ما هي حقيقة ممارسة رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد ضغوطا على القضاء بهدف استخدامه كأداة لتصفية خصومه السياسيين؟
سؤال يجيب عنه سعيّد بحديث عن تدخّل من المنظومة السابقة في القضاء. ودليله أن قضاة باتوا يُنسبون “لسياسيّ معروف” لا يرغب في ذكر اسمه وقضايا تظلّ تُؤخَّر لسنوات من دون صدور حكم فيها بسبب الحصانات وألاعيب السياسيّين. فضلا عن ذلك، يسهب سعيّد في الحديث عن فساد القضاء معتبرا أن دعواته لتطهيره ليست تدخلا فيه بل عنوانا لمشروع سياسي قوامه العدل، وهو مشروع أعلن تمسّكه به حين قال “قضاء عادل خير من ألف دستور”. قول لا يقنع المعارضين الذين يتحدثون عن استخدام المحاكمات الجزائية كوسيلة لترهيب بعضهم. كما يبدو أنّ جانبا هامّا من القضاة لا يصدّقونه بدليل حديثهم عن هرسلة لهم وعن استهداف لسلطتهم يمسّ بشروط بناء القضاء المستقل.
ويبدو من المهم في هذا السياق الذي يظهر فيه القضاء حلبة للصراع، رصد عمل المحاكم طلبا لفضح ما قد يكون من انحرافات تطال السلطة القضائية ودعما لما قد يكون من مقاومة قضائية مهنية لقيم المحاكمة العادلة.
وفي هذا السياق، يهمّ المفكرة التي كانت من المنصّات التي دعمتْ نضال القضاة التونسيين طلبا لضمانات استقلاليتهم أن ترصد أوضاعهم في فترة الاستثناء في مسعى إلى توثيق جانب من مجريات القضايا التي قد تفيد في مراحل لاحقة لتقييم موضوعي لعمل القضاء ولتحقيق فهم أفضل لميكانزمات تفاعله مع الرأي العام والضغط السياسي ولرسم صورة تكون أكثر موضوعية حول تمثل القضاة لقيم مهنتهم في فترات أزمات الانتقال الديمقراطي.
رصد محاكمات شهر نوفمبر 2021
بطاقة 1:
تحقيق تونس: بطاقة جلب في حق الرئيس منصف المرزوقي
مساء يوم 04-11-2021 ، أصدر قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة جلب دولية في حق الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي في القضية التحقيقية المثارة ضده والتي يتهم فيها بالخيانة العظمى إسنادا لتصريح أدلى به للقناة التلفزية الإخبارية فرنسا 24 بتاريخ 12-10-2021 تحدث فيه عن افتخاره بكونه من المعارضين الذين ساهمت مواقفهم في توصية المجلس الدائم للفرانكفونية تأجيل القمة 18 لقادة منظمتهم والتي كانت مبرمجة بجزيرة جربة التونسية يومي 20 و21 من الشهر 11 من سنة 2021.
ويذكر أن الرئيس قيس سعيد كان بتاريخ 14-10-2021 وجّه وزيرة العدل ليلى جفال لإثارة الملاحقة المذكورة باعتماد الفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية في خطوة فهم منها في حينها أن النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس امتنعت عن إثارتها تلقائيا رغم الضغوط الإعلامية التي سلطت عليها لهذه الغاية.
وبات من المعلوم اليوم أن الصبغة السياسية للمحاكمة وللبطاقة القضائية التي صدرت نتج عنها عدم استجابة من الدول الديمقراطية لطلب القضاء التونسي الذي يبدو من الواضح خضوعه لضغوط سياسية في عمله اختلف تجاوبه لها بين القضاة والمحاكم.
بطاقة 2:
ابتدائية نابل: سنة سجن في حق النائب زهير مخلوف
في نهاية شهر أكتوبر من 2019، تقدّمت فتاة تدرس في أحد المعاهد الثانوية بولاية نابل بشكاية جزائية ذكرت فيها أنّ شخصا حاول مطاردتها والتحرّش بها جنسيّا وأنّه مارس العادة السريّة قبالتها. وأدلتْ تأييدا لادعائها بصورة مستخرجة من هاتفها الجوال. تاليا، كشفت الأبحاث أن المعني بالاتهام هو نائب الشعب زهير مخلوف الذي كان عند حصول الوقائع متواجدا بالمنطقة في إطار الحملة الانتخابية التشريعية بصفته رئيس قائمة حزب قلب تونس بتلك الجهة. وقد نفى التهمة الموجّهة إليه مدّعيا أن الصورة الملتقطة له كانت لما كان بسيارته بصدد التبول في وعاء خصصه للغرض وفرضت عليه حالته الصحية استعماله متمسكا بكونه ضحية لمؤامرة سياسية وأن الشاكية يتم استغلالها لتشويه سمعته.
سنة بعد ذلك، وتحديدا خلال شهر أكتوبر من سنة 2020 وجهت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بنابل تهم “التحرش الجنسي والمجاهرة بما ينافي الحياء” على مخلوف وأحالته على الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بنابل لمقاضاته من أجلها. تاليا وبتاريخ 12-11-2021، كشف الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بنابل عن إصدار الدائرة الجناحية في ساعة متأخرة من مساء 11-11-2021 حكما ابتدائيا يقضي بسجنه أي مخلوف مدة عام واحد مع النفاذ العاجل ولتعلن في اليوم الموالي وزارة الداخلية في بلاغ نشر بصفحتها الرسمية عن تمكن “وحدات الأمن الوطني، في ظرف 24 ساعة، من التّوصّل إلى تحديد مكانه.. وإلقاء القبض عليه”.
اعتبرت جمعيات نسوية وجمعية القضاة التونسيين في بيانات سابقة لها طول أمد نشر القضية مؤشرا على تواطؤ من جهات قضائية مع المتهم ودليلا بالتالي على استعمال السياسي للقضاء. وكرّر ذات الاتهام الرئيس قيس سعيد في مناسبتيْن على الأقلّ لما تحدث عن متهم موثقة جرائمه بصور ولا يوقف ولا يصدر في حقه حكم.
في المقابل، يذكر آخرون أن مخلوف لم يتمسك بالحصانة ومثل أمام القضاء كلما تمت دعوته لذلك بما يؤكد التزامه بعلوية القانون. وقد عزوا تأخير البتّ في قضيته لتعطل العمل بالمحاكم لمدد طويلة جراء جائحة الكورونا والتحركات الاجتماعية للعاملين بها خلال فترة نشرها. كما لاحظوا أن مخلوف أُحيل للمحاكمة بحالة سراح وحضر جلسات المحاكمة حتى لما كان نائبا. وعليه، يرى هؤلاء أن التنفيذ العاجل للحكم عليه يعكس تأثر المحكمة التي أصدرت الحكم بالضغط السياسي.
بطاقة 3:
الجنائية الاستئنافية بسوسة: حكم في قضية لطفي نقض
في تاريخ 18-10-2012، وتنفيذا لدعوة صدرت عما كان يسمى حينها رابطة حماية الثورة وعدد من الأحزاب السياسية، جابت مسيرة مدينة تطاوين. وكان المشاركون فيها في كل مرة يتوقفون أمام إدارة عمومية ليرفعوا شعار تطهيرها ممن سموهم رموز الفساد. وبوصولهم مقرّ الاتحاد الجهوي للفلاحين، رشقهم من كانوا داخله بزجاجات حارقة وحجارة زيادة على سكبهم الماء عليهم. وبعد مواجهة بين الطرفين، نقل رئيس الاتحاد لطفي نقض للمستشفى الجهوي حيث توفي ليتحوّل ما كان حراكا سياسيا إلى قضية جزائية ذات أبعاد سياسية بفعل انتماء من اتهموا لحركة النهضة ومن توفي لنداء تونس.
في هذا السياق، وجّهت دائرة الاتّهام لدى محكمة الاستئناف بسوسة تهمة القتل العمد لإثنين من قيادات المظاهرة والمشاركة بالقتل لإثنين آخرين زيادة على توجيهها تهما بارتكاب جنح من قبلهم ومن قبل سواهم. وقد أحالت الجميع على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسوسة لمقاضاتهم من أجل ذلك. وقد قضتْ هذه الدائرة بتاريخ 14-11-2016 بعدم سماع الدعوى في جناية القتل لكون الاتهام الذي استند لشهادة الشهود والمحجوز والاختبارات الطبية يعتريه شكّ يستفيد به ضرورة المتهمون. وذكرت في هذا الإطار أن:
1- ما ذكره الشاهدان ج.و وم.خ بخصوص مشاهدتهما للمتهم ث. وهو يعتدي على الهالك بواسطة قاعدة إسمنتية تستعمل عادة لتثبيت المظلات الشمسية تضمن تضاربا في ماديات الواقعة علاوة على نفي بقية الشهود معاينتهم له ولكون استعمال مثل تلك الأداة في الاعتداء كان سيخلّف أضرارا بدنية تتجاوز حتما تلك التي لحقت جثة الهالك.
2- ما ورد بأقوال الشاهد ص.ب كونه شاهد المتهم س.أ متسلّحا بقطعة خشب تستعمل في البناء وبكونه اعتدى بها على الهالك وبكون تسجيل تلفزي بثته القناة الوطنية أظهر فعلا شخصا يحمل مثل تلك الأداة لا يمكن أن يثبت تهمة القتل لما تبين من كون الهالك نزل من مكتبه بما ينفي أن يكون الاعتداء على فرض حصوله كان قاتلا ولغياب أي دليل على كون المتهم المذكور من تولاه غير أقوال الشاهد التي لم تعزز بدليل خارجي يؤيدها.
3- أن الفريق الطبي الذي باشر الإسعافات بالمستشفى الجهوي بتطاوين أكد وصول نقض وحدة الإنعاش حيّا وتمّ إعلامهم من مرافقيه أنه يعاني من مرض سابق في القلب وأنه لم يكن يحمل بجسده أي آثار لرضوض أو كسور وأن محاولة إسعافه باستعمال التدليك والتنفس الاصطناعي هي من أدت لكسور بضلوعه من 2 إلى 7.
4- أن التضارب بين التقرير الطبي الأول الذي أكد أن الوفاة ناتجة عن أزمة قلبية والتقرير الطبي الثاني الذي ردها للاعتداء يمنع حصول جزم علمي في الموضوع.
رحّبت حينها حركة النهضة في بيان صدر عنها بالحكم الذي اعتبر الواقعة في عنف ومشاركة في معركة وتمسكت بكون الاعتراض عليه يكون في إطار التقاضي. ودعت إلى “عدم توظيف القضية بما يشوّش على القضايا الحقيقيّة للبلاد ولا يخدم إلا أجندة تقسيم التونسيين وتمزيق نسيجهم الاجتماعي”. بالمقابل، اعتبر الندائيون منطوقه دليلا على استحواذ النهضة على القضاء. تاليا وبتاريخ 16-11-2021 نقضت الدائرة الجنائية الاستئنافية ذاك الحكم لتقضي بالإدانة والسجن في جريمة القتل لمدة خمسة عشر عاما نافذة. وهنا كان 25 جويلية 2021 حاضرا في القراءة السياسية للنص القضائي. فقد اعتبر أنصار سعيّد ما قضت به المحكمة دليلا على تعافي القضاء بعده وتخلصه من سيطرة ما سموه الإخطبوط الأخواني. قول ناقضه محامو المتهمين الذين لاحظوا أن جلسة المحاكمة غاب عنها جملة المتهمين ونوابهم والقائمون بالحق الشخصي ومحاموهم ورغم ذلك فالمحكمة التي انتصبت بها أصرّت على النطق بالحكم فيها دون احترام للحق في المحاكمة العادلة معتبرين ذلك كافيا بذاته ليكون قرينة على توظيف ممن سموه سلطة الانقلاب للقضاء. اتهام حاول الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بسوسة رده بتصريح ذكر فيه “أن الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بسوسة أصدرت حكمها بعد أن قامت بإجراء أعمال استقرائية أفرزت معطيات جديدة”. وقد أفاد في هذا السياق أن الدائرة الجنائية تولت مكاتبة وزارة الداخلية قصد مدّها ببعض الوثائق واطلعت على محتوى حاملين إلكترونيين (فلاش ديسك) تمت إضافتهما في هذا الطور الاستئنافي وتضمنا مشاهد مصوّرة توثّق أجزاء من الواقعة. كما قامت الدائرة بتكليف لجنة طبية ضمّت 3 رؤساء أقسام في الطب الشرعي من مستشفيات مختلفة قصد حسم التناقض بين التقارير الطبيّة السابقة في خصوص تحديد السبب المباشر المؤدي لوفاة الهالك.” وهو الأمر الذي نفاه محامي المتهمين سمير بن عمر الذي أكد خلو ملف القضية من مؤيدات جديدة وتمسك بكون الاختبار الطبي المأذون به لم يثبت العلاقة السببية بين العنف والوفاة ونشر كدليل على ذلك صورة من مراسلة صادرة عن وزارة الداخلية فيها أن الجهة التي صدر عنها لم تقدم للمحكمة وثائق جديدة وجانب من وثائق اختبار طبي.
وبعيدا عن الجدل الدائر في خصوص ثبوت التهمة من عدمها، فإن صرف الدائرة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بسوسة قضية نقض للمداولة في غياب المتهمين والدفاع وقبل الاستماع للمرافعات يعد خرقا جسيما للحق في المحاكمة العادلة.
بطاقة 4:
الكاف: ارتكاب أمر موحش ضد الرئيس … تهمة تتقاذفها النيابات
بتاريخ 19-10-2021، نشر المواطن ش.د القاطن بجهة الكاف تدوينة على صفحته للتواصل الاجتماعي تضمّنت ما اعتبرتْه المصالح الأمنية تحقيرا لرئيس الجمهورية. فتمّ الاحتفاظ به وحُرّر في شأنه محضر عدلي وجه بصحبته بتاريخ 21-10-2021 للنيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بالكاف. قررت هذه الأخيرة التخلي عن نظره لفائدة النيابة العمومية العسكرية بالكاف بحجة أنّ الفعل المجرّم سُلّط على القائد الأعلى للقوات المسلحة بما يكون معه نظره من اختصاص القضاء العسكري. وهنا وفي ذات التاريخ، ردّت النيابة العسكرية الأبحاث ومعها المشتبه به لمصدرهما -أي النيابة العدلية- بعد أن تمسكت بعدم الاختصاص الحكمي في نظر التهمة. وبنهاية تنازع الاختصاص الحكمي ذاك، أحال وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بالكاف المتهم للدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بالكاف بحالة إيقاف لمقاضاته من أجل ارتكاب أمر موحش في حق رئيس الجمهورية طبق الفصل 67 من المجلة الجزائية.
في الطور الحكمي، أُخّرت القضية في الجلسة الأولى بتاريخ 02-11-2021 بسبب عدم إحضار مصلحة السجون للمتهم. وتمّ الحكم فيها بتاريخ 09-11-2021 بسجنه مدة 19 يوما وهي المدة التي قضاها موقوفا.
و يلاحظ هنا:
- أن مبادرة النيابة العمومية العدلية بالكاف لإثارة الدعوى العمومية في تدوينة وإذنها بإيقاف من كتبها يرد في سياق تعدّدت فيه مثل تلك التتبعات على مستوى القضاء العدلي. لكنه لا يعكس فعليا الموقف الغالب للنيابات والذي يتمثل في إحالة من يحرر في حقهم محاضر مماثلة للمحاكمة بحالة سراح.
- أن الحكم القضائي بالسجن النافذ في حقّ من ينتقدون الرئيس استند إلى نصّ تجريم يعود إلى العهد الاستبدادي ولا يحترم مبدأ شرعية الجريمة طالما أنه لا يُعرّف بدقة الفعل الموحش الذي يجرمه. وهذا الاتجاه يعدّ مؤشّرا مقلقا لما فيه من إنكار لحق المواطن في انتقاد الشخصيات العامة ومن تقصير في حماية الحق في المحاكمة العادلة. وهو زيادة على ذلك يعدّ تراجعا عن أحكام قضائية سابقة صدرت عن القضاء التونسي وقضت في مثل تلك الوقائع بعدم سماع الدعوى تكريسا للحق في حرية التعبير .
- أن النيابة العسكرية التي اعتبرت في مرحلة سابقة أن صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة المسندة لرئيس الجمهورية تجعله عسكريا وتفرض بالتالي مقاضاة من ينسب لهم التشهير به أمام المحاكم العسكرية قد تراجعت في هذه القضية عن موقفها ذاك. ويأتي هذا التراجع الذي يؤمل أن يكون مبدئيا وليس فقط محصورا في هذه القضية، تبعا لانتقادات حقوقية واسعة لما يتم اليوم من ملاحقات للمدنيين أمام المحاكم العسكرية.
بطاقة 5:
محاكمة عسكرية للصحفي عامر عياد ونائب الشعب عبد اللطيف العلوي:
في قرار ختم بحثا صدر عنه بتاريخ 04-11-2021، اعتبر قاضي التحقيق العسكري لدى المحكمة العسكرية الدائمة بتونس ما ورد من تصريحات من الإعلامي التونسي عامر عياد في برنامجه الحصاد السياسي الذي بث على قناة الزيتونة بتاريخ 01-10-2021 يشكل جريمة ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية والتحريض على العصيان. كما نسب القرار لهذا الأخير ولضيفه عضو مجلس نواب الشعب عبد اللطيف العلوي ارتكاب جرائم إضعاف ثقة العسكر في القيادة العسكرية ونسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي. وقد أحال القرار عياد بحالة إيقاف والعلوي بحالة سراح على المحكمة الابتدائية العسكرية لمقاضاتهما من أجل ذلك.
يعتبر أنصار الرئيس مثل هذه المحاكمة دليل صرامة المحاكم العسكرية في حمايتها لهيبة الدولة ومنعها من التطاول على مؤسساتها وهو أمر يفتقده القضاء العدلي. في المقابل، يتمسّك من اعتبروا تلك المحاكمة سياسية وتمثل اعتداء على الحق في المحاكمة العادلة بكون:
- الأقوال المنسوبة للمتهمين كانت في إطار التعبير عن الرأي ولم تتضمّن أي قدح أو ذم للرئيس أو للمؤسسة العسكرية.
- أن مرسوم الصحافة يمنع مقاضاة الإعلاميين بنصوص جزائية غير تلك التي وردت فيه وهي لا تستوجب عقوبات سجنية في مثل هذه الحالة.
- أن المتهمين مدنيان ولا يقبل بالتالي مقاضاتهما أمام المحاكم العسكرية.
كما يعيبون على المجتمع المدني والحقوقي ضعف تحركاته دفاعا عن حرية الإعلام فيما تعلق بهذه القضية متهمين الناشطين فيه بالخضوع لحسابات التصنيف السياسي لضحايا الانتهاكات.
ويكون من المهم بمناسبة هذه القضية لفت النظر لتطور نسق محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية على خلفية مواقفهم من قرارات الرئيس سعيد أو من أسلوب إدارته للدولة. ويعد هذا الأمر مؤشرا خطيرا على مصير الحقوق والحريات وقيم المحاكمة العادلة.