الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي الجديد: أفول السرّية المصرفية؟

،
2022-07-25    |   

الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي الجديد: أفول السرّية المصرفية؟

دعا رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الهيئة العامّة لمجلس النوّاب إلى عقد جلسة عامّة يوم 26 تمّوز 2022، والتي ستكون الجلسة التشريعية الأولى للمجلس النيابي في ولايته الجديدة. وقد أُدرج على جدول أعمالها 40 بندًا أبرزها مشروع تعديل قانون السريّة المصرفية وأخطرها اقتراح معجل مكرر لتمدِيد المهل. 

يتضمّن جدول الأعمال 40 بنداً تنقسم على الشكل الآتي: 10 بنود سبق درسها وإقرارها في اللجان و30 اقتراحا معجلا مكررا تم إدراجها على جدول الأعمال من دون أي دراسة أو مناقشة سابقة، علما أن المقترحات التي تمّ إقرارها في اللجان تتكون من 7 مشاريع قوانين أرسلتها الحكومة قبل دخولها في فترة تصريف الأعمال و3 اقتراحات قوانين، أحدها اقتراح سبق إقراره لكن أعاده رئيس الجمهورية مجددًا إلى المجلس النيابي. وبذلك، يُنتظر أن ينحصر النقاش في عدد محدود من البنود، ليحال بالمقابل غالبية الاقتراحات المعجلة المكررة للجان لدرسها بعد إسقاط صفة العجلة عنها.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ تخلّف المجلس النيابي عن إقرار قانون الموازنة العامة لسنة 2022 شكّل السبب الموجب لتقديم 8 من هذه المقترحات، أي 20% منها، أبرزها مشروع القانون بفتح اعتمادات وصلت إلى 10 آلاف مليار ليرة لبنانية أي ما يقارب نصف النفقات التي وردت في موازنة 2020 والتي ما تزال السلطات العامة تعمل بها على أساس قاعدة الإثني عشرية وخلافا للدستور. كما انعكس تدهور أوضاع الوظيفة العامة على المبادرة التشريعية حيث يوجد 7 مقترحات (17.5%) تتعلّق به. كما نلحظ 5 مشاريع تتعلّق باتفاقيات ومعاهدات دولية (12.5%)، فيما توزعت المقترحات المتبقية على مواضيع مختلفة، أبرزها مقترحيْ السرية المصرفية المتناقضين، حيث أعدّ أحدهما في 2021 وعكس ممانعة قويّة من النواب حيال رفع السرية المصرفية والثاني انتهت لجنة المال والموازنة من إنجازه الأسبوع الماضي وشكل الخرق الأهم في نظام السرية المصرفية منذ إقرارها في 1956، بدفع من صندوق النقد الدولي. يضاف إلى ذلك مقترحات هامة، كحماية الإهراءات وتكريس علنية جلسات اللجان في المجلس النيابي وأخرى خطيرة كمقترح تمديد المهل.

وفي إطار رصده لأعمال البرلمان، يقدّم المرصد البرلماني – لبنان في “المفكرة القانونية” تعليقاته حول اقتراحات ومشاريع القوانين المقترحة والمفترض مناقشتها خلال الجلسة، مرفقة بنسخة عنها لتمكين الرأي العام من الاطّلاع والتّعليق عليها. كما سيحيل القرّاء إلى تغطيات منفصلة نشرها حول أبرز  المقترحات المتعلّقة بهذه الجلسة. وتسهيلًا للوصول إلى المعلومة، اعتمدنا الترتيب نفسه الذي ورد به الجدول، مع جمْع المقترحات المتشابهة.

وقبل المضي في ذلك، يجدر التذكير أنه سيسبق جدول الأعمال التشريعي انتخاب الأعضاء النواب (وعددهم 7) كأعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، إضافة إلى 3 أعضاء احتياطيين، في موازاة صعوبة محتملة في تعيين القضاة في هذه المحكمة تبعا لتعطيل مشروع التشكيلات القضائية لملء رئاسات غرف محكمة التمييز. ويجدر هنا التذكير بموقف المفكرة القانونية من هذه المحكمة التي هي محكمة وهمية لم تنعقد يومًا ويصعب جدا عقدها طالما أن اتهام أيّ من الرؤساء أو الوزراء أمامها  يفترض توفر غالبية ثلثي النواب بتصويت سري. ولا نبالغ إذا قلنا أن وجود هذه المحكمة يهدف إلى أمر واحد وهو إشهار اختصاصها (المضخّم غالبًا) في مواجهة أي محاولة لمحاكمة أي من الرؤساء والوزراء أمام القضاء العدلي، تمامًا كما حصل في قضية تفجير المرفأ.

فهرس البنود (بإمكانك التوجه إلى أي بند منها من خلال الضغط عليه): 

رقم البندتعليق المفكرةنسخة عن المقترح
1فتح اعتمادات إضافية في احتياطي الموازنةإضغط هنا
2اتّفاقية لإنشاء ممثلية للمنظمة الفرنكفونية في بيروتإضغط هنا
3اتّفاقية مع قبرص للتعاون في مجال مكافحة الحرائقإضغط هنا
4إلغاء إتّفاقية قرض لتمويل استثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددةإضغط هنا
5 قرض بقيمة 150 مليون دولار لاستيراد القمحإضغط هنا
6إعادة القانون المتعلق بالسرية المصرفيةإضغط هنا
7تعديل قانون السرية المصرفيةإضغط هنا
8اتفاقية تعاون تقني مع اليابانإضغط هنا
9 اقتراح تجميد الموازنات المدرسيةإضغط هنا
10التراجع عن الحدّ من التوظيفإضغط هنا
11تعديل بندان من الجدول رقم (9) الملحق بقانون موازنة العام 2019 إضغط هنا
12تعديل المادة (72)من القانون رقم 326 (موازنة العام 2001)إضغط هنا
13 تعديل المادة 35 من القانون رقم 6 الصادر بتاريخ 5/3/2020 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2020)إضغط هنا
14تعديل المادة الأولى من القانون رقم 90/1991 (فرض رسم خروج على المسافرين برا وجوا ورسم دخول على غير اللبنانيين) إضغط هنا
15 السماح لأشخاص القانون الخاص بتملّك الباصات الخصوصيةإضغط هنا
16 إنشاء صندوق مالي خاص بأفراد الأجهزة الأمنية والعسكريةإضغط هنا
17 اقتراح حول التفريق في المحاكم الجعفريةإضغط هنا
18 اقتراح تمديد تعليق المهلإضغط هنا
19 اقتراح إعطاء كل رب عائلة فقيرة 300 د.أإضغط هنا
20ترسيم حدود المياه الإقليمية(حسن مراد)إضغط هنا
21 (ترسيم حدود المياه الإقليمية (بولا يعقوبيان إضغط هنا
22 اقتراح قانون تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية: معالجة مسألة دستورية في قانون؟ إضغط هنا
23 التعويض لذوي الضحايا والمتضررين من العنف المفرط المستخدم ضدّ المتظاهرين في انتفاضة 17 تشرينإضغط هنا
24 تعديل المادتين 56 و 57 من المرسوم اشتراعي رقم 102 الصادر في
( قانون الدفاع الوطني)۱۹۸۳/۹/۱6
إضغط هنا
25حماية مبنى اهراءات القمح في مرفأ بيروت إضغط هنا
26 اقتراح مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع الصحيإضغط هنا
27 اقتراح لحماية حرش بيروت من الحرائقإضغط هنا
28 زيادة السن القانونية للتقاعد الحكمي لبلوغ السن القانونية
للتقاعد للضباط في الخدمة الفعلية من رتبة ملازم إلى رتبة مقدم و لرتباء و أفراد
إضغط هنا
29 منع التصرّف بالذهبإضغط هنا
30 تحويل الكوستابرافا إلى محطة إنتاج كهرباءإضغط هنا
31 استعادة صلاحيات مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الجامعةإضغط هنا
32 إعفاء ورثة ضحايا المروحية الإيطالية من الرسوم إضغط هنا
33 علنية اللجانإضغط هنا
34 تعديل قانون الانتخابات البلديةإضغط هنا
35 تعديل الفقرة (1) من المادة 68 من المرسوم الإشتراعي
رقم ۱۱۲ تاریخ ۰۱۹۵۹/۹/۱۲
( نظام الموظفين )
إضغط هنا
36 المحافظة على الأوراق الانتخابية لرئيسيْ الجمهورية والبرلمان خلال 24 ساعة من إجرائها (تعديل المادة 12 من النظام الداخلي) إضغط هنا
37 تعديل آلية التعيين في الفئة الأولىإضغط هنا
38تعديل في سن نهاية الخدمة و التقاعدإضغط هنا
39 منع دمج اللاجئين السوريينإضغط هنا
40 إعتبار مبنى إهراءات القمح في مرفأ بيروت معلما” يخلد
ذكرى فاجعة إنفجار 4 آب ۲۰۲۰
إضغط هنا

البند 1: فتح اعتمادات إضافية في احتياطي الموازنة

يُعدّ البند الأول على جدول الأعمال من أهم المقترحات في هذه الجلسة، وهو مشروع قانون يقضي بفتح اعتماد إضافي في باب احتياطي الموازنة بقيمة 10,000 مليار ليرة، علما أن لجنة المال والموازنة رفعت المبلغ الوارد في النص الأساسي لمشروع القانون (والذي كان 6500 مليار) بناء على طلب وزارة المالية التي اعتبرتْ أن المبلغ لم يعد كافيا. وقد خُصّص فتح هذا الاعتماد لغايتيْن: (1) تغذية احتياطي مختلف بنود الموازنة وقد تمّ رفع المبلغ المخصص لها من 4000 إلى 7400 مليار و(2) منح مساعدات اجتماعية للموظفين العامين (عطاءات مخصصة في النفقات المشتركة بين الوزارات) وقد تمّ رفع المبلغ المخصص لها من 2500 إلى 2600 مليار.  

وفي حين أنّه يترتّب العديد من المخاطر حول هذا المشروع، فقد أفردنا له مقالا خاصا خلصنا فيه إلى الآتي: 

“من أجل ضمان شفافية أكبر في صرف الأموال العامة، من الضروري تضمين مشروع القانون تفاصيل توضح وجهة إنفاق الاعتمادات الإضافية، ضمانا لوصولها إلى مستحقيها ومنعا لأيّ استنسابية في هذا الخصوص. كما من الضروري تضمين مشروع القانون بندا مفاده أن نقل بنود الاحتياطي يتمّ حصرًا بموجب مراسيم تتخذ في مجلس الوزراء منعا لإعمال آلية الموافقات الاستثنائية غير الدستورية”.

يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

اعتمادات إضافية في احتياطي الموازنة: 10,000 مليار تصرف وفق نظام “الموافقات الاستثنائية”

البند 2: اتّفاقية لإنشاء ممثلية للمنظمة الفرنكفونية في بيروت

ورد في البند الثاني من جدول الأعمال مشروع قانون وارد بمرسوم رقم 8971 الصادر في 29/3/2022، الرامي إلى طلب موافقة المجلس النيابي على اتّفاقية بين الدولة اللبنانية والمنظمة الدولية الفرنكفونية بشأن إنشاء ممثلية للمنظمة في الشرق الأوسط يكون مقرّها بيروت. وبموجب الاتّفاقية، تتمتّع المنظمة بحصانة قضائية تمنع ملاحقتها أو التنفيذ على موجوداتها، كما يُمنع ملاحقة موظفيها حتى بعد انتهاء وظيفتهم في حال ارتكابهم لجرائم متعلّقة بوظيفتهم. كما تُعفى المنظمة من الضرائب المباشرة وغير المباشرة والرسوم الجمركية وتُعطى معاملة تفضيلية في الاتصالات على غرار المؤسسات الدولية المتواجدة في لبنان.

وفي حين أنّ هذه الامتيازات والحصانات متعارف عليها لممثلي الدول والمنظمات الدولية بموجب اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، فإنّ الاتفاقية تنصّ على أنّ الدولة اللبنانية ستؤمّن المباني لتأمين عمل الممثلية، على أن تكون شروط إشغال هذه المباني موضوع اتفاقية لاحقة. 

السؤال الأبرز الذي يتبادر إلى الأذهان إزاء ذلك هو كيفية تأمين هذه المباني وإيجاراتها من قبل الدولة في ظلّ الضائقة المالية الخانقة. وعند طرح هذا السؤال على ممثل وزارة الخارجية والمغتربين السفير أحمد عرفة في جلسة للجان المشتركة لمناقشة هذا المشروع انعقدت بتاريخ 21/7/2022، أكّد أنّ مصرف لبنان هو من سيتولّى دفع الإيجارات، من دون أي توضيح إضافي. وهذا الأمر مُستغرب جدّا طالما أن نفقات تأمين المبنى يجب أن يفتح اعتمادات فيها في موازنة الدولة اللبنانية وأن تلحظ بالليرة اللبنانية، من دون أن يكون لمصرف لبنان أي دور أقله مباشر في هذا الخصوص. ويُخشى أن يتحوّل جرّاء ذلك هذا المبنى المستأجر إلى مبنى “إيسكوا جديد”، تدفع الدولة اللبنانية بموجبه إيجارات طائلة ومضخمة سنويا، تذهب بالمنفعة لجهات نافذة كشركة سوليدير والمساهمين فيها.

أما السؤال الثاني الذي لا نجد أي جواب عليه في الأسباب الموجبة لمشروع القانون، فهي المنفعة المتوخّاة من عقد هذه الاتفاقية بالمقارنة مع الأعباء التي تترتب عليها. 

خلاصة: يجدر مطالبة الحكومة بتوضيح آلية تسديد إيجار  مقرّ المنظمة والاعتماد المخصص له وتكليفها بتبيان الفوائد المتوخّاة من إنشاء هذا المقر في لبنان.

البند 3: اتفاقية مع قبرص للتعاون في مجال مكافحة الحرائق:

البند الثالث على جدول أعمال الجلسة هو مشروع قانون وارد بالمرسوم رقم 9195، تطلب فيه الحكومة الموافقة على اتُفاقية للتعاون مع قبرص في مجال مكافحة حرائق الغابات. وفي حين أنّ الاتفاقية لا تُنشئ أيّ موجبات إلزامية على الدولتيْن، فهي تشمل عدّة أطر تعاون كوضع آليات طلب المساعدة وتبادل المعلومات وتطوير الإجراءات المشتركة والقيام بتمارين مشتركة، كما وإنشاء لجنة مشتركة لمكافحة حرائق الغابات.

بقي أن نُشير إلى أنّ الاتفاقية وُقّعت في نيقوسيا في 30/11/2017، إلّا أنّه لم يتم عرضها على مجلس الوزراء والموافقة عليها إلّا في 8/2/2022، ولم يتم توقيع المرسوم بشأنها إلّا في 18/5/2022. وفي حين أنّه لا تتوفر معلومات حول سبب هذا التأخير، فإنّ  إنجازها من دون إبطاء كان من شأنه أن يخفّف من حدّة الحرائق التي اندلعت في الغابات اللبنانية خلال السنوات الخمسة الماضية لو تمّ تطبيقها. 

فمن يتحمّل المسؤولية من جراء هذا التأخير؟ 

خلاصة: مع التشديد على أهمية التوقيع على هذه الاتفاقية تحسّبا للحرائق، يجدر المساءلة عن أسباب التأخّر  في إنجازها. 

البند 4: إلغاء إتّفاقية قرض لتمويل استثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددة

من النادر أن تحصل حالة إلغاء لاتفاقية دولية، إلّا أنّ هذه هي الحال مع اتفاقية القرض بين لبنان والوكالة الفرنسية للتنمية، المتعلّقة بمساهمة الوكالة في تمويل استثمارات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة والطاقة المتجددة. وكانت الحكومة وافقتْ في 15/2/2022 على اقتراح كلاّ من رئيس الحكومة ووزير الطاقة على إلغاء الاتفاقية، لتُرسل المشروع بالمرسوم رقم 9333 في 27/5/2022.

وبالعودة إلى القرض، نلحظ أنه صدّق عليه بالقانون 74/2018 وقد بلغت قيمته 34 مليون دولار، عندها، وقّع مجلس الإنماء والإعمار  كونه المعني بالقرض توكيلا لمصرف لبنان لإدارة القرض.

وبحسب الرواية الرسمية الواردة في الأسباب الموجبة، فإنّ مصرف لبنان أفاد بتعثّر تنفيذ الاتّفاقية مع القطاع الخاص لضعف الطلب على هذه القروض وطلب إلغاء القرض برمّته، وقد وافقت الوكالة الفرنسية على ذلك. وبحسب وزير الطاقة وليد فياض الذي تحدّث عن المشروع أمام اللجان النيابية المشتركة في 21/7/2022، فإنّ  عدم وجود طلب على القرض حينها يعود إلى أنّ مصرف لبنان كان يموّل قروضا بفوائد أدنى، ما أدّى إلى توجّه الإقبال على تلك القروض دون القرض القائم.

وعليه، يطرح مشروع إلغاء الاتفاقية أسئلة هامة على ضوء حاجة لبنان إلى العملة الصعبة لتمويل استيراد معدات توليد الطاقة الشمسية، وأيضا على ضوء تزايد الحاجة إلى هذه المعدات في ظل انهيار  خدمة توليد الطاقة الكهربائية. وهذا ما يتأكد في كثافة الطلبات المقدمة أمام مصرف الإسكان للحصول على قروض لتركيب الطاقة الشمسية وفق تصريحات رئيس مجلس إدارة مصرف الإسكان أنطوان حبيب، وهي القروض التي أمكن المصرف منحها بموجب قرض مشابه من الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

فهل فعلا لا تتناسب شروط هذا القرض والفائدة المنصوص عليها فيه (الفائدة المرجعية المحددة من قبل مصرف لبنان + هامش) مع حاجات لبنان؟ وهل ثمة سوء إدارة أو تخطيط لوزارة الطاقة ومصرف لبنان ومجلس الإنماء والإعمار دفعت إلى إبرام هذا القرض من دون درس الحاجة إليه أو حالت دون الاستفادة منه علما أن الضّرر المترتّب على الدولة اللبنانية خلال فترة القرض غير المستفاد منه بلغت حتى الآن 86,000 ألف دولار أميركي، بحسب وزير الطاقة؟ فمن يتحمل هذه الخسارة؟ وأخيرًا، ألم يكن من الممكن مفاوضة الوكالة الفرنسية للتنمية على تحسين شروط القرض وتخفيض فوائده لإعادة السير به بدل إلغائه؟

بالخلاصة، إنه على فرض أن ثمة مصلحة للبنان في إلغاء القرض (وهي غير مثبتة في الأسباب الموجبة لاتفاقية إلغاء القرض)، يبقى أن ثمة تدقيقًا ملحًّا حول احتمال سوء إدارة إما في إبرام العقد أو في الاستفادة منه.

البند 5: قرض بقيمة 150 مليون دولار لاستيراد القمح

أحد أهم أسباب انعقاد الجلسة العامة هو مشروع القانون الرامي إلى طلب الموافقة على اتفاقية قرض مقدّم من البنك الدولي بقيمة 150 مليون دولار لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح.

الحكومة تطلب الموافقة على الاتفاقية التي وقّعت في 23 أيار 2022، وتنصّ على فتح اعتماد من هذا القرض على سعر الصرف الرسمي وقيدها في السجلات المالية بقيمة 226 ملياراً و125 مليون ليرة. كما ينص على فتح اعتمادات النفقات التشغيلية الواردة في المساهمة المُعطاة من موازنة المديرية العامة للاقتصاد والتجارة في موازنة المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري والتي يصل مجموعها إلى 2.5 مليون دولار (السلع والخدمات الاستشارية وغير الاستشارية). كما ينص العقد على تقسيم قيمة القرض إلى جزءين: جزء غير ميسّر ويقدر ب90% من المبلغ الإجمالي، وجزء ميسّر يشكل 10% منه.

بحسب نصّ الاتفاقية، يهدف المشروع إلى ضمان توافر القمح في لبنان استجابة لاضطرابات سوق السلع العالمية والحفاظ على توافر الخبز بأسعار ميسورة للأسر الفقيرة والمحتاجة. ويتألف من جزءين:

–   المساندة المالية لمستوردي القمح المؤهّلين لاستمرار توفيره بما يساعد على تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان لبنان من الخبز.

–   تدعيم قدرات وموارد وزارة الاقتصاد والتجارة من أجل إدارة المشروع بكفاءة ويشمل ذلك الامتثال للمتطلبات المالية والتعاقدية المتعلقة بالمشتريات، وكذلك البيئية والاجتماعية، والتدقيق المالي والإدارة المالية، والتعاقد مع جهة ثالثة للمراقبة والرصد، والتشاور مع المجتمعات المحلية وإدارة المظالم والشكاوي.

–   دعم استيراد القمح والحصول على الخبز بتكلفة ميسورة من خلال المساعدة التقنية لتعميق حماية المستهلك والمعاينة وجمع البيانات والشفافية والحوكمة في جميع مراحل سلسلة توريد القمح، بالإضافة إلى إجراء دراسات استقصائية حول الأسر المحتاجة والفقيرة بما في ذلك حصول اللاجئين على الخبز بتكلفة ميسورة.

وقد ورد ضمن الأسباب الموجبة للمشروع إشارة إلى أن الوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان وارتفاع سعر صرف الدولار في السّوق الموازية، أدّيا إلى ارتفاع أسعار السلع كافة ومنها السلع الغذائية بشكل خاص. وأصبحت كلفة استيراد القمح عالية جداً مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في سعر ربطة الخبز. ولما كان البنك المركزي غير قادر على تغطية قيمة شحنات القمح وتحويل الدولار إلى المورّدين في الخارج مقابل السعر بالليرة بما يوازي سعر الصرف الرسمي، وعلى وقع الآثار الاقتصادية للصراع في أوكرانيا، وفي سبيل الحفاظ على الأمن الغذائي لا سيما توفير الخبز للأسر المحتاجة بأسعار ميسورة، تقدم البنك الدولي بمشروع اتفاقية قرض ميسّر بقيمة 150 مليون دولار لتنفيذ مشروع الاستجابة الطارئة لتأمين إمدادات القمح. وقد تم التفاوض معه في شهر نيسان 2022 لتمويل هذا المشروع.

المشروع الذي أقر في لجنتي المال والخارجية النيابيتين، لم يمرّ من دون طرح عدد من الملاحظات والتحفظات، بالرغم من شبه الإجماع على أهميته لما يطاله من مادة حيوية وضرورية. وقد تركّزت هذه الملاحظات، التي يتوقّع طرحها في الهيئة العامة على:

–   بدلات الأتعاب الواردة في متن العقد.

–   الصلاحية الممنوحة للمديرية العامة للحبوب والشمندر السكري لفتح اعتماد ودفع ثمن الطحين إلى المورّدين في الخارج مباشرة. وقد طُلب تحدد أسباب هذه الصلاحية، علماً أنّ دمج الموازنات المُلحقة بالموازنة العامة نقل هذه الصلاحية إلى وزارة المالية ومصرف لبنان.

–   ضرورة تحديد الجهات الرقابية على عملية توزيع القمح المدعوم، بعدما أثير حول مخالفات بهذا الشأن.

–   ضرورة الضغط على البنك الدولي لتخفيف أعباء القرض كون لبنان مجتمعًا مضيفًا.

بالرغم من هذه الملاحظات، يُتوقع أن يوافق مجلس النواب على القرض، الذي يُشكّل المرحلة الانتقالية بين تأمين القمح على سعر 1500 ليرة وبين تحرير سعره، وبالتالي رفع سعر ربطة الخبز من 13 ألف ليرة حالياً إلى ما يصل إلى 40 أو 50 ألف ليرة (حسب سعر الصرف في السوق الموازية). فالاتفاقية تشير إلى فتح اعتمادات على السعر الرسمي، إلا أنها تترك مجالاً أيضاً لتعديل سعر الصّرف، وبالتالي تعديل قيمة الاعتمادات المفتوحة. وقد وردت في النص عبارة تشير إلى إمكان “تغيير عملة هذا المبلغ من حين إلى آخر من خلال عملية تحويل العملة”.

وقد أوضح مدير عام المالية بالوكالة جورج معراوي، في جلسة لجنة المال المنعقدة في 14 تموز 2022، أنّ هذه العبارة وضعت تحسّباً لتعديل سعر الصرف الرسمي. أي بمعنى آخر، لا تنوي وزارة المالية الاستمرار بدعم القمح على سعر 1500 ليرة، وقد تركت هامشاً لنفسها يسمح بتعديل هذا الدعم، ربطاً بتعديل سعر الصرف. هذا الأمر يؤكّده ممثل مستوردي القمح أحمد حطيط للمفكرة القانونية، مشيراً إلى أنّ سعر الصرف لن يكون واحداً أثناء تنفيذ الاتفاقية، وفيما يمكن أن يبدأ التنفيذ على سعر 1500 ليرة للدولار، فإن هذا الدعم سينخفض مع الوقت، وصولاً إلى إلغائه مع انتهاء فترة القرض.

وبحسب المعلومات، فإنه لم يتم الاتفاق مع البنك الدولي على السعر المفترض لدولار القمح بانتظار بدء التنفيذ. علماً أنه يتوقع أن يكون القرض كافياً لتمديد إمدادات القمح المدعوم بفترة تسعة أشهر تزيد أو تنقص حسب الأسعار العالمية للقمح. على أن يتم بعدها وقف الدعم نهائياً، كما أعلن وزير الاقتصاد أكثر من مرة. فالأخير سبق أن أشار إلى ما أسماه “ترشيد سعر الدعم، وصولاً إلى مرحلة توضع فيها آلية أخرى للدعم تتمثل بالدعم من خلال البطاقة التمويلية، فتكفّ الدولة اللبنانية عن دعم البضائع والدعم المباشر لمادة القمح ويتحول الدعم مباشرة للمستهلك وللطبقات الأكثر حاجة”. وعملياً، سبق أن اختبرت مسألة الربط بين رفع الدعم وبالبطاقة التمويلية. وتبيّن أنه لم ينتج عنها سوى وضع الناس في مواجهة ارتفاع كبير في الأسعار، إن كان بعد رفع الدعم المحروقات أو بعد رفع الدعم عن الأدوية، من دون وجود أي أثر للبطاقة التمويلية، التي أقرت منذ أكثر من سنة ولا تزال تنتظر التنفيذ. 

وعليه، يكون الواقع الحالي كالتالي:

–   بعدما حُصر الدعم بالقمح الخاص بالخبز العربي، انخفضت كميات القمح المدعوم من 50 ألف طن شهرياً إلى 35 ألف طن شهرياً.

–   سعر الطن حالياً 420 دولاراً، ما يعني أن لبنان يحتاج إلى نحو 15 مليون دولار شهرياً لتأمين حاجة السوق من الخبز العربي.

–   منذ أيام، يُنتظر تفريغ نحو 20 ألف طن من القمح من المرفأ، إلا أن ذلك لم يحصل بعد، بسبب إضراب موظفي مصرف لبنان الذي أعاق فتح الاعتمادات وبسبب تأخر وزارة الزراعة بأخذ العينات لفحصها. ويضاف إليها اليوم باخرة جديدة تحمل 25 ألف طن.

–   هذا يعني أن الكمية الحالية من القمح المدعوم، والتي تقدر ب45 ألف طن، تكفي سوق الخبز العربي لأربعين يوماً. وهي فترة يفترض أن تكون كافية للبدء بالاستفادة من قرض البنك الدولي. فبحسب وزير الاقتصاد، يحتاج تنفيذ القرض لنحو شهر منذ الموافقة عليه في مجلس النواب.

هذه الوقائع لا تطمئن كثراً. فهي غير كافية لضمان عدم استمرار طوابير الخبز أمام الأفران. فالطلب لا يزال مرتفعاً، والخبز العربي يُباع في السوق السوداء. علماً أن وزارة الاقتصاد والقوى الأمنية لا تزال غير قادرة حتى اليوم على ضبط التلاعب بكميات القمح أو مواجهة الاحتكار، ما يعني أنّ الطوابير قد لا تنتهي قريباً. وكل ذلك يُشكل تمهيداً لإنهاء الدعم، من دون أن يكون البديل، أي البطاقة التمويلية، مضموناً.

باختصار، الدعم على سعر 1500 ليرة للدولار مستمر حالياً لنحو شهر ونص، بعدها ستبدأ عملية تخفيض الدعم من دون أن يتّضح حجم هذا التخفيض. المرحلة الثانية هذه ستحفزّ التجار والمحتكرين على تخزين الطحين لتحقيق أرباح ضخمة عند رفع الأسعار. وبالرغم من إعلان وزارة الاقتصاد عن “تشكيل لجنة لتنظيم وصول القمح الى المرفأ وبعدها إلى المطاحن، وبمساعدة جميع الأجهزة لمتابعة وصول القمح إلى الأفران”، فإن التنفيذ، ربطاً بالتجارب السابقة، لن يكون مضموناً، وطبعاً وحده المستهلك سيكون المتضرر، إن كان في فترة تخفيف الدعم أو بعد نفاذ قرض البنك الدولي والبدء ببيع الخبز العربي بدون دعم، أسوة بكل أنواع الخبز الأخرى. 

البندان 6 و7: اقتراحان متناقضان لرفع السرية المصرفية

أبرز البنود الواردة على جدول أعمال جلسة مجلس النوّاب المقرّرة في 26 تموز 2022، بندان يتصلان بالسريّة المصرفيّة (6) و(7). الأول، اقتراح قديم أنجزته لجنة المال والموازنة في تشرين الأول 2021 بعدما درستْ ملاحظات رئيس الجمهورية عليه، وهو اقتراح ذات صياغة تضليلية تؤدّي مجددا إلى تكريس السرية تحت غطاء رفعها. والثاني، مشروع قانون ورد من الحكومة في إطار تنفيذ الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي في آذار الماضي وأنجزت اللجنة نفسها درسه الأسبوع الماضي، بعدما اصطدمت بمحاولة جمعية المصارف في تجريده من أي مفعول رجعي بما يمنع النفاذ إلى القيود المصرفية السابقة ويعطل أي عمل محاسبة.

وفي حين كانت المفكرة القانونية محّصت في الاقتراح الأول (بند 6 على جدول الأعمال) وصولًا إلى إثبات خلوّه من أي تعديل هامّ على نظام السرية المصرفيّة، نشرت في مقال منفصل ملاحظاتها على مشروع القانون الذي يتضمن موادّ هامّة وإن بقيت غير كافية على هذا الصعيد. 

ومن أبرز هذه الملاحظات، أن الصلاحية الممنوحة للسلطات القضائية لرفع السرية المصرفية ترتبط بدعاوى التحقيق، الأمر الذي قد يجرد قضاء الحكم والنيابات العامة من صلاحية طلب معلومات في إطار الاستقصاء (قبل قيام أي دعوى) أو المحاكمة. كما أن الصلاحية الممنوحة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تبقى صلاحية وهمية. كما انتقدت المفكرة تجريد الإدارة الضريبية من إمكانية الحجز على الحسابات المصرفية  أو تجميدها مما يهدد بضياع حقوق الخزينة العامة.

وقد خلصت المفكرة في مقالها إلى الآتي: “مشروع القانون كما تمّ إنجازه ليس مثاليا. لكنه يشكّل حتى اللحظة المسعى الأكثر قابليّة للنّجاح في خرق جدار السريّة المصرفيّة. وما كان هذا الأمر ليتمّ لولا شروط الإصلاح التي فرضها صندوق النقد الدولي. فهل تغلب إرادة الإستجابة لهذه الشروط على الممانعة التقليدية لدى غالبية الكتل النيابية حيال أيّ مسّ بالسرية المصرفية؟”

للاطّلاع على المقال:

هل انتهى زمن “السرية المصرفية”؟ لجنة المال والموازنة تطرح الأسود والأبيض للتصويت

البند 8: اتفاقية تعاون تقني مع اليابان

البند الثامن من جدول الأعمال يتعلّق بمشروع قانون بموجب المرسوم رقم 9469 تطلب فيه الحكومة الموافقة على إبرام اتّفاقية تعاون تقني مع اليابان. وكانت الحكومة قد وقّعت في 15/3/2022 اتّفاقية مع الحكومة اليابانية للتعاون التقني، رغبة في تعزيز التعاون التقني البيئي وتشجيع النمو الاقتصادي والاجتماعي.

بموجب الاتفاقية، ستقوم وكالة التعاون الدولي الياباني (جايكا) بتنفيذ أشكال التعاون مع مختلف المؤسسات العامة والحكومة اللبنانية.

خلاصة: من المفيد إبرام هذه الاتفاقية على صعيد التعاون الدولي. 

البند 9: اقتراح تجميد الموازنات المدرسية

من أخطر البنود الواردة على جدول الأعمال، اقتراح قانون كانت تقدّمت به النائبة السابقة بهية الحريري في 9/11/2021 يرمي إلى تجميد العمل بالمادّة الثانية من القانون رقم 515/96 التي تضبط الزّيادات على الأقساط المدرسية في المدارس الخاصّة غير المجانية، بالنسبة إلى العام الدراسي 2021-2022. وكان وزير التربيّة قد طلب عباس الحلبي سحب هذا الاقتراح من جلسة 21 شباط 2022 بعد اعتراض اتحاد لجان الأهل في المدارس الخاصة عليه، باعتباره يعطي الضوء الأخضر لرفع نفقات المدارس الخاصة وتاليا أقساطها من دون تحديد سقوف.

عملياً سيتيح الاقتراح في حال إقراره للمدارس برفع نفقاتها من دون ضوابط وتاليا برفع أقساطها أيضا من دون ضوابط،

وقد خلصت المفكرة القانونية في ختام مقال خصصته لهذا الاقتراح إلى الآتي: 

“إذ ينبني الاقتراح على تفهُّم هواجس المدارس الخاصّة بعد ارتفاع النفقات التسييرية، فإنه بالمقابل لا يولي أي اهتمام لأوضاع أولياء الأمور فلا يضع أي ضوابط لحمايتهم حيال تعسّف المدارس في وضع موازاناتها وتاليا في زيادة أقساطها. من هذه الزاوية، جاز القول أن اقتراح القانون يغلّب مصلحة المدارس على مصالح هؤلاء، مما يخل بالتوازن الضروري في حماية المصالح المختلفة.”  

للمزيد حول الاقتراح وخطورته:

مدارس خاصّة تفرض زيادات تصل إلى 200%

موازنات المدارس الخاصة من دون ضوابط: اقتراح تعديل المادة 2 من قانون 515/96

فيديو أعدّته المفكرة القانونية حول الاقتراح

البند 10: التراجع عن الحدّ من التوظيف

نجد هنا اقتراح القانون المقدّم من النائب ميشال ضاهر في 21/6/2021 والرامي إلى تعديل نص المادة 80 من قانون موازنة 2019 (قانون رقم 144 الصادر بتاريخ 31/7/2019) التي تحدّ من التوظيف في القطاع العام كما من التعاقد إلى حين إنهاء عملية مسح كل الإدارات العامة. وقد وسّع الاقتراح من الاستثناءات على مبدأ وقف التوظيف، مضيفاً إلى الفئات المستثناة من مبدأ إيقاف التوظيف والتعاقد (وهي القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية وموظفو الفئة الأولى ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة الهيئات والمؤسسات العامة) فئات جديدة وهي: المؤسسات العامة وبلدية بيروت وبلديّات مراكز المحافظات.

وقد استندت الأسباب الموجبة للمقترح على تعديل المادة 138 من قانون البلديات الذي نصّ على إجراء جميع المعاملات الفنية الهندسية في المكاتب الفنية لفروع التنظيم المدني في الأقضية باستثناء بلدية بيروت وبلديات مراكز المحافظات وسائر الاتحادات البلدية التي لدى كل منها مكاتب وأجهزة هندسية، ويتولّد عن هذا المقترح حاجة البلديات لإجراء التوظيف أو التعاقد بما يتلاءم مع حاجات ملاكاتها وأعمالها وذلك تسهيلا لمعاملات المواطنين وتسريعا لإنجازها ومنعا من أن يبقى التعديل القانوني حبرا على ورق.

وكان هذا الاقتراح ورد على جدول أعمال جلسة 2021/6/30 ولكنه قد أحيل خلال الجلسة المسائية (لم يكن النصاب متوفرا) إلى اللجان من دون أي نقاش يذكر. وعاد ووضع على جدول أعمال جلسة 7/12/2021 وأفضى النقاش البرلماني إلى إعادته إلى اللجان. عندها، أقرّته اللجان النيابية المشتركة في 24/2/2022 معدلاً. فعمدت إلى توسيع الاستثناءات عبر إضافة المؤسسات العامة الاستشفائية واتحاد البلديات إليها وتعديل أصول تعيين الناجحين في المباريات والامتحانات في الإدارات المعنيّة (استثناء من هذه الأصول شرط السن). وقد أُعيد درس الاقتراح في جلسة 29/3/2022 إلّا أنّه تقرّر تأجيل البحث فيه بعد  نقاش عمومي في سياسة التوظيف المتّبعة للدولة من دون الغوص في تفاصيل الاقتراح. فقد دار حديث حول المادة 80 نفسها التي فرضت إجراء مسح وظيفي لكافة موظفي القطاع العام ليُبنى عليه في السياسة التوظيفيّة.

إذ ذاك، يكون قد أُعيد الاقتراح مجددا إلى جدول الأعمال من دون أن يكون قد طرأ أي تعديل عليه عن الجلسات الماضية التي لم يُقر فيها. 

خلاصة: ينصح التركيز على ضرورة إجراء المسح الوظيفي المنصوص عليه في قانون 144/2019 قبل إدخال أي استثناءات جديدة على حظر التوظيف. 

البنود 11-12-13-14: محاولة لزيادة إيرادات الخزينة

كان لافتا في جدول أعمال جلسة المجلس النيابي، تقديم 4 اقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة من قبل مجموعة من 10 نواب تُمثّل كتلًا عدّة وهم: عناية عز الدين ومحمد خواجة وسليم عون ونبيل بدر ووليد البعريني وحسين جشي وسجيع عطية وجهاد الصمد وعماد الحوت وأحمد الخير. ويعكس عدد مقدّمي الاقتراح (10)، وهو الأقصى المسموح به بموجب النظام الداخلي أنّ توافقا بين كتل هؤلاء على الأقل قد حصل للسير بهذه الاقتراحات، كما أنّ توقيع أعضاء من كتلة التنمية والتحرير على الاقتراح يعكس موافقة من وزير المالية عليها. وتذهب الاقتراحات المعجلة المكررة الأربعة في اتّجاه واحد وهو العمل على تحصيل المزيد من الإيرادات للخزينة، بخاصة لجهة محاولة التعامل مع تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار. وفي هذا الصدد، يتبيّن أثر تأخر إقرار قانون الموازنة العامة للعام 2022، حيث أنّ هذه الاقتراحات أتت لتكرّر بعض ما ورد في مشروع الموازنة الذي أعدّته الحكومة، كحلّ مؤقت بعد تعثّر الانتهاء من إقرار الموازنة في لجنة المال.

بخصوص البند 11: يقترح النواب العشرة الممثلون لكتلهم زيادة مئات من رسوم المرافئ والموانئ والمطارات، وتحويل قسم كبير منها وبخاصة رسوم المطار إلى الدولار، وهو نفس ما ذهبت إليه المادة 85 من مشروع موازنة العام 2022، إلّا أنّ التدقيق بالأرقام يُظهر أنّ الاقتراح المعجل المكرّر قد رفع أغلب الرسوم عن تلك التي تضمنّها المشروع، بنسب متفاوتة. وفي حين أنّ هذه الرسوم بأغلبها ستتحمّلها شركات الطيران والشحن الجوي والبحري وأصحاب السفن والزوارق والمراكب، لا يُفترض أن يتحمّل المستهلك لهذه المرافئ الجوية والبحرية كلفا أكبر بالنظر إلى محدودية هذه الرسوم بالنسبة إلى إيراداتها. 

خلاصة:، يُعدّ الاقتراح عمومًا جيدا مع ما قد يوفره من إيرادات مالية للخزينة وبخاصة بالعملات الصعبة.

البند 12: في الاّتجاه نفسه، يذهب الاقتراح المعجل المكرّر الثاني حيث يرفع رسم استعمال صالون الشرف في المطار إلى 100 د.أ، بعدما كان 500 ألف ليرة لبنانية سابقا. ويلحظ هنا أن قيمة الرسم المقترح تدنّت بالنسبة إلى قيمة الرسم المعمول به سابقا والذي كان يصل إلى 333 د.أ. من دون أن يكون هنالك أي مبرر. فمن المعلوم أن مستخدمي صالون الشرف هم من الطبقة الأثرى والتي يفترض أن تزيد مساهمتها في الأعباء العامة لا أن تنقص، وبخاصة بما يتصل بقيمة الرسوم مقابل الحصول على خدمات كماليّة. 

خلاصة: يقتضي المطالبة برفع هذا الرسم لتكون قيمته متقاربة من قيمة الرسم المعمول به سابقا وعلى أن لا يقلّ عن 300 د.أ. 

البند 13: تفاديا للتناقض بين النصّيْن المذكوريْن أعلاه ونصّ المادة 35 من قانون موازنة العام 2020 والذي نصّ على مبدأ استيفاء الدولة اللبنانية للرسوم والضرائب بالليرة اللبنانية حصرا، يقترح النواب المذكورون إضافة فقرة على هذه المادة تُفيد باستيفاء رسوم المطارات والمرافئ لقاء خدمات معينة يدفعها الوكلاء البحريون عن السفن الأجنبية بالدولار الأميركي النقدي حصرا. أمّا بالنسبة لسائر الرسوم المرفئية فتستوفى بالليرة اللبنانية بحسب سعر منصة صيرفة. 

ويُستغرب مجددا استعمال منصّة صيرفة ومحاولة إدخالها في النظام القانوني، حيث أنّه من غير المنطقي أن يستند قانون إلى منصّة منشأة بقرار من مصرف لبنان ويمكن إلغاؤها بقرار مشابه ما يجعل القانون مستحيل التنفيذ. كما أنّه لا يوجد أيّ من معايير الشفافية في الأسعار التي تضعها المنصة، ويُمكن أن تبقى بعيدة ارتفاعا أو صعودا عن أسعار السوق ما يؤثر مباشرة على إيرادات الخزينة. كما يناقض هذا الاقتراح مشروع موازنة العام 2022 الصادر عن الحكومة، حيث نصّ في المادة 133 أنّ الحكومة هي من تحدّد سعر تحويل الضرائب والرسوم.

خلاصة: يشكل مضمون المقترح تشريعا لسعر منصة صيرفة، وذلك بخلاف ما نصت عليه المادة 133 من مشروع موازنة العام 2022. يقتضي التنصيص على استبدال الإحالة إلى احتساب الضريبة على أساس سعر صيرفة بما تحدده الحكومة من سعر تحويل الضرائب والرسوم. 

البند 14 : في السياق نفسه، يستنسخ الاقتراح المعجل المكرر المادة 57 من مشروع الموازنة، حيث يفرض رسوما على المسافرين على الشكل التالي: 35$ على كل مسافر على الدرجة السياحية، 50$ على كل مسافر على درجة “رجال الأعمال”، 65$ على كل مسافر على الدرجة الأولى و100$ عن كل مسافر على طائرة خاصة أو يخت خاص. كما يفرض الاقتراح وعلى غرار المشروع رسما قيمته 50 ألف ليرة لبنانية على كلّ مسافر غير لبناني عن طريق البر. وفي حين أنّ شركات الطيران حاليا تستوفي هذه الرسوم بالدولار الأميركي من المسافرين، لا يُفترض أن تُشكّل الرسوم الجديدة عبءًا إضافيًا على المسافرين، وهو أمر يستوجب مراقبة التزام الشركات به. إلا أنه يبقى من الملائم زيادة رسوم المُسافرين من فئات “رجال أعمال” أو “الدّرجة الأولى” أو على طائرة خاصّة أو يخت خاصّ، بالنظر إلى قدرتهم في الإسهام في مواجهة الأعباء العامة وبخاصة بما يتصل بخدمات كمالية.

إلّا أنّ الاقتراح تخطّى مشروع الحكومة، حيث يقترح تخصيص حساب خاص في مصرف لبنان بإسم الدولة اللبنانية توضع فيه 20% من إيرادات هذه الرسوم ليخصّص للإنفاق على تجهيزات المطار وصيانته. هذا الاقتراح يؤدّي إلى مزيد من تفتيت الدولة وهو يُشكّل خرقا صريحا لمبْدأ وحدة الموازنة العامة ذات القيمة الدستورية.

خلاصة: قد يكون من الملائم زيادة الرسوم على المسافرين على درجة رجال الأعمال والمسافرين على الدرجة الأولى أو على طائرة خاصة أو يخت خاص بالنظر إلى قدرة هذه الفئات وبخاصة بما يتصل بخدمات كمالية. كما يجدر التخلي عن فكرة تخصيص جزء من الإيرادات للإنفاق على تجهيزات المطار وصيانته لمخالفته مبدأ وحدة الموازنة ذات القيمة الدستورية. 

البند 15: السماح لأشخاص القانون الخاص بتملّك الباصات الخصوصية

تقدّم مجموعة النواب العشرة المذكورين أعلاه باقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 178 من قانون السير الجديد 243/2012. وفي حين كانت المادة الحالية تفرض تسجيل الباصات الخصوصية باسم مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، فإنّ الاقتراح يسعى إلى إتاحة المجال أمام تسجيل هذه الباصات بإسم المصلحة أو بأسم الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين تتعاقد معهم المصلحة لتأمين النقل العام لقاء بدل. وقد رُبط هذا التعاقد بقرار تنظيمي يصدر عن وزير الأشغال العامة والنقل بناء على اقتراح مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك.

تُبرّر الأسباب الموجبة للاقتراح ذلك بأنّ تفعيل النقل العام في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات بات حاجة ملحّة وضروريّة. وبما أنّ القانون ينصّ على تولّي مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك حصريّا إدارة واستثمار النقل المشترك على كافة الأراضي اللبنانية، وبما أنّه لا تتوفر الإمكانيات اللازمة للمصلحة لشراء الباصات الخصوصية، أتى الاقتراح ليسمح لأشخاص القطاع الخاصّ بتسجيل هذه الباصات على إسمهم مقابل تسييرها خدمةً للنقل العام من خلال تعاقد وتنسيق وعمل تحت إشراف المصلحة.

يقبل هذا الاقتراح الانتقاد من زوايا عدّة، أبرزها الآتيّة:

  • إنّ الاقتراح يأتي من خارج سياق أي خطّة شاملة للنقل العام، بل سيعمد إلى تفعيل خطوط نقل محلّية ضيّقة قد ترتدّ عكسيّا على تنقّلات المقيمين وعلى قطاع النقل وعلى المنافسة العادلة في هذا القطاع، وبخاصة بعدما غيّب الاقتراح دور البلديات والأمور البيئية والجدوى الاقتصادية والتنظيم المدني وحقوق الأشخاص المعوقين بالتنقل بشكل تامّ، وعليه، ينتظر أن يزيد هذا الاقتراح من الفوضى الحاصلة في القطاع. 
  • يلحظ الاقتراح توسيعا لصلاحيّة الوزير الذي هو صاحب القرار في نهاية المطاف، فيما كان من الممكن إناطة دور أكبر للمصلحة التي هي مؤسسة عامة مستقلة. ويخشى أن يشكل هذا المعطى بابًا لتغليب الحسابات السياسية في تحديد الخطوط المختلفة، أو لإعطاء أولوية لشركات على حساب أخرى أو أيضا لفرض نوع من الاحتكارات أو المحاصصات المناطقية في توزيع الخطوط. 
  • في حين أنّ الإشراف على سير هذه الباصات سيبقى لدى المصلحة وبقرارات تصدر عن الوزير، إلّا أنّ شكوكًا عدّة تحوم حول قدرة المصلحة على إدارة تشعّبات خطوط النقل الخاصة هذه، في ظلّ ما يُمكن وصفه بانعدام الموارد لديها. 
  • في حين أنّ الاقتراح يتعلّق بالباصات الخصوصية (النمر البيضاء)، مما سيولد منافسة غير عادلة بين الشركات التي ستستفيد منها وأصحاب النمر الحمراء الذين  تحمّلوا كلفة شراء نمرهم أو استئجارها (وهي تبلغ حوالي 6000 باص)، وهو قد يؤدّي تاليا إلى مزيد من الانخفاض في أسعار النمر الحمراء من حوالي 35 ألف دولار منذ 4 سنوات إلى 8 آلاف دولار اليوم.
  • يخشى أن يؤدي احتكار سوق النقل وتسيِيسه إلى استخدامه لاحقا كأداة للتحكم في نقل الناخبين كما سجل في الانتخابات النيابية الأخيرة. 

وقد صدر في هذا الصدد بيان في 25/7/2022 عن شبكة عدالة التنقل حول هذا التعديل، طلب فيه من جميع النواب إسقاط صفة المعجل المكرر لهذا القانون، وذلك لفتح المجال لبدء الحوار ومناقشة برنامج دمج متكامل يعطي قيمة للنقل غير الرسمي ودعمه على عدة مستويات و دعم الاستثمار العادل فيه وتنظيمه لمصلحة المجتمع لتحقيق عدالة التنقل للجميع.

خلاصة: 

يُستحسن التريّث في إقرار هذا الاقتراح بالنظر إلى مخاطره والثغرات التي يتضمنها وخلوه من الضوابط لحماية المنافسة العادلة، ودراسة آثاره على العاملين في القطاع وعلى تنقّلات المقيمين في اللجان النيابية بالتعاون مع الوزارة والمصلحة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالنقل والخبراء في التنظيم المدني. 

البنود 16-19-26: صناديق دعم فارغة

وردت ثلاثة اقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة مقدّمة من نواب مختلفين، يرمي كلّ منها إلى دعم فئات مختلفة من المواطنين. القاسم المشترك بين كلّ هذه الاقتراحات هو أنّها اقتراحات فئوية، تضرب صميم مبدأ المساواة المكرّس بالدستور، كما يجمع فيما بينها عدم وجود أيّ فكرة فعلية حول كيفية تمويل هذه الصناديق سوى تهيّؤات وآمال. وبالنتيجة، لن تؤدّي هذه الصناديق في حال أُقرّت قوانينها وتمّ السير بها إلا إلى مزيد من الهدر والفوضى والتمييز بين المواطنين، بخاصة لعدم وجود آليات واضحة لكيفية إدارة مواردها وتوزيعها على المعنيين. وتعود هذه الاقتراحات إلى نظرية مشتركة مفادها بأنّ إقرار قانون يؤدّي إلى حلّ إشكالية معينة ولو كانت المشكلة تتخطّى النطاق القانوني إلى نطاق مالي واقتصادي.

البند 16: يهدف الاقتراح المعجّل المكرّر المقدّم من النائب غسّان سكاف إلى إنشاء صندوق مالي لدعم رواتب أفراد ومتقاعدي المؤسّسات العسكرية والأمنية من جيش وقوى أمن داخلي وجمارك وأمن الدولة، ويشمل فيه المتقاعدين ومن هم في الخدمة الفعلية. اللافت في الاقتراح أنّه جرى إضافة شرطة مجلس النواب بخط اليد إلى القوى المشمولة فيه. وبحسب الاقتراح، فإن تمويله يكون من الهبات والمساعدات من المنظمات الدولية والحكومات العربية والأجنبية، أي أنّ الاقتراح لا يأتي ليدير أموال موجودة فعليا، بل أموالا متخيّلة يؤمل أن يتم التحصّل عليها. وفي حين لم يحدد الاقتراح كيفية إدارة الصندوق أو استخدام موارده، فإنه اكتفى بأن نصّ أنّه يعود للمجلس النيابي إقرار آليّة إنشاء لجنة مكلّفة إدارة هذا الصندوق وآلية عملها،  

هذا الاقتراح يقبل النقد من زوايا عدة: 

  • إنه يرشح عن مخالفة دستورية وتحديدا لمبدأ المساواة حيث أنّه يتمّ تمييز العسكريين والأمنيين عن باقي الموظفين. 
  • إنه أتى منقوصا يستحيل تطبيقه طالما أنه خلا من توضيح آلية تعيين إدارة الصندوق وإدارة موارده وكيفية استخدامها، تاركا ذلك لقانون آخر. فكأنما نفاذ هذا القانون سيكون معلقا على قانون آخر. 
  • إنه شكّل تخطّيا لآليّة قبول الهبات في مجلس الوزراء المنصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية وقوانين الموازنة المتتالية. ومن شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى مخاطر كبرى بحيث يولد تضارب مصالح لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية عموما، 
  • إنه أضاف فئة من العسكريين أو الأمنيين غير منظمة بقانون، ولا يعرف الكثير عن عديدها وهم شرطة المجلس النيابي.  

خلاصة: يقتضي ردّ هذا الاقتراح بالنظر إلى الثغرات التي تضمنها والمخاطر التي يرشح عنها.  

البند 19: في هذا البند اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب أشرف ريفي يرمي إلى دعم العائلات الفقيرة بمبلغ 300$ أميركي شهريا. وبحسب الاقتراح، فإنّ الدعم سيشمل أرباب العائلات الفقيرة العاملين في القطاع العام أو الخاص الذين يقلّ دخلهم عن 1000$ شهريا. وبحسب الأسباب الموجبة، فإنّ كلفة هذه العملية ستكون حوالي ملياري دولار سنويا، يضاف إليها حوالي مليار دولار لدعم استيراد بعض الأساسيات، ليصبح مجموع الدعم السنوي حوالي 3 مليارات دولار، بدل 9 مليارات دولار تُدفع سنويا على الدعم على زعم الأسباب الموجبة. ويُمكن انتقاد هذا الاقتراح من جوانب عدّة أبرزها:

  • أنّه شمل فقط العاملين في القطاع العام أو الخاصّ من دون أن يشمل العاطلين عن العمل وضمنا الذين خسروا وظائفهم ومداخيلهم تماما.
  • أنه ينبني على معيار ذكوري وهو ربّ العائلة حصرا، من دون الأخذ بعين الاعتبار الفقراء من الرجال أو النساء غير المتزوجين أو الأرامل أو غيرهم.
  • أنّه ستند إلى حسابات تفترض أنّ الدعم من قبل مصرف لبنان لا يزال قائما سنويا بقيمة 9 مليارات وأنّ الاقتراح يؤدي إلى التوفير،، وهو الأمر غير الصحيح.
  • إنّ المعيار الذي يضعه لمنح المساعدة (أقلّ من 1000 د.أ ) هو معيار  لا ينسجم مع معيار الفقر حاليا. 
  • إنه يخلط الاقتراح بين الدعم الحاصل من قبل مصرف لبنان عن طريق احتياطي العملات الأجنبية لديه، وبين الخزينة التي ستتحمّل عبء الدعم المنشود في الاقتراح، في تجاهل تام لكل الأحكام الدستورية التي ترعى الموازنة العامة للدولة. 
  • إنه يسهو تمامًا عن قانون إنشاء البطاقة التمويلية وما تضمنه من أحكام. 

خلاصة: يجدر ردّ هذا الاقتراح بالنظر إلى شعبويّته وعدم واقعيته. 

البند 26: قدّم النائبان بلال عبد الله وهادي أبو الحسن اقتراح قانون معجل مكرّر يرمي إلى منح العاملين في القطاع الصحي العام والخاص مساعدة اجتماعية قدرها راتب شهر. وبموجب هذا الاقتراح، تتولّى الخزينة العامّة كلفة المساعدة للعاملين في القطاع العامّ، مقابل تولّي المؤسسات الخاصة التي يعمل بها الأجراء في القطاع الصحي كلفة المساعدة لأجرائهم. وكما الاقتراحيْن السابقيْن، يضع هذا الاقتراح على عاتق الدولة أعباء مالية من دون أن يوجد اعتمادات لها.

خلاصة: يجدر ردّ هذا الاقتراح بالنظر إلى وعدم واقعيته. 

البند 17: اقتراح حول التفريق في المحاكم الجعفرية

هذا البند يتمثل في اقتراح قانون معجّل مكرّر قدمه النائب علي حسن خليل ويتعلّق بتعديل المادة 346 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري، في اتجاه تمكين النساء من تقديم طلب التفريق أمام المحاكم الجعفرية. وقد خوّل الاقتراح الزّوجة من الطائفة الجعفرية تقديم طلب للطّلاق رجائيا “أمام رئيس المحكمة الجعفريّة العليا الذي يقوم بالإجراءات والتحقيقات اللازمة، ويوقع الطلاق حال تحقّق شروطه المعتبرة شرعا أو يردّ الطلب”، مع تمكين المتضرّر من قرار قبول الطلب أو ردّه “الطعن به أمام هيئة المحكمة الشرعية والجعفرية العليا…”. 

ويورد الاقتراح ضمن أسبابه الموجبة عددا من النقاط منها أنّ موضوع الطلاق في المحاكم لدى الطائفة الجعفريّة شديد الحساسية وله شروط فقهيّة ضيقة (وهو يقصد أنّ صلاحية إعلانه محصورة بشخص الحاكم أي المرجعية أو من يوكله) قد لا تتوفر لدى جميع قضاة المحاكم الابتدائيّة (وهو يقصد أن الوكالة تمنح عموما من المرجعية لعدد محدود من الأشخاص منهم رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمحكمة الجعفرية العليا دون القضاة المنفردين) ما يمنع تقديم الطلب بداية أو يحول دون الوصول فيه إلى النتائج المتوخاة. ومن اللافت أن الأسباب الموجبة نصّت أنّ حصر تقديم الطلاق أمام رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا والطّعن به أمام هيئة المحكمة الشرعية الجعفرية العليا “يمنع الهرج والمرج في أمر دقيق ويحدّد ويقنّن المسؤولية بشكل صارم”.

ولإدراك أهمية هذا الاقتراح، يجدر التذكير بأمرين: (1) أن هذه المادة كانت حصرت تطبيق الفصل المتّصل بالتفريق في المحاكم السنية دون الجعفرية، وذلك للأسباب الشرعية المذكورة أعلاه والتي تحصر حالات الطلاق بطلب من المرأة ب “طلاق الحاكم”، و(2) أن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد أنشأ لهذه الغاية “محكمة ابتدائية” تنظر في الأحوال الشخصية ومنها طلبات النساء بالتفريق تحت إشراف رئيسه الذي هو يتمتّع بوكالة من المرجع السيستاني. ويلحظ أنّ هذه المحكمة نشأت خارج التنظيم القضائي للمحاكِم الجعفرية وبمعزل عن أيّ نصّ قانونيّ، وهي الآن محلّ طعن أمام مجلس شورى الدولة على خلفيّة عدم شرعيّة إنشائها. وإذ اعتبر المحامي نجيب فرحات في حديث للمفكرة القانونية أنّ إنشاء هذه المحكمة أدّى إلى بلبلة وفوضى وجعل إجراءات الطلاق شديدة التعقيد والكلفة بالنسبة للنساء في سياق تجاذب بين المجلس الإسلامي الأعلى والمحكمة الجعفرية العليا، رأى أن الاقتراح في حال إقراره يؤدي إلى وضع حدّ للفوضى في هذا المجال. ويضيف فرحات أن هذا الاقتراح جيّد لأنّه أوّلا يحدّد مرجعا واضحا لتقديم دعوى الطلاق لدى الطائفة الجعفرية أي رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا مع إتاحة الفرصة للمرأة بتقديم طعن في حال عدم حصولها على الطلاق وذلك أمام جهة محدّدة أيضا، وهي هيئة المحكمة الشرعية الجعفرية العليا. كما يعتبر فرحات أنّ اقتراح القانون يختزل المراحل التي كان على المرأة من الطائفة الشيعية المرور بها للوصول إلى الطلاق ويقلّل الكلفة عليها أيضا، إذ حصر موضوع الطلاق في محكمة واحدة.

وإذ آثرتْ المحامية منال زعيتر في حديثها ل “المفكرة القانونيّة” أنّ يسمح المشرّع للزوجة الشيعية بتقديم دعوى تفريق أو خلع على غرار المحاكم الإسلاميّة الأخرى وأن يحدّد أسباب التفريق، فإن هذا الطلب يصطدم بمواقف فقهية تصرّ على حصر الطلاق في يد الحاكم. 

خلاصة: يهدف الاقتراح إلى وضع حدّ لفوضى طلبات الطلاق التي تقدمها الزوجة، إنما ضمن سقف ما تتيحُه القواعد الشرعيّة المعمول بها، وبخاصّة لجهة حصر إعلان الطّلاق في الحاكم أو من يفوّضه. وعليه، يعمد إلى نقل الصلاحية من المحكمة الابتدائية المنشأة خلافا للقانون خارج التنظيم القضائي ليحصرها في المحكمة الشرعية الجعفرية العليا. يبقى أن حق الطعن الممنوح للمتضرر من قرار رئيس المحكمة العليا يتمّ أمام هيئة المحكمة العليا التي يترأسها، بما يحدّ من حق المحاكمة على درجتين. تجنبا لذلك، يكون من الملائم أن يفرض النصّ عدم ترؤس هذا الأخير الهيئة عند النظر في الطعون المرفوعة ضد قراراته، لكن هذا الأمر يصطدم بضرورة أن يحظى البديل عنه بوكالة من المرجعية. 

البند 18: اقتراح تمديد تعليق المهل

هذا البند يتمثّل في اقتراح قانون معجّل مكرّر تقدّم به النائب غازي زعيتر يهدف إلى تمديد تعليق المهل القانونية والقضائية والعقدية. وقد نصّ الاقتراح تحديدًا على الآتي:

  • يُمدّد العمل بأحكام القانون 257/2022 وهي الأحكام التي علقت المهل المتصلة بتسديد الضرائب والرسوم بما فيها اشتراكات الضمان فضلا عن تعليق البنود التعاقدية المتعلقة بالتخلف عن تسديد القروض. 
  • يُمدد العمل بالمادة الثانية من القانون رقم 237/2021 لغاية 31/12/2022 وهي المادة التي كانت علّقت المهل القانونية والعقدية والقضائية حتى 23/3،2021 فقط. 

وقد ورد في الأسباب الموجبة للاقتراح أنّ عدم تمديد تعليق المهل مجددا سيُرتّب أعباء على المواطنين “ومراجعات ودعاوى مرهقة”، بنتيجة الاعتكافات وعدم حضور موظفي القطاع العام إلى إداراتهم.

بالنظر إلى المخاطر التي تترتب على تعليق المهل (تعليق القانون عمليا)، خصصنا مقالا منفصلا لهذا الاقتراح. وأبرز ما خلصنا فيه، الآتي: 

  • وجوب إسقاط صفة العجلة بالنظر لما قد يترتب على قانون تعليق المهل الذي هو بمثابة تعليق لنفاذ القانون وتنويم للمحاكم والقضاء من مخاطر اجتماعية،
  • وجوب إخضاع أي قانون لتعليق المهل، سواء لتحديد طول المدة أو طبيعة المهل التي يشملها، لمبدأي الضرورة والتناسب. فمن غير المقبول أو المبرّر أن ينص القانون على مهل طويلة جدا تتجاوز بكثير الفترات التي سادتها ظروف قاهرة أو ظروف يصعب تجاوزها. كما من غير المقبول أو المبرّر أن يؤدي قانون تعليق المهل إلى أضرار اجتماعية أكبر بكثير من المنافع المرجوة منه، قوامها تدمير الثقة بالقضاء وتأبيد الاعتداء والتعسف في استخدام السلطة وضمان الإفلات من العقاب فضلا عن منع الممارسة الديمقراطية. ومن هنا ضرورة أن ينص أي قانون لتعليق المهل على استثناء مجمل المهل التي يسبب تعليقها أضرارا أكبر من المنفعة المرجوة منها، وفي مقدمتها المهل المحددة لمعالجة الأملاك البحرية المعتدى عليها أو المهل الاجرائية في دعاوى العمل أو الجرائم الخطيرة أو مهل الترشح للاستحقاقات الانتخابية على اختلافها أو تصاريح المسؤولين والموظفين العامين على ضوء قانون الإثراء غير المشروع.

يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

غازي زعيتر يقترح تعليق المهل مجدداً: متى ينتهي مسلسل حرمان الدولة من إيراداتها؟

البند 19: اقتراح النائب أشرف ريفي إعطاء كل رب عائلة فقيرة 300 د.أ

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 16.

البندان 20-21: اقتراحان لاعتماد الخط 29 للحدود البحرية الجنوبية

نجد هنا اقتراحيْ قانون معجليْن مكرّريْن يرميان إلى الهدف نفسه وهو اعتماد الخط 29 كخطر رسمي لتحديد الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية. وفي حين قدّم النائبان حسن مراد وبولا يعقوبيان هذيْن الاقتراحيْن عقب ورود أخبار عن دخول سفينة تنقيب لمصلحة العدو الإسرائيلي حقل كاريش المتنازع عليه، طالبت النائبة بولا يعقوبيان خلال جلسة انتخاب اللجان النيابية بالنظر باقتراحها نظرا لكونه لا يحتمل التأجيل، إلّا أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه برّي رفض ذلك قائلاً ليعقوبيان: “إنت بتعرفي إنّو هيدا ما بيقطع”، ليعود ويستخدم ذريعة عدم “اكتمال المطبخ التشريعي”، حيث اعتبر أنّ “ألف باء” التشريع هو عدم إمكانية حصوله من دون تأليف اللجان. ولكن برّي عاد وناقض نفسه حين برّر موقفه بواقعة لا علاقة لها بأصول التشريع وهو أنّ كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة آموس هوكشتاين سيزور لبنان مما ينفي ضرورة العجلة على حدّ قوله. حينها، فنّد المرصد البرلماني ذرائع برّي مؤكدا أنّه كان من الممكن وفق النظام الداخلي وممارسات برّي المتناقضة في إدارة الجلسات عرض الاقتراح للنقاش والتصويت.

في مضمون الاقتراحيْن، يقترح النائب حسن مراد (البند 20) تعديل القانون رقم 163/2011 بغية اعتماد الخطّ 29 كخطّ رسميّ لتحديد الحدود الجنوبية للمناطق البحرية اللبنانية”، ولاسيما المادة 17 منه. هذه المادة تنص على “تعيين حدود المناطق البحرية المختلفة، بمراسيم تُتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزراء المختصين”. أما اقتراح التعديل المقدم من مراد، فيشير إلى تحديد حدود المناطق البحرية وفقاً للخطّ الذي رسمته مصلحة الهيدروغرافيا التابعة للقوات البحرية في الجيش اللبناني، والمعروف بالخط 29، بإحداثياته التي حددتها قيادة الجيش اللبناني بموجب الكتاب رقم 2320، الموجّه إلى مجلس الوزراء في 4/3/2021. كذلك يترك الاقتراح هامشاً للسلطة التنفيذية بتعديل هذه الإحداثيات، بموجب مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء إذا دعت الحاجة إلى ذلك وعلى ضوء المفاوضات مع الدول المعنية.

اقتراح النائبة بولا يعقوبيان (البند 21) يذهب في التوجه نفسه لجهة اعتماد الخط 29 وترك هامش للسلطة التنفيذية في تعديله على ضوء المفاوضات. إلّا أنّ يعقوبيان أضافت فقرة تُلزم الحكومة اللبنانية إيداع الأمانة العامة للأمم المتّحدة الإعلانات اللازمة المتعلّقة بهذا القانون. أكثر من ذلك، طلبتْ يعقوبيان في اقتراحها استعجال إصدار القانون استنادا للمادة 56 من الدستور. ففي حين أنّ هذه المادة تنصّ أنّه على رئيس الجمهورية إصدار القوانين خلال فترة شهر، إلّا أنّها تُضيف أنّه يُمكن للمجلس أن يتّخذ قرارا بوجوب استعجال استصدار قانون معيّن، فيصبح لزاما على رئيس الجمهورية إصداره خلال مدّة 5 أيّام، وإلّا أصبح نافذا حكما.

خلاصة: كلا الاقتراحين يحدد سقفا عاليا لحقوق لبنان في مياهه الإقليمية. كما أن كلاهما يترك مجالا واسعا للحكومة لتعديله من دون الرجوع إلى المجلس النيابي. يقبل هذا التوجّه الانتقاد، حيث أن مجلس النواب يعلن في تشريع هذا الأمر إرادته في وضع يده على المسألة ليعود ويعطي هامشا واسعا للسلطة التنفيذية بتعديل الخطّ من دون الرجوع إليه.  

البند 22: اقتراح قانون تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية: معالجة مسألة دستورية في قانون؟ 

تقدم النائب نديم الجميل باقتراح قانون معجل مكرر يهدف إلى تنظيم انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية بحيث يتم إدخال رسميا مبدأ الترشح لرئاسة الجمهورية. فمن المعلوم أن انتخاب رئيس الجمهورية لا يحتاج إلى ترشيح مسبق بحيث يستطيع مجلس النواب أن ينتخب أي شخص تنطبق عليه الشروط المحددة في المادة 49 من الدستور والتي تنص على أنه “لا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح”، كما تمنع أيضا صراحة بعد التعديلات التي أدخلت عملا باتفاق الطائف سنة 1990 انتخاب القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها إلا بعد مرور سنتين على تاريخ استقالتهم أو إحالتهم على التقاعد.

يقترح القانون تنظيم عملية انتخاب رئيس الجمهورية عبر فرض على كل من يرغب بتقديم ترشيحه رسميا لهذا المنصب “قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية بثلاثة أشهر وخلال مدة شهر” وذلك عبر طلب يتم تسجيله في الأمانة العامة لمجلس النواب على أن تعلن هذه الأخيرة “الأسماء المقبولة بمهلة أقصاها  شهرين من موعد انتهاء الولاية وبجميع الأحوال عند تحويل المجلس إلى هيئة ناخبة”. 

ولا شك أن هذا الاقتراح يخالف التقاليد المتبعة في النظم البرلمانية الكلاسيكية حيث يتمّ انتخاب رئيس الدولة من السلطة التشريعية من دون وجود آلية مسبقة لتقديم الترشيحات. فالشروط المؤهلة لرئاسة الجمهورية هي عملا بالدستور ذات الشروط التي تؤهل الشخص للنيابة والتي يعددها قانون الانتخابات كأن يكون لبنانيا، أتم الخامسة والعشرين من العمر، ومقيدا في قائمة الناخبين، ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية، ومتعلما، وأن لا يكون في إحدى حالات عدم الأهلية المؤقتة المنصوص عليها أيضا في قانون الانتخابات. 

وبما أن الدستور هو الذي فرض منع انتخاب أي رئيس للجمهورية إلا إذا كانت تتوفر فيه الشروط نفسها التي تؤهله للنيابة، لذلك كان من الأفضل إدخال آلية الترشيح لرئاسة الجمهورية في الدستور نفسه عبر تعديله وليس عبر قانون عادي سيؤدي إلى إضافة شروط تحدّ من حرية مجلس النواب من دون أن يكون لها أي سند دستوري.

علاوة على ذلك، يتّسم هذا الاقتراح بشيء من الغموض كونه يمنح الأمانة العامة لمجلس النواب، وهي جهاز إداري فقط، صلاحية إعلان الترشيحات المقبولة من دون تحديد ما هو المعيار المتّبع لذلك. فهل ستتأكد الأمانة العامة من أنّ المرشح حائز على كل الشروط المؤهلة لرئاسة الجمهورية والمنصوص عليها في الدستور وقانون الانتخابات، ما يعني أن الأمانة العامة باتت سلطة قائمة بذاتها تتمتع بصلاحية تفسير الدستور والقانون في هذا الموضوع. وما موقف الأمانة العامة في حال تقدم شخص لا ينتمي إلى الطائفة المارونية بترشيحه؟ فهل ستعلن الأمانة العامة أن انتماء المرشح إلى الطائفة المارونية هو عرف دستوري يجب اتباعه أو أنها ستتجاهل الأمر؟  فالعرف الدستوري يتمّ تكريسه بقرارات قضائية وليس بمواقف يتمّ الإعلان عنها من قبل الأمانة العامة لمجلس النواب ولا حتى مكتب المجلس نفسه. 

ومن النقاط المبهمة، إشارة اقتراح القانون إلى “تحول المجلس إلى هيئة ناخبة”. فالدستور ينص في المادة 75 على أن مجلس النواب عندما يجتمع لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية. فالمجلس يتحول إلى هيئة ناخبة فقط في الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس بينما يفهم من اقتراح القانون أن مجلس النواب المنتظر منه انتخاب رئيس الجمهورية هو هيئة ناخبة دائمة ممتدة في الزمان، الأمر الذي لا أساس دستوري له كون مجلس النواب حتى خلال الفترة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية يمكن له ممارسة صلاحياته التشريعية والرقابية وهو بالتالي ليس هيئة فقط ناخبة دائمة.

وينظم اقتراح القانون أيضا في الفقرة “ث” منه الإجراءات الواجب اتباعها عند خلو رئاسة الجمهورية فينص أنه في حال حصول فراغ رئاسي “تفتح مهلة الترشيحات تلقائيا بإعلان فراغ رئاسي وعند تحويل المجلس إلى هيئة ناخبة لمهلة خمسة أيام ومن ثم تقفل مهلة الترشيحات”. لا تحدد هذه الفقرة من الذي يتوجب عليه إعلان الفراغ الرئاسي، والنظام الدستوري اللبناني، خلافا للدساتير الحديثة، لا ينص أصلا على أي مرجعية تتولى ملاحظة وإعلان خلو رئاسة الجمهورية. ومجددا تعتبر هذه الفقرة أن باب الترشيحات يفتح عند تحول المجلس إلى هيئة ناخبة ما يعود بنا إلى الملاحظة السابقة كون المجلس لا يكون دائما هيئة ناخبة بل فقط في الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية.

خلاصة: لا بد من التأكيد أن استحداث آلية رسمية للترشح لرئاسة الجمهورية من الأفضل أن يتم بتعديل دستوريّ. كما من الواجب منح صلاحية إعلان حصول فراغ رئاسي وقبول الترشيحات إلى المجلس الدستوري بوصفه جهة مستقلة منحها الدستور صلاحية البتّ في الطعون المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وليس إلى جهاز إداري أو حتى مكتب مجلس النواب الذي يتألف من شخصيات تتحكم بها الاعتبارات السياسية ما يهدّد نزاهة العملية الانتخابية.

البند 23: التعويض لذوي الضحايا والمتضررين من العنف المفرط المستخدم ضدّ المتظاهرين في انتفاضة 17 تشرين

تمثّل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر قدّمه النائب فراس حمدان يتعلّق بتعويض ذوي الضحايا والمتضررين جسدياً بسبب العنف المفرط الأمني الحاصل خلال الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 17 تشرين الأوّل 2019. بالرغم من أهميته، يستعيد الاقتراح آليات التعويض التي أقرّتها الدولة لضحايا تفجير 4 آب والمتضرّرين منه، وهي آليات أثبتت فشلها لا سيّما بالنسبة للجرحى والذين أصيبوا بإعاقة كاملة أو جزئية.

وقد خصصنا مقالا لدرس هذا الاقتراح. خلصنا فيه إلى الآتي: 

“يسجل لهذا الاقتراح أنه يعلن مبدأ التضامن الاجتماعي مع ضحايا الانتفاضات والاحتجاجات الشعبية المندلعة منذ 17 تشرين الأوّل 2019 وذويهم من جرّاء العنف الأمني الذي سلّط عليهم. إلا أنه يحتاج من أجل تحقيق غاياته إلى تعديلات هامّة، لإرساء آلية تحديد الأشخاص المستفيدين منه فضلا عن ضمان نظام تعويضيّ منصف لهؤلاء. فبالإضافة إلى ضرورة تمكين ذوي ضحايا التظاهر والمتضررين منه من تحصيل تعويضاتهم من جهة مدنية وليس عسكرية، تبقى التعويضات الممنوحة لذوي الضّحايا منقوصة. كما تبقى المواد المتصلة بالجرحى أو المصابين بإعاقة كاملة أو جزئية من جرّاء التظاهر مفرّغة من أي مضمون حقيقيّ.”

يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

اقتراح قانون لتعويض ضحايا الانتفاضة الشعبية وذويها: إعلان التضامن بانتظار آليات لتحقيقه

البنود 24-28-35-38: إطالة أمد خدمة الموظفين والعسكريين

تقدّم النائبان بلال عبد الله وهادي أبو الحسن باقتراح قانون معجّل مكرّر (البند 24) يرمي إلى زيادة سنتيْن على السن الذي يُحال إليه أفراد السلك العسكري على التقاعد، أو على عدد سنوات الخدمة التي يُحال حكما من بعدها على التقاعد. كما ونصّ الاقتراح أنّ هذا القانون سيكون مؤقتا لمدّة ثلاث سنوات فقط، ما يخالف مبدأ استقرار القاعدة القانونية. ويذهب هذا الاقتراح في نفس الاتجاه الذي ذهبت إليه موازنة 2019 بتأخير تسريح العسكريين، إلّا أنّه يناقض ما ذهب إليه مشروع موازنة 2022 نحو تشجيع التقاعد المبكر. وقد برّر واضعو الاقتراح اقتراحهم بسبب توقّف التطويع في المؤسسة العسكرية والعدد الكبير من حالات تسريح العناصر القائمة.

في نفس الاتجاه، يذهب الاقتراح المقدّم من نواب كتلة الوفاء للمقاومة علي عمّار وحسن فضل الله ورامي أبو حمدان (البند 28) لجهة زيادة سنتيْن قبل الإحالة الحكمية على التقاعد، إلّا أنّه يقتصر على من هم بين رتبة ملازم ومقدّم، من دون توضيح أسباب حصر الاقتراح بهذه الفئة سوى أنّ عدد الضباط في تناقص مستمرّ نتيجة التقاعد، وهو أمر يفترض أن يكون مشابها في حالة الضباط من الرتب الأعلى ولدى العناصر من الرتب الأدنى.

يضاف إلى ذلك، اقتراحان آخران وردا أيضا في صيغة المعجل المكرر: 

  • اقتراح (البند 35) قدّمه النائب بلال عبد الله منفردا وانتهى إلى رفع سن التقاعد الحكمي لدى الموظفين العموميين من 64 إلى 66 سنة لموظفي الفئتيْن الرابعة والخامسة، ومن 64 إلى 68 سنة لموظفي الفئات الثلاثة الأولى، على أن يبقى للموظفين من جميع الفئات طلب التقاعد على عمر 64 سنة.
  • اقتراح (البند 38) قدّمه النائب طوني فرنجية والذي ذهب فيه ليس فقط إلى رفع سن التقاعد الحكمي أربع سنوات بالنسبة للعسكر وموظفي السلك الإداري، لكنه رفع أيضا سنّ التقاعد الحكمي في القطاع الخاص إلى 68 سنة أو إلى 25 عاما من العمل في المكان نفسه، 

خلاصة: تهدف هذه الاقتراحات إلى الحدّ من النزيف في القطاع العام وضمنا الأجهزة العسكرية، وأيضا إلى إرجاء استحقاق التعويضات التقاعدية. وقد لحظنا توجهات متناقضة ومعاكسة في هذا الشأن ما بين قانون الموازنة العامة في 2019 ومشروع قانون الموازنة العامة في 2022. هذه الاقتراحات تحتاج إلى دراسة متكاملة ضمن خطة مالية اقتصادية للدولة.   

البندان 25-40: اقتراحان لحماية إهراءات مرفأ بيروت

تمثل هذان البندان في اقتراحيْ قانون وردا بصيغة المعجّل المكرّر ويهدفان إلى حماية إهراءات القمح في مرفأ بيروت من الهدم: الاقتراح الأوّل مُقدّم في 16 حزيران من قبل كتلة الكتائب، والاقتراح الثاني مقدّم في 21 تموز من ثمانية من نوّاب “قوى التغيير” (بولا يعقوبيان، رامي فنج، ياسين ياسين، ميشال الدويهي، فراس حمدان، مارك ضو، ملحم ;lخلف ونجاة عون). 

وقد خصصنا مقالا لدرس هذين الاقتراحين. خلصنا فيه إلى الآتي: 

كلا الاقتراحان يتضمن أفكارا إيجابية للحفاظ على المبنى تخليدا لذكرى 4 آب، الأمر الذي يؤكّد ضرورة دمجهما. ويبقى من المهم التأكيد على أمرين: 

  • التأكيد على تضمين الاقتراح النهائي موجب منع الانهيار، بهدف تحميل الإدارات العامة مسؤولية أي انهيار قد يحصل نتيجة الحريق أو تداعي المبنى من دون تدعيمه. 
  • بدل إيجاد وضعية جديدة لمبنى الإهراءات، قد يكون من الأنسب والأبسط تشريعيا وتنظيميا أن يتمّ إدراجه صراحة على لائحة جردة الأبنية التاريخيّة ليخضع لنظام هذه الأبنية. 

يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

اقتراحا قانون لحماية “الشاهد الصامت” وتخليد ذكرى 4 آب

البند 26: اقتراح مساعدة اجتماعية للعاملين في القطاع الصحي

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 16.

البند 27: اقتراح لحماية حرش بيروت من الحرائق

في البند 27، اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب فؤاد مخزومي، يرمي إلى إضافة مادة إلى القانون 131/2019 المتعلّق بحماية حرش بيروت. المادة المقترح إضافتها ترمي إلى منع إدخال أي مواد قد تتسبب بحرائق كالزجاج والألمينيوم، كما ومنع التدخين ومنع ال”picnic” وحفلات الطهي فيه. كما ورد في الاقتراح زيادة الحرس الليلي للحؤول دون حصول أي أعمال تخريبية، من دون تحديد أي آلية لهذه الزيادة كمّا أو نوعا.

خلاصة: يرمي الاقتراح إلى ضمان نظافة الحرج وحمايته من خطر الحرائق. هو اقتراح جيد عموما. بخصوص زيادة الحرس الليلي، يبقى النص غير واضح وملتبسا.  

البند 28: إطالة أمد خدمة العسكريين

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 24.

البند 29: منع التصرّف بالذهب

يتمثل هذا البند في الاقتراح المعجل المكرّر الذي قدّمه عدد من نواب تكتل “قوى التغيير” حول “تعديل قانون رقم 86/42 لتحصين حماية موجودات الذهب لدى مصرف لبنان”. وقد جاء في الأسباب الموجبة أنّ القانون رقم 42 الصادر في 24 أيلول 1986 “قد منع بيع الموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان والتصرّف بها، ولكنه لم يتطرّق إلى العمليات المادية أو المالية الأخرى التي يمكن أن تطاول هذه الموجودات غير البيع والتصرّف، مثل المبادلة (Swap)  والرهن ومنح حق الخيار (Option) وغيرها، كما أنه لم يمنع نقل الذهب من مكان (أو بلد) إلى آخر”. لذلك يتضمن هذا الاقتراح تعديل قانون منع الذهب بحيث يتمّ ذكر العمليات المادية والمالية التي وردت سابقا. كما منع نقل الذهب من بلد إلى آخر.

كما تضمن القانون بندا آخر قوامه فرض عقوبات على كلّ من يخالف هذا القانون بحيث تصل العقوبات إلى الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات “مع إسقاط جميع الحصانات القانونية المعمول بها مهما كان نوعها ومصدرها”.

وقد خصصنا مقالا منفصلا لدرس هذا الاقتراح، وقد خلصنا فيه إلى الآتي: 

  • إن تعديل موجب منع التصرف في الذهب المكرس في القانون 42/86 هو من لزوم ما لا يلزم، 
  • إن منع نقل الذهب من لبنان إلى الخارج أمر هام. لكن العكس يؤدي إلى نتائج معاكسة للبنان. 
  • إن العقوبة لا تتناسب مع خطورة الجرم بل تعكس تسفيها للمخاطر الجسيمة الناجمة عنه. ويفترض إعمال الحماية القصوى حيال عمليات التصرف بالذهب من دون موافقة المجلس النيابي تطبيق العقوبة على مجمل الأطراف المشاركة في هذه العمليات، بما فيها الأطراف المستفيدة منها أو ممثليها أو الأطراف التي توسطت لإنجازها أو ممثليها، فضلا عن جعل الجرم من الجرائم التي لا تنطبق عليها أحكام مرور الزمن. 

 يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

اقتراح بتعديل قانون منع بيع الذهب: لزوم ما لا يلزم وعقوبات لا تتناسب مع خطورة الجرم

البند 30: تحويل الكوستابرافا إلى محطة إنتاج كهرباء

في البند 30، اقتراح قانون معجل مكرر مقدّم من النائب فؤاد مخزومي ينص على التالي: “تخصيص أرض مطمر الكوستابرافا لبناء محطة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لإنارة مطار رفيق الحريري ودعم الطاقة في بيروت”.وقد اختصرتْ الأسباب الموجبة للاقتراح على عزل المطار عن التجاذبات السياسية وتأمين الكهرباء للمطار وبيروت في آن واحد.

يجدر إسقاط صفة العجلة عن هذا الاقتراح بانتظار إنجاز تصوّر واضح عن الأراضي التي ستخصّصها الدولة لإنتاج الطاقة الشمسية، وفق خطة ترتيب الأراضي، ومخططاتها لمطمر كوستا برافا

البند 31: استعادة صلاحيات مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الجامعة

يتمثّل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرر قدمه أربعة نواب من كتلة الوفاء للمقاومة هم حسن فضل الله وعلي فيّاض وإبراهيم الموسوي وحسن عزّ الدين، وهو يهدف إلى إعلان استعادة مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الجامعة صلاحياتهما المسلوبة بفعل المرسوم رقم 42/1997 الذي نقل هذه الصلاحيات إلى مجلس الوزراء.

وقد أسهبت الأسباب الموجبة في وصف واقع الجامعة والذي اعتبرت أنه نتيجة لمصادرة هذه الصلاحيات. فوفقها، “أدّت هذه المصادرة إلى تسلّل السياسة إلى البنية الأكاديمية للجامعة فسيطرتْ المحسوبيات والتوصيات السياسية والمناطقية والطائفية في الجامعة كما أدت إلى تعطيل عمليات التفرغ وفق المعايير الأكاديمية وظهور  أزمات في بنية الأقسام الأكاديمية”. فإذا انتهت من وصف هذا الواقع، أعلن النواب “نيتهم (من تقديم الاقتراح) العمل على تكريس المعايير العلمية والكفاءة بدلا من تقاسم الحصص وتعزيز دور وأداء الجامعة كمؤسسة أصيلة للتعليم العالي ودعم حضورها الواعد الذي يتقدم سنة بعد سنة ..”.

وبالنظر إلى أهمية هذا الاقتراح، خصصنا له مقالا منفصلا، أبرز خلاصاته هي الآتية: 

  • التعامل إيجابًا مع إعلان نواب كتلة الوفاء للمقاومة موقفا مناوئا لتسييس الجامعة الوطنية وداعمًا لاستقلاليّتها طالما أنه موقف يذهب في الاتجاه الصحيح، مع التذكير بمسؤولية الفريق السياسي الذي يمثّلونه في تكريس سياسات المحاصصة في كل المجالات وضمنا الجامعة،
  • التذكير بأن المسّ باستقلالية الجامعة لا يبدأ بمرسوم 42/1997 إنما بدأ منذ بدء الحرب في السبعينيات مع انهيار الاتّحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية وفقدان تمثيله في مجلس الجامعة واستمرّ مع التعيينات السياسية التي حولت مجلس الجامعة إلى مجلس ممثل للقوى السياسية وفق الكوتا المعهودة. وما يزال المس باستقلال الجامعة متواصلا بأشكال وممارسات مختلفة، يجدر أن تتم معالجتها لإعادة تفعيل دور هذا الصرح الوطني.  كما يجدر التذكير بأن تحقيق الاستقلالية لا يتم بإعادة صلاحيات مجلس الجامعة، إنما يفترض اتخاذ تدابير أخرى، في مقدمتها تنظيم موضوع التفرّغ في الجامعة اللبنانية على أساس قواعد سليمة تعطي الأولوية للكفاءة والاختصاص وفق المادة 95 من الدستور،  
  • التعامل الإيجابي مع الاقتراح في اتجاه جعله مناسبة لبدء نقاش وطني وتوحيدي حول استقلالية الجامعة في اللجان النيابية وفي تواصل مع الرأي العام.

البند 32: اقتراح إعفاء ورثة ضحايا المروحية الإيطالية من الرسوم

يتمثل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر يرمي إلى إعفاء ورثة اللبنانيين الذين قضوا في كارثة المروحية الإيطالية من رسوم التقاضي والفراغ والانتقال المقدّم من النواب ندى البستاني وسيمون أبي رميا ونعمة إفرام. هذا الاقتراح يأتي ليستعيد توجها تشريعيا عند حصول كوارث أو أحداث يذهب ضحيتها عدد من اللبنانيين بمنح ذوي الضحايا مجموعة من الإعفاءات الضريبية،

وبالنظر إلى خطورة هذه الممارسة، خصصنا لها مقالا منفصلا خلصنا فيه إلى وجوب رده لعدم دستوريته، كونه يمسّ مباشرة بمبدأ المساواة. ففي حالة إعفاءات كهذه وبخاصة الإعفاء من رسم الانتقال، سيحصل ذوو الضحايا الأثرياء على “منفعة” ماديّة كبيرة، فيما يحصل ذوو الضحايا من أصحاب الثروات المحدودة على لا شيء أو على القليل. أي أنّ “التعويض” الذي تقدّمه الدولة لهؤلاء الأشخاص سيختلف حكما وفق حجم ثروة الضحية.

 يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

إعفاء ضحايا المروحية الإيطالية من رسوم الانتقال: تعويضات باهظة للأغنياء ولا شيء للفقراء

البند 33: اقتراح علنية اللجان

يتمثل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر قدمه النائبان الياس جرادة ونجاة عون يرمي إلى تعديل المادة 34 من النظام الداخلي لمجلس النواب، بحيث تُصبح جلسات اللجان النيابية علنية. وعليه، وبخلاف المادة الحاضرة تؤكد على سرّية جلسات اللجان النيابية وأعمالها إلا إذا قررت اللجان خلاف ذلك، يرمي الاقتراح إلى قلب هذه القاعدة بحيث تكون الجلسات علنيّة ما لم تقرر أكثرية الحضور  في اللجنة خلاف ذلك أو ما لم يتصل موضوعها بالأمن القومي والسلم الأهلي. 

وفي حين سمح الاقتراح للنواب الاطلاع على محاضر اللجان بعد تقدمهم بطلب خطي، ربط اطّّلاع سواهم على هذه المحاضر بموافقة خطّية من رئيس اللجنة المعنية. واللافت أن الاقتراح لم يفتح باب الاطلاع أمام جميع المواطنين بل ذكر حصرا الراغبين بالاطلاع لغايات بحثية وجمعيات المجتمع المدني.

وبالنظر إلى أهمية الاقتراح، خصصنا له مقالا خلصنا فيه إلى الآتي: 

إن هذا الاقتراح يبقى قاصرا في صيغته الحالية عن تحقيق أهدافه المعلنة في أسبابه الموجبة.  ومن الممكن تحسينه في حال اعتماد التوجهات الآتية: 

  • حصر الاستثناء على العلانية في الحالات التي يتصل فيها عمل الجلسات بالأمن القومي، على أن تتقرر السرية بأكثرية أصوات الحاضرين. وهذا يعني إلغاء المعيار الشكلي الذي يتيح تجاوز العلنية بقرار لأكثرية الحاضرين من دون أي مبرر موضوعي. كما يعني إلغاء الإحالة إلى السلم الأهلي طالما أنه مفهوم مطاط من شأن اعتماده أن يضيّق من مبدأ الشفافية بصورة ملحوظة. 
  • إن تكريس العلانية يتطلب بالحدّ الأدنى التأكيد على واجب اللجنة بنشر محاضرها كاملة بحيث تكون متاحة للعموم من دون استثناء، مع السماح لصحافيين تتوفر فيهم شروط موضوعية معينة بحضور جلساتها ونقل مجرياتها إلى العموم. 

 يُمكن الاطّلاع على المقال عبر الرابط أدناه:

اقتراح لجعل جلسات اللجان النيابية علنية: إعلان للمبدأ من دون مفاعيل

البند 34: اقتراح تعديل قانون الانتخابات البلدية:

تقدم النائب رازي الحاج باقتراح قانون معجل مكرر من أجل تعديل المرسوم الاشتراعي رقم 118 لسنة 1977 (قانون البلديات) بحيث يتم النص على أن انتخاب أعضاء المجلس البلدي يتمّ بالتصويت العام المباشر وفقا للنظام الأكثري. وينطلق هذا الاقتراح من فرضية مفادها أنّ قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب الصادر سنة 2017 والذي تبنّى النظام النسبي من أجل انتخاب أعضاء مجلس النواب يكون قد ألغى النظام الأكثري لانتخاب أعضاء المجالس البلدية كون قانون البلديات ينص على أن النظام الواجب تطبيقه في الانتخابات البلدية هو النظام المنصوص عليه في قانون الانتخابات. 

الظاهر أن هذا الاقتراح وقع في التباس كون قانون الانتخابات الحالي الذي يعتمد النظام النسبي نصّ في مادته الأخيرة (125) على التالي: “تلغى جميع النصوص المخالفة لأحكام هذا القانون، لا سيما القانون رقم 25 تاريخ 8-10-2008، باستثناء أحكام المواد المتعلقة بالانتخابات النيابية الفرعية في ما يخص الحالات التي يطبق فيها نظام الإنتخاب الأكثري والانتخابات البلدية والاختيارية”. فالقانون رقم 25 الصادر سنة 2008 هو القانون القديم للانتخابات الذي كان ينصّ على اعتماد النظام الأكثري من أجل انتخاب أعضاء مجلس النواب. وعليه، صحيح أنّ قانون الانتخابات ألغى النظام الأكثري لكنه عاد ليبقي عليه صراحة في الانتخابات الفرعية والبلدية والاختيارية ما يفقد هذا الاقتراح جدواه كون أحكام النظام الأكثري المنصوص عليه في قانون الانتخابات لسنة 2008 لا تزال سارية.

خلاصة: يقتضي ردّ هذا الاقتراح لكونه انبنى على التباس في تفسير قانون الانتخابات النيابية. 

البند 35: رفع سنّ التقاعد لدى الموظفين

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 24.

البند 36: اقتراح بالمحافظة على الأوراق الانتخابية لرئيسي الجمهورية والبرلمان خلال 24 ساعة من إجرائها (تعديل المادة 12 من النظام الداخلي): من يحفظ الأوراق؟ 

تقدم النائب الياس اسطفان باقتراح من أجل تعديل المادة 12 من النظام الداخلي المتعلقة بالأصول الواجب اتباعها عند فرز الأوراق الانتخابية عند قيام مجلس النواب بأي عملية انتخاب. ويهدف الاقتراح إلى إدخال استثناء يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب بحيث لا يتم إتلاف أوراق الانتخاب مباشرة بعد إعلان النتائج بل يجب انتظار 24 ساعة كي يتمكّن المجلس الدستوري من النظر فيها في حال تمّ الطعن بالانتخابات أمامه. 

من الناحية الشكلية لا بد أولا من الإشارة أن هذا النص تم تقديمه بوصفه “اقتراح قانون” معجل مكرر، وهو أمر يتكرر دائما إذ يعمد النواب الذين يريدون تعديل النظام الداخلي، وبحكم العادة، إلى تقديم اقتراحاتهم بصيغة “اقتراح قانون”. ولا شك أن إسباغ هذا التوصيف يفتقر إلى الدقة كون النظام الداخلي ليس قانونا ولا يمكن بالتالي وصف الاقتراحات المقدمة من النواب من أجل تعديل هذا النظام باقتراحات القوانين المنصوص عليها في المادة 18 من الدستور.

أما لناحية مضمون هذا الاقتراح، فإنه يساهم في تعزيز رقابة المجلس الدستوري المخوّل وفقا للمادة 19 من الدستور بالنظر في الطعون الرئاسية. وقد حددت المادة 23 من قانون انشاء المجلس الدستوري الصادر سنة 1993 أن الطعن بانتخاب رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس النواب يجب أن يتمّ من قبل ثلث مجموع أعضاء مجلس النواب خلال مهلة 24 ساعة تلي إعلان النتائج. فالاحتفاظ بأوراق الانتخاب خلال هذه المهلة سيتيح للمجلس الدستوري في حال تمّ الطعن بأن يتمكن من ممارسة دوره بشكل أكثر فعالية علما أن المادة 108 من قانون الانتخابات الصادر سنة 2017 تنص أيضا على حفظ أوراق الاقتراع بصورة سرية بعد الانتخابات النيابية لفترة ثلاثة أشهر على أن يتم إتلافها لاحقا في حال لم تكن موضوع طعن أمام المجلس الدستوري. 

لذلك لا ضيْر من تطبيق المبدأ المعمول به في الانتخابات النيابية على الانتخابات الرئاسية التي يجريها مجلس النواب، مع الاشارة إلى أنّ الخطر الوحيد الذي ينجم عن هكذا أمر هو تهديد سريّة الاقتراع كون عدد النواب هو محدود جدا وقد يسهّل التعرّف على خطّهم. وما يزيد من هذا الخطر هو أن الاقتراح لا يشير ما هي الجهة التي ستتولى حفظ أوراق الانتخاب وضمن أي شروط بغية منع التلاعب بها حفاظا على صدقية الانتخابات.

خلاصة: من الممكن قبول حفظ الأوراق المتصلة بعملية انتخاب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب على أن يتمّ حفظها لدى مرجعية موثوقة (المجلس الدستوري) بهدف منع التلاعب أو الالتفاف حول سرية الانتخابات. 

البند 37: تعديل آلية التعيين في الفئة الأولى

يتمثل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب طوني فرنجية، يرمي إلى تعديل آلية تعيين موظفي الفئة الأولى. ويتيح التعديل المجال لإمكانية تعيين أشخاص من خارج الملاك في هذه الفئة على أن يصبحوا مثبّتين فور تعيينهم، مع الإبقاء على قرار التعيين بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء، بعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية. أكثر من ذلك، يُتيح الاقتراح التعيين في الفئة الأولى بالتعاقد لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد أو التمديد مرّتين، ما يتيح التعاقد في الفئة الأولى لمدة 9 سنوات. وقد اشترط الاقتراح ألّا يتجاوز عدد المعيّنين من خارج الملاك عن ثلثيْ الوظائف في الفئة الأولى. كما نص الاقتراح على تحديد الرواتب والتعويضات بصورة تعاقدية من دون أي ضوابط.

ولتبرير تعيين أشخاص كبار السنّ من خارج الملاك، أوردت الأسباب الموجبة “بأن دراسات جديدة استخلصتْ أنّ كبار السّن هم أكثر حكمة بخصوص اتخاذ القرارات الصحيحة لأنهم أقلّ قلقا من مغبّة الوقوع في الأخطاء. حتى وإن أمضوا وقتا أطول للتوصّل إلى القرار. وتشير الدراسات أن المدراء الأكبر سنا لديهم مهارات قيادية جيدة ويعتبرون قادة جيدين لأنهم غالبا ما يتمتعون بمهارات اتصال أقوى من زملائهم الأصغر سنا وأنهم مخلصون ولديهم أخلاقيات عمل جيدة”.  

وهذا الاقتراح يقبل النقد من زوايا عدة أبرزها الآتية: 

  • إن هذا الاقتراح يؤدي إلى نتائج معاكسة تماما لمبادئ الشفافية، بحيث يسمح بتعيين أشخاص من خارج الملاك من دون أي مباراة، بقرار من السلطة التنفيذية بعد استطلاع رأي غير ملزم لمجلس الخدمة المدنية، وهو تحديدا يذهب في اتجاه معاكس تماما لاقتراح القانون الذي كان أقره المجلس النيابي في 28 أيّار 2020 قبلما يعود المجلس الدستوري ويبطله. ومن شأن هذا الاقتراح تاليا أن يؤدي إلى إضعاف معيار الكفاءة مقابل تقوية معيار الولاء السياسي في هذه التعيينات، كل ذلك خلافا للمادة 95 و12 من الدستور اللتين تفرضان التقيّد بمعياريْ الكفاءة والاختصاص عند إجراء هذه التعيينات وضمان مساواة جميع المواطنين بتولي مناصب عامة على أساس الكفاءة، 
  • إن هذا الاقتراح يذهب إلى تعميم التعاقد في أعلى الوظائف الإدارية مع ما يستتبع من ذلك من هشاشة لهؤلاء تجعلهم أقل قدرة على ممانعة القرارات السياسية المضرة بالصالح العام، 
  • إن هذا الاقتراح محبط للعاملين في الإدارات العامة بحيث يؤدي إلى إنزال رؤساء ومدراء عامين عليهم بالباراشوت بدل اعتماد آلية تسمح بترفيع الموظفين العامين من فئة إلى أخرى وصولا إلى الفئة الأولى،   
  • إن ما جاء في الأسباب الموجبة من إعلاء شأن كبار السنّ يشكل بحدّ ذاته بابا للتمييز ضد الفئات الشابة في تولي الوظائف العامة. 

خلاصة: يجدر نزع صفة العجلة عنه تمهيدا لرده لمخالفته المادتين 12 و95 من الدستور . 

البند 38: زيادة سن التقاعد في القطاعيْن العام والخاص

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 24.

البند 39: اقتراح لمنع دمج اللاجئين السوريين

تمثّل هذا البند في اقتراح قانون معجّل مكرّر مقدّم من النائب فادي كرم (كتلة القوّات اللبنانية) يرمي إلى منع الدمج أو الاندماج للنازحين السوريين الموجودين في لبنان. وهذا ما نقرأه بوضوح في الفقرة الأولى من الاقتراح حيث جاء حرفيا: “يُمنع منعاً باتاً أي شكل من أشكال الدمج أو الاندماج الظاهر أو المقنّع للنازحين السوريين الموجودين في لبنان، جرّاء الثورة السورية، من أيّ نوع من الأنواع”.

وقد تضمّن الاقتراح علاوة على ذلك تكليف الإدارات المعنية باتّخاذ عدد من الإجراءات التنفيذية في هذا السياق، وهي:

–      تكليف المديرية العامّة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية (بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع الدولي) “إجراء إحصاء دقيق لأعداد النازحين السوريين، ومتابعة هذا الإحصاء دورياً حتى عودتهم إلى الأراضي السوريين”.

–      تكليف الأمن العام “منع أيّ نزوح اقتصادي إلى لبنان” دون تعريف ما المقصود بذلك،

–      تكليف الأمن العام تزويد الأمم المتحدة “بقوائم أسماء النازحين، الذين ينتقلون بشكل دائم ومستمر بين سوريا ولبنان، لقطْع الإعانات عنهم والمُساعدات المرصودة”.

–      تكليف البلديات باستيفاء الرسوم المتوجبة من السوريين، وهو أمر تفرضه القوانين المعمول بها حاليا.

وقد جاء في الأسباب الموجبة للاقتراح أنّ ثمّة “مساعي حثيثة” تسعى إلى دمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني وضرورة وضع حدّ لها. إلا أنِ الأسباب الموجبة لم تكتفِ بالتحذير من هذه المساعي بل تضمّنتْ فقرة أخرى قوامها أنّ “أسباب ومبرّرات هذا اللجوء قد انتفتْ، مع سيطرة النظام السّوري على جزء كبير من الأراضي السورية”.

وبالنظر إلى أهمية هذا الاقتراح، خصصنا له مقالا منفصلا. وقد خلص المقال إلى الآتي: 

  • إن مسألة إدارة اللجوء من سوريا تتطلّب تخطيطا وطنيا شاملا ولا يجدر معالجتها بموجب اقتراحات قوانين مستعجلة. من المحبّذ إسقاط صفة العجلة عن هذا الاقتراح وإتاحة المجال لمناقشته في اللجان.

البند 40: اقتراح لمنع هدم الإهراءات

لقراءة مضمون الاقتراح وتعليقنا عليه، الرجاء مراجعة البند 25.

أعدّ التقرير: نزار صاغية وفادي ابراهيم.

شارك في تحرير مواده: غيدة فرنجية ووسام اللحام وايناس شري وايلي الفرزلي

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، البرلمان ، مصارف ، تشريعات وقوانين ، إقتراح قانون ، لبنان ، مقالات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني