية حول حقوق الدفاع خلال التوقيفات التعسّفية بحق متظاهرين. فقد شهدت ساحات التظاهر حلقات توعية حول الحقوق التي تُكرسها المادة 47 من قانون أصول محاكمات جزائية للموقوفين، ولم تنحصر هذه التوعية بالأمور التقنية بل تعدّتها إلى إنتاج وعي حول التدخّل السياسي في القضاء وأهمية استقلالية القضاء وإظهار الانتهاكات التي ارتكبها محامون عامون وأجهزة أمنية. 

وبرز دور المحامين في تبديد معالم الخلل التي تشوب التحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت. فلولا جرأة بعضهم لما تنبّه الرأي العامّ إلى محاولات عرقلة التحقيق والاستغلال التعسّفي لأصول المحاكمات الجزائية والمدنية في دعاوى الرد ومخاصمة الدولة عن أعمال القضاة. ولبقيت التصريحات الإعلامية بهذا الخصوص محصورة بالمدعى عليهم من نوّاب ووزراء سابقين والناطقين باسمهم والّذين يملكون كل الإمكانيّات لإيصال خطابهم. فكان دور المحامين لمساندة أهالي الضحايا لنشر الوعي وفضح الانتهاكات القانونية التي يرتكبها عدد من المدعى عليهم.

وفي قضايا المودعين، ظهر المحامون بمؤازرة المودعين الّذين سرقت المصارف جنى عمرهم. وتعزز هذا الدور في مجموعات أُنشئت من قبل ناشطين ومحامين للدفاع عن الناس مثل “رابطة المودعين”. وكلّ ذلك لا يُمكن أن يتحقق إلّا عبر سلسلة مترابطة لا يُمكن هدم أي من أركانها تتمثل في الإعلام والمحامين والناس. فمن الصعب على أي صحافي أن يتطرّق إلى موضوع يجمع بين الشأن العام والقضاء والقانون من دون الاعتماد على المُحامين والمحاميات بشكل كبير لإنتاج المعلومة الدقيقة.

اعتراضات بالجملة على التعديلات

حاول النقيب كسبار في تصريح عبر إذاعة صوت لبنان التقليل من أهمية الاعتراض على القرار بحجّة أنّ “المحامين المعترضين لا يتعدّون عشرين محاميًا”، إلّا أنّ الواقع أنّ الاعتراضات كانت بالجملة سواء عبر بيانات أو تصريحات أو طعون أمام القضاء. فقد تقدّم 12 محاميًا ومحامية بطعن أمام محكمة الاستئناف المدنية الناظرة في القضايا النقابية، كما تقدّم المدير التنفيذي لـ “المفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية بطعنٍ ثانٍ أمام المحكمة نفسها في التعديلات الطارئة على نظام آداب المهنة. كذلك أعرب ائتلاف استقلال القضاء وتحالف حرية الرأي والتعبير اللذان يضمّان عددًا من المحامين والجمعيات الحقوقية عن اعتراضهم على القرار لتقييده حرية التعبير الدستورية مطالبين مجلس النقابة بالرجوع عنه.

كما صدرت مواقف اعتراضية عدّة، كاعتراض النقيب السابق والنائب الحالي ملحم خلف الذي أكدّ في حديث مع “نداء الوطن” أنّه يرفض التعديلات لكونها تمسّ بحرية الرأي والتعبير التي هي أساس لوجود المحامي ورسالته في المجتمع إضافة إلى أنّ التعديل يمسّ المحامي بصورة خاصّة إذ يفقده نوعًا من المساواة التي يكفلها الدستور بينه وبين سائر المواطنين.

وبدوره، رفض النائب والقاضي السابق جورج عقيص التعديلات عبر تغريدة على “تويتر” قائلًا: “مطلوب من مجلس نقابة المحامين العودة الفورية عن التعديلات التي أدخلها على نظام آداب المهنة والتي تقيّد حرية المحامي في التعبير والظهور الإعلامي”. وأضاف “إذا كانت الحجة في ذلك ارتكابات أو تمادي أو مخالفات بعض المحامين، فالأحرى بالنقابة ملاحقة هؤلاء لا كمّ أفواه الجميع”. وتابع عقيص: “التعويض عن كلام باطل بالمفرق خيرٌ من إسكات الكلام الحق بالجملة وثمّ ما بالنا تُخنق الحرية في لبنان وتضيّق مساحاتها؟”.

ويُركز نقيب المحامين السابق عصام خوري في حديث مع “المفكرة” على إشكالية أخرى في هذا الجدل تتمحور حول عدم تواجد النقباء السابقين في اجتماعات مجلس النقابة، سائلًا إذا كان ذلك “غيابًا للنقباء أم تغييبًا؟”. وإذ أكدّ خوري أنّ رأيه في التعديلات “أحتفظ به لإبدائه في مجلس النقابة”، شدّد على أنّه من الأجدى “بمجلس نقابة المحامين أن يُناقش أمرًا كهذا في المجلس بوجود أعضائه المنتخبين والدائمين، أي النقباء السابقين الّذين يزيد عددهم عن 12 نقيبًا”. 

ومن جهته، يجد المحامي فادي بركات أنّ “للمحامي دور رائد وأساسي في توجيه المجتمع في القضايا الكبرى لا سيما السياسية والقانونية والإجتماعية. في المبدأ، لا يجوز وضع قيود على المحامين بخلاف ما تنص عليه الشرائع الدينية والمدنية خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور اللبناني و قانون تنظيم مهنة المحاماة حيث يعتبر الفرد قيمة بحد ذاته،”. ويضيف “من الأجدى أن نفكر بصوت عال إن كان من المفيد إلزام المحامين بأذونات مسبقة في ظل التطور التكنولوجي و الإنفتاح العالمي على صعيد الإعلام و التواصل، مع الحرص و التأكيد على أن “المجلس التأديبي واللجان المعنية هي الرادع الكافي و الوافي لتجاوز الحد المعطى لكل محامٍ وفقا للقوانين المرعية الإجراء”. ويؤكد بركات أنّ هذه التعديلات يجب أن تكون موضوع بحث جدي مع سعادة النقيب و مجلس النقابة لما فيه خير النقابة و الوطن”.

ودفعت التعديلات المحامي ميشال نعمة إلى الاستقالة من خمس لجان نقابية هو عضو أو يشغل منصب مستشار فبها، وذلك “رفضًا لتعديلات 3 آذار 2023 التي تمسّ بحرية المحامين وكرامتهم”، التي اعتبرها تعديلات “غير دستورية وغير قانونية وغير نقابية” في بيان أصدره في 18 آذار. وطالب نعمة مجلس النقابة بأن يتراجع عن قرار التعديلات الذي وصفه بقرار “الظلم والقمع”، وفي حال أصرّت النقابة على التعديلات رأى نعمة المطالبة باستقالة النقيب وأعضاء المجلس وإجراء انتخابات نقابية مبكرة. ويُصرّ نعمة في حديث مع “المفكرة” على أنّ ما جاء في بيانه هو تعبير عن الرأي لا تعرّض لشخص النقيب وأعضاء المجلس. ويؤكدّ أنّ “المرحلة المقبلة ستشهد التصعيد السلمي بالوسائل المشروعة لإلغاء هذه التعديلات”. ويشدد على أنّ عددًا من المحامين جاهزون للخطوات التالية في إطار مناقشات داخلية، بغض النظر عن أنّهم لم يعلنوا بعد مواقفهم. ويشرح موقفه من التعديلات بأنّها تظلم جميع المحامين بينما كان يُمكن للنقابة استخدام النصوص الموجودة التي تلحظ التجاوزات التي يقوم بها المحامون من دون تعديل يُكرّس إسكات جميع المحامين. ويشدد على حق المحامي في الرأي والتعبير لافتًا إلى أنّ المحامي يمكنه ممارسة “الصحافة القانونية” وفقًا لقانون تنظيم المهنة، وهذه المهنة تُعدّ مصدر رزق للعديد من المحامين.

لدرء “الفوضى”: رقابة مسبقة على الجميع

وفي بيانه في 20 آذار 2023 شجب ائتلاف استقلالية القضاء التعديلات الجديدة ووصفها بـ “اتجاه لإخضاع حرية المحامين في التعبير بأي وسيلة كانت للرقابة المسبقة من نقيبهم”. وشرح أنّ التعديل الذي يجبر المحامي على الاستحصال على إذن لـ “يشترك في أي ندوة أو مقابلة ذات طابع قانونيّ تنظّمها إحدى وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أو “المجموعات” يضع “حرية المحامي وقفًا على هذا الأذن وأنه يفقدها تمامًا في حال حجبه عنه”. وشرح الائتلاف أنّ هذه التعديلات هي تعدّ واضح على جوهر حرية التعبير للمحامين المحمية بالدستور والقوانين والاتفاقيّات الدولية، وهي “تستهدف استقلالية المحامين في ممارسة حق الدفاع عن موكليهم، وهي ممارسة باتت تُفرض بعد 17 تشرين وأكثر من أي زمن آخر الاحتكام إلى الرأي العام في العديد من القضايا بالغة الأهمية وأهمها قضايا المرفأ والمصارف وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع، كردّ على جسامة التدخّلات في أعمال القضاء والمساعي الحثيثة لتعطيله”. وأمّا لناحية ما أفاد به النقيب كسبار لتبرير التعديلات لضبط “الفوضى” فرأى الائتلاف أنّ “الفوضى” باتت تهمة تلصق بكلّ من يتجرّأ على خرق نظام الإفلات من العقاب”. والأمثلة على ذلك كثيرة وهي تشمل  استخدام الفوضى سبباً لانقلاب مدعى عام التمييز غسّان عويدات على تحقيقات المرفأ كما ولانقلاب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على مبدأ فصل السلطات في أول مسعى قضائي لرفع السرية المصرفية.

وفي بيان لاحق صدر في 4 نيسان الجاري ندّد الائتلاف باستدعاء المحامي نزار صاغية إلى المجلس للاستماع إليه من دون توضيح الأسباب، الأمر الذي وصفه الائتلاف بـ “إجراء ابتدعه مجلس نقابة المحامين لفرض مزيد من السطوة على المحامين وتخويفهم بإمكانية شطبهم من دون أي محاكمة”. وحذّر من “اتخاذ أيّ خطوات عقابية أو تخويفية بحقّ أيّ من المحامين على خلفية ممارسة حرية التعبير والانتقاد أو مخالفة أيّ من أحكام نظام آداب المهنة المخالفة حكما للدستور والمواثيق الدولية”. ووضع الائتلاف الاستدعاءات الأخيرة للصحافيين جان قصير ولارا بيطار في إطار واحد مع استدعاء صاغية إلى مجلس نقابة المحامين إذ أنّها “تستهدف مدراء ثلاث مؤسسات تشكل سندًا أساسيًا في عملية التحرّر من النظام السائد”.

طعنان أمام القضاء يؤكدان: “الحريّات حقوق دستورية”

على إثر انتشار قرار التعديلات الجديدة التي سرعان ما نشرتها نقابة المُحامين ضمن كتيّب يحتوي نظام الآداب في حلّته الجديدة، لجأ عدد من المُحامين إلى القضاء لحفظ حقوقهم الدستورية عبر الطعن في القرار أمام محكمة الاستئناف المدنية الناظرة في القضايا النقابية. إلى حد اللحظة هناك طعنان أمام محكمة الاستئناف المدني لوقف تنفيذ قرار التعديلات والتراجع عنه.

الطعن الأول في تاريخ 29 آذار تقدّم به 12 محاميًا ومحامية وهم: جاد طعمه، نجيب فرحات، واصف الحركة، حسن عادل بزي، علي عباس، مريم البوتاري، مازن صفية، عروبة الحركة، ملاك حمية، ديالا شحادة، محمد حسن لمع، وحسام الجواد. وقد شرحوا فيه وجوب فسخ وإبطال القرار المُستأنف لخروج مجلس النقابة الذي أصدره عن اختصاصه. واعتبر الطعن أنّه يعود الاختصاص لمجلس النوّاب في تشريع القوانين بما يتعلق بحرية الرأي والتعبير علمًا أنّ قانون تنظيم مهنة المحاماة “لم يقتصر على حفظ حق المحامي بإبداء الرأي والتعبير بأي وسيلة كانت بل أعطاه الحق أيضاً بممارسة الصحافة العلمية والحقوقية”.

واعتبر الطعن أنّ التعديل فرض قيودًا ومحظورات، مخضعًا إياه في بعض أوجهه لنظام الإذن المسبق، فيما المادة 13 من الدستور اللبناني تنص على “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة والاجتماع وتأليف الجمعيّات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون”. واعتبر الطعن أنّ “التعديل خالف نظام آداب مهنة المحاماة التي نصت في المادة الثانية منه على أنّ المحامين “نخبة في المجتمع رسل العدالة وحماة الحقوق والمدافعون عن الحرية العامة…”.

ويشرح المحامي نجيب فرحات وهو أحد المحامين الـ 12 أنّ الطعن أتى على اعتبار هذا التعديل في النظام هو تقييد للحريات بشكل غير دستوري. ولفت إلى أنّ التعديل تضمن عبارات عامّة وفضفاضة مثال التحدث عبر “المجموعات” وكأنّه يقصد مجموعات الواتساب. كما ورد فيه كلام حول الإعلام والإعلان في الانتخابات، وهي أمور تُعالج عبر قوانين وليس نظام مهنة. وعن ورود تقييد لاستخدام المحامين للألقاب وحصرها بـ “نقيب، نقيب سابق ودكتور” فيقول فرحات: “لو أرادت النقابة ضبط الفوضى في موضوع استعمال الألقاب، لكان بإمكانها إنشاء لجان علمية هدفها تحديد تخصص المحامين”. وعليه يختصر فرحات الموضوع بـ “لا حاجة لتعديل نظام آداب المهنة، والقوانين الموجودة يُمكن استخدامها في حالة المحامين الّذين ينتهكون أصول المهنة”. وأكدّ فرحات تبلغ نقابة المحامين الطعن يوم الخميس الماضي في تاريخ 30 آذار، ولديها أسبوع للرد.

وأكدّ المحامي جاد طعمة وهو أيضًا أحد الطاعنين بالقرار، أنّ تحرّك المحامين للطعن أتى في وقت لا يحتمل التأجيل، ولهذا السبب حُصر الطعن بالأسماء الواردة بالطعن وهم 12 محامٍ ومحامية. وشرح طعمة أنّ “هؤلاء ارتأوا أن يكونوا رأس حربة في هذه المعركة، مع العلم بوجود عدد كبير من المعترضين ولو أنّهم لم يتوجهوا للطعن”.

وفي الطعن الذي قدّمه المحامي نزار صاغية  في 31 آذار برّره بأنّه أتى “من باب الواجب في الدفاع عن حقوق الدفاع ومصالح المجتمع في أحلك الظروف التي يمّر بها”. وشرح فيه الدور الذي أدّاه المحامون خلال أبرز الأحداث التي شهدها لبنان، ومنها ما بعد مرحلة 17 تشرين الأول 2019، وفي العديد من القضايا المتصلة بالحريات العامة وحقوق الانسان عامة أو تفجير المرفأ أو المودعين وقضايا الفساد. ولفت إلى أنّ هذا الدور “أسهم في تعزيز مشروعية فئات واسعة من القوى المغبونة أو المهمشة أو المتضررة.. في مواجهة نظام يتجه إلى طمس القانون والعدالة ومبدأ فصل السلطات”. واعتبر أنّ المصلحة الاجتماعية تتطلب أن يذهب المحامي باتجاه “مواصلة جهده بشراسة من خلال الاحتكام للرأي العام والشعب الذي هو مصدر السلطات”. وأضاف أن “تحمي النقابة توجهه ومعه حماية نموذج المحامي المناصر للقضايا الاجتماعية…على أن تتدخل فقط في حال حصول أي تجاوز لهذا الدور”.

ولفت إلى أنّ التعديل الذي أجراه مجلس النقابة نسي هذا الدور الذي يقوم به المحامي أو تخلى عنه، فبدلًا من محاسبة من ارتكب المخالفات ذهب إلى إلغاء مبدأ الحرية وتجريد المحامين كافة منها في اتجاه فرض وصاية ورقابة عليهم. وبذلك، تحولت “الحرية” من حرية مضمونة بالدستور والمواثيق الدولية إلى مجرد حرية ممكنة يتولى نقيب المحامين مهمة منحها أو حجبها وفق ما يراه مناسبا بمعزل عن أي ضوابط أو معايير.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، نقابات ، حرية التعبير ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، المهن القانونية



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني