عقد زواج مدني احتفالي على الأرض اللبنانية: الداخلية أمام استحقاق إعادة العمل بالانتظام العام


2019-06-24    |   

عقد زواج مدني احتفالي على الأرض اللبنانية: الداخلية أمام استحقاق إعادة العمل بالانتظام العام

منذ أيام، تم الإعلان عن زواج مدني جديد بين مواطنيْن لبنانييْن هما عبدالله سلام وماري أبي ناصيف في قصر سرسق في بيروت. وقد صادق على عقد الزواج الكاتب العدل جوزف بشارة. وفيما كان هذا الأخير وسواه من الكتاب العدل صادقوا من قبل على عشرات عقود الزواج المدني في سنوات 2012 و2013 و2014، فقد تميز هذا العقد بأمرين أساسيين:

الأول، أنه تمّت المصادقة عليه احتفاليا بحضور المدعوين كما يظهر من الصور المنشورة عن هذا الزواج، حيث أن جميع عقود الزواج السابقة تمّت المصادقة عليها في مكاتب الكتّاب العدل، بحضور الزوجيْن وشاهديْهما. وعليه، بدت مشهدية توثيق هذا الزواج مشابهة لمشهدية الزيجات الدينية، بعدما وقف الكاتب العدل أمام العروسين للتثبت من مدى موافقتهما على الزواج، تماما كما يفعل رجال الدين، وبخاصة المسيحيين منهم، عند المصادقة على عقود الزواج الدينية. ويعكس هذا التطور اتجاها نحو التطبيع، أقله بالنسبة إلى بعض الفئات الاجتماعية، مع فكرة إبرام عقود زواج مدني في لبنان، تطبيع يشكل بحد ذاته تحديا جديدا (خرقا) للنموذج الديني الرسمي لعقود الزواج،

الثاني، أنه العقد المدني الأول الذي يتم إبرامه منذ أعلن وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق بتاريخ 3 شباط 2015 توقف وزارته عن تسجيل هذه العقود بحجة مخالفتها للانتظام العام، بعدما كان سلفه الوزير الأسبق مروان شربل اعترف رسميا بقرابة 11 عقدا مماثلا خلال عهدته. يلحظ أن الوزير المشنوق استند لرفض شرعية العقود على رأي هيئة التشريع والاستشارات، فيما كان الوزير شربل استند لقبول شرعيتها على رأي الهيئة الإستشارية العليا في وزارة العدل، وهي المرجع الاستئنافي للهيئة الأولى ضمن تنظيمات وزارة العدل. وقد أدى إمتناع المشنوق عن تسجيل هذه الزيجات إلى حرمان 50 ثنائياً من إثبات زواجهم أو الاستفادة من مفاعيله. وقد ذهب المشنوق حدّ دعوة الراغبين بعقد زواج مدني بالتوجه إلى قبرص أو أي من الدول التي يمكنهم إبرام عقود مماثلة فيها.

وعليه، وفيما أدّى تصرّف المشنوق إلى ثني مجمل الراغبين بعقد زواج مدني في لبنان عن القيام بذلك، جاء هذا العقد بمثابة محاولة جديدة لإعادة التأكيد على مشروعيته. السؤال والاستحقاق الناجم عن ذلك يُوجّه اليوم بشكل خاص إلى وزير الداخلية ريا الحسن التي كانت أعلنت عند بدء عهدتها (15 شباط 2019) في مقابلة مع يورونيوز قناعتها بوجوب التفكير جديا في مسألة الزواج المدني. وينتظر أن يأتي جوابها خلال الأيام القليلة الماضية.

بقي أن نذكر أن بعض الأزواج كانوا طلبوا من قضاء الأمور المستعجلة إلزام وزارة الداخلية خلال عهدة المشنوق بتسجيل عقودهم عملا بحق الزواج. وقد أصدر قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف بتاريخ 31/3/2016 في إحدى هذه الدعاوى حكما معللا على أكثر من 30 صفحة بإعلان شرعية هذه العقود. وفيما تمنّع القاضي عن قبول الطلب المقدم إليه لأسباب تتصل بصلاحيات القضاء المستعجل، فإنه حدّد في حكمه المرجع المختص لتثبيت هذه العقود.

مقالات ذات صلة:

حول الزواج المدني والمادّة التاسعة من الدستور

هل الزواج المدني يحتاج إلى تعديل دستوري؟ قراءة في المادة 9 من الدستور اللبناني

الحق بالزواج المدني وتكوين أسرة في لبنان: سلاح اضافيّ في معركة لم تحسم بعد

المفكرة تنشر قرارا قضائيا بشأن الزواج المدني في لبنان: سلاح إضافي لمعركة لم تنتهِ بعد

الأزواج غير المعترف بهم يلجؤون إلى القضاء …وإلا إلى قبرص: تمسّك بالمواطنة يعكّره هاجس الولادات

مسألة الزواج المدني وتشويه طبيعة النظام اللبناني

المشنوق على خطى هيئة التشريع والاستشارات

الزواج المدني في لبنان، حقٌ مكتسب مُعلَّق

كتاب الزواج المدني: عندما تتحوّل الثقافة القانونية إلى وسيلة من أجل المواطنة

إيضاح في تعمية

أهم دروس قضية الزواج المدني: المبدأ هو الحرية

مشروع قانون للزواج المدني على الأرض اللبنانية بتوقيع وزارة العدل: اغاظة الطوائف من جهة، والتعويض ماليا عليها من جهة أخرى

أبعد من قضية الزواج المدني، المهن القانونية أمام استحقاق التغيير

الزواج المدني في سوريا في ظل القرار 60 ل/ر

الخطأ الفادح في قراءة المادة 10 من قرار 60 ل/ر

عقد الزواج وعُقدة الدولة

المفكرة القانونية تنشر رأي الهيئة الاستشارية العليا تعميما للفائدة وترحب بأي تعليق عليه

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني