من هم المعلّمون في القطاع العام: سماتهم وخصائصهم، وكيف أثّرت الأزمة الاقتصاديّة على أدائهم؟


2024-04-16    |   

من هم المعلّمون في القطاع العام: سماتهم وخصائصهم، وكيف أثّرت الأزمة الاقتصاديّة على أدائهم؟

يقول المفكّر والأديب د. أنطوان الدويهي في مقابلة[i] عن معهد إعداد المعلّمين في لبنان في العام 1965 حين كان طالبًا فيه “كان معهد المعلّمين العالي وكليّة التربية مؤسّسة هائلة الأهميّة. كان جامعة النخبة داخل الجامعة. فيها كلّ الاختصاصات، ولا يمكن الدخول إليها إلّا عبر مباريات قاسية، والنجاح ليس على أساس طائفي، ولا 6 و6 مكرّر ينجح فيها الجميع. ويحصل الطالب فيها على منحة لـ  5سنوات، يُعيّن بعدها الناجح مباشرة أستاذًا في التعليم الثانوي من دون أي يراجع أي أحد من الزعامات إطلاقًا. وعندما كان يدخل الطالب إلى معهد المعلّمين العالي كان يتحرّر نهائيًا على طول عمره، ولا يضطرّ إلى رؤية أحد أبدًا”. كان هذا حال جامعة إعداد المعلّمين حتّى ما بعد الثمانينيات من القرن الماضي، فأين أصبح هذا الإرث اليوم؟ وما المخاطر والتحدّيات التي تواجهها المدرسة الرسميّة من وجهة نظر الأساتذة في القطاع العام؟

تقدّم هذه الدراسة وصفًا لقطاع المعلّمين في التعليم الرسمي يسمح بتحليل تعاملهم مع نتائج الأزمة الاقتصاديّة التي أفقدَت رواتبَهم نحو 82% من قيمتها وسبّبت تعثّر التعليم في المدرسة الرسميّة في لبنان. فالمرحلة الانتقاليّة التي يمرّ بها التعليم الرسمي في لبنان بعد الأزمة الاقتصاديّة الطاحنة، خطرة جدًا، وطريقة إدارتها ستكون ذات أثر حاسم على مستقبل التعليم الرسمي في لبنان. لذلك تحاول هذه الدراسة أن تنبّه للتحديات الرئيسيّة من خلال 6 محاور هي:

  1. قراءة في نسب وأعداد الأساتذة في التعليم الرسمي.
  2. تحليل التوزيع الجندري في التعليم.
  3. الثقة بالتعليم الرسمي.
  4. الأوضاع الوظيفيّة الشخصيّة للأساتذة.
  5. تدريب الأساتذة: كثافته ومضامينه.
  6. تأثير الأزمة الاقتصاديّة على أداء الأساتذة وأجواء المدرسة الرسميّة.

وقد استعملت الدراسة أدوات متعدّدة بنت عليها نتائجها وتحليلها هي: استبيان شمل عيّنة عشوائيّة من 1043 أستاذًا وأستاذة في التعليم الرسمي من مختلف الأوضاع الوظيفيّة مع التركيز على الأساتذة المثبّتين في الملاك على أن نخصّص المتعاقدين بعمل تفصيلي لاحقًا، فتوزّعت العيّنة على النحو الآتي 79.5% ملاك،  11.5% متعاقدين،  1.5%ممتنعين عن التعليم،  0.2%ممن حصل على إجازة من دون مرتّب، 0.7% ممن حصل على استيداع، 6.5% متقاعدين. وعلى الصعيد الجندري 73.9% إناث، و26.1% ذكور.

ولجمع العيّنة، اعتمد الاستبيانعلى روابط الزمالة ليشمل المناطق اللبنانيّة كلّها وقد ساهم الكثير من الزميلات والزملاء مشكورين في كلّ محافظات لبنان في نشره وملئه، لذلك يعود إليهم كلّ الفضل في إنجازه وفي اشتمال العيّنة على زميلات وزملاء من كلّ لبنان من دون استثناء، خصوصًا أنّ الدراسة لم تتلقَ أي مساندة مؤسّسيّة من أيّ نوع كان. كما ساهم أحد الزملاء مشكورًا في تحليل نتائج الاستبيان بوساطة برنامج [ii]SPSS ما ساهم في تحليل أوسع لعناصره المختلفة وأرقامه. وقد نُفّذ الاستبيان في الفترة الممتدة بين 25 تشرين الأوّل 2023 و30 كانون الثاني 2024. وتضمّن 25 سؤالًا أهمّها: الرغبة في متابعة العمل في التعليم الرسمي، أسباب فقدان الثقة في التعليم الرسمي، أثر الأزمة الاقتصاديّة على أداء المعلّم في القطاع العام وعلى جوّ المدرسة عامّة.

ومن الأدوات التي اعتمدنا عليها أيضًا، دراسة لمعدّل رواتب الأساتذة الموجودين حاليًا في الخدمة بالإضافة إلى مقابلات مع عيّنة من الأساتذة خصوصًا النقابي العريق جورج سعادة. كما اعتمدت الدراسة على بعض المراجع منها الإحصاءات الصادرة عن المركز التربويّ للبحوث والإنماء عن العام الدراسي المنصرم 2022-2023 وتقرير مجلس الخدمة المدنيّة عن القطاع العام عن العام 2022.

1. بعض الأرقام الدالّة

يتوزّع الأساتذة في التعليم الرسمي على خمسة أوضاع وظيفيّة مختلفة، ويبلغ عددهم عن العام الدراسي 2022-2023 بحسب النشرة الإحصائيّة التي يعدّها المركز التربويّ للبحوث والإنماء كالآتي:

الوضع الوظيفيالملاكالمتعاقدونمتمرّنونمستعان بهمغير محدّدأستاذة تقدمة
العدد15947163932331647419889

المثبّتون في الملاك الموجودون في الخدمة حاليًا في التعليم الثانوي عدد قليل من دورة 1998، ثمّ دورات 2004، 2008 و2016 ومتوسط راتبهم تقريبًا مع التقديمات الحاليّة من خارج أساس الراتب يصبح 31 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل 344 دولارًا أميركيًا على أساس سعر الصرف الحالي. أمّا المثبّتون في الملاك من الأساسي فعددهم بحسب تقرير التفتيش المركزي لسنة 2022، 9396 معلّمًا/ة والدورات الأخيرة التي دخلوا على أساسها إلى الملاك في سنتي 1998 وفي 2010 ومتوسط رواتبهم مع التقديمات الحاليّة من خارج أساس الراتب يصبح عشرين مليون ليرة أي ما يعادل 222 دولارًا.

المتعاقدون وأجر ساعتهم التعليميّة 300 ألف ليرة في الثانوي و250 ألف ليرة في الأساسي، لم يتقاضوا بدل نقل حتّى العام الدراسي الفائت 2022/2023 حين أقرّ لهم بدل نقل مشروط، كأن يدرّسوا على الأقلّ 3 ساعات يوميًا وألّا يتخطّى بدل النقل المدفوع لهم 3 أيام أسبوعيًا مهما كان عدد الأيّام التي يدرّسونها. وليس لديهم تغطية صحيّة ولا أي تعويض تقاعدي. بالإضافة إلى المتعاقدين الذين يتقاضون بدلات ساعاتهم من وزارة التربية، هناك متعاقدون يتقاضون بدلاتهم من صناديق المدارس وأوضاعهم أكثر هشاشة، ولم يوضح إحصاء المركز التربويّ للبحوث والإنماء ما إذا كان قد شملهم ضمن المتعاقدين أو المستعان بهم.

المتمرّنون وهم عادة من لم ينهوا دورة الإعداد لسبب ما، فيكونون في مرحلة انتقاليّة تسبق التثبيت في الخدمة إن حصل.

المستعان بهم ويتقاضون بدل ساعاتهم من صناديق المدارس (7 دولارات عن كلّ ساعة في الأساسي و12 دولارًا في الثانوي)، وفي بعض المدارس تدفع البلديات للمستعان بهم أو أحد المتموّلين. وهذا الإجراء قديم ولكنّه كان محصورًا ببعض المدارس، من دون معايير واضحة، ولكن توسّع لاحقًا فأبرمت وزارة التربية عقودًا لأشخاص يعملون في الوزارة على حساب صندوق التعاضد المدرسي الذي تديره عادة المناطق التربويّة وتقتطع 10% من صندوق المدرسة لحساب صندوق التعاضد، وقد شملت النشرة الإحصائيّة للمركز التربوي هذه الفئة بدءًا من العام الدراسي 2018/2019. وقد اعتُمد مبدأ المستعان بهم للالتفاف على قرار تجميد التعاقد فخدم تغطية حاجات المدارس أحيانًا وشكّل بابًا للخدمات والمحسوبيّات أحيانًا أخرى، ولا يحظى المستعان بهم بتغطية صحيّة ولا بدل نقل ولا أي تعويض تقاعدي.

وهناك فئة تسمّيها النشرة الإحصائيّة “غير محدّد” وقديعني ذلك أنّ المعلومات غير متوفرة عن هذه الفئة وعددهم 419 أستاذًا/ة. ويعمل في المدارس الرسميّة 889 أستاذًا/ة، تقدمة، أي لا يتقاضون رواتبهم من الدولة اللبنانيّة، وهم غالبًا يتبعون لجمعيّات دينيّة ويدرّسون التعليم الديني في المدارس الرسميّة.

مجموع الأساتذة في القطاعين العام والخاص بحسب النشرة الاحصائيّة للمركز التربويّ عن العام الدراسي 2022- 2023

 مجموع الأساتذة عن العام الدراسي 2022-2023 في كلّ قطاعات التعليم الخاص والرسمي ما عدا المهنيالمجموع العام للأساتذة في القطاع العاممجموع الأساتذة في القطاع الخاص من دون الأونروا
العدد905963552853413  

· قراءة في تطوّر أعداد الأساتذة الذين يعملون في القطاع العام

بلغت نسبة الأساتذة في التعليم الرسمي من مجموع الأساتذة في لبنان أدنى مستوى لها منذ 9 سنوات وهي 39.9% للعام الدراسي 2022/2023 بينما حافظت خلال السنوات التسع الماضية على نسبة تراوحت بين 42 و44%.

كما خسر القطاع العام خلال الأزمة عددًا من الأساتذة والمعلّمين الداخلين في الملاك وقد بلغت نسبة أساتذة ومعلّمي الملاك خلال العام 2022-2023، 44.8% ملاك والباقي متعاقدون، وهو أيضًا أدنى معدّل لها منذ تسع سنوات (لاحظوا تطوّر نسب الملاك في الجدول المرفق في الهامش[iii] كما يُقارن الجدول بين نسبتي الملاك في القطاعين الخاص والعام). وقد يُفسّر هذا التراجع بتقلّص أعداد المتعلّمين في التعليم الرسمي، ولكن ليس بين أيدينا أي دليل على هذا المنحى، إذ لم تقم وزارة التربية بأي إجراء واضح أو معلن يعالج تداعيات الأزمة بشكل مدروس قائم على أساس دراسة حاجات المدرسة الرسميّة وفاعليّة عملها، ولم تقدّم أي خطط تحدّد من يجب أن تُقدّم له الحوافز ليستمرّ ضمن ملاك المدرسة الرسميّة. ولم تحدّد أيضًا الفائض أو من لا يتمتّع بالكفاءة اللازمة ويمكن للمدرسة الرسميّة بالتالي الاستغناء عن عمله. كما لم تقدّم الوزارة أيّ تصوّر لتجميع مدارس وإقفال بعضها أو أي إجراء آخر… لذلك نرجّح أنّ أسباب تراجع أعداد المعلّمين في القطاع العام وتراجع نسبتهم من مجموع الأساتذة في لبنان هي:

  • نسب نهاية الخدمة المعتادة سنويًا ولكن مع فارق عدم التعويض عنها بتنظيم مباريات للدخول إلى الملاك وقلّة عقود التعاقد الجديد.
  • استقالة عدد من أفراد الهيئة التعليميّة قبل نهاية خدمتهم على خلفيّة تراجع قيمة الرواتب.
  • الإجازات من دون مرتّب أو الاستيداع[iv] التي ارتفعت نسبتها بعد بداية الأزمة في 2019.
  • تخلّي بعض المتعاقدين عن عقودهم خصوصًا بعض من ليس لديهم عدد ساعات كبير فأصبحت كلفة تنقّلهم أعلى مما يتقاضونه من عائدات.

ومن سلبيّات هذه العشوائيّة في إدارة الأزمة وأثرها على المدرسة الرسميّة خسارة هذه المدرسة للكفاءات التي يتوفّر لها فرص عمل بديلة بسهولة أكبر في القطاع الخاص داخل لبنان أو خارجه، وخصوصًا خسارة حاملي الشهادات الجامعيّة العليا وأصحاب الخبرات المتميّزة في مجال تكنولوجيا التعليم وبعض الاختصاصات مثل أساتذة اللغة الإنكليزيّة أو غيرها…

ولا يبدو أنّ وزارة التربية تبالي بخسارة الأساتذة الداخلين في الملاك بالرغم من أنّ هذه الخسارة تشكّل نزيفًا خطرًا للكوادر المدرّبة التي تمّ توظيفها بناء على مباريات نزيهة نسبيًا يجريها مجلس الخدمة المدنيّة، وإعدادها على مدى سنتين في كليّة التربية وقد راكمت خبرات ومهارات عبر سنوات الخدمة، ما يترك أثرًا سيئًا طويل الأمد على مستوى التعليم في المدارس الرسميّة. فاجتذاب وتوظيف هذا النوع من الكوادر وإعدادها وتدريبها يتطلّب وقتًا طويلًا وأكلافًا عالية. ويُعدّ ارتفاع نسب الملاك في الخاص عنها في القطاع العام عاملًا مقلقًا جدًا، ويكشف مدى ضعف وهزالة اهتمام الدولة بالتعليم في القطاع العام. كما يبيّن الجدول الملحق في الحاشية رقم 1، أنّ القطاع الخاص خسر أيضًا نسبة من أساتذة الملاك حيث بلغت أدنى معدّل لها. بمعنى أنّ نزيف الأساتذة شمل القطاعين الخاص والعام ما يعني خسارة تربويّة شاملة.

وبحسب النقابي جورج سعادة، بدأ التراجع في نسب الداخلين في الملاك في القطاع العام منذ بداية الثمانينيات حين ألغي اختصاص إعداد الأساتذة في كليّة التربية (مدّته 5 سنوات) الذي كان يخرّج كلّ سنة 250 أستاذًا وأستاذة بحسب دراسة خمسيّة للحاجات، وكانت حينها نسب التعاقد تتراوح بين 5 و10% فقط، ولم تكن وزارة التربية تلجأ للتعاقد إلّا عند الطوارئ كحالات الموت أو الولادة خلال العام الدراسيّ. وقد شكّلت هذه المرحلة العهد الذهبي للمدرسة الرسميّة. ومع بدء سياسات التقشّف في الخدمات العامّة بعد انتهاء الحرب، اتُخذ القرار بوقف التوظيف والتوجّه نحو سياسة التعاقد الوظيفي، فاقتصرت دورات كليّة التربية لإدخال الأساتذة إلى الملاك على مباريات محدودة في الأعوام 1996 و2004 والفائض عنها[v]، 2008 والفائض عنها، و2016 في الثانوي، وفي الأساسي لم يحصل إلّا دورتين سنة 1989 و2010. وهذا ما رفع نسب التعاقد خصوصًا في الأساسي إلى مستويات غير مسبوقة.

وقد رأى اللبنانيون على مدى السنوات الثلاثين الماضية أثر خسارة معلّمي الملاك في التعليم الأساسي الرسمي، إذ تدنّى مستوى التعليم فيه ولم يعد يلبّي طموحات اللبنانيين الذين لجأوا إلى المدارس المجانيّة التي تتقاسمها الطوائف بالتساوي (عدد رخص المدارس المجانيّة تقريبًا 325 رخصة) فكانت هذه القرارات جزءًا من السياسات التي تدفع اللبنانيين إلى أحضان الطوائف التي توفّر لهم الخدمات بديلًا عن الدولة.

وتظهر خطورة خسارة المدرسة الرسميّة للكوادر التعليميّة حين ندقّق في المهارات الأساسيّة التي اعتبر الأساتذة المستطلعين أنّهم طوّروها خلال سنوات خدمتهم:

المهارة التي عبّر الأساتذة أنّهم طوّروها خلال سنوات خدمتهمنسبة الأساتذة
التعمّق في مادّة التدريس والمعرفة المعمّقة بالكتاب الوطني91%
طرائق التعليم79.8%
إدارة الصفّ66.1%
استعمال تكنولوجيا التعليم60.8%
إدارة الوقت57.1%
طرائق وأسس التقويم54.6%
الدعم النفسي الاجتماعي للمتعلّمين46.3%
التعرّف على كتب تعليميّة متعدّدة في المادّة التي تدرّسها/تدرّسينها45.6%
تطوير فاعليّة وأثر التعليم36.2%
تقديم الدعم للمتعثّرين33.1%
لا شيء مما سبق3.4%

فخسارة هذا النوع من الخبرات يعدّ إضعافًا مستدامًا للمدرسة الرسميّة، وبناء خبرات بديلة يستغرق وقتًا طويلًا، وهدرًا للمال العام الذي صرفته الدولة اللبنانيّة في إعداد هؤلاء وبناء خبراتهم.

· الفئات العمريّة

بحسب إحصاءات المركز التربوي،تتوزّع الفئات العمريّة للأساتذة في التعليم الرسمي، ملاك وتعاقد، عن العام الدراسي 2022/2023 على النحو الآتي:

الفئة العمريّةتحت سنّ 30 سنةبين 31 و40 سنةبين 41 و50بين 51 و60فوق 60 سنة
النسبة6.52%32.53%35.48%18.73%6.72%

وقد توزّعت الفئات العمريّة في الاستبيان على النحو الآتي:

تبيّن هذه الأرقام أنّ نسبة 68.1% من الأساتذة في القطاع العام تتراوح أعمارهم بين 31 و60 سنة. وتتدنّى كثيرًا نسبة من يمارس التعليم فوق سنّ الـ 60 سنة.

يعني ارتفاع نسب التعاقد في التعليم الرسمي، تدنّي نسبة من يمارس المهنة حتّى سنّ نهاية الخدمة أي 64 عامًا، فإذا كان العمل الذي تقوم به لا يوفّر لك التغطية الصحيّة، ولا بدل نقل ولا راتبًا تقاعديًا فلماذا تعمل بعد تخطيك الستين من العمر؟ وبالفعل فقد بيّن الاستبيان أنّ نسبة 17.4% فقط من المتعاقدين يمارسون المهنة بين عمر الـ 55 و64 سنة، بينما 54.3% منهم يكونون في الخدمة بين 40 و55 سنة.

كما أنّ لارتفاع نسبة الخروج من الخدمة قبل الستين علاقة بارتفاع نسب النساء في التعليم، إذ تختار العديد من النساء التقاعد المبكر نظرًا لقيامهنّ بمهامّ العمل داخل المنزل وخارجه، خصوصًا أنّ التعليم مهنة صعبة ما يجعل ممارستها لسنوات طويلة مهمّة ثقيلة. وأظهر الاستبيان أنّ 60.7% من الأساتذة النساء تتراوح أعمارهنّ بين 40 و50 سنة، بينما 19.2% تتراوح أعمارهنّ بين 55 و64 سنة.

وتتدنّى نسبة من هم دون 30 سنة، ما يعني أنّ عدد الأجيال الجديدة التي تختار العمل في التعليم في القطاع العام منخفضة. فالرجال غادروا المهنة منذ زمن “لأنّها لا تؤمن المستقبل” والنساء اللواتي كان التعليم في القطاع العام مهنة جاذبة لهنّ سابقًا بدأت الأجيال الجديدة منهنّ بخوض تجارب مهنيّة متنوّعة ليست لصيقة بالصور النمطيّة للمرأة في مجتمعنا.

كما أنّ الفترات الزمنيّة المتباعدة بين دورات التثبيت، تؤخّر دخول كتل عدديّة كبيرة إلى التعليم العام وترفع متوسط أعمارها.

ثمّ إنّ الأجيال الشابة حاليًا تفضّل الهجرة من لبنان على ممارسة مهنة لا تؤمّن الدخل الكافي ولا المكانة الاجتماعيّة.

ويحقّ لنا بعد التدهور الحالي أن نخشى من شيخوخة الكوادر التعليميّة في المدرسة الرسميّة ما يضعف فاعليّة عملها وقدرتها على النهوض والاستمرار والإبداع وإدخال المهارات والتقنيات الجديدة إلى التعليم العام.

2. نسب النساء في التعليم وردود أفعالهنّ على الأزمة

تبلغ نسبة الإناث 81.11% من مجمل عدد المعلّمين في القطاعين الرسمي والخاص للعام الدراسي 2022-2023 وهي أعلى نسبة لها منذ عشر سنوات فقد كانت هذه النسبة 77.4% في العام الدراسي 2013-2014، ثمّ تصاعدت. وقد انعكست هذه النسب على العيّنة التي درسها الاستبيان فتوزّع المشاركون على النحو الآتي 73.9% إناث، و26.1% ذكور.

وقد أظهرت العيّنة بعض النسب الدالّة على أوضاع النساء العاملات في التعليم الرسمي وخياراتهن. ومنها مثلًا أنّ أغلبيّة ساحقة من النساء لسن معيلات وحيدات لأسرهنّ، ولا يقمن بعمل آخر إضافة إلى عملهنّ في القطاع العام….

لسن معيلات وحيدات لأسرهنّلا يَقمن بأيّ عمل بالإضافة إلى التعليم في القطاع العامليس دخلهن من عملهنّ الإضافي أعلى من دخلهنّ في القطاع العامليس لديهنّ تغطية صحيّة إضافة إلى تعاونيّة موظفي الدولةينتقلن مسافة قصيرة تتراوح بين 5 و10 كلم من سكنهنّ إلى مكان عملهنّيسكنّ في بيوت تعود ملكيّتها لهنّ ولأسرهنّلا يرغبن حاليًا في الاستمرار بالعمل في القطاع العام
87.2% من النساء المستطلعات70.2% من النساء المستطلعات98% من النساء المستطلعات اللواتي يقمن بعمل إضافيّ85.1% من النساء المستطلعات65% من النساء المستطلعات77.4% من النساء المستطلعات68.6% من النساء المستطلعات

تعكس هذه النسب الرؤية الاجتماعيّة للمرأة وأدوارها في المجتمع والعائلة. فقد أصبح التعليم مؤنّثًا لأنّ المجتمع أوكل للمرأة مهمّة الرعاية والتربية، ورأى في هذه المهمّة استكمالًا طبيعيًا لدورها الأمومي. فكان التعليم من أوّل الأعمال مدفوعة الأجر التي قامت بها المرأة في لبنان (إذا استثنينا العمل الزراعي والعاملات في تربية دود القزّ). وفي الإطار نفسه ترتفع نسبة النساء ممّن لسن معيلات وحيدات لعائلاتهنّ. إذ يُنظر لراتب المرأة في مجتمعنا كـ “معين” أو “مساند” للدخل العائلي ولا يُعدّ إلّا فيما ندر مصدر الدّخل الرئيسيّ للعائلة. وقد ظهر ذلك بوضوح في نتائج الاستبيان حيث بلغت نسبة الأساتذة النساء اللواتي لسن معيلات وحيدات لعائلاتهنّ 70% (وتمثّل هذه النسبة 87.2% من النساء المستطلعات) بينما 29% فقط من الأساتذة الرجال ليسوا معيلين وحيدين لعائلاتهم (وتمثّل هذه النسبة 12.8% فقط من الرجال المستطلعين)، وجزء من النساء المعيلات عازبات، ونسب العزوبة بين الأساتذة الإناث أعلى منها عند الأساتذة الرجال بحسب إحصاءات المركز التربويّ للبحوث والإنماء. و70% منهن لا يقمن بأي عمل إضافة إلى التعليم في القطاع العام.

وتتبنّى العديد من السيدات العاملات في التعليم الرسمي هذه النظرة الاجتماعيّة لطبيعة عملهنّ ودورهنّ الاقتصادي. فعندما تدنّت قيمة الرواتب الشرائيّة، لم تقاتلن بشراسة دفاعًا عن لقمة العيش، ولم تسعَ إلّا قلّة قليلة منهنّ إلى الهجرة مثلًا، إذ إنّ قرارًا بهذا الحجم يرتبط بالرجل وطبيعة عمله ودخله وليس بالمرأة. وإنّما تحمّلن الضغوط لفترة ثمّ دخلن في إضرابات عن التعليم متقطّعة. وقد عبّرت بعض السيدات في مقابلات فرديّة معهنّ أنّهن “انقطعن عن التعليم لأنّ ما يدفعنه من مقابل عن الأعمال المنزليّة المأجورة وكلف التنقّل أصبح أعلى من الراتب”. وقد تردّدت في حينه جمل دالّة على ألسنتهنّ مثل “خليني إبقى بالبيت وإطبخ لأولادي”، أو “أفضّل أن أهتمّ ببيتي وأولادي”.

وأزعم أنّ تأنيث التعليم، والنظرة الاجتماعيّة إلى الأدوار الجندرية انعكسا أيضًا على العمل النقابي للمعلّمين والأساتذة. فمن بين أسباب أخرى عديدة، حافظت رابطة التعليم الثانوي على فاعليّة تحرّكها النقابي لفترة أطول من رابطة التعليم الأساسي لأنّ نسب النساء في التعليم الثانوي أقلّ من الأساسي. فانخراط المرأة حتّى المتعلمّة في مجتمعنا في العمل السياسي والاجتماعي والنقابي يبقى أقلّ بكثير من المطلوب. ومن أدّل المؤشرات على ذلك أنّ تمثيل النساء في الهيئات الإداريّة للروابط التي تمثّل الأساتذة لم يتخطَّ الـ 16.6% في أي مرحلة من المراحل، لا في الرسمي ولا الخاصّ. وقد خالفت بعض السيدات هذه الصورة الاجتماعيّة، فشاركن بفاعليّة في العمل النقابي وكنّ رائدات وفاعلات في تقدّم هذا القطاع وتحسين شروط العمل فيه.

فكيف يؤثر تأنيث التعليم في صوغ السياسات الحكوميّة تجاه هذه المهنة؟ وهل ينظر إليها الدولة والمجتمع باحترام كمهنة منتجة تتحمّل عبء واحدة من أهمّ الخدمات الأساسيّة وكمصدر أساسيّ للدخل العائلي والاجتماعي؟

إذا راقبنا مجمل الأرقام الواردة أعلاه، نلاحظ أنّه مع اشتداد الأزمة وتدنّي الرواتب تراجعت نسبة الأساتذة في الملاك وارتفعت نسب النساء. وقد تأخرّت السلطة في معالجة تأثير الأزمة على الأساتذة في التعليم العام، عكس المبادرة لإيجاد حلول لقطاعات مثل العاملين في شركات الخلوي والإنترنت أو القضاة. وهذا ما يكشف سياستها تجاه المتعلّمين والأساتذة في هذا القطاع كفئة “أدنى” لا تستحقّ الكثير من الالتفات والرعاية إلّا بقدر ما تكون قناة للتنفيعات الطائفيّة وأداة لشراء سكوت الناس لا بل تواطُئِهم مع النظام القائم.

3. الثقة في التعليم الرسمي

·  الوضع العائلي

برزت في الإجابات على الاستبيان الأوضاع العائليّة الآتية: (النسب المذكورة في الجدول أدناه هي نسبة من مجموع الأساتذة المستطلعين في الاستبيان)

  نسبة المتزوّجين  عزّاب  مطلّقون  أرامل  معيلون وحيدون لعائلاتهم  ليس لديهم عائلةيتعلّم أولادهم في القطاع الخاصأولادهم مقسومون بين القطاعين العام والخاصليس لديهم أولاد في سنّ الدراسة  ليس لديهم أولاديتعلّم أولادهم في التعليم الرسمي.
77.5%15.7%4.3%2.5%38.4%2.3%44.4%11.1%27% 6.3%11.2%  

إنّ تعلّم أولاد أساتذة المدرسة الرسميّة في القطاع الخاص كان دائمًا موضع انتقاد وجدل خصوصًا أنّهم يحصلون من الدولة اللبنانيّة على منح مدرسيّة تغطّي جزءًا من أقساطهم. ويبيّن ارتفاع نسبة من يتعلّمون في الخاص مدى اهتمام وتضحيّة اللبنانيين عامّة والأساتذة خصوصًا ليحصل أولادهم على أفضل مستوى من التعليم. إنّه استثمارهم الرئيسي، يدفعون فيه كلّ مدّخراتهم. ومن جهة أخرى، يعرف الأساتذة الأزمات البنيويّة التي يعاني منها القطاع العامّ، والكثير منها يتخطّى مسؤوليّاتهم وقدراتهم. والمنح المدرسيّة التي يحصلون عليها هي واحدة من الرشاوى التي تقدّمها الدولة اللبنانيّة للطبقة الوسطى لتشتري سكوتها، فالمعادلة هنا هي على النحو الآتي: فليعلّم أبناء الطبقة الوسطى أولاد الفقراء في المدرسة الرسميّة، خاضعين للتدخلات السياسيّة، راضين بتخلّف المنهاج وغيره من التشوّهات والنواقص التي تعاني منها المدرسة الرسميّة مقابل أن نفتح لأبنائهم باب الترقي الاجتماعي أو الهجرة بتغطية جزء من كلف دراستهم في مؤسّسات تعليميّة مدرسيّة أو جامعيّة تقدّم نوعيّة تعليم عالية تسمح بذلك.

·  هل تثق في التعليم الرسمي؟

نسب الثقة في التعليم الرسمي بحسب إجابات الأساتذة المستطلعين

يثقون في التعليم الرسميربما يثقونلا يثقون فيهيثقون في التعليم الثانوي فقطفقدوا ثقتهم اليوم في التعليم الرسمي
57%19.3%14.6%4.5%1.3%

·  أسباب فقدان الثقة في التعليم الرسمي

11.1% من الأساتذة المشاركين في الاستبيان اعتبروا أنّ السبب الأساسي لفقدان الثقة في التعليم الرسمي هو ضعف المنهاج اللبناني، 36.9% ردّوه إلى تأثير القرارات السياسيّة سلبًا على فاعليّة التعليم في المدرسة الرسميّة وضعف الحوكمة، 31.2% إلى عدم انتظام العام الدراسي، و9.4% إلى عدم اكتمال الكادر التعليمي في المدارس الرسميّة وضعف إعداده وتدريبه، 1% كلّ ما سبق.

تصل نسبة من يثقون في التعليم الرسمي في العيّنة إلى 57%. وفي هذا بعض التناقض مع نسبة الأساتذة الذين يتعلّم أولادهم في القطاع العام وهي 11.2%. ومن أسباب هذا التناقض التفاوت في الثقة بحسب المراحل. فقد خسر التعليم الأساسي ثقة الأساتذة واللبنانيين تمامًا بينما حظي بها التعليم الثانوي حتّى ما قبل الأزمة. فمستوى التخريب الذي طال التعليم الأساسي غير مسبوق، من حيث أعداد المتعاقدين، والتدخلات السياسيّة في تعيين المدراء والمديرات والمناقلات وإضعاف الرقابة والمحاسبة وحشو الأزلام والمحاسيب، وغضّ النظر عن مختلف أنواع الفساد. وما سهّل للسلطة طريق المضيّ في هذه السياسات الشائنة توفّر بديل رخيص تؤمّنه الطوائف وهو التعليم المجاني. وقد عبّر الأساتذة في الاستبيان عن هذا الموقف بطرق عدّة أوّلها نسبة من خصّصوا التعليم الثانوي وحده بالثقة وهي 4.5%، ومن خلال بعض الملاحظات مثل “أثق في الثانوي والجامعي أمّا الأساسي فلا”، “أثق في التعليم الثانوي فقط لكن ليس خلال السنوات الثلاث الأخيرة”. ومن جهة أخرى قد تُفسّر هذه النسبة بمعرفة الأساتذة أنّ الثقة في التعليم الرسمي غير كافية ليكتسب أبناؤهم المهارات العليا التي يتطلّبها سوق العمل ولا يوفّرها التعليم الرسمي ومنها مثلًا إتقان اللغات الأجنبيّة، ومهارات التكنولوجيا. كما يعرفون أهميّة العلاقات الاجتماعيّة مع طبقات فاعلة في سوق العمل توفّرها المدارس الخاصّة وليس روّاد المدرسة الرسميّة من الفقراء والطبقة الوسطى الدنيا. ومن الملاحظات التي أبداها الأساتذة الدالّة على ذلك “ضعف اللغات الأجنبيّة خصوصًا في التعليم الأساسي”، “ضعف المستوى اللغوي لدى المعلّمين والمتعلّمين وغياب شبه كامل للأنشطة اللاصفيّة”.

ويعبّر الأساتذة في هذه النسب بوضوح عن وعيهم للأسباب البنيويّة الأساسيّة التي أدّت إلى ضعف الثقة في التعليم الرسمي وهي ثلاثة: (1) ضعف المنهاج الذي لم يجرِ تطويره منذ 30 سنة، (2) التدخلات السياسيّة التي تضعف الحوكمة والرقابة والمحاسبة، و(3) تراجع أعداد الكوادر التعليميّة وضعف إعدادها وتدريبها. ترتبط هذه الأسباب بصورة واضحة ومباشرة بالسياسات العامّة التي اعتمدها النظام السياسي في لبنان منذ ما بعد الحرب حتّى اليوم، وهي تتخطّى صلاحيات هؤلاء الأساتذة وقدراتهم على الفعل والتأثير. ومن الملاحظات الواردة في الاستبيان الدالّة على تأثير الأعطال البنيويّة “التعليم الرسمي بحاجة الى الإصلاح والتطوير من الإدارة إلى الأساتذة”، لأنّ المدارس للأسف أصبحتْ “بؤرة للاستثمار لمن يسيطر عليها من خلال المدراء طبعًا التابعين للمرجعيّات الحزبية والمذهبية المسيطرة كلّ في منطقته”. وقالت مشاركةٌ أخرى: “للأسف ليس كليًا لأنّ التراجع والاهمال لمس القطاع من خلال عددٍ لا يُستهان به من المدراء والمعلّمين والأساتذة وأصبحت كلّ منطقة تتحكّم بها فئة وتُديرها بحسب مصالح مذاهبها أو أحزابها”، “أثق في التعليم الثانوي، بالرغم من محاولات تدميره، بإهمال حقوق الأساتذة”. يظهر في هذه الملاحظات وعيٌ للمخاطر الناجمة عن التحاصص الطائفي والمناطقي في التعليم الرسمي، وأنّ السياسات المتّبعة في هذا المجال ليست عفويّة وإنما إهمال واضح وقصديّ للمدرسة الرسميّة والمتعلّمين والأساتذة فيها.

وبدا أيضًا بوضوح كبير خوف الأساتذة على وجود واستمرار المدرسة الرسميّة ومستوى التعليم فيها بعد الأزمة الاقتصاديّة الحالية. فقد اعتبر 31.2% أنّ سبب فقدان التعليم الرسمي الثقة هو عدم انتظام التعليم وتكرار الإضرابات. ومن الملاحظات التي وردت على ذلك، “كنتُ رغم علمي بالاحتياجات الكثيرة والحاجة الى تغيير المناهج والطرق والكتب… أعي أنّ هذه الاحتياجات تنطبق على التعليم الخاص كذلك (معظم المدارس)، إلّا أنّ الوضع يتدهور في المدارس الرسمية”، “منذ أربع سنوات فقدت الثقة في التعليم الرسمي”. ويرى البعض أنّ الأزمة لحقت أيضًا بمستوى التعليم في الخاص “في ظلّ الواقع الحالي، وبعد الأزمة الاقتصادية لا ثقة لا في التعليم الرسمي ولا الخاص”. وربط البعض ثقتهم في التعليم الرسمي بتحسّن رواتب الأساتذة: “أثق فيه حين يأخذ المعلّم حقّه وتتوقّف الإضرابات ويدعم صندوق المدرسة وتتطوّر المناهج حسب مجريات التطوّر اليوم”. ومن الملاحظات اللافتة: “كان التعليم الرسمي في الصدارة. ففي صغري كنت تلميذة في مدرسة رسمية ثم ثانوية رسمية ثم الجامعة اللبنانية أمّا اليوم للأسف لم تعد المدراس الرسميّة كما كانت سابقًا”.

والسبب الأساسيّ الذي جدّد البعض على أساسه ثقتهم في التعليم الرسمي هو كفاءة الأساتذة: “المعلمون أغلبهم أصحاب كفاءة”.

“ضمير الأساتذة حيّ” رغم اعترافهم بحاجة الكادر التعليمي للتدريب “الكادر فعّال لكنّه بحاجة إلى تدريب أكثر فأكثر”، ” بسبب عدم تفعيل الطرق الناشطة في التدريس، وحاجة عدد كبير من المعلّمين للخضوع إلى دورات تدريبية في طرائق التدريس الناشطة، وسبل إدارة الصف، ومهارات كثيرة أخرى لا بد لهم من اكتسابها”. وعبّر هؤلاء عن القيمة الوطنيّة للتعليم الرسمي في قولهم “التعليم الرسمي يبني الوحدة الوطنية، الخاص مرض لبنان المستمر في بلاء الطوائف”.

4. الأوضاع الوظيفيّة الشخصيّة

·  المستوى التعليمي للأساتذة المشاركين في العيّنة

الشهادات التي يحملها الأساتذة الذين شاركوا في العيّنة

ماسترإجازةكفاءةدكتوراهبكالوريا قسم ثانٍ في التعليم الأساسي
32.3%38.4%18.9%6.6%3.7%

وتبيّن النشرة الإحصائيّة الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء أنّ نسبة 12% من المعلّمين في التعليم الرسمي الأساسيّ يحملون شهادة بكالوريا قسم ثان وبعض هؤلاء متعاقد منذ أكثر من 20 سنة، أي قبل إقرار شرط الإجازة في التعليم الأساسي في التعليم الرسمي.

·  العمل الإضافي والتغطية الصحيّة

 بالرغم من الأزمة الخانقة التي يعاني منها الأساتذة في القطاع العام بيّن الاستبيان أنّ 68.3% منهم لا يقومون بأيّ عمل إضافي. وقد يكون أحد الأسباب الرئيسة في ارتفاع هذه النسبة هو عدم توفّر فرص عمل بسهولة للأساتذة في السوق اللبناني، كما أنّه يصعب على النساء وهنّ أغلبيّة ساحقة في هذا القطاع كما بيّنا سابقًا، القيام بعمليْن بالإضافة إلى مهامهنّ العائليّة والمنزليّة، وذلك بالرغم من الشجاعة والمهارة الاستثنائيّة التي تظهرها البعض منهنّ في التصدّي لكلّ هذه المهام بجدارة. وقد بيّنت الدراسة أنّ نسبة 24% من النساء المشاركات فيها يقمْن بأعمال مختلفة مثل التعاقد مع القطاع الخاص، أو تقديم دروس خصوصيّة أو غيرها بالإضافة إلى وظيفتهنّ في التعليم الرسمي.

و58.8% ممن يقومون بعمل إضافيّ لا يرتفع دخلهم الإضافي عن الرواتب التي يتقاضونها من القطاع العام.

ويشكّل انخفاض نسبة ما تغطيه تعاونية موظفي الدولة من قيمة الفاتورة الصحيّة معضلة كبيرة للأساتذة، إذ أنّ الفارق بين تعريفات السوق وتعريفات التعاونيّة يجعل معدّل تغطية التعاونية لا يتعدّى 39% من قيمة الفاتورة الطبيّة، بينما كان معدّل هذه النسبة ذاتها بالرغم من الفوارق الدائمة بين تسعيرات التعاونية وتسعيرات السوق يصل إلى 75% من قيمة الفاتورة الصحيّة قبل الأزمة. وما يعمّق الفارق بين ما تدفعه التعاونيّة وما يدفعه الأساتذة أنّ الـ 10% التي لا تغطيها التعاونية من فاتورة الاستشفاء ليس لها سقف حاليًا، بينما كان هذا السقف قبل الأزمة 500 ألف ليرة في التعليم الأساسي ومليون ليرة للأساتذة في المرحلة الثانوية. والفارق الثاني الكبير الذي يشكّل عبئًا هائلًا على الأساتذة هو كلفة الأعضاء الاصطناعيّة (prothèses)، الذي تحقق فيه الشركات المستوردة الحصريّة نسبة أرباح قد تصل إلى 2000% وهذه الشركات تشكّل جزءًا من الكارتيلات التي تتحاصص قوت المواطن، وقد حاولت تعاونية موظّفي الدولة استيراد الأعضاء الاصطناعيّة ولكنّ اقتراحها جوبه بالرفض.

وقد بيّنت العيّنة التي درسها الاستبيان أنّ 86.4% من الأساتذة ليس لديهم أيّ تغطية صحيّة، بالإضافة إلى تغطية تعاونيّة موظفي الدولة. وقد نتج عن هذه الأزمة أوضاع إنسانيّة غير مسبوقة بين الأساتذة، فقد أصبحوا عاجزين عن تغطية أكلاف العلاج، حتّى أنّ البعض منهم أو من أفراد عائلاتهم مات على سريره خصوصًا في بداية الأزمة عاجزًا عن دخول المستشفى، وبعض مرضى السرطان من بينهم على سبيل المثال لا يزال عاجزًا عن تأمين كلف الاستشفاء الدوري فلجأ إلى تدبير خطير، مثل تكرار العلاج كلّ 6 أشهر بدل كلّ 3 أشهر.

·  السكن والانتقال إلى مكان العمل

الانتقال: المسافات التي أفاد الأساتذة المستطلعون أنّهم يتنقّلون بينها للوصول إلى عملهم:

مسافة الانتقالالنسبة
5-10 كلم33.9%
10-20 كلم24.6%
أكثر من 20 كلم16.1%
أقلّ من 5 كلم25.3%

السكن: توزّعت نسب الأساتذة المستطلعين بالنسبة للسكن على النحو الآتي

يسكنون في شقق ومنازل يملكونهايسكنون بالإيجاريسكنون عند الأهل والأصدقاءإعارة
78.3%11.5%8.3%1.8%

 وقد عبّر 71.8% من الأساتذة المشاركين في الاستبيان عن عدم حاجتهم لشراء أو استئجار مكان للسكن خلال 3 سنوات قادمة.

·  نسب الإعالة: هل أنت العائل/ة الوحيد لعائلتك؟

59% ليسوا معيلين وحيدين لعائلاتهم، 38.4% معيلين وحيدين لعائلاتهم، 2.3% ليس لديهم عائلة.

·  الرغبة في الاستمرار بالعمل في القطاع العام

يستمرّون بالعمل لأن ليس لديهم خيارات أخرىيرغبون في الاستمرار بالتعليم الرسميلا يرغبون في الاستمرار بالتعليم الرسمي
59.8%28.6%8.8%

يبدو واضحًا أنّ نسبة من يرغب في الاستمرار في العمل في القطاع العام منخفضة جدًا وأنّ الأغلبيّة من الأساتذة تستمرّ مكرهة وغير راغبة. وهذا ما ينعكس بالتأكيد على مدى التزام هؤلاء بالعمل وعلى سعيهم إلى تطوير مهاراتهم وفاعليّة عملهم. وقد بيّنت ملاحظات الأساتذة المشاركين في الاستبيان أنّ استمرارهم في التعليم الرسميّ مرتبط بتحسّن ظروف العمل والحفاظ على كرامتهم “أرغب في العمل في التعليم الرسمي ولكن مع دخل يؤمّن كرامتي”، “أرغب في الاستمرار لكنّ الوضع ساحق”، “أستمرّ لأنّه التزام وطني”.

5. تدريب الأساتذة: كثافته ومضامينه

·  عدد الدورات التدريبيّة التي شارك فيها الأساتذة

نسبة الأساتذةعدد الدورات التي شاركوا فيها
0.9%صفر
2.78%لا أذكر
12.18%كثيرًا
38.38%10-1
25.14%20-11
13.9%50-21
5%70-51
1.24%أكثر من 100

شارك 63.52% في أقلّ من 20 دورة تدريبيّة. ومهما كانت سنوات خدمة هؤلاء، يبقى عدد هذه الدورات التدريبيّة منخفضا جدًا، إذ بيّن عدد من البحوث التربويّة أنّ كلّ تغيير في الممارسات التعليميّة أو تطوير تطبيقي لمهارات معيّنة يحتاج إلى معدّل 100 ساعة تدريب وذلك على افتراض أنّ هذه التدريبات تتمتّع بالفاعليّة المطلوبة. في المقابل 20.14% شاركوا في أكثر من 21 تدريبًا بالإضافة إلى نسبة 12.18% استعملوا تعبيرًا غير دقيق “كثيرًا” للدلالة على عدد التدريبات التي شاركوا فيها. وقد أشار بعض من شاركوا في الاستبيان أنّهم يعملون كمدرّبين وهذا ما يفسّر نسبة 1.24% شاركوا في أكثر من 100 دورة. راكم هؤلاء مبدئيًا خبرات متميّزة. فكيف تحافظ وزارة التربية على استمرارهم في المدرسة الرسميّة وكيف تشجّعهم على المزيد من التطوّر الذاتي؟ لا شيء حرفيًا. لا بل تُصلّت وزارة التربية على رؤوس الأساتذة سيف العقوبات وتستعمل من تحت الطاولة أداة الإجراءات الانتقاميّة تجاههم مثل المناقلات الكيديّة والنقل التعسّفي، وتوزيع نصاب العمل على ثانويتين أو أكثر. وقد عبّر الأساتذة عن ذلك في الاستبيان بقولهم مثلًا: “الضغوطات والعقوبات والتشفّي الذي تعرّضنا له كأساتذة بسبب مطالبتنا بحقوقنا جعلنا نشمئز من الوضع العام”.

أمّا بالنسبة إلى موضوعات التدريب ومضامينه، فلم يُجرِ المركز التربويّ للبحوث والإنماء أيّة دراسة للحاجات التدريبيّة للأساتذة منذ سنوات طويلة جدًا، كما لم يقم بأيّ تقييم لأثر الدورات التدريبيّة التي ينفذها على الممارسات التعليميّة في الصفّ، ما يعني عمليًا أنّ التدريب يجري على قاعدة “يا ربّ تجي في عينه” منذ سنوات طويلة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، بيّنت هذه الدراسة أنّ 50% من الأساتذة صرّحوا أنّهم لم يشاركوا أبدًا في أيّ دورة تدريبيّة حول موضوعات: مراحل نموّ الطفل وحاجاته، العقاب المدرسيّ، أسباب العنف في المدرسة وخصوصًا التنمّر والتمييز، احترام الاختلاف قبول الآخر، المواطنيّة. فالتدريب إذًا منفصل بشكل واضح عن الحاجات الوطنيّة والاجتماعية والتربوية، فمجتمعنا الذي تعصف به الأزمات الطائفيّة بصورة دوريّة ودمويّة، تجاهلت مناهجه التعليميّة الصادرة سنة 1997 موضوعات العنف والطائفيّة والتمييز، ثمّ لم يتصدَّ تدريب الأساتذة لهذه القضايا، فهل اختارت التربية إذًا أن تدفن رأسها في الرمال تجاه القضيّة الأساسيّة التي كانت ولا تزال سبب انقسامات وحروب وتوتّر في بلدنا؟

كما صرّح عدد كبير من الأساتذة المشاركين في الاستبيان أنّهم شاركوا في دورات الدعم النفسي الاجتماعي. بينما 9.8% منهم فقط تلقّوا تدريبات حول العقاب المدرسيّ، 24.9% حول أسباب العنف في المدرسة وخصوصًا التنمّر والتمييز. أي أننا ندرّب أساتذة ليقدّموا الدعم النفسي الاجتماعي للمتعلّمين قبل أن نناقشهم في مفاهيم العقاب المدرسي وأدواته، فهل الهدف من ذلك أن يتقن الأستاذ/ة كيف يعالج ما قد يفسده بنفسه.

6. استعداد الأساتذة للمشاركة حاليًا في تدريب مهني

مستعدّون/ات للمشاركة حاليًا في تدريبمترددون في ذلك “ربما”ليسوا مستعدين/ات للمشاركة في أي دورة تدريبيّة في الظرف الحالي
41.8%23.7%32.8%

·  ما التطوّر المهني الأساسي الذي تطمح/ين إلى تحقيقه في المرحلة الحاليّة؟

تنوّعت الإجابات حول التطوّر المهني الذي يطمح الأساتذة إلى تحقيقه في المرحلة الحاليّة، ويمكن تقسيم الإجابات إلى 5 فئات:

الفئاتالتطوّر المهني المُرتجىالنسبة
    فقدان الدافعيّة للتطوّر الذاتيعبروا عن عدم الرغبة في تطوير أي شيء على الإطلاق.18.3%
يرغبون في الاستقالة وتغيير المهنة.10.4%
يطالبون بتقاعد آمن.1.1%
لا جواب.3%
    تطوير مهارات أو طرائق أو الحصول على شهادات أكاديميّة أعلىيهتمّون بتطوير مهاراتهم في مجالات معالجة الفاقد التعلّمي ودعم المتعثرين والصعوبات التعلميّة.1.9%  
يهتمّون بالتطوّر في مجال تكنولوجيا التعليم.11%
يهتمّون بتطوير طرائق جديدة وفاعلية التعلّم والدعم النفسي.9.4%
تطوّر عام أو تطوير بعض المهارات المتعلّقة بالتعليم.4.2%
تحقيق تطوّر أكاديمي (بمعنى الحصول على شهادات أعلى أو مهارات أكاديميّة إضافيّة).6.3%
يطمحون إلى تطوير مهاراتهم في المنهاج عامّة أو العمل في مجال تطوير المناهج.9.6%
تعديل نوع المهام التي يؤدّونهايودّون تعديل نوع المهام التي يؤدّونها في التعليم الرسمي.8%
    الدخول إلى ملاك التعليم الرسمي  يطمحون إلى الدخول في الملاك والاستقرار (المتعاقدون).  3.1%
زيادة أجر/الساعة والتقدير المعنوي.  8.2%
أداء خدمة وطنيّةتحسين التعليم الرسمي.  3.3%

إنّ نسبة الأساتذة الذين يودّون تطوير مهاراتهم في مجال تعليمي ما هي إلّا 42.4%. وهي برأيي نسبة عالية في الظروف الحاليّة، تبيّن استعداد الأساتذة للتدرّب والتطوّر الذاتي رغم الظروف الصعبة.  ومن رغبات التطوّر اللافتة التي أوردها الأساتذة “التميّز في التعليم”، “الإبداع الفرديّ في مجال التخصص”، “تلميذ يحب المدرسة” أو “أن يكون لدى المتعلم دافع للبقاء في الوطن”، “تطوير مكتبة المدرسة”، واستعمل البعض تعابير مثل “تطوّر من دون سقف” للتعبير عن رغبة عارمة في التطوّر. وقد عبّر العديد من الأساتذة عن الحاجة لتطوير أدوات العمل والطرائق المستخدمة في التعليم، علمًا أنّ بعض هؤلاء حدّد حاجات بعينها مثل الحاجة إلى تطوير أدوات لمواجهة التنمّر “توجيه الطلاب للتخفيف من مشكلة التنمر”. ولكن اللافت ظهور بعض التذمّر من اختلاط التلميذ اللاجئ مع التلميذ اللبناني وغياب أي تعبير عن الحاجة لأدوات مناسبة للتعامل مع هذا التحدي المستجدّ المتزايد.

في المقابل عبّر 18.3% عن عدم الرغبة في تطوير أي شيء على الإطلاق، في المرحلة الحاليّة. وبعض هؤلاء حدّدوا بوضوح الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك مثلًا: “حاليًا، أعيد النظر باستثماراتي التربوية في القطاع العام” أو “لا طموح بعد ما حصل للأساتذة” وواضح أنّ المقصود تدهور القوّة الشرائيّة لراتب الأستاذ/ة، “بهالمعاش ما في تطوّر”. ورأى جزء منهم أنّ البلد بشكل عام مصدر لليأس: “لا طموح في لبنان”، “لا طموح في بلد مسلوب”، “اكتفيت ويئست”، “لم يعد هناك من طموح مع الوضع الاقتصادي الحالي”، “لقد تحطّمت كلّ طموحاتنا”.

وتعبّر بعض الإجابات عن تغيّر وانقلاب. فالرغبة في التطوّر كانت موجودة وفُقِدت مع انقلاب وتغيّر الأوضاع الاقتصاديّة وأثرها على الأساتذة “لم يعدْ عندي رغبة في التطور بسبب الأوضاع السيئة في البلد” “كنت أطمح ولكن في هذا المجال التعليمي تخلّيت عن طموحي”. “شو ممكن يطوّر الأستاذ الرسمي في لبنان؟”. “الوضع العام يشعرنا باللا انتماء إلى التعليم ولا إلى التطوير، نشعر بالخيبة والخجل”. “لم يعد لدي الطموح ولا النية في التطوير بسبب الوضع النفسيّ القائم بسبب الأوضاع”.

ونلاحظ في بعض الإجابات إدانة جذريّة للبلد والتعليم الرسمي: “نحن خارج التطوّر في التعليم الرسمي”، “لم تعد لدي أي طموحات على صعيد التعليم الرسمي”. “في هذا البلد وهذه الأوضاع لا شيء”. حتّى أنّ أحد الأساتذة اعتبر أنّ التطوّر الذي يريد أن يحقّقه هو “كيفية العيش في بلد لا يحترم التعليم ولا يعطي حقّ المعلم” ويبدو الإحباط واليأس في نسبة 10.4% ترغب في الاستقالة وتغيير المهنة كليًا. بعض هؤلاء حدّد العمل الذي يسعى إلى تحقيقه مثل الانتقال إلى التعليم الجامعي، أو أي عمل بعيد عن القطاع العام. يمكن أن نضيف إلى فئة من يودّون القيام بعمل جديد مختلف نسبة 6.3% يريدون تحقيق تطوّر أكاديمي، بمعنى الحصول على شهادات أعلى أو مهارات أكاديميّة إضافيّة وحدّد أغلبهم طموحه بالحصول على شهادة الدكتوراه وتعلّم اللغة الإنكليزيّة، وأعتقد أنّه من الواضح ارتباط هذا الطموح بالرغبة في تغيير العمل والحصول على فرص إضافيّة.

8% يودّون تعديل نوع المهام التي يؤدّونها في التعليم الرسمي كأن ينتقلوا إلى العمل الإداري داخل المدرسة أو أن يتسلّموا مهام التنسيق، أو الانتقال إلى جهاز الإرشاد أو التفتيش وعضويّة لجان الامتحانات. بعض هذه المهام ذات منافع ماديّة إضافيّة خصوصًا لجان الامتحانات، وبعضها الآخر يخفّف عبء ممارسة مهنة التعليم والتوتّر العالي والجهد اللذين تتطلبهما.

وعلى صعيد آخر، يحمل عدد من الأساتذة همًّا وطنيًا. فالطموح الأساسي لهم نهضة التعليم الرسمي وتخلّصه من آثار الأزمة ومن الإجابات اللافتة في هذا المجال، وقد تكرّر مضمونها بعدّة صيغ ومنها “لا طموح شخصي حاليًا إنّما أتمنّى أن يعود النظام والانتظام إلى الثانويات كما أن يسود القانون والانتظام العام لا التحكّم الحاصل حاليًا من قبل الجهات الحزبيّة والمذهبيّة في بلادنا. نطمح أن تعود المدرسة الرسمية الوطنية الجامعة التي تضمّ كلّ النسيج الاجتماعي والوطني”

وبعض الذين تحدّثوا عن أهميّة تطوّر التعليم الرسمي واستعادة دوره وفاعليّته، عبّروا عن استيائهم من بعض ظروف العمل مثل انقطاع الكهرباء ما يحول دون استخدام التكنولوجيا، أو سوء الإدارة: “العمل في مؤسسة لا تحكمها إدارة متسلّطة تتصرّف وكأنّ المؤسسة ملك خاص لها”، وتردّي المناهج، أو الاستياء من التنقّل بين عدّة مدارس.

ويرى العديد من الأساتذة أنّ وزارة التربية والمجتمع اللبناني عامّة وخصوصًا الراتب الذي يتقاضونه لا يعطون المعلّم حقّة المعنوي ويعبّرون عن ذلك بـ “أن أصل إلى مكان يناسب قدراتي ويطالبون باستعادة الأستاذ/ة لمكانته بتعابير واضحة ” استعادة قيمة الأستاذ” أو “أطمح للتقدير المعنوي”.

7. تأثير الأزمة الاقتصاديّة على أداء الأساتذة وأجواء المدرسة الرسميّة

·  كيف تؤثّر الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة على أداء الأساتذة وعلى جوّ العمل في المدارس والثانويّات الرسميّة؟

اعترف الأساتذة بوضوح تامّ بتأثير الأزمة بشكل كبير على أدائهم وعلى جوّ العمل، ويظهر ذلك في نسب 53.3% اعتبروا أنّ أداءهم تأثّر بالأزمة و16.2% رأوا أنّ الأزمة ربّما أثّرت على أدائهم. و90.5% أكدوا تأثير الأزمة على جوّ المدرسة الرسميّة. لكنّ هذه النسب تدنّت في السؤال المفتوح اللاحق بسبب تشعّب الإجابات وتفصيلها، إذ توزّعت الإجابات على عناصر كثيرة، مثل القلق والتشتت النفسي عند كلّ عناصر العمليّة التعليميّة 27.8%، الانقسامات وارتفاع نسبة حدوث النزاعات 2.2%، شعور الأساتذة بالذل والإهانة 0.8%، تراجع التغطية الصحيّة ومشاكل ماديّة 3.6%، تدنّي عام في المستوى 16.6%، نقص في الخدمات والحاجات الأساسيّة 10.3%، تفاعل سيّئ بين أطراف العمليّة التعليميّة 3%، نقص بالجديّة، عدم الاستقرار وتعثّر في الوصول الى مركز العمل 5.6%. ويشكّل مجموع هذه النسب تفصيلًا واضحًا لأسباب التراجع في الأداء من وجهة نظر الأساتذة.

تأثير الأزمة على أداء الأساتذة

تأكيد تأثير الأزمة على أدائهم في العمل الأزمة لا تؤثّر على أدائهم ربما تؤثّر
53.3%28.5%16.2%

وكانت الإجابات أكثر وضوحًا وحسمًا فيما يتعلّق بأثر الأزمة على جوّ المدرسة الرسميّة

نعم أثّرت الأزمة على جوّ المدرسة الرسميّةلا لم تؤثّر الأزمة على جوّ المدرسة الرسميّةربما أثّرت
90.5%2.5%6.5%

·  ما الأثر الأساسي الذي تركته الأزمة الاقتصاديّة على جوّ المدرسة؟

حدّد كلّ أستاذ/ة من المُستطلَعين عددًا مفتوحًا من آثار الأزمة الاقتصاديّة ثمّ صنّفنا هذه الآثار في ثلاثة أبواب: النتائج المتعلّقة بالطلاب والنتائج المتعلّقة بالأساتذة وتلك المتعلّقة بالمدرسة كلّها كمؤسسة.

النتائج المتعلّقة بالطلاب

أثر الأزمة على الطلابالنسبة
 قلّة الاهتمام وغياب الطموح7.6%
1.4%عمالة أطفال 1.3% تسرّب مدرسي 0.3%زواج مبكر3%
1.2% الفقر المدقع للطلاب + 0.8% عجز الأهل عن تأمين احتياجات أبنائهم+ 0.7% صعوبة التنقّل0.7% فروقات ماديّة كبيرة بين المتعلّمين+ 0.1% بقاء الراسبين والطبقات الفقيرة3.5%
 اضطرابات سلوكية0.1%

النتائج المتعلّقة بالأساتذة

الآثار الرئيسية للأزمة الاقتصاديّة على الأساتذةالنسبة
تراجع أداء المعلّمين والمدراء وعدم قيامهم بالمهام4.4%
تراجع التغطية الصحيّة ومشاكل ماديّة3.6%
هجرة الأساتذة إلى الخاص أو إلى أعمال أخرى أو إلى الخارج، نقص في الكادر التعليمي، اضطرار الأساتذة للقيام بأعمال إضافية، ارتفاع نسب الإجازات.1.9%
انقسام بين الأساتذة والوزارة والمدراء والأهل، ارتفاع نسبة حدوث النزاعات2.2%
شعور بالذل والإهانة0.8%
تغيّر جذري في مفهوم العمل النقابي0.1%

أثر الأزمة الاقتصاديّة على المدرسة الرسميّة عامّة

أثر الأزمة الاقتصاديّة على المدرسة الرسميّة عامّةالنسبة
تشتت الطلاب وقلق وتعب نفسي. تعب نفسي، إحباط، خوف، عدم ثقة في المستقبل، حالة نفسية سيئة، يأس، قلق، لا مبالاة، فقدان الدافعيّة عند كلّ الأطراف.27.8%
تدني عام في المستوى، ارتباط التعليم بالشهادة وليس بالمعرفة والتربية، تراجع الانتاجيّة، تراجع كبير في المستوى، تراجع على مستوى المنهاج خصوصًا الأثر السيّئ للتقليص.16.6%
نقص بالخدمات (الكهرباء) والحاجات الأساسيّة، تقليص الأنشطة، تخلي الدولة عن القطاع التربوي، نقص بالمستلزمات الخاصّة بالطلاب وخصوصًا الكتاب المدرسي.10.3%
عدم انتظام التعليم، نقص بالجديّة، عدم الاستقرار، تعثر في الوصول الى مركز العمل، عدم التقيد بالأنظمة والقوانين، فوضى، ضعف الالتزام.5.6%
تراجع عدد المتعلّمين والصفوف، فقد الثقة بالتعليم الرسمي.2.6%
 تفاعل سيّئ بين أطراف العمليّة التعليميّة.3%
عدم قبول الرأي الآخر.0.1%
  • الإحباط والقلق وفقدان الدافعيّة

إنّ الأثر الأساسي للأزمة الاقتصاديّة برأي الأساتذة هو الإحباط والقلق وفقدان الدافعيّة عند كلّ أطراف العمليّة التربويّة في المدرسة الرسميّة، أهل ومتعلّمين وأساتذة وكوادر إداريّة، فـ 7.6% من الأساتذة رأوا أنّ الطلّاب أصبحوا يعانون من فقدان الدافعية وغياب الطموح. و27.8% منهم يرون أنّ القلق والتشتت يسودان في المدرسة عامّة، طلابًا وأساتذة وإدارة وأهلًا. ويقولون “الأثر الأساسي للأزمة نفسي اجتماعي”. ويحلّل آخرون بوضوح “الأثر الأساسي له طرفان، الطرف الأول هو غياب المحفّز الاقتصادي والتغطية الصحية ومنح التعليم لدى الاستاذ والذي يؤثّر سلبًا على نفسيّته وبالتالي على أدائه، والطرف الثاني هم الطلاب الذين أضحى أغلب المتفوقين منهم دراسيًا ينزحون الى التعليم الخاص ما عدا الطلاب غير القادرين على أقساطها، بينما يقتصر التسجيل على الطلاب المتوسطين دراسيًا أو من هم دون ذلك والذين يتغيّبون كثيرًا لعدم قدرتهم على رسوم التنقل حتّى بالباص ناهيك عن الوضع الأمني الحاصل حاليًا”، ثمّ القلق الذي ساد منذ بداية العام الدراسي: هل سيعود الإضراب؟  فيقولون: “العطاء بجهد ونضال وكفاح لاستمرارية العمل بمقابل لا شيء أو حتى براتب لا يكفي لإيصالك لمركز عملك وهذا ما يدفع للإحباط وتأثيره سلبي على جودة العطاء”.

  • تدنّي المستوى التعليمي

ثمّ أنّ فقدان الدافعيّة وعدم انتظام التعليم خلال السنوات الأربع الماضية والتقليص المتكرر للمنهاج ترك أثرًا فادحًا على مستوى التعليم في المدرسة الرسميّة. وقد عبّر الأساتذة عن ذلك بعدّة طرق، بحيث اعتبر 16.6% منهم أنّ الأثر الأساسي للأزمة تدنّي مستوى التعليم، وقالوا: “عدم تحقيق الكفايات اللازمة الأمر الذي أدى الى تزايد التفاوت بين المتعلّمين”،  وربطوا الأزمات التعليميّة والاقتصاديّة والنفسيّة بعضها ببعض: “تقهقر الطلاب وتخبّطهم النفسي بين المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في منازلهم من جهة وكثافة المناهج وكثرة عدد التلاميذ في الصف من جهة أخرى”، “تدنّي مستوى الاهتمام بالدراسة لأنّ الهمّ الأكبر أصبح تأمين لقمة العيش”، “لم أعد أثق في التعليم الرسمي، بعد الإلغاءات فقد التعليم الرسمي فحواه إلّا أنّ أستاذ التعليم الرسمي هو أفضل من قدّم مادة تعليمية وساعد الطلاب على التقدم والنجاح”. ويلحظ هنا أن التقليص أي تخفيف الدروس والأهداف المطلوبة لكلّ صفّ ولكلّ مادّة تعليميّة هو الإجراء الوحيد الذي اعتمده المركز التربوي للبحوث والإنماء ووزارة التربية على مدى أربع سنوات متتابعة استجابة للأزمات المتكررة التي سبّبت تقطّع التعليم في المدرسة الرسميّة. وقد انتقد بعض الأساتذة هذا الإجراء واعتبروا أنّه أحد أسباب تدنّي المستوى التعليمي. ومن مخاطر التقليص المتكرّر للمواد الأكاديميّة أنّ الدروس والأفكار وعدد التمارين التي تعرَّض لها المتعلّمون من هذا الجيل أقلّ من المطلوب أو المتوقع وخصوصًا أقلّ مما يحتاجونه ليحققوا الكفايات المطلوبة، فأصبحت قدراتهم على القراءة والفهم والتحليل والكتابة في كثير من الأحيان أقلّ من صفّهم.

وتُسبِّب فداحة الهوّة بين قدرات المتعلّمين الحقيقيّة والكفايات المطلوب منهم اكتسابها إحساسًا عامًا بالعجز، وعدم جدوى بذل المزيد من الجهود حتّى أنّ البعض من المتعلّمين الذين يعانون من صعوبات عميقة قرّر التوقّف عن الحضور إلى المدرسة في منتصف العام الدراسي. والنقاش يدور بين الأساتذة يوميًا عن كيف نردم الهوّة، والتساؤل المطروح بينهم/هنّ باستمرار هل نخفّض مستوى الامتحانات والكفايات المطلوبة فينجح على الأقلّ 50% من تلامذة الصفّ، أم نحافظ على الحدّ الأدنى من المستوى المطلوب فيرسب 60% من تلامذة الكثير من الصفّوف على الأقل. الأمر متروك لقرارات فرديّة يتّخذها الأساتذة كلّ بحسب رؤيته وتجربته والضغوط التي يخضع لها. وقد تتباين القرارات في هذا الشأن بين معلّمي الصفّ نفسه، فتتشدّد أستاذة وترخي أخرى، من دون اعتماد معايير واضحة متّفق عليها. وبعض الأساتذة أصابهم اليأس، نتيجة عدم توفّر أي وسيلة من وسائل الدعم والمساندة، فاعتبروا أنّ هؤلاء الأولاد ميؤوس منهم، وتساءلوا “لماذا نبذل جهدًا من دون أي مقابل مادّي أو معنوي؟”.

وفي وسط كلّ ذلك، تغيب وزارة التربية والمركز التربوي عن معالجة الأزمات الحقيقيّة، فلم يصدر عنهما أيّ دراسة لمستوى التعليم بعد الأزمة ولا قرارات تساهم في معالجة الفاقد التعليمي فيما عدا التقليص “الشهير” للمناهج، ولا تحديد لإجراءات معيّنة بناء على معايير مدروسة. ما قدّماه هو حرفيًا اللاشيء، فهما غارقان في لجج مشاريع “همايونيّة” مثل تطوير مناهج بأموال البنك الدولي لمدارس تترنّح أمام الأزمة وأساتذة ومتعلّمين لم يعدْ لديهم الحدّ الأدنى من المستوى المطلوب وفقدوا الطموح والدافعيّة. لكنّ مغارة التنفيعات يجب أن تستمرّ لشراء الذمم مهما كانت التحديات أو الكوارث التي تعصف بنا. فبالرغم من اعتبار الأساتذة مشروع المناهج إحدى أدوات النهوض بالمدرسة الرسميّة إلّا أنّ طريقة تنفيذه، وسيطرة أدوات ووسائل التنفيعات والفساد عليه، والظروف التي ينفّذ فيها على حساب أولويّات أخرى أكثر إلحاحًا تهدّد وجود واستمراريّة المدرسة الرسميّة.

  • الفقر: تراجع حادّ في الخدمات وعمالة أطفال ومشاكل سلوكيّة وزواج مبكر

والمشكلة في الأساس برأي بعض الأساتذة “مالية وليست تربوية” أو أنّ المشكلة الأساسيّة الماليّة انعكست على الوضعين التربوي والنفسي. فالأولويات تغيّرت عند الأهل والأساتذة “تغيّر واضح بالقدرة الشرائية عند معظم أفراد الأسرة المدرسية وعائلاتهم. وتغيير جذري بترتيب الأولويات”. 10.3% من الأساتذة اعتبروا أنّ الأثر الأساسي للأزمة هو التراجع في الخدمات و3.5% منهم اعتبروا أنّ عدم قدرة الأهل على تأمين الحاجات الأساسيّة لأبنائهم وصعوبة التنقّل هي الأثر الأساسي حتّى أنّ بعضهم اعتبر أنّ بعض الطلاب بحاجة لمساعدات غذائيّة: “والفقر الواضح على العديد من العائلات وحاجة الطلاب لمساعدات غذائية وغيرها”. و3% منهم رأوا أنّ عمالة الأطفال وبعض حالات الزواج المبكر أيضًا نتيجة أساسيّة من نتائج الأزمة الاقتصاديّة وعبّروا عن ذلك بـ “أصبحت الأولويّة كيفيّة تأمين المعيشة على حساب التعلّم”.

الفقر الذي يعاني منه كلّ الأطراف يبدو واضحًا في كلّ تفصيل في المدارس والثانويّات، عدم توفّر الكهرباء بشكل مستدام، نقص في التدفئة، عدم توفّر تمويل ولو بسيط للأنشطة اللاصفيّة، نقص الكتب والقرطاسيّة حتّى أنّ 50% من المتعلّمين ينقصهم على الأقلّ كتاب أو اثنان. والأصعب من ذلك كلّه النقص في بعض الكوادر التعليميّة الذي تأخّرت معالجته حتّى نهاية تشرين الثاني أي بعد شهرين من بدء العام الدراسي وفي بعض المدارس تأخر أكثر من ذلك. كما يعتبر بعض الأساتذة أنّ الوضع الاقتصادي المتردّي أدّى إلى: “الحالة الاقتصادية التي ساعدت على التفكك الأسري”، و”مستوى ثقافي متدنّي ومستوى أخلاقي منحلّ”، وإلى “عدم مجيء الطلاب إلى الدوام بشكل منتظم والسبب هو عملهم لكي يساعدوا أهلهم أو التعب الشديد لدرجة أن يغفو الطالب في الصفّ بسبب دوام عمله وطبعًا أتكلّم عن طلاب المرحلة الثانوية “، وإلى إهمال الأهالي أو الطالبات أو كليهما للمتابعة الصحية اللازمة والضرورية”، وإلى “اضطرابات سلوكية عند أغلب التلاميذ”، “المدرسة تفتقر للقرطاسية والدعم المادي لصندوق المدرسة وكلّ مقوّمات التدفئة للطلّاب” فيُحضر العديد من تلامذة المدارس الرسميّة أغطية صوفيّة معهم إلى الصفّ، يتدثّرون بها ليتّقوا البرد. فأموال التدفئة تضيع بين الجمعيّات ووزارة التربية والمدراء.

يخيّم نتيجة كلّ ذلك جوّ من الإحباط واليأس في كلّ زاوية من زوايا المدارس والثانويات ويترك أثره على الدافعيّة والطموح وانتظام العمل. ومن التعابير الصادمة التي استعملها الأساتذة للدلالة على مدى اليأس الذي يتملّكهم “غدونا كلّنا مرضى نفسيين”، يسيطر علينا “الاحباط والشعور بالاستعباد”، “كلّ من الأساتذة والطلاب في انتظار مساعدات من كلّ الأنواع”.

  • دمج المتعلّمين من اللاجئين في التعليم الثانوي

يرى البعض أنّ الفارق الأساسي الذي طرأ بعد الأزمة ناتج عن دمج المتعلّمين من اللاجئين خصوصًا في التعليم الثانوي ويرون أنّ من أسباب تدنّي مستوى التعليم “الفرق بين تعليم اللبنانيين وتعليم السوريين”.

ليس في مرحلة التعليم الثانوي دوام خاصّ بالمتعلّمين من اللاجئين كما يحصل في التعليم الأساسي، وإنما يندمجون في دوام قبل الظهر مع المتعلّمين اللبنانيين. ويقارب البعض الموضوع من نفس زاوية المشاحنات الدائرة في لبنان، ذات الطابع العنصري أحيانًا، حول وجود اللاجئين وتلقّيهم مساعدات دوليّة تجعل أوضاعهم أفضل من أوضاع اللبنانيين: “حالة التلميذ اللبناني ماديًا تراجعت مما أدى إلى إجباره على العمل وفي المقابل تحسّن وضع التلميذ الأجنبي”. وبمعزل عن المواقف السياسيّة من موضوع اللاجئين، لا يطرح الأساتذة التحديات التربويّة والتعليميّة الكبيرة التي يفرضها دمج اللاجئين، ومنها ما ذكره بعضهم كتأثيرهم في مستوى التعليم خصوصًا في اللغات الأجنبيّة والعلوم التي تدرّس بهذه اللغات، وتحدّي تدريسهم التاريخ والجغرافيا والأدب اللبناني، وعدم توفّر أيّ مراجع أو أدوات مناسبة لمناقشة هؤلاء الطلاب وزملائهم من اللبنانيين حول تحدّيات الحياة المشتركة في المدرسة والأزمات التي تتولّد عنها. كما لا يتوفّر أيّ إعداد للأساتذة للتعامل مع هذا الواقع المستجدّ، وتحليل وجهات نظرهم حول هذا الدمج وتأثيره على أدائهم وطرق تعاملهم معه. بالإضافة إلى كلّ ذلك يخلط وجود اللاجئين الأوراق اللبنانيّة القائمة على الفرز الطائفي المناطقي، إذ ينتشرون في كلّ المناطق ويفرضون اختلاطًا طائفيًا لم يكن في الحسبان، ولهذا تأثيره الإيجابي أحيانًا كما يولّد بعض عوامل التوتّر أحيانًا أخرى ما يؤكد ضرورة إيجاد أدوات مناسبة تسمح بالمعالجة.

  • عدم الانتظام وضعف الأداء وتراجع عدد المتعلّمين وفقدان الثقة في التعليم الرسمي

كان للأزمة مفعول الدومينو، فكلّ مشكلة ولّدت مشكلات. فقد أدّى تدنّي الرواتب إلى طلب أعداد كبيرة من الأساتذة الاستقالة أو إجازات من دون مرتّب، وإلى موجات إضراب طويلة، وفوضى وعدم انتظام التعليم، وقد اعترف الأساتذة بذلك، فرأى 53.3% منهم أنّ الأزمة أثّرت على أدائهم واعتبر 5.6% منهم أنّ الأزمة سبّبت عدم انتظام التعليم ونقصًا في الجديّة وتعثّرًا في الوصول إلى مركز العمل وعدم التقيّد بالأنظمة والقوانين فضلًا عن الفوضى وضعف الالتزام. كما اعتبر 4.4% منهم أنّ إحدى نتائج الأزمة الرئيسيّة ضعف وتراجع أداء المعلّمين. ما سبّب هجرة المتعلّمين القادرين على دفع أقساط القطاع الخاص من التعليم الرسمي، فالأزمات المتلاحقة أفقدتْ المجتمع اللبناني أي ثقة بهذا القطاع.

ويقول بعض الأساتذة عن أثر هجرة الطلاب من المدرسة الرسميّة “تفاوت المستويات بين الطلاب ونوعية الطلاب التي استجدّت هذه الأعوام”. فمرتادو المدرسة الرسميّة خصوصًا في التعليم الأساسي أصبح من طبقات فقيرة جدًا، ولم يكن الوضع كذلك سابقًا خصوصًا في المرحلة الثانويّة. وأصبح الاختلاط أكبر بين لبنانيين وسوريين. أعداد الطلاب الذين يعانون من تدنّي المستوى التعليمي أو الرسوب المتكرّر ارتفعتْ. كما ارتفع عدد الذين يعانون من أزمات سلوكيّة ونفسيّة. ومن الأمثلة على ذلك، تقول معلّمة في ثانويّة رسميّة في المتن الشمالي “بين تلامذة الصفّ الثانوي الأوّل الذين يبلغ عددهم 15 تلميذًا، هناك اثنان على الأقلّ يعملان في فترة بعد الظهر حتّى العاشرة ليلًا. وثلاثة يعانون من مشاكل نفسيّة وسلوكيّة واضحة للعيان، فيتكرر غيابهم وعدم اندماجهم في العمل وجوّ الصفّ عامّة”. وتعتبر معلّمة أخرى أن “تبدو الفتيات السوريّات مندفعات للدرس وأقلّ إحباطًا من الأخريات”.

  • النزاعات بين أطراف العمليّة التعليميّة

عبّر بعض الأساتذة أنّ من آثار الأزمة الأساسيّة “انقسام بين الأساتذة والوزارة والمدراء والأهل”، وارتفاع نسبة حدوث النزاعات التي أشار إليها 2.2% من الأساتذة. فالوزارة هي الممثل المباشر لسياسات السلطة تجاههم، وقد استعمل وزير التربية في أكثر من مناسبة تعابير تدلّ على الاستخفاف بالأساتذة وعدم تقدير عملهم مثل مطالبته بسدّ رمق الأساتذة أو تبشيرهم بزيادة الحوافز بمبلغ 5 دولارات شهريًا ما أدّى إلى “انتفاضة الكرامة” وامتناع أكثر من 85% من الأساتذة عن التعليم لمدّة 3 أشهر على الأقلّ خلال العام الدراسي 2022-2023. كما لجأ الوزير إلى عصا العقوبات أكثر من مرّة، وطالب التفتيش أن يتحرّك ويُنزل العقوبات بالأساتذة عند بداية كلّ عام دراسيّ. والأسوأ من ذلك كلّه، ضَغطَ على موظّفي الوزارة في مديريّة التعليم الثانوي ليراقبوا الأساتذة ليس من أجل تقييم أدائهم بل لمراقبة ما يصرّحون به على وسائل التواصل الاجتماعي، فاستدعتْ الوزارة عددًا من الأساتذة للتحقيق معهم على هذه الخلفيّة. وقرّر حسم مبالغ ماليّة مختلفة من 360 أستاذًا وأستاذة على خلفيّة الامتناع عن التعليم، متخطيًا تسلسل الإجراءات العقابيّة التي يفرضها القانون، لكنّه عاد وتراجع عنها.

عبّر العديد من الزملاء عن الانقسام بين أفراد الهيئة التعليميّة وبين المدراء: “التشتّت واللاثقة والقهر وعدم قدرة المدراء على تأمين الأمان للأساتذة فهم يقتصر عملهم على التجسّس والمضايقة للهيئة التعليمية”. وقد حاولت وزارة التربية وضع المدراء في وجه الأساتذة مستعملةً رشاوى تافهة مثل زيادة مبلغ 50 دولارًا شهريًا للمدراء للتأثير فيهم. ولا ننسى أنّ تعيين المدراء في المدارس والثانويّات يخضع للوساطات، وقد طلبت منهم التضييق على المضربين من الأساتذة واتخاذ إجراءات عقابيّة بحقّهم ما سبب الكثير من النزاعات رغم عدم وقوع الكثير من المديرات والمدراء في هذا الفخّ.

ومن ضمن سياسة وضع الناس، والطبقتين الوسطى والفقيرة، في وجه بعضهما بعضًا، اعتمد وزير التربية خطابًا شعبويًا تجاه امتناع الأساتذة عن التعليم نتيجة عجزهم عن الوصول إلى مراكز عملهم وتدنّي رواتبهم، معتبرًا أنّ الإضراب يضرّ بمصلحة الطلاب والأهل، وهو كلام حقّ يراد به باطل. فمصلحة الأهل والطلاب والأساتذة واحدة وهي نهضة وفاعليّة المدرسة الرسميّة، والأساتذة من خلال دفاعهم عن رواتبهم يدافعون عن مستوى وفاعليّة هذه المدرسة. لا يمكن لأستاذ لم يحقّق حاجاته الأساسيّة أن يقوم بمهامه بإتقان، ويقول الأساتذة عن ذلك “تقصير في سدّ الحاجات الرئيسية في ‘هرم ماسلو’ عند المعلّمين ما ينعكس أثرًا سلبيًا على النفس وبالتالي على الصحة والإنتاجية ومتلقي الخدمات كالتلاميذ مثلًا”.

ومن أشدّ النزاعات إيلامًا التي حصلت نتيجة للأزمة، التوتّر والخلافات بين الأساتذة الذين امتنعوا عن التعليم خلال “انتفاضة الكرامة” وأولئك الذين لم يلتزموا بالامتناع. وكان موقف هذا الفريق الأخير وهم أقليّة لم تتخطّ 20% من الأساتذة، نابعًا أحيانًا من ضغوط أحزاب السلطة التي لم تدعم الامتناع عن التعليم إلا بعد أنّ عَمَّ في معظم المدارس والثانويّات وسحب البساط من تحت أرجل هيئاتها النقابيّة التي وقفتْ عاجزة أمام انتفاض الأساتذة وتمرّدهم على قراراتها الخاضعة للسلطة. ونبع أحيانًا أخرى من فهم خاطئ للعمل النقابي وأدوات الضغط المتاحة له من إضراب وتظاهر وغيره من الأدوات، خصوصًا في القرى والأحياء التي ضغط فيها الأهل بشكل شخصي ومباشر على الأساتذة ما سبّب الكثير من الإحراج والتوتّر بين الطرفين، وبدل أن يتّحدا في تحركات مشتركة ضاغطة من أجل مصلحتهما المشتركة، انقلبا في بعض الأحيان إلى فريقين متناقضين.

وفي الخلاصة، في كلّ مدرسة أو ثانويّة، انقسم الأساتذة إلى فريقين بينهما نقاشات حادّة وتوتّر واتهامات متبادلة بين من يحمّل الممتنعين عن التعليم وزر الفاقد التعليمي الكبير الذي حصل عند المتعلّمين في القطاع العام، ومن يتّهم غير الممتنعين بخيانة قضيّة الأساتذة وعدم تحسين رواتبهم. وبنتيجة كلّ ذلك، أصبح جوّ العمل صعبًا ومتوترًا ما ولّد المزيد من الإحباط وانخفاض الدافعيّة.

  • العمل النقابي

اعتبر عدد من الأساتذة أنّ من آثار الأزمة الاقتصاديّة ” تغيّرٌ جذريّ في مفهوم العمل النقابي”. إذ أن السلطة التي ربطت التقديمات المحدودة التي أقرّتها بالحضور إلى العمل، تمكّنت من إمساك الأساتذة من اليدّ التي تؤلمهم، فهم بحاجة لكلّ قرش. وبعد انتفاضة الكرامة والامتناع عن التعليم لمدّة ٤ أشهر، أصبح قرار الإضراب أصعب بالنسبة لهم، ومرّ العام الدراسي الحالي 2023-2024 من دون إضرابات حتّى اليوم، مع استمرار حوالي 100 أستاذ وأستاذة في الامتناع عن التعليم. إنّ حسم أي غياب من رواتب الأساتذة حتّى لو كان مبررًا مثل المرض أو غيره، حوّلهم إلى مياومين، ورفع التحدّيات التي تعيق نشاطهم النقابي، وأصبحوا كمن يلعق المبرد، إن أضربوا خسروا المبالغ القليلة التي يحتاجونها، وإن امتنعوا عن الاضراب خسروا فرص تحسين رواتبهم.

كما أنّ تراجع الناتج الوطني وعجز الدولة عن دفع أي زيادات خصوصًا قبل العام 2024 الذي تحسّنت فيه الإيرادات قليلًا، أفقد العمل المطلبي جدواه، وربطه أكثر من أيّ وقت سابق بالتغيير السياسي في لبنان، فأيّ تحسين في الرواتب وظروف عمل الأساتذة وتطوير المدرسة الرسميّة أصبح مرتبطًا بشكل مباشر بتغيير النظام السياسي في لبنان الذي أوصلت سياساته الانتحاريّة إلى انهيار غير مسبوق وسدّ السبل أمام قيام ونهضة اقتصاد وطني منتج ومؤسسات وطنيّة ذات جودة.

وبنتيجة الأزمة، حصل انقطاع حادّ بين روابط المعلّمين المشَكّلة من أحزاب السلطة جميعها والغالبيّة من الأساتذة خصوصًا في المرحلة الثانويّة. وحاولت المعارضة توحيد صفوفها لكنّها نجحت جزئيًا في ذلك، فتخطّاها الأساتذة في انتفاضة الكرامة واتخذوا قرار الامتناع عن التعليم بشكل مستقلّ. ما شكّل ظاهرة تحصل لأوّل مرّة في تاريخ الأساتذة بأن يأخذوا قرار الإضراب ويلتزموا به بنسبة تتخطّى 85% بمعزل عن أي تنظيمات نقابيّة أو حزبيّة.

8. خاتمة

ما إن فتحت المدرسة أبوابها وانتهى إضراب الأساتذة، حتّى نسي اللبنانيون أمر المدرسة الرسميّة، ولم يعودوا يهتمّون بما يحدث خلف أبوابها. ما مدى القلق والبؤس والإحباط الذي يخيّم عليها؟ وما مدى فاعليّة التعليم الذي تقدّمه، ولكن من يهتمّ بتعليم أولاد الفقراء؟

يصف الأساتذة ما يجري بـ “قتل الطموح”، وأنّ المدرسة الرسميّة يسيطر عليها “فوضى وتخبط وضعف أداء”، و”لا يوجد مقومات وحاجات وكتب وما إلى ذلك ومنهج تساعد في العمل التربوي، نقص شديد في كل شيء”.

وعن أي فاعليّة ورفع الانتاجيّة وتطوير نتحدّث إذا كان العدد الأكبر من أساتذة القطاع العام 18692 أستاذًا وأستاذة في كلّ مراحل التعليم، وهو مجموع المتعاقدين والمستعان بهم وغير المحدّد، أي ما نسبته 55.1%من مجموع الأساتذة في القطاع العام، لا يتقاضُون لا بدل نقل (جزء منهم بدأ يتقاضى بدل نقل خلال العام الدراسي 2022-2023) وليس لديهم تغطية صحيّة ولا أي تعويض تقاعدي، ولا يتقاضون سوى أجر الساعة التي ينفذونها ويحسم منهم أيّ غياب ولو مبرّر، كالمرض على سبيل المثال.

خلال الأزمة دفع بعض المتموّلين والوجهاء مبالغ ماليّة للأساتذة سواء كانوا متعاقدين أو ملاكًا أو مستعانًا بهم كدافع لوقف الإضراب. كما دفع بعض هؤلاء بشكل مستدام للمستعان بهم في بعض المدارس تحت ذريعة سدّ حاجات المدرسة الرسميّة التي تعجز الدولة عن تلبيتها. إنّ قبول وزارة التربية بهذا النوع من الإجراءات تجسيد بسيط وواضح لتخلّيها عن مهامها، خصوصًا ما يتعلّق بإدارة الأزمة، إذ لم تلجأ إلى تبنّي أبسط الإجراءات ومنها على سبيل المثال أن تجمع في صندوق وطني كلّ التبرعات التي توجّه للمدرسة الرسميّة وتوزّعها بناء على معايير متّفق عليها، وإنّما ارتضت بإذلال الأساتذة أمام “ديك” الطائفة أو المنطقة، وغضّ وزير التربية نظره عن كلّ ذلك متواطئًا مع السياسات الطائفيّة التي دمّرت كلّ مؤسسات البلد وهي تدمّر اليوم ما بقي من المدرسة الرسميّة. ينطبق هذا الأمر بشكل خاص على المرحلة الثانويّة التي خرجت من الحرب محافظة على مستوى مقبول، لكنها اليوم باتت تعاني للأسف من الأزمات والانحدار الذي أصاب التعليم الأساسيّ ما ينبئ بخسارة هذا المكسب الاجتماعي الوطني، الذي كان حتّى ما قبل الأزمة الاقتصاديّة الحاليّة أحد الملاجئ الأساسيّة للطبقتين الفقيرة والوسطى في لبنان.

والظاهر أنّ الدولة اللبنانيّة تفضّل أن تدفع منحًا مدرسيّة مبالغا فيها بدرجة واضحة تصبّ في النهاية في جيوب أصحاب المدارس الخاصّة وخصوصًا الطائفيّة منها، على أن تستثمر في نهوض المدرسة الرسميّة. فقانون رفع قيمة المنح المدرسيّة الحالي الذي يقترح دفع مبلغ 1900 دولار للأستاذ والأستاذة عن كلّ تلميذ أو تلميذة في مدرسة خاصّة غير مجّانيّة، في المرحلة الثانويّة، على سبيل المثال، ينبئ أنّ منطق رشوة الطبقة الوسطى مستمرّ لكسب سكوتها أو تواطؤها وأنّ السلطة تفضّل أن تدفع رشوة مبالغا فيها، تعادل 3 رواتب، كمنح للأساتذة تنتهي في ميزانيّات مدارس خاصّة جزء منها ذات صبغة طائفية، على أنّ تدفع حقوق الأساتذة ورواتب تحفظ كرامتهم.

لذلك تصبح الأسئلة الأشد قتامة مشروعة: ماذا يتعلّم من يغمره البؤس ومن أين يجلب العزيمة ليضع الجهد الكافي؟ خصوصًا أنّ الأغلبيّة في المدرسة الرسميّة تشعر بـ “فقدان الأمل من ضرورة التعلّم في ظل غياب فرص العمل والمستقبل القاتم للبلاد”.

كيف يؤدّي الأساتذة مهامهم وهم يشعرون بالذل والإهانة وقد عبّروا عن ذلك بكلمات قاسية: “الدعس على كرامة الاستاذ وعدم أخذ أوضاعه بعين الاعتبار واعتباره عبدًا عليه تنفيذ الأوامر من دون اعتراض”.

ما الأثر البعيد والمتوسّط المدى لهذه السياسات على فاعليّة المدرسة الرسميّة ومستواها التعليمي؟ وهل تُدفع الطبقتين المتوسطة والفقيرة إلى أحضان الطوائف أكثر فأكثر؟

وعن تعليم اللاجئين، ما البرامج التي تدعم التفاعل والتواصل بين العناصر المختلفة وأحيانًا المتنافرة: هل شرح أحد للطرفين لماذا يلتقون معًا على مقاعد الدراسة؟ وكيف يمكن أن تكون العلاقات؟ وكيف يعالجون الأزمات؟ وما مدى الفجوة المتوقّعة و”الشرخ بين التعليم الرسمي والتعليم الخاص”؟ وهل سنكون أمام ارتفاع متصاعد لمخاطر التسرّب المدرسي؟ وما هي أدوات وإجراءات المعالجة وإيجاد الحلول لمواجهة التحديات؟ وهل يمكن للنظام السياسي الحالي الذي أوصل المدرسة الرسميّة وأساتذتها إلى درك غير مسبوق أن يقود الحلول؟

ويبقى الأمل في عدد كبير من الأساتذة تمسّكوا بالأمل وأهداف التعليم الرسمي الوطنيّة الجامعة بالرغم من كلّ الظروف الطاحنة فقالوا “الحماس والأمل بغد أفضل لطلاب بحاجة لدعمنا”، “التعليم الرسمي يبني الوحدة الوطنية”، “أستمرّ لأنّه التزام وطني”، واعتبروا أنّهم ينسون كلّ الظروف السيئة ما أن يغلقوا باب الصفّ وراءهم ويقفون أمام متعلّمين بحاجة لهم: “الذهاب الى العمل من دون رغبة. ولكن تتجدد الرغبة بعد الدخول إلى غرفة الصف”.


[i]  مقابلة أجراها الصحافي جاد غصن مع المفكّر والأديب د.أنطوان الدويهي منشورة على youtube في تاريخ 23 تموز 2023، الدقيقة 1.06

[ii] SPSS Statistics is a statistical software suite developed by IBM for data management advanced analytics multivariate analysis business intelligence and criminal investigation

[iii] جدول مقارن لتطوّر أعداد الأساتذة في الملاك بين الخاص والعام

العام الدراسينسبة الملاك من مجموع عدد الأساتذة في القطاع العامنسبة الملاك من مجموع عدد الأساتذة في القطاع الخاص المجاني وغير المجاني
٢٠٢٢- ٢٠٢٣٤٤،٨٪٥٦،٦٪
٢٠٢٢-٢٠٢١٤٦،٣٪٦٠،١٪
٢٠٢١-٢٠٢٠٤٦،٧٪٦٢،٣٪
٢٠٢٠-٢٠١٩٤٧،٣٪٦٠،٤٪
٢٠١٩-٢٠١٨٤٥،٦٪٦٠،٩٪
٢٠١٨-٢٠١٧٤٩،١٪٦٩،٩٪
٢٠١٧-٢٠١٦٥٠،٢٪٦١،٥٪

[iv] الاستيداع: طلب المعلّمين التوقّف عن التعليم لمدّة تتراوح من سنة إلى ٣ سنوات لأسباب محدّدة أهمها متابعة الدراسة أو رعاية الزوج المريض….

[v] الفائض تعني: أنّ امتحانات مجلس الخدمة المدنيّة بما يتعلّق بأساتذة التعليم الرسمي هي مباريات أي يحصل على الوظيفة عدد محدّد من الناجحين الأوائل وليس جميع الناجحين. ولكن اعتمدت الدولة اللبنانيّة إجراء هو تثبيت من نجحوا ولم يكونوا من الأوائل بعد مرور سنة أو سنتين بدل إجراء مباريات جديدة وهو ما أطلق عليه تسمية “تثبيت الفائض”.

انشر المقال

متوفر من خلال:

الحق في التعليم ، لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، دراسات ، حقوق العمال والنقابات



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني