مشروع قانون للزواج المدني على الأرض اللبنانية بتوقيع وزارة العدل: اغاظة الطوائف من جهة، والتعويض ماليا عليها من جهة أخرى


2014-01-29    |   

مشروع قانون للزواج المدني على الأرض اللبنانية بتوقيع وزارة العدل: اغاظة الطوائف من جهة، والتعويض ماليا عليها من جهة أخرى

نشر اليوم على موقع وزارة العدل مشروع قانون يرعى اجراء الزواج المدني الاختياري في لبنان ويقضي بتعديل بعض النصوص القانونية. وكان وزير العدل قد أعلن منذ فترة أنه كلف هيئة التشريع والاستشارات بوضع مشروع قانون للزواج المدني. واللافت في هذا القانون أمور ستة:
 
الأول، أنه فتح إمكانية الزواج المدني أمام اللبنانيين، على الأراضي اللبنانية من خلال تعديل المادة 25 من القرار 60 ل.ر. بحيث كرست المادة المعدلة عقد الزواج المدني على الأراضي اللبنانية. وبذلك أضاف هذا القانون الى الجهد المواطني الحاصل بعد ابرام الزيجات المدنية في لبنان: ففيما يقتصر الزواج المدني الحاصل في لبنان لدى كاتب العدل على الأشخاص الذين صرحوا بعدم انتمائهم الى طائفة، جاء النص ليطلق إمكانية الزواج المدني بين اللبنانيين كافة، بمعزل عن انتمائهم الطائفي. وتاليا، بدا المشروع من هذه الجهة أنه يسعى الى تمكين اللبنانيين من ابرام زواج مدني في لبنان من دون التخلي عن طوائفهم. ولهذه الغاية، تضمن المشروع مادة لافتة جدا وقد تولد ممانعة هائلة في وجهه، مفادها الغاء القرار رقم 53 الصادر عن المفوض السامي بتاريخ 30-3-1939 والذي كان قضى باستثناء تطبيق القرار 60 ل/ر على المسلمين. وهو بذلك كسر تابوا إسلاميا كبيرا بحيث تصبح الطوائف والقوانين الإسلامية خاضعة لاعتراف الدولة. 

الثاني، أنه اخضع الزواج للقانون المدني الذي يختاره الزوجان لتنظيم مفاعيل الزواج، على أن لا يتضمن هذا القانون ما يخالف النظام العام والآداب العامة. وبذلك، لم يجب مشروع القانون على الثغرة التي اعترت الزواج المدني المعترف به لبنانيا في 2013 فلم ينظم أسباب بطلان هذا الزواج أو مفاعيله، تاركا للزوجين مجالا واسعا في اختيار القانون الذي يخضعان له وللقاضي مجالا واسعا في استبعاد ما يعده مخالفا للنظام العام والآداب العامة.

الثالث، أنه عدل مشروع القانون في مادته الثالثة المادة 2 من قانون قيد الأحوال الشخصية، جاعلا مأمور النفوس صاحب الاختصاص لتنظيم عقد الزواج المدني للراغبين في اجرائه على الأراضي اللبنانية.

 الرابع، أنه أعطى صلاحية النظر بالنزاعات الناشئة عن عقد الزواج تلك للمحاكم المدنية اللبنانية لاغيا بذلك المادة 79 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي كانت تنص على أن “تختص المحاكم اللبنانية المدنية بالنظر في المنازعات الناشئة عن عقد الزواج الذي تم في بلد أجنبي بين لبنانيين أو بين لبناني وأجنبي بالشكل المدني المقرر في قانون ذلك البلد، وتراعى أحكام القوانين المتعلقة باختصاص المحاكم الشرعية والدرزية إذا كان كلا الزوجين من الطوائف المحمدية وأحدهما على الأقل لبنانيًا”.

الخامس، أنه يستوفى عند تنظيم عقد الزواج المدني رسما مقطوعا قدره 500000 ليرة لبنانية. تعتبر هذه القيمة مرتفعة نسبة للحد الأدنى للأجور، وكأن عقد الزواج المدني على الأراضي اللبنانية يبقى حكرا على طبقة معينة، مانعا بذلك هذا الحق عن ذوي الدخل المحدود.

السادس، وهذا هو الأمر الأغرب، أنه نص على أن الدولة تحصل هذا الرسم لمصلحة الطوائف. وهذا الأمر يظهر شبه انفصام لدى واضعي
المشروع، بحيث يترافق الإقرار بالزواج المدني (الحدث على صعيد تطوير الحياة المدنية) مع سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ التشريع اللبناني مفادها تحويل الدولة الى مفوض لتحصيل رسوم لصالح الطوائف. ومن هذه الزاوية، يظهر مشروع القانون على أنه محاولة لإرضاء الطوائف التي بالتأكيد تخشى خسارة مداخيل وموارد كثيرة بنتيجة تكريس الزواج المدني أو أكثر من ذلك لرشوتها. ولكنه من جانب آخر، يعكس تقييما للوزارة للعوائق الاجتماعية أمام تمرير الزواج المدني، مفاده أنه لا يتصل بأمور أيديولوجية دينية، انما بأمور مادية حصرا.

كما يلاحظ أن مشروع القانون حدد أن الطائفة التي تستحق الرسم في حال الزواج بين لبنانيين من طائفتين مختلفتين هي طائفة الزوج، الأمر الذي يعكس نظرة ذكورية تضاف الى النظرة الطائفية المشار اليها أعلاه. فكأنما مشروع القانون المدني الذي ينتظر منه المساهمة في الغاء التمييز، يتحول الى مناسبة لتكريس التقاليد التمييزية. 
 
الصورة منقولة عن موقع now.mmedia.me

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني