محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تؤيد الأحكام القضائية القاسية في حق نشطاء حراك الريف


2019-04-08    |   

محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تؤيد الأحكام القضائية القاسية في حق نشطاء حراك الريف

بعد محاكمة ماراتونية، أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء حكمها في قضية حراك الريف، حيث أيدت الحكم الابتدائي الذي قضى بالسجن 20 عاما ضد زعيم الاحتجاجات ناصر الزفزافي مع ثلاثة من رفاقه الآخرين. وقد تراوحت بقية الأحكام الابتدائية التي أكّدتها المحكمة بين السجن 15 عاماً وعام واحد. كما أيّدت المحكمة إدانة الصحافي حميد المهداوي ابتدائياً بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ لكونه لم يبلّغ عن مكالمة هاتفية تلقّاها من شخص يعيش في هولندا، يتحدث فيها عن “إدخال أسلحة إلى المغرب لصالح الحراك”.

كرونولوجيا حراك الريف

تعود الشرارة الأولى لحراك الريف إلى 28 أكتوبر 2016 عقب وفاة بائع السمك محسن فكري داخل حاوية شاحنة لجمع النفايات، بعد محاولته استعادة كمية صادرتها منه السلطات. وفي فاتح نونبر من نفس العام، انطلق مسلسل الاحتجاجات الشعبية التي عرفتها مدينة الحسيمة، وشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف المناطق رفعوا شعارات للمطالبة بالعدالة الاجتماعية ونددوا بالتهميش الذي تعاني منه المنطقة الريف، حيث ظهرت شخصية الزفزافي وعدد من قادة الحراك  بدون انتماء سياسي أو نقابي.

بتاريخ 22 ماي 2017، استجابت الحكومة المغربية لبعض مطالب المحتجين، وأعلنت عن خطة لتسريع إنجاز مشاريع تتعلق بالخدمات والبنية التحتية في المنطقة بمبلغ إجمالي قدره 6500 مليون درهم.

بتاريخ 29 ماي 2017 تم اعتقال ناصر الزفزافي، بعد مقاطعته لإمام في مسجد بالحسيمة، خلال خطبة الجمعة، كما تم اعتقال عشرات من نشطاء الحراك.

بتاريخ 31 ماي 2017 انطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية في منطقة الريف للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين.

بتاريخ 12 سبتمبر 2017 انطلقت المحاكمة الابتدائية لقادة الحراك في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.

وبتاريخ 26 يونيو 2018 قضت غرفة الجنايات الابتدائية بالسجن 20 عامًا في حق ناصر الزفزافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة. كما أدين 52 من نشطاء آخرين بالسجن لمدة تتراوح بين عام وعشرين عامًا، بالإضافة إلى مدير موقع بديل الصحافي حميد المهداوي المتعاطف مع احتجاجات الريف.

بتاريخ 15 نونبر 2018، انطلقت محاكمة قادة الحراك استئنافيا، وأعلن النشطاء مقاطعتهم للجلسات.

وبتاريخ 05 أبريل 2019، صدر الحكم النهائي ضد ناصر الزفزافي وقادة الحراك والذي قضى بتأييد أحكام الدرجة الأولى.

محاكمة في غياب المتهمين

تسارعت وتيرة هذه المحاكمة بعد قرار غالبية المتهمين، مقاطعة جلساتها احتجاجاً على ما اعتبروه “عدم تحقّق شروط المحاكمة العادلة”، حيث طالبوا بإلغاء محاضر الشرطة القضائية، وقبول إحضار بعض الشهود. كما قرّر محامو الدفاع تبعاً لذلك عدم الترافع عنهم.

فيما لم يمثُل أمام محكمة الاستئناف سوى أربعة متّهمين يلاحقون وهم في حالة سراح، بالإضافة إلى الصحافي المعتقل حميد المهداوي.

تغليب الحلّ الأمني عن الإنصات لمطالب الحراك الشعبي

في أول تعليق لها على تأييد الأحكام الابتدائية في حق نشطاء حراك الريف، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن هذا التأييد يؤكد اختيار الدولة لخيار القبضة الأمنية لإسكات الأصوات المعارضة والانتقام من نشطاء الحركات الاجتماعية.

وأكدت الجمعية في بلاغ عُمّم على وسائل الإعلام على أن الحل لمعالجة وضعية الغضب الشعبي المتسع يمر عبر الإنصات والاستجابة لمطالب الفئات والمناطق المحتجة، والعمل على توجيه السياسات العمومية في اتجاه توفير شروط وسبل العيش الكريم لكل المواطنين والمواطنات، والتزام الدولة باحترام تعهداتها الدولية والحق في التظاهر السلمي والتجمع وحرية الرأي والتعبير.

صدمة وخيبة أمل ولا مطالبة بالعفو

عبر محامون عن صدمتهم وخيبة أملهم بعد صدور الأحكام الاستئنافية، إذ كانوا ينشدون أحكاما مخففة بالنظر إلى الدفوعات التي قدموها، وأيضا لأملهم في أن تشكل الأحكام المخففة خطوة نحو انفراج الأزمة، وإعادة بناء علاقات الدولة والريف على أسس جديدة، حسب تعبيرهم.

من جهته قال أحمد الزفزافي، والد زعيم الحراك ناصر الزفزافي، إن الأحكام النهائية ”الثقيلة“ الصادرة في حق النشطاء ”كانت متوقعة“. واستطرد في تصريح خاص لعدد من وسائل الإعلام قائلًا: ”لا أطالب بالعفو الملكي رغم أنني لست ضده، لأن هؤلاء النشطاء لم يقترفوا جرمًا في حق البلاد أو العباد، وإنما أطالب بالبراءة وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار جراء اعتقالهم“.

من جهته، دعا محمد الأشعري، وزير الثقافة والاتصال السابق، إلى تجاوزِ صدمة الأحكام القضائية في حقّ معتقلي حراك الرّيف والتّوجه أكثر صوْبَ التفكير في صيغة سياسية جديدة كفيلة بأنْ تضعَ حدّاً لمعضلة الرّيف التي تمثّل “شوكة في حلق الديمقراطية وحقوق الإنسان بالمغرب”.

وأضاف في تصريحات إعلامية: “الآن وصلَ القضاء إلى المرحلة النهائية من المساطر القضائية المُتبعة في قضية الرّيف، وعلينا اليوم أن ننسى المسألة القضائية التي لا يمكنها لوحدها أن تحلَّ معضلة بحجم معضلة الرّيف… يجب إقرارُ معالجة جديدة لا تستحضرُ المساطر القضائية؛ لكن ستحضرُ مكانة الريف وتطلعات ساكنة المنطقة وحقوقها، من خلال الاستفادة من خيرات البلاد ومن خلال التوزيع العادل للثروة والعدالة المجالية”.

مواضيع ذات صلة

أحكام “ثقيلة” في حق قادة حراك الريف في المغرب: المحكمة توزع ثلاثة قرون سجنا على 46 معتقل

الحبس لصحافي بتهمة تغطية احتجاجات حراك الريف

نقابة المحامين تندد بالتضييقات التي تطال دفاع حراك الريف

جدل قانوني بالمغرب حول اعتقالات حراك الريف

المعتقلون على خلفية حراك الريف يطالبون دفاعهم بالانسحاب

غرفة الجنايات بالدار البيضاء تقر أحقية الدفاع في المرافعة عن متهمين امتنعوا عن المثول أمامها

هاشتاغ “من حقي الحصول على الملف الطبي” تضامنا مع الزفزافي : مندوبية السجون تفضح أسرارا طبية بعد حجب ملف سجين عن عائلته

“قائد حراك الريف” يضرب عن الطعام “حتى الموت”.. وإدارة السُجون: ظروف الاعتقال مطابقة للقانون

“الهاكا” تنذر قنوات مغربية بسبب غياب المهنية في تغطيتها لأحداث حراك الريف

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، حراكات اجتماعية ، المغرب



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني